ما مدى أهمية فهم الكتاب المقدس؟ وهل هذا أمر ممكن؟
ما مدى أهمية فهم الكتاب المقدس؟ وهل هذا أمر ممكن؟
ما مدى أهمية فهم الكتاب المقدس؟ وهل هذا أمر ممكن؟
إن تاريخ الكنيسة يوضح أن فهم الكتاب المقدس هو أمر شديد الأهمية، لكنه شديد الصعوبة. فالطاقات الهائلة التي تكرست لتفسير الكتاب المقدس سواء من خلال المنبر، أو في الحجرات الدراسية في المعاهد اللاهوتية، أو من خلال أبحاث وكتابات اللاهوتيين، تظهر الأهمية العظمى لفهم الكتاب المقدس. ومن ناحية أخرى، فإن انقسام الكنيسة إلى العديد من المذاهب والطوائف يشهد لحقيقة أن العلماء ورجال الكنيسة هو أبعد عن أن يتفقوا على ما يعنيه الكتاب المقدس.
فإن كان الكتاب المقدس هو كلمة الله، ويكشف عن مشيئته، فلا يوجد ما هو أعظم أهمية من فهمه. وإن كان الكتاب المقدس قد أعطي لنا لكي يكشف الحق، وليس لكي يخفيه، فلا بد أن الله يقصد أن نفهمه. فإن لم نفهمه، فلا بد أن الخطأ يكمن فينا، وليس فيه. وإن لم نكن نفهم ما يريد أن يوصله لنا، فمن اللازم أن نحدد سبب ذلك.
بعض الناس لا يفهمون الكتاب المقدس لأنهم لا يؤمنون أنه حق وصادق، أو على الأقل، لا يؤمنون أن كل أجزائه صحيحة. بينما آخرون لا يفهمونه لأنهم لا يرغبون في طاعته. كما أن هناك آخرون يسيئون فهمه لأنهم لا يرغبون في الاجتهاد في البحث عن المعنى. بالنسبة لأولئك الناس الذين يضلون في فهمهم للكتاب المقدس، توجد عدة كلمات من الله:
كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح. (2تيموثاوس 3: 16-17).
فكلمة الله يجب أن يوثق بها وأن تطاع. لذلك فالشخص الذي لا يثق فيها، أو لا يكون مستعداً لأن يطيعها. لا يمكن أن يتوقع أن يفهم بالكامل ما يقوله الله.
اجتهد أن تقيم نفسك لله مزكى عاملاً لا خزى مفصلاً كلمة الحق بالاستقامة. (2تيموثاوس 2: 15).
لا يكفي أن نثق ونطيع ببساطة؛ بل يجب على المرء أن يكون مستعداً لأن يعمل باجتهاد لكي يفهم الكتاب المقدس.
ومع ذلك فإن الاتجاه الصحيح في الاقتراب من الكتاب المقدس ليس كل ما هو ضروري لفهم معناه. فهل الاتجاه الصحيح والالتزام بالعمل الجاد يمكن وحده أن يمكن الشخص من تصميم قطعة أثاث جميلة؟ كلا، لأن هناك طريق سليمة وطريقة خاطئة للتصميم. الأكثر من ذلك، رغم استخدام الشخص للوسيلة الصحيحة، يجب عليه تطوير مهارات معينة قبل أن يتمكن من التصميم بطريقة سليمة. هكذا الأمر بالنسبة لفهم الكتاب المقدس. إذ يجب على المرء ليس فقط أن يكون لديه الاتجاه الصحيح؛ بل أن يستخدم أيضاً وسائل جيدة، ويطور بعضاً من المهارات في استخدامها. ويعرض هذه الوسائل وتطوير بعض من المهارات في استخدامها نكون قد توصلنا إلى الهدف الرئيسي من هذه الدراسة.
إن الأساليب التي يختارها الشخص لتفسير الكتاب المقدس تعتمد على افتراضاته بشأن طبيعة هذا الكتاب. لهذا السبب، سنقوم أولاً بدراسة الافتراضات الأساسية الخاصة بالكتاب المقدس، ثم نقوم بتحديد أي منها هو الذي يتفق مع الكتاب المقدس. وعندما نستخدم تلك الافتراضات التي تتفق مع الكتاب المقدس، سنحدد مبادئ التفسير الكتابية التي تتطلبها هذه الافتراضات. وهكذا سيكون ترتيب دراستنا كالآتي:
أولاً، الافتراضات؛ ثم المبادئ التي تبنى على هذه الافتراضات. بعد ذلك، سنتجه إلى الجزء الرئيسي من الدارسة، وهو فحص المهارات العملية اللازمة لتطبيق هذه المبادئ. من خلال هذه الوسيلة الدراسية، يجب أن يتمكن الطالب من الحصول على المعرفة وتطوير المهارات اللازمة لتحديد وتطبيق معاني الكتاب المقدس.