إهتداء بولس المعجزي على طريق دمشق – الإيمان وموجباته المنطقية
إهتداء بولس المعجزي على طريق دمشق – الإيمان وموجباته المنطقية
كان “ف. ف. بروس” قد لاحظ ما يلي: “… ما من حدث وحيد، غير حدث المسيح نفسه، تبرهن أنه حاسم كاهتداء بولس ومن ثم إرساليته. ففي نظر أي من يقبل الشرح الذي قدمه بولس عن اختباره على طريق دمشق، يصعب عليه عدم الموافقة على الملحوظة التي قدمها كاتب من القرن الثامن عشر[1]، مفادها أن اهتداء بولس ورسوليته وحدهما، لدى تناولهما في العمق، يشكلان بحد ذاتهما دليلاً كافياً لبرهان كون المسيحية إعلاناً إلهياً”[2]. ما قصد الكاتب قوله من خلال ملاحظته هذه هي أن “ظاهرة بولس” بجملتها – أي الإنسان مع مجموع نتاجه الأدبي – غير قابلة للتفسير بمعزل عن قيامة يسوع المسيح في الجسد. اهتداء شاول الطرسوسي، لو كان بالإمكان برهان صحته، سيمسي رابع دليل عظيم من الدلائل الكتابية – لكي ينضم إلى حقائق القبر الفارغ، وإلى ظهورات يسوع وتلاميذه بعد القيامة، والتغيير الحاصل فيهم فجأة من الخوف إلى الإيمان – على طبيعة المسيحية وأصلها فوق الطبيعي. ما هو الدليل على حصول هذا الحدث؟
المادة الكتابية
إن روايات سفر الأعمال عن اهتداء شاول وهو في طريقه إلى دمشق، مدونة في أعمال 9: 1-9 (سرد لوقا التاريخي بضمير الغائب)، 22: 3-16؛ 16: 2-18 (تقارير لوقا حول الروايات الشخصية لبولس بضمير المتكلم). أما إشارات بولس إلى حادثة اهتدائه فيمكن العثور عليها في غلاطية 1: 15، 16؛ 1كورنثوس 9: 1؛ 15: 8-10؛ فيلبي 3: 4-11؛ 1تيموثاوس 1: 12-16. باختصار توضح هذه النصوص حصول اهتداء شاول بشكل موضوعي من خلال ظهور المسيح الممجد له فجأة على طريق دمشق. يعد رومية 7: 7-25 النص الوحيد في كتابات بولس التذي يتناول حالة الاضطراب الروحي التي كان يعانيها في ذلك الحين. هذا يوحي بأن الله كان قد أعده شخصياً لهذه المقابلة من خلال تبكيته في العمق على خطيته وإقناعه بعجزه عى إطاعة شريعة الله بشكل صحيح وبالكامل. برأيي، “روبرت غندري” هو على حق عندما يكتب: بوسعنا تسمية [رومية 7: 7-25] سيرة حياة كل إنسان إن شئنا، لكن هنا سيرة كل حياة هي السيرة الذاتية لبولس”[3].
حاجج “كريستر ستاندال”، اللاهوتي من جامعة “هارفرد”، في ضرورة النظر إلى اختبار شاول من خلال مقابلته المسيح الممجد، كدعوة وليس كاهتداء، ذلك لأنه لم يتخلله أي تغيير في الديانة أو في الإله، بل كان مجرد تغيير في التكليف والمهام. غير أن شاول يعود لاحقاً ويصف اختباره بشكل راديكالي وحاسم على أنه أكثر من مجرد تلقيه مهمة جديدة. فهو يتحدث عنه في 1كورنثوس 15: 8 “كولادة مخالفة للأصول”. وفي فيلبي 3: 12 يعتبره بمثابة “توقيف” بما أن المسيح يسوع كان قد أدركه أي ألقى القبض عليه. وفي غلاطية 1:13 يذكر “سيرته السابقة في الديانة اليهودية”[4]، جاعلاً بذلك اختباره الديني السابق في اليهودية مقابل “كنيسة الله”. الإشارة الضمنية هنا من خلال هذه المفارقة، هي إلى كون الله الحي والحقيقي وحده موجوداً في كنيسة يسوع المسيح، وليس في اليهودية[5]. في فيلبي 3: 4-8، يعتبر أنه بات ينظر إلى أسبابه “اليهودية” السابقة للاتكال على الجسد كـ “نفاية”، الأمر الذي يوحي بحصول انقطاع بشكل جذري وكامل مع ماضيه “اليهودي”. إنه بنقله اتكاله، كما فعل في إطار بحثه عن البر الشخصي أمام الله، بعيداً عن إطاعته الشخصية لناموس موسى ولطقوس الهيكل، إلى عمل صليب يسوع المسيح. الذي شكل التتميم والتجسيم لهذين العنصرين المركزيين للعهد القديم، أنشأ بولس نمطاً دينياً جديداً لكي يتبعه الآخرون. صحيح أن بولس استمر يعتبر نفسه كيهودي، غير أن إعادة تفسيره بشكل جذري للعهد الموسوي وناموسه كمفارقة تاريخية مجيدة (2كورنثوس 3) ورفضه التشديد على حاجة الأمم إلى الختان من أجل الخلاص، يشكلان بالنسبة إليه اهتداء دينياً – اهتداء بعيداً عن يهودية حقبة “الهيكل الثاني”، التقويض من صنع الإنسان لطريقة عبادة يهوه في العهد القديم (راجع مرقص 7: 6-8)، إلى عبادة يهوه في العهد الجديد، التتميم لديانة العهد القديم، هذا التتميم الذي بات يعرف فيما بعد تحت تأثير بولس بـ “المسيحية”.
تفسيرات عقلانية للحدث
تشمل أساليب العقلنة المتطرفة للحدث الرأي القائل إن شاول أصيب بنوبة مرضية من صنف ما، أو بضربة شمس، أو بعد رؤيته وميض برق أعماه، وبعد سقوطه عن متى حصانه بعد أن اعتراه الخوف وجفل تحته، (لا تذكر رواية لوقا أي شيء عن وجود شاول على متى حصان، مع أن هذا كان محتملاً جداً)، ارتطم رأسه بالأرض. وفي الغيبوبة التي وقعت عليه على أثر ذلك، تخيل نفسه أنه قد رأى يسوع المسيح. لكن هذه التفسيرات لم تلق قبولاً، على وجه العموم، حتى لدى الذهن النقدي.
تعتبر النظرة الأكثر شعبية أن شاول الواقع تحت ضغط اضطهاده للكنيسة، أصابه انهيار عصبي على طريق دمشق. وبينما كان في هذه الحالة من التحطيم النفسي، تخيل أن رب أولئك الذين كان يضطهدهم قد دعاه إلى الكف عن اضطهاده ليخدمه بالحري.
لعل التفسير الطبيعي الأكثر شعبية هو أن شاول كان واقعاً في اللاوعي تحت تأثير منطق الموقف المسيحي، ومن خلال ملاحظته للدينامية الممزوجة باللطف في حياة المسيحيين، مع ثباتهم بصبر تحت القمع. ثم، يقال إنه بعد حصول اختبار الأزمة هذا له “والمغير للمزاج”، من عجز أي كان عن التعرف بطبيعته بالتحديد، بات مقتنعاً بسبب ما تعرض له ذهنه من تهيئة سابقة، أنه يجب أن يصبح أحد أتباع المسيح، عوضاً عن مضطهده. ثم دعماً لهذا التفسير، يصير التركيز على أن تصريح المسيح المقام المزعوم لبولس: “صعب عليك أن ترفس مناخس” (أعمال 26: 14) قد يعني أن “بولس كان يقاوم قناعة أفضل، كانت تتولد تدريجياً في ذهنه، ومفادها أن التلاميذ كانوا على حق بشأن يسوع، وقد يكون هو على خطأ”[6]. بكلام آخر، ظل لبعض الوقت يكبت شكوكاً خطيرة في الضمير تراوده حول صوابية موقفه من المسيح، حتى راح يتورط أكثر فأكثر في اضطهاداته بشكل محموم، لكن مقاومته لهذه الشكوك لم تولد عند راحة البال، بل استمرت “مناخس” وخز الضمير تؤلمه. لكن، لدى بلوغه على مقربة من دمشق، سمح أخيراً لهذه القناعة اللا واعية التي كانت تقض مضجعه، بأن تطفو على السطح، وتتغلب على مقاومته للمسيح، وتحكم حياته.
أؤكد مع “ماشن” بما أن يعود ويصرح في 1تيموثاوس 1: 13 أنه اضطهد الكنيسة “في جهل وعدم إيمان”، أن بولس “لم يكن، قبل اهتدائه، ليعي وجود أي منخس كان يدفعه بالقوة نحو الإيمان الجديد… أما معنى [تصريح يسوع] فقد يفيد ببساطة أن مشيئة المسيح لا تقاوم، وكل مقاومة لها تبقى من دون جدوى. لقد حانت الساعة المعينة من المسيح… وكل مقاومة… ولك تردد هو ميؤوس منه كما هو حال الثور الذي يرفس المنخس؛ تبقى الطاعة الفورية وحدها في محلها”[7].
يجب أن يكون واضحاً أن كل التفسيرات لاختبار شاول على طريق دمشق المبنية على علم النفس، والتحليل النفساني، تترك العديد من الأسئلة من دون جواب. فإلى جانب استحالة إجراء تحليل نفساني بأية نسبة من الدقة الطبية على شخص عاش قبل نحو ألفي سنة، أي دليل حقيقي عندنا على أن شاول كان يعاني انهياراً عصبياً أو كان ضميره يؤلمه؟ (فبينما كان مضطرباً في العمق من خلال علمه بحالته الداخلية كرجل خاطئ، كما كنا قد أوحينا في ضوء رومية 7: 7-25، من الواضح أيضاً أنه لم يرزح تحت وطأة أي شعور بالذنب نابع من أنشطته في الاضطهاد، وذلك لعلمه أنه كان يتحرك برعاية السنهدرين، وإيمانه بشغف الغيور أنه كان بذلك يخدم الله). وماذا كانت طبيعة الأزمة التي أسفرت عن اهتدائه؟ إن أسئلة كهذه والعديد سواها تنتظر إجابات مرضية قيل إضفائنا أية مصداقية على هذه النظريات.
ثم عندنا رأي “رودولف بلتمن” الذي اعتبر أن كل هذه التصورات عن “الأمور الكتابية فوق الطبيعية” هي في الواقع انعكاسات إما لميثولوجيا غنوسطية وإما لأمور رؤيوية يهودية، غير أن تفسيره لاهتداء شاول غير مرض بالتمام، بما أنه يفوته أن يتلاءم بأية نسبة مع الطابع التاريخي للسرد نفسه في سفر الأعمال: “وحيث إنه لم يكن تلميذاً شخصياً ليسوع، جرى ربحه للإيمان المسيحي من خلال كرازة الكنيسة الهلينية”[8]. ولا جاء رأي “جايمس د. ج. دن” أفضل عندما استخلص استحالة معرفة بالتأكيد إن كان يسوع “في الخارج هناك، حياً لكي يجعل نفسه معروفاً عند بولس” كل ما بوسعنا معرفته بأية نسبة من التأكيد، يواصل “دن”، هو أن “بولس نفسه كان مقتنعاً بأن ما رآه كان خارجاً عنه” لكن قد يكون كل ذلك “حصل في نهاية المطاف [داخل الذهن]”[9].
إن خلاصات كهذه يفوتها صراحة أن تتفق مع السرد التاريخي للوقا حول اهتداء بولس أو تنصفه في أعمال 9، أو مع روايات بولس اللاحقة في أعمال 22 و26 التي عرضها في مناسبات جليلة في سياق الدفاع عن موقعه وأفعاله، في محضر القائد الروماني وأمام مسؤولين حكوميين رفيعي الشأن على التوالي. تشير المعلومات المتوافرة إلى أن اهتداءه لم يتسبب به هو شخصياً. لقد تم إعلامنا بصريح العبارة أنه فيما كان شاول يرى المسيح الممجد، سمع المسافرون معه صوتاً (أعمال 9: 7)، مع أنهم لم يفهموا كلماته (أعمال 22: 9)، ورأوا نوراً ساطعاً (أعمال 22: 9؛ 26: 13، 14). ومع أن بولس اعتبر الحدث فيما بعد بمثابة “رؤيا سماوية” (أعمال 26: 19)، هذا الوصف بالمناسبة الذي يضفي عليه طابع حصوله من خارج أب إكسترا، توضح الروايات أن اهتداءه لم يحدثه هو بنفسه شخصياً على صعيد اللاوعي، إنما نجم عن عمل محرك خارج عنه (أعمال 9: 3، 4؛ 22: 6، 7؛ 26: 13، 14). حقاً، المسيح الذي كان قد صعد إلى السماء هو الذي يصور نفسه على أنه المبادر والبادئ للحث في أعمال 26: 16: “ظهرتُ لك”. كما أن حنانيا سيصرح لاحقاً بأن الله اختار شاول لكي “يبصر البار، ويسمع صوتاً من فمه”. (أعمال 22: 14).
لدى تناول كل الحقائق في أعمال 9: 22، 26 وفي غلاطية 1: 15-17؛ وفي 1كورنثوس 9: 1؛ 15: 8-10، الحكم الذي خرج به “ريتشارد لونفنكر” له مبرراته الواضحة:
كانت المقابلة مع المسيح على طريق دمشق كفيلة وحدها بأن تحمل الرابي اليهودي الشاب على إعادة النظر في موت المسيح؛ كانت المقابلة مع المسيح المقام كافية وحدها لبرهان كون الله قد أيد ادعاءات وعمل الكائن الذي كان شاول يقاومه. بشرياً، كان بولس محصناً ضد الإنجيل. بالرغم من استعداده لاتباع الدليل حتى نهايته، كان متأكداً من عدم وجود أي دليل من شأنه قلب حكم الصليب، أي أن المسيح مات ميتة مجرم. لكن…. الله الأزلي “سر” كما يقول بولس من قبيل تذكر ما حصل، “أن يعلن ابنه فيّ” (غلاطية 1: 16). إذاً، بولس كان قد أدركه المسيح، الذي جعله من خاصته (فيلبي 3: 12)[10].
حجة بولس في غلاطية دعماً لصحة رسوليته
بناء على تاريخ حياته الشخصي واختباره الديني
دعماً لحقيقة اهتداء بولس وتاريخيتها ولصحة رسوليته، وللطابع الإعلاني للإنجيل الذي نادى به، لا يستطيع أحدنا الخروج بحجة أفضل من تلك التي عرضها بولس نفسه تحت شكل وحي في غلاطية 1: 13 – 2: 21، هناك، يدافع عن سلطته الرسولية ورسالته في وجه معشر المتهودين الذين كانوا قد وافوا كنائسه في جنوبي غلاطية، وأنكروا سلطته الرسولية، ونادوا للمهتدين على يده بـ “إنجيل آخر”. تتلخص المسألة التي نتطرق إليها الآن، في جملة واحدة: ما الذي شكل في نهاية المطاف أصل التكليف الرسولي لبولس والإنجيل الذي نادى به كتعبير عن ذلك التكليف؟ يتبين من القليل من التأمل أنه كان بإمكانه الحصول على إنجيله وعلى سلطان الكرازة به من واحد من مصادر ثلاثة محتملة: من تدريبه اليهودي، أو من الرسل الأوائل، أو من المسيح نفسه. هذا ما سأشرحه:
من تدريبه اليهودي؟
ترى، هل كان بولس قد حصل على سلطانه الرسولي وعلى الإنجيل الخالي من الناموس[11]، الذي كان يكرز به قبل اهتدائه من حياته السالفة في الديانة اليهودية؟ طرح هذا السؤال، يعني الإجابة عنه. طبعاً لا! فبولس يصف اختبار حياته في الديانة اليهودية خمس مرات:
† غلاطية 1: 12-14 (النص موضوع بحثنا): “فإنكم سمعتم بسيرتي قبلاً في الديانة اليهودية، أني كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها. وكنت أتقدم في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي، إذ كنت أوفر غيرة في تقليدات آبائي”.
† أعمال 22: 3: “أنا رجل يهودي ولدت في طرسوس كيليكية، ولكن ربيت في هذه المدينة مؤدباً عند رجلي غمالائيل على تحقيق الناموس الأبوي. وكنت غيوراً لله….”.
† أعمال 26: 4، 5: “فسيرتي منذ حداثتي التي من البداءة كانت بين أمتي في أورشليم يعرفها جميع اليهود، عالمين بي من الأول، إن أرادوا أن يشهدوا، أني حسب مذهب عبادتنا الأضيق عشت فريسياً”.
† فيلبي 3: 4-6: “إن ظن واحد آخر أن يتكل على الجسد فأنا بالأولى. من جهة الختان مختون في اليوم الثامن، من جنس إسرائيل، من سبط بنيامين، عبراني من العبرانيين. من جهة الناموس فريسي. من جهة الغيرة مضطهد الكنيسة من جهة البر الذي في الناموس بلا لوم”.
† 1تيموثاوس 1: 13: “… أنا الذي كنت قبلاً مجدفاً ومضطهداً ومفترياً….”.
يجب أن يتضح من هذه الأوصاف التي يضمنها بولس سيرته الذاتية، أنه لم يكن ينادي بصفته الرسول المسيحي واللاهوتي المرسل بما كان قد تعلمه من حياته في الديانة اليهودي، بل على نقيض ذلك، لأنه بصفته الرسول المسيحي واللاهوتي المرسل، كان يقود ثقة الناس بعيداً عن التوراة والهيكل وحفظ الناموس على صعيد شخصي، كالسبيل للخلاص حيث كان أرسى اتكاله واعتماده كفريسي، ونحو يسوع المسيح للخلاص.
مِن تعلمه من الرسل وأخذه السلطان منهم؟
ترى، هل حصل بولس على الإنجيل الذي كان يكرز به مع السلطان الذي يخوله الكرازة به بعد اهتدائه، إن لم يكن عند قدمي غمالائيل، عند قدمي الرسل الأولين؟ يحيطنا لوقا علماً بأنه مباشرة بعد اهتدائه على طريق دمشق “جعل يكرز في المجامع بالمسيح “أن هذا هو ابن الله”. ويحير اليهود الساكنين في دمشق. محققاً: أن هذا هو المسيح” (أعمال 9: 20، 22). كذلك أعلن برنابا أن بولس “جاهر في دمشق باسم يسوع” (أعمال 9: 27). إذاً، نعرف من هذا أن بولس كان قد شرع يكرز قبل التقائه أياً من الاثني عشر رسولاً. لنصغ الآن إلى بولس نفسه:
ولكن لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي، ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيّ لأبشر به بين الأمم، للوقت لم أستشر لحماً ودماً ولا صعدت إلى أورشليم، إلى الرسل الذين قبلي، بل انطلقت إلى العربية، ثم رجعت أيضاً إلى دمشق (غلاطية 1: 15-17).
في العربية، لم يكرس بولس نفسه لحياة التأمل الهادئ، بل شرع في الواقع في تبشير السكان هناك. ثمة دليل منفصل لتأييد عمله الإرسالي هناك، إن كان بولس قصد من خلال إشارته إلى “العربية” المملكة النباطية، ذلك لأنه يخبرنا في 2كورنثوس 11: 32، 33 كيف أن “والي الحارث الملك [الرابع (9ق.م -40م) من مملكة النباطيين] كان يحرس مدينة الدمشقيين، يريد أن يمسكني” لكن، لماذا يقدم الوالي على ذلك؟ فالمرء لا يثير كل هذا الشغب مع السلطات المدنية الذي يأتي على ذكره هنا في النص، إن كان مسترسلاً في التأمل الهادئ. كان، ولا شك، يكرز للسكان. تظهر هذه المعلومة أن بولس كان قد انكب على تبشير الأمم قبل وقت طويل من إجرائه أي اتصال بمعشر الرسل في أورشليم.
ثم يخبرنا بولس بموجب قسم كان قد فرضه على نفسه (راجع غلاطية 1: 20): “والذي أكتب به إليكم هوذا قدام الله أني لست أكذب فيه” كيف أنه كانت قد مرت ثلاث سنوات بعد اهتدائه قبل أن يلتقي أخيراً أياً من الرسل. وحتى في ذلك الحين، يعلمنا أنه التقى فقط بطرس ويعقوب، وذلك على مدى خمسة عشر يوماً فقط (غلاطية 1: 18، 19). كان ذلك، ولا شك، الزيارة التي يدونها لوقا في أعمال 9: 26-28. وفيما من المحتمل أن يكون بولس قد “تسلم” في هذا الوقت التفاصيل الدقيقة المختصة “بالتقليد” حول ظهورات يسوع التي كانت قد تلت قيامته، وبالأخص تلك التي حصلت لبطرس ويعقوب، والتي عاد و”سلمها” بدوره للكورنثيين بحسب 1كورنثوس 15: 5-7.
من الواضح أن الرسل لم يمنحوه أية سلطة في ذلك الوقت لأنه لم تسنح له الفرصة للقيام بذلك. ثم بولس، ونزولاً عند رغبة كنيسة أورشليم في الخروج من المدينة، قصد مناطق سوريا وكيليكة. وهكذا مرت فترة أحد عشر عاماً لم يحصل خلالها أي اتصال بين الرسل في أورشليم وبولس. أخبر بولس قراءه في غلاطية: “ولكنني كنت غير معروف بالوجه عند كنائس اليهودية التي في المسيح. غير أنهم كانوا يسمعون: “أن الذي كان يضطهدنا قبلاً، يبشر الآن بالإيمان الذي كان قبلاً يتلفه” (غلاطية 1: 22، 23).
ثم ينقل إلينا بولس كيف أنه في نهاية فترة الأحد عشر عاماً هذه (افترض هنا صوابية الرأي الذي يعتمد جنوبي غلاطية بالنسبة إلى رحلته التبشيرية الأولى)، أي بعد مرور أربعة عشر عاماً على اهتدائه، رأي الرسل للمرة الثانية فقط، هذه المرة بمناسبة زيارته إلى أورشليم “لغرض الإغاثة من الجوع”، كما تعرف، والمدونة في أعمال 11: 27-30. وهكذا تسنى له خلال فترة الأربع عشرة سنة هذه باثنين فقط من قادة الكنيسة في أورشليم، وذلك على مدى أسبوعين فقط. لكنه كان يكرز بالإنجيل بشكل مستمر وطيلة هذه الفترة.
يعلمنا بولس أنه في مناسبة زيارته للإغاثة من الجوع “عرضت عليهم [الرسل] الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم” (غلاطية 2: 2). نتج من هذا اللقاء، كما يكتب بولس، أن الرسل “لم يشيروا عليّ بشيء” (غلاطية 2: 6) “بل بالعكس، إذ رأوا أني اؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطس على إنجيل الختان. فإن الذي عمل في بطرس لرسالة الختان عمل فيّ أيضاً للأمم” (غلاطية 2: 8). وعليه يقول، “أعطوني وبرنابا يمين الشركة” (غلاطية 2: 10). تشير موافقتهم على إنجيله إلى أن بولس لم يكن قد ابتدع من نفسه مضمون إنجيله. مجدداً، لم يضيفوا أي سلطان عليه لكنهم أقروا بالسلطان الإلهي الذي كان له من قبل، والذي على أساسه كان منكباً على خدمته الرسولية على مدى أربعة عشر عاماً.
إذاً، بإمكاننا استخلاص بكل أمان أن بولس طيلة الفترة التي كانت قد بدأت مباشرة بعد اهتدائه، وبمعزل عن أية سلطة بشرية، كان ينادي بموافقة إلهية بالإنجيل الحق، الأمر الذي أقر به الرسل رسمياً في أورشليم.
من دعوة المسيح الإلهية وتوكيله؟
إن كان بولس لم يكرز بما كان قد تعلمه خلال سيرته في الديانة اليهودية قبل اهتدائه، من الواضح أيضاً من مراجعته لفترة الأربع عشرة سنة الأولى من خدمته الرسولية، أنه لم يكرز أيضاً بما كان قد تعلمه من معشر الرسل الأولين بعد اهتدائه. ولا هم منحوه السلطان للانخراط في خدمته كرسول. في الواقع، إن كان قد حصل تناقل لأي تعليم بينهما، بوسعنا جزم من غلاطية 2: 11-14، كان عليه هو خلال حادثة نشأت فيما بعد في أنطاكية، أن يوبخ بطرس جهاراً على مواقفه وأفعاله التي من خلالها ساوم على حق الإنجيل من الناموس، والتي كان من شأنها أن تؤدي إلى وقوع انفصال دائم داخل الكنيسة.
كل هذا يعني أن الإنجيل الذي كان ينادي به بولس والسلطة التي بها كانت تجري هذه المناداة، لم يحصل عليهما لا من تدريبه اليهودي قبل اهتدائه ولا من الرسل بعد اهتدائه. لكنه نالهما بالحري من المصدر الوحيد المتبقي، أي من اختبار اهتدائه نفسه – “بإعلان يسوع المسيح” (غلاطية 1: 12). أنا لا أقصد هنا القول إن شاول لم يكن يعرف أي شيء قبل اهتدائه عن يسوع المسيح أو عن تعاليم الكنيسة العقيدي حوله. كان يعرف بعض الأمور بما فيه الكفاية، والذي شكل السبب وراء اضطهاده الكنيسة؛ كما أنه بصفته مضطهد الكنيسة، كان عليه مواجهتهم مرات عدة. ما أقصد قوله هو أن ظهور يسوع بعد قيامته لبولس على طريق دمشق، فرض على بولس ضرورة تصفية معرفته عن يسوع من خلال “فلتر” أو شبكة جديدة بالتمام من علم التفسير.
ولا أقصد الإيحاء من خلال ملاحظاتي أن بولس لم ينم في مفهومه للمسيح خلال هذه الأربع عشرة سنة، لأنه حقاً استمر ينمو في معرفته بالمسيح حتى نهاية حياته (أفسس 4: 11-13: فيلبي 3: 10-14). بل أعني أنه من كل “نموه” في معرفته بالمسيح، لم يكن “لينفصل رويداً رويداً” عن تلك “الرؤيا السماوية” الأولى والواضحة. فلقد أصبح يمتلك كرسول، في ذلك الحين كما هناك، مفهومه للنعمة المجانية ولإنجيل التبرير بالإيمان وحده بمعزل عن الأعمال.
حجج لإظهار عدم احتمال وجود
تفسير آخر لتغيير بولس الجذري يكون أفضل من التفسير الذي يعرضه لوقا وبولس نفسه
هل حصل اهتداء بولس على أثر ضربة شمس، أو هلوسة، أو نوبة نفسية أصابته؟ نحن سبق لنا أن لاحظنا وجود بعض القوم، الذين اقترحوا هذه كأسباب محتملة وراء تحول الغيور اليهودي إلى الرسول المسيحي العظيم، الذي أصبح عليه. إلا أن أياً من هذه لا يعد سبباً محتملاً وراء هذا التغيير، بما أن رفاقه في السفر، كما ذكرنا، رأوا أيضاً النور الساطع وسقطوا معه أرضاً (أعمال 22: 9؛ 16: 13، 14). هم أيضاً سمعوا صوتاً مع أنهم لم يفهموا ما قاله الصوت لشاول (أعمال 9: 7؛ 22: 9).
هل شكل اهتداء بولس ببساطة، التعبير الجامح والمتهور لتعصب شخص كان يقع ضحية تقلبات مزاجية نفسية خطيرة؟ اقترح بعضهم هذا كتفسير لاهتدائه. لكن، بمعزل عن صعوبة بالكامل (فعلياً استحالة) اجراء تحليل نفساني لشخص ما، بعد ألفي سنة من موته بأية نسبة من الدقة الطبية، فأي من يتأمل في حكمة بولس، وتعقله، وهدوئه، وسكينته، كما أظهرها في أحلك الظروف، وفوق هذا كله في تواضعه (هذه الصفة التي تتنافى مع التعصب) كما تبرز في رسائله، سيصعب عليه اعتقاد أن تغييره كان قد نتج من تقلب في مزاجه، مرده إلى إصابته بمرض “الذهان الثنائي القطب”.
هل كان بولس مجرد مشعوذ ديني مستعد أن يغير ولائه الديني فقط لإعلاء شأنه هو؟ هناك من اقترح ذلك، لكن عليهم في هذه الحال الإجابة بشكل مرض عن الأسئلة الأربعة التالية:
1 – هل من المحتمل أن يكون توقعه الفوز بأمر عظيم ما، أو تفاخره وتباهيه نتيجة تعلمه أو إدراكه لأمر جديد، هو الذي أحدث هذا التغيير؟ من الصعب إلى أقصى الحدود، إن لم نقل من المحال، اعتقاد أن شاول، ذلك الغيور “في تقليدات آبائه”، كان ليتخلى عما كان قد تعلمه من غمالائيل وعلى مدى سنين طويلة من الدراسة، من أجل اعتناق رأي بعض صيادي السمك في الجليل الذين كان بالجهد رآهم، ولم يتثقفوا قط في المدارس المعهودة للتعلم اليهودي.
2 – هل من المحتمل أن يكون شغفه في السلطة هو الذي أدى إلى تغييره؟ من الصعب إلى أقصى الحدود، إن لم نقل من المحال، اعتقاد أن الذي كان قبلاً يحتل النقطة المركزية للنفوذ اليهودي على الصعيدين السياسي والديني – وبالتحديد حيث أراد أن يكون – يتنازل في لحظة عن السلطة التي كان ينعم بها من أجل الحصول على سلطة ضمن “قطيع صغير” من كان “راعيه” قد قضى قتلاً. ومن كانوا هو أنفسهم يقادون كغنم للذبح. هذا مع العلم أن هذه “السلطة الجديدة” يمكنها أن تعده فقط بتعيينه لكي يلقى المصير نفسه لأولئك الذين كان قد شهر السكين نفسه في وجههم.
3 – هل من المحتمل أن تكون محبة الغنى المادي هي التي أسفرت عن اهتدائه؟ من الصعب إلى أقصى الحدود، إن لم نقل من المحال، اعتقاد أنه مهما كان عليه مقدار مقتنياته وممتلكاته في ذلك الوقت، شكل أمله بكسب الغنى العامل وراء اهتدائه. ذلك لأنه من الواضح كان يوحد نفسه بمن كانوا في ذلك الوقت فقراء بالتأكيد. كان نصيبه الفعلي ألا يحظى أبداً بوفرة مادية، مع ضرورة العمل بيديه كخيامي لسد حاجاته.
4 – هل من المحتمل أن يكون أمله بالفوز بالشهرة والاحترام على صعيد عالمي هو الذي قاده إلى أن يصبح أحد أتباع يسوع المسيح؟ من الصعب إلى أقصى الحدود، إن لم نقل من المحال، اعتقاد أن حدسه النبوي كان عظيماً جداً في ذلك الوقت، الأمر الذي مكنه من النظر إلى ما بعد العار والإهانة اللذين كانا من نصيب خدام المسيح المصلوب، حتى يرى المجد الأرضي الذي كان العالم المسيحي يدخره له.
ماذا عسانا أن نستخلص من كل هذا في خدمة الأغراض الدفاعية والتبشيرية؟ ففي ضوء حجة بولس المذكورة في غلاطية 1، 2، مع عدم احتمال، إن لم نقل استحالة، حصول البدائل المضادة، أؤكد أولاً أن حقيقة اهتدائه مع تاريخيتها، كما ينقل إلينا لوقا في سفر الأعمال، هما فوق أي شك منطقيان ومعقولان. وعلى هذا الأساس، أقرر ثانياً أن اهتداء بولس الطرسوسي على طريق دمشق، وبالطريقة التي يدونها لوقا، يشكل في الواقع رابع أعظم جزء من الدليل الكتابي – إلى جانب حقيقة القبر الفارغ، وظهورات يسوع المتعددة لتلاميذه بعد القيامة، مع تحولهم المفاجئ من أصدقاء خائفين إلى كارزين بالكلمة بواسل ومقدامين – على أصل المسيحية وجوهرها فوق الطبيعيين.
ثالثاً، وحيث إن المسيح الممجد أرفق اهتداء شاول بالإعلان التالي: “لأني لهذا ظهرت لك، لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به، منقذاً إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم، لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله، حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين” (أعمال 26: 16-18). ثم خاطب حنانيا بالقول: “اذهب [إليه]! لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل” (أعمال 9: 15).
وبعد هذا من جديد لاحقاً لبولس، وذلك في أثناء زيارته الأولى لأورشليم بعد اهتدائه (أعمال 22: 21). في ضوء هذه الكلمات الصادرة عن المسيح الممجد نفسه، أصرح بأن شاول كان معيناً ليكون رسوله للأمم. وبما أن خدمته الرسولية رافقتها “علامات الرسول”، أي “بآيات وعجائب وقوات” (2كورنثوس 12: 12؛ راجع أيضاً أعمال 9: 12)، باستطاعة الكنيسة التأكد من كون ما كرز به بولس (1كورنثوس 2: 6-13) وما كتبه في رسائله إلى الكنائس هي من الأسفار المقدسة “الموحى به من الله”.
دافعنا حتى الآن عن تاريخية اللاهوت المسيحي كمادة تعليمية وذهنية، وعن الحبل العذراوي للمسيح داخل رحم العذراء مريم، وعن معجزاته المقتدرة خلال خدمته الأرضية، وعن قيامته في الجسد من الأموات وصعوده إلى السماء، وعن اهتداء شاول على طريق دمشق، أية واحدة من هذه تبرهن أن الإيمان المسيحي حق وفوق طبيعي، كما أن ثقلها وهي مجموعة معاً يجعل مصداقية الإيمان المسيحي يتخطى حدود أية مناظرة مشروعة. رأينا في كل حالة أن الذين يرفضونها لكونها غير تاريخية أو أسطورية، إنما يفعلون ذلك على أسس نقدية وفلسفية مثيرة جداً للجدل. إنهم من خلال نظرتهم إلى العالم والحياة “كأغبياء كتابياً”، يرتاحون أكثر إلى علم النفس وإلى الدين. كلنا الآن مسؤولون عن الشهادة بشجاعة وجرأة لإنجيل المسيح. علينا القيام بهذا غير خائفين من احتمال تعرضنا لأي صد! لكن، حري بنا خلال إقدامنا على هذا، أن نبقى نتذكر مناشدة بولس:
“وعبد الرب لا يجب أن يخاصم، بل يكون مترفقاً بالجميع، صالحاً للتعليم، صبوراً على المشقات، مؤدباً بالوداعة المقاومين، عسى أن يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق، فيستفيقوا من فخ إبليس إذ قد اقتنصهم لإرادته” (2تيموثاوس 2: 23-26).
[1] كان هذا الكاتب من القرن الثامن عشر هو اللورد “ليتلتن”. “ليتلتن” هذا، وهو محام إنجليزي لامع، أخذ على عاتقه دراسة حادثة اهتداء شاول لدحضها، وإظهار أن المسيحية كانت خدعة، لكن بحثه أرغمه على استخلاص ما هو نقيض ذلك. هذه الخلاصة بالإمكان العثور عليها في كتابه
Observations on the conversion and Apostleship of St. Paul (London: R. Dodsley, 1747), Paragraph I.
عمل “ليتلتن”، والذي جرى نشره لاحقاً تحت عنوان:
“The Conversion of St. Paul” in Infidelity (New York: American Tract Society, n.d.)
يحاجج فيه على أن اهتداء بولس يمكن تفسيره بواحدة من أربع طرق: لقد كان (1) دجالاً نقل ما كان خطأ على حد علمه، أو (2) متحمساً يحركه خياله الجامح، وكان هو نفسه مخدوعاً، أو (3) مخدوعاً بعد وقوعه ضحية احتيال الآخرين، أو (4) يقول الحق عن اهتدائه، ما يظهر كون الديانة المسيحية هي إعلان إلهي. فلو صح أي من الافتراضات الأولى، فإنه يلي ذلك بكل تأكيد، كما يلي الليل النهار، أن المسيحية هي إيمان خاطئ؛ هذا يعني أن الكتاب المقدس ضل في حديثه عن اهتدائه بهذه الطريقة، كما أنه يعني أن المسيحية، وقعت في خطأ فادح بما أنها سارت بشكل رئيس في ركاب بولس في صياغاته اللاهوتية. ليتلتن، أيد بالطبع التفسير الرابع.
[2] F. F. Bruce, Paul: Apostle of the Heart Set Free (Reprint; Grand Rapids: Eerdmans, 1996), 75.
[3] Robert H. Gundry, “The Moral Frustration of Paul Before His Conversion Sexual Lust in Romans 7: 7-25” in Paulin Studies: Essays Presented to F. F. Bruce on His 70th Birthday, edited by Donald A. Hagner and Murray J. Harris (Grand Rapids: Eerdmans, 1980), 229.
[4] ترد العبارة “الديانة اليهودية” مرتني فقط في العهد الجديد – وكلاهما في غلاطية 1: 13، 14. إنها تشير إلى الديانة اليهودية الوطنية ونمط العيش فيها.
[5] علينا أن نتذكر كيف أن الله في اليهودية هو الإله الأسمى وغير المتمايز، فيما الله المثلث الأقانيم في المسيحية هو أكثر إثارة للإنتباه.
[6] See Janet Meyer Everts, “Conversion and Call of Paul” in Dictionary of Paul and His Leeters, edited by Gerard Hawthorne, Ralph P. Martin, and Daniel G. Reid (Downers Grove, Illinois: Inter-Varsity, 1993), 156-63.
[7] J. Gresham Machen, The Origin of Paul’s Religion (Reprint: Grand Rapids: Eerdmans, 1965), 61-62.
[8] Rudolf Bultmann, Theology of the New Testament, translated by Kendrick Grobel (London: SCM, 1971), 1: 187, emphasis original.
[9] James D. G. Dunn, Jesus and the Spirit (Philadelphia: Westminster, 1975), 107-08.
[10] Richard N. Longenecker, The Ministry and Message of Paul (Grand Rapids: Zondervan, 1971), 34-35.
[11] أنا لا أقصد من خلال “الإنجيل الخالي من الناموس” أن أنادي بما ينضوي تحت لواء اللاناموسية. كأن الإنجيل يعفي المسيحي من التزامه إطاعة ناموس الله الأدبي، كما يظهر في الوصايا العشر، وفي الوصيتين العظميين المتعلقتين بالمحبة، وفي نمط حياة المسيح. بالطبع، على المسيحي العيش تحت الناموس كقانون العهد للحياة. لكن أعني بالحري ما قصده بولس لدى تصريحه مراراً وتكراراً “إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس، بل بإيمان يسوع المسيح” (غلاطية 2: 16)، وأيضاً قوله “إذاً نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس” (رومية 2: 28). بهذا المعنى، الإنجيل هو خال من الناموس.