وحي الكتاب المقدس – حجة غردن هـ. كلارك
وحي الكتاب المقدس – حجة غردن هـ. كلارك
حجة غردن هـ. كلارك بشأن وحي الكتاب المقدس
يعرض “غردن هـ. كلارك” الحجة التالية في الفصل الأول من كتابه: God’s Hammer: The Bible and Its Critics (“مطرقة الله: الكتاب المقدس ومنتقدوه”) للإيمان بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله.
† يدعي الكتاب المقدس بأنه كلمة الله.
† كل التفسيرات البديلة بشأن ادعاءات الكتاب المقدس بأنه كلمة الله، غير مصداقيته، لا تصمد.
† كل المحاولات لدحض ادعاء الكتاب المقدس بأنه كلمة الله من خلال توجيه إليه بالتحديد أخطاء مفترضة، باءت جميعها بالفشل.
† إذاً، بوسعنا الإيمان بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله.
هذه التصريحات الأربعة تستلزم بعض التوضيح، فلنتناولها إذاً، كل واحدة على حدة.
يدعي “الكتاب المقدس بأنه كلمة الله”
يلحظ “كلارك” أن ليس هذا بمثابة المحاججة ضمن دائرة؛ فببساطة لا يكون هناك أي مسوغ للادعاء بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله لو لم يدع لذلك أو لو أنه أنكر كونه كلمة الله. يكتب: “… ما يدعيه الكتاب المقدس السبب الأول للإيمان بوحي الكتاب المقدس، هو أنه يقوم بهذا الادعاء”[1].
كل التفسيرات البديلة بشأن ادعاءات الكتاب المقدس بأنه كلمة الله غير مصداقيته لا تصمد
تأمل في التفسيرات الثلاثة البديلة التالية. يزعم التفسير البديلي الأول أن ادعاء الكتاب المقدس بأنه كلمة الله هو أمر عرضي، حتى أنه لا يجب أخذه على محمل الجد، إلا أن تفحصاً لمضمون الكتاب، يبرهن أن هذا الادعاء يعم الكتاب وينتشر في جميع أرجائه[2]، وهو جوهري للشيء الكثير من باقي البرنامج الكتابي. من هنا نجد أن هذا الادعاء ليس بعرضي، ولا يمكن التقليل من قيمته أو تجاهله.
فكتاب العهد القديم صدروا رسائلهم أكثر من ثلاثة آلاف وثماني مئة مرة بعبارات من صنف: “لأن فم الرب قد تكلم”، و”هكذا يقول الرب”، و”الرب تكلم”, و”اسمعوا كلمة الرب”، و”هكذا أراني الرب”، و”جاءت إليَّ كلمة الرب، قائلة” (راجع أيضاً اعتماد لوقا في إنجيله لأسلوب التعبير هذا الذي اقتبسه من العهد القديم في لوقا 3: 2: “كانت كلمة الرب على يوحنا”).
يزعم التفسير البديلي الثاني أن ادعاء الكتاب المقدس بأنه كلمة الله هو واحد من جملة العديد من الادعاءات الأخرى التي يعرضها كتاب الكتاب المقدس، الأمر الذي يدفعنا إلى التشكيك في مدى مصداقيتهم. من هنا، فهذا الادعاء، موضوع البحث، يفتقر إلى المصداقية بشكل بديهي. لكن من جديد، يتبين لنا نقيض ذلك من تفحص كتاباتهم في العمق؛ هؤلاء الكتاب أظهروا مصداقية في مسائل أخرى، كما أنهم أقدموا على هذا الادعاء مدركين تماماً ما يقولونه؛ لذا، فالادعاء بالكذب والبهتان هنا ليس، على الأرجح، بديهياً.
يرى التفسير الثالث أنه لو ادعى كُتاب الأسفار المقدسة بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، فإن يسوع، الشخصية الأهم في الكتاب المقدس، لم يقل ذلك، أو في حال قاله، كان يتكيف فقط مع “النظرة المغلوطة” لكتاب الأسفار، والتي كانت سائدة، وذلك بغاية استمالة الآذان إلى تعليمه هو. لكن من جديد – وقد عرضت الدلائل على هذا ضمن الفصل الثاني – ادعى يسوع هذا حقاً وعلى نطاق واسع، مع إدراكه التام ل ما يصرح به[3].
وليس من سبب وراء الظن بأنه فعل ذلك لمجرد التكيف مع “النظرة المغلوطة” لكُتاب الأسفار، وذلك بغية استمالة الآذان إلى تعلميه هو، ذلك لعلمنا بأنه غالباً ما ناقض آراء معاصرة اعتبرها مغلوطة. ولا يطالعنا في أي مكان أن يسوع أسر لأتباعه أن تصريحاته حول الأسفار المقدسة كان يقصد بها فقط التكيف مع النظرة المغلوطة عند كتاب الكتاب المقدس. إلى ذلك، في حال كان ادعاء الكُتاب مغلوطاً، وأقدم يسوع على تأييده:
لا يعود يسوع أهلاً لأن تنسب إليه الألوهية بما أنه أخطأ التقدير بشأن موثوقية الكتاب المقدس. فعندنا يدع يسوع الغاية تبرر الوسيلة، حيث يسمح بأن تنطلي الخدعة على أتباعه حول مسألة دينية وحيوية كهذه (مدى موثوقية الإعلان)، ويشجع على الإرباك ونشوء النزاعات غير الضرورية في الأجيال التالية للكنيسة من خلال مواربته هذه، لا يعود يسوع في هذه الحال يصلح كمثال إلهي لكي يتشبه به الإنسان أخلاقياً[4].
إلا أن موثوقية يسوع لا غبار عليها في كل مكان. هذه الحقيقة من شأنها أن تضفي على ادعاء يسوع حول الكتاب المقدس مصداقية بديهية. البديل الرابع، الذي يعرضه أتباع “بلتمان”، ومفاده أن العناصر الخارقة والتي هي فوق الطبيعة في الكتاب المقدس هي ببساطة من صنف الميثولوجيا أو الأساطير، وسأظهر في الفصول الأربعة التالية عدم صحة هذا. لذا، إن كانت هذه التفسيرات البديلة الأربعة لا تصمد، ففي هذه الحال يكون ادعاء كُتاب الأسفار المقدسة غير قابل للدحض، وبالتالي يجب تأكيده.
كل المحاولات لدحض ادعاء الكتاب المقدس بأنه كلمة الله من خلال توجيه إليه بالتحديد أخطاء مفترضة باءت جميعها بالفشل.
القائمة بالأخطاء المزعومة في الكتاب المقدس هي قديمة بشكل مربك. فلقد ظهر مراراً وتكراراً أنها هي على خطأ. فكل من (“التناقضات المزعومة في الكتاب المقدس”) John W. Haley’s Alleged Discrepancies of the Bible و(“دائرة المعارف بالصعوبات الكتابية”) Gleason L. Archer’s Encyclopedia of Biblical Difficulties، برهنا أن لا قيمة لأي من الادعاءات بالخطأ. يذكرني هذا الأمر بقصيدة “جون كليفورد” التي تركز على حقيقة العجز عن دحض الكتاب المقدس:
توقف عشية أمس أمام باب الحداد
وسمعت السندان يرن على وقع أجراس المساء
وإذ نظرت إلى الداخل، رأيت على الأرض
مطارق عتيقة تلفت من الضرب بها على مر السنين
سألته: “كم يبلغ عدد السنادين التي اقتنيت مع الوقت
حتى أتلفت وأبلت بهذا الشكل كل هذه المطارق؟”
أجابني: “سندان واحد فقط. ثم قالي لي بسرعة، بلمحة البصر
“أنت تعلم جيداً كيف أن السندان يُتلف المطارق”
وهكذا خطر على بالي سندان كلمة الله
الذي انهالت عليه على مر العصور ضربات المشككين
ولكن بالرغم من سماع ضجة الضربات
لم يتغير السندان فيما تلفت المطارق وزالت من الوجود.
أقول هذا بشكل طريف، بالطبع، لكن أحدنا قد يتمنى تقريباً لو أن نقاد الكتاب ينسبون إليه خطأً جديداً، لي لأي سبب آخر سوى لإتاحة الفرصة أمام المدافعين عن الكتاب المقدس للقيام بعمل ما.
إذاً بوسعنا الإيمان بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله
لا عذر لنا إن كنا لا نشعر بقوة هذه الحجة. ليست دائرية، بل ترد على اعتراضات النقاد. وهي بسيطة للغاية بشكل يمكن حتى تلميذ المرحلة الثانوية من استيعابها. لكن “كلارك” يعتبر أن ما لم ينر الروح القدس ذهن أحدهم، فلن يتمكن من الإيمان بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، بل لن يقدم على ذلك[5].
[1] Gordon H. Clark, God’s Hammer: The Bible and Its Critics (Hobbs, New Mexico: Trinity Foundation, 1982), 3.
[2] Clark, God’s Hammer, 3-13.
[3] الثاني والثالث يتناولهما “كلارك” في God’s Hammer, 13-16.
[4] John Warwick Montgomery, “Biblical Inerrancy: What is at Stake” in God’s Inerrant Word, edited by John Warwick Montgomery (Minneapolis: Bethany, 1974), 29.
[5] “كلارك” يحاجج في ذلك ضمن God’s Hammer, 16-23.