يسوع الناصري وشهادة التاريخ والآثار عنه – يسوع التاريخي – ريمون منير
يسوع الناصري وشهادة التاريخ والآثار عنه – يسوع التاريخي – ريمون منير
يسوع الناصري وشهادة التاريخ والآثار عنه – يسوع التاريخي – ريمون منير
كثيراً ما نسمع عن نظريات وفرضيات هدفها إنكار وجود شخصيات مشهورة أذكر من بينهم ” يسوع، الإسكندر الأكبر، بوذا، سقراط.. الخ “.
والإدعاء أن لا وجود لهؤلاء، وأنهم من خيال أتباعهم، بعد أن نسجوا من حولهم قصص مختلقة، ونسبوا على لسانهم أقوال، و ربطوا حياتهم بأحداث كثيرة.
لكن هذا الادعاء ” في اعتقادي ” لا يستطيع أن يصمد كثيرا أمام حقيقة وجود يسوع الناصري الذي يخبرنا عنه كتاب العهد الجديد ( المكتظ بالأسفار ) وشارك في كتابته العديد من الناس الذين عاصروه و رأوه وكانوا شهودا على حقيقة وجوده في ذلك الزمان !
فالقول بلا تاريخية يسوع، أطروحة لا يمكن الدفاع عنها بأي شكل من الأشكال، بسبب الكم الهائل من الاكتشافات الأثرية في الناصرة والجليل، والمصادر والشهادات والوثائق ” الغير مسيحية القديمة من الأربعة قرون الأولى التي سجلت وأشارت جميعها إلى يسوع المصلوب الذي يعبده المسيحيون، ونشأ في الناصرة، وعاش حياة مسالمة، وكان ثائراً على الفكر اليهودي في مجتمعه الذي كان يعاني من الجمود.. ومؤسس فلسفة جديد سميت بالمسيحية ” نسبة إلى لقبه المسيح “
ويخطئ من يظن أن العهد الجديد _ ومن بينه الأربعة أناجيل _ هو المصدر الوحيد لحياة ” الرجل الحكيم ( أي يسوع ) الذي كان صانعاً لأعمال عظيمة ومُعلماً لأناس قبلوا الحق بفرحاً وجذب إليه كثيرين من اليهود وكثيرين من الأمم أيضًا مثل ما سجله لنا عنه ” فلافيوس يوسيفوس ” وهو يهودي من عائلة كهنوتية ” من أقارب حنان وقيافا ” ولد سنة 37 م ومات عام 100 م، وذكر عنه أيضا أن: بيلاطس البنطي بعدما سمع أن قادة اليهود قد اتهموه حكم عليه بالموت صلبا ” أما الذين أحبوه قبلا ” فلم يتخلوا عن حبهم له، وإلى هذا اليوم لم تندثر قبيلة المسيحيين التي سميت على اسمه.
المرجع: (تراث اليهود 18 : 3 0 3 ص 63 ـ 64)
كان من المفترض أن ينتقد كل المعطيات عن يسوع إذا كانت خرافية أسطورية، لكن على النقيض من ذلك تماما، نجده يحدثنا بيقين عن شخص تاريخي، رأوه الناس، و تتلمذوا على يده، ولم يتخلوا عنه !
ودعونا نتساءل: هل اتباع يسوع بالغباء الذي يجعلهم يقومون بالتضحية بحياتهم من أجل تخليد شخصية أسطورية من تأليفهم ؟ هل بولس الرسول بالسذاجة التي تجعله يتنازل عن مكانته الرفيعة في مجتمعه اليهودي كرجل فريسي، ويجول العالم كله مبشراً بشخص لا وجود له على أرض الواقع، ويرفع من شأن شخص غيره بدلا من أن يرفع من شأنه هو ؟
ونجد محاكمات اتباع يسوع بسبب عبادتهم له واضحة في كتابات بليني الصغير، الذي عاش في الفترة من ( 61 م. إلى 113 م. ) وكان بليني معاصرا ” تاسيتوس المؤرخ العظيم
كان أيضا” عضوا” في السنت أو البرلمان الروماني وواحد من أشهر المحامين في روما، ووالياً ” بيثينية ( آسيا الصغرى، في الشمال الغربي من تركيا الحالية ) وقبل سنة 111 م _ وصلت وشايات إلى الإمبراطور ترايانوس تقدح المسيحيين وتصفهم بالمجرمين الخطيرين. فكتب تقريراً إلى الإمبراطور ترايانوس سنة 111 وهي رسالته رقم 96. وكشف التقرير أنه لم يكتشف أي إجرام عند المسيحيين، بل مدح سلوكياتهم و تعهدهم بقسم _ بعدم القتل والزنا والسرقة.. الخ ولكن الأمر الغريب هو أنهم ” في أيام محددة يجتمعون قبل سطوع الشمس، وينشدون مشيدين بالمسيح كإله ” ويقول أيضاً: لذلك فإني لا أعرف ما جرائمهم وما هو أساس المعاقبة أو إلى أي مدى يكون التحقيق معهم، هل يعاقب المسيحيين لكونهم فقط مسيحيين حتى ولو لم يرتكبوا أي جرم أو أثم}
إقرأ أيضًا: قيامة المسيح بين الخرافة والمنطق والتاريخ – ريمون منير
وحينما يذكر تاسيتوس ( الذي لقب بمؤرخ روما العظيم نظراً لمصداقيته ودقته في سرد الأحداث) عن يسوع المصلوب في كتاباته ومجلداته، فهذا شأن آخر في حد ذاته كفيل بأن يقلب الطاولة على من يدعون ” ويدعمون ” فرضية أسطورية شخص يسوع.
( ولد تاسيتوس عام 56 ميلادية ) النص الكامل لتاسيتوس: ولكي يتخلص نيرون من التهمة (حرق روما) ألصق هذه الجريمة بطبقة مكروهة باسم المسيحيين ونكل بهم أشد التنكيل فالمسيح الذي اشتق المسيحيون من اسمهم، وكان قد حُكم عليه بالموت EXECUTED في عهد طيباريوس على يد أحد ولاتنا المدعو بيلاطس البنطي.
المرجع: كتابه ” كتاب التاريخ ” (الفصل 44 : 15)
ولا يختلف الأمر كثيرا عند لوسيان السميساطي، الذي عاش في الفترة من بين 115 _ 200 م تحدث عن المسيح الحكيم المصلوب.
ـ كان أحد مؤرخي اليونان البارزين في مطلع القرن الثاني الميلادي
ـ اشتهر لوقيان بأنه كان كاتب ساخر ومن أتباع المذهب الأبيقوري
ـ يوجد أكثر من 80 عمل يحمل اسم لوقيان.
يقول: {أن المسيحيين ما زالوا إلى هذا اليوم يعبدون رجلا” وهو شخصية متميزة، استن لهم شرائعهم الجديدة وصلب من أجلهم ومنذ اللحظة التي اهتدوا فيها إلي المسيحية وأنكروا آلهة اليونان وعبدوا الحكيم المصلوب، استقر في عرفهم أنهم إخوة }
المصدر: كتابه بعنوان: ” موت بيرجرنيوس “
في حديثه عن المسيحيين يذكر لوسيان الحقائق التالية :
1. يذكر لوسيان اسم المسيح، لكنه قال عنه ذلك الرجل THE MAN
2. قال أن المسيحيين قدموا له العبادة على انه الله
3. ذكر أنه استن لهم شرائعهم الجديدة، وفي الفكر الروماني سن الشرائع يتم من خلال القائد، وكان يقول أن هذا الرجل الذي يعبده المسيحيون هو قائدهم وملكهم.
4. ما يؤكد لوسيان أن هذا الرجل الذي يعبده المسيحيون {قد صُلب من أجلهم}
ولا يقتصر الأمر على الشهادات التي قدمها مؤرخين غير مسيحيين من ثقافات ومعتقدات وتوجهات مختلفة فقط، بل حتى الوثائق اليهودية ” الرسمية ” مثل التلمود اليهودي، وهي مجموعة من الشرائع جمعت من بداية القرن الأول الميلادي حتى القرن الثاني ” وهي تعني ( التعليم ) يذكر التلمود اسم يسوع ويشير إليه بنصوص واضحة.
جاء في التلمود المطبوع في أمستردام عام 1640 في فصل السنهدريم: ((إن يسوع نودي أمامه مدة أربعين يوماً أنه سيقتل لأنه ساحر وقصد أن يخدع إسرائيل ويضله. وبما أنه لم يتقدم أحد للدفاع عنه، صلب المسيح مساء عيد الفصح.
تعليق: ولا أتعجب من اتهام اليهود له بأنه استخدم السحر، فشهادة الخصوم دائما تكون بالعكس، وسمو ونقاء شخصية المسيح تمنعه من استخدام مثل هذه المخادعات.
ولا أدري إذا كان يصدقني القارئ أنني تعمدت الاختصار والاكتفاء بهذه الشهادات ” التي من جانبي أرى أنها كفيلة بإثبات وجود يسوع التاريخي “.
ولا أخفي عليكم أن قائمة المؤرخين ” الغير مسيحيين ” من القرون الأربعة الأولى، الذين ذكروا وتكلموا عن يسوع تطول، إلي الحد الذي يجعلنا نحتاج لتأليف مجلداً لنجمع ما قيل عنه.
لأن المسيح كشخصية محورية ” بتعاليمه وفلسفته وحياته وصلبه “، كان حديث القادة الرومان، والمؤرخين، وعامة البسطاء من اليهود والأمم !
ناهيكم عن البرهان الداخلي للعهد الجديد، وشهادة التلاميذ والرسل.. و شهادة آباء الكنيسة الأولين، والتي جميعها تتحدث عن السيد المسيح وحقيقة وجوده، وهي كتابات بالآلاف المؤلفة !
وعن الاكتشافات الأثرية التي تثبت وجوده فحدث ولا حرج، السيد المسيح قد قال في الأطفال الهاتفين بحياته: ” لو سكت هؤلاء لصرخت الحجارة ” وفعلا الحجارة تصرخ معلنة وجود يسوع بأجلي البراهين:
1- في 21 ديسمبر كانون الأول سنة 2009 اكُتشفت قطع من فخار تشهد أن بلدة الناصرة كانت موجودة في القرن الميلادي الأول _ لا أنها من تأليف المسيحيين واختراعهم منذ القرن الثالث أو الرابع.
2- الحفريات الكثيرة في كفر ناحوم وحولها كشفت عن ” بيت بطرس ” الذي كان ليسوع منزلاً. يمكن التأكد من هذه الاكتشافات في كتب ” الدليل السياحي ” الأثري أي الأركيولوجي التاريخي لفلسطين.
3- سنة 1961م اكُتشفت صخرة منحوت عليها ” بنطيوس بيلاطس والي اليهودية “
4- المعبد الوثني الذي بناه هادريانوس فوق قبر السيد المسيح علي جبل الجلجثة هو الإشارة إلى مكان دفن يسوع.
5- الحرش الذي بناه هادريانوس الإمبراطور في القرن الثاني الميلادي فوق مغارة المهد على شرف أدونيس هو كان الإشارة للقديسة هيلانة للتعرف على مكان ميلاد يسوع.
6- اكتشف العلماء الفرنسيون في إيطاليا عام 1280 بمدينة نابولي صورة الحكم بصلب السيد المسيح، مدوَّن فيها الأسباب التي أدَّت إلى هذا الحكم وأسماء الشهود الذين حضروا المحاكمة، وهي رسالة مرفوعة من بيلاطس البنطي إلى طيباريوس قيصر يحكي له فيها عن صلب السيد المسيح وملابسات الحادث. وقد حُفظت هذه الرسالة في الفاتيكان، وكانت معروفة عند القدماء، وأشار إليها الفيلسوف يوستينوس عام 139م والعلامة ترتليان عام 199م.
7- إكليل الشوك الخاص بيسوع المسيح أثناء صلبه وهو أكثر الآثار اكتمالاً، ومحفوظ بكاتدرائية نوتردام دى بارى .
وأقتبس هنا من كلام الأب بيتر مدروس: عجيب غريب كيف يقدر أناس من القرن الميلادي الأول، أن يكتبوا بدقة وموضوعية عن الإطار التاريخي والجغرافي ويصدقون في كل التفاصيل، ثم كيف لا يقدرون أن ينقلوا بأمانة أحداثاً هامة تخص شخصية لا مصلحة لهم دنيوية في اتباعها، ولا في نشر رسالتها الصعبة عقائديا والصعبة أخلاقيا من ضرورة محبة الأعداء وشريعة الزوجة الواحدة ونبذ العنف والانتقام ؟ كيف يصدقون في شأن هيرودس وبيلاطس و قيافا وحنان ويوحنا المعمدان وغيرهم، ويكذبون في شأن يسوع ؟ ولأي هدف ولأية منفعة ؟
وبعد هذا كله دعونا نتفق بأنه لا يوجد يهودي أو أممي واحد من القرن الأول قد أنكر وجود يسوع على الإطلاق، والأدلة التي تثبت وجوده هي وفيرة جدا.
وأخيرا أختم قولي: تذكر عزيزي القارئ أنه كما يقول الكتاب المقدس: أن الله لن يترك نفسه بلا شاهد !
مصادر ومراجع أخرى:
1- كتاب: حقيقة المسيح ومصداقية الإنجيل / الأب د. بيتر مدروس والأستاذة ميرفت عطية.
2- كتاب: يسوع المسيح اعظم من نجار / جوش ماكدويل.
3- كتاب: شفرة دافنشي / القمص تادرس يعقوب ملطي.
4- كتاب: حياة المسيح فى التاريخ وكشوف العصر الحديث / عباس محمود العقاد.
5- موقع: فريق اللاهوت الدفاعي.
6- موقع الباحث: الدكتور غالي
7- مناظرة الأخ رشيد بعنوان: ” هل صلب المسيح أم شبه لهم ؟ “