Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

استجابة الله للمعاناة – للفيلسوف بيتر كريفت – ترجمة ماجد عماد ديمتري

استجابة الله للمعاناة – للفيلسوف بيتر كريفت – ترجمة ماجد عماد ديمتري

استجابة الله للمعاناة – للفيلسوف بيتر كريفت – ترجمة ماجد عماد ديمتري

استجابة الله للمعاناة – للفيلسوف بيتر كريفت – ترجمة ماجد عماد ديمتري

الاستجابة للمعاناة يجب أن تكون من خلال إنسان “ليس مجرد شيء”. لأن مشكلة المعاناة هي مشكلة إنسان ما يقول “لماذا يفعل الله هذا؟ أو لماذا لم يفعل الله هذا؟” فهي ليست مجرد شيء.

فاختبار صلاح الله ليس مجرد تجربة تختص بالفكر. ولكنه يشوبه التمرد أو الدموع. فالطفل الصغير الذي يأتي بدموعه التي تملئ عينيه – ناظرًا إلى أبيه باكيًّا – يسأله “لماذا؟” وهذه الكلمة “لماذا” ليست هي التي يستعملها الفلاسفة. ليس فقط لأن “لماذا؟” التي يسألها الطفل نابعة من عاطفة مصاحبة للدموع، ولكن سؤال هذا الطفل يطرح في إطار علاقة الابن بأبوه. فهو سؤال مطروح على الأب وليس سؤال مطروح في الفراغ.

فالطفل الذي تأذى لا يحتاج كثيرًا من التفسيرات أكثر من التطمينات. وهذا ما حصلنا عليه من خلال إعادة تطمين الآب لنا من خلال الإنسان يسوع الذي قال ” اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ ” (يو9:14).

فالاستجابة للمعاناه ليست فقط مجرد كلمة (word) بل هو من خلال الكلمة (اللوغوس). وهذه الاستجابة ليست فكرة بل هي شخص. فالأدلة تصبح مجردة لكن الاستجابة من خلال أشخاص هي أكثر واقعية. فالأدلة تحتوي على اشارات، بمعنى أنها قد تحمل ورائها معاني، أو شيء حقيقي. ولكن الحل بالنسبة لنا لا يمكن أن يكون مجرد فكرة. لكن الحل هو حقيقة، وهذه الحقيقة عميقة أو مفيدة، لأن الحل إذا لم يكن كذلك، سيصبح وقتها مجرد إشارة أو دليل. سيشبه الحل وقتها كونك مؤمنًا لمجرد الإيمان، أو لديك أمل لمجرد الأمل، أو كونك تحب لمجرد الحب. عندئذ ستصبح وكأنك في قاعة مليئة بالمرايا.

بجانب أن المسيح معنا، فهو أيضًا حاضرنا. فبالنسبة إلى كون المسيح موجود في عالمنا كحقيقة واقعية، فهو موجود أيضًا في قصتنا وتاريخنا. فقصة حياتنا هي أيضًا قصته لأن هذه الاستجابة هي حدث هام جدًا، واقعي تمامًا كالأخبار التي نقرأها في الصحف يوميًّا.

بالطبع هذه هي أكثر قصة معروفة، تروى في العالم. ولكنها أيضًا هي أكثر قصة غريبة، لم تفقد غرابتها أبدًا أو مهابتها هنا، أو حتى في السماء حيث الملائكة ترتعد لتنظر لأشياء نستخف بها نحن!

وبالرغم من غرابة تلك القصة، لكنها الحل الوحيد للغز احتياجاتنا وحياتنا المتعبة. لقد كنا في حاجة إلى جرَّاح، وهو قد أتى بالفعل ووصل إلى جروحنا بيديه الداميتين. لم يعطنا هذا الطبيب دواء أو مهدئ أو نصيحة جيدة – بل قد أعطانا (نفسه).

لقد أتى “المسيح” بالفعل. فهو قد خضع تحت الزمان والمكان والمعاناة. لقد أتى “المسيح” كمحب. وحبه يسمو فوق كل مشاعر ووجود لأي إنسان معنا.

فليست “السعادة” هى كما يقول الحبيب لحبيبته: “أفضل أن أكون غير سعيد معك، من أن أكون سعيد بدونك”. فالمسيح قد جاء بالفعل، وهذه هي الحقيقة الفريدة الواضحة التي تحفظ عقلنا من أي شيء يمكن أن يشوبه.

لقد أتي السيد المسيح وقد أكمل مهمته تمامًا، بالرغم أنه لم يعطِ إجابات لآلاف أسئلة العذاب… لكنه فعل أكثر شيء هام وأعطانا أهم هبة: “نفسه” إنها هدية المحب. لقد جاء السيد المسيح بنفسه من أجا دموعنا، انتظارنا، من أجل ظلامنا ووحدتنا المعذبة، جاء من أجل بكائنا وتساؤلاتنا، جاء من أجل صراخنا: “إِلَهِي إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟”

الاستجابة ليست كلمة (word) ولكنها الكلمة (اللوغوس). ليست فكرة ولكنها إنسان

فبما أن “يسوع المسيح” جاء لعالمنا، فإذًا هو قد أتى أيضًا لمعاناتنا. فحياتنا تشبه السيارة التي تعطلت في كومة ثلج، ولكن “يسوع” يجلس بجانبنا في هذه السيارة، ويقوم أحيانًا بإعادة تشغيل تلك السيارة لأجلنا، ولكنه حتى عندما لا يقوم بذلك، فهو ما يزال بجانبنا. وهذا هو الشيء الوحيد الذي يهمنا. فمن منا يهتم بالسيارات، أو بالنجاح، أو بالمعجزات، أو بالحياة كلها، عندما يجد الله بذاته يجلس بجانبه؟! فالله معنا في أصعب أوقات حياتنا.

هل نحن منكسرون؟ هو منكسر معنا أيضًا. هل نحن مرفوضون؟ هل تنبذنا الناس ليس من أجل شرنا ولكن من أجل الخير الذي نفعله أو نحاول فعله؟ هو أيضًا “مُحْتَقَرٌ وَمَرذُولٌ مِنَ النَّاسِ”. هل نحن نبكي؟ هل الحزن ملازم لنا كظلنا؟ هل قلنا من قبل “لا، لا، ليس ثانيةً. لا أستطيع تحمل المزيد؟”. هو “يسوع” كان “رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ”. هل الناس تسيء فهمنا وتبعد عنا؟ لقد أشاحوا وجوههم بعيدًا عنه من قبل، وكأنه شخص منبوذ أو مجذوم. هل حبنا تم خيانته؟

هل علاقتنا الرقيقة تم كسرها، هو “يسوع” أيضًا أحب وتم خيانته من أحبائه: “إلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ”. هل بدت الحياة أحيانًا وكأنها مرت بجانبنا أو أهملتنا، وكأننا طرحنا في بحر النسيان؟ هو “يسوع” أيضًا تم تجاهله من قبل العالم. طريقته في الحب المتألم منبوذة، وخاصته الذين يتبعونه – غالبًا – هم أكثرهم ذنبًا. لأنهم جعلوا اسمه عارًا وخاصةً في وسط أناسه المختارين، وحتى اليهود لم يجدوا الطريق إليه خاليًّا من أسلحة الاضطهاد الدموي. لقد جعلنا هذا الطريق إليه خاليًّا من دخان المعركة والمحرقة (الهولوكوست Holocaust).

كيف ينظر “المسيح” إلينا الآن؟ ينظر بأسف مستمر، ولكن ليس بسخرية أبدًا. ونحن على الجانب الآخر – نضيف إلى جراحاته. ندق كل يوم مسمارًا في صليبه. نحن – أحباؤه – والذين يشتاق إليهم، ويتوق إليهم بشدة، دائمًا ما نكون قساة القلوب وبعيدين عنه. ولكن “المسيح” ما زال يحتضن العالم مثل الدجاجة فوق فراخها، مثل الأم التي أبغضها كل أولادها الذين تحبهم ” َهلْ تَنْسَى الأم رَضِيعَهَا ؟ أَنَا لاَ أَنْسَاكِم.”

الله معنا – ليس فقط في معاناتنا – ولكن حتى ونحن خطاة أيضًا. لا يحول الله وجهه عنا أبدًا، بينما نحن كثيرًا ما نحول وجوهنا عنه فالله يتحمل الأثر والندب الذي يتركه جرحنا الروحي، يتحمل سخريتنا وصراخنا، كراهيتنا وعجرفتنا، فقط ليكون معنا. فهي كلمة المحب “عمانوئيل – الله معنا”.

هل نزل الله إلى جحيمنا؟ نعم. يقول (كوري تين بووم Corrie Ten Boom) من (أهوال معسكرات الموت النازي): “بغض النظر عن مدى عمق ظلامنا، إلا أنه ما زال موجود بصورة أعمق”. هل نزل الله إلى العنف؟ نعم، بمعاناته له وتركه لنا الحل. الذي هو إلى يومنا هذا – تجرؤ نفوس قليلة على تجربته…

هل نزل الله إلى الجنون (الحماقة)؟ نعم. فقد نزل إلى ظلام جنون الانتحار. فهل يمكن أن يكون الله هناك أيضًا؟ نعم هو يستطيع. لأن “الظلام ليس ظلامًا بالنسبة له” لأنه هو الذي يوجد النور – حتى في ظلام العقل.

لقد قام “يسوع” بفتح باب الظلام، وانبثق النور من ورائه – إلى عالمنا ليضيء طريقنا، وبذلك فقد غير “يسوع” مفهوم الموت. لم يقم “المسيح” من الموت فقط، بل قد تغير معنى الموت لكل معاناه تترقب إدراك الموت لها.

ولكن الموت مثل السرطان ينتشر خلال حياتنا. فنفقد أجزاء من حياتنا يوميًّا – صحتنا، قوتنا، شبابنا، آمالنا، أحلامنا، أصدقائنا، أطفالنا، حياتنا – كل هذا يتسرب مثل الماء من بين أصابعنا المهتزة اليائسة. لا يمكن أن نقوم -بأقصى امكانياتنا- أن نحتفظ بحياتنا كما هيَ. (فالقلوب الوحيدة التي لم تنكسر هي القلوب المشغولة ببناء جحيم صغير، لتسيطر على حياة خالية من الحب، أو شرنقة من الأمان، أو أنانية متعجرفة، لكي يعزلوا أنفسهم بعيدًا عن موجة الدموع التي ستأتي لاحقًا أم آجلاً.)

ولكن “المسيح” أتى إلى الحياة والموت، ومازال موجودًا هنا معنا “بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي قد فَعَلْتُمْ.” (مت40:25). المسيح موجود معنا. هو فينا ونحن فيه، نحن جسده، لقد أحرق بالغاز في أفران (الأوشفيتز Auschwitz)[1]، ولقد تم تسخيره في (السويتو Soweto)[2]، لقد قطع من أطرافه في آلاف معسكرات الموت من أجل هؤلاء الذين لم يكونوا قد وُلدوا بعد في عالمنا، كل هذا حدث، بينما نحن لا نراه يعتني بنا.

“فيسوع” هو النفس التي كثيرًا ما ننساها في العالم، هو الإنسان الذي يطيب لنا أن نكرهه. “فيسوع” يمارس ما يعظ به: فهو يحول خده الآخر لصفعاتنا. هذا هو مفهوم الحب، وهذا هو ما يفعله المحب، وذلك ما يلقاه في المقابل!

الحب هو سبب مجيء يسوع. هذا هو الحب الكامل. الحشرات الطائرة فوق صليبه، دق المطرقة الرومانية على المسامير التي تمزق جسده الرقيق الصارخ، ولكن الضربة الأصعب التي بلا حدود هي كراهية الناس له، إنها الضربة التي تدق في قلبه – صارخة “لماذا؟”: من أجل “الحب”. الله محبة كالشمس التي تلتهب وتنير. فكما أن الشمس لا تستطيع أن تتوقف عن الشروق، فكذلك هو لا يستطيع أن يتوقف عن الحب.

من الآن فصاعدًا، عندما نشعر بمطارق الحياة تدق فوق رؤوسنا أو على قلوبنا، نستطيع أن نعرف – ويجب أن نعرف إنه موجود هنا معنا، يتلقى ضرباتنا. كل دمعة نذرفها تصبح دمعته. ويجوز أن “يسوع” لم يمحو دموعنا بعد، ولكنه يجعلها دموعه هو.

هل نفضل نحن أعيننا أن تكون جافة أم عينيه الممتلئتين بالدموع. لقد أتى يسوع، وهو موجود معنا الآن – وهذه هي الحقيقة الواضحة. إذ لم يشفي “المسيح” حياتنا ومشاعرنا وعظامنا المنكسره الآن، يأتي بنفسه إليهم وهو مكسورًا كالخبز، لكي ما نقتات نحن به. وكذلك يظهر لنا “المسيح” أننا نستطيع معه – من الآن فصاعدًا– أن نستخدم كل انكساراتنا وأزدهارنا لأجل هؤلاء الذين نحبهم. فلأننا نحن جسده، فنحن أيضًا نكون كالخبز المكسور من أجل الآخرين.

فشلنا الشديد يساعد في شفاء حياة الآخرين، دموعنا المنهمرة تساعد في مسح الدموع، كوننا مكروهين يساعد أيضًا هؤلاء الذين نحبهم. حينئذٍ يضعون رجاؤهم من خلالنا. محبة “المسيح” معنا تمكننا من وجودنا مع هؤلاء الذين يرفضوننا.

ربما “المسيح” أيضًا موجود – حتى – في معاناة الحيوانات؟ فكما يقول الكتاب المقدس، إننا مسئولون عنهم بطريقة ما، وهي تعاني معنا أيضًا. فالله لا يتطلع من السماء فقط، ولكنه يتألم لسقوط كل عصفور. كل معاناتنا تتحول إلى عمله، وآلامنا تتحول إلى فعله. ولهذا السبب يصلي (باسكال Pascal) قائلاً: “لكي يمنح مخلوقاته كرامة علة وجودهم”.

نحن – حقًا – جسده، كما أن الكنيسة هي جسد المسيح. لهذا يقول بولس الرسول: “وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي لأَجْلِ جَسَدِهِ: اَّلذِي هُوَالْكَنِيسَةُ ” (كو24:1).

ولذلك فلم تحدث استجابة الله لمشكلة المعاناة منذ 2000 سنة مضت، ولكنها مازالت تحدث في حياة كل فرد فينا. فالحل لمعاناتنا يكمن في معاناتنا! لأن كل ألم سيصبح جزء من عمله، أعظم عمل قد تم فعله – عمل الخلاص – ليساعد كل من يحب الحياة الأبدية، أن ينالها.

كيف يتم هذا؟ يتحقق هذا تحت شرط وحيد هو: أن نؤمن. لأن الإيمان ليس فقط اختبار عقلي داخلنا، لكنه علاقة مع “يسوع” شخصيًّا. “هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.” (رؤ20:3). وطبقًا لإنجيل يوحنا فالإيمان هو أن نقبله (يو12:1) أن نقبل ما قد فعله الله لأجلنا فعلاً. لقد أتم عمله فقد قال على الصليب ” قَدْ أُكْمِلَ “. وبالتالي دورنا نحن أن نقبل هذا العمل، وندعه (يسوع) يعمل في حياتنا بنفسه – متضمنًا دموعه الخاصة التي تمثل معاناتنا، فنقدم له كل معاناتنا، وهو يستخدمها بقوة عظيمة تجعلنا نندهش بتعجب إذ رأيناها الآن.

وهكذا فالمسيحي ينظر للمعاناة -كما ينظر لأي شيء- بطريقة مختلفة تمامًا، وفي سياق مختلف تمامًا عن غير المؤمنين. فالمسيحي ينظر للألم من خلال الله. فيرى الألم كدعوه من الله نفسه. فإذًا لا يكون الألم شيء منفصل عن الله، ولكنه مرتبط بالعلاقة مع الله. فتتغير نظرتنا للخليقة كلها. فيصبح انطباعي الشخصي عن ذاتي هو أنني على صورته ومثاله.

فما إذًا هي المعاناة بالنسبة للمسيحي؟ هي دعوة المسيح لنا لكي نتبعه. فيمشي المسيح الطريق إلى صليبه، ونحن مدعوون لنتبعه إلى نفس الصليب. ليس لكونه مجرد “صليب” ولكن لأنه صليب “المسيح”. فالمعاناة تكون مباركة، ليس لكونها “معاناة” ولكن لأنها معاناة “المسيح”. ليست المعاناة هي السياق الذي يشرح الصليب، ولكن الصليب هو السياق الذي يشرح المعاناة، فيعطي الصليب هذا المعنى الجديد للمعاناة.

معاناتنا الآن تصبح عمل الحب

فتلك المعاناة لا توجد فقط في علاقتي بالله، ولكنها أيضًا في علاقة “الآب” و”الابن” فنكون شركاء الطبيعة الإلهية حيث يسمح لنا المسيح أن نشترك في صليبه، لكي ما نتمجد أيضًا معه.

يقول (فرويد Frued) أن الاحتياجان الأساسيان لنا هما: الحب والعمل. وكلاهما الآن قد كمل من خلال أكثر شيء نخافه وهو المعاناة. أولاً العمل: لأن المعاناة تصبح عمل الله كبناء في ملكوته. وثانيًّا الحب: لأن المعاناة الآن تصبح عمل الحب، عمل الخلاص، الذي ينقذ هؤلاء الذين نحبهم.

فيصبح الحب الحقيقي – على عكس البدائل الحسية الشائعة – رغبة في المعاناة. فلم يعد الحب هو مجرد كلمة “أحبك” التي يقولها الحبيب لمحبوبته. فالحب هو الصليب.

مشكلتنا الكبرى في المعاناة هي الصليب بدون المسيح. وكذلك يجب علينا ألا نسقط في فخ شبيه بذلك وهو “المسيح” بدون “الصليب”.

يقول القديس (برنارد Bernard) من (كليرفو Clairvaux) أنه عندما ينظر إلى الصليب يرى أن خمس جراحات المسيح تبدو له مثل الشفاه قائلةً: “أحبك”.

التلخيص:

إن يسوع قد فعل ثلاثة أشياء ليحل مشكلة المعاناة. أولاً: هو قد أتى وقد عانى معنا –هو بكى -“بَكَى يَسُوعُ”(يو 35:11). ثانيًّا: في تجسده، قد غيّر معنى المعاناه. الآن أصبحت المعاناة جزء من عمله الخلاصي. فآلام الموت أصبحت آلام ولادة للسماء، ليست فقط بالنسبة لنا ولكن لهؤلاء الذين نحبهم أيضًا.

ثالثًا: فالمسيح مات وقام. كونه قد مات، فبذلك دفع ثمن الخطية وفتح السماء لنا، فقد حول الموت من “هوة” إلى “باب” – من “نهاية” إلى “بداية”.

هذا الشيء الثالث، الآن، الذي هو القيامة، قد صنعت فرقًا كبيرًا في العالم. لقد صنعت تعزيات عظيمة أكثر من تلك التي تُقال للشخص الحزين: “أنا لا أعرف شيئًا يمكن أن يعيد لك الشخص العزيز لديك مرة أخرى ولكن…” فالكلمات التي تتبع تلك العبارة لم تعد مهمة، كتلك الكلمات التي يتوق لسماعها الشخص الحزين وهي “إن الله يستطيع وسوف يحضر لك حبيبك مرة أخرى للحياة” فهناك قيامة. ما الفرق التي تصنعه تلك الكلمات؟ إنها ببساطة كالفرق بين الفرح الأبدي الغير محدود وبين الحزن الأبدي الغير محدود.

القيامة كانت هامة جدًا لتلاميذ المسيح لدرجة أنه عندما وعظ بولس الرسول بأقوال عظيمة في أثينا، ظن سكانها أنه يتكلم عن إلهين جديدين هما المسيح والقيامة (أناسطاسيس) (أع17).

وكذلك فقد قال بولس الرسول: “وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ… إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ.” (1كو14:15، 19).

فتمسح القيامة دموعنا، عندئذٍ سنصبح بلا شك قادرين أن ننظر مرة أخرى لمعاناتنا ونضحك! ليس في سخرية ولكن في سعادة، حتى أننا نفعل حتى القليل من هذا الآن.

فعندما يزول قلقًا شديدًا وتحل مشكلة صعبة، أو يتم شفاء مرض خطير، أو يزول ألم شديد، يبدو كل شيء مختلفًا عن ماضيه ويصبح مجرد خبرة مرينا بها.

فلنتذكر المقولة المأثورة (للقديسة تريزا St. Theresa): “إننا عندما نكون في السماء، ستبدة الحياة الأرضية البائسة مثل ليلة مظلمة في فندق غير ملائم”.

يمكن أن تجد من الصعوبة تصديق ذلك، ولكنه حقيقي تمامًا. حتى أن الملحد (إيفان كاراموزف Ivan Karamozov) فهم هذا الأمل. فهو يقول: “إنني أؤمن مثل طفل أن الألم سيُشفى وسيُعوَض عنه، وأن السخافة المذلة للتناقضات الإنسانية سوف تزول مثل سراب يُرثَى له، كبدعة صغيرة للعقل البشري الواهن، لأن في الأبدية سيملأ السلام القلوب وتعم السكينة عليها لتعوض كل جرائم البشرية عن كل الدماء التي سُفكت، وعندئذٍ سوف لا نستطيع أن نتسامح فقط ولكن سنفهم كل ما حدث.

لكن لماذا ظل (ايفان Ivan) إذًا ملحدًا؟ لأنه – على الرغم من أنه يؤمن – إلا أنه لا يقبل. هو ليس شكاكًا، ولكنه متمردًا. (ايفان Ivan) غاضب من الله لأنه ليس عطوفًا. وهذا أعمق سبب لعدم الإيمان: ليس الفكر ولكن الإرادة. هذه القصة التي أعيد روايتها في هذا المقال هي أقدم وأكثر قصة معروفة. لأنها قصة الحب الرئيسية، هي القصة التي دائمًا ما نحب أن نرويها.

يقول (تولكين Tolkien): “إنه لا توجد قصة أخرى أصدق منها” ويعيد (كيركيجارد Kierkegard) رواية تلك القصة بصورة جميلة وعميقة في الفصل الثاني من كتاب Philosophical Fragments حيث قصة الملك الذي أحب وتودد إلى الفتاة القروية. إنها القصة التي تُحكى برمزية فى أعظم قصائد الحب – نشيد الأنشاد – الكتاب المفضل للذاهدين.

حقًا، كيف لهذه الفكرة المجنونة والرغبة الغريبة يمكن لها أن تدخل عقل وقلب الإنسان؟ كيف لمخلوق بدون جهاز هضمي يرغب في الطعام؟ كيف لمخلوق بدون رجولة أن يرغب في فتاة؟ كيف لمخلوق بدون عقل أن يرغب في المعرفة؟ كيف لمخلوق بدون قدرة إلهية أن يرغب في الله؟!

دعنا نعود قليلاً، فقد بدأنا بلغز ليس فقط هو المعاناة، ولكنه المعاناة في عالم – من المفترض – أنه مخلوق من إله مُحب ولكن كيف لنا أن ننظر إلى الله بأنه بعيدًا عن معاناتنا؟

فاستجابة الله لنا هي من خلال “يسوع” فيسوع ليس إلهًا بعيدًا عن المعاناة ولكنه “تحت الآلام”. ولهذا السبب فعقيدة ألوهية المسيح هي حتمية.

فإذًا لم يوجد إله على الصليب، ووجد فقط إنسان صالح، فإذن الله لم يتحمل المعاناة على الصليب معنا.

فإذا كان الله تحت نير آلام المعاناة معنا، كيف له أن يجلس في عرشه في السماء ويتجاهل دموعنا؟

فالشر هو السبب البديهي لعدم الإيمان بالله. ولكن الله بنفسه قد استجاب ردًا على هذا الاعتراض -ليس من خلال كلمات- ولكن من خلال أفعال، ومن خلال دموع.

يسوع هو دموع الله.

From: Making Sense out of Suffering

[1] معسكر نازي أثناء الحرب العالمية الثانية.

[2] منطقة في جنوب افريقيا اُستعمل سكانها كعبيد لخدمة المستعمرين الأوروبيين في مناجم التعدين.

انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان

مختصر تاريخ ظهور النور المقدس

عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الأول – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث

الثالوث المسيحي – لماذا لا يفهمه المسلمون؟ فيديو والرد عليه – أحمد سبيع

المذيع المسلم محمود داود يعترف: المسيح مات وقام من الأموات

استجابة الله للمعاناة – للفيلسوف بيتر كريفت – ترجمة ماجد عماد ديمتري

Exit mobile version