أسئلة يسألها المسلمون ج4 والرد المسيحي عليها
أسئلة يسألها المسلمون ج4 والرد المسيحي عليها
19 – هل يمكـن لله أن يمـوت؟
يخطر في بال بعضهم سؤال يبدو منطقياً يتعلق بإمكانية موت السيد المسيح وهو الله، فهل يموت الله؟ ومن ذا الذي حفظ الكون والحياة في الأيام الثلاثة التي كان فيها السيد المسيح ميتاً؟
هل الموت هو الملاشاة؟
ينطوي هذا السؤال على سوء فهم للموت وطبيعته وما يترتب عليه، فالإنسان يميل أن يقرن الموت بالملاشاة، فكأن الشخص الذي يدخل دائرة الموت يتلاشى ولا يعود موجوداً، ويفقد بالتالي كل قوة وتأثير في هذا الحياة، وعلى الرغم من العقيدة التي يعتنقها المرء قد تعلم غير ذلك، فإن حقيقة غياب الشخص الذي مات وعدم إمكانية الاتصال به والتواصل معه في هذا الحياة، تفرض نفسها بطريقة مرعبة وتجعل وجدان المرء يساوي بين الموت والعدم.
– حقيقة الموت
غير أن هذا الأمر مجانب للصواب، فما الموت إلا انفصال الروح عن الجسد، فروح الإنسان هي الكائن الحقيقي وهي تسكن جسده الذي يشكل بيتاً لهذه الروح، فليس الإنسان جسداً يمتلك روحاً، وإنما هو روح تملك جسداً، وبينما يتحلل هذه الجسد الفاني بعد الموت ويتعرض للفناء، فإن الروح تستمر في الوجود إما في جهنم أو في حضرة الله في حالة وعي وإحساس كاملين، فإذا مات المرء دون أن يقبل فداء المسيح وخلاصه، فسينتهي به الأمر إلى حيث “البكاء وصرير الأسنان”.
يقول السيد المسيح “ولكن أقول لكم يا أحبائي: لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر، بل أريكم ممن تخافون: خافوا من الذي بعدما يقتل له سلطان أن يُلقي في جهنم، نعم، أقول لكن من هذا خافوا” (لوقا 12: 4، 5). ولا مفر من هذه الدينونة لغير المؤمنين بالمسيح، تقول كلمة الله “وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم يعد ذلك الدينونة” (عبرانيين 9: 27).
– مصير الأموات
أما الذين يموتون في المسيح، فإن أرواحهم تنتقل فوراً لتكون في حضرة الله. قال الرسول بولس “لي اشتهاء أن أنطلق (أموت، تفارق روحي جسدي) وأكون مع المسيح” (فيلبي 1: 23). ويحدثنا سليمان عن مصير الإنسان بعد الموت، فيقول “فيرجع التراب إلى الأرض كما كان، وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها” (جامعة 12: 7) ويسجل لنا لوقا رواية المسيح لحديث إبراهيم مع الغني المستغنى عن الله بعد موته، وتطرقه لمصير لعازر البار بعد موته أيضاً” اذكر أنك استوفيت خيرتك في حياتك، وكذلك لعازر (استوفى) البلايا والآن هو يتعزى، وأنت تتعذب” (لوقا 16: 25).
– الروح لا تفنى
وما يهمنا من هذا كله هو الوصول إلى نتيجة هو أن الروح لا تفنى، فكم بالحري إذا كانت روح الله، ونحن نعلم مما علمنا السيد المسيح أن “الله روح” (يوحنا 4: 24).
– موت المسيح
حين جاء المسيح، كلمة الله، إلى أرضنا، اتخذ جسداً واكتسب الطبيعة البشرية إلى جانب طبيعته الإلهية، لم يكن يحتاج كإله إلى جسد، ولكنه صار لحماً ودماً ليشاركنا طبيعتنا ويستطيع أن ينوب عنا في عملية الفداء، وعندما مات على الصليب من أجل خطايانا، سكتت الحياة في جسده، وبقيت روحه حية دون أن تفقد شيئاً من طبيعتها وقدرتها، وهذا يعني بكل بساطة أن المسيح كان حياً حتى وهو ميت.
– مثال توضيحي
ولقد حاول أحدهم أن يقرب ما حصل للمسيح في موته إلى أذهاننا، فشبه الروح بالهواء الذي يتخذ شكل الإناء الذي يحل فيه، فمع أن الهواء يملأ الجو ويتحرك فيه بحرية، إلا أنه حدد نفسه شكلاً بصورة الإناء الذي حل فيه، فإذا كسرنا هذا الإناء الذي يتمتع الهواء داخله بنفس خصائص الهواء الموجود في الجو، فإن الهواء يرجع ليختلط فوراً بالهواء الموجود بالجو دون أن يضيع منه شيء، وهذا يقودنا إلى فكرة أن موت المسيح لم يؤثر على طبيعته الإلهية.
– سبب موت المسيح
ولا بد لنا من أن نتبين أن المسيح لم يمت بسبب الصليب، ولكنه مات على الصليب، لم يمت بسبب المسامير والحراب التي اخترقت جسده وجعلته ينزف، ولكنه مات بسبب خطايانا التي حملها ومات على الصليب من أجلها، إن خطايانا وآثامنا هي التي قتله، وما كان للموت أن ينال منه لو لم يكن صلبه مرتبطاً بهذه الخطايا والآثام، فلا موت بدون خطية، ولم يكن آدم نفسه ليموت لو لم يخطئ. تقول كلمة الله “كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع” (رومية 5: 12).
– قيامة المسيح
كما يختلف موت المسيح عن غيره، في أن جسده لم يعرف التعفن والنتانة، وذلك لأن المسيح نفسه لم يعرف الخطية كبقية البشر مع أنه حمل خطاياهم، لهذا كان وعد الله الآب له يحفظ جسده من التعفن وقيامته من بين الأموات. يقول النبي داود على لسان المسيح قبل مجيئه وموته بمئات السنين “لذلك فرح قلبي وابتهجت روح، جسدي أيضاً يسكن مطمئناً، لأن لن تترك نفسي في الهاوية، لن تدع تقيك يرى فساداً” (مزمور 22: 9، 10). وهكذا فإن روح المسيح عاد إلى جسده، فأحياه في اليوم الثالث، فكانت القيامة المجيدة المحتمة.
ويسجل الكتاب المقدس أحداثاً كثيرة تشهد لقيامة السيد المسيح من الموت، يقول “… المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب، وأنه ظهر لصفا ثم للإثني عشر، وبعد ذلك دفعة واحدة لأكثر من خمس مئة أخ أكثرهم باق إلى الأن ولكن بعضهم قد رقدوا، وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين” (1كورنثوس 15: 3-7).
– أبعاد القيامة
ولقد أثبتت هذه القيامة فيما أثبتت أن المسيح هو ابن الله حقاً كما قال، وأن الروح لا تموت، وأن هنالك رجاءً أكيداً لكل من يؤمن بالمسيح “أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟” (1كورنثوس 15: 55)، وما دام المسيح يتمتع بالجوهر الإلهي، فليس غريباً أن يكون مختلفاً عن موت كل إنسان، وأن تكون له نتائج عظيمة مباركة.
يقول السيد المسيح “أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد” (يوحنا 11: 25، 26).
– خلاصة
وهكذا فإن موت السيد المسيح لا ينفي ألوهيته، بل يؤكد محبته العظيمة لنا تلك المحبة التي جعلته يموت من أجلنا، لنتذكر أنه ذاق عنا الموت وأخذ عقابنا، فهل نفهم موته حق الفهم ونقبه؟ هل نعيش غالبين الحياة ونموت إذا كان لا بد من الموت.
- أسئلة يسألها المسلمون والرد المسيحي عليها 1
- أسئلة يسألها المسلمون والرد المسيحي عليها 2
- أسئلة يسألها المسلمون والرد المسيحي عليها 3