الرد على شبهة تناقض ترتيب احداث التجربة في البرية
الرد على شبهة تناقض ترتيب احداث التجربة في البرية
عند النظر في انجيل متى وانجيل لوقا نجد ذكرهم لحادثة تجربة المسيح في البرية. وسوف نلاحظ ان هناك فرق في ترتيب الاحداث كما هو مسجل في “متى 4: 1-11 ولوقا 4: 1 – 13 “. فكل من متى ولوقا اتفقوا على ان التجربة الاولي كانت تحدي الشيطان تحويل الحجارة إلى خبز.
متى 4
3 فتقدم إليه المجرب وقال له: «إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزا». 4 فأجاب وقال: «مكتوب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله».
لوقا 4
3 وقال له إبليس: «إن كنت ابن الله، فقل لهذا الحجر أن يصير خبزا». 4 فأجابه يسوع قائلا: «مكتوب: أن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة من الله».
وكلاً من الانجيلين تحدثوا عن نفس التجارب.
فمتى سجل لنا ان تجربة الشيطان الثانية هي محاولة تحدي يسوع لرمي نفسه للأسفل عند جناح الهيكل. والتجربة الثانية هي محاولة الشيطان ان يجعل يسوع ان يسجد له، ولوقا ايضاً ذكر نفس الحدثين لكنه عكس الترتيب. فالشيطان طلب السجود اولاً ثم تحدى يسوع لرمي نفسه إلى الاسفل. وبناءً على ذلك زعم المشككون ان هناك تناقض واضح المعالم في القصة.
وهنا مشكلة كبيره في افتراضهم .فالذين ادعوا ان اختلاف الترتيب تناقض .افترضوا ان دائماً المكتوب او الذي يتحدث إنما يتحدث زمنياً .لكن الحس السليم والدراسة تقول لنا عكس هذا .فبدراسة اي كتاب تاريخ في العالم سنجد ان معظم الاحداث تسجل زمنياً .والبعض الاخر يتم ترتيبها موضوعياً من حيث الموضوعات. فعلى سبيل المثال عندما كنت قراءة كتاباً كان يتحدث عن تاريخ الحضارة الاوروبية في العصور الوسطي ما بين عام 1000 – 13000 ميلادياً .في الفصل التالي لهذا الفصل كان الكتاب يتحدث عن تاريخ الهند قبل وبعد الميلاد من عام 150 قبل الميلاد حتي 1400 بعد الميلاد. فكان الترتيب هنا موضوعياً. فليس شرطاً ان يكون ترتيب جميع الكتب زمنياً.
حتى في الكتب التي تذكر السير الذاتية للأشخاص من تجارب مع الاصدقاء والحياة العائلية في كثير من الاحيان تتكلم ليس بترتيب زمني لكن ترتيب موضوعي. قد يرجع شاب إلى المنزل من التنزه ويقول لوالده صعدنا إلى قطر الموت وكنا ستة. هل هذا يعني ترتيب زمني؟ الم يقطع تذكره الم يفعل ويفعل؟ فما يذكر هو ترتيب موضوعي وليس زمني.
فان ادعي المشككين ان الترتيب زمني. سيكون الامر مشروعاً إذا كان متى ولوقا كتبوا ان ما ذكروه هو ترتيب زمني! او حتى انهم سجلوا الحادثة موضوعياً. (1)
ويقول الباحثين ان متى من خلال المصطلحات اليونانية مثل كلمة tote التي تترجم ثم وكلمة palin التي تأتي مره اخري ولوقا استخدم مصطلح اخر وهو “و” ومن الادلة الداخلية في متى عن اسلوب استخدم الترتيب الزمني ان متى ذكر اخر حدث هو طلب السجود وانتهار يسوع مما جعل الشيطان يهرب وهذا منطقي ان الشيطان ذهب وترك يسوع. ولوقا استخدم الترتيب الموضوعي. فقال له المسيح اذهب يا شيطان بعد طلب السجود ثم يذكر لوقا بعد التجربة الثالثة 13 ولما أكمل إبليس كل تجربة فارقه إلى حين. (2)
بقراءة الآيات بعناية سنلاحظ ان لوقا غير مهتم بالتسلسل الزمني بقدر اهتمام القديس متى. فلوقا كان يخاطب الامم في حين ان متى كان يخاطب من خلال إنجيله اليهود. فهذا مقياس هام لمعرفة اسلوب كلاً منهما. فمن خلال هذا نري تفسيراً منطقياً لفهم المستمع اليهودي للتجربة الثانية في متى عن رمي يسوع نفسه الي الاسفل. ومفهوم اليهود لهذه التجربة ان الله أقوى من هذا. ثم جعلهم يرغبون أكثر في السماع من خلال موضوع الممالك وعرضها فهؤلاء اليهود كانوا يطمحون في الملك الارضي للمسيح.
ولوقا لكونه يخاطب الامم لم يهتم بالتفصيل الزمني بقدر ما يهتم بالفكرة نفسها للتجربة فذكر التجربة الاولي وهي عن الاكل فالمستمعين لم يكن لديهم الخلفية اليهودية عن المكتوب فهم امم .واغراء يسوع بالممالك .وهذا كان حلم للأمم لنشر الالهة الرومانية .فبالدراسة نجد ان الفكرة ليست زمنية في لوقا لكنها زمنية في متى .فربما لوقا رأي ان هذا الاسلوب افضل للتواصل في السرد لعلمه الفرق بين الذهنية اليهودية التي تفهم التجربة بخلفياتها اليهودية وما بين ذهنية الامم التي ليس لديها اهمية للترتيب الزمني بقدر الترتيب الموضوعي .
وايضاً تجد ان ترتيب التجارب هو الاتي:
1- شهوة الجسد
2- شهوة العين
3- تعظم المعيشة
وهو نفس ترتيب سفر التكوين 3: 6 فالمرأة شاهدة ان الثمرة جسده للأكل اي شهوه الجسد ولطيفة للعين اي شهوة العين وفعلت كل هذا لتعظم المعيشة لتصير مثل الله. فلوقا 4: 1 – 13 هي نفس الترتيب في سفر التكوين ومتى اختار الترتيب الزمني. (3)
إقرأ أيضًا: تجربة المسيح في البرية – لماذا؟ الجزء الأول
Richards, Larry (1993), 735 Baffling Bible Questions Answered (Grand Rapids, MI: Revell).
Encyclopedia of Bible Difficulties, Gleason Archer
Chapter 4 The Temptation of Jesus and the Call of His First Disciples John F. Walvoord