Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

نقاش عن الأيقونات المقدسة – يوحنا الدمشقي

نقاش عن الأيقونات المقدسة – يوحنا الدمشقي

نقاش عن الأيقونات المقدسة – يوحنا الدمشقي

نقاش عن الأيقونات المقدسة – يوحنا الدمشقي

مقدّمة

 

نقاش معارضي الأيقونات الذي بدأ في القرن الثامن عن طريق الإمبراطور البيزنطي لاون الثالث (717 – 741م)، واستمرّ بعده بواسطة خليفته قونسطنتين الخامس (741 – 775م). لا يمكن عزلة عن نقاش علم المسيح الذي دار في العصور التالية. كما أن اللجنة المسكونيّة صمّمت على أن تجسّد المسيح وحد الطبيعة الثانية للثالوث المقدّس مع الطبيعة البشريّة، وهذا جعل الخلاص ممكن بتحطيم الجدار بين الله والإنسان، كذلك أيضًا اللجنة السابعة (787) ثبتوا عقيدة تبجيل الصور كنتيجة حتميّة للتجسّد. لنقول أن الله الكلمة أخذ جسدًا بشريًا ونفس (وبالنسبة له كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لتحطيم الموت والخطيّة في العالم) فهذا يعني القول أن إلاّ نهائي وافق على أن يصبح محدود.

لذلك فإن الجسد المادي ليسوع المسيح أصبح جزء من أقنومه الإلهي، الغير مرئي أصبح مرئي، لذلك فإنّه شيء جيد ومستحق المدح أن نرسمه كما هو: الله أصبح إنسان؛ الله أصبح مادة. رسائل القدّيس يوحنا الدمشقي الثلاثة كلّها تهدف إلى الدفاع عن استخدّام وتبجيل الصور كامتداد لهذا التعليم المسيحي الأساسي.

القدّيس يوحنا الدمشقي عاش في عزلة سياسيّة بسبب قونسطنتين. كتب في عهد لاون الثالث من دير القدّيس ساباس في فلسطين التي كان يحكمها الخليف المسلم، ولم يعوقه الاضطهاد الموجود في الإمبراطوريّة ضد هؤلاء الذين يدافعون عن الصور. رسائله دعمت الرد الاورثوذكسي على معارضي الأيقونات الذين أسّسوا معارضتهم للصور على أساس الإدانة الشديدة للوثنيّة في العهد القديم، وأيضًا على أساس فهم الأيقونات على أنّها واحدة في الجوهر مع النموذج الأصلي.

وهذا الفهم يجعل من كل صورة تقليد لله؛ ولذلك فإن كل صورة هي صنم، والأكثر والأهم من ذلك أن معارضي الأيقونات لا بهتمّوا كثيرًا بالمسيح التاريخي الذي رآه التلاميذ ولمسوه قبل وبعد قيامته؛ ولكن بدل من ذلك يتكلّموا عن أن اللآهوت الذي أخذ البشريّة كان في الحقيقة خالي من كل الصفات المميزة للإنسان. في هذا فأنّهم يقتربون من بدعة “يتخس” الذي تكلّم عن الطبيعة البشريّة للمسيح على أنّها مجرّد نقطة في محيط من طبيعته الإلهيّة. أو من ” أو ريجن “الذي علم أنّه على المسيحيّين أن يتأمّلوا الله في نقاء عقولهم وقلوبهم وأن لا يستخدوا صور من الماضي الذي انتهي. يوحنا الدمشقي، نيسفورس القسطنتيني، وثيودور الأستدوديم، وباقي المدافعين عن الصور، رأوا في هذه المناقشات فهم غير كامل لعمية التجسّد، لأنّه عندما أصبح إنسان دخل الله التاريخ، وسيبقى جزء من التاريخ إلى نهايه الوقت.

المناقشة الحاسمة في رسائل القدّيس يوحنا الدمشقي صمّمت على أن في التجسّد تغير دقيق وأبدي تم في العلاقة بين الله والمخلوقات الماديّة. فهو يقول في الخطبة الأولي ” في الوقت السابق، الله ولكونه بدون شكل ولا جسد، كان لا يمكن له أن يمثل بأي طريقة. ولكن اليوم، حيث أن الله ظهر في الجسد وعاش بين الناس، يمكنني أن أمثّل ما هومرئي من الله. أنا لا أعبد المادة، ولكن أنا أعبد خالق المادة الذي أصبح مادة من أجلي…… والذي من خلال المادة تمّم خلاصي.

ولن أتوقّف عن تكريم المادة التي جلبت لى الخلاص! ” هويتهم هؤلاء المصمّمين على أن العهد القديم ادان كل الأصنام بما في ذلك الصور، بأنّهم يذكرون قطع من الإنجيل خارجة عن الموضوع، وبعد ذلك يذكرون قطعة بعد قطعة موضّحين كيف أن نفس الإله الذي حرم صناعة الأصنام، يوصي باستخدّام العناصر الماديّة والصور في العبادة الإلهيّة، والذي كان معبده مزيّن بشبية النباتات والحيوانات التي لم تكن تُعبد على أنّها أصنام. كل رسالة تنتهي بنخبة مركزة من القطع البابويّة والأدلّة التارخيّة التي توضّح كيف أن استخدّام الصور كان موجود في عادات الكنيسة من قرون.

وأيضًا من الكتاب المقدّس تثبت الرسالة الفرق بين العبادة المطلقة، والتوقير (λατρεία) والعبادة النسبيّة، أو التبجيل) προσκύυησις) بالمعني الحرفي لخفض الرأس أمام) لأن الإنجيل يذكر العديد من المواقف التي فيها بجل وأحنى البطرك أو النبي رأسه أمام الناس أو الأماكن التي يحق لها التبجيل. ولكن ليس بنفس التوقير الذي يقدّم لله وحده. هوشرح أنّه من الخطأ أن نعرف كل صورة بالنموذج الأصلي لها، كما يفعل معارضي الأيقونات، ولكن الحالة الوحيدة التي يمكن ان يحدث فيها هذا هي علاقة الابن بالآب، فهو الصورة الطبيعيّة له، ولكن كل الصورة الآخر أيّ كانت خامات، رموز، أو تشبيه فهي كلّها مختلفة في الجوهر عن النموذج الأصلي لها. وبهذه الطريقة فإن التعظيم الذي يعطيه المسيحي لصورة المسيح، يماثل – حسب علم الوجود – الاحترام الذي يجب أن يعطيه لأخيه في المسيحيّة، الذي هو أيضًا صورة للمسيح، ولكنّه علميًا مختلف عن العبادة الواجبة لله وحدة.

بهذه الطريقة القدّيس يوحنا حذّر معارضي الأيقونات أنّه بتعليمهم هذا فهم ينكروا عقيدة القدّيسين، لأنّه لو كان التعظيم لصورة الله المتجسّد محرم، فإنّه يجب أن يحرم أيضًا من التعظيم كل صور المسيح: أم الله، الرسل، وكل القدّيسين الذين بسبب إيمانهم كأعضاء في جسد المسيح استحقّوا احترام كل مؤمن.

وبهذا يثبت القدّيس يوحنا أن موقف معارضي الأيقونات يبدء بفهم غير كامل لتأنس الله وينتهي بديانه منقاه جدًا ومكررة لدرجة عدم التجسّد، تعليم مانوي فيه الجسد غير مستحق للخلاص، والجسم الدنياوي للمسيح يحل محلّه التأمّل الفردي العقلي لله الذي ليس هويسوع المسيح، الكلمة التي صارت جسد، الذي ولد من العذراءوومات على الصليب، وقام من القبر، وصعد إلى السموات جسد ودم هوغذاء المؤمنين في سر الأفخارستيّة. معرضة الأيقونات عندما تصل إلى ذروتها وينتج عنها التفكير في أن الله ظهر في الجسد وبعد ذلك تخلص منه مثل النفاية. هذا التفكير هوأكثر من أنّه مشكلة من الماضي للديانه العامة أو الاجتماعيّة التي عادة ما تقدّم على أنّها المسيحيّة، فهي حقًا لا تتمركز حول صورة الله المتجسّد.

 

كلمة تفسير ضروريّة هنا بالنسبة للكلمات “توقير”، “عبادة”، و”تبجيل” و”تكريم” كلّها استعملت في الكتابة. وكما لو حظ بالفعل القدّيس يوحنا الدمشقي استعمل كلمة “latreia” على أنّه العبادة المطلقة التي يستحقّها الله وحدة، وشرح العبادة النسبيّة المعطاة لأم الله، والقدّيسين أو الأغراض المقدّسة (كتب، أيقونات، روفات) بكلمة “proskinesis” تعظيم. وبالرغم من أن هذا التفريق واضح جدًا لكنّه توجد هناك تعقيدات تواجه القارئ أو المترجم. أولهما أن أيّ إنسان على دراية بالترجمة السبعونيّة للعهد القديم (التي أخذت منها العديد من القطع لهذه الرسالة) يعلم أن هذا التفريق لم يكن موجود في الوقت الذي كتب فيه العهد القديم باليونانيّة. فكلمة “latreia” كانت نادرة الاستعمال، وكلمة “proskinesis” كانت تستعمل لو صف كل شيء من العبادة إلى الاحترام الذي يقدمّه المرء لصديقة.

ثانيًا: اللغة الإنجليزيّة الحديثة تحاول محوظلال المعاني بين الكلمات التي تكون متشابه حتى وأن لم تكن مترادفات. “تعظيم adoration” “عبادة worship ” “تبجيلveneration” كلّها تعتبر الآن مترادفات ولكي احتفظ بدقّة الترجمة (للإنجليزيّة) واستخدم نفس الكليمات التي استخدمها القدّيس يوحنا كما في الغة اليونانيّة في معظم الأحيان ترجمت كلمة “lateria & adoration” مع بعضهما وكلمة “proskinesis & veneration” مع بعضهما وفي بعض الأحيان استعملت الترجمة الحرفيّة بمعني السقوط على الوجه. لم استعمل كلمة عبادة worship بالمعني الفني لها ولكن بالمعني الشامل لها حيث يقدّم التعظيم والتبجيل.

إنّه من الخطأ أن نعتبر جدال معارضي الأيقونات وأيضًا رسائل القدّيس يوحنا على أنّها مجرّد مفارقات تاريخيّة وفضول يخص دارسي تاريخ الكنيسة. على العكس فإن الرسائل كتبت بلغة بسيطة ومباشرة لكي تكون سهلة الفهم. الخطأ الذي قاومه القدّيس يوحنا في رسائله موجود إلى يومنا هذا وبصورة أكثر من قبل. كم من المرّات تقدّم المسيحيّة على أنّها سلوك خلقي فردي، أو أنّها دين نقي لا يحتاج الي سقوط المادة. كم من المرّات توضع المادة على أنّها معارضة للروح؟ النتيجة المنطقيّة لفكره عدم التجسّد هى أن المسيحيّة أصبحت ترفض العقيدة التي هي قلب الإنجيل: التبشير بقيامة يسوع المسيح والقيامة العتيدة والحياة الأبديّة لكل هؤلاء الذين يؤمنون به.

القدّيس يوحنا يدافع عن تبجيل الصور حارسًا لشهود الكنيسة الآرثوذكسيّة، أن المسيح التاريخ ويسوع الإيمان هما واحد ونفس الشيء وأن هذا الانقسام يحول الرب إلى صنم. “من أجل ذلك كل كاتب متعلّم في ملكوت السموات يشبه رجلاً رب بيت يخرج من كنزه حدّدا وعتقاء” (مت13: 52) رسائل القدّيس يوحنا وبالرغم من قدمها فهي دائمًا جديدة لأنّها دائمًا تعترف بالرسالة الأبديّة الجديدة للإنجيل، ولهذا الهدف أهديت هذه الترجمة.

هذه الترجمة (للإنجليزيّة) هي مراجعة دقيقة لترجمت ماري الياس التي نشرت في بريطنيا عام 1898م بواسطة توماس بيكر. لقد حاولت تصحيح أخطاء الترجمة السابقة وأيضًا حاولت التخلص من اللغة القديمة. الحزف الوحيد هو في عدد من المراجع التي تلت العظة الثالثة، في رأيي أنّها تكرار غير لازم.

سبتمبر 1979م ديفيد أندرسون.

نقاش عن الأيقونات المقدسة – يوحنا الدمشقي

Exit mobile version