Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

مونوجنيس MONOGENHS  – مفاهيم واصطلاحات لاهوتية  د.ميشيل بديع عبد الملك

مونوجنيس MONOGENHS – مفاهيم واصطلاحات لاهوتية 

مونوجنيس MONOGENHS – مفاهيم واصطلاحات لاهوتية

مونوجنيس MONOGENHS – مفاهيم واصطلاحات لاهوتية د.ميشيل بديع عبد الملك

 

مقدمة تمهيدية

فى عام 318م شبّ نزاع لاهوتى فى مدينة الأسكندرية حول شخص ابن الله الكلمة. ففى أحد الأيام وقف البابا الكسندروس رئيس أساقفة الأسكندرية يلقى عظة بليغة أمام حشد من رجال الإكليروس بإيبارشيته فى مدينة الأسكندرية، وكان من ضمن الحاضرين الكاهن الليبى المولد آريوس والذى كان يخدم رعية إحدى الكنائس بضواحى مدينة الأسكندرية. وكان البابا الكسندروس يتحدث عن سر الثالوث القدوس مشددًا ومؤكدًا على الوجود الأزلى للابن مع الآب[1].

إلاّ أن هذا التعليم قد أثار آريوس، الذى كانت له معتقدات وأفكار خاطئة حول ابن الله الكلمة، حيث كان يَدَّعى أن كلمة الله أتى من العدم، وكان هناك وقت لم يكن فيه الابن موجودًا بالإضافة إلى أن الابن مخلوق[2]. لذلك اعترض آريوس على تعاليم البابا الكسندروس متهمًا إياه ” بالسابيلية ” [3] لتأكيده على وحدة الثالوث القدوس. وقد أوضح آريوس فى اعتراضه على أن الله الآب هو الوحيد الأزلى، أما باقى الكائنات الأخرى بما فيها “الابن” فهى مخلوقة بإرادة الله [4].

لقد كان هذا الجدل اللاهوتى هو بداية الشرارة التى انطلقت فى مدينة الأسكندرية فى ذلك الوقت، والتى أحدثت القلاقل بين صفوف رجال الإكليروس وانحياز الشعب لدى الأطراف المتنازعة.

وقد عُرف هذا النزاع باسم ” النزاع الآريوسى “. وقد أعقب ذلك عقد مجامع محلية[5] لدحض معتقدات آريوس الخاطئة لإرجاعه عن ضلاله، إلاّ أنه لم يذعن مطلقًا لقرارات هذه المجامع. وأخيرًا حُسم الأمر بعقد مجمع مسكونى بمدينة نيقية عام 325م وهو المجمع المسكونى الأول فى تاريخ الكنيسة الجامعة، وفيه أُدين آريوس ومعتقداته الخاطئة حول ألوهية الابن كلمة الله الأزلى، وقُطع من شركة الكنيسة الجامعة [6].

أرسل آريوس أثناء النزاع الآريوسى رسالة فى عام 320م إلى البابا الكسندروس متضمنة تسعة بنود يشرح فيها معتقده عن الابن، حيث استخدم التعبير الكتابى”monogen»j” (فى النسخة العربية للكتاب المقدس تُترجم بالابن الوحيد) ليؤيد معتقده الخاطئ ـ كما سنرى فيما بعد ـ فى أن الابن هو “الوحيد” المخلوق مباشرة من الله، وبه خلق الله العالم وكل الأشياء [7].

وكان آريوس فى تلك الرسالة يرد على الرسالة التى أرسلها البابا الكسندروس عام 319م إلى جميع الأساقفة، والتى فَنَّد فيها مزاعم آريوس الخاطئة، وأوضح أن التعبير الكتابى ” monogen»j – مونوجنيس ” يؤكد ولادة الابن الأزلية من الآب[8]. ثم تبعه البابا أثناسيوس الرسولى الذى أوضح فى مقالته الثانية ضد الآريوسية، أن التعبير ” مونوجنيس – monogen»j ” يشير إلى علاقة الابن الخاصة والمتميزة بالآب، وذلك بسبب ولادته الأزلية منه.[9]

لقد كان الاصطلاح الكتابى ” مونوجنيس – monogen»j” أحد التعبيرات التى أساء آريوس وأتباعه فهمها واستخدامها منذ اندلاع النزاع الآريوسى فى القرن الرابع. وعقب ذلك بدأ آباء الكنيسة فى إيضاح المفهوم الحقيقى للتعبير الكتابى ” مونوجنيس – monogen»j”، وذلك من خلال كتاباتهم وتفاسيرهم للكتاب المقدس.

وفى عُجالة سريعة سنقدم فى النقاط التالية مفهوم هذا التعبير عند الفلاسفة والشعراء القدماء مع إيضاح المعنى اللغوى للاصطلاح. ثم نتطرق إلى عرض لاستخدام التعبير فى الترجمة اليونانية السبعينية للعهد القديم وكذلك مفهومه فى العهد الجديد. وأخيرًا نستعرض الاستخدام اللاهوتى للتعبير ” مونوجنيس – monogen»j ” عند آباء الكنيسة منذ العصر المسيحى المبكر، ومرورًا بفترة النزاع الآريوسى فى القرن الرابع الميلادى، ثم استخدام التعبير عند آباء مجمع نيقيه وما بعده [10].

 

أولا : التحليل اللغوى للاصطلاح [11] “monogen»j”

التعبير اليونانى ” مونوجنيس – monogen»j ” هو من الكلمات اليونانية المركبة، أى التى تتكون من كلمتين : ” mono”، ” gen»j”. فبالنسبة للكلمة ” gen»j” (جِنيس) عندما تضاف إلى كلمات أخرى مثل : ” ghgen»j” (جيجِنيس)، ” diogen»j” (ذِيوجِنيس)، ” eÙgen»j” (إفجِنيس)، ” suggen»j” (سينجِنيس)، فإنها تدل على “السلالة” أو “النسب” حيث أن الكلمة “gen»j” تُشتَق من الاسم “gšnoj” (جِنوس) والتى تعنى “الجنس” أو “السلالة” أو “الأصل”، ولا تُشتَق من الفعل اليونانى ” genn£w ” (جِننَاو) بمعنى ” يلد “. وعلى ذلك يمكن فهم الكلمة المشتقة “gen»j” بمعنى ” المنحدر من “، ” المنتسب إلى “، ولا تُفهم بـ” المولود من “.

بالنسبة إلى الكلمات التى تُضاف إلى الكلمة ” gen»j” لتُكوّن كلمة مركبة، فنلاحظ الآتى :

1 ـ عندما يكون الجزء الأول من الكلمة المركبة والذى يُضاف إلى ” gen»j” عبارة عن ” اسم “، فهو يعطى معنى ” الأصل الذى أتى منه النسب أو السلالة “، كما فى الكلمات المركبة التالية :

“Zio-gen»j ” (ذيو ـ جِنيس)، فالجزء الأول من هذه الكلمة المركبة هو” Zio ” وهو عبارة عن اسم الإله اليونانى ” ZeÚj ” (زيوس) الذى اُعتبر أنه حاكم العالم ورئيس سائر الآلهة والبشر. لذلك تُترجم الكلمة اليونانية ” Ziogen»j ” إلى ” المنحدر من الإله زيوس “.

أيضًا التعبير ” gh-gen»j ” (جيـ ـ جِنيس)، فنجد أن الكلمة الأولى ” gh ” (جِى) هى اسم بمعنى ” الأرض ” (الكلمة اليونانية gÁ = جى). ولذلك تُترجم الكلمة المركبة “ghgen»j” إلى ” المجبول (من الأرض) ” أو ” المنحدر من الأرض “.

2 ـ عندما يكون الجزء الأول من الكلمة المركبة، والذى يُضاف إلى ” gen»j ـ ” عبارة عن ” ظرف “، فهو يوضح ” نوع ” أو ” طبيعة ” الانتساب أو الانحدار، كما فى الكلمات المركبة التالية :

” eÙ-gen»j ” (إفـ ـ جِنيس)، فالجزء الأول من اللفظ المركب ” eÙ ” (إف) هو عبارة عن “ظرف” للفظ “eâ” (إف) بمعنى “جيد” أو “حسنٌ”. ولذلك تُترجم الكلمة “eÙgen»j” (إفجِنيس) إلى ” ذو حسب أو نسب شريف ” أو بالتعبير الشائع بمعنى “أصيل”.

كذلك الكلمة المركبة ” sug-gen»j ” (سينجِنيس)، فنلاحظ أن الكلمة الأولى ” sug ” (سيج) أصلها ” sÚn ” (سِن) وهى ” ظرف ” بمعنى ” معًا “، ” سويًا “، ” فى آنٍ واحد “. وبحسب قواعد النطق اللغوى فى اليونانية، فإن الحروف الأنفية ومنها الحرف ” n ” (نى) يُقلب إلى الحرف “g” (غما) عندما يقع أمام أحد الحروف الحلقية ومنها الحرف “g” (غما). كما أن الحرف ” g ” (غما) يُنطق ” ن ” إذا وقع أمام أحد الحروف الحلقية [ “k” (كبا)، “g” (غما)، “c” (خى)]. ولذلك تُنطق الكلمة “suggen»j” هكذا سِنجِنيس، وتُترجم إلى: “متجانس”، ” من أصل واحد “، ” نسيب ” أو ” قريب “.

على ضوء ذلك، فإن الاصطلاح ” mono-gen»j ” لا يُفهم مثل الكلمات “Zio-gen»j”، ” gh-gen»j “، ولكن يُفسر مثل الكلمات ” eÙ-gen»j “، ” sug-gen»j “. لأن الكلمة الأولى “mono” من الظرف “mÒnon” (مونون) بمعنى “وحيد”، “فريد”، وتدل على “طبيعة ” أو ” نوع ” الانتساب أو الأصل. ولذلك يُترجم الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” إلى ” الوحيد الجنس “، ” الفريد فى نوعه أو أصله “، ” الوحيد الذى لا مثيل له فى جنسه “.

وعندما يُستخدم التعبير فى اللغة العربية فيُفهم بمعنى : ” الابن الوحيد لأهله ” إذ ليس لهم إلاّ ابن واحد ؛ أو الابن الذى بدون اخوة ؛ أو الابن الذى ليس له شبيه أو نظير.

 

ثانيًا: استخدام التعبير “monogen»j” عند الفلاسفة والشعراء اليونانيين القدماء

لم يوجد التعبير مونوجنيس monogen»jفى كتابات الشاعر اليونانى هوميروس صاحب قصيدتى ” الإلياذة والأوديسا “. ولكنه استخدم التعبير ” moànoj ” (موونوس) فى كتاباته بمعنى “وحيد” أو “فريد”[12] بدلاً من الكلمة “mÒnoj ” والتى لها نفس المعنى. وقد عُرف الاصطلاح “monogen»j” عند الفلاسفة القدماء منذ زمن “هيزيود”(Hesiod)، حيث وُجدت الاصطلاحات التالية: “mounogšneioj” (مونوجِنيوس“mounogÒnoj” (مونوجونوسوأيضًا “monogen»j[13].

وظهر الاصطلاح “monogen»j” فى أعمال كل من: “هيزيود”[14] الذى كتب قصيدتى “الأعمال والأيام”[15] و”التيوجونيا” (أصل الآلهة)[16]؛ كما يظهر فى تسابيح “أورفيوس” (Orpheus) [17]، و” بارمنيدس ” (Parmeniedes) [18]، وكذلك فى أعمال ” أفلاطون ” [19] و”هيرودوت ” [20]، وآخرون.. إلخ.

بالنسبة للشاعر ” بارمنيدس ” فنجد أنه فى كتابه “فى الطبيعة” سمى ” الوجود ” (tÕ Ôn) (تو أُن) بـ ” monogen»j ” ( مونوجِنيس ) بمعنى ” الذى وحده له الوجود “. فليس للوجود ماضٍ ولا مستقبل، ولكنه فى حاضر مستمر، وبناء على ذلك فقد ربط ” بارمنيدس ” الكلمة  “monogen»j” بالتعبير ” ¢tremšj ” (آترِمِس) والتى تعنى : الراحة، البقاء، الخلود [21].

أما الفيلسوف اليونانى ” أفلاطون ” فنجد أنه فى إحدى ” محاوراته ” بعنوان ” Timeus ” (تيميوس)، الذى يصور تكوين العالم، يتكلم عن الصانع والطبيعة جملة وتفصيلاً، ويستخدم الاصطلاح “monogen»j ” ليشير إلى ” السماء “بأنها وحيدة، وقد أضاف العبارة “eŒj Óde ” (إِس أُذ) أى ” هذه الوحيدة ” لتقوية مفهوم الكلمة “monogen»j ” ليوكد أن ” السماء وحيدة ” حيث كتب الآتى: “eŒj Óde monogen»j oÙranÕj” (إِس أُذِ مونوجنيس أورانوس) أى “هذه السماء الوحيدة “[22].

بالنسبة لـ هيزيود فنجد أن التعبير “monogen»j ” يرتبط بالكلمة “tim» ” (تيمى) والتى تعنى : الشرف، القيمة [23]. أما فى تسابيح أورفيوس فنجد أن الاصطلاح”monogen»j ” يقترن بالكلمة “polupÒtinioj” (بوليبوتينيوس) والتى تعنى: مهيب، بارز، متفوق [24]. وهنا نجد أن كلمة “monogen»j ” تعنى ” وحيد ” ولكنها تشير إلى من هو فريد، أو فذ، أو لا يماثل. وعلى ذلك فالذى يُشار إليه بالتعبير “monogen»j ” هو عبارة عن شخص وحيد أو فريد فى نوعه ولا يماثله أحد. بمعنى أنه يمكن لأشخاص عديدين أن يكون كل منهم  “monogen»j”، حيث إن كل واحد منهم يمكن أن يكون فريدًا فى نمطه أو فى أسلوبه [25].

 

ثالثًا : الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” فى الترجمة السبعينية اليونانية (LXX) للعهد القديم

نجد فى أسفار العهد القديم أن الكلمة العبرية “יתּיּך” (يَحِدْ) لها أكثر من معنى. وقد تُرجمت فى الترجمة السبعينية للعهد القديم إلى الاصطلاح “monogen»j ” فى كل من : (قضاة34:11)، (طوبيا15:6) وتعنى ” الوحيد “. أما فى (مز16:25)، (مز6:69) فإن الكلمة تعنى “معتزل” أو “منفرد”. وتُنسب الكلمة “יתּיּך” إلى ” النَفْس ” فى كل من (مز21:22)، (17:35) وتعنى ” وحيدتى ” أو ” غاليتى الفائقة “. أما فى سفر (حكمة سليمان22:7) فإن الكلمة تعنى ” فذ “، “لا يُقارن “.

ولكن توجد فقرات أخرى من أسفار العهد القديم تستخدم التعبير العبرى “כּך יתּיּך” (بِنْ يَحِد) حيث تُرجمت الكلمة “יתּיּך” فى الترجمة السبعينية إلى “¢gaphtÒj ” (أغابيتوس) أى “المحبوب ” كما ورد فى كل من : (تك16،12،2:22)؛ (عاموس10:8)؛ (إرميا26:6)؛ (زكريا10:12)؛ (أمثال3:4).

ولكن وُجِدَ فى ترجمات سيماخوس، ثيودوريت للعهد القديم، أن الكلمة العبرية “יתּיּך” فى الفقرات السابقة قد تُرجمت إلى “monogen»j ” بدلاً من “¢gaphtÒj ” [26]. وعمومًا يمكننا أن نقول أن هناك سببًا رئيسيًا لاستخدام الكلمة “monogen»j ” بدلاً من “¢gaphtÒj ” كترجمة للكلمة “יתּיּך” فى العبارات السابقة، إذ نجد أن الرسول بولس فى رسالة العبرانيين يسمى اسحق بأنه ” وحيد ” “monogen»j ” لإبراهيم : ” بالإيمان قدم إبراهيم اسحق وهو مُجَرَب.

قدم الذى قبل المواعيد وحيده ” (عب17:11). كما نجد فى الكتابات الآبائية ما يؤيد استخدام الترجمة “monogen»j “، فمثلاً يذكر القديس إيريناوس فى كتاباته ضد الهراطقة موضحًا ما جاء فى تك22:

[قدم إبراهيم “ابنه الوحيد والحبيب” ذبيحة لله ] [27]؛ أما القديس غريغوريوس النيسى يذكر الآتى : [ أعطنى.. ” ابنك الحبيب والوحيد ” (tÕn uƒÒn sou tÕn ¢gaphtÕn tÕn monogenÁ )] [28].

يلاحظ فى الفقرتين السابقتين أن كلاً من القديس إيريناوس والقديس غريغوريوس النيسى قد استخدم التعبير (المحبوب)، حيث استعارا هذا التعبير من الترجمة السبعينية للعهد القديم، وقد وضعت فى النصين بالتوازى مع التعبير “monogen»j “. فكيف يتم ذلك؟ كما هو معروف أن القديس إيريناوس كان يتقن العبرية، ونجد أن التعبير “monogen»j” الذى وضعه قبل التعبير ” ¢gaphtÒj ” فى النص السابق ربما يؤكد أن الترجمة اليونانية للعهد القديم، قد استخدمت التعبير “monogen»j ” فى تك16،12،2:22.

وقد وجد استخدام هذا التعبير أيضًا فى الرسالة إلى العبرانيين وعند المؤرخ اليهودى يوسيفوس. بالإضافة إلى ذلك نجد أن الترجمة اللاتينية القديمة للعهد القديم استخدمت التعبير “unicus” بمعنى “الوحيد”، فى كل من (تك16،12،2:22) وكذلك (قضاة34:11). ومعروف أن أساس الترجمة اللاتينية للعهد القديم هو النص اليونانى، لذلك لا يمكن أن تُترجم “unicus” من ” ¢gaphtÒj ” ولكن من اللفظة اليونانية “monogen»j “.

كما أن جيروم فى ترجمته اللاتينية للعهد القديم قد استخدم التعبير ” unigenitus ” والذى يقابل اللفظ “monogen»j “، بدلاً ” unicus ” وذلك فى (تك16،12،2:22)؛(قض34:11)؛ (عا10:8)، (إرميا26:6)، (زكريا10:12)، (ام3:4) [29].

ولكننا نتساءل كيف يمكن للكلمة العبرية “יתּיּך” أن تُترجم إلى ” مونوجنيس – monogen»j ” (الوحيد) أو إلى ” ¢gaphtÒj ” (المحبوب) فى الترجمة السبعينية للعهد القديم. نقول إنه من الطبيعى جدًا أن يكون الابن ” الوحيد ” لأهله هو الابن “المحبوب”. ولكن لا يجب دائمًا أن تُفهم ” مونوجنيس – monogen»j ” بأنها ترادف ” ¢gaphtÒj ” (المحبوب)، حيث يوجد فارق بين التعبيرين.

 

رابعًا : مفهوم التعبير “monogen»j ” فى العهد الجديد

يوجد الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” فى العهد الجديد فى كل من الإنجيل بحسب القديس لوقا، وبحسب القديس يوحنا، وفى رسائل القديس بولس الرسول. وقد أخذ التعبير “monogen»j” معنى ” الوحيد ” فى كل من : رسالة العبرانيين (عب17:11) حيث دُعى اسحق بـ “وحيد” (monogen»j) لإبراهيم أبيه؛ وفى (لوقا12:7) نجد أن ابن أرملة نايين الذى أقامه يسوع من الموت كان ” ابن وحيد لأمه ” ؛ وفى (لو42:8) ذُكر أن ابنة يايروس كانت ” وحيدته ” ؛ وأيضًا فى (لو38:9) يذكر أن الصبى الذى كان عليه الروح النجس هو “الابن الوحيد لأبيه “.

بالنسبة لاستخدام الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” ليعبر عن العلاقة الأزلية للابن المتجسد بالله الآب، فنجده فى الإنجيل بحسب القديس بوحنا (يو18،14:1).

وقد ذكر التعبير ” مونوجنيس – monogen»j ” بشكل واضح فى (يو16:3)، (1يو9:4) ليوضح محبة الله للعالم، حيث أرسل ” ابنه الوحيد ” لكى نحيا نحن به حتى كل من يؤمن به تكون له الحياة الأبدية، لأن الابن الوحيد له الحياة فى ذاته، لذلك ” الذى يؤمن به لا يُدان والذى لا يؤمن به قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد ” (يو18:3) [30]. ويعلق القديس كيرلس الأسكندرى قائلاً : [ يريد الرب هنا وبكل وضوح أن يكشف عن أنه هو الله بالطبيعة، حيث ينبغى أن نعتبر أن الذى جاء من الله الآب هو الله أيضًا ويقينًا، لا يأخذ كرامة من خارج، كما نحن، بل هو فى الحقيقة هكذا كما آمنا به.

وهو يقول هذا ببراعة فائقة، إذ يربط هذا بمحبة الله الآب لنا، ولهذا جاء ليعلمنا فى حينه الحسن.. ما هى عظمة محبة الله الآب، أو كيف يليق بنا أن نتعجب منها، لكنه ربما يقول إن أعجوبة المحبة تًرى فى بذله ابنه لأجلنا، وهذا الابن هو الابن الوحيد. ولكن يبقى إذن حب الله الآب، هذا الحب العظيم، الذى يظل محفوظًا، فلنؤمن أنه ابن وليس مخلوقًا، أعنى أنه الابن من جوهر الآب، أى واحد فى الجوهر مع الذى ولده، وهو الله بالفعل وبالحق.. إذن عظيم وفائق للطبيعة هو حب الآب، الذى بذل ابنه الذاتى والذى هو من ذاته لأجل حياة العالم ] [31].

كما أن التعبير ” مونوجنيس – monogen»j ” ذُكر فى(يو18:1) بالصيغة التالية “Ð monogen»j uƒÒj” (أُو مونوجِنيس إيُّوس) بمعنى ” الابن الوحيد “، فهذا يُظهِر أن الابن الوحيد هو أَسْمَى فى المجد وأرفع فى القدرة وفوق الإدراك، ولا يمكن أن تراه العين، لأنه الله. ويقول القديس كيرلس الأسكندرى فى هذا الصدد :

[ إنه يدعو الابن ” الإله الابن الوحيد ” ويقول إنه ” فى حضن الآب ” لكى ندرك أنه لا يمكن أن يُحسب مثل المخلوقات أو أن له طبيعة مخلوقة بل له أقنومه المتميز عن الآب والذى فى الآب، فإذا كان حقًا هو ” الإله الابن الوحيد ” فكيف لا يكون مختلفًا فى الطبيعة عن الذين هم بالتبنى آلهة وأبناء ؟ لأننا نعتقد أن الابن الوحيد ليس واحدًا ضمن اخوة، وإنما هو الواحد وحده من الآب، ولكن حيث إنه كما يقول بولس : “كثيرون يدعون آلهة فى السماء وعلى الأرض ” إلاّ أن الابن هو الإله الابن الأوحد الذى لا يمكن أن يُحسب ضمن هؤلاء الآلهة الذين دُعوا آلهة بالنعمة ولكنه الإله الحقيقى مع الآب][32].

على ضوء ذلك نقول إن الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j” الذى ذُكر فى (يو18،14:1)؛ (يو18،16:3)؛ (1يو9:4) يشير إلى أن يسوع المسيح هو وحيد وفريد فى نوعه، ولا يُماثل، كما أنه يصف أصل المسيح الذى له كل خصائص وطبيعة الآب لأنه من ذات طبيعة الآب، وكل ما يخص جوهر الآب هو بالضرورة يخص جوهر الابن، كما أن الآب فى الابن والابن فى الآب، مولود منه ومساوٍ له فى الجوهر.

 

خامسًا : مفهوم الاصطلاح monogen»j” عند آباء الكنيسة

تحت هذا العنوان سنقوم باستعراض سريع لاستخدام الاصطلاح “monogen»j” فى كتابات بعض من آباء الكنيسة ومعلميها، وذلك منذ العصر المسيحى الأول وحتى ما بعد مجمع نيقية المسكونى (325)، مع إيضاح موقف آباء الكنيسة أثناء فترة اندلاع النزاع الآريوسى، فى شرحهم للاصطلاح الكتابى “monogen»j” والذى أساء آريوس المضل فهمه.

 

أ ـ الاصطلاح monogen»j فى الكتابات الآبائية للقرون الثلاثة الأولى للمسيحية :

كان استخدام التعبير “monogen»j” فى كتابات آباء الكنيسة فى القرنين الأول والثانى الميلادى نادرًا. فمثلاً نجد أن القديس أغناطيوس الإنطاكى فى مقدمة رسالته إلى أهل رومية لم يستخدم التعبير “monogen»j” بل استخدم التعبير “mÒnoj” (مونوس)، والذى يعنى “الوحيد “، ليوضح بنوة المسيح الطبيعية والأزلية للآب، فكتب يقول : [ من أغناطيوس المدعو أيضًا ” ثيؤفوروس ” إلى الكنيسة المغمورة بعظمة رحمة الله العلى الآب وبيسوع المسيح ” ابنه الوحيد ” (toà mÒnou uƒoà = تو مونُو إيّوُ) ] [33].

وقد وُجد التعبير “monogen»j” بصورة واضحة فى كتابات الآباء الرسوليين، كما جاء فى كتاب استشهاد بوليكاربوس : [ المجد والشرف والكرامة والعظمة إلى الأجيال لمن يستطيع أن يقودنا بنعمته وموهبته إلى الملكوت السماوى بابنه الوحيد يسوع المسيح ] [34].

أما فى “الرسالة إلى ديوجنيتس” [35] فقد استُخدم التعبير “monogen»j” بالمفهوم الخريستولوجى ليشير إلى ألوهية الابن المتجسد فى بنوته الطبيعية الأزلية للآب، حيث يُذكر أن الله أسلم ” وحيده ” فداءً عنا، وإننا نحن الخطاة نتبرر ببر ابنه الوحيد [36].

بالنسبة للنصف الأول من القرن الثانى الميلادى، فإننا نجد الاصطلاح “monogen»j” فى إحدى حوارات ” يوستين ” (Justin) الفيلسوف والشهيد، والذى يعتبر من الآباء المدافعين. ففى الحوار 105 يذكر وجود الابن السابق للخليقة ثم يتكلم عن التجسد حيث يشير بالتعبير “monogen»j” بالميلاد الأزلى للابن من الآب [37].

فى نهاية القرن الثانى الميلادى ظهر التعبير “monogen»j” فى كتابات آباء الكنيسة بصورة أكثر انتشارًا. فقد استند إيريناوس فى كتابه ” ضد الهراطقة ” على ما جاء فى (يو4:1؛ 8:1؛ 6:3، 18؛ 1يو9:4) ليؤكد أن الابن هو ” وحيد فى جنسه ” وفى ” بنوته للآب”، مستخدمًا فى ذلك التعبير “monogen»j” والذى يشير إلى علاقة الابن الأزلية بالآب[38]، وذلك للرد على فالنتين [39].

أما فى النصف الأول من القرن الثالث الميلادى، فنجد أن أوريجينوس قد استخدم الاصطلاح “monogen»j” ليميز بين كلمة الله الأزلى وبين باقى الخليقة، لأن ” الوحيد الجنس هو فقط الابن بالطبيعة ” (mÒnou toà monogenoàj fÚsei uƒoà) (مونوُ توُ مونوجِنوُ فيسى إيّو) [40]، حيث قال فى عظته على سفر إرميا : [ هذا ” الكلمة ” الذى هو ابن ” بالطبيعة ” وليس ” بالتبنى “، مولود داخليًا من الآب ] [41]. فالمسيح كما يُعَلِّم أوريجينوس، هو ابن الله حسب الطبيعة، وليس بالتبنى. وتتصف علاقة هذا الابن مع الآب بوحدانية الجوهر، أى أن هناك جوهر واحد لهما ؛ وبعبارة أخرى هما من جوهر متساوٍ. كما أن الابن يولد من الآب ليس بالانقسام، بل بفعل روحى أزلى، لأن الله أزلى، فالابن لم يكن له بدء، ولم يكن هناك وقت لم يكن فيه موجودًا [42].

نلاحظ أن أوريجينوس يتكلم عن ” الولادة الداخلية ” للابن من الآب، وربما يكون قد فهم التعبير ” مونوجنيس – monogen»j” على أساس أنه يعنى ” الولادة الداخلية “. وعلى ضوء ذلك يكون الجزء الثانى “-gen»j” فى التعبير “monogen»j” مشتقًا من اسم المفعول (زمن الماضى البسيط الأول فى حالة فاعل مذكر مفرد) “gennhqšnta” (جِنيثينتا) أى ” المولود “.

 

ب ـ استخدام التعبير monogen»j” أثناء النزاع الآريوسى وحتى مجمع نيقية المسكونى الأول (325م) :

قبل البدء فى عرض استخدام التعبير ” مونوجنيس – monogen»j” من قبل آباء الكنيسة الذين واجهوا الآريوسية أثناء فترة النزاع الآريوسى، وأيضًا أثناء الإعداد لانعقاد المجمع المسكونى الأول وما بعده، نقدم لمحة بسيطة عن كيفية تفسير الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” من جانب آريوس ومشايعيه.

ذكرنا فى مقدمة هذا البحث أن الآريوسيين فسروا الاصطلاح “monogen»j” بمعنى أن الابن الوحيد قد خُلق مباشرة من الله، أما باقى الخليقة فقد خُلقت بواسطة الابن. وقد أرسل آريوس واتباعه خطابًا إلى البابا الكسندروس بتحريض من أوسابيوس أسقف نيقوميديا فى مسعى للتفاهم ولاسترضاء البابا الكسندروس، وتضمنت الرسالة تعاليم آريوس ومشايعيه، نقتبس منها العبارات التى تهمنا فى هذا البحث، والتى تتصل باصطلاح “monogen»j” [43]:

[نعترف بإله واحد،.. “الذى وَلَدَ قبل الأزمنة الأزلية ابنه الوحيد ” (genn»santa uƒÕn monogenÁ prÕ crÒnwn a„wn…wn) (جِنّيساندا إيون مونوجِنى برو خرونون إيونيون) (أ) الذى ” ولده ” (genn»santa) (جِنّساندا) حقًا، لا ظاهريًا، وأوجده بفعل إرادته الخاصة.

(ب) ” خُلق ” (ktisqšnta) (كتيسثِنتا) بفعل إرادة الله قبل الأزمنة والدهور.. أما الابن المولود من الآب قبل الأزمنة فقد “خُلق” (ktisqeˆj) (كتيسثيس) “وأسس” (qemeliwqeˆj) (ثمٍليوثيس) قبل الدهور.

(ج) لم يكن موجودًا قبل “ولادته” (gennhqÁnai) (جِنيثينى)، لكنه ” وُلِدَ ” (gennhqeˆj) (جٍنيثيس) قبل الأزمنة، قبل كل شئ.

(د) هو وحده ” مخلوق ” (Øpšsth) (هيبستى) من الآب….

أما بالنسبة لبعض الجمل مثل “منه” (™x aÙtoà) (إكس أفتو)، “ومن الرحم” (™k gastrÒj) (إك غاستروس).. فإذا فسر البعض وفهموا وكأن الابن جزء مساوٍ فى الجوهر للآب وفيض منه.

(هـ) فيكون الآب، مركبًا ومنقسمًا، معرضًا للتحول، جسديًا، والله الذى لا جسد له يصير معرضًا، حسب رأيهم، لكل ما يتعرض له الجسد طبيعيًا ].

يلاحظ فى العبارات السابقة التى تضمنتها رسالة آريوس ما يلى :

1 ـ استخدم آريوس الفعل ” genn£w ” (جِنَّاو) بمعنى “يلد”، كمرادف للفعل “kt…zw” (كتيزو) بمعنى ” يخلق “، كما هو واضح فى الفقرة (ب) حيث ذكر أن الابن “خُلق بفعل إرادة الله “، ثم عاد فى نفس الفقرة يقول ” أما الابن المولود من الآب “، ثم يكرر ثانية ويقول ” قد خُلق وأُسِّسَ “.

2 ـ على أساس الملاحظة السابقة يكون اسم الفاعل (فى الزمن الماضى البسيط الأول فى حالة مفعول مذكر مفرد) “genn»santa ” (جِنّيساندا) والتى تعنى وَلد ـ كما هو واضح فى بداية النص، وكذلك فى بداية الفقرة (أ) ـ تتضمن عند آريوس أن الابن له بداية حقيقية كما هو مبين فى الفقرات (أ، ج) : ” أوجده بفعل إرادته “، ” لم يكن قبل ولادته “.

3 ـ وعلى ضوء ذلك يكون الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j” الذى ذكره آريوس فى بداية النص، ليس له مفهومًا آخر سوى أن ابن الله قد خُلق مباشرة بواسطة الآب وبدون وسيط، وذلك بخلاف باقى الخليقة التى خُلقت بواسطة الابن.

لقد وضع آريوس الفعل ” genn£w ” (جٍناو) فى بداية النص المذكور، والذى يعتبر بداية البند الثانى فى رسالته، فى صورة اسم الفاعل “genn»santa ” (جِنّيساندا) ولم يُضف له التعبير ” ™k toà patrÒj ” (إك تو باتروس) أى ” من الآب ” كما فى التقليد الدقيق المذكور فى قانون الإيمان النيقاوى، حيث يوضع اسم الفاعل “gennhqšnta ” (جِنثيندا) بمعنى الولادة مضافًا له ” من الآب “. والسبب فى هذا الحذف من جانب آريوس واضح فى العبارتين (د،هـ) حيث إن الإيمان بالميلاد الأزلى للابن من الآب هو أمر مزعج بالنسبة له، والذى ينجم عنه نتيجتان أراد آريوس أن يتجنبهما : 1 ـ الابن يستمد وجوده ” من ” (™k) (إك) الآب بطريقة ما، 2 ـ الفعل ” genn£w ” (جٍناو) يعنى دائمًا حقيقة الولادة كما هو فى قانون نيقية.

على النقيض من آريوس وأفكاره المُضلة يقف الشيخ الوقور البابا الكسندروس فى مواجهته مدافعًا عن الإيمان المستقيم، فكان ينادى بعكس آريوس، أن الابن أزلى مع الآب، وأنه لم يأتِ من العدم، بل هو مولود من الآب ولادة طبيعية، مثبتًا تعليمه بما جاء فى مقدمة إنجيل يوحنا : ” فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله.. وكان الكلمة الله ” (يو1:1). وقد أضاف بعض التفسيرات على قانون إيمان قديم كان متداولاً فى كنيسة الأسكندرية، حيث قال: [نؤمن.. وبرب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد “monogen»j”، “المولود ليس من العدم، بل من الآب الموجود ” (جِنيثينتا أوك إك تو مى أونتوس، ألا إك تو أونتوس باتروس).

ليس بحسب طريقة الجسد، بالانقسام أو بالفيض.. بل بطريقة لا توصف ولا تُشرح،.. تبعًا لذلك نؤمن أن الابن يكون دائمًا ” مولودًا من الآب ” ™k toà patrÒj ] [44].

يلاحظ أن التعبير ” مونوجنيس ” يعنى ” الوحيد “، وعلى ذلك يكون الابن وحيد الجنس، ويختلف جوهريًا عن الخليقة المجبولة بواسطته. وقد احتفظ البابا الكسندروس بالتعبير ” من الآب ” ) والتى أهملها آريوس. هذا بالإضافة إلى أن النص يتضمن شرحًا واضحًا للاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” الذى يعنى الوحيد الذى ولد من الآب ميلادًا حقيقيًا ليتميز عن الابن بالتبنى.

فى عام 325م وقبل انعقاد مجمع نيقية المسكونى، انعقد مجمع فى إنطاكية حيث ناقش فيه الأساقفة المجتمعون، بدعة آريوس وابتعاده عن تعاليم الكتاب المقدس وخروجه عن التقليد الرسولى الكنسى. وطالب أغلبية الحاضرين بإدانة آريوس، وأعلنوا قانون إيمان مشترك مضاد للآريوسية [45]. ويعتبر قانون إيمان مجمع إنطاكية أنه يحتوى على أطول وأول إدخال فى القانون لمفهوم الكلمة ” مونوجنيس – monogen»j” ضد الآريوسية، حيث استندوا إلى ما جاء فى الكتاب المقدس (يو18،14:1؛ 18،16:3؛1يو9:4).

ويظهر فى قانون إيمان مجمع إنطاكية أن الوصف الأول للرب ” الواحد يسوع المسيح ” هو أنه “الابن الوحيد”، وأنه ” مولود من الآب “. وهنا نجد أن الإنطاكيين قد اتفقوا مع البابا الكسندروس ودافعوا عن ولادة الابن الأزلية من الآب، وقالوا عن شخص المسيح الواحد أنه ” ابن الله الوحيد ” . كما فسروا ولادته من الآب على ضوء وحدته الجوهرية معه والتى شهد عنها يوحنا الإنجيلى فى العهد الجديد :

[ نؤمن.. وبرب واحد يسوع المسيح، الابن الوحيد، المولود من الآب وليس من العدم، ليس كائنًا مخلوقًا بل كائن مولود. (وهو) مولود بصورة لا تُوصف ولا يمكن التعبير عنها، لأن الآب الذى ولد الابن، والابن المولود من الآب، وحدهما يعرفان، ” لأن لا أحد يعرف الآب إلاّ الابن، ولا الابن إلاّ الآب ” (مت27:11)، الابن كائن دائمًا، ولم يكن إطلاقًا غير موجود، ليس هو غير المولود ـ كما تدلنا على ذلك عبارة ” من الآب “، وليس من أى شئ آخر ـ لأن مثل هذا القول تجديف وكفر ؛ وإن الكتب المقدسة تصف الابن بأنه مولود حقًا، وبكل معنى الكلمة.. نعترف أنه مولود من الآب غير المولود، الله الكلمة، النور الحقيقى، العدل، رب الكون وفاديه، يسوع المسيح. ليس هو صورة إرادة الآب، أو أى شئ آخر، بل هو من جوهر الآب ذاته ] [46].

 

ج ـ التعبير مونوجنيس – monogen»j فى كتابات آباء ومعلمى الأسكندرية بعد مجمع نيقية :

كان القديس أثناسيوس الأسكندرى أنشط شخصية عرفها مجمع نيقية المسكونى الأول، وقد كرّس حياته لنشر الإيمان المستقيم حيث أخذ يقاوم الآريوسية، وقد كتب ثلاث مقالات ضد الآريوسيين للدفاع عن العقيدة المستقيمة. فعندما تحدث عن ” اللوغوس ” كلمة الله الأزلى استخدم التعبير ” monogen»j ” ليشير إلى بنوة الابن الطبيعية للآب.

ففى المقالة الثانية ضد الآريوسيين يتحدث عن مفهوم كل من “البكر” (prwtÒtokoj) (بروتوتوكوس)، و” الوحيد الجنس ” ( مونوجنيس – monogen»j )، فيذكر أن اللفظين متعارضان، أحدهما مع الآخر. فالابن يُسمى ” بكرًا ” لسبب التنازل إلى الخليقة ومؤاخاته للكثيرين، أما ” الابن الوحيد ” فبسبب الولادة من الآب.

كما أن هذا اللفظ متعلق ” بالكلمة ” وذلك بسبب عدم وجود ” كلمة ” آخر أو ” حكمة ” أخرى، بل إنه هو وحده ابن الآب الحقيقى، لأن اصطلاح ” الوحيد الجنس ” ” مونوجنيس – monogen»j ” ـ كما يقول القديس أثناسيوس ـ لم يُذكر مرتبطًا بأى سبب، بل ذُكر بصورة مطلقة أنه : ” الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب ” (يو18:1)[47]. لذلك يُقال عن المسيح أن له اخوة بحسب التدبير، ولكن بحسب الطبيعة الإلهية فهو ” ابن وحيد الجنس بالطبيعة “، حيث يقول القديس أثناسيوس فى هذا الصدد : [ فمن الذى يقرأ كل هذه الفقرة (عب14:2ـ18؛ 2،1:3)، ولا يدين الآريوسيين، ولا يبدى إعجابه بالرسول المطوب لأنه قد تكلم بالصواب.

لأنه متى ” صُنع ” ومتى “صار” المسيح رسولا،ً إلاّ عندما اشترك هو نفسه ” فى الدم واللحم ” بطريقة مماثلة لنا ؟ ومتى صار ” رئيس كهنة أو رحيمًا وأمينًا “، إلاّ عندما صار إنسانًا لابسًا جسدنا نحن. ولذلك فعندما يقول بولس ” كونه أمينًا للذى أقامه ” فإنه يتحدث عن تدبير تجسد الكلمة وليس بخصوص جوهر الكلمة. إذن، فلا يجب أن تنخدعوا وتقولوا إن كلمة الله مصنوع، لأنه بحسب الطبيعة هو ابن وحيد الجنس، ثم صار له ” اخوة ” عندما ارتدى جسدًا شبيهًا بنا.. ] [48].

بالنسبة للعلاَّمة الأسكندرى ديديموس الضرير الذى أدار المدرسة اللاهوتية بالأسكندرية فى القرن الرابع الميلادى زهاء نصف قرن من الزمان [49]، فقد كانت له مواجهات مع الجيل الثانى من الآريوسيين. ففى تفسيره (للمزمور 16:24) “التفت إلىّ وارحمنى لأنى وحيد ومسكين أنا”، وكذلك (مزمور17:34) “استرد نفسى من تهلكاتهم وحيدتى من بين الأشبال”، قد كرّس تفسيره لهذين المزمورين فى إيضاح مفهوم التعبير ” مونوجنيس – monogen»j ” لمواجهة الآريوسى ” آئيتيوس ” (Aetios) [50] الممهد ” للأفنومية ” [51]. فيستعرض ديديموس أولاً ما قاله آئيتيوس بشأن فهمه للتعبير “مونوجنيس monogen»j ” كالتالى : أن المسيح ليس هو الوحيد الذى يمكن أن يُقال عنه أنه ” وحيد الله ” (” monogen»j toà Qeoà = مونوجنيس تو ثيئو)، ولكن توجد خلائق كثيرة يمكن أن يُطلق عليها أيضًا أنها ” monogen»j ” مثل الشمس، والعالم، والأرض [52].

يفند ديديموس مزاعم آئتيوس السابقة ويقول إن التعبير ” مونوجنيس – monogen»j” يعنى غالبًا  “mÒnoj” أى “الوحيد”[53]، حيث يفرق ديديموس فى استخدام التعبير ” مونوجنيس – monogen»j” بالنسبة للابن، وبالنسبة للمخلوقات. فبالنسبة للمخلوقات ـ كما يقول ديديموس ـ لا يوجد شئ منها يكون ” وحيد “، فعندما تكون الشمس ” وحيدة “، فهذا لا يعنى أنها ” المخلوقة الوحيدة “، ولكن يُقال عن الشمس إنها ” وحيدة ” لأنه لا يوجد أية شمس أخرى غيرها [54].

ولإيضاح هذا المفهوم ذكر ديديموس المثل التالى من العهد القديم : عندما يقول داود فى المزمور ” أنظر إلىّ وارحمنى لأنى وحيد ومسكين “، فداود يقول عن نفسه إنه ” وحيد ” بالرغم من أنه كان له ستة اخوة آخرون، لذلك عندما يشير إلى نفسه أنه ” وحيد ” فهذا مثلما نقول عن الشمس إنها ” وحيدة “. بمعنى أن داود فى انفصاله عن باقى البشر وابتعاده عن العمل يمكن أن يكون ” وحيدًا “، لذلك فإن هذا التعبير ليس له صلة بأن يكون ابنًا وحيدًا لأهله [55].

بالنسبة للمخلص لا يُقال عنه إطلاقًا الاسم المجرد “وحيد”، فاستنادًا إلى الأقوال الكتابية فى (يو14:1، 16:3) يوضح ديديموس أنه دائمًا تضاف كلمة ” الابن ” أو ” الآب ” للتعبير “الوحيد “، لذلك يكون المسيح هو الوحيد الذى يُطلق عليه ” الابن الوحيد ” [56]. فالمخلص “كابن الله الوحيد ” لم يكن له اخوة. لأنه ” بحسب اللاهوت ” لا يكون له اخوة، فإنه لو كان له أخ، لِما كان يُطلق عليه ” وحيد “. فاللاهوت لا يُنسب لآخر إلاّ للمخلص، الذى يُسمى ” بحسب اللاهوت ” أنه ” وحيد الجنس ” (monogen»j) [57].

كما أن ديديموس فى إحدى تفاسيره لسفر (زكريا8:2) ” بعد المجد أرسلنى إلى الأمم “، يقول إن المجد الأول للابن (أى قبل التجسد) هو ” لأنه كلمة الله الوحيد ” (kaq/ Àn monogen»j QeÕj LÒgoj) (كاث إِّن مونوجِنيس ثيؤس لوغوس)، مؤكدًا ولادة الابن الأزلية من حضن الآب ” كابن وحيد لأبيه ” [58].

إن التعبير ” مونوجنيس – monogen»j ” فى مفهوم ديديموس الضرير، كما هو مذكور فى مخطوطات طره، عبارة عن لقب خاص بابن الله الكلمة ويشير إلى أزلية الابن المولود من الآب.

عندما نريد أن نعرف مفهوم الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” عند القديس كيرلس الأسكندرى، فيجب أن نضع فى الاعتبار أن موضوع ” الاتحاد الأقنومى ” [59] كان المحور الرئيسى الذى كانت تدور حوله تعاليم القديس كيرلس، خصوصًا بعد اندلاع النزاع النسطورى. لذلك كان القديس كيرلس يؤكد دائمًا على كمال كل من الطبيعتين اللاهوتية والإنسانية فى شخص المخلص الواحد، فى اتحاد كامل لا يعتريه أى شئ من الانفصال أو الامتزاج أو الاختلاط أو التغيير.

فمثلاً فى كتاب ” أن المسيح واحد ” الذى صيغ على هيئة حوار بينه وبين شخص آخر، يقول الآتى : [ الابن الوحيد، كائن مع الآب وأنه هو بذاته وليس آخر غيره، ولد من نسل داود حسب الجسد،.. وأن الكلمة الذى بالطبيعة والحق، ووُلد من الآب قد أخذ لحمًا ودمًا.. ظل هو نفسه بالطبيعة وبالحق الابن مع الآب، لأنه واحد وحيد، وليس آخر معه. وهذا ما يوجب اعتقادنا بأنه أقنوم واحد تجسد.

ونحن نؤمن باتحاد حقيقى فوق الإدراك والنطق، لأن الطبيعة التى نتكلم عنها هى غير قابلة للتحديد، وهذا يجعلنا نتقدم على درب الإيمان دون أى انحراف. نحن نعترف بأن الواحد بعينه يسوع المسيح هو مولود من الله الآب، لأنه الكلمة ومولود من نسل داود حسب الجسد ] [60].

فمثل سابقيه من آباء الكنيسة يؤكد القديس كيرلس أن [ لقب ” الابن الوحيد ” هو خاص باللوغوس كما أنه يُطلق على اللوغوس متحدًا بالجسد ] [61]؛ ويقول أيضًا إن [ الابن الوحيد من جهة أنه كلمة الآب الذى ليس له اخوة بالطبيعة، ولا يوجد أى كائن مشترك معه.

لأن ابن الله المساوى للآب، هو واحد ووحيد.. فحينما يُدعى الابن الوحيد، فإنه يُدعى هكذا دون أن يكون هناك سبب آخر لكونه الابن الوحيد، إذ هو الإله الوحيد الجنس الذى فى حضن الآب (يو18:1)] [62]، وأن التعبير ” مونوجنيس – monogen»j “، كما يشرح القديس كيرلس، يؤكد على أن “الابن الوحيد” هو وحده المولود من جوهر الآب :

[.. وأيضًا (أى الابن) كان دائمًا منذ الأزل الابن الوحيد بالطبيعة، لكونه الوحيد المولود من الآب، إله من إله، وحيد من وحيد، إله أشرق من إله، نور من نور.. ] [63]؛ ويضيف أيضًا [ فأول كل شئ يجب أن نعترف أن الابن الصادر من الله الآب، هو الابن الوحيد لجوهره، وأنه هو الله الكلمة، وهو رب الكل، وليس كمن وُهبت له الربوبية من الخارج بالانتساب، بل هو الرب بالطبيعة وبالحق مثل الآب تمامًا ] [64].

 

ملخص عام لما سبق عرضه

الاصطلاح ” مونوجنيس –  ” يحتمل أن يحمل معنيين، وهذا يعود إلى الكلمة “-gen»j ” (جِنيس) والتى تشكل الجزء الثانى من الاصطلاح :

1 ـ عندما تُشتق ” -gen»j ” من ” gšnoj ” والتى تعنى : ” نوع “، ” جنس “، “سلالة”، فإن التعبير يعنى ” الوحيد أو الفريد فى نوعه أو جنسه “،

2 ـ يمكن أيضًا أن تشتق “-gen»j” من اسم المفعول “gennhqšnta” (جِنيثِنتا) والتى تعنى “المولود” (اسم مفعول فى الزمن الماضى البسيط فى حالة المفعول به للمفرد المذكر)، وهذا المفهوم استخدمه البابا الكسندروس حيث إن ” مونوجنيس – monogen»j” تعنى “الولادة الداخلية من الآب”، وذلك فى تفنيده لمزاعم آريوس. فعندما يُقال إن الابن ” مونوجنيس – monogen»j” فإن هذا يعنى أنه يستمد وجوده من الآب.

وعلى هذا يمكن أن يُترجم الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” بأنه ” الوحيد الجنس ” حيث إن هذا المفهوم يتضمن أيضًا معنى “الولادة الأزلية من الآب” عندما يُضاف ” الابن ” إلى التعبير ” مونوجنيس – monogen»j “، أى الابن الوحيد الجنس فى جوهره، والمولود أزليًا من الآب. كما أنه يلاحظ فى الترجمات الأخرى، مثل الإنجليزية ” Only- Begotten ” أو الألمانية  “Einziggeboren” أنها تحمل معنى الولادة وتُترجم إلى ” الوحيد المولود “.

وبصفة عامة نقول إن الاصطلاح ” مونوجنيس – monogen»j ” السابق إيضاحه بحسب تعاليم الكتاب المقدس وأيضًا بحسب مفهوم آباء الكنيسة، يُنسب فقط للابن كلمة الله الأزلى، حيث إنه يُضاف إليه دائمًا كلمة “الابن”، أو “الآب”، أو “ابن الله”، وهذا يشير إلى ولادة الابن الأزلية من جوهر الآب، ولذلك يعتبر الابن “فريدًا فى جنسه” بحسب الألوهية، لا يشاركه فيها أيًا من المخلوقات، حيث إن الابن المولود من الآب، هو ابن الله الآب بالطبيعة وليس بالتبنى، كما أن صفة ” الابن الوحيد ” قد صارت أيضًا للمسيح كإنسان بسبب اتحاد ناسوته بالكلمة كتدبير الخلاص. فالابن الوحيد اشترك فى اللحم والدم وصار مثلنا آخذًا جسده من نسل إبراهيم عندما تجسد وذُبح لأجلنا فهو الذبيحة الوحيدة التى بلا عيب والتى بها أُكمل المقدسين (عب14:10)، وجدّد الطبيعة الإنسانية إلى ما كانت عليه منذ البدء، لأن الكل صار فيه جديدًا منذ الآن (2كو17:5). وهذا ما ترتل به الكنيسة حيث يُقال القانون التالى من أيام الصوم المقدس : [ جسد ودم ” الإله الوحيد ” (monogenouc Qeou) اللذان نلنا منهما فلنشكره.. هذا هو جسد ودم ” الإله الوحيد ” (monogenhc `nnou;) هذان اللذان تناولنا منهما فلنشكره.. ] [65].

 

 

ـــــــــــــــــــــــــ

هوامش الموضوع:

1 H. Marrou, Arius et le Concile de Nicee. Les peripties de la Crise arienne, Nouvelle Histoire de l’Eglise. I, Paris 1963, s. 290-309.

[2] أهم المصادر التى يمكن الرجوع إليها لمعرفة تعاليم آريوس المُضلة هى :

Thalia, Athanasius, Ar. I, 5.6.9; Athanasius, De syn. 15 (Werke 2,1, 231-278); H.-G. Opitz. Urkunden zur Geschichte des arianischen Streits, Berlin 1934, /35.

أما أهم المراجع والدراسات عن آريوس فهى كالتالى :

  1. Metzler. Ein Beitrag zur Rekonstruktion der “Thalia” des Arius: K. Metzler, F. Simon, Ariana et Athanasiana, Opladen 1991, 11-45; R. Williams, Arius, Heresy and Tradition, London 1987.

أنظر أيضًا “الآريوسية”، للبروفسور ب. ك. خريستو، فى كتاب: “الشهادة لألوهية المسيح” للقديس أثناسيوس الرسولى، المقالة الأولى ضد الاريوسيين، إصدار مركز دراسات الآباء، القاهرة 1984، ص116ـ134.

[3] سابيليوس (Sabellius) ابتدأ بنشر آرائه الخاطئة فى روما عام 215م. كان يعتقد باختلاط الأقانيم الثلاثة، ذات الجوهر الواحد، ويرجعها إلى أقنوم واحد. ونادى بأن الثالوث القدوس هو أقنوم واحد، مثلث الأسماء، وظهر تارة كأب، وتارة كابن، وتارة كروح قدس، حيث فى كل ظهور تتغير الصورة والشكل. أى أنه ادعى أن هناك ثلاثة أشكال مختلفة لشكل واحد. كما أن سابيليوس أراد التشديد على فكرة وحدانية الله، فى التعليم حول سر الثالوث، فألغى التمييز بين الأقانيم، وأنكر وجود ثلاثة اقانيم، ونادى بأقنوم واحد.

وقد حارب البابا ديونيسيوس الأسكندرى كل من سابيليوس وأتباعه وكتب لهم عدة مرات.

  1. Műller, Dionysius von Alexandrien im kampf mit den libyschen Sabellianern, ZNW 24(1925), 278-285.

[4] راجع : R. Lorenz, Arius Judaizans?: Untersuchungen zur dogmengeschichtichen Einordnung des Arius. Gottingen 1979, S. 53 – 66.

[5] مجمع الأسكندرية 320/321؛ مجمع إنطاكية 325.

6 E. Schwarz, Acta Conciliorum Œcumenicorum, Berlin 1914; D. Urbina. Nicee et Constantinople, Paris 1963; D.L. Holland, ‘ Die Synode von Antiochien (324/25) und ihre Bedeutung fur Eusebius von Caesarea und das konzil von Nizaa’, ZKG 81 (1970), 163-181.

7E. Boularand ,L’Hérésie d’Arius et la “foi” de Nicée ,vol. II : La “foi” de Nicée , Paris 1972 ; Opitz, rk. 6. 2.

8 Opitz , Urk. 14 , S. 24f;26.

9 Athnasius , cr.Ar.II,9.

[10] المراجع الأساسية المستخدمة فى هذا البحث :

P.Winter, MONOGENHS PARA PATROS,Zeitschrift Religious und Geistesgeschechte, S (1953), S.335-365; Büchsel, “monogen»j” in : ThWNT BD.4,S.745-750 ; A. Hort ,Two Disserrations (Cambridge and London 1876) 54-72 (“Note E : on MONOGENHS QEOS in the Nicene Creed”) ;E.Böklen, “MONOGENHS” ,in : Theologische Studien und Kritiken 101 (1929) 55-90 ; D. Moody,” God’s only Son : The translation of John 3:16 in the Revised Standard Version”, Journal of Biblical Literarture 72 (1953),213-219;P.Hofrichter, Nicht aus Blut sondern monogen aus Gott Geboren. Textkritische, dogmengeschechtliche und exegetische Untersuchung zu Joh 1,13-14, Forschung zur Bibel,31 (Würzburg1978),S.139-154.

[11] استُخدم فى هذا التحليل اللغوى أهم القواميس اللغوية فى اللغة اليونانية بلهجاتها المختلفة مثل :

  1. Pape, Griechisch- Deutsches Handworterbuch, Graz 1954; Liddell and Scott’s Greek – English Lexicon, Oxford 1972; W. Bauer, Griechisch- Deutsches Worterbuch zu den Schriften des Neuen Testaments und die ubrigen urchristlichen Literatur,6, vollig neu bearb. Aufl., herausgegeben von K. und B. Aland, Berlin 1988.

[12] راجع ملاحظة رقم (10) Buchsel, “ monogen»j” , s. 745.

[13] راجع ملاحظة رقم (10) P. Winter. MONOGENHS.. , s 336.

[14] ” هيزيود ” أسيوى الأصل حيث وُلد فى مقاطعة ” بيؤسيا ” وهى إحدى مقاطعات إغريقيا الأوربية. وتعلم الزراعة وأعمال الحقل فى بداية حياته، ثم اتجه إلى العلم والثقافة، وابتدأ خياله الشعرى ينضج، فاتجه إلى فن جديد فى كتابة الشعر يسمى ” الشعر التعليمى “. وقد نشأ هيزيود فى عصر لاحق للعصر الذى نشأ فيه هوميروس، أى عاش حوالى القرن الثامن قبل الميلاد.

[15] قصيدة ” الأعمال والأيام ” تعتبر من أول القصائد التى ألفها ” هيزيود “، وهى تحوى حكمًا وعظات وقواعد خُلقية تُنفر من الظلم والاعتداء على حقوق الناس، وتبين سوء مغبة الخيانة وعدم الوفاء بالعهود، وتقر أن كل مال يُكتسب عن طريق السُحت وأكل حقوق الناس بالباطل، يكون وبالاً على صاحبه ويكون مصيره إلى الزوال.

[16] ” الثيوجونيا ” (QeÒgonoj) بمعنى ” أنساب الآلهة ” أو ” أصل الآلهة “، وهى قصيدة تعرض لتاريخ الآلهة، فتبين نشأتهم وأنسابهم وأصولهم وشعبهم. وهى قصيدة تتألف من نحو ألف بيت ويسودها روح البحث العلمى، وتسير فى علاجها للحقائق وفقًا لمبدأ فلسفى.

[17] “أورفيوس” هو أحد الشعراء الذى يستحيل معرفة حياته وآرائه ومنشأه نظرًا لكثرة ما روى عنه من الأخبار المتضاربة. وقد أسس ما يسمى ” بالأورفية ” وهى تعبد ديونيسيوس الذى كان عند هوميروس إله ترف الأشراف. والأورفية تمتاز بالإيمان الراسخ بالعدالة الإلهية وبالعالم الروحانى وبالطهارة الداخلية. وقصائد ” الأورفية ” تدور حول الشئون الدينية كتمجيد الآلهة والتوسل إليها فى تسابيح منغمة.

[18] ولد بارمنيدس فى القرن السادس قبل الميلاد بمدينة ” إيليا ” وآمن ” بوحدة الوجود ” ووضع كتابًا فى ” الطبيعة ” بطريقة شعرية فكان أول من نظم الشعر فى الفلسفة. والمعرفة عنده نوعان : عقلية وهى ثابتة كاملة، وظنية وهى قائمة على العرف وظواهر الحواس. فالحكيم يأخذ بالأولى ويُعَول عليها كل التعويل، ثم يلم بالأخرى ليقف على مخاطرها ويحاربها بكل قواه.

[19] ولد أفلاطون (437ـ347ق.م.) فى أثينا من أسرة عريقة الحسب. تثقف بعلوم مختلفة وقرأ شعراء اليونان وعلى الأخص هوميروس، كما أنه نظم الشعر التمثيلى. يُنسب إليه ستة وثلاثين مصنفًا، منها محاورات ومنها رسائل. ومن أشهر مؤلفاته هو كتاب ” المدينة الفاضلة “.

[20] نشأ ” هيرودوت ” : (495 ـ 424ق.م) فى مجتمع نصف يونانى (هاليكارناس) حيث كان يتحدث اليونانية والكارية  (Carian). وبسبب أن بصيرته تفتحت على دراسة الحضارة الإيرانية السورية، فقد آثرّ ذلك على اتصاله بالمجتمع اليونانى. وفى كتابه ” تاريخ الشرق والغرب ” كان له هدفان : إنقاذ تاريخ الجنس البشرى من النسيان، ثم إثبات أن الأعمال الرائعة التى اضطلع بها الهلينيون والشرقيون سوف تتمتع بما هى أهل له من شهرة ـ خاصة تلك التى أدت إلى صدام فيما بينهم.

21 H. Diels, Parmenides Lehrgedicht, Berlin 1897, s. 34, 37; ders., Die Fragmente der Vorsokratiker, Berlin 1903, s. 122.

22 Edition Bury, (Leob Classical Library. Plato VII), London 1929, s. 57,58.

23 Edition Dindorf, Leipzig 1825, 39, 40.

24 Edition Leipzig und Leyden 1818, s. 57, 58, 62.

[25] راجع ملاحظة (10) P. Winter, MONOGENHS… , S. 336..

[26] المرجع السابق، ص337.

27 Irenaeus, Contra Haer IV, 4,4 (PG 7, 986).

28 De Deitate Filli et Spiritus Sancti III, (PG 46, 568).

29 Jerom. PL 28. 188-189; s26; 1038; 1073; 1246.

30 J.R. Harris, The Origin of the Prologue to St. John’s Gospel, Cambridge 1917.

[31] القديس كيرلس الأسكندرى، شرح إنجيل يوحنا (الجزء الثانى)، ترجمة د. جرجس كامل ود. نصحى عبد الشهيد، إصدار مركز دراسات الآباء بالقاهرة، القاهرة 1995، ص24ـ25.

[32] القديس كيرلس الأسكندرى، شرح إنجيل يوحنا، الإصحاحات 2،1، ترجمة د. جورج بباوى ود. نصحى عبد الشهيد، إصدار مركز دراسات الآباء بالقاهرة، القاهرة 1989، ص144ـ145.

[33] أغناطيوس، الرسالة إلى أهل رومية، نقلاً عن كتاب ” الآباء الرسوليون “، عرَّبه عن اليونانية المطران إلياس معوض، منشورات النور، لبنان 1970، ص124.

[34] استشهاد القديس بوليكاربوس، فقرة2:20، المرجع السابق، ص 164. وهى عبارة عن رسالة رعوية من كنيسة أزمير إلى الكنيسة فى فريجية وإلى جميع المناطق، عن كيفية استشهاد القديس بوليكاربوس. وتعتبر هذه الرسالة من أقدم المخطوطات التى حُفظت عن أخبار الشهداء.

[35] ديوجنيتس والذى يعنى حامل السماء كأحد ألقابه الشرفية، كما يبدو من الرسالة، أنه كان إنسانًا من الأشراف ثم اهتدى إلى المسيحية. أما كاتب الرسالة فهو مجهول. وتتسم الرسالة بالدفاع عن الإيمان وسمو المسيحية، كما أنها تكشف عن سلوك المسيحيين فى أيام كاتب الرسالة.

36 Source Chretienne, 33, s. 5-8.

[37] يوستين، الحوار 105.

[38] إيريناوس : ضد الهراطقة (PG 7, 920; 921; 925).

[39] فالنتينوس هو أشهر الغنوسيين فى القرن الثانى. وكان يُعلّم بأنه يوجد فى عالم الآلهة فيض ثنائى: فى البدء كان الآب وحيدًا، غير مولود، ثم كوَّن أول مبدأين الذى سماه “النوس” (Noàj) ويعنى العقل والذى هو عبارة عن ” النفس والحقيقة “. وهذا ” النوس ” قد أفاض ” المسيح والروح القدس “. وكما يعتقد فالنتين أن ” النوس ” هو “الابن ” أو ” المسيح ” عمل الآب والقوة الإلهية وأشار إليه بأنه “monogen»j”. كما أنه ميّز بين ” النوس ” العقلى وبين ” يسوع ” المتجسد الذى أتمّ عمل الخلاص على الأرض.

راجع : G. Quispel, The Original doctorine of Valentin, Vig Chr 1 (1947). 43-73; A. Hilgenfeld, der Gonstiker Valentin und seine Schriften, in: ZWTh 23 (1880), 280-300. 

[40] أوريجينوس: شرح إنجيل يوحنا، الجزء الثانى، فقرة 10. (GCS, IV , 65, 122) ؛ راجع أيضًا :

  1. Crouzel, Theologie de L’Image de Dieu chez Origene, Paris 1956, s. 108.

[41] عظة على سفر إرميا4:10 (GCS, III , 70, 14ff. ; 24f.).

[42] راجع ملاحظة (4)، R. Lorenz, Arius … , s. 67-94.

43 Opitz, A.W. III 1,1 : Urk. 6, nr. 2-5, p. 12f.; G. Bardy, Recherches sur saint Lucien d’ Antioche et son ecole, Paris 1936, 235-238.

44 Optiz, Urk. 4b.

45 Dom H. Marot, Vornicaischer und Okumenische Konziel , in : B. Botte u. andere (Hrsg.) Das Konzil und die Konzile, Stuttgart 1962, 23-51.

46 Optiz, A.W. III 1, s. 36-41, Urk. 18; L. Abramoweski, Die Synode von Antiochien 324/325, in: ZKG 86 (1975) 356-366.

[47] القديس أثناسيوس الرسولى، المقالة الثانية ضد الاريوسيين (الشهادة لألوهية المسيح)، فقرة 62، تعريب الأستاد صموئيل كامل عبد السيد ود. نصحى عبد الشهيد، إصدار مركز دراسات الآباء بالقاهرة، 1987، ص 94ـ95.

[48] المرجع السابق، فقرة 9، ص 20ـ21.

[49] لمعرفة المزيد عن ديديموس الضرير، راجع ميشيل بديع عبد الملك، التعليم عن المسيح (الخريستولوجى) فى كتابات العلامة الأسكندرى ديديموس الضرير (313ـ398م)، ” دراسات آبائية ولاهوتية، 1998 ص28ـ29.

[50] يعتبر آئتيوس أحد المدافعين عن هرطقة آريوس، وكان يحاول رفض التعليم بأن الابن مساو للآب فى الجوهر، على اعتبار أن الآب وحده هو الإله، والابن مختلف عنه تمامًا، وقد أُدينت تعاليمه فى مجمع أنكيرا عام 358م.

[51] ” الأفنومية ” نسبة إلى أفنوميوس تلميذ آئتيوس. وهو يعترف بإله واحد، غير مولود، وواجب الوجود، دون ابتداء، وهو جوهر واحد غير منفصل، وهذا الجوهر مختلف عن جوهر الابن المولود، لأن المساواة فى الجوهر بين الاثنين، تعنى أن جوهر الله غير مولود ومولود فى الوقت عينه، وهذا تناقض فاضح. وقد ألف كتابًا بعنوان ” الدفاع ” نظم فيه التعاليم الآريوسية بتفكير أكثر منطقية من آريوس، وبفلسفة أعمق من فلسفتى آريوس وآئيتوس. وقد كتب كثير من آباء الكنيسة ضد هرطقة أفنوميوس أمثال : ديديموس الضرير، باسيليوس الكبير، غريغوريوس النيسى وآخرون.

[52] تفسير المزامير بحسب مخطوطات طره يرمز إليها “PsT”، والأقوال السابقة توجد فى PsT 86, 18-20; 221, 16-18

[53] أنظر PsT 221, 18; 86; 20..

[54] راجع PsT 86, 20-87,2.

[55] راجع PsT 87, 2-3; 4-7.

[56] راجع PsT 87. 20-26.

[57] راجع PsT 44, 25f..

[58] راجع تفسير زكريا بحسب مخطوطات طره لديديموس الضرير ZaT 32,15ff; 336,26-27; 341,26-342,1.

[59] راجع ميشيل بديع عبد الملك، التعليم عن المسيح (الخريستولوجى) عند القديس كيرلس الأسكندرى، فى : القديس كيرلس الأسكندرى، حياته وأعماله، أعمال المؤتمر السنوى السادس للدراسات الآبائية 1997، إصدار مركز دراسات الآباء بالقاهرة، القاهرة 1998م، ص 35ـ53.

[60] فى أن المسيح واحد، للقديس كيرلس الأسكندرى، تعريب د. جورج بباوى، إصدار مركز دراسات الآباء بالقاهرة، القاهرة 1986، ص58،57.

[61] القديس كيرلس الأسكندرى، حوار حول الثالوث، ترجمة المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، إصدار المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية بالقاهرة، القاهرة 1999، ص40.

[62] القديس كيرلس الأسكندرى، تفسير إنجيل لوقا (الجزء الأول)، ترجمة د. نصحى عبد الشهيد، إصدار مؤسسة القديس أنطونيوس مركز دراسات الآباء بالقاهرة 1990، ص 30.

[63] المرجع السابق، ص 30.

[64] القديس كيرلس الأسكندرى، تفسير إنجيل لوقا (الجزء الثالث)، ترجمة د. نصحى عبد الشهيد، إصدار مركز دراسات الآباء، القاهرة 1996، ص112.

[65] كتاب خدمة الشماس والألحان، طُبع بمعرفة جمعية نهضة الكنائس القبطية الأرثوذكسية المركزية بمصر، القاهرة 1938م، ص35،34.

مونوجنيس MONOGENHS – مفاهيم واصطلاحات لاهوتية 

Exit mobile version