ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس – جـ2
ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس - جـ2
ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس – جـ2
ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس – جـ2
الواحد مع الآب في الجوهر:
كما تكلم عن كونه الابن من الآب، الذي من الآب والذي في الآب، في حضن الآب والواحد مع الآب في الجوهر، وفي ذات الآب قبل كل خليقة، وأن حقيقة كونه ابن الله، الابن من الآب، هذه الحقيقة التي لا يعرفها أحد ولا يقدر أن يعلن عنها أحد غير الابن ذاته فقال مؤكداً: ” كل شيء قد دفع إليّ من أبي. وليس احد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له ” (لو10:22)، أي أن معرفة الآب والابن لا تتم إلا عن طريق الابن، لماذا؟ يعلل هو ذلك بأنه يعرف الآب لأنه منه ” أنا أعرفه لأني منه ” (يو7:29)، فهو الذي ” من الآب ” و ” في الآب “؛ ” أني أنا في الآب والآب فيّ 000 أني في الآب والآب فيّ ” (يو14:10و11)، ” الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر ” (يو1:18)، والكائن في ذات الآب: ” والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم 000 أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم ” (يو5:17و24)، والموجود قبل كل وجود ” قبل أن يكون إبراهيم أنا أكون (كائن) ” (يو8:58)، وكما أعلن عن نفسه: ” أنا هو الألف والياء البداية والنهاية ” (رؤ21:6 )، ” أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر ” (رؤ22:13).
كما تكلم عن الآب باعتباره الآتي منه، من الآب، من عند الآب، من ذاته، وغير المنفصل عنه، الواحد معه، والمساوي له في كل شيء، بل واستخدم كلمة ” الآب ” باستمرار سواء في حديثه عن الله أو في حديثه مع الله بطريقة تؤكد العلاقة الفريدة بين الآب والابن؛ ففي الإنجيل للقديس مرقس (36:14) ينادي الآب بالتعبير الآرامي ” أبا “؛ ” يا أبا الآب ” الذي يعني ” daddy”،أي أباه بصفة خاصة، أبيه الذي هو منه، وهو لقب لم ينادي به أحد الله من قبل (رو15:8وغل6:4). ودائما يقول ” أبي وأبيكم ” (يو17:20) ولم يقل أبدا ” أبانا “. وقد فهم اليهود من أحاديثه عن علاقته الخاصة بالله الآب: ” فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن وأنا اعمل. فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضا أن الله أبوه معادلاً (مساوياً) نفسه بالله. فأجاب يسوع وقال لهم الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل. لان مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك. لان الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله. وسيريه أعمالا أعظم من هذه لتتعجبوا انتم. لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء. لان الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن ” (يو17:5-22)، ” لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضا أن تكون له حياة في ذاته ” (يو26:5)، ولما قال لهم: ” أنا والآب واحد فتناول اليهود أيضا حجارة ليرجموه. أجابهم يسوع أعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي. بسبب أي عمل منها ترجمونني. أجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف. فانك وأنت إنسان تجعل نفسك إلها ” (يو30:10-33)، ” ولكن أن كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه ” (يو38:10).
وكان يقول لهم: ” لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه. قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب وكفانا. قال له يسوع أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأي الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ. الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال فيّ هو يعمل الأعمال ” (يو7:14-10)، ” الذي يبغضني يبغض أبي أيضا ” (يو23:15). كما يؤكد أن كل ما للآب هو له: ” كل ما للآب هو لي ” (يو15:16)، ويخاطب الآب بقوله: ” وكل ما هو لي فهو لك. وما هو لك فهو لي ” (يو10:17و11).
6 – الآب والابن والروح القدس:
كما تكلم عن الروح القدس كروح الله وروحه هو أيضاً الذي يرسله الآب باسمه والذي يرسله هو من الآب، الروح القدس الذي يصدر مكن الآب، ينبثق من الآب: ” وأنا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه 000 وأما انتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم ” (يو14:16و17و26), ” ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي ” (يو15:26)، ” لكني أقول لكم الحق انه خير لكم أن انطلق. لأنه أن لم انطلق لا يأتيكم المعزي.ولكن أن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي 000 وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي. لهذا قلت انه يأخذ مما لي ويخبركم ” (يو16:7-9و14و15). أنه هنا يتكلم عن الروح القد، روح الله المنبثق من الآب كروحه هو أيضا والذي يرسله هو من الآب والذي يرسله الآب باسمه.
وعندما تكلم عن علاقته بالآب وعلاقة الروح القدس به وبالآب قدم لنا الله في حقيقة ثالوثه كالآب والابن والروح القدس. وأخيرا يقول لتلاميذه: ” فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر ” (مت28 :19). ” وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيّات وان شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون “. ويقول الإنجيل: ” ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة ” (مر16 :17-20). مؤكدا وجوده في كل مكان وكونه مرسل الرسل والأنبياء وأن كل شيء يتم باسمه وأنه هو الذي يصنع المعجزات على أيدي تلاميذه ورسله وأنبيائه، كقوله لهم: ” ومهما سألتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الآب بالابن. أن سألتم شيئا باسمي فاني افعله ” (يو14 :13و14).
7 – الرب يهوه:
كما كان يستخدم نفس التعبير الذي كان يستخدمه الله في العهد القديم معبرا عن كينونته الذاتية ” أنا هو ” الذي يساوي أنا هو الكائن، أنا هو يهوه، ” فقلت لكم أنكم تموتون في خطاياكم. لأنكم أن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم ” (يو24:8)، ” فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست افعل شيئا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علّمني أبي ” (يو28:8)، ” أقول لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون أني أنا هو ” (يو19:13).
كما استخدم ضمير المتكلم ” أنا ” بمغزاها الإلهي وسلطته اللاهوتية مرات كثيرة، خاصة في الموعظة على الجبل: ” قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن. وأما أنا فأقول لكم أن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه000 وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم أن من طلّق امرأته إلا لعلّة الزنى يجعلها تزني. ومن يتزوج مطلّقة فانه يزني. أيضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث بل أوف للرب أقسامك. وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة 000 سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر 000 سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم ” (مت27:5-44).
وفي هذه الحالات يتكلم عن نفسه كواضع الشريعة والناموس. فهو يستخدم ضمير ” أنا ” بنفس الأسلوب والطريقة التي يتكلم بها الله كصاحب السلطان والسيادة على كل الخليقة. وفي سفر الرؤيا يستخدم ضمير الأنا بكامل قوة وسلطان الله ” أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتا وها أنا حيّ إلى ابد الآبدين آمين ولي مفاتيح الهاوية والموت ” (رؤ1 :17)، ” أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر ” (رؤ22 :13).
وأخيرا يقول ” وها أنا آتي سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر ” (رؤ12:22و13). وهذا الكلام لا يمكن أحد أن يقوله سوى الله نفسه. فهو الديان وملك الملكوت: ” فان ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله ” (مت16 :27)، ” ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء ” (مت25 :31و32). ويقول في الرؤيا: ” فستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطي كل واحد منكم بحسب أعماله ” (رؤ2 :23).
كما يعطي لنفسه لقب رب بمعنى رب الخليقة: فيقول ” ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرّح لهم أني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم ” (مت21:7-23).
8 – الفادي والمخلص:
كما تكلم عن عمله الفدائي الذي جاء إلى العالم من أجله، تجسد من أجله ” وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل له الحياة الأبدية، لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية لأنه لم يرسل الله ابنه ليدين العالم بل ليخلص به العالم ” (يو15:3-17)، ” أنا هو خبز الحياة 000 أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء، إن أكل أحد هذا الخبز يحيا إلى الأبد، والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم 000 الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم، من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه ” (يو48:6-58). والإشارة هنا واضحة إلى آلامه وسفك دمه وتقديم جسده على الصليب. ” أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف 000 وأنا أضع ذاتي عن الخراف ” (يو15:10). وهو هنا يشير إلي بذل ذاته ، تقديم ذاته، نيابة ، فديه، على الصليب. ثم يؤكد حتمية ذلك وحقيقة انه يقدم ذاته بإرادته، دون أن يكون هناك أي مجال للإجبار أو العرض والصدفة بقوله ” لأني أضع نفسي لأخذها أيضا. ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن أخذها أيضا ” (يو17:10و18). ” أن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين ” (مت28:20ومر45:10). ” قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن أن ماتت تأتي بثمر كثير “، ثم أضاف ” وأنا إن ارتفعت عن الأرض اجذب إلى الجميع. قال هذا مشيراً إلى أية ميتة كان مزمعاً أن يموت ” (يو20:12-33). والجملة الأخيرة هي تعليق إيضاحي لمعنى كلام المسيح مؤكداً أن قصده هو الموت معلقاً على الصليب.
وفي العشاء الرباني، صنع مع تلاميذه مراسم العهد الجديد، الذي كان على وشك أن يتممه على الصليب بتقديم جسده الذي قدمه مرة واحدة عن خطايا العالم كله ” لأنه فعل هذا مرة واحدة إذ قدم نفسه ” (عب7 :27)، ” بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبديا ” (عب9 :12)، ” نحن مقدّسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة ” (عب10 :10)، أو كما يقول الكتاب أيضا ” دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه للّه بلا عيب ” (عب9 :14)؛ ” وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم. لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا ” (مت26و26-28)، وهذا الخبز هو الذي سبق أن قال عنه ” والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم ” (يو51:6)، وهذا الدم هو الذي سبق أن قال عنه ” ودمي مشرب حق ” (يو55:6)، ” من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه ” (يو56:6).