فترة ما بين العهدين – ما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين – القمص عبد المسيح بسيط
فترة ما بين العهدين – ما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين – القمص عبد المسيح بسيط
ما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين – القمص عبد المسيح بسيط
كانت الفترة السابقة لميلاد المسيح مباشرة والمعاصرة لتجسده فترة انتظار وترقب لكثير من اليهود لمجيء المسيح المنتظر وابن داود الذي سيجلس على كرسيه إلى الأبد كما تنبأ الأنبياء، وخاصة أن تلك الفترة كانت هي الفترة التي سبق أن أعلن عنها كل من يعقوب أبو الآباء ودانيال النبي بالروح، فقد تنبأ يعقوب في بركته ليهوذا أن المسيح ” شيلوه ” الذي سيكون له حكم شعوب، سيأتي بعد زوال الحكم من سبط يهوذا: ” لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون (حرفياً شيلوه، أي الذي له الحكم) وله يكون خضوع شعوب ” (تك49 :10)، وقد زال هذا الحكم فيما بين سنة 6و7 ميلادية(1).
كما أعلن الملاك جبرائيل لدانيال النبي وحدد له زمن مجيء المسيح الرئيس الذي سيقدم نفسه كفارة عن خطايا العالم بـ 490 سنة: ” سبعون أسبوعا (أي 70 مجموعة من السنين والتي تساوي 490 سنة) قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين ” (دا9 :24)، تبدأ من صدور الأمر بتجديد أورشليم وبنائها، هذا الأمر الذي صدر في السنة العشرين لأرتحشتا الملك الفارسي والذي يساوي سنة 457 ق م وتنتهي بصلب المسيح وانتشار الكرازة به والذي يليها دمار أورشليم: ” فاعلم وافهم انه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعا يعود ويبنى سوق وخليج في ضيق الأزمنة.
وبعد اثنين وستين أسبوعا يقطع المسيح وليس له وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغمارة والى النهاية حرب وخرب قضي بها. ويثبت عهدا مع كثيرين في أسبوع واحد وفي وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة وعلى جناح الارجاس مخرب حتى يتم ويصبّ المقضي على المخرب (ع25-27)(2).
وكان ذلك واضحا عندما ذهب يوسف البار والعذراء القديسة مريم بالطفل يسوع إلى الهيكل ليقدموا عنه ذبيحة حسب شريعة موسى النبي، حيث يقول الكتاب: ” كان رجل في أورشليم اسمه سمعان.
وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان قد أوحي إليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب … وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط أشير … فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم ” (لو2 :25-38)، وكذلك في قول تلميذي عمواس ” كنا نرجو انه هو المزمع أن يفدي إسرائيل ” (لو24 :21)، وكذلك قول أندراوس لأخيه بطرس: ” وجدنا مسيا. الذي تفسيره المسيح ” (يو1 :41). وقول المرأة السامرية له: ” أنا اعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء ” (يو4 :25). ولما ظهر يوحنا المعمدان يقول الكتاب: ” كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون في قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح ” (لو3 :15).
ويقول الكتاب عن يوحنا: ” وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت. فاعترف ولم ينكر واقرّ أني لست أنا المسيح. فسألوه إذا ماذا. إيليا أنت. فقال لست أنا.النبي آنت. فأجاب لا … أنا صوت صارخ في البرية قوّموا طريق الرب كما قال اشعياء النبي ” (يو1 :19-21)، وعند القبض عليه سأل رئيس الكهنة الرب يسوع قائلاً: ” استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله ” (مت26 :63).
وما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين، ما بين عزرا الكاتب والكاهن وبين الرب يسوع المسيح، وخاصة القرنين السابقين للميلاد والقرن الأول الميلادي، بناء على ما فهموه وفسروه لنبوات الأنبياء عن المسيح الآتي والمنتظر فهو كثير، فقد امتلأت كتب اليهود سواء الأبوكريفية أو ما جاء في الترجمة اليونانية المعروفة بالسبعينية التي تمت قبل الميلاد وكتب الربيين والترجوم والمشناه والتلمود وغيرهم وسنكتفي هنا بفقرات منها توضح لنا صورة المسيح كما كان ينتظره اليهود قبل الميلاد. ومن أهم ما جاء في هذه الكتب هي أوصاف المسيح المنتظر وخاصة ألقاب ابن الإنسان وابن الله والممسوح والمختار والديان الجالس عن يمين العظمة والذي ستخضع له جميع الأمم والشعوب، بل وكلمة الله الذي يعمل أعمال الله ويمثل الله والذي مع الله وفي ذات الله. والكثير مما جاء فيها يتطابق مع ما جاء عن الرب يسوع المسيح في العهد الجديد!!
ومن أهم الألقاب التي وردت في هذه الكتب لقب ابن الإنسان الذي أعلن في سفر دانيال النبي، فقد تنبأ دانيال النبي في رؤاه التي رآها عن شبه ابن الإنسان المعبود الذي تتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة فقال: ” كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض ” (دا7 :13و14).
وكذلك نبوة داود النبي عن المسيح الرب الجالس عن يمين الله الآب: ” قال الرب لربي أجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك ” (مز110 :1). وكان لهاتين النبوتين تأثيرا كبيرا على كتاب فترة ما بين العهدين كما كانتا مصدرا لإلهامهم ولذا نجد صداهما في الكثير من هذه الكتابات، وعلى سبيل المثال فقد ورد لقب ابن الإنسان في هذه الكتابات مرات كثيرة، وكذلك وصف المسيح بابن الله الذي يمثل الله والذي من ذات الله وله نفس صفات وألقاب الله، وكونه الجالس على عرش المجد، عن يمين الله، وابن العلي، الكائن في ذات الله قبل الخليقة، والديان، والذي يسجد له جميع سكان الأرض، والذي يأمر ويمارس السلطان على الأرض وبفمه تُعلَن كلُّ أسرار الحكمة، وسيحكم على كثير من الأمم وسينتشر ملكوته كل يوم وسيرتفع في العلي، وسيكون ملكوته ملكوت أبدي:
V سفر أخنوخ الأول: استخدم هذا السفر المكتوب في القرنين الأول قبل الميلاد والأول بعد الميلاد، في جزئه الثاني المعروف بالخطب الأخروية أو أمثال أخنوخ ( في الإصحاحات من 37 إلى71)، عبارة ولقب ” ابن الإنسان ” مرات عديدة عن كائن أسمى من الملائكة والبشر دعاه أيضا بـ ” المختار Elect – “، وقد وصفه بصفات تتطابق كثيرا مع صفات ” مثل ابن الإنسان ” في سفر دانيال النبي:
1 – فقال في الإصحاح 39 ” رأت عيناي مختار الحق والإخلاص، العدالة ستسود في زمنه، والأبرار والمختارون، الذين لا يحصى عددهم (سيمتثلون) أمامه … والأبرار والمختارون كانوا كلهم أمامه بمثل جمال نور النار … بحضوره لن تهلك العدالة أبداً، ولن يفنى الحق بوجوده ” (6و7).
2 – هذا المختار سيجلس على عرش المجد: ” سيجلس مختاري على عرش المجد وسيصنف أعمالهم ” (3:45).
ويقول أيضاً: ” نصفهم ينظر إلى النصف الآخر فيُرتج عليهم، ويخفضون الرؤوس من العذاب حين يرون ابن الإنسان هذا يجلس على عرش مجده. فمنذ البدء ظلّ ابن الإنسان مخفياً. احتفظ به العليّ داخل قدرته … ربّ الأرواح يقيم فيهم ومع ابن الإنسان يأكلون وينامون ويقومون، على الدوام ” (62:5- 7و 14؛ أنظر مت19 :28و25 :31).
3 – كما يصفه أيضا بالذي ينتمي إليه الحق: ” هناك رأيت ذاك القابض على رأس الأيام. رأسه كالصوف الأبيض(8)، ومعه آخر، له وجه ذات شكل بشريّ، والنعمة تفيض منه مثل أحد الملائكة القديسين. سألت عن ابن الإنسان هذا، أحد الملائكة القديسين الذي كان “(8)، يرافقني ويريني جميع الأسرار: ” من هو هذا؟ ومن أين يأتي؟ ولماذا يرافق رأس الأيام؟
فأجابني: ” هو ابن الإنسان الذي له البرّ. البرّ يقيم معه. وهو من يكشف كلَّ كنز الأسرار. فهو من اختاره ربّ الأرواح ونال نصيبه نصراً أمام ربّ الأرواح، بحسب الحقّ، إلى الأبد. وابن الإنسان هذا الذي رأيته يقيم الملوك والمقتدرين عن مضاجعهم، والأقوياء عن مقاعدهم. يحلّ رباط الأقوياء ويحطّم أسنان الخطاة.
يطرد الملوك عن عروشهم ومن مملكتهم، لأنهم لم يعظّموه ولم يمجدوه ولم يقرّوا من أين جاء ملْكهم يحطّ وجه الأقوياء، يملأهم خزياً، فتكون الظلمة مسكنهم، والدود مضجعهم، ولا أمل لهم بقيام، لأنهم لم يعظّموا اسم ربّ الأرواح. وجود ابن الإنسان منذ الأزل “ (1:46-6).
4 – وعن وجوده قبل الخليقة: فيقول: ” ورأيتُ في هذا الموضع عين البرّ التي لا تجفّ، تحيط بها عيون عديدة من الحكمة حيث يشرب العطاش فيمتلئون حكمة ويكون مسكنهم مع الأبرار والقديسين والمختارين. في هذه الساعة دعي ابن الإنسان هذا إلى ربّ الأرواح ونُودي باسمه أمام رأس الأيام. قبل أن تُخلق الشمسُ والعلامات قبل أن تُصنع كواكب السماء، أُعلن اسمه أمام ربّ الأرض. يكون عصا للأبرار، يستندون إليها ولا يعثرون. يكون نور الأمم، يكون رجاء المتألمين في قلوبهم.
أمامه ينحني ويسجد كل سكّان اليابسة. يمجّدون، يباركون، ينشدون ربّ الأرواح. لهذا صار المختارَ، وذاك الذي كان خفياً لديه قبل خلق العالم وحتى مجيء الدهر ولكن حكمة ربّ الأرواح كشفته للقديسين والأبرار. فقد حفظ نصيبَ الأبرار، لأنهم أبغضوا واحتقروا عالم العنف هذا وأبغضوا كلَّ عمله وكلَّ طرقه باسم ربّ الأرواح. باسمه يخلَّصون، وبمشيئته صار هو حياتهم ” (48:1-7).
وأيضاً: ” باطلاً يُخفض ملوكُ الأرض وجهَهم في ذلك الوقت، والمقتدرون أسيادُ اليابسة، بسبب عمل أيديهم. ففي اليوم الذي يحلّ بهم الضيق والوجع لن يخلّصوا أنفسهم. ولكن أسلّمهم إلى أيدي مختاريّ. كالعشب في النار يحترقون أمام القديسين، كالرصاص في النار يبتلعون أمام الأبرار ولا يتركون أثراً. في يوم عذابه يكون الهدوء على الأرض.
يسقطون أمام الأبرار (أو: أمامه) ولا يقومون. لا يمدّ إليهم أحدُ يداً ليقيمهم لأنهم أنكروا ربّ الأرواح ومسيحه. ليكن اسم ربّ الأرواح مباركاً ” (8 -10).
5 – ثم يصفه في بقية الإصحاحات كنور الأمم الموجود قبل الخليقة والذي سيسجد له جميع سكان الأرض: ” و(لفظ) اسمه بحضور مبدأ الأيام. قبل أن تُخلق الشمس والإشارات، قبل أن تصنع نجوم السماء، كان اسمه قد أعلن بحضور رب الأرواح. سيكون عصا للأبرار، وسيتكئون عليه بلا خوف من التعثر. سيكون نور للأمم، سيكون أمل للذين يتألمون في قلبهم. أمامه سينحني ويسجد جميع سكان الأرض ” (2:48-5؛ أنظر اش49 :6وأع13 :47؛ أش)(9). ثم يؤكد بعد ذلك أنه أُعطي ابن الإنسان هذا كل الدينونة (27:69-29)، وأنه سيجلس على عرش الله (1:51-3؛6:61-8)(10).
6 – ثم يصفه كالديان: ” في ذلك الوقت تُعيد الأرض ما أُودع فيها ويردّ مثوى الأموات ما تقبّل، والهلاك يعيد ما عليه من واجب يتميّز وسط (الموتى) الأبرار والقديسين لأن يوم الخلاص قد جاء لهم في ذلك الوقت يجلس المختار على عرشي، بفمه تُعلَن كلُّ أسرار الحكمة لأن ربّ الأرواح أعطاه (إياها) ومجّده جبال من المعادن لمجيء المختار ” (51:1-3).
7 – ويقول عن سلطانه على كل الأرض: ” بعد هذا الوقت، وفي الموضع الذي فيه رأيت كل الرؤى السرية، فقد كنت اختُطفت في إعصار وحُملت إلى الغرب، رأيت بعينيّ جميع أسرار السماء المقبلة: جبل من حديد، جبل من نحاس، جبل من فضّة، جبل من ذهب، جبل من قصدير، جبل من رصاص. فسألت الملاك الذي كان يرافقني: ” ما هذه الرؤية السرّية التي رأيته؟ “، فأجابني: ” كل ما رأيتَه يخدم سلطان مسيحه، فيأمر ويمارس السلطان على الأرض ” (52:1-3).
8 – مديح ابن الإنسان: ” أحَسّوا بفرح عظيم، باركوا، مجّدوا، عظَّموا، لأن اسم ابن الإنسان هذا كُشف لهم. جلس على عرش مجده ومجمل الدينونة أعطيت لابن الإنسان هذا. يزيل الخطاة من على وجه الأرض ويسلّمهم إلى الفساد مع الذين أضلّوا العالم. يقيّدون ويُسجَنون في حبس الفساد وكل عملهم يزول من على وجه الأرض عند ذاك لن يكون شيء فاسد لأن ابن الإنسان هذا قد ظهر وجلس على عرش مجده. زال كل شرّ من على وجه الأرض ومضى. يتحدّثون إلى ابن الإنسان هذا فيقوم أمام ربّ الأرواح ” (69:26-29).
9 – ارتفاع ابن الإنسان: ” ثم حصل أن اسم ابن الإنسان هذا رُفع حياً إلى ربّ الأرواح، من بين سكّان اليابسة. رُفع على مركبة الريح وأخذ اسمه من بينهم ” (70:1و2).
V وجاء في المزامير المنسوبة لسليمان: ” أنظر، يا ربّ، وأقم لهم ملكهم، ابنَ داود، يوم تعرف، يا الله، ليملكَ على إسرائيل عبدك. لا يضعف طوال حياته، أنه استند إلى إلهه. فالله منحه القوّة، بالروح القدس، والحكمةَ بمشورة الفهم، القدرةَ والبرّ … ذاك هو بهاء ملك إسرائيل الذي هيّأه الله، وأقامه على بيت إسرائيل وأدّبه ” (17:21و37و42)(11).
V وجاء في باروخ الثاني: ” عندئذ حين يتمّ ما يجب أن يحصل في هذه الأجزاء، يبدأ المسيح فيكشف عن نفسه. ويكشف بالموت عن نفسه في موضعه … والأرض أيضًا تعطي ثمارها، كل واحد بعشرة آلاف. وعلى جفنة واحدة يكون عشرة آلاف غصن، ويعطي كل غصن ألف عنقود عنب، وكل عنقود يعطي ألف حبّة. والحبّة تعطي من النبيذ. والذين جاعوا سيكونون في الفرح، بل يرون كل يوم معجزات لأن رياحًا ستخرج من عندي، فتحمل كلّ صباح رائحة الثمار العطرة، وفي نهاية النهار، تقطر الغيوم ندى الشفاء ” (29 :3-7)(12).
ويقول أيضاً: ” وبعد هذا، وحين يتمّ زمنُ مجيء المسيح فيعود لمجده، يقوم جميع الذين رقدوا في رجائه ” (30:1؛ أنظر1تس4 :13-17). ” الرئيس العظيم الذي يظلّ في ذلك الوقت على قيد الحياة، ساعة يدمَّر جمهور جماعاته، يُقيَّد ويؤخذ إلى جبل صهيون. فيتهمه مسيحي بكل كفره، ويجمع أمامه كل أعمال جماعاته ” (40:1). وأيضاً: ” بعد أن تأتي الآيات التي سبق وقلتها لك، تضلّ الأمم ويأتي زمن مسيحي. فيدعو إليه كل الأمم، فيحيي بعضًا ويقتل بعضًا، وهذا ما يحصل للأمم التي ستحيا به ” (72:2).
V وجاء في كتاب عهد لاوي: ” وبعد أن يتمّ عقابهم من الربّ، يزول الكهنوت. فيقيم الربّ كاهناً جديداً تُكشف له كلُّ أقوال الرب، فيمارس دينونة الحقّ على الأرض خلال العديد من الأيام. يطلع كوكبه في السماء ككوكب ملك، ويُشعّ بنور المعرفة كما الشمس في وضح النهار، فيعظَّم في العالم كله. يُشع كما الشمس على الأرض فيزيل كل ظلمة من تحت السماء، ويملك السلام على الأرض كلها. في أيامه تهلّل السماء، والأرض تفرح والغمام يبتهج. وتنتشر معرفة الربّ على الأرض كمياه البحار، ويبتهج من أجله ملائكة مجد وجه الرب. تنفتح السماء، ومن هيكل المجد يأتي عليه التقديس، وصوت أبويّ مثل صوت إبراهيم لإسحاق. فمجد العليّ يُعلن عليه، ويحل عليه في الماء روحُ الفهم والتقديس ” (18:1-7).
V وجاء في كتاب عهد يهوذا: وصف المسيح ككوكب يعقوب: ” بعد هذا يطلع لكم كوكب من يعقوب، في السلام. يطلع رجل من ذرّيتي كشمس البرّ، (أنظر ملا4 :2) يسلك مع البشر في الوداعة والبرّ، ولا تُوجد فيه خطيئة. تنفتح السماوات له لتُفيض الروح، بركة الآب القدوس، وهو يفيض روح النعمة عليكم تصيرون أبناءه في الحقيقة، وتسلكون في أوامره الأولى والأخيرة. هو نبت العلي، وهو الينبوع المحيي الجميع. فيشعّ صولجان ملكي، ومن جذركم ينبت جذع منه يخرج صولجان البرّ للأمم ليدين جميع الداعين للرب ويخلّصهم ” (24:1-5).
V وجاء في مخطوطات قمران الكثير من النماذج نختار منها ما يلي:
(أ) ما جاء قي 4QAramaic Apocalypse (4Q246), col. II: ” وسيدعى ابن الله، وسيدعونه ابن العلي(13) … وسيكون ملكوته ملكوت أبدي … ويعم الأرض السلام والحق ويتوقف السيف في الأرض وستبايعه كل المدن. وهو إله عظيم بين الآلهة … وسيكون ملكوته ملكوتا أبدياً “(14).
(ب) وجاء في 4Q252 frag 1, col5): [on Gen 49.10]:: ” لن تزول السيادة من سبط يهوذا، وبينما يكون لإسرائيل السيادة فلن يعدم أحد من الجلوس على عرش داود … حتى يأتي مسيح العدالة، فرع داود “.
(ج) وجاء في المغارة الرابعة (174): نص رؤيا باللغة الآرامية عن الملك الأخير ابن داود والذي يتحدث عن بنوة المسيح الإلهية ويسميه ابن العلي والرب، وكأن هذا النص هو صدى لما جاء في المزمور الثاني ” أنت ابني أنا اليوم ولدتك “؛ فيقول ابتداء من ف1 فقرة 7 إلى في2 فقرة 9: ” ويقوم ملك آخر، وهو يكون عظيما على الأرض. الشعوب (أو الملوك) تسالمه، والجميع يتعبدون له. ابن الرب العظيم يدعى، ويسمى باسمه. يقولون أنه ابن الله، ويسمونه ابن العلي، مثل نجوم الرؤية هكذا يكون ملكهم. يملكون السنوات على الأرض، ويدوسون كل شيء. شعب يدوس شعبا، ومقاطعة مقاطعة، إلى أن يقوم شعب الله فيرتاح السيف. ملكوته ملكوت أبدي، وجميع طرقه في الحق. يدين الأرض بالحق، فيصنع الجميع السلام. يزول السيف من الأرض، وجميع المقاطعات تخضع له. الله العظيم يكون قوته، ومعه يصنع الحرب. فيسلم الشعوب إلى يده، وجميعاً يرميهم أمامه. سلطانه سلطان أبدي وجميع لجج الأرض تطيعه “.
V أما فيلو اليهودي الإسكندري؛ فيتحدث عن اللوجوس تفصيلا ككلمة الله ورسوله وممثله، والذي قدم من خلاله لليونانيين ترجمة وتفسيرا لكلمة ميمرا الآرامية بمعناها كما جاء في الترجومات. ويقول في كتابه حياة موسى (The Life of Moses I:289-290): ” سيأتي إنسان، وسيحكم على كثير من الأمم وسينتشر ملكوته كل يوم وسيرتفع في العلى “.
ويقول في (On Rewards and Punishments 95): ” سيأتي إنسان يقول أقوال الله “. وقد وصف ابن الإنسان بنفس الصفات المذكورة في سفر دانيال النبي ويقترب كثيرا مما جاء عن ابن الإنسان على لسان الرب يسوع المسيح، ولكنه لا يعترف أنه يسوع
الناصري(15).
V وجاء في سفر عزرا الرابع: والذي كتب قبل الميلاد، ويتكلم عن ابن الإنسان المهيب الرهيب الخارج من البحر، والذي يصفه بقوله ” ونظرت [ وإذا بهذه الريح تُصعد من قلب البحر كائناً كان مثل إنسان ونظرت وإذا ] بهذا الإنسان يطير مع سحب السماء وحيث كان يدير وجهه لينظر كان كل ما يقع عليه نظره يرتجف “. ثم يصفه بالجبار المهيب الذي يبيد الأشرار بنفخة فمه ويضم إليه الأبرار (1:13-13)(16).
وهناك الكثير مما جاء في الترجومات وبقية كتب اليهود مما سنفرد له بحث خاص فيما بعد.
(1) أنظر كتابنا ” هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي أخر يأتي بعد المسيح؟ “.
(2) أنظر كتابنا ” إعجاز الوحي والنبوة في سفر دانيال الفصل التاسع.
(8) أنظر دا 7 :13.
(8) السابق.
(9) ” بذاتي أقسمت خرج من فمي الصدق كلمة لا ترجع انه لي تجثو كل ركبة يحلف كل لسان ” (أش45 :23)، ” لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ” (في2 :10).
(10) أنظر ” مخطوطات قمران – البحر الميت ” جـ 2 : 45-56 . مع H.F.D.Sparks The Apocryphal O T p. 221-257.
(11) أنظر: ” ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب ” (اش2 :11).
(12) ومن هذا النص وغيره جاءت عقيدة الملك الألفي الحرفي التي أنتظرها اليهود وتوقعوا أن المسيح سيكون ملكاً دنيويا يبدأ ملكه على العالم كله من جبل صهيون ويكون كل شيء في ملكة حرفيا ويتضاعف كل شيء في عصره إلى ألف!! ومن هنا رفضوا الرب يسوع المسيح لأنه تكلم عن ملكوت السموات الروحي ” مملكتي ليست من هذا العالم ” (يو18 :36). أنظر كتابنا ” المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟ ” ف 6 .
(13) أنظر لو1 :32.
(14) أنظر دا 4 :3؛7 :22.
(15) Theological Dictionary of the N T . vol. 8 p.410-411
(16) السابق جـ 3 : 347 . مع The New English Bible. 2 Esdras ch. 13.