علم الأبائيات باترولوجي – الفصل الأول: الصيغ الليتورجية والتشريعات القانونية الأولى – كواستن
علم الأبائيات باترولوجي – الفصل الأول: الصيغ الليتورجية والتشريعات القانونية الأولى – كواستن
قانون إيمان الرسل
إن “قانون إيمان الرسل” (Symblum Apostolicum)، هو عبارة عن موجز مختصر للعقائد المسيحية الرئيسية، لذلك يمكن أن يُطلق عليه الخلاصة الوافية للتعاليم اللاهوتية في الكنيسة. ولكن الشكل الذي هو عليه الآن. المكون من اثني عشر بنداً، لم يظهر قبل القرون السادس الميلادي، ومنذ ذلك الوقت فصاعداً، استخدم في بلاد الغال، واسبانيا، وايرلندا، وألمانيا في مناهج تعليم الموعوظين.
وبالرغم من ذلك، فإن التسمية “قانون إيمان الرسل” تعود إلى ما قبل القرن السادس الميلادي، فقد كتب روفينوس في نهاية القرن الرابع تفسيراً بعنوان حول قانون إيمان الرسل”، يشرح فيه أصل هذا القانون.
وبحسب روفينوس، كان هناك تقليد يذكر أن الرسل بعد ما حل عليهم الروح القدس، وقبل أن يخرجوا للكرازة في مختلف الأمم والبلاد، اتفقوا على صيغة مختصرة للعقيدة المسيحية كأسـاس لتعاليمهم وكقاعـدة إيمان للمؤمنين (ML 21: 337)، ويبدو أن أمبروسيوس يشارك روفينيوس في رأيه، حيث يشير عن عمد في كتابه “شرح مثال الإيمان” (Explanatoin of the Symbol)، إلى الإثني عشر بنداً باعتبارها تمثل الإثني عشر رسولاً.
أما في القرن السادس الميلادي، فنقرأ لأول مرة التأكيد الجازم على أن كل رسول وضع بنداً من بنود قانون إيمان الرسل الاثني عشر، وذلك في عظة منسوبة إلى أوغسطينوس تعود لهذا القرن، وهي تشرح أصل القانون في الكلمات التالية: “قال بطرس: أنا أؤمن بالله الآب ضابط الكل، خالق السماوات والأرض…. وقال أندراوس: وأؤمن بيسوع المسيح، ابنه الوحيد، ربنا…” (ML, 39: 2189-2190) وهكذا ساهم كل رسول في وضع أحد البنود الاثني عشر.
وقد ظل هذا الشرح لقانون إيمان الرسل، والذي ظهر في القرن السادس الميلادي، هو الشرح السائد طوال القرون الوسطى. ولهذا كانت مفاجأة كبرى عندما أعلن ماركوس إفجينيكوس (Marcus Eugenicus)، رئيس أساقفة أفسس اليوناني، في مجمع فيريرا (Ferrara) 1438م، أن الكنائس الشرقية لا تعرف شيئاً لا عن قانون الإيمان المستخدم في الكنائس الغربية، ولا عن نسبته للرسل. وبعد بضعة سنين، أنكر عالم الإنسانيات الإيطالي “لورينزو فالا” (Lorenzo Valla) بشكل قاطع نسبة هذا القانون للرسل.
وقد أثبتت الأبحاث الحديثة حول هذا الموضوع، بشكل كاف، أن المحتوى الجوهري لقانون إيمان الرسل يعود إلى العصر الرسولي؛ ولكن صورته التي هو عليها الآن قد تطورت تدريجياً.
هذا ويرتبط بشدة التاريخ الطويل لقانون إيمان الرسل بالتطور المتطرد لليتورجية المعمودية وإعداد الموعوظين لنوالها، فلم يؤثر شيء آخر، في وضع “قانون الإيمان” هذا، أكثر مما أثرت الحاجة لصيغة اعتراف إيمانية يعلن بها المرشحون لنوال المعمودية إيمانهم، فمنذ عصر الرسل وإلى الآن، كانت الممارسة المسيحية تتطلب أن يعترف الموعوظ بوضوح بإيمانه بالعقائد الأساسية بخصوص يسوع المسيح، لذا كان على المرشحين للمعمودية أن يحفظوا كلمات معدة مسبقاً عن ظهر قلب، وأن يرددوها بوضوح أمام الشعب.
ومن هذه العادة ظهر طقس “التسليم” (Traditio) و”تلاوة قانون الإيمان من الذاكرة” (redditio symboli). وقد كان اعتراف الإيمان جزءً لا يتجزأ من الليتورجية، وعندما ندرك هذه الحقيقة إدراكاً كاملاً، عندئذ يمكننا أن نستوعب مدى أصالتها.
تكشف دراسة التاريخ المبكر لقانون الإيمان عن صيغتين محددتين له: الصيغة الخريستولوجية، والصيغة الثالوثية:
أولاً: الصيغة الخريستولوجية (The Christological Formula)
إن أبسط أشكال قانون الإيمان مسجل في سفر أعمال الرسل (أعمال 8: 37)، فقد عمد فيلبس الخصي الحبشي بعد أن اعترف الأخير بإيمانه هكذا: “أنا أؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله”. هذه العبارة تثبت لنا أن نقطة البداية في قانون الإيمان هي الاعتراف الإيماني بأن يسوع المسيح هو ابن الله. ولم تكن هناك حاجة لأن يطلب المزيد من المرشحين للمعمودية، فقد كان الاعتراف بأن يسوع هو المسيا كافياً، خاصة بالنسبة للمتحولين من اليهودية.
وبمرور الوقت، أضيف ألقاب أخرى لهذه الصيغة، فبعد ذلك بفترة وجيزة أضيف لقب “المخلص” إلى الصيغة، وظهر الشعار “إخثيس” (##)، وهو قانون الإيمان المتداول في العالم اليوناني، لأن كلمة (##) تعني سمكة – تحتوي على الأحرف الأولى من الكلمات اليونانية الخمس: (###) “يسوع المسيح ابن الله المخلص” ويشهد ترتليانوس، وكذلك نقوش” أبيركيوس” (Abercius)، عن انتشار هذه الصيغة (كقانون إيمان) في النصف الثاني من القرن الثاني، غير أنه قبل ذلك بكثير…
كانت توجد في الكتابات المسيحية المبكرة ما يعبر عن الإيمان بالمسيح بصورة رسمية أكثر وبنظرة أوسع، فبالفعل كان الرسول بولس في رسالته إلى أهل رومية (1: 3، 4) يصيغ “إنجيل الله” باعتباره رسالة “ابنه الذي صار من نسل داود من جهة الجسد. وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات يسوع المسيح ربنا”. هناك أيضاً صيغ مشابهة في كورنثوس الأولى (15: 3) وبطرس الأولى (3: 18-22).
وربما كانت هذه الصيغ تستخدم ليتورجياً، هذا الاستنتاج يفرض نفسه خاصة إذا كنا نتكلم عن مُلخص العمل الخلاصي الذي يذكره القديس بولس في فيلبي (2: 5-11) وفي حوالي 100م، أعلن أغناطيوس الأنطاكي (في الرسالة إلى تراليا: 9)..
إيمانه بيسوع المسيح بكلمات تذكرنا بالبند الثاني من قانون إيمان الرسل، فقال: “يسوع المسيح، الذي من نسل داود، ابن مريم، الذي ولد بالحقيقة، أكل وشرب، وتألم بالحقيقة على عهد بيلاطس البنطي، وصلب حقاً ومات، ونظرته الكائنات السماوية والأرضية وما تحت الأرض، والذي أقيم حقاً من الأموات؛ إذ أقامه أبوه، وهكذا سيقيمنا أيضاً في المسيح يسوع طالما نؤمن به، وبدونه ليست لنا حياة حقيقية”.
ثانياً: الصيغة الثالوثية (The Trinitarian Formula)
إلى جانب الصيغة الخرستولوجية، وجدت أيضاً منذ عصر الرسل صيغة ثالوثية للاعتراف بالإيمان خاصة بطقس المعمودية، تلك التي صارت الصيغة السائدة، فوصية الرب بتعميد كل الأمم “باسم الآب والابن والروح القدس” هي التي أوحت بقاعدة الإيمان هذه.
وقد ذكر يوستينوس الشهيد (Apol 1: 61)، حوالي سنة 150م، أن المتقدمين لنوال المعمودية كانوا “يتقبلون غسل الماء باسم الله الآب ورب الكون، ومخلصنا يسوع المسيح، والروح القدس” علاوة على ذلك، كان العمل المعروف باسم “رسالة الرسل” (Epistola Apostolorum)، والذي كتب في نفس الوقت تقريباً، وقد وسع بالفعل من اعتراف الإيمان هذا من ثلاثة بنود إلى خمسة.
فقانون الإيمان. المذكور في هذه الرسالة – يحتوي ليس فقط على الإيمان “بالآب، ضابط العالم كله، وبيسوع المسيح مخلصنا؛ وبالروح القدس المعزي؛ ولكنه يضيف أيضاً “وبالكنيسة المقدسة، وبمغفرة الخطايا”.
ثالثاً: الصيغة المركبة (The Combination Formula)
في حين وسعت “رسالة الرسل” الصيغة الثالوثية بإضافة عنصرين جديدين إليها، إلا أنه قد بقي هناك أسلوب آخر للنمو، وهو بإعطاء تفاصيل أكثر عن كل بند من بنود قانون الإيمان. وتتمثل هذه الطريقة في نمط يمكن لنا أن نسميه الصيغة المركبة، تلك التي تجمع بين الصيغتين الخريستولوجية والثالوثية.
وكان إدخال الاعتراف المسياني الذي كان في الأصل مستقلاً (والذي لا يزال محتفظاً بوجوده المستقل في مدخل الليتورجية الإفخارستية) وقد أخل بتناسق الصيغة الثالوثية البسيطة، وقد نتج عن هذا ثماني أو تسع عبارات بها قاعدة إيمان خريستولوجية موسعة، مثل تلك الصيغة التي كانت سارية في روما سنة 200م، فقد احتوى طقس المعمودية لكنيسة روما الذي يصفه هيبوليتس في التقليد الرسولي على قانون الإيمان التالي:
“أؤمن بالله الآب ضابط الكل، وبيسوع المسيح، ابن الله، الذي ولد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وصلب على عهد بيلاطس البنطي، مات ودفن، وقام من الأموات في اليوم الثالث، وصعد إلى السماء، وجلس عن يمين الآب، وسيأتي ليدين الأحياء والأموات، وبالروح القدس، وبالكنيسة المقدسة، وبقيامة الجسد”. وكان ترتليانوس في نهاية القرن الثاني على علم بقانون الإيمان الروماني هذا، وهناك أسباب كثيرة لنعتقد أن هذا القانون كان قد تمت صياغته قبل أن نسمع عنه لأول مرة بفترة طويلة.
هذا ولقد أثبت البحث العميق والواسع النطاق أنه ينبغي اعتبار هذه الصيغة الرومانية لقانون الإيمان بمثابة الأم لكل قوانين الإيمان الغربية بل وأيضاً “قانون إيمان الرسل” خاصتنا. هذا وقد انتقل (قانون الإيمان الروماني) خلال القرن الثالث من كنيسة إلى أخرى حتى ساد عالمياً، ولكننا لا نستطيع أن نثبت – كما حاول (Kattenbush) أن يفعل – أنه كان النموذج الأصلي لصيغ قوانين الإيمان في الشرق، فيبدو على أغلب الظن أن صيغ قوانين الإيمان الشرقية وقانون الإيمان الروماني كانا فرعين مستقلين من أصل مشترك له جذوره في الشرق.
غير أنه يمكننا أن نرى تطوراً في الشرق يشبه ذاك الذي تتبعناه في الغرب، فقد أضيفت إلى الاعتراف الثالوثي البسيط تصريحات خريستولوجية[1]، لكن في حين تم التركيز على الميلاد من العذراء مريم في الغرب، أدخل الشرق عبارات جديدة بخصوص ميلاد المسيح الأزلي قبل خلق العالم، وقد سميت هذه الإضافات بـ: “المادة المضادة للهرطقة”..
ولكننا لا نستطيع أن نكون متأكدين من أن هذه الإضافات كانت لمقاومة أي هرطقة إلا في حالات قليلة فردية، فمعظمها قد تمت إضافته بسبب ظهور حاجة في الكنيسة لشرح العقائد الأساسية في المسيحية أكثر وأكثر في قانون الإيمان بصورة مختصرة بهدف تعليم الموعوظين.
ومثلما تطور طقس المعمودية من طقس بسيط إلى احتفال مهيب، هكذا تطور قانون الإيمان الخاص بالمعمودية من اعتراف ثالوثي بسيط إلى ملخص لكل عقائد المسيحية. ومثلما كانت هناك ليتورجيات مختلفة للمعمودية، هكذا أيضاً وجدت عدة قوانين إيمان.
أما أشهر قوانين الإيمان في الشرق فهو القانون الأورشليمي المسجل في مقالات كيرلس الأورشليمي لطالبي العماد، والقانون القيصري الذي دونه لنا يوسابيوس المؤرخ. ولا يزال الدارسون مختلفين حول ما إذا كان قانون الإيمان النيقي هو صيغة معدلة من النموذج القيصري أم من النموذج الأورشليمي.ِ
من الواضح إذن أن نص قانون إيمان الرسل الحالي لم يظهر قبل القرن السادس، حيث كان قد ظهر أولاً في قيصرية آرل (Arles). كما أن قانون الإيمان الروماني الذي يعود إلى القرن الخامس الميلادي يختلف هو الآخر عن قانوننا؛ إذ تنقصه العبارات التالية: “خالق السماء والأرض – ولِد – تألم ومات ونزل إلى الجحيم – الجامعة – شركة القديسين – الحياة الأبدية.
وعلى كل الأحوال فإن العناصر العقائدية المحتواة في قانون إيمان الرسل كانت جميعها قد ظهرت نحو نهاية القرن الأول الميلادي في صيغ الإيمان المتعددة والمختلفة المسجلة في الكتابات المسيحية المبكرة.
الـديـداخـي
يُذكر الديداخي، في فهرس المخطوطة التي وجدت فيها، تحت اسم مختصر هو: “تعليم الإثني عشر رسولاً” (##)، ولكن عنوانها الكامل هو: “تعليم الرب للأمم بواسطة الإثني عشر رسولاً” يبدو أن هذا العنوان الأخير هو العنوان الذي كان معروفاً به في الأصل.
ولا يكشف الكاتب عن اسمه، إلا أنه سيكون من التسرع أن نفترض، مثلما فعل (Duchesne)، أن العنوان يشير إلى أصل رسولي لهذه الوثيقة، فالنص لا يدل على ذلك بأي شكل من الأشكال، فمن الواضح أن نية الكاتب كانت هي أن يعطي مختصراً لتعاليم المسيح كما علمها الرسل للأمم، وهذا ما قد يفسر العنوان.
ويعتبر الديداخي أهم وثيقة من العصر بعد الرسولي وهو أقدم مصدر قانوني كنسي نملكه هذا ولم يكن الديداخي معروفاً حتى عام 1883م، حينما نشره مطران نيكوميديا اليوناني فيلوثيئوس برينيوس (Philotheos Bryennios) من المخطوطة اليونانية رقم (1057) المملوكة لبطريركية أورشليم. ومنذ ذلك الحين، أغنى الديداخي معرفتنا عن بداية الكنيسة وعمقها بطريقة مدهشة. وقد جنى الدارسون، الذين طالما انجذبوا لمحتواه، الكثير من الإلهام والاستنارة من هذا الكتاب صغير الحجم.
وقد يتوقع المرء – بالاحتكام إلى العنوان فقط – أن الديداخي يُبرز عظات المسيح الكرازية، ولكننا نجده مهتماً بالأكثر أن يقدم خلاصة وافية للوصايا الأخلاقية، وإرشادات تنظيم الجماعات، والقوانين المتعلقة بالوظائف الليتورجية؛ فنحن نملك هنا ملخصاً لتوجيهات من شأنها أن تمنحنا صورة واضحة للحياة المسيحية في القرن الثاني. وفي الحقيقة نقول إنه لدينا هنا أقدم ترتيب كنسي، فهو النموذج الأولي ذو المكانة لكل مجموعات الدساتير والقوانين الرسولية اللاحقة، تلك التي بها بدأت القوانين الكنسية في الشرق والغرب.
المحتـويـات
- ينقسم نص الديداخي إلى ستة عشر فصلاً نستطيع أن نميز فيها قسمين كبيرين: القسم الأول (الفصول 1-10)، ويحتوي إرشادات ليتورجية، والقسم الثاني (الفصول 11-15)، ويتضمن قوانين تنظيمية. أما الفصل الأخير عن مجيء الرب الثاني (Parausia)، والواجبات المسيحية المترتبة على ذلك فهو بمثابة الخاتمة.
- يحتوي الجزء الأول من القسم الليتورجي (الفصول 1-6) على توجيهات لتعليم الموعوظين، وطريقة عرض هذه التوجيهات هي أكثر ما يثير الاهتمام، فقد قدمت القواعد الأخلاقية فيه في صورة طريقتين: طريق الخير وطريق الشر، وهكذا يبدأ النص قائلاً: “هناك طريقان، أحدهما للحياة والآخر للموت، وهناك فارق كبير بينهما. والآن طريق الحياة هو هذا: أولاً: أحب الله الذي خلقك، ثانياً: أحب قريبك كنفسك، لا تفعل بآخر ما لا تحب لنفسك” (فصل 1: 1-2).
أما طريق الموت فموصوف في الفصل الخامس كما يلي: “ولكن هذا هو طريق الموت قبل كل شيء، إنه شرير وملعون بالكامل ومليء بكل أنواع القتل، والزنى، والشهوات، والعهر، والسرقة، وعبادة الأوثان، والسحر، والشعوذة، والخطف، وشهادة الزور، والنفاق، والرياء، والمجد الباطل، والخبث، والفظاظة، والطمع، والكلام الباطل، والغيرة، والطيش، والعجرفة، والادعاء الكاذب، وعدم مخافة الله”.
وتحمل هذه الطريقة المزدوجة، والتي تعتبر هنا وسيلة رئيسية لتعليم الموعوظين، طابعاً يونانياً عقيقاً، فقد كانت هذه الطريقة تستخدم في المجامع الهلينية لتعليم الدخلاء. - أما بالنسبة لدارس التاريخ الليتورجي، فإن الفصول (7-10) هي الأهم. وقد وردت إجراءات منح المعمودية أولاً هكذا: “المعمودية كالتالي: بعدما تشرحون كل هذه النقاط أولاً، عمدوا باسم الآب والابن والروح القدس في ماء جارٍ، وإن لم يكن هناك ماء جاءٍ فعمدوا بماء آخر، وإن لم يمكنكم أن تعمدوا بماء بارد فعمدوا بماء ساخن، وإن لم يكن لديكم كلاهما، فاسكبوا ماء على الرأس ثلاث مرات باسم الآب والابن والروح القدس[2]”. (فصل 7: 1-3).
وبحسب النص، فإن المعمودية بالتغطيس في ماء جارٍ، أي في الأنهار والينابيع، كانت هي الطريقة المعتادة في ممارسة هذا السر، اما المعمودية بالسكب فقد أجيزت في حالات الضرورة، وهذا هو المصدر الوحيد من القرنين الأول والثاني بخصوص المعمودية بالسكب.
وفوق ذلك، يتضمن الديداخي تعليماً صريحاً عن ضرورة الصوم، فقد كان يجب على كل من المتقدم للمعمودية والمعمد أن يصوما قبل إتمام السر (فصل 7: 4). كذلك، حدد يوما الأربعاء والجمعة بأنهما يوما صوم ثابتان، وهي عادة موجعة ضد الممارسات اليهودية، حيث كانت الأخيرة تتضمن حفظ يومي الإثنين والخميس كيومي صوم تقليديين[3] (فصل 8: 1).
- الصلاة والليتورجيا: كان ترديد الصلاة الربانية ثلاث مرات في اليوم أمراً واجباً على كل مؤمن. كما أن للفصلين التاسع والعاشر أهمية خاصة في تاريخ الليتورجية، فهما يحتويان على أقدم صلاة إفخارستية مسجلة وهي كالآتي: “فيما يختص بالإفخارستيا، اشكروا هكذا: أولاً: بخصوص الكأس: “نشكرك يا أبانا، لأجل كرمة عبدك داود المقدسة، التي عرفتنا إياها بواسطة خادمك يسوع. لك المجد إلى الأبد.
كما كان هذا الخبز المكسور منثوراً فوق التلال ثم جُمع فصار واحداً، هكذا فلتجتمع كنيستك من أقصاء الأرض إلى ملكوتك، لأن لك المجد والقدرة بيسوع المسيح إلى الأبد”. لا يأكل ولا يشرب أحد من إفخارستيتكم غير المعتمدين باسم الرب، لأن الرب قد قال بخصوص هذا: “لا تعطوا القدس للكلاب”. (فصل 9).
والحقيقة إن الرأي الذي قُدم أكثر من مرة والقائل بأن ما لدينا هنا ليست صلاة مخصصة للإفخارستيا بل مجرد صلاة مائدة، هو رأي لا سند له، فمناقشة موضوع الإفخارستيا هنا مرتبط بشكل وثيق بالمعمودية، وكلاهما مرتبطان ببعضهما البعض في إيمان الكاتب كما هو واضح، بل الأكثر من ذلك هو أن غير المعمدين ممنوعون صراحة من الاشتراك في (مائدة) الإفخارستيا.
ثم يورد الفصل العاشر صلاة تُقال بعد التناول: “بعد أن تمتلئوا من الطعام، اشكروا هكذا: “نشكرك أيها الآب القدوس من أجل اسمك القدوس الذي أسكنته في قلوبنا، ومن أجل المعرفة والإيمان والخلود الذي أعلنتهم لنا بواسطة يسوع خادمك. لك المجد إلى الأبد. أنت أيها السيد القدير خلقت كل الأشياء لأجل اسمك، ومنحت الناس طعاماً وشراباً ليتمتعوا بهما، لكي يشكروك؛ أما نحن فمنحتنا طعاماً وشراباً روحيين وحياة أبدية بواسطة خادمك (يسوع). نشكرك قبل كل شيء لأنك قدير، لك المجد إلى الأبد.” (10: 1-4).
وتسمى الإفخارستيا هنا. بكل صراحة – طعاماً وشراباً روحياً (##) ثم يضيف الكاتب: “كل من كان طاهراً فليتقدم، ومن ليس كذلك فليتب” (10: 6).
لا تشير التوجيهات الكثيرة فقط، ولكن أيضاً السياق بشكل خاص، إلى أن المقصود من هذا التوجيهات هو تنظيم التناول لأول مرة للمعمدين الجدد في عشية عيد القيامة، أما الإفخارستيا المعتادة كل يوم أحد فقد وُصفت في الفصل الرابع عشر: “في يوم الرب، اجتمعوا معاً لكسر الخبز والشكر، ولكن اعترفوا أولاً بخطاياكم لكي تكون ذبيحتكم طاهرة، لا يجتمع معكم كل من له منازعة مع أخيه حتى يتصالحا لئلا تتنجس ذبيحتكم، لأن الرب قال: “في كل مكان وزمان قربوا لي ذبيحة طاهرة؛ لأني ملك عظيم، يقول الرب، واسمي مرهوب بين الأمم”.
والإشارة الواضحة هنا إلى الإفخارستيا بكونها ذبيحة (##) كذلك التلميح إلى نبوة ملاخي (1: 10) هما أمران لا يخلوان من دلالة.
- الاعتراف: وليس أقل إثارة للاتهام، التأكيد على الاعتراف قبل الاشتراك في الإفخارستيا. ويبدو أن الاعتراف بالخطايا الوارد هنا هو على الأرجح اعتراف ليتورجي، وليس اعترافاً شخصياً. وبالمثل، في الفصل (4: 14)، يطلب الكاتب من المصلين الاعتراف بالخطايا قبل الصلاة في الكنيسة: “اعترفوا بخطاياكم في الكنيسة ولا تتقدموا لصلواتكم بضمير مذنب”.
- الرتب الكنسية: لا توجد إشارات في الديداخي تبرهن لنا على وجود ما يُعرف بنظام الإيبارشية ذات الأسقف الواحد (Monarchial episcopate)، فقادة الجماعات المسيحية يُدعون أساقفة (##) وشمامسة (##) لكن من غير الواضح إذا كان هؤلاء المُشار إليهم بكلمة (##) هم كهنة عاديون أم أساقفة، كما أننا لا نجد أي ذكر للقسوس (##) ومن ثم، انتخبوا لكم أساقفة وشمامسة، رجالاً جديرين بالرب، ودعاء، غير محبين للمال، أمناء، وقد اختبروا جيداً، لأنهم يسدون إليكم خدمة الأنبياء والمعلمين المقدسة.
إذاً فلا تحتقروهم لأنهم هم المكرمون بينكم مع الأنبياء والمعلمين” (فصل 15: 1-2).
وهذا الجزء يدفعنا لنستنتج أنه إلى جانب الإكليروس المحلي، فإن من يُدعون بـ “الأنبياء” قد لعبوا دوراً هاماً. ونحن نقرأ بخصوصهم في الفصل (13: 3) (إنهم) “هم رؤساء كهنتكم” وقد سمح لهم بالاحتفال الإفخارستي: “اسمحوا للأنبياء أن يقدموا الإفخارستيا ## كما يشاؤون” (10: 7). كما أنه كان يحق لهم الحصور على العشور كلها: “لذلك، خذوا كل بكور الكرمة والمحصور، الماشية والأغنام، وأعطوها للأنبياء…
وبالمثل عندما تفتحوا وعاء خمر أو زيت جديداً خذ باكورته وأعطه للأنبياء. أما فيما يخص الأموال والملابس والممتلكات الأخرى، فافرزوا أولاً جزءً بحسب تقديركم وأعطوه حسب الوصية”. (فصل 13: 3-7). ومن الواضح أن المكانة التي كان الأنبياء يحتلونها كانت رفيعة حتى إنه قد قيل عنهم إنه لا يمكن لأحد أن يحكم عليهم: “أنه (النبي) غير خاضع لحكمكم لأنه يُحكم عليه من قبل الرب” (فصل 11: 11)، بل وإن انتقادهم كان خطيئة ضد الروح القدس: “كل نبي يتكلم بالروح لا تجربوه ولا تدينوه، فكل خطيئة تُغفر، أما هذه فلا يمكن أن تُغفر” (فصل 11: 7).
- أعمال البر والعمل الاجتماعي: إن مبادئ أعمال الصدقات والعمل الاجتماعي كما تظهر في الديداخي مثيرة جداً للاهتمام. فبالرغم من أن اعطاء الصدقات هو أمر مستحسن جداً، إلا أن وجوب العمل لأجل كسب العيش هو أيضاً أمر مُشدد عليه.
فالتصديق على الآخرين مشروط بعدم قدرتهم على العمل: “إذا كان الآتي عابر سبيل فساعدوه بقدر ما تستطيعون، ولكن لا يبق عندكم أكثر من يومين أو ثلاثة إذا اقتضى الأمر، أما إذا نوى أن يسكن بينكم، إن كان صاحب حرفة فليعمل ليعول نفسه؛ وإذا لم تكن له تجارة أو حرفة فتبصروا كيف تعولونه كي لا يحيا تابع المسيح بينكم بلا عمل. فإذا لم يرض بهذا الترتيب فهو متاجر بالمسيح. احذروا مثل هؤلاء” (فصل 12: 2-5 ACW).
- الإكليسيولوجيا (الكنسيات): مفهوم “الكنيسة” في الديداخي يحمل معنى “الجامعية” (Universality) ففكرة الكنيسة التي تحتضن العالم كله تتصدر الوعي المسيحي، ذلك لأن كلمة (##) “كنيسة” لا تعني فقط جماعة المؤمنين المجتمعين للصلاة، بل أيضاً الشعب الجديد أو الجنس الجديد من المسيحيين الذين سيجتمعون معاً في ملكوت الله يوماً ما، كما أن السمتين “الواحدة” و”المقدسة” لهما أهمية خاصة.
ورمز هذه الوحدة هو خبز الإفخارستيا حيث يُصبح العديد من الحبوب خبزاً واحداً، وذلك كما توضح إحدى الصلوات: ” كما كان هذا الخبز المكسور منثوراً فوق التلال وحين جُمع صار واحداً، هكذا فلتجتمع كنيستك من أقاصي الأرض إلى ملكوتك”. (فصل 9: 4) وفي فقرة أخرى نجد الصلاة الآتية: “اذكر يا رب كنيستك: نجها من كل شر، وكملها في محبتك، واجمع تلك المقدسة من الرياح الأربع إلى ملكوتك الذي أعددته لها.” (فصل 10: 5).
- الإسخاتولوجيا (الأخرويات): إن البعد الإسخاتولوجي (الأخروي) بارز في الديداخي، وهو يظهر من حين لآخر في الصلوات الإفخارستية: “لتأت النعمة، ولينته العالم”، كما أنه يظهر في الخاتمة الآرامية “ماران آثا” – والتي تعني – “يا رب تعال”. وهو يتخلل الفصل الأخير من العمل بشكل كامل. وقد كان المسيحيون جميعهم يجهلون متى تأتي الساعة، ولكن “الباروسيا” أي مجيء المسيح الثاني كانت بالنسبة لهم قد غدت وشيكة، لذلك يجب على المؤمنين أن يجتمعوا معاً كثيراً ليبحثوا عما هو نافع لنفوسهم.
هذا ويشير الديداخي إلى العلامات التي سوف تسبق مجيء الرب وقيامة الأموا: سيكثر الأنبياء الكذبة والمنحرفون، ستتحول الحملان إلى ذئاب، وستتبدل المحبة إلى كراهية؛ عندئذ سيظهر مُضل العالم كابن لله وسيعمل آيات وعجائب، وستدفع الأرض ليديه، “وحينئذ، ستجتاز البشرية الامتحان الصعب”، وعلى الرغم من أن كثيرين سيتضايقون ويضلون، ولكن من يتمسكون بإيمانهم سيخلصون، عندئذ سيرى العالم الرب آتياً على السحاب وكل قديسيه معه.
لذلك ينصح الديداخي المسيحيين قائلاً: “اسهروا على حياتكم؛ يجب ألا تنطفئ مصابيحكم، وألا تنكشف عوراتكم، بل بالعكس، كونوا مستعدين. أنتم لا تعرفون ساعة مجيء ربنا”. (فصل 16: 1).
زمن كتابة الديداخي:
إن السؤال ذا الأهمية القصوى الذي يمكن للمرء أن يطرحه بشأن الديداخي هو: متى كتب هذا العمل؟ ويكشف الفحص النقدي الحديث للنص أن الفصول (1-6) من الديداخي تتشابه إلى حد بعيد مع الفصول (18-20) من رسالة برنابا، ولكن كون هذا التشابه يعبر عن اعتماد حقيقي للديداخي على رسالة برنابا فهذا محل شك كبير. وعلى أية حال، لا يمكن لمثل هذه العلاقة أن تؤكد دون أن تثير الجدل.
وهناك تفسير آخر محتمل؛ بما أن الفقرات محل النقاش – في كل من الديداخي ورسالة برنابا – تتكلم عن “طريقين”، إذاً من الممكن أن يكون كلاهما مديناً لمصدر آخر مشترك. كما أن محاولات ربط الديداخي بكتاب “راعي هرماس” أو “دياتسرون” تاتيانوس لم بؤد إلى نتيجة مؤكدة. ولكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن الجزء (من1: 3 إلى 2: 1) هو إضافة متأخرة على نص الديداخي، وقد يكون هذا هو الحال أيضاً بالنسبة للفصلين (6، 14).
والديداخي ككل ليس كتاباً متماسك الأجزاء، بل هو بالأحرى تجميع غير متناسق لنصوص كانت موجودة مسبقاً، فهو أكثر قليلاً من مجرد مجموعة من القوانين الكنسية التي كانت مستخدمة لبعض الوقت، ولهذا اكتسب. مع الزمن – قوة القانون الكنسي. وهذا سيفسر لنا أيضاً الكثير من التناقضات الموجودة في الديداخي، فقد فشل المصنف في محاولته للوصول إلى وحدة متماسكة من المادة التي أمامه.
وتساعدنا الأدلة الداخلية أكثر على تحديد الزمن الذي جُمع في الديداخي. ويكشف المحتوى بوضوح أن النص لا يعود للعصر الرسولي، وذلك لأن المشاعر المعادية لليهود تظهر فيه واضحة، كما كانت عملية التخلي عن عادات المجامع اليهودية لا تزال في طريقها. علاوة على ذلك، تفترض مثل هذه المجموعة من القوانين فترة ما من الاستقرار.
وكذلك تشير التفاصيل المتفرقة داخل النص إلى العصر الرسولي لم يكن زمن الكتابة بل كان قد انقضى، فقد أقر الديداخي المعمودية بالسكب (في حال عدم توفر الماء الجاري للتغطيس)، كذلك لما كان الاهتمام بالأنبياء في النظام الديني الجديد قد تراجع، لذا وجب أن يتم التنبيه عليه مرة أخرى.
لكن ومن ناحية أخرى، هناك الكثير من الخصائص تشير إلى أصله القريب من العصر الرسولي: فالليتورجية الموصوفة في الفصول (7-10) بسيطة إلى أبعد حد؛ ولا تزال المعمودية في الماء الجاري، أي في الأنهار، هي القاعدة السائدة..
أما المعمودية بالسكب فكان يُسمح بها على سبيل الاستثناء فقط، بل وأكثر من هذا، لا توجد أية آثار تشير إلى وجود صيغة موحدة لقانون الإيمان أو قانون العهد الجديد؛ ولا يزال الأنبياء يقيمون الإفخارستيا، كما أنه كان من الضروري التشديد على أن خدام الليتورجيا الفعليين، الأساقفة والشمامسة، لهم نفس الكرامة والاحترام من قبل المؤمنين.
كل هذه الحقائق تساعد في إثبات أن الديداخي كُتب بين (100م – 150م)، وأغلب الظن أنه كُتب في سوريا.
ولقد منح الديداخي اهتماماً وتوقيراً كبيراً في العصور المسيحية المبكرة حتى إن كثيرين كانوا يحسبونه مماثلاً في أهميته لأسفار العهد الجديد. ولهذا السبب كان يوسابيوس (Euseb. Hist. Eccles 3: 25: 4)، وأثناسيوس (Ep. Fest. 39)، وروفينوس (Comm in Symb. 38)، يرون أنه من الضروري التأكيد على أن الديداخي ليس له صفة قانونية، ولذا يجب أن يُعد من ضمن الكتب الأبوكريفية[4].
ولقد عمل الديداخي كنموذج لكتابات ليتورجية وقوانين كنسية لاحقة، منها على سبيل المثال: الدسقولية السريانية والتقليد الرسولي لييبوليتس الروماني والمراسم الرسولية، وقد كانت تُستخدم لتعليم الموعوظين كما يخبرنا أثناسيوس.
كيف وصل نص الديداخي إلينا؟
فيما يلي النسخ المرجعية لنص الديداخي:
أولاً: النصوص اليونانية:
- المخطوطة الأورشليمية (The Codex Hierosolymitanus) المملوكة للبطريركية اليونانية في أورشليم، والتي كانت قبلاً محفوظة في مكتبة نزل كنيسة القبر المقدس في القسطنطينية. ولقد نُسخت تلك المخطوطة عام 1056م بواسطة “ليو” كاتب العدل (Notary)، ووضع فيها نص الديداخي بعد رسائل برنابا وكليمندس وقبل رسائل اغناطيوس.
- حُفظ النص اليوناني الخاص بالفصول (1: 3-4؛ 2: 7-3: 2) في مخطوطات أوكسيرينيخوس (Oxyrhynchos) التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي.
- ضُمنت الفصول (1-6) من الديداخي في الفصول (18-20) من رسالة برنابا.
- تحتوي قوانين الرسل المجمعة في مصر في القرن الرابع الميلادي على الفصول (1: 1-3؛ و2: 2-4، 8). كما يحتوي الكتاب السابع من المراسم الرسولية المكتوبة في سوريا في القرن الرابع الميلادي، على النص اليوناني الكامل الخاص بالديداخي تقريباً.
ثانياً: النصوص اللاتينية:
حُفظت لدينا شذرتان من ترجمة لاتينية قديمة لا بد وأنها قد أُنجزت في القرن الثالث الميلادي، أقصرهما من مخطوطة جاءت من مدينة ميلك (Melk)، وتعود إلى القرن التاسع أو العاشر الميلادي، وهي تحتوي على الفصول (1: 1-3؛ 2: 2-6) من الديداخي. أما الشذرة الأخرى فقد وجدت في مخطوطة ميونخ (God. Monoac. Lat. 6264) وتعود إلى القرن الحادي عشر، وتتضمن الفصول (1: 1-2؛ 2: 2-6: 1).
ولقد اكتشفت حديثاً جزء كبير من الديداخي (الفصول 10: 3ب – 12: 2أ) في ترجمة قبطية تعود إلى القرن الخامس في البردية رقم (927) بالمتحف البريطاني. ووفقاً لهذه الشذرة القبطية كان هذا الجزء من الديداخي بمثابة صلاة تتلى على زيت المسحة (##) بعد صلاة الإفخارستية، وكان هذا الزيت غالباً هو الميرون المستخدم في تتميم سريّ المعمودية والتثبيت.
وبالإضافة للمخطوطات سابقة الذكر نملك شذرات من ترجمات سريانية وعربية وأثيوبية وجورجية.
[1] ويعطينا هذا الموضوع فكرة عن مدى قدم الصيغة الثالوثية المستخدمة في المعمودية حتى الآن في كنيستنا القبطية (قانون إيمان دير البلايزه”: “أؤمن بإله واحد، الله الآب ضابط الكل، وابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا، والروح القدس المحيي، وقيامة الجسد، والكنيسة الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية، أمين” (المترجم)
[2] هنا السكب جاء كحالة استثنائية عندما لا يوجد ماء كاف للتغطيس، لأن المعمودية هي سر موت ودفن الطبيعة القديمة مع المسيح، والقيامة مع بالطبيعة الجديدة المؤهلة لسكنى الروح القدس. (المراجع)
[3] نستطيع أن نلمح بوضوح مدى تطابق هذه الطقوس والتقاليد السحيقة مع ما تمارسه كنيستنا القبطية حتى يومنا هذا. (المترجم)
[4] أي ليس من الأسفار المقدسة القانونية.