تدبير الخلاص عند القديس كيرلس الأسكندرى – دكتور نصحى عبد الشهيد
تدبير الخلاص عند القديس كيرلس الأسكندرى – دكتور نصحى عبد الشهيد
مقدمة :
ضرورة الخلاص :
أ ـ من جهة الله:
خلاص الإنسان هو عمل إلهي حر نابع من محبة الله الأزلية والمخلِّصة، التي هي مصدر كل الأشياء. الخلاص عمل مجاني لرحمة الله، إذ أن ” الله محبة” (على يو17:10)[1]، والله “حرية”. لذلك فالله هو محبة مجانية حرة وحرية مملوءة محبة. في محبته المجانية قرر الله أن يخلص الإنسان وبحريته اختار الطريقة الفُضلى التي يصنع بها هذا الخلاص. الله لم يكن مقيدًا بأية ضرورة أن يخلص الإنسان المتعدي، كما أن الله ليس مسئولاً عن خطية الإنسان أو فساده. ولكن لم يكن يليق بالله ـ بسبب محبته ـ أن يكون غير مبالٍ بمعاناة الإنسان وفساده. خلاص الإنسان لم يكن فرضًا إجباريًا على الله. بل بالعكس فإن الله له كل الحق أن يحكم على المتعدي، فحكمه على الإنسان المتعدي صائب وعادل.
ب ـ من جهة الإنسان:
كان الخلاص ضروريًا جدًا للإنسان، فكل البشر كانوا تحت الخطية، وتحت الفساد وتحت الموت بعد سقوط آدم (شرح يوحنا35:8).
لم يكن يستطيع أحد أن يقدم هذا الخلاص للبشر، لأن جميع البشر كانوا خطاة، فكل واحد منهم كان يحتاج أولاً أن يخلص هو.
وأيضًا حتى الملاك أو أي كائن آخر لا يستطيع أن يقدم الخلاص لكل جنس البشر (على رو20:5). كانت الخطية هي العائق لعلاقة البشر مع الله، وكانوا يتطلعون ويشتاقون إلى الخلاص من ذنبهم وبؤسهم وخطيتهم. البشرية كانت تنتظر مخلصًا إلهيًا وتشتاق إليه.
ولم يكن ممكنًا لهم أن يتجنبوا طغيان الشيطان سوي بواسطة وسيط بين الله والإنسان ـ وسيط له قوة وسلطان إلهي، ويكون أيضًا ممثلاً لجنس البشر (على مزمور6:80س).
لذلك فإن كلمة الله الأزلي، (الأزلي بطبيعته الإلهية)، صار “إنسانًا” لأجل خلاص الإنسان ليفتح لنا طريقًا جديدًا فريدًا ودائمًا للخلاص. كل البشر كانوا ينتظرون المخلص ويشتاقون لمجيئه (على رو20:5).
هذا الاشتياق البشري الشامل للمخلص والخلاص، كان منتشرًا بين كل الشعوب وخاصة بين اليهود. لقد وعد الله مرات عديدة أنه سيرسل ابنه مخلصًا للبشر. والرب يسوع المسيح هو الشخص الذي وعد الله أن يرسله لخلاص الناس. وهكذا جاء المخلص وظهر في شخص الإله الإنسان الكلمة المتجسد الرب يسوع المسيح ابن الله.
الجزء الأول : الخلاص بالمسيح
القسم الأول: الله وتجسد الكلمة:
فصل 1: خلاص الإنسان وخطة الله الأزلية:
يقول القديس كيرلس إن التجسد الإلهي حدث في نقطة محددة التاريخ، وإن ” المسيح مات لأجلنا في نهاية أزمنة العهد القديم” وإن العهد الجديد تحقق بالمسيح، بعد نهاية ” العهد القديم “. ولكن القديس كيرلس يقول أيضًا إن فكرة هذا السر العظيم (التجسد للخلاص) لم تكن جديدة بالنسبة لله (على لو21:5). بل إن خطة الخلاص كانت خطة أزلية عند الله، وبذلك يكون حدث التجسد التاريخي هو تحقيق فى الزمن للخطة الإلهية الأزلية وللمشيئة الإلهية. ” سر المسيح ليس جديدًا. لقد كان معينًا سابقًا قبل خلقة العالم، لأن الله يعرف ما الذي كان سوف يحدث.
فحينما سقط آدم بل وقبل سقوطه، كان الله قد وجد أيضًا الطريق الذي يتمم به شفاء الإنسان في الزمن بالمسيح” (علي إشعياء3:41). بل إن الله نفسه هو الذي أعد هذا السر قبل خلق العالم (لو21:5). وتدبير الله للتجسد منذ القديم يوضح أن الله كان دائمًا يفكر في خلاص الإنسان بسبب محبته وصلاحه. ولهذا يتكلم القديس كيرلس عن “عناية الله” أي تدبيره لخلاص الإنسان. هذه المعرفة المسبقة والتدبير الأزلي تم التعبير عنه وتحقق ” في ملء الزمان “.
… والآن، ينبغي أن ندرك أن حكمة الله قد وُضعت لأجلنا أساسًا، قبل كل الدهور… وبطريق مماثلة فإن خالق الكل، جعل المسيح هو أساس خلاصنا حتى قبل خلق العالم، حتى إذا سقطنا، يمكن أن يُعاد بناؤنا من جديد، على المسيح. وهكذا، ففيما يخص فكر الآب وقصده، فقد جُعل المسيح هو الأساس قبل كل الدهور: ولكن تحقيق القصد أتى فى وقته الخاص، حينما استلزمت الحاجة ذلك. لأنه في زمن تجسد المسيح، فإننا نتجدد فيه هو (المسيح) ذلك الذي كان لنا منذ القديم، هو أساس خلاصنا” (الكنز15).
علاقة خطة الله الأزلية بما حدث فعلاً، لا يمكن أن تُفهم بمعنى أن التجسد حدث اضطراريًا بسبب خطة الله، بل بمعنى أن الله دبر وخطط هكذا لأنه عرف مسبقًا ما الذي سيفعله الإنسان وما الذي سيكون عليه الإنسان. فسقوط الإنسان كان معروفًا عند الله، ولكن حدوثه لم يكن بسبب أن الله كان يعرف مسبقًا بحدوثه.
ونفس الشيء يُقال عن التجسد، فإن الله عرف مسبقًا بالحاجة إلى التجسد وضرورته. القديس كيرلس لا يفصل التجسد عن معرفة الله وخطته. فتجسد الكلمة خُطط له بمشيئة الله الآب وعلمه السابق (على رو14:5). فالقديس كيرلس ينظر للتجسد على أنه عمل محبة الله المجانية. وأن التجسد تم في وقته الخاص، الوقت الذي أراده الله، هذا الوقت هو وقت الله الخاص الذي لا نستطيع نحن أن نعرفه (على رو14:5، والكنز15).
فصل 2: الثالوث القدوس وتجسد الابن فى عمل الخلاص:
رغم أن التجسد خاص بأقنوم الابن، فإن القديس كيرلس ـ بحسب تعليم الكتاب المقدس ـ يعلّم أن الابن جاء وتجسد ليحقق مشيئة الآب الأزلية والتي هي مشيئته هو أيضًا. الثالوث القدوس كله عامل فى خلاص الإنسان وفدائه : ” فالآب هو الذى أرسل ابنه مخلصًا للإنسان ” [2]. والقديس كيرلس يستعمل طريقتين للتعبير عن تجسد الابن وعمل الخلاص. فحينما يريد أن يؤكد على حقيقة أن تجسد الكلمة وخلاص الإنسان هما مشيئة الآب الأزلية فإنه يستعمل صيغة المبني للمعلوم حينما يكون الفاعل هو الآب ” الآب أرسل ابنه “[3]، وحينما يكون الابن هو الفاعل والآب هو العلة فى التجسد والخلاص، فإنه يستعمل صيغة المبني للمجهول، فيقول ” الابن أُرسِلَ في شبه جسد الخطية”[4]، ” لقب الابن الوحيد الخاص باللوغوس أُطلق أيضًا على اللوغوس متحدًا بالجسد “[5].
ويُعبّر القديس كيرلس عن عمل الآب والابن معًا فى التجسد والخلاص بقوله: ” الآب يعمل كل الأشياء بالابن” (Thesaurus 129). كما أن الروح القدس له دور فى التجسد والخلاص، فيقول: ” الروح الإلهى بنى هيكلاً فى العذراء مريم”، و”الجسد الكلى القداسة الذى كان متحدًا باللوغوس حُبل به بالروح القدس” [6].
وهكذا ففي سر التجسد، يعمل الثالوث القدوس ويظهر الثالوث ويُعلن بتجسد الابن لخلاص الإنسان. كما يقول القديس كيرلس: ” طبيعة الألوهة الواحدة تُعرف من خلال الثالوث القدوس والمساوي فى الجوهر”[7].
فصل 3: ضرورة التجسد :
1 ـ من جهة الله: يقول القديس كيرلس إن تجسد الابن لم يكن عن اضطرار بالنسبة لله، بل إن خلاص الإنسان كان من جهة الله هو محبة عمل محبة مجانية، ويعبر عن تسامح الله مع خطية الإنسان. ويستعمل القديس كيرلس تعبير “محبة البشر” (فيلانثروبيا)، ليعبر به عن توصيل محبة الله للإنسان بصفة خاصة[8]. وبما أن الإنسان كان عاجزًا بذاته عن أن يخلص، فإن محبة الله توصف بأنها “رحمة “. وهكذا فإن خلاص الإنسان يُقدم من الله للإنسان فقط كهبة إلهية ” وكثمرة لمحبة الله للبشر”[9]. وإن كان ” الخلاص ضرورة بالنسبة لله فذلك ليس معناه أن الله كان مجبرًا عليه، بل يعني أنه يليق بالله وبصفاته الإلهية، وهو المحبة وهو الرحوم أن يخلّص خلائقه. فالله لا يستطيع أن يناقض طبيعته المُحبة الرحومة.
2 ـ من جهة الإنسان: الخلاص ضروري جدًا للإنسان: فكل البشر خطاة، ولذلك فالكلمة اتخذ الطبيعة البشرية بالتجسد واحتمل كل الآلام والمعاناة التي يتعرض لها البشر حتى الموت نيابة عن البشر، فمات الكل فيه (2كو14:5) إذ أن جميع البشر ممثلين فى الكلمة المتجسد. فلو لم يكن الكلمة قد اتحد بطبيعتنا، وصار هو أصلنا الجديد لما استطاع البشر أن يخلصوا.
3 ـ لماذا الابن هو الذي تجسد وليس الآب أو الروح؟:
يقول القديس كيرلس: ” ذلك الذي استطاع أن يخلق كل الأشياء والبشر هو بلا شك يستطيع أيضًا أن ينقل الإنسان إلى تغير روحي حقيقي ويهبه الخلاص[10]. ويقول أيضًا ” الآب الذي يضبط كل الأشياء بيده اليمنى أى ابنه،، بقدرة إلهية، وهو الذي يعطي الوجود والحياة للأشياء غير الموجودة قبلاً، هو أيضًا يعطي “الحياة الصالحة”، أي حياة الخلاص الجديدة لأولئك الذين كان لهم وجود ككائنات، ولكنهم كانوا قد أخطأوا وسقطوا”[11]. أى أن الآب بالكلمة خلق غير الموجودات، وبه أيضًا يخلّص الذي كان موجودًا وسقط، وأن الله الابن هو الذي أتم المصالحة والفداء، وأعادنا إلى الله أبيه مرة أخرى[12].
هنا نلاحظ العلاقة الداخلية عند القديس كيرلس بين الخلق والفداء الذي أتمه الآب بالكلمة يسوع المسيح.
4 ـ عند القديس كيرلس أن المسيح تجسد وتألم ليخلص الإنسان من الخطية وسلطانها، ليجعل الإنسان شريكًا فى حياة جديدة فى الله وابنًا حقيقيًا ويقدم له ما كان قد فقده. فعنده أن هدف التجسد هو خلاص الإنسان . فلو لم يكن الإنسان قد أخطأ، لما كان المسيح قد جاء، ولو لكم تكن طبيعة الإنسان قد فسدت بالخطية، لما كان ضروريًا أن يتخذ ” كلمة الله ” الطبيعة البشرية ليفديها ويخلصها[13]. السبب الوحيد للتجسد العظيم عند كيرلس هو محبة الله الأزلية غير المحدودة لخلائقه، وللإنسان الساقط، الفاسد [ المسيح الذى بلا خطية أخذ على نفسه كل خطايا الناس ليحطم قوة الخطية ] [14]. [من عظمة محبة الله جاء المسيح ليخلص الإنسان الخاطئ ] [15].
القسم الثاني
يسوع المسيح وسيطنا ومخلصنا
+ الوساطة مبنية على التجسد: ” إن قلنا إن الكلمة لم يصر جسدًا، أى أنه لم يحتمل الولادة بالجسد، فإننا بذلك نهدم سر تدبير الله”[16].
+ القديس كيرلس يتحدث عن وساطة مزدوجة للمسيح:
1 ـ وساطة طبيعية: هو نقطة اللقاء بين الألوهية والبشرية في شخصه، إذ هو واحد مع الآب بالجوهر الإلهي، وواحد معنا باتخاذه طبيعتنا البشرية (الجسد) التي دمجها في حياته الخاصة.
2 ـ وساطة روحية: لأنه أيضًا هو نفسه فينا، لأننا قد صرنا شركاء له، ونناله ساكنًا في نفوسنا بواسطة الروح القدس، لهذا السبب قد صرنا شركاء الطبيعة الإلهية ودعينا أبناء، وهكذا أيضًا يصير لنا الآب نفسه فينا بواسطة الابن. ويشهد بولس ” لأنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخًا يا ابا الآب” (غلا6:4) (على يو20:14).
3 ـ وساطة المسيح هي بذبيحته الفريدة كرئيس كهنة:
[ حيث إنه رئيس كهنة ـ بسبب إنسانيته، ولأنه قدم نفسه ذبيحة بلا لوم لله الآب، فدية عن حياة جميع الناس ـ وإذ هو البداءة بكر من الأموات، لكي يكون متقدمًا في كل شئ كما يقول بولس، وهو يصالح جنس البشر المرفوض، الذين على الأرض مع الآب مطهرًا إياهم بدم نفسه، ومعيدًا تشكيلهم إلى جدة الحياة بواسطة الروح القدس؛ وحيث إنه ـ كما قلنا مرارًا ـ كل الأشياء تتم من الآب بالابن في الروح القدس؛ فإنه كوسيط ورئيس كهنة يخدم شفاعة الخيرات العتيدة من نحونا، رغم أنه متحد مع أبيه في إعطاء وإفاضة النعم الإلهية والروحية ][17].
4 ـ شفاعة المسيح كرئيس كهنة في السماء:
يقول القديس كيرلس إن وساطة المسيح كرئيس كهنة في السماء ضرورية جدًا بسبب أن المؤمنين به هنا على الأرض ضعفاء، وهم في احتياج شديد كل لحظة للنعمة الإلهية ومعونة رئيس كهنتهم المسيح[18].
يسوع المسيح هو رئيس الكهنة الدائم إلى الأبد، وسيظل رئيس كهنة في السماء، حيث إن ناسوته، الكامل والعديم الفساد بعد قيامته، سيظل متحدًا بالكلمة الأبدي في السماء.
ولن تتوقف وساطة المسيح السماوية إلاّ في نهاية العالم وبداية الدهر الآتي الأبدي، حينما يكون عمله لأجل البشر قد اكتمل. ولكن حتى بعد ذلك، فإن المسيح رئيس الكهنة من خلال شعبه المؤمنين به، سيقدم التسبيح الأبدي لله الآب، بينما كإله فإنه في الدهر الآتي سيتقبل هذا التسبيح من شعبه.
القسم الثالث : طبيعة الخلاص
فصل 1: العلاقات بين الله والإنسان : المصالحة
فصل 2: الخلاص من جهة الإنسان نفسه : الفداء
فصل 1: خلاص الإنسان من جهة علاقته بالله :
تعليم القديس كيرلس عن المصالحة Reconciliation
أ ـ يعلم القديس كيرلس ـ حسب الكتب المقدسة ـ أن المسيح صالح العالم مع الله (أنظر 2كو18:5ـ21) [الله صالحنا لنفسه بيسوع المسيح..]. الإنسان كان يحتاج للمصالحة لأنه قد اخطأ إلى الله، فهو مذنب، وأجنبى عن الله ولذلك كان تعيسًا جدًا. المصالحة تعنى إصلاح وتغيير العلاقة بين الله والإنسان، أى حالة جديدة من السلام مع الله والتبنى لله، المسيح جاء صانعًا سلامًا ” هو سلامنا “، أبطل العداوة التى كانت بيننا وبين الله. وبه حصلنا على قدوم إلى الآب ” [19].
ب ـ الشخص الذى يقوم بالمصالحة هو وسيط بين شخصين لمصالحتهما. هذا المصالح يجب أن يمثل كلا الطرفين. يسوع المسيح هو الشخص المصالح وهو الوسيط بين الله والإنسان. المسيح بسبب وحدته الأقنومية (بين لاهوته وناسوته) هو إله لأنه ” الكلمة الأزلى” الإله الحقيقى، وفى نفس الوقت هو إنسان، لأنه بالتجسد صار الكلمة إنسانًا كاملاً. وهكذا، فبسبب التجسد، فإن المسيح يمثل الله بالنسبة لنا، كما يمثلنا نحن أمام الله.
” الله ليس هو فقط ” مُصالح” بواسطة ذبيحته، بل هو أيضًا الشخص الذي تم التصالح معه، لأنه هو الذي حدثت الإساءة إليه”[20].
ج ـ لأن الله محبة وهو دائمًا يحب ، لذلك فالمصالحة فى المسيح هى تحقيق لمشيئة الله لأجل استعادة العلاقة بين الله والإنسان، وبهذه الطريقة يمكن أن يصير ابنًا لله.
يقول القديس كيرلس: ” إن طبيعتنا قد صارت مقبولة قبولاً حسنًا فى المسيح … لأننا نحن الذين كنا مطرودين بسبب تعدى آدم ، قد أُدخلنا الآن إلى الآب بالمسيح ” [21].
” بواسطة المسيح صرنا شركاء الطبيعة الإلهية، ورغم أننا كنا أجنبيين، قد صرنا الآن قريبين، ونحن متحدون مع الله الآب نسبيًا. وكل الذين هم متحدون بنفس الآب ومشتركون فى نفس الروح، هم أيضًا متحدون أحدهم بالآخر ” [22].
وبهذه المصالحة بين الله والإنسان يقدم المسيح للإنسان غفرانًا كاملاً لكل ” خطاياه التى كانت سبب انفصاله عن الله”، ” وأنقذ الناس من كل خطية ” [23]. وبذلك رفع الحاجز بيننا وبين الله بإبطاله للخطية [24]، ولذلك يُدعي المسيح ” عهد حياة وسلام “[25]. فالمسيح ” نفسه هو سلامنا ” (أنظر على إشعياء “ لا ترفع أمة على أمة سيفًا“)[26].
فصل 2: الفداء: الخلاص فيما يخص الإنسان نفسه: الفداء
ملحوظة هامة: القديس كيرلس ـ مثل الآباء قبله ـ يقصد بتعبير “التجسد” ليس فقط ميلاد المسيح بالجسد بل يقصد به عمومًا كل تدبير “الكلمة” أى كل عمله الخلاصى الذى عمله بالجسد.
القديس كيرلس يقدم لنا نسيجًا متناسقًا ورائعًا مجمعًا من الآباء الذين سبقوه، عن عمل المسيح الخلاصى:
أولاً : تعليم القديس كيرلس الخلاصى :
1 ـ اتحاد اللاهوت والناسوت :
القديس كيرلس يؤكد على حقيقة التجسد واتحاد اللاهوت بالناسوت، وعلى رفع الطبيعة البشرية وتأليهها. فالمسيح باتخاذه للطبيعة البشرية كاملة (نفسًا وجسدًا) يمكّن لهذه الطبيعة أن تخلص ” فالذى لا يُتخذ لا يخلص”[27]. وبسبب هذا الاتحاد، فإن الطبيعة البشرية كلها تُقدّم لها ” النعمة ” وتغتنى بهبات وكرامة من المسيح. وهكذا فإن نصرة المسيح على الشيطان تصير نصرة للإنسان أيضًا ” لأن المسيح كمنتصر قد سلمنا أيضًا القوة أن ننتصر”[28].
” الطبيعة البشرية تنال النعمة، والتقديس، والتأليه التي تحققت أولاً فى ناسوت المسيح”[29]. وهكذا فإن خلاص الإنسان يتألف من: رفع، وتقديس وتأليه الإنسان. وهذا الخلاص هو نتيجة وحدة الطبيعتين الإلهية والبشرية في شخص الكلمة المتجسد يسوع المسيح.
الطبيعة البشرية كاملة، قد خلصت باتخاذ المسيح لها. فالمسيح قدّم الخلاص لكل جنس البشر بدون أي استثناء، وأيضًا هو يخلص الطبيعة الكاملة لكل إنسان أي نفسه وجسده. الإنسان يتقدس في نفسه وجسده معًا. والجسد البشري يصير هيكلاً للروح القدس ويصبح مكرمًا بكرامة عظيمة. الشخصية الإنسانية افتديت بكاملها. وبواسطة شخص المسيح الإلهي الإنساني الكامل خلص البشر. وبسبب أن المسيح يمثلنا (representative character) بسر تدبيره، فإن الشخصية الكاملة لكل عضو في البشرية تنال فوائد تجسد المسيح وموته. ” الكلمة الذي تجسد مجّد طبيعة الإنسان بأنه لم يستنكف أن يأخذ على نفسه وضاعتها لكي يسكب عليها غناه”[30].
2 ـ بتعليمه وحياته القدوسة :
المسيح كان له ـ بواسطة كلماته وتعليمه وحياته القدوسة التى بلا لوم ـ تأثير فريد وحاسم على الناس “الابن الوحيد ـ وهو الإله ـ بسبب محبته ، أخلى نفسه وأخذ صورة عبد ، لكى يقودنا إلى معرفة كل فضيلة … لكى يقنع الذين كانوا فى جهل كامل، أن يصيروا حكماء، وأن لا يعبدوا المخلوق بل الخالق ” [31].
والمسيح أعلن لنا أن الله ليس فقط إلهًا، بل أيضًا إنه أب لنا.
وكان المسيح أيضًا هو المثال لحياة القداسة[32].
” كان ضروريًا أن كلمة الآب… يصير من أجلنا نموذجًا وطريقًا لكل عمل صالح “[33]. “والمسيح عندما صام في البرية لم يصم من أجل نفسه ـ فهو لم يكن محتاجًا إلى ذلك ـ بل لكي يعطينا نفسه نموذجًا ومثالاً للحياة الفُضلى “[34]. القديس كيرلس يري أن المسيح هو مثال ونموذج للبشر، في كل أعماله. وهذا نجده في نومه فى السفينة وانتهاره الريح[35]. وهكذا في حديثه عن السامري الصالح. فالمسيح هو مثل السامري قاد الإنسان إلى الفندق، أي كنيسته التي تقبل كل من يحتاجون للشفاء الروحي والمعونة[36]. المسيح إذن أظهر الله وأظهر الحياة الإلهية المقدسة للناس، لكي يستطيعوا أن يروا نموذجًا كاملاً وملموسًا لحياة القداسة.
3 ـ بذبيحة المسيح :
بصليبه وموته حقق المسيح عمله الخلاصى وتممه، وحطم قوة الخطية وصالح الإنسان مع الله، وحرر الإنسان من سلطان الشيطان، وقاده إلى حياة جديدة، وجعله ” خليقة جديدة ” مبنية على صليبه وموته.
أ ـ القديس كيرلس يعلّم بأن ” المسيح صُلب عن الجميع ولأجل الجميع، لكى ـ إذ هو الواحد عن الجميع ـ يحيا الجميع فيه ” [37]. إذن فذبيحة المسيح هى ” ذبيحة كفارة” . فالمسيح صنع خلاص الإنسان بذبيحة واحدة. القديس كيرلس يؤكد أن المسيح ” لم يقدم ذبيحته من أجل نفسه ـ إذ هو كإله، بلا خطية ، ولا يحتاج إلى خلاص”[38]، بل قدم ذبيحته لأجلنا نحن الخطاة ليهبنا غفران الخطايا وبداية حياة جديدة. المسيح الذى بلا خطية ” صار خطية لأجلنا” (2كو21:5) لأن الله جعله يموت عوض الخطاة أى كخاطئ ممثلاً لكل البشرية الخاطئة [39]. وأيضًا فإن اتحاد اللاهوت بالناسوت هو الذى جعل ذبيحة المسيح تمثل جميع البشر أمام الله.
فالكلمة المتجسد مات بالجسد كأصل جديد لكل الطبيعة البشرية، وهو كإله كان قادرًا أن يقدم الخلاص لكل البشر. ” المسيح أخذ على نفسه كل العقاب الذى كان علينا، وبهذه الطريقة فإن خطايانا فقدت سلطانها ” [40]. بذبيحة المسيح وحدها حصلنا على الحرية من سلطان الخطية والشيطان .
ب ـ مثل آباء آخرين، فإن القديس كيرلس يتحدث عن تقديم يسوع المسيح ذاته على الصليب لله الآب ” فدية لأجل حياة الجميع ” [41]، ولأجل تحريرهم من سلطان الخطية والشيطان. الشيطان ليس له سلطان على البشر إلاّ بسبب الخطية، فسلطانه غير حقيقى وخاطئ. ” ولذلك فقد الشيطان سلطانه حينما انتصر عليه المسيح بالصليب، وهذا صواب تمامًا وحق” [42]. القديس كيرلس لا يقول إن المسيح قدم دمه للشيطان، بل أنه قدم دمه لأبيه. وهو يعبر عن حقيقة أن المسيح هو ” الحمل الذى قدم نفسه كذبيحة لكى ينقذ الناس من الخطية ويجعلهم أنقياء وبلا خطية ، ويقودهم إلى الآب ” [43]، وعمومًا لكى يخلصهم.
ج ـ المسيح يقدم الخلاص للناس هبة مجانية :
القديس كيرلس يؤكد أن المسيح قدم نفسه لأجل خلاص الناس رغم أنهم لا يستحقون ذلك. ” الناس لا يستطيعون أن يقدموا أى شئ مقابل فديته الإلهية “[44]. وهو يريد أن يوضح عظمة محبة المسيح المخلّصة، كما يوضح صغر وضعف البشر الخطاة واستحالة خلاصهم إلاّ بالمسيح .
+ حيث إن البشر لم يستطيعوا أن يشتروا خلاصهم بأنفسهم، لذلك قدم المسيح الخلاص لهم ” كهبة ـ هدية ” بسبب ” محبته للبشر ” . الله يحب كل خلائقه، ولكنه يحب الإنسان بطريقة خاصة، وإلى درجة خاصة أكثر من باقى المخلوقات. الله أظهر محبته الخاصة للبشر أساسًا بإرسال ابنه الذاتى. إلى الأرض لأجل خلاص الإنسان[45].
+ وأحيانًا يقول القديس كيرلس إن المسيح قدم ” نفسه “، وهو يستعمل كلمة ” نفس ” بدلاً من كلمة ” حياة ” كما يستعملها العهد الجديد أيضًا أحيانًا. وهذا يبين أن القديس كيرلس يبنى تعليمه على الكتاب المقدس حتى أنه يستعمل كلمات الكتاب بمعانيها الخاصة بها.
+ وحيث إن المسيح ” اشترى” البشر بذبيحته ودمه مخلصًا إياهم، ” فإن البشر إذن، لا يعودون ملكًا لأنفسهم، بل للمسيح الذى اشتراهم وخلّصهم ” أنظر 2كو15:5 ” ويطلق سبى شعبي لا بثمن ولا بهدية قال رب الجنود” (إش13:45)[46].
د ـ الإنسان كان حرًا قبل سقوطه، ولكنه بعصيانه لله استُعبد للشيطان. الشيطان هو الذي اخترع الخطية وصار طاغية متسلطًا على البشر ضد مشيئة الله وقصده من نحو البشر[47]، وكان يحتفظ بالبشر كأنهم ملك له وكان له سلطان وسيادة عليهم. وصار للشيطان هذه القوة على البشر بسبب خضوعهم له وارتكابهم للخطايا، مما جعله سيدًا عليهم لفترة قصيرة.
+ إذن فسبب سيادة الشيطان عليهم هو خطاياهم ـ التى صارت ناموسًا داخل الإنسان ـ ناموس الجسد. القديس كيرلس يتحدث عن ناموس الخطية. وأن الشيطان هو الذي قاد البشر إلى الخطية، لأنه عرف أنهم بهذه الطريقة فقط سيصيرون عبيدًا له ويرفضون الله[48].
+ ولكن سيادة الشيطان على البشر كانت خطأ وغير طبيعية، لأنه استعمل الخداع ليبعدهم عن الله ويجعلهم عبيدًا له، فليس له سلطان عليهم لا بالطبيعة ولا بالميلاد، لأنهم ملك لله خالقهم.
+ لذلك أدان المسيح الشيطان وخلص البشر: فأدان الشيطان ومنعه من التسلط على البشر، ولكنه رحم البشر الذين كانوا يعانون من طغيان إبليس[49]. ويؤكد القديس كيرلس أن المسيح لم يدن الشيطان فقط، بل كسيد حقيقي للبشر حارب ضد الطاغية الغريب، وانتصر في المعركة لنا، لأجل خلاص كل البشر، حتى أن نصرته صارت هي نصرتنا[50]. وحطم المسيح الشيطان لأجلنا ولأجل خيرنا.
+ الخطية كانت ترسل الناس إلى الموت وهذا حكم عادل، ولكن حينما أُدينت الخطية بواسطة الديان المسيح البار الذي بلا خطية، فإن الخطية (الشيطان) فقدت سلطانها فى الحال لأنها ظالمة. المسيح حرر الناس من العبودية، وانتهي طغيان الشيطان بعلامة نصرة المسيح، أي بالصليب.
+ إدانة الشيطان وانتزاع السيادة منه، وتحرير البشر من طغيان إبليس، وإدانة الخطية وإبطال مملكة الموت، كل هذه مرتبطة معًا بدون أي انفصال وهي كلها نتائج لنصرة المسيح على الشيطان وجنوده. هكذا لم يعد الإنسان عبدا للشيطان. وقوة الخطية قد حُطِمت. وصار ناموس الخطية الآن ليس له سلطان على الناس، لأنهم حصلوا على سلطان آخر، سلطان المسيح المنتصر، سلطان ناموسه الذي هو ناموس المحبة. والرب القوي حاضر في قلوب البشر ويظل فيهم، وقوته الخاصة تجعل البشر أقوياء أيضًا به.
+ ومن هنا يتضح أن القديس كيرلس لا يفصل بين نصرة المسيح وبين الكفارة. وخلاص الإنسان وتحريره كما رأينا هو الخطة الأزلية لمحبة الله المجانية للإنسان[51].
+ لا شك أن تعليم القديس كيرلس عن الخلاص هو ” كتابي تمامًا” . فهو ليس فقط يستعمل ألفاظ العهد الجديد مثل: ” فدية ” (مت28:20) ” فدية عن كثيرين “؛ و”مصالحة” (رو11:5) ” بربنا يسوع الذي نلنا به الآن المصالحة” و(2كو18:5) ” وأعطانا خدمة المصالحة” و”صولحنا” و”مصالحون” في (رو10:5)، بل إن أفكاره أيضًا هي نفس أفكار العهد الجديد وتعليمه، هو نفس تعليم العهد الجديد عن الخلاص.
ثانيًا: الإنسان خليقة جديدة فى المسيح:
عند القديس كيرلس، خلاص الإنسان هو هدف تجسد المسيح وذبيحته الخلاصية على الصليب. وبذلك يصير الإنسان خليقة جديدة. وهذه الحياة التي ينالها الإنسان في المسيح هي الحياة الحقيقية، فالإنسان يصير إنسانًا حقيقيًا فعلاً، في المسيح.
ونعرض هنا تعليم القديس كيرلس عن الإنسان كخليقة جديدة:
1 ـ المسيح بإبادته لقوة الشيطان جعل البشر أحرارًا حقًا من جديد، قادرين على عمل الصلاح وتحاشى الشر، الحياة المسيحية الجديدة هى حياة حرية حقيقية. والحرية تكون حقيقية فقط حينما يستعملها الإنسان فى عمل الصلاح.
2 ـ المسيح ، النور الحقيقى ينير عقل الإنسان ، ويعيد صورة الله فى الإنسان [52]. هذا الإيمان المسيحي هو التعبير الكامل عن النور، فهو ينير ذهن الإنسان، وبالمعرفة الكاملة يقود الإنسان إلى معرفة المسيح، وإلى الاتحاد به لكي يكون صورة حقيقية لله[53].
3 ـ باستعادة طبيعة الإنسان الأصلية والمواهب التي خُلق بها، والتي كانت قد فُقِدت بالخطية ـ فإن المسيح أعاد السيادة والملوكية للإنسان. فالإنسان ينال كرامة ملوكية من جديد في المسيح[54]. القديس كيرلس يفرق بوضوح بين ملوكية الله الخاصة بطبيعته الذاتية وجوهره الإلهي، وبين سيادة وملوكية الإنسان التي تُعطى له كهبة معطاة له من نعمة الله[55]. والقديس كيرلس يعلّم بأن ملكوت الإنسان سيصير حقيقيًا في الحياة الأبدية، لأن الدهر الآتي قد أعطى للمسيح الإله المتجسد[56].
4 ـ يتحدث القديس كيرلس أيضًا عن عدم الفساد (عدم الفناء) كوجه آخر للخليقة الجديدة ” كما أن آدم كان سبب فساد الإنسان وموته، جسديًا وروحيًا، هكذا المسيح كبداية ثانية لنا ختمنا بعدم الفناء[57]، الخلاص المسيحي لا يمكن أن يعني فقط عدم فساد الجسد، بل والنفس أيضًا. ففي هذه الحالة ـ أي عدم فساد الجسد فقط ـ يبدأ الخلاص فقط بعد الموت. لكن الخلاص المسيحي يبدأ من هذه الحياة. ” الله يجعل البشر شركاء في عدم الفساد، لأنه يجعلهم يشتركون في طبيعته” [58].
5 ـ نعمة التبنى: المسيح ابن الله الوحيد بالطبيعة، جاء لكي يشكّل البشر ويعطيهم بنوة إلهية حقيقية وجديدة، أي تبني إلهي. ويؤمن القديس كيرلس أن هذا التبني الإلهي كان هو سبب تجسد الكلمة[59]. الإنسان يصير جديدًا في المسيح ابن الله ـ ليس بالطبيعة بل بالتبني، أي بالنعمة.
+ (اختلاف كبير بين المسيح ابن الله بالطبيعة، وبين الإنسان كابن لله بالنعمة في المسيح. المسيح الابن يطبع علامته المميزة الخاصة بصورته على نفوس الذين يشتركون فيه، فيقول: [نحن نرتفع إلى هذه الكرامة الفائقة للطبيعة بسبب المسيح. ولكن نحن لن نصير بالضبط كما هو تمامًا، أبناء الله (بالطبيعة)، بل بالحرى نصير أبناء عن طريق علاقتنا بالمسيح من خلال النعمة، أي بالتمثل به. والسبب في ذلك أنه ابن حقيقي مولود من الآب بالطبيعة، أما نحن فإننا أبناء مُتبَنون بفضل لطفه ومحبته.
إننا ننال التبني كنعمة من الذي قال ” أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم ” (مز6:81س). لأن المخلوق الذي تكوّن كعبد، يدعي إلى ما هو فوق الطبيعي بمجرد إرادة الآب. الطبيعة والتبني، والحقيقة والاقتداء، هي أفكار مختلفة. وحيث إننا قد دُعينا أبناء بالتبني والاقتداء (بالمسيح)، فإننا نتمتع بهذه البركة كفضل ونعمة، وليس ككرامة طبيعية ][60].
+ إذن فتبنينا الإلهي الذي أُنجز بواسطة الاشتراك في ابن الله، هو صورة للابن وبالتالي للآب. إنه إعادة صياغة طبيعتنا حسب الطبيعة الإلهية التي على مثالها خُلِقَ الإنسان في البدء. إنه نقل امتياز الله إلينا، وهو الذي يرفعنا فوق الطبيعة البشرية إلى دائرة ما هو إلهي، ويجعله ممكنًا للبشر أن يفلتوا من الفساد.
وحينما يبحث القديس كيرلس بنوة الإنسان هذه بالتفصيل فهو يتحدث عن مسيرة وتقدم :
- بالتجسد يصير البشر اخوة للكلمة المتجسد؛ الابن، ولكن ليس اخوة بالطبيعة.
- وكاخوة للابن يصير البشر أبناء لنفس الآب، بالنعمة أيضًا، أي أبناء متبنين لله[61].
- ثم بعد ذلك ننال الروح القدس الذي يسكن فينا، وهو الروح الذي قبله كإنسان لكي يمكن للطبيعة البشرية أن تقبل روح الله بواسطته [62].
- ثم يقدس المسيح البشر ويجعلهم خاصته.
- نحن نتقدس بطريقتين:
أ ـ بأن يكون المسيح فينا ويحيا داخلنا بواسطة الروح القدس (روحه).
ب ـ وبأن ننال جسده المقدس في الإفخارستيا.
+ مرحلتان للتبني: الأولي: عند تجسد الكلمة ـ بالمعنى العام.
الثانية: نجدها في اشتراكنا الشخصي في الطبيعة الإلهية؛ بالروح القدس والإفخارستيا.
+ حياة الإنسان في المسيح أعظم جدًا من الحياة المقدسة التي كانت لآدم عند خلقته[63].
+ بالمعمودية يمنح المسيح للبشر نعمة التبني، فيصير البشر أبناء الله بالمعني الحقيقي. في المسيح يصير الإنسان إنسانًا حقًا.
+ ” لقد خُتمنا للبنوة بالابن في الروح؛ لأن صورة الابن هي البنوة، بينما صورة الآب هي الأبوة. لذلك نحن أبناء بالبنوة (بالابن)، ولكننا صورة الله ومثاله” [64].
” الناس قد خُلقوا على صورة الابن، الذي هو الصورة الطبيعية للآب ولهذا يُقال إن الإنسان قد خُلِق على صورة الله” [65].
الجزء الثانى : حصول الإنسان على الخلاص شخصيًا
القسم الأول: النعمة الإلهية فى عمل الخلاص
فصل 1: النعمة الإلهية وخلاص الإنسان:
أ ـ النعمة الإلهية رغم صفتها الشاملة لا تلغي إرادة الإنسان الذي يمكنه أن يقبل أو يرفض نعمة الله. القديس كيرلس يقول: ” حين يقبل الإنسان الروح القدس بالمعمودية لا تُنزع منه حرية إرادته، بل بالعكس فإن إرادته تظل موجودة”[66]، فالنعمة لا تعمل وحدها، وهي لا تعمل ضد إرادة الإنسان، وهكذا يكون الإنسان مسئولاً عما يفعله أو يختاره، إمّا للخلاص أو للدينونة. الله لا يعين مسبقًا أناسًا للخلاص وآخرين للدينونة الأبدية.
ب ـ في التعاون بين النعمة الإلهية وإرادة الإنسان، فإن الإرادة الإلهية تأتي أولاً، وهي العامل الرئيسي الفاعل في خلاص الإنسان[67]. ويقول ” إن البشر كانوا معروفين سابقًا من الله الآب أنهم يصيرون مشابهين لصورة ابنه” (رو29:8، 30)[68].
ج ـ القديس كيرلس يؤمن أن المختارين، يُختارون بحسب مشيئة الذي دعاهم ومشيئة المختارين معًا[69].
د ـ لأن الجسد والشهوة الخاطئة يقاومان عمل نعمة الله المخلّصة، فهناك احتياج كما يقول القديس كيرلس: ” لعمل أقوى وأكثر شدة للنعمة لكي يمكن للإنسان أن يتطلع إلى الله ويصير حرًا من الضلال السابق” [70].
هـ ـ لكن القديس كيرلس يتحدث بإلحاح أيضًا عن إرادة الإنسان ودوره في حياة الكمال ولذلك يقول: ” إنها خطية مرعبة وجريمة إذا كان أحد ـ بعد أن نال الغفران بالمسيح ـ يرجع مرة أخرى إلى حياة الخطية، ولا يحاول أن يتجنب الخطية”[71]. ” وإذا حاول الإنسان أن يحيا حسب مشيئة الله، فبذلك فقط يبرهن أنه جدير برؤية الله، وبأن يصير منزلاً للثالوث القدوس المساوي في الجوهر”[72].
و ـ ولهذا السبب يعتبر القديس كيرلس أن هذا العالم الحاضر هو وقت العمل والحياة الفاضلة، والعالم الآتي هو وقت المكافأة[73].
ز ـ القديس كيرلس يؤكد على أهمية التوبة الحقيقية التي “تخلّص” وذلك بسبب أن كل الناس خطاة وضعفاء ” المسيح نفسه هو الذي يدعو كل الناس لكي ينالوا الغفران بالتوبة “[74]. مما يبين أنه يعطي أهمية وقيمة لمجهودات الإنسان ـ من كل القلب ـ وتأثيرها في بلوغه لحياة الكمال. وحينما يتوب الإنسان حقًا، فإن الله يحيا معه ويغفر له ويقبله كابن له[75].
ح ـ القديس كيرلس يتحدث إما عن نعمة الله التي تبرر الناس، أو عن إيمان الإنسان الذي يبرر الإنسان ويحرره من الخطية[76]. ولكن الله لا يخلّصنا إن لم نقبل نعمته. ولذلك يؤكد القديس كيرلس على التعاون بين نعمة الله وإرادة الإنسان حينما يقول إن ” النعمة والفضيلة تجمعاننا مع الله”[77].
فصل 2: تبرير الإنسان :
1 ـ التهيئة والدعوة للتبرير :
نعمة الله تظهر بصورتين:
أ ـ نعمة عامة : مثل النعمة التي تُعطى في المعمودية، أي غفران الخطايا، وبذرة التقديس للمعمد دون أن يعي الشخص أنه عضو حي في الكنيسة[78]. أو النعمة التي تعمل عمومًا في الذين يسمعون عن المسيح لأول مرة[79].
ب ـ نعمة خاصة: النعمة التي تعمل بقوة في الأشخاص الذين يقبلونها ويصيرون أعضاء أحياء واعين في الكنيسة.
دعوة الإنسان: إمّا خارجية عن طريق سماعه كرازة الإنجيل.
أو داخلية في قلب الشخص.
وكلاهما عمل النعمة.
بعد الدعوة من الله وبعد أن يقبل الشخص الدعوة، ينتقل للمرحلة التالية: أي التوبة والتحوّل الداخلي، فيدخل في حالة التبرير الجديدة.
2 ـ جوهر تبرير الإنسان : وجهان للتبرير:
الأول: غفران الخطايا وتحطيم قوة الخطية.
الثاني: بدء حياة جديدة وبداية حالة التقديس.
والقديس كيرلس يتحدث عن وجهين للتبرير: الغفران والتقديس. والوجهان غير منفصلين، وكلاهما معًا يعبران عن جوهر التبرير.
يقول القديس كيرلس : ” نحن بواسطة المعمودية المقدسة نأتى إلى نعمة ذاك الذى يقدسنا، وننال غفران الخطايا، والولادة الروحية الجديدة، ومشابهة المسيح نفسه ” [80].
الوجه الأول : (سالبى) غفران الخطايا
الغفران يعني أن نصير أبرار فعلاً بالمسيح، وليس نحسب أبرارًا فقط. القديس كيرلس يستعمل أفعال: يغسل الخطايا، يمحو الخطايا، يزيل الخطايا، يحررنا من نجاساتنا، يطهرنا من كل خطايانا.
بفعل نعمة المسيح تنزع الخطية. الخطية تذهب بعيدًا فقط، حينما تدخل النعمة. يقول القديس كيرلس: ” بالمعمودية ننال غفران كل الخطايا، كل أنواع الخطية”[81]. ويقصد الخطايا الشخصية والخطية القديمة (الأصلية):
أ ـ بواسطة المعمودية المخلّصة نحصل على غفران الخطايا[82].
ب ـ وبالمعمودية تحررنا حتى من دينونتنا القديمة.
ج ـ بالمعمودية نفلت من كل عقاب الخطية.
د ـ بالمعمودية نُفك من كل نجاسات الخطية ومن كل أدناس التعديات”[83].
لذلك فبحسب القديس كيرلس، فإن التبرير يمحو الذنب والحالة الخاطئة، ولذلك حينما يقول إننا ننال الغفران بالمعمودية، فهو يقصد أننا نصير أحرارًا من الخطية ومن نتائجها. ولذلك فالمعمودية “مُخلّصة” حقًا”[84]. المسيح هو الذي يعمل في المعمودية ومن خلالها، وهو يقدم عطية الخلاص لكل واحد شخصيًا بواسطة المعمودية، هذا الخلاص الذي حققه موضوعيًا وبصفة عمومية بذبيحته الخلاصية كإله متجسد.
الوجه الثانى : (إيجابى) تقديس الإنسان .
أولاً : فى تعليم القديس كيرلس لا يوجد فصل بين غفران الخطايا وتقديس الإنسان :
أ ـ في المعمودية ننال غفران الخطايا وتقديسًا لنفوسنا، وبها ننال تجديدًا روحيًا (إعادة ولادة)[85].
ب ـ في المعمودية ” ننال النعمة الإلهية التي بها نصير أغنياء. فنحن نأخذ لباس العرس”.
ج ـ ولذلك فالمعمودية تعطينا قوة وتساعدنا للسير في الطريق العالي[86]. وهكذا تصير المعمودية طريقًأ للبركة الروحية وتقدم لنا النعمة.
د ـ “وبسبب ذلك نصير هياكل لله”.
هـ ـ وأكثر من ذلك، بالمعمودية نصير شركاء الطبيعة الإلهية[87].
و ـ “كل هذه الهبات تعطى للأشخاص الذين يُعمّدون بفضل الذى يدعوهم للخلاص”[88].
ثانيًا: تعبير التقديس له عدة معانى عند القديس كيرلس:
أ ـ التقديس يعنى التكريس للإله القدوس، أو رغبة الإنسان وميله أن يعمل مشيئة الله، وفي هذه الحالة يعني أن يقدم الإنسان ذاته ذبيحة. وهنا ينبغي أن نقول ـ بحسب القديس كيرلس ـ إن هذا الوجه الإيجابي للتبرير أي التقديس، يجعله ” صورة الله ” بالمعني العام لاصطلاح “صورة الله”.
[المسيح له اخوة مثله يحملون صورة طبيعته الإلهية عن طريق التقديس، لأن هذه هي الطريقة التي بها يتصور المسيح فينا، وذلك بقدر ما يحولنا الروح القدس، مما هو بشري إلى ما هو له][89].
ب ـ إذن، تقديس الإنسان في المسيح هو أساسًا اشتراك فى الطبيعة الإلهية. وهذا التحول والتقديس يحدث في الإنسان بقوة الروح القدس نفسه الذي ” يصور المسيح فينا” و”يجددنا لله”[90].
ج ـ التقديس يُعطى بالروح القدس لمن يستحقون.
والروح يعطيهم الاشتراك في الطبيعة الإلهية، وهذا الاشتراك ليس في الجوهر أو الكيان، بل ” يعني تصوير المسيح في النفس”[91]. وهذا التشكيل للنفس، وتقديس الإنسان يمكن أن يحدثا فقط عن طريق اتحاد الإنسان بالله.
د ـ قداسة الله طبيعية ـ أما قداسة الإنسان فهي مضافة إليه من خارجه، بالنعمة وحياة الفضيلة[92]. فالتقديس هو ” نزع الخطية أو التحرر منها”. وحتى هذه الحياة الفاضلة، هي مستحيلة بدون معونة المسيح، وهو الذي يساعد الإنسان للتمثل بالإله القدوس، بالأعمال والفضيلة[93].
هـ ـ ” فى المسيح يتحول الإنسان إلى حياة جديدة مقدسة، إلى حياة جديدة مجيدة”[94]. ويصير الإنسان خليقة جديدة ” لأننا نحن أغنياء بحضور المسيح نفسه فينا”[95].
و ـ القديس كيرلس يشرح أن القداسة تعنى مشابهة المسيح فى العمل والحياة الفاضلة[96]، وفى صورة صلاح الله[97].
3 ـ دور الله ودور الإنسان فى التبرير :
أ ـ دور الله فى التبرير:
يقول القديس كيرلس:
+ ” نتبرر مجانًا بنعمة المسيح دون أن نقدم شيئًا .. بل نربح هذه الهبة بلطف ربنا ومحبته للبشر [98].
+ وحتى الاشتياق للبر يأتي كهبة من الآب.
ب ـ دور الإنسان فى التبرير:
1ـ الإيمان الحقيقي: شرط لنوال العطايا الإلهية بصفة شخصية، نحن نتبرر بالإيمان[99].
2ـ الإيمان يرتبط بالتوبة الحقيقية.
3ـ الإيمان مرتبط بالمحبة. الإيمان يغذي المحبة، كما أنه يتغذى بالمحبة[100].
4 ـ لأن الإيمان والمحبة (الأعمال) مرتبطان معًا، فإن الخلاص يبدو أحيانًا أنه يعتمد على الإيمان وحده، وأحيانًا أخرى على الأعمال الصالحة وحدها. لذلك فالأعمال الصالحة ضرورية لخلاص الإنسان ” فلا فائدة من الإيمان بدون الأعمال الصالحة بل يكون ميتًا”[101].
فصل 3: تقديس الإنسان :
عند القديس كيرلس يُوجد طريقان لتقديس الإنسان في المسيح هما:
1 ـ سكنى الروح القدس فى الإنسان : شركة الروح القدس:
[ لقد كان ضروريًا لنا أن نصير شركاء للطبيعة الإلهية للكلمة، وبالحري أن نتغير إلى حياة أخرى وتتحول وتتغير عناصر كياننا إلى جدة الحياة، ونصير مُرضين لله. ومن غير الممكن البلوغ إلى هذا الهدف بأي طريقة أخرى سوى الاشتراك في الروح القدس… وبعد صعود المسيح إلى الآب، كان ضروريًا أنه يجمع نفسه مع عابديه بواسطة الروح، وأن يسكن في قلوبنا بالإيمان… لكي بحضوره فينا (حضور المسيح فينا بالروح) نتقدم بسهولة في كل فضيلة، ونصير أقوياء وغير مغلوبين أمام حيل الشيطان وهجوم الناس، لأننا نملك (في داخلنا) للروح الكلي القدرة][102].
طرق نوال الروح:
1 ـ بالمعمودية 2 ـ بالتوبة الحقيقية.
+ الخلاص وسكني الروح القدس في الناس هما حقيقتان لا تقبلان الانفصال. والروح يختم الإنسان للخلاص (يو8:16).. يقول القديس كيرلس؛ إن الثالوث يسكن في الإنسان[103]. الآب والابن والروح يعملون لخلاص الإنسان، والثلاثة يسكنون في الإنسان كثلاثة أشخاص في وحدة[104].
+ عمل الروح القدس في الإنسان يطهره من خطاياه ويبرره ويقوده إلى حياة جديدة في الله[105]. التبرير وعمل الروح لا ينفصلان. وبالروح ندخل في حالة التقديس (القداسة)[106]. ويصير الإنسان خليقة جديدة. وينمو الإنسان في الفضيلة إلي مستويات أعلى في القداسة.
2 ـ الإفخارستيا المقدسة:
+ بالإفخارستيا ينال الإنسان علاقة جديدة داخلية وحقيقية مع الله الابن. وبها يشترك الإنسان في الله، ويناله بطريقة سرية جديدة وحقيقية (على يو54:6).
+ الإنسان ينال المسيح نفسه بالإفخارستيا، وليس نعمة منه فقط، ينال جسده ودمه. فالإفخارستيا طعام روحي حقيقي، عطية روحية من الله.
+ المسيح هو الذي يعطي الحياة للناس، والروح أيضًا يعطي الحياة لهم.
+ الإفخارستيا هي سر خلاص، لأن المسيح بالإفخارستيا يدخل داخل المتناولين ويحيا فيهم. المسيح يأتي بواسطة جسده ويحيا في داخل الإنسان كله (على يو55:6).
+ الإنسان بتناوله جسد المسيح يصير واحدًا معه، ويحيا فيه، ويكون فيه. (تشبيه الخميرة والعجين في شرح يو57:6). هكذا المسيح يكون هو سبب فاعلية الإفخارستيا، ولذلك فهو سبب النعمة والحياة والتقديس التي ينالها المتناولون.
الله هو الحياة، فالبشر ينالون الحياة الحقيقية بنوالهم المسيح في الإفخارستيا، والمسيح هو قوة التقديس الفريدة، فيهبهم إمكانية القداسة ليحيوا حياة مقدسة.
القسم الثانى: اكتمال الخلاص
1 ـ اكتمال خلاص الإنسان هو فى الحياة الأبدية ” لأن المسيح هو بداية ونهاية كل الأشياء “[107].
2 ـ الحياة الأبدية واكتمال الخلاص مرتبطان بمجيء المسيح ثانية.
3 ـ حينما ينتهى هذا الدهر (العالم)، سيأتى الديان الإلهى (المسيح) مع ملائكته فى مجد أبيه. وهو سيدين دينونة عادلة .
4 ـ قيامة المسيح ـ الباكورة ـ هى سبب قيامة البشر. قيامة الأجساد عامة. ولكن ليس كل البشر يشتركون فى ” العيد الأبدى السماوى “[108]، بل فقط الذين هم خاصة المسيح، وهو رأس لهم هنا على الأرض وهم يعيشون حياة مقدسة، هؤلاء فقط يشتركون فى الفرح السماوى والقيامة للحياة.
5 ـ سماء جديدة وأرض جديدة ـ وسيصير العالم له وجه مختلف ـ وجه روحاني. الخليقة ستُعتق من عبودية الفساد.
6 ـ ” هناك (في الأبدية) لن نحتاج إلى رموز وأمثال، بل سوف نشاهد جمال الطبيعة الإلهية للآب والابن وجهًا لوجه وسنعرف المسيح، ونراه في كمال مجده ومجد أبيه[109].
7 ـ المعرفة الكاملة لله، والغبطة الكاملة، والمجد الكامل بالوجود الدائم مع الله سوف تكوّن حالة الإنسان الكاملة والمجيدة في الأبدية. نفس الإنسان سيكون لها استنارة كاملة وتمتلئ بالنور الإلهي الذي لا يُنطق به[110].
8 ـ أجساد المخلّصين أيضًا في السماء لن تظل لحمية، بل تصير روحانية حرة من الفساد، ومن الموت ومن الخطية.
الطبيعة البشرية سوف تلبس عدم الفساد. والجسد سيصير قويًا، خاليًا من أي ضعف أو عاهة طبيعية، أو أي نقص، خاليًا أيضًا من أي نقص أخلاقي، لأنه سيصير بلا خطية بالنعمة، ويصير مهتمًا فقط بالأمور الروحية[111]. فالجسد أيضًا سيكون ممتلئًا بالمجد الذي سيكون مجدًا أبديًا[112].
9 ـ المسيح بسبب إنسانيته سيظل في الأبدية، هو الرباط بين الله الآب وبين المغبوطين ، إذ هو رأس المفديين الآن وإلى الأبد، أي رأس الكنيسة السماوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يقصد بعبارة (على يو17:10) أن هذه الأفكار وردت في شرح القديس كيرلس على الآية 17 من إصحاح 10 لإنجيل يوحنا. وهكذا كل ما يرد بين قوسين بعد كلمة ” على ” يفيد أنه من شرح القديس كيرلس.
[2] Com. in Isai 14,3.
[3] Com. in Isai 14,3.
4 لوقا ج1، عظة2، ص35.
5 أنظر حوار حول الثالوث ـ المقال الأول ص40.
[6] Com. in Isai. 8,3.
[7] De Trinit. 6.
[8] Com. in Isai 43,22; in Isai. 1, 16.
[9] Com. in Isai 43,22.
[10] Com. in Isai 11,12.
[11] Glaphyra in Gensis, 3.
[12] Paschal Hom. 27.
[13] Com. in Joan. 10,14; Com. in 1Cor. 15,12; Do Adorat. B’; Thesaurus20.
[14] Com. in Isai 53,10.
[15] Com. in Isai 6,9.
[16] P.G. 75, 1268 المسيح واحد
17 من شرح يوحنا2:17.
18 من شرح يوحنا16:17.
[19] Com. in Isai 52,6-7.
[20] Thesaurus 15, De Adorat. 1.
[21] In Psalm. 15,8.
[22] Adv. Nestor. 5,1.
[23] In Duodec. Proph., Thesaurus 32.
[24] Com. in Isai. 1.
[25] In Malach. 2,5.
[26] In Isai 2,4.
[27] In Joan 12,27.
28 تفسير إنجيل لوقا ـ الجزء الأول عظة 12 ص 89 مركز دراسات الآباء 1990.
[29] Thesaurus 10.
30 أنظر عظة 81 على لوقا20:11 ـ تفسير لوقا ج3، ص73،72، مركز دراسات الآباء 1996 ترجمة د. نصحي عبد الشهيد.
[31] In Joan 14,28.
[32] In Joan 15,9.
33 أنظر عظة 11 على لو21:3ـ23، تفسير غنجيل لوقا ج1 ص 75 ترجمة د. نصحي عبد الشهيد، مركز دراسات الآباء1990.
34 أنظر المرجع السابق: عظة 43 على لو22:8 ص84.
35 أنظر المرجع السابق: عظة 43 على لو22:8 ص245.
36 المرجع السابق: ج2، عظة 68 على لو34:10 ص 154.
37 شرح إنجيل يوحنا ج1 ـ يو11:2 ص 187، مركز دراسات الآباء 1989.
38 أنظر حرم 10 من رسالة 17 فى كتاب ” رسائل القديس كيرلس إلى نسطور ويوحنا الأنطاكى ” ص 27، 28، مركز دراسات الآباء طبعة ثانية 2000.
[39] Glaph. In Levit.
[40] In Isai 53,7.
[41] In Isai 24,23.
[42] In Joan 14, 30. يو30:14 ” رئيس هذا العالم يأتى وليس له فىَّ شئ “
[43] Thesaurus 29.
[44] In Isai 62, 6.
[45] Glaph. In Gens. 2.
[46] In Isai 45, 13.
[47] In Isai 10, 31.
[48] In Isai 9, 4.” لأن نير ثقله.. وقضيب سخرة كسرهن” (إش4:9)
[49] In Psalm. 7, 9.
[50] In Isai 10, 14.
[51] In Isai 9, 1-3.
[52] In Joan 3,5.
[53] De Ador. 8.
[54] De Ador. 2
55 أنظر شرح يوحنا ج2 على يو4:3، ص 18 مركز دراسات الآباء 1995.
[56] In Hebr. 2, 5-8. “.. العالم العتيد لم يُخضع لملائكة…. بمجد وكرامة كللته..” (عب5:2ـ8).
[57] In Gensis1.
[58] In Joan 9, 1.
[59] In Joan 9, 1.
[60] In Joan. 9, 1.
61 أنظر تفسير لوقا ج1 للقديس كيرلس على لو7:2 عظة 1 ص 29.
62 أنظر شرح يوحنا ج1 على يو32:1ـ33 ص168، 169.
[63] De Adorat. 17.
[64] De Trinit. Dail. 3.
[65] In Pusey: Ioan3.
[66] C. Julian.
[67] In Isai 45, 11-12.
[68] Thesaurus 11.
[69] In Rom. 8:28, 9:14.
70 أنظر تفسير لوقا ج4 عظة 104 ص 64، مركز دراسات الآباء 1998.
[71] De Adorat. 15.
[72] De Adorat. 14.
[73] In Matt. 24:51.
[74] In Psalm. LXVI, 5.
[75] In Aggaios 1, 3.
[76] De Adorat. 7, In Agg1:5-6.
[77] Thesaurus 12.
[78] In Psalm 50(51): 12.
[79] In Isai 1,18.
[80] In Isai 3,10.
[81] De Adorat. 11.
[82] In Isai. 1: 16.
[83] De Adorat. 9.
[84] De Adorat. 9.
[85] In Isai. 3: 1-2.
[86] In Isai. 7:3.
[87] Glaph. In Number.
[88] De Adorat. 9.
[89] Ad. Nestor. III. B’.
[90] De Trinit. Dail. 7.
[91] In Isai. 4:1.
[92] In Joan. 11: 9.
[93] C. Jul. 4.
[94] In Rom. 6,5.
[95] De Rect. Fide36.
[96] In Joan. 11:9.
[97] Pasch. Epist. 27, 2.
[98] De. Ador. 7.
[99] De Adorat. 15; Glaph. In Genses 6.
[100] De Adorat. 15.
[101] In Joan. 13:16-17.
102 على يوحنا7:15 P.G. 74, 433.
[103] Thes. 8; P.G. 75, 108.
[104] Thes. 8; P.G. 75, 108.
[105] In Malach. 33; P.G. 72, 336.
[106] Pasch. Hom. 10.
[107] Glaph. In Exod. 13
[108] In 1Cor. 15,51.
[109] In Joan 16:25.
[110] On Proph. Malach. 4:2.
111 أنظر تفسير إنجيل لوقا ج5 عظة 136، ص 71، مركز دراسات الآباء سنة 2001.
[112] Hom. Pasch. 10.