ديدات يتهم المسيح بتحريضه على الانقلاب
ديدات يتهم المسيح بتحريضه على الانقلاب
ديدات يتهم المسيح بتحريضه على الانقلاب
لقد أشفقت كثيراً على ديدات وهو يحاول بأي طريقة أن يجعل من المسيح مقاتلاً ومحارباً يخطط لإنقلاب ضد الإحتلال الروماني والسلطة اليهودية الدينية. وقد ورد خيال ديدات هذا في كتابه ص10، ويؤكد ديدات أن إنقلاب عيسى قد فشل..
وما زاد من إشفاقي على ديدات، زعمه بأن عيسى كان له من السلاح ما يكفي لهذا الإنقلاب. فقد كان معه سيفان وإحدى عشر تلميذاً، وعليهم أن يستخدموا السيفين لإنجاح هذا الإنقلاب العبثي الذي فرضه ديدات وافترضه في كتابه، بالرغم من أن لا وجود له في الإنجيل المقدس لامن قريب ولا من بعيد….
ولكن علينا أن نسأل: كيف اقتنع ديدات بأن سيفين كافيان لهذا الإنقلاب؟
كيف اقتنع أن 11 رجلاً قادرون على إنجاح إنقلاباً ضد أقوى قوة عالمية في ذلك الوقت؟
كيف سنجح الإنقلاب والحاكم الروماني على قيد الحياة؟
ثم لا أدري كيف أقنع ديدات نفسه بأن 11 رجلاً قادرون باستخدام سيفين على تدمير كل كتائب الرومان ووحدات الحرس الخاصة، بالإضافة لحراس الهيكل والسلطة الدينية؟
إنه ديدات حينما يكتب عن المسيح والمسيحي: فلا تنتظر أي أمر منطقي في اختراعاته المذهلة، ومع هذا يعتقد أنه يفهم المسيحة…
فتحت عنوان “تغيير في السياسة” ص12 كتب ديدات عن عيسى (وها هوذا –عيسى- يثير بحذر غير مثير لمخاوفهم –أي التلاميذ- موضوع الدفاع. فيقول لهم: “حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء؟ فقالوا لا. فقال لهم: لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومن ليس فليبيع ثوبه ويشتر سيفاً” (لوقا 22: 35، 36). وهذا استعداداً للجهاد أو الحرب ضد اليهود).
سؤال عاجل: وهل في المسيحية أصلاً جهاد بهذا المعنى؟
ومع أن ديدات يتكلم عن إنقلاب شامل ضد سلطة اليهود الدينية وإحتلال الرومان السياسي، إلى أنه هنا ومع كلام المسيح السابق، لن يستطيع أن يقنع القارئ لما يريد. فاكتفى بهذه العبارة (وهاذ إستعداداً للجهاد أو الحرب المقدسة ضد اليهود) فهل غير ديدات كلامه وإنقلابه الذي في خياله؟ لا، بل هو يعرف متى يضع الكلمة التي يُريد أن يخدع بها القارء، ومتى يسحبها… فهو لا يريد تحت هذا العنوان أن يُدخل الرومان. حتى يقتنع القارئ بأن سيفين ربما يكفيان مع 11 رجلاً لسحق السلطة الدينية اليهويدية، مع أنه يعرف أنها محمية بالقوة الرومانية التي ستحبط أي شغب أو ثورة كما هي العادة… ولهذا حاول ديدات طمس القوة الرومانية تحت هذا العنوان، ومحاولة جعل أن الموضوع فقط يهود ضد بعضهم البعض، أسماهم ديدات في ص13 “حثالة المدينة”. وبالتالي فسيفان كافيان، ورغم سذاجة “سيفي ان يكفيان” فهذه فكرة كافية لطرح كتابه بعيداً: إلا أنني لن أفعل هذا قبل أن أزيد الأمر إيضاحاً وتأكيداً، لنسف ما أقنع ديدات به نفسه….
ففي ص12 تحت عنوان “هيا إلى السلاح إلى السلاح” كتب ديدات عن تلاميذ المسيح: (لم يكونوا قد غادروا الجليل صفر اليدين من السلاح. “فقالوا هنا سيفان. فقال لهم يكفي (لوقا 22: 38) ويكي ينقذ المبشرون صورة يسوع الوديعة المسالمة فإنهم يصرخون بأن السيوف كان سيوفاً روحية! ولو كانت السيوف سيوفاً روحية فإن الملابس أيضاً يجب أن تكون ملابس روحية، ولو كان الحواريون سيبيعون ملابسهم الروحية لكي يشتروا بثمنها سيوفاً روحية، فإنهم في هذا الحالة يكونون غزاة روحيين، وأكثر من هذا فإن الإنسان لا يستطيع أن يقطع آذان الناس الجسمانية بسيوف روحية، فلقد جاء بإنجيل متى ما يلي”وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه” (إنجيل متى 26: 51).
هذا ما كتبه ديدات دون خجل، وأنا أنقله هنا بالحرف من كتابه، فالرجل لا يقدر أن يجتاز صفحة من كتابه دون أن يكذب على القارئ.. لأنه ببساطة لا يوجد ولا مسيحي واحد على الأرض خلال تاريخنا الطويل، كتب أو علَم بأن السيفين الذين كانا مع التلاميذ، كانا سيفين روحيين كما يكذب ديدات علينا وكتب سابقاً “فقالوا – التلاميذ- هنا سيفان. فقال لهم يكفي (لوقا 22: 38) ولكي ينقذ المبشرون صورة يسوع الوديعة المسالمة فإنهم يصرخون بأن السيوف كانت سيوفاً روحية!).
هنا مراوغة كبيرة من ديدات وخبيثة في ذات الوقت، وتحتاج ليقظة لاكتشافها.. فما قصده المسيح في كلامه عن السيف، فنعم يقصد السيف الروحي، وما فهمه التلاميذ في ذلك الوقت، فنعم فهموا السيف المادي وقالوا (هنا سيفان).. فماذا فعل ديدات؟ حاول فاشلاً كعادته أن يجعل كلام المسيح مطابقاً لفهم التلاميذ عن السيوف المادية… فهو طلب منهم تجهيز السيوف، وهم ردوا (هنا سيفان) ورد عيسى فقال لهم (يكفي)… ومع سذاجة فكرة أن سيفين يكفيان، إلا أن ديدات أقنع نفسه بذلك، فألف مواقفاً وأحداثاً لم تحدث مع المسيح وتلاميذه، ووضع كلاماً على ألسنتنا، لا نعرفه ولا نوافق عليه… لوكن هذه طريقة ديدات المكشوفة، وبالتالي كما رأيت عزيزي القارئ: فكل ما أثاره سابقاً في نقطة (السيوف الروحية)، ها هو ننسفه بكلمتين فقط، لا يوجد هذا الفهم لا في الإنجيل ولا في كتابات المسيحين ولا عند المبشرين…
والآن لندرس النص الإنجيلي بأمان، كما هو في الإنجيل المقدس كلمة الرب الحية.. لتكتشف عبثية ديدات في فكرته:
أولاً: طمس ديدات للحقائق التي قبل نص الدراسة:
فالسيد المسيح العالم بكل شيء قبل حدوثه:
- سبق فأكد لتلاميذه أنهم سيتفرقون عنه ساعة القبض عليه، مثل الراعي إذا أصابه أي سوء فالنتيجة هي تفرق الخراف وتشردها. وقد قدم لهم نبوة من العهد القديم مكتوبة عنه في هذا الحدث، فقال المسيح لتلاميذه ليلة القبض عليه “كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة لأنه مكتوب: أني اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية” (متى 26: 13).
لقد تغافل ديدات متعمداً هذه الحقيقة الإنجيلية، فكيف يُسلح عيسى تلاميذه وهو يعلم بهروبهم ساعة القبض عليه؟ بل ويخبرهم بهروبهم؟ والمفترض أنهم الأبطال الصناديد الذين سيدافعون عنه وهو يسلحهم لذلك؟ وهل الإنقلاب أصلاً دفاع أم هجوم؟….
- كما كان يعلم بهروب تلاميذه عنه وقت القبض عليه، كان يعلم أيضاً بخيانة تلميذه يهوذا وكذلك إنكار تلميذه بطرس له، وهذه ضمن الحقائق الكثيرة التي حاول ديدات فاشلاً طمسها، ففي ليلة القبض على المسيح، حينما اعترض بطرس على كلام المسيح قائلاً “وإن شك فيك الجميع فأنا لا اشك أبداً. قال له يسوع الحق أقول لك: إنك في هذه الليلاة قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات. قال له بطرس: ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك. هكذا قال أيضاً جميع التلاميذ” (متى 26: 33-35). لماذ ا تغافل ديدات عن إعلان المسيح لبطرص أمام التلاميذ أنه سينكره، وهذه الحقيقة واردة في (متى 26: 69-75) أي في نفس الاصحاح وأيضاً (مرقس 14: 66-72، لوقا 22: 54-62، وكذلك يوحنا 18: 17-27).
ويبرز لنا ذات السؤالك كيف يُسلح ويُجند عيسى لاميذه وهم بهذه الحالة، فمنهم من سينكر أصلاً معرفته له، ومنهم من سيخونه ويسلمه، إضافة لهروب الكل ساعة القبض عليه؟
- كذلك كيف وقت الحاجة لهؤلاء الأبطا، يطلب المسيح من الذين يقبضون عليه أن يتركوا تلاميذه يمضون في سلام؟ (يوحنا 18:8).
- كما أن هناك حوالي 60 نصاً إنجيلياً، فيها صرح المسيح وأكد حتمية موته على الصليب لفداء الناس. فكيف يؤكد لتلاميذه هذه الحقيقة، ثم يسلحهم للدفاع عنه حينما يأتي الوقت الذي عينه هو لإتمام رسالته على الأرض بصلبه وموته على الصليب؟ غير معقول وغير منطقي…
ولهذا فديدات لم يكلف نفسه ليذكر واحدة من هذه الآيات الكثيرة التي أعلين فيها المسيح حتمية صلبه، فكيف يقدمها ديدات وهو يعرف أنها ستدمر كل خياله؟
ثانياً: دراسة ذات النص الذي حرفه ديدات: فسأكتب هنا مرة أخرى ما كتبه ديدات حتى أنعش ذاكرة القارئ الكريم مع ملاحظة أني سأضع أرقام الآيات لأمر أريد التنبير عليه لاحقاً…
(36) فقال لهم –أي المسيح لتلاميذه- لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك. ومن ليس له فليبيع ثويه ويشتر سيفاً. (38) فقالوا يا رب هوذا هنا سيفان فقال لهم يكفي” (لوقا 22: 36 و 38).
جريمة ديدات الكبيرة واضحة أمامك عزيزي القارئ، فقد أخذ الاية رقم (36) وقفز إلى الآية (38): تاركاً في الوسط الآية رقم (37).. فلا يمكن أن يكون قراً (36و 38) دون أن يعبر على (37)، فلماذا حاول ديدات فاشلاً طمسها؟ إن القارئ له من الفطنة ما يكفي لفهم تدليس ديدات في هذه النقطة …
فقد حذف الآية (37) لأنها تنسف خياله الذي يريد ان يفرضه على الأحداث خاصة أن هذه الآية تنسف الصورة الدموية التي اراد أن يرسمها للمسيح الدموي صاحب الإنقلاب الكبير. إنها صورة وهمية رسمها ديدات: على سطح المياه. أو بجناح طائر في الهواء. أو ببطن حية تزحف على صخر (أمثال 30: 19) فلا اثر لصورته هذه إلا في خياله…
إن الكتاب المقدس يعلمنا عن الله بأنه “يكشف العمائق من الظلام ويخرج ظل الموت إلى النور” (أيور 12: 22) وك1لك “هو يكشف العمائق والأسرار، يعلم ما هو في الظلمة، وعنده يسكن النور” (دانيال 2: 22) وكذلك “ليست خليقة غير ظاهرة بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا” (العبرانيين 4: 13) إن كلمة الب تكشف أي سرقة وأي تزوير، لأن قوتها تعود لصاحبها السيد الرب…
ويجب الآن أن أشرح هذه الآيات واحدة واحدة شرحاً سريعاً، واضعاً الآية (37) في مكانها: لأنها لوحداها كافية لكشف أكاذيب ديدات، فها هي الآيات كملة هنا: (36) فقال لهم –أي المسيح لتلاميذه_ لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك. ومن ليس له فليبيع ثوبه ويشر سيفاً. (37)لأني أقول لكم إنه ينبغي أن يم فيّ أيضاً هذا المكتوب: وأحصي مع أثمة. لأن ما هو من جهتي له انقضاء. (38) فقالوا يارب هو1ا هنا سيفان فقال لهم يكفي” (لوقا 22: 36-38).
هذا هو سياق الكلام كما هو في الإنجيل، يكشف حقيقة الأحداث، وهو ما ضايق ديدات فزوره ليكشف فشله المتكرر…
- الآية رقم (36): “فقال –المسيح- لهم – لتلاميذه- لكن الآن، من ليس له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومن ليس له فليبيع ثوبه ويشتر سيفاً”.
بداية اقول: لو أن المسيح يقصد المعنى الحرفي في كلامه، لكان من المفترض أن يقول “من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر كيساً ومزوداً…”
نعم إنه المنطق السليم، فكيف لا كيس ولا مزود له، وعليه أن يبيع ثوبه، لا ليشري كيساً أو مزوداً بل ليشتري سيفاً!! هل هذا منطق سليم لفهم سياق كلام المسيح؟
فهنا يوجه المسيح أنظار تلاميذه إلى مرحلة ما بعد الصلب والقيامة من الموت وأهمية تركيزهم على سيف الروح الذي هو كلمة الرب، الكلمة التي سيبشرون بها… وقد فهم تلاميذ المسيح بعد القيامة وحلول الروح القدس عليهم حقيقة كلام المسيح عن سيف الروح، فكتبوا في الوحي الإلهي عن سيف الروح. ودرع الإيمان وخوذة الخلاص وترس الإيمان كجنود في معركة روحية، وكتبوا أيضاً: أن حربنا ليس مع دم ولحم. ولذلك فهي لا تحتاج لسلحة جسدية بل روحية. فهي مع أجناد الشر الروحية التابعة لمملكة إبليس: وهذا ما رود بالوحي الإلهي حيث كتب تلاميذ المسيح: “أخيراً يا أخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس. فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم. بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر. مع أجناد الشر الروحية في السماويات. من أجل ذلك: احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير، وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبوا. فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق لابسين درع البر. وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين”. (أفسس 6: 10-18)، هذه هي أسلحة المسيحي الذي ينتمي للمسيح العظيم. فلا انقلاب ولا دم ولا سيوف مادية، كما اراد ديدات تغيير الحقيقة، ولكن أمام صخر الحق الذي في الكتاب المقدس، سينام ديدات في مستنقع الأوهام الخاصة به كالعادة .. (راجع أيضاً 2كورنثوس 10: 4 و 1تسالونيكي 5: 8).
فسيف الروح ما هو إلا كلمة الله التي كانت للتلاميذ بمثابة الوسيلة الجديدة لتوصيل خلاص المسيح للعالم كله…
كما أنهم رأوا في رؤياهم الخاصة بالوحي الإلهي، ففهموا معنى السيف الروحي، حيث ورد في سفر الرؤيا “ومعه –المسيح- في يده اليمنى سبعة كواكب، وسيف ماض ذو حدين يخرج من فمه. ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها” رؤيا1: 16) واضح جادً في سياق الآية أن السيف هو الكلمة (يخرج من فمه)…. وسجلوا أيضاً “فتب وإلا فإني آتيك سريعاً وأحاربهم بسيف فمي” (رؤيا 2: 16) وأيضاً من فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم..” (رؤيا 19: 15)، وأيضاً “الباقون قتلوا بسيف الجالس على الفرس الخارج من فمه..” (رؤيا 19: 21) وفي ذات المفهوم كتب النبي إشعياء بالوحي الإلهي عن المسيح ” بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائيس الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه” (إشعياء 11: 14) وكتب الرسول بولس بالوحي أيضاً “وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه” (2تسالونيكي2: 8).
كلها تعابير عن السيف الروحي الخارج من فم المسيح، أي سيف الروح. فيا ترى ما هو هذا السيف الروحي الذي يمكن أن يخرج من الفم؟ يجيب الكتاب المقدس عن هذا السؤال فيقول “وسيف الروح الذ هو كلمة الله” (أفسس 6:17).
فهل يعرف ديدات هذه الصورة الروحية للسيف الروحي، الذي قصده المسيح في كلامه مع التلاميذ؟ إن كان يعرف، فلماذا اخترع من عنده قصداً لا وجود له في كلام المسيح؟ وإن لم يعرفها، فهذا اعتراف أنه لا يفهم طبيعة الإنجيل المقدس ولا رسالة المسيح، ومن العار أن يكتب شخص في قضية لا يفهمها: وبالأكثر حينما يؤلف فيها…
وقبل أن أنتقل من هذه الجزئية عزيزي القارئ، أود أن أضع أمامك، كلمات كتبها ديدات عن تلاميذ المسيح في هذا الصدد، فلا تستغرب منها…
ففي تناقض صارح أكد ديدات أن تلاميذ المسيح، كثيراً ما لم يفهموا كلامه، فشهد بذلك تحت عنوان “إنصرفوا ساعة الحاجة إليهم” في ص 23 نافياً أيضاً وبعجب صورة المسيح الدموي، فكتب (كان تلاميذه المباشرون لا يفهمونه ولا يفهمون أعماله… كانوا يريدونه أن يستنزل ناراً من السماء … كانوا هم أنفسهم يريدون أن يعملوا كل شيء يتعارض ممع خطته الكبرى.. أساء حواريو المسيح عليه السلام فهمه).
لا تتعجب عزيزي القارئ: إنه ديدات.. يشهد هنا ناسفاً أكاذيب كثيرة حاكها فيما مضى.. فالآن يشهد بان تلاميذ المسيح: كثيراً ما أساءوا فهم كلام المسيح، وبالتالي فهنا يضرب كل ما دلس فيه سابقاً، لمحاولة جعل فهم التلاميذ للسيوف المادية. مطابقاً لطلب المسيح من اقتناء سيف الروح الذي هو كلمة الله، وببساطة يعترف ديدات: أن تلاميذ المسيح كثيراً ما لم يفهموا كلامه جيداً…
كما يعترف فيما كتبه سابقاً: أنهم طلبوا منه ناراً من السماء على أعدائه، وقد رفض المسيح “وانتهرهما وقال: لستما تعلمان من اي روح أنتما، لأن ابن الإنسان –يصف نفسه- لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص” (لوقا 9: 54، 55). إنه المسيح الحب والرحمة، السلام والطمأنينة، وقد كرر المسيح كلامه مرتين وقال “أريد رحمة لا ذبيحة” (متى 9:13، 12: 7). فينسف ديدات كلامه مرة أخرى هنا عن المسيح الدموي الذي في خياله فقط..
- الآية رقم (37): إنها الآية التي أرعبت ديدات فعمل على طمسها، وحتى ترى قوتها عزيزي القارئ فتعذر ديدات، أريد أن أضعها في سياقها، لأنها تاتي مباشرة بعد الأية التي تكلم فيها المسيح عن سيف الروح، إذاً سأضع السياق كاملاً:
(36) فقال لهم – أي المسيح لتلاميذه – لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك. ومن ليس له فليبيع ثوبه ويشتري سيفاً. (37) لأني أقول لكم إنه ينبغي أن يتم فيّ أيضاً هذا المكتوب: وأحصي مع اثمة، لأن ما هو من جهتي له إنقضاء.
(38) فقالوا يا رب هوذا هنا سيفان فقال لهم يكفي” (لوقا 22: 36- 38).
والآن انظر إلى الكلمات التي تحتها خط…. إنها الكلمات التي تحطم حلم ديدات الذي أراد أن يصدره للآخرين، ومع أن الأمر لا يحتاج لتفسير، لكني سأفعل!.
فالمسيح هنا يؤكد حتمية صلبه، وأنه ينبغي أن تتم فيه كل النبوات المكتوبة، ويحدد هنا واحدة من هذه النبوات المهمة المكتوبة عنه “وأحصي مع أثمة” الشيء الذي ينبغي أن يتم في السيد المسيح هو شيء مكتوب. أتعرف معنى كلمة مكتوب؟؟ إنه مكتوب عنه في كتب الأنبياء، ولأن الأنبياء كتبوا ما أملاه عليهم روح الله، فلابد أن ما كتبوه كان صدقاً مطلقاً، إذاً ما هو هذا المكتوب يا سيدي يسوع المسيح؟
فمتى كتبت هذه النبوة؟ وأين وكيف تمت؟
لقد كتبها الوحي المقدس بواسطة إشعاء النبي قبل مجيء المسيح بحوالي 7 قرون حيث قال “لذك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه وأحصى مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين” (إشعياء 53: 12). ليس هناك إنسجام اكثر من ذلك، بين النبوة وبين تأكيد المسيح عليها لتلاميذه، ولهذا حذف ديدات هذه الآية التي تظهر وتكشف سياق كلام المسيح له كل المجد عن حتمية صلبه وموته على الصليب، ولهذا ختم كلامه سابقاً بهذه الحتمية فقال “ما هو من جهتي له إنقضاء” اي لابد أن يتم .. وهكذا كتب الوحي الإلهي في الإنجيل عن المسيح “وصلبوا مع لصين واحداً عن يمينه وآخر عن يساره، فتم الكتاب القائل وأحصي مع أثمة” (مرقس 15: 27، 28).. للمرة الثالثة تذكر هذه النبوة وتحقيقها في الإنجيل… فلا تسأل عزيزي القارئ: لماذا حذف ديدات هذه الآية؟ فكيف يكذب ويدلس إن تركها؟ فسيكتشف القارئ خدعته… فما دام موت المسيح، لابد من حدوثه، يكون من العبث أن يسلح المسيح تلاميذه، ليدافعوا عنه وهو يعلم مسبقاً حتمية صلبه لخلاص كل العالم…
إن الأمور في ذهن ديدات واضحة جيداً، والدليل حذفه الفاشل للآيات التي تضايقه… ليوهم القارئ بالسيف الدموي…
- الآية رقم (38): (36) فقال لهم –أي المسيح لتلاميذه- لكن الآن من له كيس فليأخذه مزود كذلك، ومن ليس له فليبيع ثوبه ويشتري سيفاً. (37) لأني أقول لكم إنه ينبغي أن يتم فيّ أيضاً هذا المكتوب: وأحصي مع أثمة، لأن ما هو من جهتي له إنقضاء. (38) فقالوا يار ب هوذا هنا سيفان فقال لهم يكفي” (لوقا 22: 36-37).
والآن إن كنا قد درسنا أولاً: ما قبل النص وثانياً: النص ذاته، فإن ثالثاً سيكون: ما بعد النص: فقد أخذ ديدات الآية (38)، متغافلاً عمداً عما ورد بعده مباشرة…
مع أن الآيات بجوار بعضها البعض، فلو أنه يبحث بحق، لماذا لم ياخذ في الاعتبار الآيات (39و 40)؟ لأنها ستعطينا صورة واضحة عن طبيعة فكر المسيح…
وقبل أن نرى ما فيهما، أحب أن أذكر بما كتبه ديدات: بأن المسيح قد أخذ تلاميذه إلى البستان لكي يكونوا في وضع أفضل للدفاع عن أنفسهم وهكذا يأخذ 11 رجلاً بسيفين، لإسقاط سلطة اليهود الدينية، والحاميات الرومانية المدججة بالأسلحة.. إنه خيال أطفال ولكن لا بأس، فربما يصلح أيضاً كحلم لبعض الكبار كديدات….
والآن إلى الآيات (39، 40) وسأبداً من “(38) فقالوا يا رب هوذا هنا سيفا، فقال لهم يكفي (39) وخرج ومضى كالعادة إلى جبل الزيتون وتبعه تلاميذه (40) ولما صار إلى المكان – البستان – قال لهم صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة” (لوقا 22: 38-40).
بماذا أوصاهم المسيح هنا؟ بأن يصلوا. وهل هذا هو المتفرض مع جماعة حسب نظرية ديدات: ينبغي عليهم حراسة قائدهم الذي فشل إنقلابه؟ الم يكن حرياً بقائدهم أن ينصحهم باليقظة والانتباه، وإعداد أنفسهم للحرب الضروس الوشيكة أن تبدأ؟ أما أن يقول لهم “صلوا” فهذا ما يضايق ديدات ويكذب قضيته، ولهذا لم يتركه فقط، بل انكره في كتابه ص 14… الظاهر أن جو الصلاة يخنق أحلام ديدات ذات السيوف الدموية والمسيح العنيف… الخ كل تلك الهراءات المخالفة لروح المسيح، والإنجيل والتاريخ، ولكل من يقراً بأمانة وحق.
ثالثاً: تفسير “فقال – المسيح – يكفي: والآن نتساءل: لماذا عندما قال تلاميذ المسيح له: “يارب هوذا هنا سيفان، قال لهم يكفي” (لوقا 22: 38)؟
كيف أقنع ديدات نفسه بكفاية سيفين فقط؟ إنه ديدات… فلوا أن قصد المسيح سيوف مادية، فالشيء الطبيعي والمعقول أن يقول لهم “لا… لا يكفي سيفان، فإن حربنا هي مع رؤساء كهنة اليهود وحرس الهيكل ومع الحاميات الرومانية القوية المدربة المدرعة، ولن نقدر نحن وحدنا الخوض في هذه الحر، يجب عليكم ان تجدوا لنا رجالآ أكثر وسلاحاً أوفر” هذا هو المنطق… إذاً: لماذا نجد هذا الحوار “يارب هوذا هنا سيفان، قال لهم يكفي“؟
السؤال: لماذا لم يكن الحوار كالتالي “يارب هوذا هنا سيفان، قال لهم يكفيان” نعم، فلم يقل لهم المسيح (هذا يكفيان)، أو (يكفي سيفان) بل قال (يكفي) فما يا ترى المقصود بكلمة “يكفي“؟ واذكر هنا يما كتبه ديدات في ص 23 “كان تلاميذه المباشرون لا يفهمونه ولا يفهمون أعماله … أساء حوارو المسيح عليه السلام فهمه). وهذا صحيح فالإنجيل المقدس يؤكد أن التلاميذ كثيراً ما تعثر عليهم فهم المسيح وكلامه…
فمثلاً تكلم المسيح مرة مع التلاميذ عن أمر النجاسة “فقال يسوع: هل أنتم أيضاً حتى الآن غير فاهمين. ألا تفهمون” (متى 15: 16و 17) وعن تعليم الفريسيين قال لهم “أحتى الآن لا يفهمون … كيف لا تفهمون… حينئذ فهموا” (متى 16: 9- 12) وعندما تكلم المسيح معهم عن قيامته من الآموات قبل الصلب. فكانوا “يتساءلون ما هو القيام من الأموات” (مرقس 9:9- 10) والفهم الخاطئ تكرر أيضاً في (مرقس 9: 32، لوقا 9: 45، يوحنا 13:28، مرقس 4: 34، 6: 52، 8: 17- 21، لوقا 18: 34، يوحنا 6: 60و 61، 11: 11-14، 13: 7و 12، 16: 18و 19) أرجو مراجعة هذه الشواهد كلها.
ها قد سقت حوالي 15 نصاً إنجيلياً، يشهد عن المرات الكثيرة التي لم يفهم فيها التلاميذ كلام الرب يسوع المسيح جيداً أو فهمهم له بطريقة خاطئةن وقد ظلت هذه الأمور مبهمة بعض الشيء عليهم، حتى قيامة المسيح من الموت وحلول الروح القدس عليهم.
إذاً نتفق على الفهم الخاطء في بعض الأوقات، من قبل التلاميذ لمعلمهم الرب يسوع، ولذها عندما تكلم هو عن “سيف الروح” وردّوا عليه قائلين “يارب هوذا سيفان” رد المسيح على الفهم الخاطئ بأن قال لهم “يكفي” أي يكفي الحديث في هذا الأمر، وكفاكم عدم فهم للأمور، ولذلك لم يقل المسيح(هذان يكفيان، أو يكفي سيفان) لأن الحقيقة لا يكفي سيفان، فكل عاقل يقول إنه لا يكفي لهذه الثورة اقل من 5000 رجل مدرب على استخدام السلاح و5000 سيف لكي تنجح هذه الثورة القائمة ضد اليهود وحرس المعبد وحاميات الرومان المدججة بأسلحة متنوعة من مجانق وتروس ورماح وسويف وغيرها من مجانق وتروس ورماح وسيوف وغيرها من تلك الأسلحة المستخدمة في ذلك العصر.
ولذلك عندما يقول التلاميذ للمسيحة هنا سيفان وهم 12 رجلاً ويقول لهم السيد المسيح “يكفي” فمن الواضح أنه يقول لهم عن كفاية الكلام في هذا الأمر غير المفهوم لديهم، والدليل على ذلك أنه بمجرد أن استخدم بطرس احد السيفين اثناء القبض على المسيح، فقطع أذن عبد رئيس الكهنة بالسيف، وقد اعترف ديدات بذلك في ص 19و 20، فما كان من السيد المسيح إلا أن أوقفه عن هذا السلوك المشين والغريب عليه وقال قولته المشهورة لتلميذه بطرس “رد سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون، أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة، فكيف تكمل الكتب أنه هكذا ينبغي أن يكون” (متى 26: 52- 54).
وليثبت قدرته على كل شيء فقد أعاد المسيح الأذن المقطوعة إلى وضعها الطبيعي كما كانت، ورجعت وكأن شيئاً لم يحدث (لوقا 22: 51) فالذي أعاد الأذن إلى وضعها بعد قطعها، قادر أن يستخدم الملائكة كجيش يحارب به، ولكن كيف تكمل الكتب التي أوحي بها الله للأنبياء قديماً عن صلب المسيح وموته لخلاص كل العالم، وهذه هي رسالته الأساسية.
إذاً رداً على عبثية ديدات حيث كتب في ص 13 (وأكثر من هذا فإن الإنسان لا يستطيع أن يقطع آذان الناس بسيوف روحية).
عجبي!! ومن قال إن السيفين روحيان غير ديدات؟ لا أحد فهو يؤلف ويضع الكلام على ألسنتنا… فالسيف الذي استخدمه بطرس كان سيفاً مادياً بينما ما طلبه المسيح كان سيفاً روحياً؟
فقد كتب في ص 13 (لو كان الحواريون سيبيعون ملابسهم الروحية لكي يشتروا بثمنها سيوفاً روحية فإنهم في هذه الحالة يكونون غزاة روحيين) يا للعار، وممن قال إن تلاميذ السيد المسيح كانوا غزاة حربيين غير ديدات؟
نعم إنهم غزاة روحيونن لأنهم يتبعون سيدهم المسيح الذي قال للحاكم الروماني بيلاطس البنطي “مملكتي ليست من هذا العالم” (يوحنا 18: 36). إنه المسيح الذي إذ “انهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجهلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده” (يوحنا 6: 15).
فلماذا الانقلاب والسيوف وها هم يريدون أن يملكوه عليهم دون عناء ودون إراقة دما؟ فلماذا ترك المكان وذهب؟
هذا يكشف لك عزيزي القارئ من هو ديدات وكيف يكتب؟