الآباء – مدخل إلى علم الآباء (باترولوجيا Patrologia ) د. نصحى عبد الشهيد
الآبائيات – مدخل إلى علم الآباء (باترولوجيا Patrologia ) د. نصحى عبد الشهيد
أولاً: من هم الآباء:
جرت العادة منذ وقت قديم جدًا على تسمية معلّمى الكنيسة ومؤلفى الكتابات المسيحية الأولى باسم ” آباء الكنيسة ”. وفى الأزمنة القديمة كانت تطلق كلمة أب على “المعلم”. ففى الاستعمال الكتابى وفى العصر المسيحى الأول يعتبر المعلّمون هم آباء لتلاميذهم. فمثلاً يقول الرسول بولس: ” لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح لكن ليس لكم آباء كثيرون. لأنى أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل ” (1كو15:4).
والقديس إيرينيئوس Ireneus أسقف ليون في القرن الثانى يعلن [حينما يتعلم شخص من فم شخص آخر فإنه يسمى ابنًا للذى علّمه والذى علّمه يدعى أباه] [1]. ويقول كليمندس الأسكندرى (150ـ210م): [ الكلمات هى ذرية النفس. ولذلك فإننا ندعو الذين علمونا، آباء لنا … وكل من يتعلم هو من جهة الخضوع ابن لمعلمه ][2].
وفى العصر المسيحى الأول كانت وظيفة التعليم خاصة بالأسقف. لذلك فهو أطلق عليه لقب “أب” في البداية. ولكن الصراعات العقائدية في القرن الرابع أحدثت تطورًا في استعمال لقب “أب”، فصار استعمال لقب “أب ” أكثر شمولاً واتساعًا، إذ امتد ليشمل كل الكُتّاب الكنسيين مهما كانت درجتهم الكنسية. ماداموا يمثلون تقليد الكنيسة الحى ويعبّرون عنه. فأغسطينوس مثلاً يعتبر جيروم شاهدًا للتقليد رغم أن الأخير لم يكن أسقفا[3].
فالآباء هم المعلّمون الذين ساهموا في تحديد مضمون الإيمان أو في صياغته أو شرحه، حيث المقصود بالإيمان ليس هو العقيدة فقط ولكن التقليد الذي استلمته الكنيسة من الرسل وما يعبر عنه القديس يهوذا في رسالته بعبارة ” الإيمان المُسلّم مرة للقديسين ” (يهو3). وهو يشمل:
الإيمان بالمسيح ابن الله وكل العقائد المتصلة به وبالخلاص الذي تممه بالصليب والقيامة، كما يشمل عبادة الكنيسة في الليتورجيات وخاصة ليتورجيا الإفخارستيا كما يشمل الحياة المسيحية الروحية الشخصية والجماعية والسلوك المسيحى.
فالحياة المسيحية هى أصلاً حياة تسلّم تسليمًا. وهذا التسليم هو التقليد بكل جوانبه العقائدية والليتورجية والروحية. فآباء الكنيسة هم معلمو الإيمان والعقيدة والحياة الروحية في القرون الخمسة الأولى سواء كانوا أساقفة أم من غير الأساقفة أو حتى من المؤمنين العاديين الذين ساهموا في تحديد مضمون وصياغة وشرح الإيمان حتى استقر في الإطار الذي أجمعت عليه الكنيسة في مجامعها المسكونية حتى المجمع المسكونى الثالث المنعقد في أفسس سنة 431م.
ويطلق فنسنت من ليرنز (Vincent of Lerins) ببلاد الغال (فرنسا) في مذكراته (Commonitory) سنة 434م، لقب ” أب ” على كل معلمى الكنيسة في القرون الأولى بدون تمييز بينهم بسبب الدرجة الكهنوتية فيقول:
” لو أثير سؤال جديد لم يكن قد اتُخذ قرار بشأنه قبل ذلك، فينبغى عندئذ الرجوع إلى أراء الآباء القديسين وعلى الأقل إلى أراء أولئك الآباء الذين ـ كل واحد منهم في زمانه ومكانه الخاص ـ كانوا مقبولين كمعلمين يحظون بالاعتراف العام من الجميع بسبب أنهم ظلوا في وحدة الشركة والإيمان.
وكل ما وُجدَ أن هؤلاء الآباء قد علّموا به، بفكر واحد واتفاق تام، فهذا ينبغى أن يُحسب أنه التعليم الحقيقى الجامع للكنيسة، بدون أى شك أو تردد ” (فصل29) ـ ” ولا ينبغى لمن يَخلِفونهم أن يؤمنوا بأى شئ سوى ما أجمع عليه القدماء من الآباء القديسين في ” المسيح ” (فصل33) [4]. وهو يرجع هذا المبدأ إلى الآباء القديسين الذين اجتمعوا في مجمع أفسس المسكونى سنة 431. هذا المبدأ يبين الأهمية التي سبق أن أُعطيت لوجود ” برهان من الآباء ” لصحة أى تعليم.
وقد جرى العرف على ضرورة توفّر أربع صفات فيمن يعتبرون ” آباء الكنيسة ” وهى:
- 1 ـ أرثوذكسية العقيدة.
- 2 ـ قداسة الحياة.
- 3 ـ قبول الكنيسة لهم.
- 4 ـ القِدَمِية أى أن يكون من آباء القرون الستة الأولى، وذلك حسب إيمان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وشقيقاتها ـ الكنائس الشرقية الأرثوذكسية (السريانية والأرمنية والأثيوبية والهندية.. إلخ).
أما بقية الكُتاب اللاهوتيين في كل العصور فيطلق عليهم لقب ” الكُتّاب الكنسيين ” وهو تعبير نحته القديس جيروم (ايرونيموس) في أواخر القرن الرابع في كتابه مشاهير الرجال [5].
تعتبر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خمسة من الآباء أنهم آباء مسكونيين عظام وهم القديس أثناسيوس الرسولى والقديس كيرلس الأسكندرى (عمود الدين) والقديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس النزينزى (الناطق بالإلهيات) والقديس يوحنا ذهبى الفم. والكنيسة اليونانية تكرّم القديسين باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزى ويوحنا ذهبى الفم باعتبار أن الثلاثة هم ” المعلمون المسكونيون العظام ” وتكرم معهم أيضًا القديس أثناسيوس.
وكنيسة روما تعتبر أمبروسيوس وجيروم (إيرونيموس) وأغسطينوس وغريغوريوس الكبير أنهم “الآباء الأربعة العظام” في الغرب. وفى الشرق تعتبر أن باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزى ويوحنا ذهبى الفم (آباء الكنيسة اليونانية) هم ” المسكونيين العظام ” وتضيف إليهم القديس أثناسيوس الرسولى.
صفة القِدَمِية:
والصفة الرابعة، صفة القدمية لا تعنى مجرد قِدَمِية زمنية بل قدمية تقوم على الشهادة للإيمان المُسلم من الرسل. وهذه الشهادة للإيمان الرسولى لا تتوفر لكل الكُتّاب الكنسيين الذين جاءوا بعد عصر تحديد وصياغة مضمون العقيدة المسيحية المستقيمة، فيما يتعلق بالإيمان بالثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس وتساوى الأقانيم في الجوهر، والإيمان بعمل الله الخلاصى بتجسد الابن الوحيد وفدائه لنا، والإيمان بطبيعة المسيح الابن المتجسد (اتحاد اللاهوت بالناسوت)، وكذلك الإيمان بألوهية الروح القدس.
وصياغة العقيدة هذه هى التي ألهم بها الروح القدس الآباء معلمى العقيدة[6] في المجامع المسكونية الثلاث الأولى نيقية (325م) والقسطنطينية (381م) وأفسس (431م). ولذلك فإن الكنيسة في تحليل الخدام لكى تدخل إلى الله في عبادة القداس الإلهى التي تستلزم شركة الإيمان الواحد مع الرسل والآباء، تأخذ الحل من الرسل الاثنى عشر ومن فم القديس مرقس الرسول، ومن الآباء القديسين معلمى العقيدة البطريرك ساويرس، والبابا أثناسيوس الرسولى، ومعلمنا ديوسقورس، وبطرس رئيس الكهنة والشهيد، ويوحنا ذهبى الفم، وكيرلس (الأسكندرى) وباسيليوس وغريغوريوس، ومن أفواه آباء مجمع نيقية (الـ318) وآباء مجمع القسطنطينية (الـ150) وآباء مجمع أفسس (الـ200)، ومن فم بابا الأسكندرية ومن فم الكاهن الذي يصلى التحليل [7].
ولا تُذكر في هذا التحليل أية أسماء أخرى سواء من آباء البرية القديسين مثل القديسين الأنبا أنطونيوس والأنبا مقار أب برية شيهيت وغيرهم من القديسين في العصور المختلفة أو الآباء الذين لهم كتابات بعد القديس ساويرس بطريرك إنطاكية في الربع الأول من القرن السادس، وذلك رغم قداستهم المشهود لها في الكنيسة. بينما في مجمع القداس الذي يُصلى قبل الترحيم تذكر الكنيسة بالإضافة إلى هؤلاء الآباء عددًا كبيرًا من القديسين.
فالآباء الذي تأخذ الحل ـ في تحليل الخدام ـ منهم هم الآباء شهود الإيمان الذين حفظوا العقيدة سليمة ودافعوا عنها أو اشتركوا في صياغتها كما ذكرنا، وهؤلاء لهم تميزهم الخاص ويأتون بعد الرسل القديسين مباشرة في تسليم الإيمان وحفظه والشهادة له كما يقول القديس أثناسيوس: ” … الإيمان الذي هو من البداية والذى أعطاه الرب وكرز به الرسل وحفظه الآباء ” [8]. والمسألة هنا ليست مسألة قداسة أو خبرة روحية فقط، فلو كان الأمر كذلك لكانت والدة الإله العذراء القديسة مريم، هى أجدر من جميع الرسل والآباء بأن تُذكر في تحليل الخدام.
التمييز بين الآباء معلمى العقيدة وبين الكُتّاب الكنسيين:
وهذا يجعلنا نميز بين ” آباء الكنيسة ” معلّمى الإيمان الذين حفظوا العقيدة سليمة وهم امتداد للرسل القديسين والذين قاموا بتوصيل إيمان الرسل إلى الكنائس وقاموا بشرحه وبتثبيته وقاموا أحيانًا بصياغة تحديدات للعقيدة تضمن سلامة الإيمان الرسولى من التحريف وحفظ المؤمنين من الوقوع في فخاخ الهرطقات، نعم نميز بين هؤلاء الآباء الذين اعتُمدت كتاباتهم كمصدر للتعليم، وبين غيرهم من الآباء أو الكُتّاب الكنسيين، سواء كانوا من الشيوخ الروحيين آباء البرية القديسين، أنطونيوس ومقاريوس وباخوميوس وغيرهم، أو كانوا من البطاركة والأساقفة والكهنة والعلماء في مختلف العصور بعد عصر المجامع المسكونية، الذين لم تعتمد كتاباتهم كمصدر للتعليم.
ولكن ما تحويه كتابات الكُتّاب الكنسيين من تعاليم وأفكار وتفسيرات وشروحات تتفق مع عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية المستقرة منذ عصر المجامع المسكونية، وما يتفق مع منهجها في العبادة والحياة الروحية والتوجيه المسيحى القويم في السلوك والأخلاق، كل هذه تقبلها الكنيسة كامتداد لتعاليم آباء الكنيسة وبناءً على تعاليمهم وشرحًا لها. أما الآراء الخاصة بالكُتّاب الكنسيين في غير أمور العقيدة والعبادة والحياة الروحية فهى تبقى أراء الكُتّاب الخاصة بهم.
وفى جميع الأحوال يجب مراعاة أهمية البناء على الأساس الواحد الذي بُنيت عليه الكنيسة منذ أسسها الرب يسوع المسيح كما يقول الرسول بولس: ” مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية ” (أف20:2 وأيضًا أنظر 1كو11:3).
اقتفاء أثر الآباء:
حيث إن الآباء معلمى العقيدة هم الذين استلموا وديعة الإيمان من الآباء الرسل، وسلموها بدورهم إلى الكنائس إلى أن استقرت الوديعة محفوظة بقوانين المجامع المسكونية بجهود هؤلاء الآباء، لذلك يلزم للمؤمنين اقتفاء أثر هؤلاء الآباء والسير على خطاهم في تعليم الإيمان لكى يكون للكنيسة كلها إيمان واحد في كل زمان وفى كل مكان. يقول القديس أثناسيوس الرسولى في دفاعه عن قانون إيمان مجمع نيقية: ”لقد برّهنا على أن هذا التعليم قد سُلّم إلينا من أب إلى أب ؛ أما أنتم أيها اليهود الجدد وتلاميذ قيافا فمن هم الآباء الذين تستطيعون أن تنسبوا أقوالكم إليهم ؟ ” [9].
وآباء مجمع نيقيا أعلنوا أنهم في إقرارهم لقانون الإيمان أنهم ” يحفظون العادات القديمة ” ويقصدون بذلك الإيمان المُسلم مرة من الرسل بواسطة الآباء الذين سبقوا آباء نيقيا. وكذلك آباء المجامع التالية كانوا يعلنون أنهم “يتبعون الآباء القديسين “، ورفضوا أن يضيفوا شيئًا على قانون إيمان نيقيا والقسطنطينية. والقديس كيرلس عمود الدين يؤكد أنه يتبع نفس تعليم القديس أثناسيوس وآباء مجمع نيقيا [10].
ولكن رغم هذه الأهمية التي تعطيها الكنيسة للآباء في التعليم العقيدى إلاّ أنها لا تعتقد بعصمة أى أب من الآباء في آرائه الشخصية في الأمور غير العقائدية، مثل طريقته في التفسير أو في الموضوعات الروحية، فهذه الآراء تبقى آرائه الخاصة ولا تلزم المؤمنين.
ثانيًا: أهمية كتابات الآباء:
أ ـ كان الأستاذ الدكتور جون ن. د. كيللى J. N. D. Kelly أستاذ الدراسات الآبائية وتاريخ العقيدة المسيحية بجامعة أكسفورد محقًا عندما كتب أن: ” السبيل الوحيد لفهم ذهن الكنيسة الأولى هو أن ينقع الإنسان نفسه في كتابات الآباء ” [11].
فالواقع أن كل تدريب على المعرفة اللاهوتية يظل ناقصًا جدًا بدون اختبار أو تذوق لفكر الآباء ـ فالاختبار الآبائى هو اختبار للحقيقة اللاهوتية، هو اختبار للوحدة في التنوع ـ هذه الوحدة التي تلقى ضوءً قويًا للتمييز بين ما هو أساسى ومحورى في المسيحية، وما هو ثانوى وجانبى.
ب ـ ودراسة كتابات الآباء تعطينا اختبار توحيد القلب مع الذهن في معرفة الإلهيات. فالمعرفة اللاهوتية ليست مجرد معرفة جافة نظرية ولا هى مجرد رياضة عقلية، بل هى اتحاد القلب والذهن مع الله. وهذا هو السبب الذي جعل كبار اللاهوتيين والقديسين، يدرسون ” الآباء ” بعناية واهتمام لأن ما كتبه الآباء هو عمل من أعمال القداسة. فكتابات الآباء مليئة بالمشاعر المسيحية كما يقول ” بوسيّه ” Boissuet، إلى جانب المعرفة العميقة والدقيقة. فآباء الكنيسة يجمعون في كتاباتهم وخبراتهم القداسة والمعرفة معًا بدون انفصال وبلا أى تناقض [12].
ج ـ الآباء والتقليد:
ترجع أهمية كتابات الآباء إلى أهمية التقليد باعتباره مصدر الإيمان. والتقليد جعل لكتابات وآراء الآباء أهمية كبرى. فالكنيسة تعتبر “ اتفاق الآباء الإجماعى ” معصومًا حينما يخص تفسير الكتاب المقدس والعقيدة. ويصف ” نيومان ” (J. H. Newman) أهمية اتفاق الآباء واختلافه عن الآراء الخاصة للآباء حينما يقول: [إنى اتبع الآباء القدماء، ليس على أنهم في موضوع معين لهم الثقل الذي يملكونه في حالة العقائد والتعاليم (رغم أنهم كذلك). فحينما يتكلم الآباء عن العقائد، يتكلمون عنها على أن الجميع يؤمنون بها.
فالآباء هم شهود الحقيقة أن هذه التعاليم قد استُلمت استلامًا، ليس هنا أو هناك بل في كل مكان، ونحن نستلم هذه التعاليم والعقائد التي يعلّمون بها، ليس لمجرد أنهم يعلّمون بها، بل لأنهم يشهدون أن كل المسيحيين في كل مكان في عصورهم كانوا يؤمنون بها. فنحن نتخذ الآباء كمصدر أمين للمعرفة، ولكن ليس كسلطة كافية في ذواتهم، رغم أنهم هم أيضًا سلطة.
فلو أنهم قالوا بهذه التعاليم نفسها وأضافوا قائلين ” إن هذه هى آراؤنا وقد استنتجناها من الكتاب المقدس، وهى آراء صحيحة ”، فإننا في هذه الحال كنا نتشكك في استلامها على أيديهم. وكنا سنقول إن لنا الحق مثلهم أن نستنتج من الكتاب كما فعلوا هم، وأن الاستنتاج من الكتاب هو مجرد آراء، فإن اتفقت استنتاجاتنا مع استنتاجاتهم، فهذا يكون تطابقًا سعيدًا معهم ولكن إن لم تتفق فإننا سنتبع نورنا الخاص.
وبلا شك ليس هناك إنسان، له الحق أن يفرض استنتاجاته الخاصة على الآخر في أمور الإيمان. طبعًا هناك التزام واضح على الجاهل أن يخضع لأولئك الذين هم أعلم منه، وهناك تناسب ولياقة أن يخضع الصغار والشباب مؤقتًا لتعليم شيوخهم، ولكن فيما هو أبعد من ذلك فليس هناك رأى لإنسان أفضل من آخر.
ولكن الأمر ليس هكذا فيما يخص الآباء الأولين، فالآباء لا يتكلمون برأيهم الخاص، إنهم لا يقولون ” هذا الأمر حقيقى لأننا رأيناه في الكتاب المقدس″ ـ وهو أمر هناك اختلافات في الحكم بخصوصه ـ ولكنهم يقولون ” هذا الأمر حقيقى بسبب أن الكنائس كلها تؤمن به وكانت فيما سبق تؤمن به طوال الأزمنة السابقة بلا انقطاع منذ زمن الرسل “، حيث يكون الأمر هنا موضوع شهادة، أى عن وجود وسائل المعرفة لديهم بأن هذا الأمر كان يُؤمن به طوال العصور السابقة، لأنه كان إيمان كنائس كثيرة مستقلة (إداريًا) عن بعضها البعض، ولكن كان هذا إيمانها في نفس الوقت، وذلك يكون على أساس أن هذا الإيمان من الرسل، فبلا شك أنه لا يمكن أن يكون إلاّ حقيقيًا ورسوليًا][13].
ويشهد القديس أثناسيوس الرسولى (296ـ373) عن الآباء وتقليد الكنيسة وتعليمها الذي سُلّم بواسطة الرسل منذ البداية فيقول في دفاعه عن ألوهية الروح القدس: [ دعونا ننظر إلى تقليد الكنيسة وتعليمها وإيمانها، الذي هو من البدايةوالذى أعطاه الرب وكرز به الرسل وحفظه الآباء (لاحظ أنه يعتبر التقليد والتعليم والإيمان واحدًا وأن الآباء هم الذين حفظوا الإيمان) وعلى هذا الأساس تأسست الكنيسة … يوجد ثالوث قدوس وكامل، يُعترف بلاهوته في الآب والابن والروح القدس.. وهكذا يُكرز بإله واحد في الكنيسة كما أوصى الرب ” أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ” (مت19:28) ] [14].
وكما يشهد أيضًا القديس غريغوريوس (335ـ394) أسقف نيصّا (Nyssa) عن الآباء والتقليد المُسلم من الرسل فيقول إنه: [ يكفى للتدليل على صحة تعليمنا أن التقليد قد انحدر إلينا من الآباء كميراث تسلم إلينا من الرسل بواسطة القديسين الذين أتوا بعدهم ] [15].
د ـ كتابات الآباء وتفسير الكتاب المقدس:
لكتابات الآباء أهمية كبرى لأن الكنيسة الآن في عصرنا وفى كل عصر تالى للقرون الخمسة الأولى تعتمد في تفسير الكتاب المقدس على تفسيرات الآباء للكتاب المقدس وخاصة تفسير الآيات التي تُستَقى منها العقائد الإيمانية.
ولذلك يلزم للكنيسة في عصرنا أن يكون لديها كل تفسيرات الآباء لأسفار الكتاب المقدس مترجمة إلى اللغة العربية، وهذا احتياج مُلح بالنسبة للكنيسة في مصر وفى كل البلاد الناطقة بالعربية. ومن هنا فإن كتابات الآباء لا غنى عنها لرعاة الكنائس والمعلمين والوعاظ وطلبة الكليات اللاهوتية ولكل من له اهتمام بالإيمان المسيحى ودراسة الكتاب المقدس.
هـ ـ كتابات الآباء والليتورجيات:
كما أن لكتابات الآباء أهمية كبرى أيضًا لأنها المصدر الذي تأخذ منه الكنيسة منذ العصور الأولى وإلى الآن نصوص القداسات التي تصلى بها ونصوص التسابيح والتماجيد التي تستعملها الكنيسة في عبادتها الجماعية أو في عبادة المؤمنين العائلية والانفرادية. فمثلاً القداسات الثلاثة المستعملة في كنيستنا وهى الباسيلى والغريغورى والكيرلسى على التوالى هى من وضع القديس باسيليوس أسقف قيصرية كبادوكية في آسيا الصغرى في القرن الرابع، والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات (أو النزينزى) أسقف القسطنطينية في القرن الرابع أيضًا، والقديس كيرلس الأسكندرى (الملقب بعمود الدين) في أوائل القرن الخامس المتنيح في سنة 444م.
كما أن نصوص ليتورجيات أسرار المعمودية، والميرون، ومسحة المرضى، والزواج، والكهنوت، ونصوص صلوات تقديس المياه في اللقان، وصلوات تدشين الكنائس كل هذه من وضع آباء الكنيسة في القرون الأولى.
و ـ كتابات الآباء والحياة الروحية:
كما أن كتابات آباء الكنيسة هى مصدر الخبرات الروحية التي عاشها القديسون وكتبوها أو كُتبت عنهم سواء كانوا من الآباء الذين كانوا يرعون المؤمنين في الكنائس أو من الآباء النُساك في البرية الذين لهم إنتاج وفير في الحياة الروحية والنُسكية. كما أنها هى مصدر سير الشهداء والقديسين في العصور المسيحية الأولى.
ثالثًا: مفهوم علم الآباء وتاريخه:
الباترولوجيا هى ذلك الجزء من تاريخ الكتابات المسيحية التي تتناول المؤلفين اللاهوتيين في العصور المسيحية الأولى. والباترولوجيا تضم كل من الكُتاب الأرثوذكس والهراطقة، رغم أنها تعالج باهتمام أكبر أولئك المؤلفين الذين يمثلون تعليم الكنيسة المُسلم من الرسل أى التعليم التقليدى. وهؤلاء المؤلفين هم الذين يطلق عليهم آباء الكنيسة ودكاترة أى معلّمى الكنيسة. وهكذا فعلم الباترولوجيا يمكن أن يُعرف بأنه “علم آباء الكنيسة “.
إن اسم هذا الفرع من علوم اللاهوت هو حديث العهد. وأول من استعمل اسم الباترولوجى هو جون جرهارد (Joh. Gerhard) الألمانى من لاهوتيى القرن17، وذلك عندما استخدم كلمة باترولوجيا(Patrologia) كعنوان لكتابه الذي نشره سنة 1653م. إلا أن فكرة تاريخ الأدب المسيحى الذي تظهر فيه وجهة النظر اللاهوتية بارزة هى فكرة قديمة:
1 ـ هذه الفكرة تبدأ بأوسابيوس (Eusebius) المؤرخ الكنسى. لأنه يقول في مقدمة كتابه ” تاريخ الكنيسة” (E.H) أنه يقصد أن يسجل كتابة ما يعرفه عن عدد من أولئك الذين كانوا في كل جيل هم سفراء كلمة الله سواء بالكلام أو بالكتابة، وأيضًا أسماء وعدد وأعمار أولئك الذين اندفعوا إلى طريق الخطأ وانحراف التعليم، الذين أبرزوا أنفسهم كدعاة معرفة وعلم كاذب[16]. وهكذا فهو يسجل أسماء الكُتاب وكتبهم على قدر ما يعرفهم ويسجل اقتباسات طويلة من معظم كتاباتهم.
ولهذا السبب يعتبر أوسابيوس واحدًا من أهم مصادر علم الباترولوجيا خاصة وأن عددًا كبيرًا من الكتابات التي اقتبس منها قد فُقدت. وبالنسبة لبعض المؤلفين الكنسيين يُعتبر هو المصدر الوحيد للمعلومات عنهم [17]. وجاء بعد أوسابيوس مؤرخون آخرون حاولوا أن يكملوا عمله. فهناك تاريخ سقراط، وتاريخ سوزومين، وتاريخ تيئودوريت. هؤلاء المؤرخين الثلاثة ركزوا كتاباتهم على الكنيسة الشرقية وأعمالهم متقاربة إلى حد كبير.
أما في الغرب فقام روفينوس بترجمة تاريخ أوسابيوس من اليونانية إلى اللاتينية. وأضاف إليه بعض الأحداث حتى عصر الإمبراطور ثيئودوثيوس الكبير سنة 392م.
2 ـ ولكن يعتبر ايرونيموس (جيروم) Jerome هو أول من كتب تاريخًا للأدب المسيحى اللاهوتى. وذلك في كتابه “ مشاهير الرجال ” De VIR. ILL. ويقصد جيروم في كتابه هذا أن يرد على أولئك الكُتّاب الوثنيين الذين اعتادوا أن يتهموا المسيحيين بقلة الذكاء ـ ولهذا السبب فإن جيروم يعدد في كتابه أسماء الكُتّاب الذين يعتز بهم الأدب المسيحى في 135 فصلاً، ويقدم في كل فصل عرضًا لسيرة الكاتب وتقييمًا لكتاباته. هذا الكتاب كتبه جيروم في بيت لحم سنة 392م. بناء على طلب صديقه الوالى ” ديكستر ” ( Dexter ).
3 ـ حوالى سنة480 م ألف جيناديوس (Gennadius) كتابًا بنفس الاسم أى ” مشاهير الرجال ” وهو يعتبر تكملة لعمل جيروم. وجيناديوس كاهن من مرسيليا وهو “شبه بيلاجى” (Semipelegian)، وهذه حقيقة تترك أثرها هنا وهناك على وصفه وتعليقاته. ومع ذلك فيعتبر كتابه تكملة وإضافة نافعة لعمل جيروم. ويظهر من كتابه أنه واسع الاطلاع ودقيق في أحكامه. ويظل عمله ذو أهمية أساسية لتاريخ الكتابات المسيحية القديمة. وكتاب جيناديوس يشمل99 فصلاً ويختمه بفصل عن كتاباته هو.
4 ـ بعد جيناديوس وحتى نهاية القرن الخامس عشر قام عدة مؤلفون بعمل كتب على نسق كتاب جيروم وتكملة له بعد جيناديوس. وحوالى سنة 1494م ألف الراهب جوهانس تريثيميوس Johannes Trithemius كتابًا باسم ” الكُتّاب الكنسيون ” وهو يحوى سير حياة وكتابات 963 كاتبًا، بعضهم ليسوا لاهوتيين ويستقى تريثيميوس معلوماته عن الآباء من جيروم وجيناديوس.
5 ـ في عصر النزعة الإنسانية بأوربا حدث اهتمام متجدد بالكتابات المسيحية القديمة. فمن ناحية كان دعاة الإصلاح البروتستانتى يتهمون كنيسة روما بأنها تدهورت وابتعدت عن آباء الكنيسة. ومن الناحية الأخرى أدت قرارات مجمع ترنت إلى ازدياد هذا الاهتمام إلى درجة كبيرة بكتابات الآباء. فألف الكاردينال “بيلارمين” Bellarmine كتاب “الكُتّاب الكنسيين حتى سنة 1500” وظهر هذا الكتاب سنة 1613م.
وبعد هذا ظهر مؤلفان كبيران من تأليف مؤلفان فرنسيان هما كتاب Tillemont عن تاريخ الكنيسة في القرون الستة الأولى [18]. وصدر في 16 مجلدًا، والمؤلف الثانى هو R. Ceillier باسم “التاريخ العام للمؤلفين المقدسين والكنسيين”[19]. وصدر في 23 مجلدًا. وهو يعالج كل الكُتّاب الكنسيين من العصر المسيحى الأول حتى سنة 1250م.
6 ـ العصر الجديد لعلم كتابات الآباء ظهر خاصة في التجميعات العظيمة والطبعات الخاصة الممتازة للنصوص الآبائية. وهذه التجميعات حدثت في القرنين السادس عشر والسابع عشر. أما القرن التاسع عشر فقد أثرى حقل الكتابات المسيحية القديمة بعدد كبير من الاكتشافات الجديدة خاصة اكتشافات لنصوص شرقية. وبذلك ظهرت الحاجة إلى طبعات جديدة نقدية محققة علميًا. وقد افتتحت أكاديمية فيينا وأكاديمية برلين هذا العمل بطبع مجموعات مضبوطة لكتابات الآباء باللغتين اليونانية واللاتينية، بينما بدأ علماء الآباء الفرنسيون بنشر أعظم مجموعتين للكتابات المسيحية الشرقية.
7 ـ في القرن العشرين ظهر اتجاه غالب للاهتمام بدراسة تاريخ الأفكار، وتاريخ المفهومات، وتاريخ التعبيرات في الكتابات المسيحية القديمة واهتمام بدراسة تعاليم الآباء وعقائدهم وتعليم كل الكتاب الكنسيين. وكما يقول البروفسور كواستن (Quasten) أستاذ الآباء بجامعة واشنطن أن الاكتشافات الحديثة في القرن العشرين لأوراق البردى في مصر قد مكنت العلماء من استعادة كثير من الأعمال الآبائية التي كانت مفقودة.
8 ـ في الكنيسة القبطية كان النُساخ وخاصة في الأديرة يقومون بنسخ كتابات الآباء في مختلف العصور سواء باللغات اليونانية أم القبطية أو المترجمة في مخطوطات بالعربية. وهنا نذكر نوع خاص مخطوط مشهور اسمه ” اعتراف الآباء ” وهو يحوى اقتباسات للآباء منذ عصر بعد الرسل وحتى البطريرك خرستوذولوس (البطريرك66) والكُتّاب الكنسيين في القرن الـ11. والمقصود بكلمة “اعتراف” هو تعاليم الآباء العقائدية فيما يخص الثالوث والتجسد وعقيدة طبيعة المسيح خاصة. وهذا الكتاب يوجد منه نسخ خطية في مكتبة البطريركية القديمة بالأزبكية وفى مكتبة المتحف القبطى وفى بعض الأديرة القبطية.
وفى القرن السابع قام المؤرخ يوحنا النيقوسى وهو أسقف نيقيوس بالمنوفية بكتابة تاريخ ضخم منذ آدم حتى عصره في نهاية القرن السابع. هذا التاريخ كُتب أصلاً بالقبطية وتُرجم إلى الأثيوبية. ولكن النسخة القبطية الأصلية فُقِدت والباقى هو الترجمة الأثيوبية التي تُرجمت بالتالى إلى الفرنسية في العصر الحديث، ثم تُرجمت إلى الإنجليزية وأخيرًا صدرت ترجمة عربية له عن الإثيوبية في يناير 2000.
أما كتاب السنكسار فهو يحوى سير مختصرة للقديسين والشهداء حسب أيام السنة القبطية. ويحوى القليل من أقوال الآباء.
وكتاب تاريخ البطاركة المنسوب إلى الأنبا ساويرس بن المقفع في القرن العاشر ويحوى تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية منذ مار مرقس حتى القرن العاشر. وقد قام بعده كُتّاب آخرون لتكميل تاريخ البطاركة الذين جاءوا بعد القرن العاشر. ولكنه لا يحتوى إلاّ القليل من نصوص الآباء.
رابعًا: لغة الآباء:
كانت لغة المسيحية منذ نشأتها حتى القرن الثانى هى اللغة اليونانية. إذ كانت هذه اللغة هى لغة الأدب والحديث طوال القرون الأولى في الإمبراطورية الرومانية في كل بلاد البحر الأبيض المتوسط. فقد غزت الحضارة اليونانية والأدب اليونانى العالم الرومانى كله حتى أنه كان يندر أن تكون مدينة في الغرب لا تستعمل فيها اللغة اليونانية كلغة التعامل اليومى. وحتى في روما وشمال إفريقيا وبلاد الغال (فرنسا) كان استعمال اللغة اليونانية حتى القرن الثالث.
ولهذا السبب تعتبر اللغة اليونانية هى اللغة الأصلية لكتابات الآباء، وإن كان في الشرق قد حلّ محلها جزئيًا اللغات المحلية مثل السريانية في سوريا والقبطية في مصر وخاصة الوجه القبلى، والأرمنية في أرمينيا. وبعد القرن الثالث حلت اللاتينية في الغرب محل اليونانية.
إن كُتّاب أسفار العهد الجديد مثلهم مثل آباء الكنيسة لم يكتبوا باللغة اليونانية الكلاسيكية، بل بلغة يونانية تسمى ” كوينى ” (Koine) والتى يمكن أن توصف بأنها تآلف بين اللغة الأتيكية (Attic) لغة مقاطعة ” أتيك” في اليونان وبين اللغة اليونانية الشعبية. وقد صارت لغة الـ “كوينى” هى لغة كل العالم الهلليني منذ القرن الثالث قبل الميلاد وحتى نهاية العصور المسيحية الأولى أى حتى بداية القرن السادس.
خامسًا: تصنيف كتابات الآباء:
توجد أكثر من طريقة لتصنيف الآباء. فعلماء علم الآباء يُقسّمون الآباء، أولاً بحسب اللغة التي كتبوا بها كتاباتهم: اليونانية، واللاتينية، والسريانية والقبطية والأرمنية. وأكبر كمية من كتابات الآباء وصلتنا باللغتين اليونانية واللاتينية. ومن هنا جاءت التسميات للمجموعتين الشهيرتين: باترولوجيا جريكا (أى الآباء باليونانية)، وباترولوجيا لاتينا (أى الآباء باللاتينية).
الأساس الثانى الذي يصنفون به الآباء هو الترتيب التاريخى، وعلى الأساس التاريخى تُقسم المراجع الآبائية، كتابات الآباء إلى عدة عصور:
- بدايات الكتابات الآبائية: هذا العصر يشمل كتابات القرون الثلاثة الأولى أى يمتد من حوالى سنة 100 إلى سنة 300ميلادية.
- العصر الذهبى للكتابات الآبائية: ويمتد من سنة 300 إلى 440م.
- العصر المتأخر: من 440 إلى 600م. وعند الروم يمتد العصر المتأخر حتى سنة 893م.
أ ـ العصر الأول: من 100 ـ 300: ( ويُسمى ما قبل نيقية)
ويشمل:
1 ـ كتابات الآباء الرسوليين:
رسالة اكليمندس الرومانى إلى الكورنثيين سنة 96، رسائل أغناطيوس الإنطاكى السبعة إلى كنائس آسيا (حتى سنة 107)، رسالة القديس بوليكاربوس إلى الفيلبيين (حوالى 156)، ويرجع العلماء الآن كتاب الـ” ديداكى ” ” تعليم الرب للأمم بواسطة الرسل الاثنى عشر ” إلى نهاية القرن الأول.
ثم كتابات الكُتّاب المعاصرين للآباء الرسوليين: بابياس سنة 130، رسالة برنابا (حوالى سنة 100)، راعى هرماس (القرن الثانى).
2 ـ كتابات الآباء المدافعين:
أـ كوادراتوس سنة 124 وتُنسب إليه الرسالة إلى ديوجينيتس (بحسب الأبحاث الحديثة). ب ـ ارستيدس من أثينا (125م). ج ـ أرستو من بيللا (140م). دـ القديس يوستينوس الشهيد (165م) هـ ـ تاتيان السورى (حوالى 172م). و ـ أبوليناروس من هيرابوليس (172م). ز ـ أثيناغوراس (177م). ح ـ ثاؤفيلوس الإنطاكى (حوالى 180م). ط ـ ميليتو أسقف ساردس (190م). ى ـ ملتيادس (192م). ك ـ مينوكيوس فيلكس (حوالى سنة 200م). ل ـ هرمياس الفيلسوف (200م).
3 ـ الآباء الآخرون في القرنين الثانى والثالث:
أ ـ الآباء الشرقيون: القديس إيريناؤس أسقف ليون (140ـ202م)، القديس اكليمندس الأسكندرى (150ـ210م)، أوريجينوس (185ـ254)، ديونيسيوس الأسكندرى (264م)، الدسقولية (تعاليم الرسل) (القرن الثالث)، غريغوريوس العجائبى (213ـ 270). ميثوديوس الأوليمبى (نهاية القرن الثالث).
ب ـ الآباء الغربيون: ترتليان (160ـ220)، القديس كبريانوس (200 ـ 258)، أرنوبيوس (280ـ310)، لاكتنتيوس (توفى حوالى 317)، هيبوليتوس الرومانى (160ـ235)، سير الشهداء (Acta Martyria).
ب ـ العصر الذهبى للآباء: (300ـ 440): (ويسمونه عصر نيقية وما بعد نيقية)
1 ـ الآباء الشرقيون: القديس أثناسيوس الرسولى (296ـ373) القديس كيرلس الأسكندرى (376ـ444). القديس باسيليوس أسقف قيصرية (329ـ379)، القديس غريغوريوس النزيانزى(الناطق بالإلهيات) (329ـ390)، القديس غريغوريوس النيسى (335ـ394)، ديديموس الضرير (310ـ398)، القديس إبيفانيوس أسقف سلاميس (315ـ403)، القديس أنطونيوس الكبير (250ـ356)، القديسي باخوميوس (تنيح 346)، القديس مقاريوس (300ـ390)، القديس مقاريوس الأسكندرى (تنيح394) القديس كيرلس الأورشليمى (313ـ386)، القديس يوحنا ذهبى الفم (354ـ407)، مار افرام السريانى (306ـ373)، أفراهات (تنيح367).
2 ـ الآباء الغربيون: القديس هيلارى أسقف بواتيه (أثناسيوس الغرب) (315ـ366)، القديس أمبروسيوس أسقف ميلان (339ـ397)، القديس جيروم (349ـ420)، القديس أغسطينوس (354ـ430).
ج ـ العصر المتأخر: (440 ـ حوالى 600)
1 ـ الآباء الشرقيون: القديس فليكسنوس أسقف منبج (440ـ523)، القديس ساويروس الإنطاكى (تنيح538)، مار اسحق السريانى (تنيح692)، القديس يوحنا الدرجى (579ـ650)، البطريرك فوتيوس (عند الروم) (810ـ893).
2 ـ الآباء الغربيون: البابا غريغوريوس الكبير (540ـ604).
سادسًا: طبعات الكتابات المسيحية الأولى:
أ ـ الطبعات الأولى للكتابات المسيحية القديمة لا يمكن أن تعتبر طبعات نقدية حيث إن القواعد العلمية لاختيار المخطوطات لم تكن قد وُجدت بعد، ومع ذلك فإن كثير من هذه الطبعات الأولى هى الآن ذات قيمة عظيمة جدًا بسبب أن المخطوطات التي أخذت عنها هذه المطبوعات قد فُقدت.
ب ـ من بين الطبعات الأولى لكتابات الآباء التي ظهرت منذ القرن السادس عشر توجد مجموعة واحدة لا تزال لها قيمتها العلمية وهى المجموعة التي طبعها الرهبان الفرنسيون البندكت في “سانت مورا ” والتى نُشرت في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وبعض طبعاتهم لكتابات الآباء لم يُعلَ عليها حتى الآن. وفى مجموعتهم هذه يوجد النص اليونانى مع ترجمة لاتينية مع فهارس دقيقة مًضافة إلى كل مجلد.
ج ـ أكمل مجموعة للنصوص الآبائية هى المجموعة التي نشرها الراهب ” مينى ” ( J.P. Migne) (المتوفى سنة 1875م). إنها تحوى إعادة طبع لكل النصوص التي سبق طبعها حتى وقته وذلك لكى تكون في متناول يد اللاهوتيين ولكى يكون الوصول إلى نصوص الآباء سهلاً. وللأسف فإن طبعة ” مينى ” للآباء بها أخطاء مطبعية كثيرة. ولهذا السبب فمن الأفضل دائمًا الرجوع إلى الطبعات التي أخذ منها ” مينى ” إن لم تكن هناك طبعة علمية حديثة للنصوص. ومع ذلك تظل باترولوجيا ” مينى ” هى بالنسبة لكثير من الكتابات الآبائية، المصدر الوحيد الذي يمكن الرجوع إليه.
وتقع مجموعة باترولوجيا ” مينى ” في قسمين:
1 ـ ” مينى باترولوجيا جريكا ” (P.G.): وهو القسم الذي يشمل كتابات الآباء والكُتّاب الكنسيون باللغة اليونانية الأصلية وأمام النص اليونانى ترجمة لاتينية. وهذه المجموعة اليونانية تصل إلى مجمع فلورنسا في القرن الخامس عشر. وكل آباء كنيسة الأسكندرية والكتابات الرهبانية المصرية باللغة اليونانية موجودة في هذه المجموعة. وعدد مجلداتها 161 مجلد كبير.
2 ـ “مينى باترولوجيا لاتينا” (P.L.): أى الكتابات التي كُتبت أصلاً باللاتينية. وهذه المجموعة اللاتينية تقع في 221 مجلدً كبير منها 4 مجلدات فهارس وتصل الكتابات اللاتينية في هذه المجموعة حتى البابا اينوسنت الثالث المتوفى سنة 1216م. وقد نُشرت مجموعتى باترولوجيا مينى اليونانية واللاتينية في السنوات ما بين 1844 و 1866 في باريس.
د ـ وقد بدأت أكاديمية فيينا وأكاديمية برلين كل منها بنشر مجموعة من كتابات الآباء التي تجمع بين الدقة اللغوية والاكتمال وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الآن. وكل منهما تنشر الكتابات بأصلها اللغوى أى باليونانية واللاتينية مع مقدمات وفهارس بالألمانية.
هـ ـ نُشرت مجموعة ” باترولوجيا أورينتالس ” (Patrologia Orientalis) أى مجموعة الآباء الشرقيين. وهى كتابات كنسية باللغات القبطية والعربية والأثيوبية وقد صدرت في باريس منذ سنة 1907م في 25 مجلد حتى الآن. كما صدرت من باريس مجموعة ” باترولوجيا سيرياكا ” (Patrologia Syriaca) وهى كتابات الكنيسة السريانية. وقد صدرت في ثلاث مجلدات.
سابعًا: ترجمات كتابات الآباء إلى اللغات الحديثة:
ترجمات إلى الإنجليزية: أشهر الترجمات إلى الإنجليزية لكتابات الآباء هى: أ ـ The Anti Nicene Fathers (ANF) ” آباء ما قبل نيقية ”، وهى ترجمة لكتابات الآباء بالفترة التي تلى عصر الرسل مباشرة وإلى ما قبل مجمع نيقية (325). وتقع في عشر مجلدات وبدأ صدورها في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1885م. وهذه الطبعة الأمريكية هى إعادة طبع للترجمة الإنجليزية التي صدرت قبلها في أدنبرة بأسكتلندا تحت عنوان The Anti – Nicene Christian Library (بين 1866،1872) وكانت في 24 مجلد من حجم أصغر من الطبعة الأمريكية التي تلتها.
وتحوى مجموعة آباء ما قبل نيقية كتابات: الآباء الرسوليين، اكليمندس الرومانى وأغناطيوس وبوليكاربوس، وكذلك كتابات الشهيد يوستينوس والقديس إيريناؤس أسقف ليون واكليمندس الأسكندرى، وترتليانوس وأوريجينوس، والقديس كبريانوس والقديس غريغوريوس العجائبى، إضافة إلى كتابات أخرى. وقد أُعيد طبع هذه المجموعة بالولايات المتحدة سنة 1951 ولا يزال تصدر منها طبعات جديدة كما هى.
ب ـ Library of The Nicene and Post Nicene Fathers (أى “مجموعة آباء نيقية وما بعد نيقية “. وهى مجموعة مختارة من كتابات الآباء غالبيتها من كتابات القرنين الرابع والخامس وتقع في 28 مجلد. وقد صدرت في الولايات المتحدة أواخر القرن 19 وأُعيد طبعها هناك سنة 1957، ولا تزال تصدر منها طبعات جديدة كما هى. وهذه المجموعة مُقسمة إلى قسمين: القسم الأول (1st Series) يحوى 14 مجلد منها 8 مجلدات لأغسطينوس، و6 مجلدات ليوحنا ذهبى الفم. والقسم الثانى (2ndSeries) يحوى 14 مجلد أيضًا ويضم بعض كتابات القديسين: أثناسيوس الرسولى (مجلد1) وباسيليوس الكبير (مجلد1) وغريغوريوس النزيانزى (فى مجلد مشترك مع كيرلس الأورشليمى)، وأمبروسيوس ومار افرام السريانى وغريغوريوس النيسى وهيلارى أسقف بواتيه ويوحنا كاسيان. كما يضم هذا القسم بعض كتابات غريغوريوس الكبير (أسقف روما في القرن السادس) ويوحنا الدمشقى (من القرن الثامن) إضافة إلى كتابات أخرى) وتحوى مجلدًا لأعمال المجامع المسكونية.
ويلاحظ أن هذه المجموعة لا تحوى أى كتاب من كتب القديس كيرلس الأسكندرى (عمود الدين) ولا عظات القديس مقاريوس الشهيرة.
ج ـ The Fathers of The Church ” آباء الكنيسة ”: بدأت جامعة واشنطون الكاثوليكية بنشرها منذ 1947 ولا يزال النشر مستمرًا. بلغ عدد كتب هذه المجموعة حتى الآن (أغسطس 2007م) 114 كتاب. وبها بعض كتابات قليلة للقديس كيرلس الأسكندرى بالإنجليزية.
د ـ صدرت ترجمات إنجليزية منفردة لكتابات بعض الآباء وليست ضمن مجموعات كالمجموعات السابق ذكرها. فمثلاً صدرت أول ترجمة إنجليزية لعظات القديس مقاريوس بإنجلترا سنة 1749م، ثم ترجمة إنجليزية أخر لنفس العظات سنة 1921م وهى الترجمة التي عرب عنها بيت التكريس ترجمته العربية الجديدة التي نُشرت سنة 1979 (الطبعة الأولى).
وكذلك صدرت ترجمة إنجليزية لتفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الأسكندرى سنة 1859 بأكسفورد بإنجلترا (وهى الترجمة التي ترجم عنها كاتب هذه السطور منذ سنة 1990 في 5 أجزاء، وتُجرى حاليًا طباعة هذا التفسير كله في مجلد واحد يصدر قبل نهاية سنة 2007).
هـ ـ صدرت ترجمة إنجليزية عن اليونانية لـ ” شرح إنجيل يوحنا ” للقديس كيرلس الأسكندرى في جزئين، الجزء الأول صدر 1874 والثانى 1885، وذلك ضمن سلسلة Library of The Fathers of The Church (L.F.C) (وهى الترجمة التي يترجم عنها مركز دراسات الآباء منذ 1989 ولا يزال).
ترجمات إلى الفرنسية:
أهم سلسلة لنصوص الآباء بالفرنسية هى مجموعة المصادر المسيحية (Sources Chretiennes) التي بدأ بنشرها J. Danielou بباريس 1941 ولا تزال تصدر حتى الآن وتشمل النصوص الآبائية باليونانية أو اللاتينية مع ترجمة فرنسية في الصفحة المقابلة مع مقدمة وافية عن أصل كل نص ودراسة عنه. وصل عدد الكتب التي صدرت من هذه المجموعة إلى أكثر من 480 مجلد.
ثامنًا: الدراسات الآبائية في القرن العشرين:
حدثت طفرة في الاهتمام بالنصوص الآبائية القديمة في الغرب في القرن العشرين، ومن مظاهر الاهتمام هو إنشاء أقسام للدراسات الآبائية بعدد كبير من جامعات العالم غربًا وشرقًا. كما بدأت في القرن العشرين ظاهرة المؤتمرات العالمية لدراسة كتابات الآباء وتعاليمهم، وأشهر هذه المؤتمرات هو ” المؤتمر الدولى للدراسات الآبائية ” الذي ينعقد بجامعة أكسفورد كل أربعة سنوات وكان أول انعقاد له سنة 1951م. ويشترك بعض الباحثين بالمركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية في هذا المؤتمر منذ 1983. والمركز عضو في الجمعية الدولية للدراسات الآبائية التي تشرف على أعمال المؤتمرات الآبائية وتنسق لها.
كما بدأت أيضًا مؤتمرات دولية متخصصة في دراسة كتابات أحد الآباء: مثل مؤتمر لدراسة كتابات أغسطينوس ومؤتمر لدراسة كتابات أوريجينوس، وهى تعقد أيضًا كل أربع سنوات في أحد جامعات أوربا.
كما بدأ في القارة الأمريكية مؤتمرات لدراسات الآباء تعقد كل سنتين في نطاق القارة الأمريكية.
كما بدأت في السنوات الثلاثين الأخيرة مؤتمرات دولية متخصصة في الكتابات المسيحية السريانية وفى دراسة القبطيات وأيضًا في دراسة التراث المسيحى العربى، وهذه المؤتمرات المتخصصة تنعقد أيضًا كل أربع سنوات في إحدى جامعات العالم.
(ينعقد المؤتمر الدولي للقبطيات بالقاهرة سنة 2008م).
تاسعًا: ترجمة كتابات الآباء بالعربية في مصر في القرن العشرين:
بدأت تظهر ترجمات عربية لبعض كتابات الآباء في نهاية القرن 19. ففى سنة 1899 صدرت “عظات القديس مقاريوس المصرى” ليوسف بك منقريوس مدير المدرسة الإكليريكية. وفى نفس السنة نشر دير الأنبا أنطونيوس رسائل القديس أنطونيوس عن مخطوطة عربية موجودة بمكتبة الدير.
حبيب جرجس وكتابات الآباء:
يذكر المتنيح الأرشيدياكون حبيب في افتتاحية مجلة الكرمة سنة 1923 تحت عنوان “مؤلفات الآباء القديسين”: “وقد حصلنا من أوروبا على جميع مؤلفات الآباء القديسين الذين عاشوا منذ العصر الرسولى وحتى مجمع نيقية. وهى مترجمة إلى الإنجليزية عن اللغتين اليونانية واللاتينية وغيرها، وعهدنا إلى بعض أصدقائنا من أفاضل الكتاب الأدباء بتعريبها بكل دقة وضبط كأصلها. وسندركها تباعاً في أعداد الكرمة. ولا حاجة بنا إلى ذكر أهمية هذه المؤلفات، إذ لها المقام الأسمى في عالم المؤلفات الدينية لقرب عهد مؤلفيها بالعصر الرسولى. وأقوالهم حجج قوية على تعليم الكنيسة في أعصرها الأولى” (مجلة الكرمة عدد يناير 1923 ص 6)
وبدأ فعلاً ابتداء من نفس العدد الأول (يناير 1923) ينشر أول جزء من “رسالة كليمنضس الأولى إلى أهل كورنثوس”. واستمر هكذا في الأعداد التالية للمجلة حتى سنة 1931 من هذه الرسالة ومن كثير من غيرها من كتابات آباء ما قبل نيقية. ونرجح أن المجموعة التي يذكر أنه حصل عليها من أوروبا للترجمة منها هى مجموعة The Ante-Nicene Christian Library التي كانت قد صدرت في 24 مجلد بادنبره باسكتلنده بين سنين 1866 ـ 1872.
حافظ داود (القس مرقس داود) وترجمة الآباء:
قام الأستاذ حافظ داود بترجمة كتاب ” تجسد الكلمة ” للقديس أثناسيوس من الإنجليزية إلى العربية سنة 1946 ونشرته جمعية نشر المعارف المسيحية وأُعيد طبعه عدة مرات. كما ترجم القس مرقس داود رسالة أثناسيوس إلى الوثنيين، ورسائل أثناسيوس إلى سرابيون عن الروح القدس. وحياة أنطونيوس بقلم أثناسيوس، وتاريخ الكنيسة لأوسابيوس، ورسائل أثناسيوس الفصحية وتفسير رسالة أفسس لذهبى الفم ونشرتها له عدة جهات في حينها.
ثم ظهر كتاب بستان الرهبان في ثلاثة أجزاء. كما نشر دير السريان 1952 كتاب ” حياة الصلاة الأرثوذكسية ” للأب متى المسكين مشتملاً على اقتباسات كثيرة لأقوال الآباء عن مختلف نواحى الصلاة.
كما نشر دير السريان ابتداءً من سنة 1952 عدة ميامر لآباء الكنيسة عن الميلاد والغطاس والقيامة مترجمة عن الإنجليزية، وذلك عن السلسلة الإنجليزية (آباء ما قبل نيقية وآباء نيقية وما بعد نيقية) (38 مجلد) التي كان الأستاذ عزيز سوريال عطية قد أهداها للرهبان الجامعيين بدير السريان في ذلك الوقت).
القمص تادرس يعقوب وكتابات الآباء:
ويعمل أيضًا في مجال ترجمة كتابات الآباء بمصر منذ الستينيات، قدس الأب تادرس يعقوب ملطى بالأسكندرية عن طريق اقتباس نصوص للآباء ووضعها تحت عناوين موضوعات روحية أو في تفاسيره لأسفار الكتاب المقدس بعهديه التي يقوم بنشرها مزودة بأقوال الآباء.
بيت التكريس لخدمة الكرازة وكتابات الآباء:
بتوجيه الأب القمص متى المسكين قام كاتب هذه السطور في سنة 1958م بشراء مجموعة الآباء بالإنجليزية المذكورة سابقًا من أمريكا (وعددها 38مجلدًا) سنة 1958م. وبدأ بيت التكريس في ترجمة ونشر بعض كتابات الآباء عن هذه المجموعة ومن غيرها. فقام بنشر ” تفسير المزامير لأغسطينوس″ سنة 1961 (ترجمها القس مرقس داود)، و”الأسرار” للقديس أمبروسيوس، ورسائل القديس أنطونيوس وعظات القديس مقاريوس وعدة كتابات أخرى للقديسين أثناسيوس وكيرلس.
وبهذا يكون الأب المتنيح القمص متى المسكين[20] هو الذي وجه الأنظار في الكنيسة القبطية في العصر الحديث لأهمية كتابات آباء الكنيسة.
مؤسسة القديس أنطونيوس لترجمة ونشر الآباء:
قام كاتب هذه السطور مع مجموعة من الأصدقاء بتأسيس مؤسسة القديس أنطونيوس وأُشهرت بالشئون الاجتماعية سنة 1979م، وذلك بهدف ترجمة ونشر كتابات الآباء وعمل دراسات على نصوص الآباء. فقامت المؤسسة منذ تأسيسها بنشر عدد كبير من كتابات الآباء. وكان للمرحوم صموئيل كامل عبد السيد أستاذ اللغة اليونانية دور بارز في بداية عمل المؤسسة. إذ قام بترجمة ثلاثة كتب عن اليونانية هى ” المسيح في رسائل أثناسيوس ”، ” المقالة الأولى ضد الآريوسيين ” و ” المقالة الثانية ضد الآريوسيين ”، وذلك قبل نياحته سنة 1986م. وقامت المؤسسة منذ سنة 1980 بإرسال عدد من المبعوثين إلى اليونان لدراسة اللغة اليونانية والتخصص في دراسات الآباء، عاد البعض منهم بعد أن أنهوا دراساتهم ولا يزال البعض يواصل دراساته لنفس الهدف.
وفى سنة 1991م نشأ ” مركز دراسات الآباء ” تحت مظلة مؤسسة القديس أنطونيوس، وفى نفس مقرها (8 ب شارع إسماعيل الفلكى بمصر الجديدة). وهو يواصل تحقيق هدف المؤسسة. وبلغت نصوص الآباء التي نشرتها المؤسسة حتى الآن 117 نصًا عن اللغات اليونانية والإنجليزية والفرنسية. كما قامت المؤسسة بنشر عدد من الدراسات حول النصوص الآبائية بلغ عددها حتى الآن 31 كتابًا. وبدا المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية منذ يناير 1998 بنشر دورية أبحاث تصدر كل ستة شهور: ” دراسات آبائية ولاهوتية ” صدر منها حتى الآن 20 عددًا.
ويقوم الباحثون بالمركز الأرثوذكسى بتقديم محاضرة شهرية و3 لقاءات (كل منها يومين) كل سنة بمقر المركز ومؤتمر سنوى لمدة 3 أيام (إقامة كاملة) حول الموضوعات الآبائية في احد بيوت المؤتمرات.
كما بدأ عمل مؤتمر للآبائيات للشباب منذ سنة 2005 في أجازة نصف العام من كل عام.
كما يقوم الباحثون العاملون بالمركز بتقديم المحاضرات والدراسات في عدد من المؤتمرات واللقاءات والكنائس بالقاهرة والأقاليم.
ــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
1- Quasten, Patrology vol. IUtrecht–Antwerp,Westminster1950 – 1960.
2- P.J. Hammell, Handbook of Patrology.Staten IslandN.Y., Alba House 1968.
3- N. & P.N. Fathers 1st series vol. I
4 ـ مجلدات مجلة الكرمة للأرشيدياكون حبيب جرجس من 1923 ـ 1931م.
[1] إيريناؤس: ضد الهرطقات كتاب 4 فصل 41 فقرة2.
[2] كليمندس الأسكندرى: المتنوعات 1:1،2ـ1:2.
[3] أغسطينوس: ضد يوليان (Cont. Jul. 1,7,34).
[4] Vincent of Le’rins. LNPN Fathers- 2nd series Vol.11, Com. Chapter29 p154& Chapter33 p.156.
[5] جيروم: De viris ill. Prol.; Ep 112, 3.
6 أنظر ما ورد عن إلهام الروح القدس للآباء في صياغة مصطلح ” أوموسيوس ÐmooÚsioj ”: المساوى في الجوهر، نقلاً عن كتاب باترولوجيا مجلد25:6:1 للبروفيسور س. بابا دوبولوس باللغة اليونانية أثينا 1982، وذلك في مقال ” الآباء والعقيدة ” للدكتور جوزيف موريس فلتس دورية دراسات آبائية ولاهوتية، يناير 1998، ص20ـ23.
7 صلاة تحليل الخدام: أنظر الخولاجى المقدس.
8 أنظر رسائل القديس أثناسيوس عن الروح القدس، الرسالة الأولى فصل 28 ص 82 إصدار مركز دراسات الآباء سنة 1994.
[9] Defence of the Nicene definition (De Dec. 27) N.&P.N. Fathers, 1st series, vol. IV p.168.
[10] شرح قانون الإيمان رسالة 55، ورسالة 39 إلى يوحنا الأنطاكى.
[11] J.N.D. Kelly, Early Christian Doctrines,London: A.&C. Black, 1958, p.VI.
[12] See P.J. Hammell. Handbook of Patrology,Staten Island,N.Y.: Alba House, 1968, p.12 inConstantine. N. Tsjrpanlis, Introduction to Eastern Patristic Thought, The Liturgical Press , Collegevill, Minnesota, 1991, p..
13 نيومان: Discussionsa Arguments II ,I.
14 أنظر كتاب ” رسائل الروح القدس للقديس أثناسيوس ـ إلى الأسقف سرابيون ” ترجمه عن اليونانية دكتور موريس تاوضروس ودكتور نصحى عبد الشهيد، الرسالة الأولى فصل 28 ص 82 إصدار مركز دراسات الآباء 1994، طبعة ثانية منقحة 2005م.
15 في كتابه ضد أونوميوس Contra Eunom. III,2,98 وردت بكتاب ” دراسات في آباء الكنيسة ” ص 385 لأحد رهبان برية القديس مقاريوس 1999.
[16] تاريخ الكنيسة لأوسابيوس 1:1،1.
[17] كتاب أوسابيوس: ” تاريخ الكنيسة ” يرجع إلى أوائل القرن الرابع ـ وقد عربه عن الإنجليزية القس مرقس داود ـ القاهرة 1960م.
[18] صدر في باريس بين سنة ( 1663 ـ 1712م ).
[19] صدر في باريس بين سنة (1729 ـ 1763م ).
[20] تنيح في 8 يونيو سنة 2006م