أسئلة يسألها المسلمون ج31 والرد المسيحي عليها
أسئلة يسألها المسلمون ج31 والرد المسيحي عليها
65 – كيف تقولون “من ضربك على خدك فاعرض له الخد الآخر أيضاً…” هل قضية الكرامة منعدمة لديكم يا معشر المسيحيين؟
جاءت هذه الآية (لوق 6: 29) في موعظة الرب يسوع المسيح على الجبل. وتبدأ من آية 17 وتنتهي في آية 49 من الأصحاح السادس. ويمكننا تقسيم هذه الموعظة إلى عدة فقرات. فمثلاً ممكن أن نقول إن آية 29 جاءت في فقرة تبدأ من آية 27 إلى 42.
وأعتقد أن رأس الموضوع في هذه الفقرة هي: المحبة، والرحمة، وعدم إدانة الغير بل الغفران. فيقول الرب يسوع المسيح في آية 27: “أحبوا أعداءكم، أحسنوا معاملة الذين يبغضونكم، باركوا لاعنيكم، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم”. ونرى الرب يسوع يشرح هذه النقطة في الآيات التالية ثم يؤكدها مرة أخرى في آية 35: “… أحبوا أعداءكم” ونرى أيضاً إن الرب يسوع يؤكد ضرورة الرحمة في آية 36 ينهي عن إدانة الغير في آية 37، ويوصي بالمغفرة في نفس الآية.
إذاً مقاييس ووصايا الرب يسوع أعلى جداً وأسمى جداً من مقاييس البشر. فمن طبيعتنا نحن البشر أن نحب من يحبوننا، ونحسن معاملة الذين يحسنون معاملتنا، وندين عيوب الآخرين دون فحص عيوبنا، ولا نرحم من يسيء إلينا. ولكمن الرب يسوع يضع أمامنا مقاييس الله السامية ويريد من “أبناء العلي” أن يرفعوا أعينهم إلى أبيهم السماوي ويتمثلوا به. فيقول في آية 35، 36: “ولكن أحبوا أعداءكم، وأحسنوا المعاملة، وأقرضوا دون أن تأملوا استيفاء القرض، فتكون مكافأتكم عظيمة، وتكونوا أبناء العلي، لأنه ينعم على ناكري الجميل والأشرار. فكونوا أنتم رحماء، كما أن أباكم رحيم”.
ألا ترى يا عزيزي إن المحبة والرحمة والغفران أعلى كثيراً من مسألة الكرامة؟ فالكرامة تعبير الذات أعظم أهمية، وتعزز الذات وتضعها في أعلى مقام فوق الآخرين، وهي إلى حد ما نوع من الأنانية والكبرياء. هذه هي طبيعة النفس البشرية. وينهي الكتاب المقدس في عدة أماكن عن تعزيز النفس ووضعها في أعلى اعتبار. فنقرأ في الرسالة إلى مؤمني فيلبي 2: 3 “لا يكن بينكم شيء بروح التحزب والافتخار الباطل، بل بالتواضع ليعتبر كل واحد منكم غيره أفضل كثيراً من نفسه، مهتماً لا بمصلحته الخاصة بل بمصالح الآخرين أيضاً. فليكن فيكم هذا الفكر الذي هو أيضاً في المسيح يسوع”.
ماذا يا عزيزي فعل الرب يسوع من أجلي وأجلك نحن الخطاة؟ لقد أنكر ذاته وضحى بنفسه من أجل فدائنا وخلاصنا نحن البشر من عقاب الخطية في الجحيم. أخذ عقاب خطايا كل البشر على عاتقه هو، هذا البار القدوس الذي لم يقترف أية خطية قط. وتذكر يا أخي صلاة الرب يسوع وهو على الصليب من أجل من عذبوه وصلبوه في إنجيل لوقا 23: 34 “يا أبي أغفر لهم، لأنهم لا يدرون ما يفعلون”. ونقرأ في الرسالة إلى مؤمنين فيلبي 2: 6-11 في الكتاب المقدس عن الرب يسوع:
“إذ أنه، وهو الكائن في صورة الله، لم يعتبر مساواته لله خلسة، أو غنيمة يتمسك به، بل أخلى نفسه، متخذاً صورة عبد، صائراً شبيهاً بالبشر، وإذ ظهر بهيئة إنسان أمعن في الاتضاع، وكان طائعاً حتى الموت، موت الصليب. لذلك أيضاً رفعه الله عالياً، وأعطاه الاسم الذي يفوق كل اسم، لكي تنحني سجوداً لاسم يسوع كل ركبة، سواء في السماء أو على الأرض أو تحت الأرض، ولكي يعترف كل لسان بأن يسوع المسيح هو الرب لمجد الله الآب”.
وأنا أعلم يا عزيزي علم اليقين إن هذا المثل وهذا المستوى الذي وضعه الرب يسوع المسيح أمام أعيننا ليس في طبيعتنا وليس في مقدرتنا نحن البشر. فما العمل إذاً؟ ذلك هو عين السبب أن الرب منحنا روحه القدوس ليعطينا المقدرة والقوة على إطاعة وصاياه والسلوك حسب تعاليمه السامية وليس حسب طبيعتنا الجسدية التي ترتكز على محبة الذات. فنقرأ في الرسالة إلى مؤمني روما 11: 8، 9 “وأما أنتم، فلستم تحت سلطة الجسد بل تحت سلطة الروح، إذا كان روح الله ساكناً في داخلكم حقاً.
ولكن، إن كان أحد ليس له روح المسيح، فهو ليس للمسيح… وإذا كان روح الذي أقام يسوع من بين الأموات يسكن فيكم، فإن الذي أقام المسيح من بين الأموات سوف يحي أيضاً أجسادكم الفانية بسبب روحه الذي يسكن فيكم”,
إذاً، روح الله الساكن في المسيحي يحي أفكاره ومشاعره وإرادته حتى يمكنه من السلوك حسب مشيئة الله الطاهرة السامية. ويؤكد الكتاب المقدس ذلك في عدة أماكن منها الرسالة إلى مؤمني فيلبي 2: 13 “لأن الله هو الذي ينشئ فيكم الإرادة والعمل لأجل مرضاته”.