Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

الرسالة اليمنية – موسى بن ميمون يرد: هل تنبأت التوراة عن نبي المسلمين؟

الرسالة اليمنية – موسى بن ميمون (رمبا”م) يرد: هل تنبأت التوراة عن نبي المسلمين؟

الرسالة اليمنية – موسى بن ميمون يرد: هل تنبأت التوراة عن نبي المسلمين؟

الرسالة اليمنية – موسى بن ميمون (رمبا”م) يرد: هل تنبأت التوراة عن نبي المسلمين؟

الجدل مع الاسلام

تذكر في رسالتك أن المرتد بذل جهوده على عدد من الناس كي يؤمنوا بأن آيات عديدة من الكتاب المقدس تشير إلى رسولهم (محمد)، مثل «بميئود ميئود» (=أكثره كثيرًا جدًا؛ عبر جمع قيمة الاحرف ادعوا ان هذا التعبير واسم محمد متساويين في القيمة) (تك 20:17)، «سطع من جبل فاران» (تث 2:33)، «نبيًا من وسطك من إخوتك مثلي» (تث 15:18)، والوعد لإسماعيل، «وأجعله أمة كبيرة» (تك 20:17). وهذه الحجج تكرر على نحو مستمر إلى درجة أنها صارت تبعث على الغثيان.

ويكفي الإعلان أنها واهية بالكامل؛ ليس هذا فحسب، بل إن إيراد هذه الآيات كحجج أمر سخيف وغير عقلاني إلى أبعد حد. لأن هذه مسائل لا يمكن أن تشوش ذهن أي إنسان. فلا العامة غير المثقفين ولا المرتدين أنفسهم الذي يخدعون الآخرين بها، يؤمنون بها أو يفكرون بأية أوهام حولها. وغرضهم من إيراد هذه الآيات هو كسب الحظوة في أعين الأغيار عن طريق البرهان بأنهم يؤمنون بعبارة القرآن القائلة ان محمدًا مذكور في التوراة.

لكن المسلمين أنفسهم لا يؤمنون بهذه الحجج، ولا يقبلون بها ولا يريدونها، لأنه من الواضح أنها تنطوي على مغالطة كبيرة. ونظراً لأن المسلمين لم يستطيعوا أن يجدوا دليلاً واحداً في الكتاب المقدس كله ولم يكن باستطاعتهم استخدام إشارة أو تلميح محتمل إلى نبيهم، فقد أُجبروا على اتهامنا بقولهم: «لقد بدّلتم في نصّ التوراة، فشطبتم منه أية إشارة إلى اسم محمد».

وهم لم يستطيعوا أن يجدوا ما هو أقوى من هذه الحجة الحقيرة التي يسهل البرهان على زيفها للناس قاطبة عبر الحقائق التالية. أولاً، لقد ترجم الكتاب المقدس إلى السريانية، اليونانية، الفارسية واللاتينية قبل ظهور محمد بمئات السنين. ثانيًا، هنالك تقليد متناسق بالنسبة لنص الكتاب المقدس في الشرق والغرب على حد سواء، مع نتيجة فحواها أنه لا توجد فروقات في النص البتة، ولا حتى في التشكيل، لأنه كله صحيح. كذلك لا توجد أية فروقات مؤثرة في المعنى. إذاً، فالدافع إلى اتهامهم يكمن في غياب أي تلميح إلى محمد في التوراة.

 

الإدعاء الأول: «وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ […] أُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. […] وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً» (تك 20:17)

إن عبارة «أمة كبيرة» الواردة آنفاً لا تعني ضمناً شعباً يمتلك نبوة أو شريعة، بل فقط أمة كبيرة العدد كما يقول الكتاب المقدس في الإشارة إلى الوثنيين «أممًا أكبر وأعظم منكم» (تث 23:11). كذلك فعبارة «بميئود ميئود» (=أكثره كثيرًا جدًا) تعني ببساطة «على نحو مفرط». ولو كان هنالك أي تلميح في الآية إلى محمد، لوجب أن تكون بالتالي «وسوف أباركه بميئود ميئود»، فحينها كان ممكن ان يتعلق هذا المتعلق بخيط العنكبوت فيها. لكن والحق يقال، كون الكتاب المقدس يقول، «أكثره بميئود ميئود»، فهذا لا يشير ضمناً إلا إلى مجموعة كبيرة عددياً.

ما من تساءل يطرح حول أن التأكيد الإلهي لإبراهيم بمباركة نسله، عبر كشف التوراة له، وجعله الشعب المختار، إنما هو إشارة فقط إلى بني إسحق. لأن إسماعيل مذكور كملحق وذيل في بركة إسحق، التي تقول، «وابن الجارية أيضًا سأجعله أمة» (تك 1:21) وهذه الآية توحي بأن اسحق يمتلك موقعاً فائقاً وإسماعيل موقعاً خاضعاً.

وتتوضح هذه المسألة أيضاً في البركة التي تتجاهل إسماعيل بالكامل «لأنه بإسحاق يدعى لك نسل» (تك 12:21) ومعنى وعد الله لإبراهيم هو أن نسل إسماعيل سوف يكون كثيراً لكنه لن يكون مبرّزاً ولا غرضاً لوحي إلهي، ولا متميزاً بحيث يصل إلى الامتياز. وليس بسببهم سيصبح إبراهيم مشهوراً أو معروفاً، بل بسبب ابناء اسحق المشهورين واللامعين.

فهذا هو معنى «يُدْعَى» كما هو الحال في الآية (التي بارك بها يعقوب أبناء يوسف): «وليدع عليهما اسمي واسم أبوي إبراهيم واسحاق» (تك 16:48) أي ان يشهد بهم ويُعلَم. ثم بين اسحاق ان تلك البركات التي وعد بها إبراهيم التي من جملتها ان يكون في بنيه شريعة الله ودين، كما وعده في نسله وقال: «وأكون إلهًا لهم» (تك 8:17).

وثم خصص اسحق عن إسماعيل بجميع ذلك كما بينا ببيان خصصه بالدين دون إسماعيل هو قوله: «غير أن عهدي أقيمه مع إسحق» (تك 19:17). بعد قوله في اسماعيل «ها أنا اباركه» (تك 20:17) بين لنا تعالى على يدي إسحاق ان يعقوب قد خصص بجميع ذلك دون عيسو، وهو قول إسحاق له: «ويعطيك بركة إبراهيم» (تك 4:48). وباختصار نقول، إن العهد الإلهي المقام مع ابراهيم لمنح الشريعة الفائقة لنسله أشار حصرياً إلى أولئك الذين ينتمون إلى أرومة كل من إسحق ويعقوب.

وهكذا فالنبي يعبر عن شعوره بالعرفان إلى الله بسبب «العهد الذي قطعه مع إبراهيم، والقسم الذي أقسمه لإسحق، والذي جعله فريضة ليعقوب، وعهداً أبداً لإسرائيل» (مز 9:105).

ومما يجب ان تعلمه، أن الاسم الذي يزعم الاسماعيليين انه مكتوب بالتوراة والذي يتعلق المرتدين به من «ميئود ميئود» ليس هو (محمد) بل إنه (أحمد) هكذا نص قولهم: «وجدوه مكتوب في التوراة والانجيل اسمه أحمد»، وليس عدد «ميئود ميئود» مثل عدد هذا الاسم الذي زعم انه مكتوب في التوراة.

(يوضح موسى بن ميمون أعلاه ان اعتماد المرتدين والمسلمين على وجود اسم محمد في التوراة يحوي مغالطة كون القرآن ينص ان الاسم الموجود في التوراة هو أحمد وليس محمد، وبالتالي فعند جمع قيمة احرف «ميئود ميئود» العبرية فهي لا تساوي مجموع قيمة احرف احمد).

الإدعاء الثاني: «جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَظَهَرَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ» (تث 2:33)

أما البرهان من عبارة «ظهر من جبل فاران» (تث 2:33) فمن السهل دحضه. لأن ظهر بصيغة الماضي. ولو كان الكتاب المقدس استخدم صيغة المستقبل، «سوف يظهر من جبل فاران»، لكان عند الأفاكين أثر ضئيل من حقيقة. لكن استخدام صيغة الماضي «ظهر» يبرهن أن هذه العبارة تصف حدثاً مضى، وهو التجلي على سيناء. فحين كان الإله موشكًا أن يكشف عن ذاته على سيناء، لم ينزل النور السماوي على نحو مفاجئ وكأنه صاعقة، بل هبط بلطف، كاشفاً عن نفسه تدريجياً من قمة أحد الجبال ثم الى الآخر، حتى وصل إلى موضع إقامته في سيناء.

وهذه الفكرة متضمنة في الآية: «أقبل الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وظهر من جبل فاران» (تث 2:33). لاحظوا جيداً، أن تعبير «لهم» يشير إلى إسرائيل. وأنظر ايضًا الى الوصف الدقيق في قوله انه «ظهر» من فاران لأنه الأكثر بعدًا، ولأن سعير أكثر قربًا قال «أشرق»، وسيناء الذي كان الوجهة وبه حل المجد قيل: «وحل مجد الرب على جبل سيناء» (خر 16:24)، «وأقبل الرب من سيناء» (تث 2:23).

وهكذا وصفت دبورة عندما وصفت شرف الملة عند وحي سيناء، ان النور تمشى رويدًا رويدًا من جبل الى جبل، فقالت: «يا رب بخروجك من سعير، بصعودك من حقول آدوم» (قض 4:5).

وعلى ما بينوه الحاخامات طيب الله ذكرهم، ان الله بعث رسول الى الروم قبل موسى ربينو سيد الرسل وعرض عليهم التوراة فلم يقبلوها منه، ثم بعث آخر الى العرب وعرضها عليهم فلم يقبلوها منه، ثم بعث لنا موسى ربينو فقبلنا وقلنا: «كل ما تكلم به الرب نفعله ونسمعه» (خر 7:24). وهذا كله امر جرى قبل تنزيل التوراة، ولهذا جاء بها أفعال ماضية، «جاء، أشرق، ظهر»، وليست هي انذار بما سيكون.

الإدعاء الثالث: «نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي» (تث 15:18)

وأما استدلاله بقوله: «نبيًا من وسطك من إخوتك» (تث 15:18)، وقولك ان بعض القوم البس عليهم ذلك، وبعضهم زالت عنه الشبهة بقوله: «من وسطك»، وأن لولا قوله: «من وسطك من اخوتك» لكان ذلك دليل، وهنا ينبغي لك ان تجعل ذهنك وتفهم ما أقوله.  

وتذكروا أنه لا حق لكم في أخذ مقطع عن سياقه واستلال نتائج منه. عليكم أن تأخذوا بعين الاعتبار العبارات السابقة واللاحقة كي تسبروا غور معنى الكاتب وقصده قبل أن تقوموا بأية استقراءات. ولو كان الأمر على غير هذا النحو، لبدى ممكناً حتماً أن الكتاب المقدس حظر إطاعة أي نبي، وحرم الإيمان بالمعجزات، وذلك عن طريق الاستشهاد بالآية «فلا تسمع كلام هذا النبي» (تث 4:13).

ويمكن التأكيد أيضاً أن هنالك وصية إيجابية تطلب منا أن نعبد الأوثان، وذلك عن طريق الاستشهاد بالآية «وتعبدوا آلهة أخرى» (تث 26:11). ويمكن تقديم أمثلة توضيحية أخرى كثيرة وفق ما تشاؤون. باختصار، من الخطأ تفسير أية آية بعينها بمعزل عن سياقها.

ومن أجل أن نستوعب على نحو مطلق الآية التي هي موضع نقاشنا، أي «يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلي»، من الضروري أن نتحقق من سياقها. فبداية المقطع الذي تأخذ الآية منه، يتضمن تحريماً لأعمال الكهانة، العرافة، التنبؤ، التنجيم، السحر، التعويذ، وما شابه. وبهذه الأساليب يؤمن الأغيار أن بإمكانهم التنبؤ بمسار الأحداث المستقبلية وأخذ التدابير الوقائية الضرورية تحسباً لها.

وحيث ان الرب حذرنا من ان نتعامل بهذه الأساليب، قال لنا ان الأغيار يعتقدون انهم يعرفون ما سيحصل قبل وقوعه بهذه الطرق، أما أنت فليس عليك محاكاتهم ومعرفة المستقبل بهذه الطرق، إنما النبي الذي سأقيمه لكم سينبئكم بما عتيد، وسوف تصيب كل أقواله ولن يخيب أيًا منها، وهكذا ستعرفون المستقبل دون الالتجاء الى أعمال الكهانة، العرافة، التنبؤ، التنجيم، السحر، التعويذ وما شابه.

ثم بين سهولة الأمر وقال ان كل نبي يبعث لكم ليخبركم بما سيكون انما يكون فيما بينكم، حتى لا تلتجأ لتطوف خلفه من بلد الى بلد او تقطع اليه مسافة بعيده، وهذا هو معنى قولة «من وسطك». ثم أخبر بأخبار أخرى وقال ان مع كونه قريب منكم وفيما بينكم يكون منكم ايضًا، يعني من إسرائيل، حتى تكون هذه الفضيلة وهي التقدم بمعرفة ما يكون مختصة بكم. أكثر من ذلك، فكلمات «من وسطك، من اخوتك، مثلي»، تعبر عن فكرة مفادها أنه سيكون واحداً منكم، أي يهودياً.

وقد أضفيت كلمة «مثلي» تحديداً لتعني أن نسل يعقوب هم وحدهم المعنيون بالأمر. أما عبارة «من أخوتك» بحد ذاتها فربما أنه أسيء فهمها إذ اعتبر أنها تشير أيضاً إلى عيسو واسماعيل، حيث نجد أن إسرائيل يخاطب عيسو بالأخ، كما على سبيل المثال، في الآية، «هكذا قال أخوك إسرائيل» (عد 14:20).

من ناحية أخرى، فكلمة «مثلي» لا تتضمن معنى أن النبي بعظمة موسى، لأن هذا التفسير مستبعد عبر العبارة «ولم يقم بعد في إسرائيل نبي كموسى» (تث 10:34). والاتجاه العام للفصل يشير إلى دقة تفسيرنا الذي يؤكده تعاقب الآيات، أي، «لا يكن فيك من يحرق ابنه أو ابنته بالنار، الخ» (تث 10:18)، «لأن تلك الأمم التي أنت طاردها تصغي إلى المنجمين والعرافين.

وأما أنت فلم يجز لك الرب إلهك مثل ذلك» (تث 14:18)، «يقيم لك الرب إلهك نبياً مثلي من وسطك، من بين أخوتك» (الآية 15). يتبين بوضوح أن النبي المشار إليه هنا سوف لن يكون شخصاً يقدم شريعة جديدة، أو يؤسس ديانة جديدة.

وسوف يمكننا فقط من طرد المتنبئين والمنجمين، وسيكون متاحاً لنا أن نشاوره في كل ما يحدث لنا، تماماً مثلما يتشاروا الأغيار مع العرافين والكهان. وهكذا نجد أن شاؤول يشاور صموئيل بشأن الحمير الضائعة، كما نقرأ، «وكان فيما سبق إذا أراد الرجل في إسرائيل أن يذهب ليسأل الله يقول هلم نذهب إلى الرائي» (1صم 9:9).

الرسالة اليمنية – موسى بن ميمون يرد: هل تنبأت التوراة عن نبي المسلمين؟

Exit mobile version