أسئلة يسألها المسلمون ج10 والرد المسيحي عليها
أسئلة يسألها المسلمون ج10 والرد المسيحي عليها
38 – هل شك المعمدان؟ لما أرسل يوحنا اثنين من تلاميذه إلى الرب قائلاً “أنت هو الآتي أم ننتظر آخر” (لو 7: 19)؟
يجيب قداسة البابا شنودة الثالث على هذا السؤال قائلاً: محال أن يشك في المسيح، الملاك الذي جاء يمهد الطريق قدامه (مر 1: 2) “الذي جاء للشهادة ليشهد للنور، ليؤمن الكل بواسطته” (يو 1: 7).
لا يمكن أن يشهد له، إلا إذا كان يعرفه. وقد أدى يوحنا هذه الشهادة بكل قوة “يوحنا شهد له ونادى قائلاً هذا الذي قلت عنه إن الذي يأتي بعدي صار قدامي، لأنه كان قبلي” (يو 1: 15).
وظهرت معرفة يوحنا له وشهادته له واضحة في وقت العماد. فلما رأى الرب يسوع مقبلاً إليه قال “هذا هو حمل الله الذي يرفع خطية العالم. هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لأنه كان قبلي” (يو 1: 29، 30).
لماذا إذن أرسل يوحنا تلميذين للمسيح يقولان له: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟
يوحنا أرسل هذين التلميذين وهو في السجن (مت 11: 2)، لما سمع بأعمال المسيح المعجزية. وكان يعرف أن رسالته قد انتهت وموته قريب. فأراد قبل موته أن يسلم تلاميذه للمسيح. فأرسلهم بهذه الرسالة، ليسمعوا ويروا، وينضموا إلى الرب… وكان كذلك.
لهذا قال الرب للتلميذين: اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران: العمي يبصرون، والعرج يمشون، والصم يسمعون، والموتى يقومون… وطوبى لمن لا يعثر فيّ (مت 11: 4-6). وكانت هذه الرسالة للتلميذين أكثر مما ليوحنا.
أما عن يوحنا، فقال الرب للناس في نفس المناسبة “ماذا خرجتم لتنظروا؟ أنبياً؟ نعم أقول لكم، وأفضل من نبي…. الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان” (مت 11: 9-11).
من غير المعقول أن يقول الرب هذه الشهادة على إنسان يشك فيه.
وهناك نقطة أخرى نقولها عن إيمان يوحنا بالمسيح وهي تعرف يوحنا بالمسيح وهو في بطن أمه. وفي ذلك يسجل الكتاب كيف أن القديسة اليصابات وهي حبلى بيوحنا قالت للقديسة مريم العذراء لما زارتها: “هو ذا حين صار صوت سلامك في أذني، ارتكض الجنين بابتهاج في بطني”.
ارتكض يوحنا الجنين الذي في بطن العذراء. وكيف أتيح له ذلك؟
يجيب ملاك الرب على هذا بقوله: “ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس” (يو 1: 15).
39 – هل التجسد يعني التحيز؟ هل تجسد الرب يعني أن الرب صار يحده حيز معين! فيتحيز، بينما الله غير محدود؟
يقول قداسة البابا شنودة الثالث:
التجسد ليس معناه التحيز. فالله لا يحده حيز من المكان، وإنما عندما كان بالجسد في مكان، كان بلاهوته في كل مكان.
مثلما نقول إن الله كان يكلم موسى على الجبل، ومع ذلك لم يكن في حيز الجبل، إنما في نفس الوقت كان في كل مكان، يدير العالم في كل قاراته… وهكذا حينما كان الله يكلم إبراهيم، وحينما ظهر لغيره من الأنبياء. كان في نفس الوقت في كل مكان.
وأيضاً حينما يقال إن الله على عرضه، لا يعني أنه تحيز على هذا العرش. بل هو ممجد هنا، وموجود في كل مكان. عرشه السماء، وعرشه كل مكان يتمجد فيه. هو في السماء. والسماء لا تسعه.
هكذا كان السيد المسيح يكلم نيقوديموس في أورشليم. وقال له “ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء” (يو 3: 13). أي أنه كان في السماء، بينما كان يكلم نيقوديموس في أورشليم.
كان في الجسد في مكان، أي مرئياً بالجسد فيه. وفي نفس الوقت، غير مرئي في باقي الأمكنة، باللاهوت.
هو بلاهوته ف كل موضع. ولكن يراه الناس بالجسد في مكان معين. وهذا لا يمنع من وجود باللاهوت في كل الأرض والسماء، لأن اللاهوت غير محدود.
40 – ما هو سفر ياشر؟ هل هو من أسفار الكتاب المقدس، أو من التوراة؟ وكيف أشير إليه في سفر يشوع، وفي سفر صموئيل الثاني ومع ذلك ليس هو في الكتاب؟
كلمة سفر معناها كتاب، ديني أو مدني…. وسفر ياشر، أو كتاب ياشر، هو كتاب مدني قديم، كان يضم الأغاني الشعبية المتداولة بين اليهود، حول الأحداث الهامة دينية ومدنية. وبعض هذه الأغاني، كانت تشمل أناشيد عسكرية للجنود…. ويرجع هذا الكتاب إلى ما بين سنة 1000، وسنة 800 قبل الميلاد، أي بعد موسى النبي بأكثر من خمسمائة سنة، إذ ورد فيه ما يخص داود النبي ومرثاته لشاول الملك. إذن ليس هو من توراة موسى، لأنه يشمل أخبار بعد موسى بعدة قرون.
إن بعض الأحداث التاريخية الهامة في العهد القديم، تغنى بها الناء، ونظموا حولها أناشيد وضعوها في هذا الكتاب، الذي كان ينمو بالزمن، ولا علاقة له بالوحي الإلهي. مثال ذلك: معركة جبعون أيام يشوع، ووقوف الشمس. ألف الناس عنها أناشيد، ضمت إلى كتاب ياشر. وأشار إليها يشوع بقوله “أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر” (يش 10: 13). أي أليس هذا من الأحداث المشهورة المتداولة، التي بلغ من شهرتها تأليف أناشيد شعبية عنها، في كتب مدنية مثل سفر ياشر.
كذلك فإن النشيد الجميل المؤثر، الذي رثى به داود النبي شاول الملك وابنه يوناثان، أعجب به الناس وتغنوا به، وضموه إلى كتاب أناشيدهم الشعبية، إذ يختص بحادثة مقتل ملك من ملوكهم مع ولي عهده، بل هو أول ملوكهم. فلما ورد الخبر في سفر صموئيل الثاني، قيل فيه “هو ذا ذلك مكتوب في سفر ياشر” (2صم 1: 17). أي أن مرثاة داود، تحولت إلى أغنية شعبية، وضعها الناس في كتاب أناشيدهم المعروف باسم سفر ياشر. تماماً كما نقول عن حادث معين مشهور، إنه ورد في الكتاب المقدس، كما ورد أيضاً في كتاب من كتب التاريخ…. يبقى السؤال الأخير، وهو: هل حذفه اليهود من التوراة لسبب عقيدي؟ والإجابة واضحة وهي:
- إنه ليس من التوراة. لأن التوراة هي أسفار موسى الخمسة، وهي التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية.
- لو أراد اليهود إخفاءه لسبب عقيدي، ما كانوا يشيرون إليه في سفر يشوع، وفي سفر صموئيل النبي.
- أشهر وأقدم ترجمات العهد القديم، وهي الترجمة السبعينة التي وضعت في القرن الثالث قبل الميلاد، لا يوجد بها هذا الكتاب.