اكليمندس الأسكندرى (2) (150 ـ 215م) – د. موريس تاوضروس
اكليمندس الأسكندرى (2) (150 ـ 215م) – د. موريس تاوضروس
تحدثنا فى العدد السابق عن: البيئة الثقافية للقديس اكليمندس الأسكندرى، وأهم مؤلفاته فى مواجهة الفكر الغنوسى: 1ـ نصائح إلى اليونانيين. وسوف نتكلّم فى هذه العدد عن الكتابين الثانى والثالث: المربى، والمتفرقات.
2 ـ المربى PaidagwgÒj ويشمل ثلاثة كتب هى:
الكتاب الأول: ويتضمن الحديث عن:
+ وظيفة المربى، وأشار إلى أن المربى يقوم بمهمة عملية وليست مجرد تعليمية، وهدفه هو إصلاح النفوس وليس مجرد تعليمها، ويهدف إلى تدريبها على ممارسة الفضائل.
+ أشار إلى كيف يتعامل المسيح المربى مع الخطاة.
+ تحدث عن إنسانية المربى (محبة البشر).
+ قال إن الرجال والنساء جميعهم يخضعون لرعاية المربى.
+ أبان أن جميع الذين يسيرون حسب الحق هم أبناء الله.
+ تحدث عن المربى، من هو،وعلى ضرورة الالتزام باحترام تعاليمه.
+ ضد هؤلاء الذين يعتقدون أن ما هو عادل فهو ليس حسنًا.
+ اسلوب التعليم عند المربى.
+ إن الله نفسه، بنفس الكلمة، يضبط الخطية بالوعيد، ويخلّص البشر بالنصح.
+ إن الكلمة تُعلّم بواسطة الناموس والأنبياء.
+ إن المربى يتسم بالصراحة والرحمة التي للمحبة الأبوية.
الكتاب الثانى: ويتضمن الحديث عن:
+ الطعام
+ الشرب
+ الأوعية الثمينة
+ كيف نسلك في الأعياد
+ عن الكلام البذئ
+ توجيهات لمن يعيشون معًا
+ عن الدهون
+ في النوم
+ في الملابس
+ في الأحذية
+ ضد الإسراف المبتذل لاقتناء وسائل الزينة.
الكتاب الثالث: ويتحدث عن:
+ الجمال الحقيقي
+ تزيّين الجسد
+ ضد من يزيّنون أنفسهم
+ مع مَن يجب أن نجتمع
+ السلوك في الحمامات
+ المسيحى وحده هو الغنى
+التدبير (الاقتصاد) هو خير مؤونة للمسيحى.
+ المماثلة والمُثل هو جزء هام من التعليم الصحيح.
+ الحديث عن نظافة النفس والجسد معًا.
+ الرياضات المناسبة للصحة الجيدة.
+ نظرة مجملة للحياة المسيحية.
+ مناقشة بعض نصوص من الكتاب المقدس[1].
ويتضّمن كتاب المربى أنشودة للسيد المسيح كمعلّم يقول فيها:
” يا ملك القديسين
أنت مخضع الكل، كلمة الآب الأعلى، أمير الحكمة،
مشدّد الضعفاء، ومملوء بالفرح الدائم،
أنت مخلّص الجنس البشرى
يسوع الراعى. أنت الحرّاث والزارع وماسك الزمام
أنت الجناح السماوى لكل القطيع المقدس
أنت ضياء الناس الذين يُنْتشَلون من بحر الخطية
يا من تجذب الصيد المقدس من الأمواج المعادية، بموعد الحياة البهيج، فلنسبح معًا أغانى نقية وأناشيد مستمرة للمسيح الملك”.
إنه الجعالة المقدسة لقانون الحياة.
فلنرافق بنفس واحدة الابن العظيم.
المولودون من المسيح هم جوقة السلام.
فلنسبح معًا كشعب واعٍ لإله السلام[2].
3 ـ المتفرقات: ويتضمن ثمانية كتب، نقدم ملخصًا لكل منها.
الكتاب الأول[3]:
1 ـ مواجهة الغنوسية الإسكندرانية التي كانت ثمرة لنمو مشوش للأفلاطونية Pseudo – Platonism، على نحو ما أوضحنا سابقًا.
2ـ يتحدث عن بنتينوس ومدرسة الأسكندرية التي يرجع إنشاؤها إلى بداية العصر المسيحى، ويذكر إرسالية البابا ديمتريوس لبنتينوس إلى الهند حيث وجد نسخة من إنجيل متى باللغة العبرية وأحضرها معه، ومن ذلك يتبين أن المسيحية كانت قد انتشرت في الهند قبل ذهابه إليها، ويتحدث عن عظمة آباء الأسكندرية، ومعرفتهم لعلم الفلك وتحديدهم لزمن عيد الفصح، وكانت رئاسة بابا الأسكندرية تمتد إلى ليبيا والمدن الخمسة. وكانت هناك سلطة مماثلة وموازية لهذه السلطة، ولهم نفس الامتيازات، وذلك في روما وأنطاكية، حيث تتمتع السلطات الدينية بنفس الامتيازات.
3 ـ يتحدث عن التقليد فيقول: إن الرسل يميّزون بين نوعين من التقليد: تقليد اليهود الزائف وتقليدهم المسيحى الخاص، ويشير إلى الشواهد التالية:(2تي13:1ـ14، 2تي2:2، 1كو2:11، 2تس15:2، 6:3، 1كو8، 2:16) ومن بين هذه التقاليد المسيحية يذكر:
أ ـ صحة وقانونية الكتب المقدسة التي كتبها الرسل.
ب ـ العبارات الليتورجية.
ج ـ التنظيمات الخاصة بالاحتفال بالعشاء الربانى وبالمعمودية.
د ـ عيد الفصح المسيحى ويوم الرب الأسبوعى.
هـ ـ الموقف من السبت اليهودى والعبادة اليهودية أثناء وجود الهيكل.
و ـ قبلة المحبة ومسائل أخرى تتصل بالعبادة الجمهورية.
ز ـ الأغابى والتنظيمات الخاصة بالأرامل وهكذا.
وكان الاحتفال بالعشاء الربانى يتم بعد انصراف الموعوظين،ويشترك الحاضرون في تناول جسد الرب ودمه.
4ـ يتحدث عن التعليم فيشير إلى أن المسيحيين جميعهم كانوا يتلقون كل ما هو ضرورى للخلاص، ويدرسون الكتاب المقدس كله ويقفون على التقاليد الرسولية. على أنه في حضور الوثنيين، كان المسيحيون يتذكرون كلمات الرب يسوع أن لا نلقى الدرر للكلاب، كما فعل بولس الرسول، فإنه عندما وقف أمام الملك أغريباس فإنه كان يشرح له طريق الرب بطريقة عملية وبالنسبة للمسيحيين البسطاء فإنه يقدم لهم اللبن طعامًا خفيفًا، أما بالنسبة للناضجين روحيًا فإنه يقدّم لهم لحم كلمة الله ويفرق بين هؤلاء الذين فقط يتذوقون كلمة الله، وبين الغنوسيين المسيحيين الحقيقيين الذين يطلبون المعرفة الكاملة عن المسيح، ويجب أن يحتفظ بهذين المستويين من التعليم، فسواء أطفال مدارس الأحد أو الذين يدرسون بالكلية اللاهوتية، فهؤلاء وأولئك يأخذون نفس الحقائق المسيحية ولكن مع مراعاة هذين المستويين.
5 ـ وعن التبرير: إن اكليمندس لا يتصور إمكانية حصول التبرير بدون استحقاق المسيح. ولكن بالطبع فإن كلمة التبرير لا تُناقش في المفهوم اللاهوتى الذي تُناقش فيه اليوم بين الأرثوذكسية والبروتستانت. ولقد كان يرى أن الناموس كان يمهد اليهود للإيمان بالمسيح كما كانت أيضًا الفلسفة اليونانية تمهد الوثنيين للإيمان بالمسيح.
6ـ بالنسبة للفلسفة: هو يعتبرها من الله وإن كانت ليست بطريق مباشر. ولكن من ناحية أخرى يشير إلى أن الكتب المقدسة هى أسبق وأكثر حقيقة من الكتب الفلسفية.
7ـ ويتحدث عن فيض الروح، ويرى اكليمندس أن أى عمل صحيح يجب أن يتم خلال محبة الله كما يرى أن كل عمل يصدر عن وثنى هو شرير، لأنه لا يكفي أن يكون العمل سليمًا، ولكن أيضًا إن موضوع العمل وغايته يجب أن يكون سليمًا.
8ـ يتحدث أيضًا عن تعاطف الله مع الفقراء والبائسين ومع الطفولة ومع جهل الناس، كما يتحدث عن الإيمان باعتباره هو بذرة الخردل.
9ـ يشير إلى أن التعاليم المسيحية ليس فيها ما يمكن إخفاؤه عن الذين لهم آذان للسمع، فليس بشئ يمنع إلاّ عن الخنازير التي تنكر اللآلئ التي تكون لدى الغنوسى المسيحى الحقيقي. وهذا هو نفس المبدأ الرحيم الذي استعمله السيد المسيح مع بيلاطس فظل صامتًا، وكذلك انصرف عن المدن التي لم تكن مؤهلة لقبول رسالته.
10 ـ إنهم حصلوا على بعض “الحكمة” كحافز طبيعى من الله، فهم نالوا من الله أجزاءً صغيرة من الحق ـ وليس معرفة كاملة ـ وادعوا أن ما نالوه هو تعاليمهم الخاصة، واكتشفوا بعض أمور أخرى، إذ ربما يكون عندهم “روح حكمة” (انظر خر3:28).
الكتاب الثانى
1ـ يشير إلى جماعة اليونانيين الذين جاءوا إلى فيلبس (يو23:12ـ26) وطلبوا أن يروا يسوع كجزء من تاريخ بشارة الإنجيل وهكذا دعى اليونانيين ليشاركوا في انتشاره. ويبدو هنا اكليمندس أنه الإنسان الذي يؤمن بتدبير الله وعنايته، والذي يعطى معنى كبيرًا لبذرة الإيمان التي تنمو في العالم الوثنى.
2ـ ويعود أيضًا للحديث عن الفلسفة باعتبارها تمهيد للإيمان بالمسيح. وعلى العموم فإن نظرة اكليمندس إلى الفلسفة كما وردت في كل كتاباته يمكن أن تلخص في الآتى: “قبل مجيء الرب كانت الفلسفة ضرورية لليونان كى يمارسوا العدالة، وهى الآن مفيدة للتقوى، وهى تمهيد ضرورى للذين يأتون إلى الإيمان عن طريق الاستدلال. إن الله مصدر كل حقيقة ولكن من الحقائق ما يصدر عنه بصفة أولية مثل حقائق العهد القديم والعهد الجديد؛ ومنها ما يصدر عنه بصفة ثانوية مثل الحقائق الفلسفية، التي وإن كانت تصدر عن الله، ولكنها تتحقق من خلال موسى وكنيسة العهد القديم. إن الفلسفة هى “كعهد” لليونانيين[4]، وتمهيدًا للإيمان المسيحى”.
هذا نص جامع لمزايا الفلسفة. وكان اكليمندس يتوخى أغراضًا عدة من استعمال الفلسفة في الدين: كان يريد أن يبيّن للوثنيين أن عقيدة المسيح لا تقل شأنًا عن أى علم إنسانى، وكان يريد أن يدحض الغنوسيين. ولم يكن ذلك ليتسنى له بغير مقارنة فلسفتهم الباطلة بالفلسفة الحقة. وكان يرى أن واجب المسيحى المثقف نحو نفسه يقضى عليه بالتفقه في الدين ـ وأن الفلسفة خير أداة لتحقيق هذه الغاية.
وفي بيان هذه النقطة الأخيرة يذهب إلى نوع من الغنوسية لا بأس منه على العقيدة تغاير الغنوسية المنحرفة التي علّم بها الغنوسيون الأسكندريون. فقد كان طلاب مدرسة الأسكندرية يقسمون إلى طائفتين: السذّج والكُمّل، وكان هؤلاء يغالون في التعالى على العامة ويقولون بوحى شخصى يفيض على المسيحى العارف بحقائق الإيمان. هذه الحقائق غير مكتسبة بالنظر العقلي وممتنعة على العامة. غير أن اكليمندس كان يصحح هذه النزعة باعترافه أن الفلسفة ليست ضرورية للإيمان، وأن المرء يصير مسيحيًا كاملاً حال نواله المعمودية، وأن الإيمان الأول لا يختلف فى ماهيته عن كماله وتمامه. فنحن هنا إزاء غنوسية حريصة على الاستمساك بالسنَّة والطاعة للكنيسة”.
” والفلسفة في نظر اكليمندس ليست كل ما قال فلاسفة اليونان، ولكنها كل ما قيل من حق في أى مذهب كان. والأفلاطونية عنده خير المذاهب.
وأفلاطون هو “صديق الحقيقة الملهم من الله أو الذي يكاد يكون ملهمًا “. ويقصد أفلاطون صاحب تلك الآراء المتفقة مع المسيحية والتي يصطنعها هو بالفعل، وهو ينقل عنه نصوصًا مُطّولة، ومصدره الأكبر كتب فيلون.
ثم هو يفيد مما وجد عند الرواقيين من تحليل دقيق للفضائل والرذائل، وينبذ سائر آرائهم. أما أرسطو فلم يعرفه إلاّ بالوساطة، وهذه الوساطة كانت سيئة نقلت إليه أن أرسطو فيلسوف طبيعى يجعل من الله والعالم كيانًا واحدًا، ويقصر العناية الإلهية على العالم العلوى، فيلزم أن العناية شاملة للعالم أجمع. وقد أخذ عليه أيضًا رأيه بأن خيرات الجسم والخيرات الخارجية حتمية لتمام السعادة. وقال إنه مدين لأستاذه أفلاطون بأحسن أفكاره.
أما أبيقور فهو أمير المادية والإلحاد، مؤله اللذة لا يستحق غير الازدراء. وكذلك المذاهب الفلسفية التي سبقت سقراط، فإنها فلسفة مشوهة فاسدة. وهكذا كان مجال تخيره مقصورًا على الأفلاطونية والرواقية”[5].
3ـ ويقول اكليمندس إن الغنوسيين رفضوا الرسالتين المرسلتين إلى تيموثاوس، على الأخص بسبب نص (1تي20:6) “ يا تيموثاوس احفظ الوريقة معرضًا عن الكلام الباطل الدنس ومخالفات العلم الكاذب الاسم“. وقد نسب هذا الرفض للغنوسى باسيليدس الذي قيل إنه رفض الرسائل الرعوية والرسالة إلى العبرانيين. وهكذا كان اكليمندس يواجه هذه الأفكار المنحرفة ويرد عليها ليثبت الإيمان، وكان لابد له أن يقابل الوثنيين على نفس أرضهم ويحاججهم بنفس منهج تفكيرهم، ويتيح للمؤمنين أن يحاربوا بأسلحة الإيمان، وهكذا كان يعرف ما يجب أن يتسلّح به الدارسون في مدرسة الأسكندرية من أسلحة. ولقد كان لاكليمندس في هذا أثره فيمن جاءوا بعده من المعلّمين.
الكتاب الثالث
1ـ في هذا الكتاب يعرض اكليمندس لآراء أتباع باسيليدس الغنوسى ولآراء آخرين ممن أفسدوا تعاليم المسيح.
2ـ أشار إلى الفهم الخاطئ لمفهوم المحبة مبينًا أن المحبة الأصيلة ترجع إلى تعاليم الرسل (انظر 2بط13:2، يه12، 1كو21:11).
3ـ يشير إلى تعاليم الماركونيين الذين نبذوا الزواج لأنهم كانوا يعتبرون أن العالم المادى شر فى ذاته.
4ـ يشير إلى أن النيقولاويين قد أساءوا استخدام اسم نيقولاوس وكلماته. ويشير بوجه عام إلى تعاليم الغنوسيين الذين يسمون أنفسهم خطأ بالغنوسيين، وهو يُجرم الغنوسيين بأدلة وبراهين عقلية ونقلية ويدين أيضًا حذفهم لبعض أجزاء من الكتب المقدسة.
5 ـ وفى مقاومته للهرطقات، صنفهم تحت هاتين الفئتين:
أ ـ الذين يدعون إلى حياة طائشة.
ب ـ الذين لا يلتزمون بحياة التقوى.
6ـ وبالنسبة لهذه الفئة الثانية من الهراطقة، كان يلوم الذين يحتقرون شريعة الله، الذين يفتخرون بالعفة الكاذبة ويحتقرون الزواج المقدس وتكوين أسرة، ويعتمدون على بعض أقوال أبوكريفية. وكان هناك من الغنوسيين من يفتخر أنه يتمثل بالمسيح فى النظرة إلى الزواج على أنه من عمل الشيطان، ويقول إن السيد المسيح خطب الكنيسة كعروس له.
7ـ يبنى اكليمندس تعاليمه، ليس فقط على تعاليم الرسل وإيليا وصموئيل والسيد المسيح نفسه، ولكنه يتخذ من حياة الرسل أمثلة لتعاليمه فيشير إلى بطرس المتزوج، وكذلك فيلبس الشماس وبناته المتزوجات.
8ـ يتحدث عن سمو العفة المسيحية ويعلو بها عن ضبط النفس الذى يمتدحه الرواقيون وغيرهم من الفلاسفة. إن الله وحده هو فقط الذى يمكّن الإنسان من ممارسة العفة الأصيلة التى لا تدخل فقط فى منازعة مع الشهوات الفاسدة، بل تستأصلها.
9ـ يناقش أحيانًا بعض المفاهيم الخاطئة عند الغنوسيين فى مفهومهم لبعض الآيات الكتابية.
10ـ بالنسبة لكتب أبوكريفا العهد الجديد، مثل إنجيل العبرانيين وإنجيل المصريين، فإن الباحثين يؤكدون أنه لم يطّلع عليها ولم يقتبس منها، فهو مثلاً لم يعرف العبرية حتى يمكن أن يُقال إنه قرأ إنجيل العبرانيين، وما يقتبسه من المرجح أنه لم يأخذه مباشرة من أصل هذا الإنجيل. ويعلق أحد الباحثين فيقول: إذا كان اكليمندس وهو المشهور بسعة اطلاعه ووقوفه على الكثير من الكتب، لم يعرف كتب الأبوكريفا، فبالأولى فإن هذه الكتب لم تلق اهتمامًا كبيرًا عند عموم المسيحيين.
11 ـ وفى براعة وحذق يطبق اكليمندس قول السيد المسيح ” إن اجتمع اثنان أو ثلاثة أكون فى وسطهم” يطبقه على الأسرة المسيحية: الزوج والزوجة والأولاد. فالأسرة المسيحية تنعم بهذا الوعد، وتمثل ” الكنيسة التى فى البيت“. هناك الصلاة العائلية، الصلاة قبل الأكل وبعده، التراتيل الروحية. إن إشعال المصابيح فى المساء والصلاة عند وقت النوم، هذه كلها مظاهر لتحقيق وعد الله بأنه يكون مع الاثنين أو الثلاثة الذين يجتمعون باسمه.
12ـ يشرح المفهوم العام للزواج، ويخلّص الزواج من التفسير الهرطوقى الخاطئ لقول موسى النبى: ” كونوا مستعدين لليوم الثالث لا تقربوا امرأة” (خر15:19). ويشير إلى قول الرسول بولس: ” لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجسًا فأقبلكم” (2كو17:6)، ويقول إن هذا القول دعوة للمسيحى حتى يبتعد عن ادناس الوثنيين وعن تعاليم الهراطقة الذين يسيئون فهم كلمة الله، ويؤكد طهارة الزواج ونقاء الحياة الزوجية مشيرًا إلى 1كو3:7ـ5: ” ليوف الرجل المرأة حقها الواجب وكذلك المرأة أيضًا الرجل. ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل، كذلك الرجل ليس له تسلط على جسده بل للمرأة. لا يسلب أحدكم الاخر إلاّ أن يكون على موافقة إلى حين لكى تتفرغوا للصوم والصلاة ثم تجتمعوا أيضًا معًا لكى لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم“.
13 ـ يشجب الزواج للمرة الثانية.
14 ـ يرفض فكرة أفلاطون عن الوجود السابق للنفس البشرية.
15 ـ رفض ما يقول به الغنوسيون من أن المسيح جاء فى جسد خيالى.
16ـ يكرر القول ضد الغنوسيين الذين يعتقدون فى أنفسهم المعرفة الحقيقية ويسمون أنفسهم ” الغنوسيون الحقيقيون”، بينما هم فى حقيقة الأمر أعداء الحقيقة.
الكتاب الرابع:
+ يشبِّه اكليمندس كتابه “المتفرقات” بالحقل الملئ بأنواع النباتات المختلفة ويمكن للإنسان إذا فتش أن يجد كل ما يطلبه (2:4).
+ يشير اكليمندس أن البعض كان يطلب الاستشهاد حتى أنه يقوم بأعمال تدفع للقبض عليه، على أن اكليمندس انتقد هذا النوع من الاستشهاد واعتبر أن الذى يطلب مثل هذا الاستشهاد فيسعى لترك الحياة ليس هو شهيد، بل هو يكره الخالق ” وكان اكليمندس يؤمن بأن الاستشهاد الصحيح هو الذى يتحمله الإنسان عندما لا يكون هناك مفر منه فى نهاية حياة كُرّست بتمامها لمحبة الله، فالمحبة لله تتطلب الألم، وفى نفس الوقت تتطلب حفظ وصاياه وتفهمها. ولهذا فالاستشهاد عند اكليمندس هو عمل يومى يتضّمن الكلمات والحياة والسلوك؛ كل الإنسان”، ومن السهل تمامًا ـ كما يعلق على ذلك دكتور لورمى (فى كتابه تاريخ الكنيسة ـ الجزء الثانى) ـ أن ندرك أن هذه الكلمات كانت هى البذار الذى أنتج حياة الزهد والحركة الرهبانية، التى أُطلق عليها ” الاستشهاد الأبيض”[6]. ولقد لَقب اكليمندس الغنوسى الحقيقى الذى يعيش فى شركة مع الله، “شهيدًا” (12:4). (يتبع)
[1] The Ante – Nicene Fathers, vol. 7, CL. Alex. The Instructor.
[2] د. كرافت: المرجع السابق ص42ـ43.
[3] The Ante – Nicene Fathers, Clem. Alex vol. 7 , Stromata Elucidations, P. 342 … etc..
[4] يقصد اكليمندس أنه كما أعطى الله عهدًا للعبرانيين هو العهد القديم، فإنه تعامل بطريقة ما مع اليونانيين قبل المسيح بواسطة بعض الإنارة للفلاسفة اليونانيين مما يمكن أن يُعتبر تمهيدًا للإيمان المسيحى.
[5] يوسف كرم: نفس المرجع ص 271ـ272.
[6] ص 55.