مصطلح العهد القديم والجديد – القمص عبد المسيح بسيط
مصطلح العهد القديم والجديد – القمص عبد المسيح بسيط
مصطلح العهد القديم والجديد – القمص عبد المسيح بسيط
مصطلح العهد القديم والجديد – القمص عبد المسيح بسيط
يعني تعبير العهد الجديد العهد الذي قطعه الرب يسوع المسيح مع تلاميذه في الفصح والعشاء الرباني بدمه الذي سفكه لغفران الخطايا: ” لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا ” (مت26 :28)، فقد صنع الله عهده الأول مع نوح وقت الطوفان: ” وَلكِنْ أُقِيمُ عَهْدِي مَعَكَ، فَتَدْخُلُ الْفُلْكَ أَنْتَ وَبَنُوكَ وَامْرَأَتُكَ وَنِسَاءُ بَنِيكَ مَعَكَ ” (تك6 :18)، ثم أعطاه العهد بعد الطوفان أن لا يهلك الأرض مرة أخرى بالطوفان (تك8: 1و2، 9: 11و15).
ثم كان عهد الله الثاني مع إبراهيم: ” أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ ” (تك17 :4)، ” وَأُقِيمُ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ، عَهْدًا أَبَدِيًّا، لأَكُونَ إِلهًا لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ ” (تك17 :7). وكان عهده الثالث مع موسى النبي وبني إسرائيل في البرية: ” فَالآنَ إِنْ سَمِعْتُمْ لِصَوْتِي، وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي تَكُونُونَ لِي خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. فَإِنَّ لِي كُلَّ الأَرْضِ ” (خر19 :5).
ثم أعطى الله العهد لداود بالمسيح، المسيا، الآتي من نسله: ” قَطَعْتُ عَهْدًا مَعَ مُخْتَارِي، حَلَفْتُ لِدَاوُدَ عَبْدِي: إِلَى الدَّهْرِ أُثَبِّتُ نَسْلَكَ، وَأَبْنِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ كُرْسِيَّكَ ” (مز89 :3و4). ” أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ، فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ وَنُورًا لِلأُمَمِ ” (اش42 :6).
ويظهر هذا العهد بصورة أوضح في سفر إرميا: ” ” هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَقْطَعُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا (בְּרִ֥ית חֲדָשָֽׁה = διαθήκην καινήν). لَيْسَ كَالْعَهْدِ الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ يَوْمَ أَمْسَكْتُهُمْ بِيَدِهِمْ لأُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، حِينَ نَقَضُوا عَهْدِي فَرَفَضْتُهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. بَلْ هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا ” (ار31 :31-33).
هذا العهد أشار إليه القديس بولس في الرسالة إلى العبرانيين وإلى وسيطه الرب يسوع المسيح ووصفه بالعهد الأعظم: ” وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ حَصَلَ عَلَى خِدْمَةٍ أَفْضَلَ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ وَسِيطٌ أَيْضًا لِعَهْدٍ (διαθήκης) أَعْظَمَ، قَدْ تَثَبَّتَ عَلَى مَوَاعِيدَ أَفْضَلَ. فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ. لأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ لاَئِمًا: هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، حِينَ أُكَمِّلُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا ” (عب8 :6 – 8).
ومن ثم فقد صار العهد الجديد هو العهد الأفضل لأنه وسيطه هو الأعظم: ” وَلكِنَّهُ الآنَ قَدْ حَصَلَ عَلَى خِدْمَةٍ أَفْضَلَ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ وَسِيطٌ أَيْضًا لِعَهْدٍ أَعْظَمَ، قَدْ تَثَبَّتَ عَلَى مَوَاعِيدَ أَفْضَلَ ” (عب8 :6)، ” وَلأَجْلِ هذَا هُوَ وَسِيطُ عَهْدٍ جَدِيدٍ (διαθήκης καινῆς)، لِكَيْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّونَ إِذْ صَارَ مَوْتٌ لِفِدَاءِ التَّعَدِّيَاتِ الَّتِي فِي الْعَهْدِ الأَوَّلِ يَنَالُونَ وَعْدَ الْمِيرَاثِ الأَبَدِيِّ ” (عب9 :15).
فالرب يسوع المسيح هو وسيط العهد الجديد بدمه الذي سفكه عن خطايا العالم: ” وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ (καινὴ διαθήκη) بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ ” (لو22 :20)، وليس بدم تيوس أو عجول أو ذبائح أخرى، التي جعلت العهد القديم غير خالياً من العيوب، فقد كان العهد القديم غير كامل لأنه بني على ذبائح حيوانية كانت ترمز فقط لذبيحة المسيح الذي دخل إلى الأقداس بذبيحة نفسه: ” وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا ” (عب9 :12).
ومن هنا استخدم الآباء اللاتين، ترتليان (208م) ولكتانيوس، مصطلح العهد القديم (vetus testamentum) لأسفار التوراة والأنبياء والكتب والتي كانت معروفة بالتاناك (TaNaK)[1]، ومصطلح العهد الجديد (Novum Testamentum) للأسفار التي كتبها تلاميذ المسيح ورسله بالروح القدس. فقال ترتليان في كتابه ضد ماركيون: ” يجب أن يُفهم أن كلمة الله لها حدان بعهدين هما الناموس والإنجيل “[2]. وفي كتابه الرابع[3] يحذر من وجود اختلاف ” بين العهد القديم والعهد الجديد ” بسبب معتقدات ماركيون الهرطوقية.
ويقول لكتانيوس: ” كل الكتاب المقدس ينقسم إلى عهدين اثنين – العهد الذي سبق مجيء وآلام المسيح (الناموس والأنبياء) – ويسمى العهد القديم وأيضاً الأمور التي كتبت بعد قيامة المسيح وقد سميت بالعهد الجديد. كان اليهود يستخدمون العهد القديم أما نحن فنستخدم العهد الجديد لكنهم ليسوا في خلاف حيث أن العهد الجديد يتمم العهد القديم وكلاهما له نفس الهدف – المسيح “[4].
ويرى بعض العلماء أن هذا المصطلح هو النتيجة الطبيعية للتعبير اليوناني ” καινὴ διαθήκη –kaine diatheke – كايني دياثيكي ” والتي ترجمت بـ ” العهد الجديد أو عهداً جديداً ” (لو22:20)[5]، والذي يرادفه في العبرية ” ברית חדשׁה – بريت مادشاه = عهدا جديدا ” (ار31 :31)، والمقصود به العهد الذي وعد به الله وصنعه الرب يسوع المسيح بدمه.
[1] T اختصار توراة، وN اختصار نبييم، وK اختصار كتوبيم؛ أي التوراة والأنبياء والكتب، حسب التقسيم اليهودي لأسفار العهد القديم والتي كانت كما يرتبها المؤرخ اليهودي يوسيفوس معاصر تلاميذ المسيح (35 – 1—م): ” في كتابه ضد ابيون (8:1): ” خمسة منها لموسى تحتوى على نواميسه وتقاليد أصل الجنس البشرى حتى وفاته 000 ومن موت موسى إلى حكم ارتحشتا (ملك فارس) كتب الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى 000 والكتب الأربعة الباقية تحتوى على ترانيم لله ومبادئ سلوكية لحياة البشر “.
[2] Against Marcion 3.14.
[3] Against Marcion 4.6.
[4] Divine Institutes 4.20.
[5] أنظر أيضاً: 1كو11 :25؛ 2كو3 :6؛ عب8 :8؛ 9 :15.
إقرأ أيضاً: