خلفيات حياة يسوع في مجتمع القرن الاول – ترجمة جان كرياكوس
خلفيات حياة يسوع في مجتمع القرن الاول – ترجمة جان كرياكوس
-
الخلفية السياسية
علي مدي الاف السنين ظل اليهود خاضعين بشكل اساسي للحكم الاجنبي (المصري، السوري، البابليوني، الفارسي، اليوناني، الروماني، الخ)، فيما اقتصر الاستقلال علي فترات قصيرة. فبالقرن الاول، حكم الرومان منطقة البحر المتوسط المعروفة بفلسطين (التي تعرف بأسرائيل الان)، حيث ولد يسوع و عاش حياته. و بحسب تسلسل السلطة، فقد خضعت الحكومة اليهودية للسلطة المحلية للحكومة الرومانية (الملك هيرودس)، التي تخضع لروما (الامبراطور قيصر).
- لقد مارست الحكومة الرومانية الدمج، متقبلة جميع المعتقدات الدينية، التعاليم الفلسفية، و بناء عليه كانت الانظمة الحكومية متوافقة، او كانت تعكس نظام اكبر- النظام الروماني. فقد مارسوا احدي السياسات الاولي “بلد واحد، نظامين” – مدعين ان جميع الناس لديهم الحرية الدينية، الحرية السياسية، و الحرية الفكرية، و لكن مع الحفاظ علي فرض السيطرة الحازمة.
- لقد تفهم اليهود ان العالم ينقسم لنوعين من الناس: اليهود و الوثنيين (غير اليهود). فعمل اليهود بجهد علي فصل انفسهم عن الوثنيين.
- لقد تقبل اليهود حرية الوثنيين في كلا نظامهم الحكومي، و في التمسك بعاداتهم، الا ان الحكومة الرومانية تطلبت ان يخضع كل شيء بشكل كامل الي السلطة الرومانية. فعلي سبيل المثال، كان المواطنون اليهود يخضعون لسلطة القضاء اليهودي (السنهدرين)، الا ان جميع المحكوم عليهم بعقوبة الاعدام، كانوا يرسلون للحكومة الرومانية.
- كان النظام اليهودي و الحكومي ينقسم الي حزبان: الفارسيين- “حزب الشعب”، الذي يعلم قانون وعادات انبياء اسرائيل، و كان يتطابق بدقة مع الناموس اليهودي، و الصدوقيين- القادة الاثرياء و المحافظين الذين رفضواالعادات منحازين للتعاون السياسي و الديني مع الرومان.
الخلفية الاقتصادية
ان اقتصاد اسرائيل في القرن الاول كانت تدعمه ثلاث نقاط اساسية: زراعة الزيتون، التين،
الحبوب، التمر، و مزارع العنب؛ و قد ازدهرت التجاره نتيجة موقع اسرائيل علي البحر المتوسط؛ و وجود حكومة كبيرة تشيد المشاريع تحت رعاية الملك هيرود.
- قد استخدم الملك هيرودس الكثير من العمال لتنفيذ العديد من الاعمال العامة (مثل بناء هيكل اورشليم، القصور،، المواني، الحصون، الساحات، نحت و تزيين الحجارة، الخ.)
- كان هناك تفاوت كبير بين الاثرياء و الفقراء.
- قد تكونت الطبقة العليا من كهنة الهيكل و اخيار الكهنوت (متضمنة الصدوقيين و طائفة اليهود)
- كانت تتشكل الطبقة الوسطي من التجار و البائعين، الفنيين (قاطعي الحجار، البنائين، النحاتين) و الحرفيين (المعادن، الاخشاب، صباغة النسيج). الفارسيين (طائفة اخري من اليهود)، الحكماء، الكتبة، و المعلمين كانوا ايضا جزء من الطبقي الوسطي.
- كانت تتكون الطبقة الدنيا من العمال (النساجون، حاملي الاحجار، العبيد (غير اليهود الذين استعبدوا بسبب مديونتهم)، و غير العاملين (المجذومين، المكفوفين، المجانين، العاجزين، الخ.)
- كانت تطالب الحكومة الرومانية شعبها بضرائب ثقيلة. و كان جامعي الضرائب من الموظفين المحليين و كانوا يعتبروا منبوذين و خائنين.
- كان اليهود مطالبين ايضا بتقديم الاضحية للهيكل- في بعض الاحيان في صورة نقود، و عادة عن طريق شراء حيوانات لتقديمها للكهنة.
- و كان المعلمين المسافرين يجنوا قوتهم عن طريق السفر من بلدة لاخري و قبول الهدايا من الذين يأتون للاستماع لهم.
- في خلال القرن الاول، كانت ساحة الهيكل في العادة تصبح سوقا حيث يبيع التجار المحليين حيوانات الاضحية بأسعار عالية ليجنوا ربحا من السائحين او المتدينين الذين يأتون الي الهيكل.
الخلفية الثقافية/ الحياة اليومية
لقد أمضي يسوع معظم حياته بداخل و حول منطقة المزارع و القري بالناصرة. و مثلها مثل الكثير من القري الزراعية حول العالم، كانت الحياة تخضع للعادات والتقاليد و الطقوس المتوارثة من عدة اجيال سابقة.
- السكان: كان اغلب سكان قري الناصرة من اليهود، مع وجود بعض من السوريون، اليونانيون و الرومانيون. و كانت المدينة الرئيسية لفلسطين هي اورشليم، التي كانت معروفة عالميا و تضم العديد من الاختلافات العرقية.
- اللغة:كانت اليونانية هي اللغة السائدة بالامبراطورية الرومانية. و لكن كانت ايضا اللغات العبرية، الارامية و اللاتينية متداولة لدي اليهود. و كان يسوع يستخدم اللغة الارامية.
- حياة القري: كان السوق و المتاجر هما مركز القرية. و بالنسبة لقرية يهودية كان الكنيس هو مركز التجمع و مقر الحكومة اليهودية المحلية.
- الاسكان: كانت تتكون البيوت من غرفة او غرفتين بأرضية ترابية، اسطح مستوية، ممرات منخفضة و ضيقة، و ابواب امامية خشبية.و غالبا ما كان الناس ينامون علي الاسطح خلال الليالي الحارة. كانت تقسم البيوت حول فناء مشترك حيث يقضي الجيران مهام الحياة اليومية (الطهي، الغسيل، الخ.) مجتمعين. و كان الناس يحملون المياه من بئر عام و يخزنوه بوعاء بالفناء. و كانت الاضاءه عن طريق مصابيح زيتية داخل اواني فخارية. كان الناس ينامون علي حصائر و يمتلكون ادوات شخصية محدودة.
- الغذاء:كانت المهام اليومية للمرأة تشمل اعداد الطعام لاسرتها- فكانت مثلا تطحن الحبوب، تخبز الخبز، تحلب الحيوانات، و تصنع الجبن. كانت الاسرة تتناول وجبتين يوميا: الفطار- و هو القليل من الطعام يأخذونه معهم للعمل، و العشاء- و هو وجبة كبيرة من الجبن، النبيذ، الخضروات و الفاكهة، و البيض. و بالنسبة للحوم، فالاسماك كانت الاكثر تناولا، يليها الدجاج او الطيور. اللحوم الحمراء (اللحم البقري و الضان) كانوا يتناولونها في المناسبات، اما لحم الخنزير و القشريات فكانا محرمان. كان اغلب الطعام يتم سلقه او طهيه علي البخار بداخل اناء كبير مع اضافة الملح، البصل، الثوم، الكمون، الكزبرة، النعناع، الشبت و الخردل. و كان الطعام يحلي باضافة عسل النحل البري او عصير التمر او العنب. كان يقدم الطعام في اناء مشترك حيث يأكل كل شخص بيديه.
- الملبس:كان يطلق علي الملابس الداخلية “الثوب”. اما الملابس الخارجية فكانت تسمي “الرداء”- كانت عبارة عن قطعة قماش فضفاضة بأهداب، مثبتة بشريط ازرق. كان الرجال يرتدون احزمة- عرضها اربعة بوصات مصنوعة من الجلد او من القماش “مشد”. لو ارتدي احد الناس الثوب الداخلي فقط، كان يقال انه “عاريا”. و لو كان يرتدي احد الاشخاص الثوب الداخلي و الحزام، كان يقال انه يرتدي “مئزرا”. ان عبارة “مئتزرا” تعني شد الثوب لأعلي بين الساقين و طيه داخل الحزام. كان الناس يرتدون ايضا النعال بأقدامهم، و قطعة قماش بيضاء علي الرأس، متدلية لآكتافهم. و ذلك لحمايتهم من اشعة الشمس.
- البنية العامة للجسم: كان معظم اليهود ذو اجسام قصيرة القامة، ببشرة فاتحة اللون لوحتها اشعة الشمس. و كان لاغلبهم شعر اسود او بني طويل، و كان لاغلب الرجال لحيه.
- بناء العائلة: كان الزوج هو رأس البيت روحيا و قانونيا. كان مسؤولا عن توفير المأكل، المسكن و حماية العائلة. كان يعلم الاطفال مبكرا اكرام والديهم. كان تعيش العائلة اليهودية بأخلاق حازمة و قواعد اجتماعية و دينية. و كان غالبا يعيش الأبوين، الابناء الغير متزوجين، و المتزوجين و ازواجهم او زوجاتهم تحت سقف واحد.
- دور المرأه: في القرن الآول بأسرائيل، كانت تعتبر المرأه مواطن درجة ثانية، مشابهين للعبيد. حقيقة انهم ذكروا كتابعين متحمسين ليسوع كان من غير المعتاد- من ناحية السماح لهم لاتباعه مع تلاميذه، و من ناحية ذكر كتاب السيرة الذاتية ليسوع لهن.
- حياة عائلة يسوع: كان يوسف (والد يسوع) نجارا، منما يجعل عائلته من الطبقة المتوسطة.
الخلفية الدينية:
لقد جاهد القادة اليهود لاجل نقاء ايمانهم بالاله الواحد ضد الاختلاط مع الاديان الاجنبية. و لكنهم في نفس الوقت، قد تفتتوا الي طوائف مقسمة تبعا لاختلافات القانون اليهودي.
- لقد أمن اليهود بالاله الواحد (الوحدانية) الغير منظور و الذي لا يمكن تصوره. علي عكس الثقافات المحيطة التي أمنت بتعدد الالهه (الشرك) التي يمكن تصورها باللوحات و الاوثان.
- لقد ركز التقليد اليهودي علي يوم السبت- حيث يبدأ عند غروب شمس يوم الجمعة و ينتهي غروب شمس السبت. كان يبتدءون السبت بالصلاة، اضاءة زوجة رب الاسرة للشموع، ثم يعقب ذلك عشاء سعيدا ليوم الجمعة. كان يعتبر السبت يوما للراحة و العبادة، حيث كل ما يفعل المرء يكون اكراما لله.
- كان ينتظر اليهود ماجيء “المسيا” او المخلص- و هو القائد الذي وعدهم الله به، بحسب فهمهم، الذي سوف يجددهم روحيا و يمنحهم الحرية السياسية بعد قرون من الطغيان الاجنبي، الذي كان متمثلا في ذلك الوقت في الامبراطورية الرومانية.
- كانت الثقافة الاسرائيلية بالقرن الاول تهتم بما هو خارق للطبيعة- فكان من المعتاد الاعتقاد باللعنات و الايمان بالخرافات.
- كان يوم العطلة الدينية الاساسي خلال العام اليهودي هو عيد الفصح، الذي فيه يحتفل اليهود بعتقهم من العبودية بمصر. في عيد الفصح كان يسافر العديد من اليهود الي اورشليم من اجل الاحتفال في المدينة المقدسة. لذلك قد سافر يسوع و تلاميذه الي اورشليم من اجل تناول العشاء الاخير- لانهم كانوا يحتفلون بالفصح. و هذه العادة كانت سببا لوجود الكثير من اليهود بأورشليم في وقت القبض علي يسوع و محاكمته و صلبه.
الخلفية التعليمية:
في القرن الاول لليهود، كان الدين، القانون، التاريخ، الاخلاق و التعليم لا ينفصلوا. فخلال شريعة كلا (التوراه) المكتوبه و (المشنا) الشفهيه، كان التعليم ينتقل من جيل الي جيل. و كان الحاخامات (المعلمين) و الكنيس موقرين في المجتمع.
- لقد ازدهرت الامبراطورية الرومانية علي الدمج- ساعية لحفاظ كل من (اليونانيين، السوريين، المصريين، اليهود، الخ.) علي تقاليدهم و فلسفاتهم، و لكن مع ابقاءهم تحت الحكم الروماني العام.
- لقد رسخ التعليم الروماني القانون، الاخلاق، و التاريخ لاجل الحق و الاخلاق الحياتية. علي عكس نظام التعليم اليوناني الذي يطلق عليه “الجمنزيوم” الذي يقوم علي العلوم، الاداب، اللغويات و التربية البدنية.
- فمعظم المواطنين الرومان قد تأثروا بأنظمة التعاليم الفلسفية المختلفة، و كانت اكثر فلسفات ذلك الوقت هي الرواقية و الفضيلة.
- بالنسبة لليهود، فقد كان “التوراه” و “القانون” المترجم هما مصدر جميع التعاليم- الدينية، التاريخية و الاخلاقية. يشمل التوراه الخمس اسفار الاولي للعهد القديم (التكوين، الخروج، اللاويين، العدد و التثنية).
- ان “الكنيس” او “بيت التجمع” كما يترجم، كان هو مكان كلا من العبادة و الدراسة اليهودي.
- كان يبدأ الاولاد اليهود الصغار دراستهم رسميا عند سن الخامسة، ليتعلموا القراءه و الكتابة. و عند سن العاشرة يبدأون في تعلم الناموس اليهودي. و ينتهي التعليم رسميا عند سن الثامنة عشر.اما البنات فكن يتعلمن في البيوت من امهاتهن و من نساء اخريات. كان يتلقي الشبان تعليمهم من حاخام (معلم) من الكنيس المحلي.
- بالنسبة للشبان الراغبين في دراسة متقدمة مثل “الكتبة” او دكاترة القانون، فكانوا يدرسون الموضوعات بتعمق مع حافز ديني بأذهانهم.
- عند بلوغ الحد الاقصي من التعليم، كان يذهب الباحث الي معلم عظيم او شهير ليصبح تلميذا له، و هو في الغالب يتلقي التعليم عن طريق المناقشات اليومية و الانشطة. فكان يطلق علي هؤلاء الرجال تبعا لاسم معلمهم- “من مدرسة…..”
- لقد درس يسوع بالكنيس- فمثلا عند بلوغ يسوع سن 12 سنة كما هو مدون بالسيرة الذاتية ليسوع تبعا لانجيل لوقا، يقول الكاتب “انهم (أبوي يسوع) وجداه (يسوع) في رواق الهيكل، جالسا وسط المعلمين، يسمعهم و يسألهم. و كل الذين سمعوه بهتوا من فهمه و أجوبته.” (لوقا 2: 46- 47)
انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان
عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الأول – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث
ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث – الجزء الثاني – عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان
المذيع محمود داود يُعلن إيمانه بالمسيح
Bibliography
Johnson, Luke T.The Writings of the New Testament: An Interpretation.Fortress Press, Philadelphia. 1986.
Josephus, Flavius.The Jewish Antiquities, 20.200.
Kingsbury, Jack Dean. Proclamation Commentaries: Matthew. Fortress Press, Philadelphia. 1986.
The Student Bible: New International Version. Notes by Philip Yancy and Tim Staffod.Zondervan Bible Publishing, Grand Rapids, Michigan. 1986.
Ward, Kaari. Jesus and His Times.The Reader’s Digest Association, Inc., Pleasantville, New York. 1987.