هل سمح الرب بتعدد الزوجات والتسري والسراري في العهد القديم؟
هل سمح الرب بتعدد الزوجات والتسري والسراري في العهد القديم؟
التصميم الالهي للخلق هو أن يكون للرجل زوجة واحدة وهذا ما جاء في التكوين 2: 24 لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدا واحدا. وقد اقتبس بولس الرسول هذه الآية بوضوح عن أن تصميم الله للخلق أن يكون للرجل زوجة واحده وهذا ما جاء في أفسس 5: 31 من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدا واحدا. فالآيات اشارة الي زوجة واحدة ليس مثني وثلاث ورباع. وهذه الزوجة الواحدة تصير مع رجلها جسداً واحداً.
فكما ايضاً ان الرب واحد كما جاء في التثنية 6: 4 اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد والرب لا يقبل اي علاقة للإنسان مع الهة اخري. هكذا الانسان الذي على صورة الله يرتبط بامرأته. فكان يتصف كل من يذهب وراء اي إله اخر بالزني الروحي. انه يوجد إله واحد للبشرية بأكملها. فمن ابتكر الالهة الأخرى هو الانسان. فالإنسان هو ايضاً المتسبب في تشويه تصميم الخالق بالزوجة الواحدة. ويظهر هذا التشويه بشكل واضح من قبل الانسان لا من قبل الرب في العهد القديم في ذكره لحوادث تعدد الزوجات والتسري والسراري.
تعدد الزوجات والسراري وسفر التكوين
احتوي سفر التكوين على امثلة متعددة لتعدد الزوجات مثل ما جاء عن لامك واتخاذه امرأتين في تكوين 4: 18 -24. وعن ناحور في تكوين 22: 20 – 24 وعن ايضاً ما جاء عن يعقوب في تكوين 29 – 30. وما ورد عن عيسو وأليفاز وغيرهم. فكاتب سفر التكوين او الراوي (موسي) عرض هذه الحالات في هذه المقاطع ليسلط الضوء علي عدم اقرار هذه التصرفات. فمن خلال هذه النماذج التي اوردها موسي رأينا ان تعدد الزوجات يعج بالخلافات والغيرة والتنافس ووجع القلب.
وايضاً التمرد فكشف لنا عن سلبية للتعدد من خلال نمازج حية. وعواقب الخروج عن تصميم الله وارادة الله وهذه الارادة التي كتبها موسي ايضاً هو شريعة الزوجة الواحدة. فالتعدد نتج من العواقب التي نتجت من سقوط الانسان. فمن يتمعن في هذه المقاطع سيعلم علم اليقين انها أدانة صريحة للتعدد وعدم موافقة.
فعلي سبيل المثال زواج ابراهيم بهاجر. من الناحية الانسانية هاجر زوجة لإبراهيم بحسب ما جاء في تكوين 16: 3. لكن هذا ليس المنظور الالهي. فطوال القصة يدعوا الله سارة بانها زوجة ابراهيم وهذا ما جاء في العديد من المواضع مثل ما جاء في تكوين 17: 15 , 19 وتكوين 18: 9 – 10. وكان الوحي الالهي يشير الي هاجر بانها ” خادمة سارة “وليست زوجة ابراهيم بحسب ما ورد في تكوين 16: 8 – 9 وتكوين 21: 12.
بالإضافة الي هذا ما جاء في تكوين 21 عن رجوع ابراهيم الي وضع الزوجة الواحدة. وبعد ان رجع الي هذا الوضع يقول لنا الكتاب في اصحاح 22 انه صعد الي جبل المريا لاختبار ايمانه. ويبدوا انه عندما عاد الي الاستقرار الاجتماعي كان ابراهيم علي استعداد لاجتياز اختبار الايمان للرب.
وفيما يتعلق بيعقوب وتعدد الزوجات او التسري فهذه القصة تسرد لنا العديد من العيوب التي يخلفها التعدد. فكانت عائلة يعقوب مفككة. ويوجد بعض التلميحات انه عاد الي وضع الزوجة الواحدة فبعد ان وصف التكوين علاقة يعقوب بزوجاته نجد انه بعد صراع يعقوب مع الرب الزوجة الوحيدة المذكورة هي زوجته رحيل. في تكوين 35: 16 – 19.
ففي حين ان يعقوب كان يدعوا راحيل وليئة بزوجاته بحسب تكوين 30: 26. وتكوين 31: 50. بعد هذا الصراع صار يدعوا راحيل فقط بزوجتي وهذا ما ورد في تكوين 44: 27. ففي تكوين 46 نجد الراوي ” موسي ” يذكر ليئة وزلفة وبلهة كمجرد نساء ولدن ليعقوب بينما يذكر راحيل كزوجة ليعقوب في تكوين 46: 15 , 18 , 19 , 25.
وهكذا يروي الراوي “موسي ” ان بعد التجربة التي تمت عند مجري يبوق أصبح كلاً من ليئة وزلفة وبلهة هم رعايا ليعقوب وليس زوجات له. وعاد الي علاقة الزوجة الواحدة الاصلية رحيل.
التشريعات الموساوية
زعم البعض ان هناك نصوص في اسفار موسي الخمسة تسمح وتوافق على التعدد والتسري او السراري لكن بالدراسة الدقيقة نجد ان هذا الزعم خاطئ وليس هو ارادة الرب.
على سبيل المثال ما ورد في التثنية 17: 16 – 17.
ولكن لا يكثر له الخيل، ولا يرد الشعب إلى مصر لكي يكثر الخيل، والرب قد قال لكم: لا تعودوا ترجعون في هذه الطريق أيضا. ولا يكثر له نساء لئلا يزيغ قلبه. وفضة وذهبا لا يكثر له كثيرا.
فنجد هنا انه لا يعطي الملك تشريع للتعدد كما يزعم البعض. لكن يعلن له الارادة الالهية في الحديث بشكل واضح انه لا يكثر النساء.
وايضاً ما جاء في سفر اللاويين 18: 18 وهو ايضاً من اسفار موسي الخمسة 18 ولا تأخذ امرأة على اختها للضرّ لتكشف عورتها معها في حياتها.
البعض يقول ان هذه الآية تشير الي التعدد! لكن الآية تترجم لا يجوز لك الزواج من امرأة اخري مع اختها. كمنافس في حين انها على قيد الحياة لتكشف عورتها. ويري الباحثين ان امرأة على اختها تشير الي صله قرابة. بمعني اخت لامرأة ويقولون ان هذا منع لتعدد زواج المحارم فالزواج بأختين يعيشون مع بعض يعتبر كزني المحارم.
ومع ذلك بالرجوع لكلمة امرأة علي اختها نجد ان استخدام الكلمة العبري ishah ’el-’akhotah جاء في ثمانية مواضع بمعني واحده الي اخري ولا يوجد ما يشير الي زواج الاخوات .وهذا ما يعادل المصطلح الذي يختص بالرجال el-’akiw الي يعني رجل لأخيه ويأتي اثني عشر مره في الكتاب المقدس بمعني بعضهم البعض او واحد الي الاخر .ولا يترجم حرفياً بانه اخو اخوه .ومع هذا الاتساق في الاستخدام الكتابي نود ان نشير ان نص اللاويين 18 : 18 يؤكد الي الاشارة الي المرأة الواحدة بـ(الزوجة) التي يضاف لها امرأة اخري ٍ.ولا يعني الاخوات حرفياً .
وهذا ما يؤكده التعبيرات الادبية والسياق فان التشريع يحظر التعدد. وكشف لنا مشيئة الرب تجاه التعدد والتسري. على الرغم من عدم وجود عقوبات مذكورة لهذه الممارسات خلال العهد القديم. لكن هذا الامر وضحة اللاويين 18 ان التعدد ضد الاخلاق ضد الترتيب الالهي.
التعدد والتسري في عهد القضاة
سفر القضاة يحتوي على التعدد والتسري فيسجل لنا السفر قصة جدعون الذي كان لديه العديد من النساء. بحسب قضاة 8: 30 وكان لجدعون سبعون ولدا خارجون من صلبه، لأنه كانت له نساء كثيرات. ان هذا التعدد جعل جدعون يترك الرب في وقت لاحق من حياته. ولم يكتفي بالتعدد بل بالوثنية ايضاً بحسب ما جاء في قضاة 8: 24 – 28.
24 ثم قال لهم جدعون: «أطلب منكم طلبة: أن تعطوني كل واحد أقراط غنيمته». لأنه كان لهم أقراط ذهب لأنهم إسماعيليون. 25 فقالوا: «إننا نعطي». وفرشوا رداء وطرحوا عليه كل واحد أقراط غنيمته. 26 وكان وزن أقراط الذهب التي طلب ألفا وسبع مئة شاقل ذهبا، ما عدا الأهلة والحلق وأثواب الأرجوان التي على ملوك مديان، وما عدا القلائد التي في أعناق جمالهم. 27 فصنع جدعون منها أفودا وجعله في مدينته في عفرة. وزنى كل إسرائيل وراءه هناك، فكان ذلك لجدعون وبيته فخا. 28 وذل مديان أمام بني إسرائيل ولم يعودوا يرفعون رؤوسهم. واستراحت الأرض أربعين سنة في أيام جدعون.
فبالتالي لا يوجد موافقة واراده الهية للتعدد. ونجد في ختام سفر القضاة في الاصحاحات 19 , 21 قصة لاوي التي تصور الانحلال الجنسي ومدي قدرته على تدمير الشخص. وضعت في النهاية لتسليط الضوء على التدهور الذي أغرق شعب بني اسرائيل ويختتم سفر القضاة بآية تلخص ما جاء به في قضاة 21: 25 في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل. كل واحد عمل ما حسن في عينيه.
تعدد الزوجات والتسري اثناء ملك اسرائيل
كشف سفر صموئيل الثاني والملوك عن ضلال المجتمع بعيداً عن الرب والاخلاق فوقعوا فريسة للعادات السائدة مثل الجمع بين الزوجتين وتعدد الزوجات والتسري حتى الاتقياء مثل القانة الذي جاء ذكره في صموئيل الاول 1 – 2. والقادة السياسيين في النظام الملكي مثل شاول وداود وسليمان.
ووهناك ذكر لما لا يقل عن ستة ملوك ليهوذا كان لهد العديد من الزوجات وفي المملكة الشمالية ايضاً
فروي الكتاب المقدس وسجل لنا بأمانة الضيقة والتناقض في وجود زوجة اخري وضرب بالوصايا التي جاءت في لاويين 18: 18 عرض الحائط وكان لهذه الامور احداث كارثية في حياة الملوك. ووقعوا في عصيان الحظر الالهي الوارد في التثنية 17: 17.
قد يقول البعض ان داود رجل الله قبله كما اراد الله في حين كان يعدد الزوجان يتناول رون بريز هذا ويقول ان. ما فعله داود لا يدل على موافقة الرب علي هذا. فالراوي للتعدد في حياة داود اراد ان يشير الي التقييم الالهي السلبي في حياة داود وعندما نرجع لرسالة صموئيل الثاني 12: 7 – 8
7 فقال ناثان لداود: «أنت هو الرجل! هكذا قال الرب إله إسرائيل: أنا مسحتك ملكا على إسرائيل وأنقذتك من يد شاول، 8 وأعطيتك بيت سيدك ونساء سيدك في حضنك، وأعطيتك بيت إسرائيل ويهوذا. وإن كان ذلك قليلا، كنت أزيد لك كذا وكذا. فهي رسالة لا تشير الي ان الرب دعم او عاقب داود علي التعدد. لكن في نهاية حياة داود عاد الي زوجة واحد وهي بتشبع.
كما ورد في صموئيل الثاني 20: 3 وملوك الاول 1: 1-4.
واثناء وبعد السبي البابلي لا يوجد ذكر في العهد القديم للتعدد بين شعب الرب.
في النهاية
في العهد القديم يوجد حالات واضحة للتعدد والتسري مثل اباء وملوك وقضاة كتب لنا الوحي الالهي عنهم. لنري الادانة الضمنية لهذه الممارسات وما تؤدي لها. وان الرب نفسه حظر التعدد والتسري في لاويين 18: 18 كجزء من القانون الاخلاقي. والعهد القديم يسجل لنا عدم موافقة الله على التعدد.
والمسيح ان الله سمح للطلاق لقساوة قلوبهم وهذا يدل ان هذا الامر لا يرضي الله ولا يريده وأعرب عن استنكار هذا الامر. فكان الطلاق لعلاج وضع قائم متشعب ومتغلغل في الشعب حينا ذاك. لكن ليس فيه مسرة للرب وهكذا الامر هو استنكار الرب لهذا التعدد. ففي متي الاصحاح التاسع عشر يفترض الفريسيون ان تنظيم وضع قائم يساوي الموافقة. فعندما سألو يسوع سؤال.
«هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟» 4 فأجاب وقال لهم: «أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى؟ 5 وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدا واحدا. 6 إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان». 7 قالوا له: «فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق؟» 8 قال لهم: «إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا.”
لاحظ الاتي ان الفريسيين اتو بمسألة حول السماح بالطلاق. فكانت اجابة يسوع بشكل غير متوقع قائلاً. انه لا ينبغي من الاصل ان يكون هناك أي طلاق. وعلى الفور اختلط الامر على الفريسيين فقالوا فلماذا اوصي موسي اذاً؟ ألا يعني السماح موافقه؟
يسوع يوضح ان الامر ملتبس لديهم ويزيل الالتباس.
فالفريسيين غاب لديهم المعرفة عن اهمية القوانين التنظيمية. فهناك فرق بين ما هو قانوني وما هو اخلاقي هو نفسه الفرق بين الواقع وبين المثل الأعلى. فليس المقصود بالقانون قائمة تحتوي على ما هو اخلاقي او غير اخلاقي. فهو يعمل مثل ما يعمل أيًا من القوانين الوضعية تبعاً لقواعد قابلة للتنفيذ بشكل معقول لتسيير الحياة المجتمعية. والفريسيين ارتكبوا خطأ وهو التركيز على اللوائح بقدر ما ذهبوا الي الرب لطلب الصلاح من الله المثل الأعلى.
فكما هو الحال مع الطلاق كذلك هو الحال مع التعدد والتسري. ومدي استنكار الرب لهم
بعض المراجع للإستزادة
Du Preez, Polygamy in the Bible, 183–204. Bridgeman-Giraudon.
Davidson, Flame of Yahweh, 149–59, 211, for numerous lines of biblical evidence supporting this conclusion.
Hugenberger (Marriage as a Covenant, 118)
The Law of Leviticus 18:18: A Reexamination,” CBQ 46 (1984), 199–214
Gordon P. Hugenberger, Marriage as a Covenant: Biblical Law and Ethics as Developed from Malachi, VTSup 52 (Grand Rapids: Baker, 1998), 119.
Davidson, Flame of Yahweh, 191–202
هل سمح الرب بتعدد الزوجات والتسري والسراري في العهد القديم؟
انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان
هل أخطأ الكتاب المقدس في ذِكر موت راحيل أم يوسف؟! علماء الإسلام يُجيبون أحمد سبيع ويكشفون جهله!
عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الأول – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث
عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الثاني – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث