الكنيسة فى العصور الاولى – القس اثناسيوس اسحق حنين
الكنيسة فى العصور الاولى - القس اثناسيوس اسحق حنين
الكنيسة فى العصور الاولى – القس اثناسيوس اسحق حنين
الكنيسة فى العصور الاولى بين المواهب اللاهوتية والروحية والتدبيرات المادية والحياتية – القس اثناسيوس اسحق حنين
أمن المسيحيون الاوائل بأن الخليقة الجديدة للانسان هى أساس السلوك الجديد وان الروح النارى هو الذى يدبر امورهم الروحية والجسدية فى الكنيسة و فى العالم باجتهاد وان القوة التى تخرج من هاتين اليدين اللتان تعملان فى ضفر الخوص انما هى قوة الروح القدس العامل فى اليد البشرية [1]
وامنوا يقينا ان ألله هو العامل فيهم لكى يريدوا ويعملوا من اجل المسرة(فى 2: 13 ) اى انهم ادركوا ان الثيؤلوجيا تتحول فى الانسان الجديد بالروح الى ايكونوميا الى مواهب وخاريسماتا وعن هذه الخليقة الجديدة يقول القديس كيرلس الكبير (لان الله الاب فى البدء بكلمته أخذ من تراب الارض-كما هو مكتوب-وخلق الانسان كائنا حيا له نفس عاقلة حسب ارادته وأناره بنصيب من روحه ونفح فى أنفه نسمة الحياة (تك 2-7)
ولكن عندما سقط الانسان بعصيانه واستعبدته قوة الموت فقد كرامته القديمة أعاده الله الأب وجدده الى الحياة الجديدة بالابن مما كان فى البدء ؟ وكبف جدده الابن ؟ بموته بالجسد ذبح الموت وأعاد الجنس البشرى الى عدم الفساد عندما قام من الموت لأجلنا ولكى نعلم أنه هو هو الذى فى البدء خلقنا وختمنا بالروح القدس لذلك يمنح مخلصنا الروح القدس من خلال العلامة المنظورة أى نفخته للرسل القديسين لانهم باكورة الطبيعة البشرية المجددة)[2].
العلاقة الجدلية بين المواهب والتدبير فى العهد الجديد
حاول بعض اللاهوتيين من عصر الاصلاح ايجاد شرخ كبير فى العهد القديم بين الكاهن والنبى على اساس ان الاول مشغول بطريقة روتينية وعقيمة بالطقوس وسماع صوت الناموس والثانى مشغول بأقتناء المواهب الروحية وبالاصلاح والسماع لصوت الرب على راسهم أدولف هارناك اللاهوتى الالمانى الذى راى ان هناك قسمان من الوظائف فى الكنيسة الوظيفة الاولى روحية وخاريسماتيكية اى موهباتية وتبشيرية والوظيفة الثانية ادارية محصورة فقط فى التنظيمات والادارة وهو يرجع فى ذلك الى الفصول 11 و12 من الديداكى وقام كثير من العلماء بالرد على على اراء هارناك[3]
ولكن فى الواقع ليس الامر بهذه الدرجة لان الكثير من الانبياء كانوا كهنة موهوبين والكهنة انبياء والكنيسة وجدت كمستودع مواهب بالروح الواحد(1كو 12)[4]. والطقس اذا مورس بالروح يصير معهدا عاليا لتخريج المواهب الروحية ولقد رأى بعض الباحثين مستندين على شهادة المؤرخ يوسابيوس القيصرى على ان نفس التوتر بين روح المؤسسة وروح الخاريسما قد ظهر فى بدايات ظهور الحركة الرهبانية فلقد كانت الرهبنة فى بداياتها خاريسماتيكية اى عفوية تنصت لصوت الروح وتستجيب لدعوة الكلمة الالهية وتهيم على وجهها فى البرية طالبة وجه الرب كما حدث مع القديس انطونيوس
ولما ادركت الكنيسة التى كانت قد خرجت من الاضطادات وبدأت فى ترتيب البيت من الداخل وادركت الاهمية الكبرى للطاقات الروحية والمواهب اللاهوتية والعلمية والروحية الخاريسماتيكية لخدمة الكنيسة بدأت على يد القديس اثناسيوس الذى ادرك ما لشخصية انطونيوس من خاريسما روحانية فتتلمذ لها وحرر اللاهوت القبطى من التجاوزات الفلسفية التى اوقعها فيها اوريجينوس واكليمنضس وورد اللاهوت واللاهوتيين الى دموع اباء البرية ووضع اللبنات الأولى للاهوت اللوغوس الواقعى..
ويرى المتخصصون فى اثناسيوس وعلاقته بانطونيوس بأن القديس اثتاسيوس حينما كتب سيرة انطونيوس انما كان يضع المنهج التدبيرى والاكليسيولوجى للمواهب الكبيرة اللاهوتية والروحانية التى افرزتها الحركة الرهبانية وهنا تم مأسسة الحركة الرهبانية فى اطارها الكنسى ولقد كانت الحركة الرهبانية سبب بركة روحية ولاهوتية وتدبيرية كبيرة للكنيسة
وقدم اثناسيوس فى شخص انطونيوس الراهب المثالى الحر روحيا والملتزم كنسيا الناسك المتوحد فى اقسى معنى للتوحد والملتزم انين الروح و شئون العالم بالروح والذى ينزل الى الاسكندرية ويقف أمام المحاكم لمساعدة المظلومين والذى لا يشغله شئ غير حب المسيح(ورد اسم السيد المسيح له المجد اكثر من مائة مرة فى سيرة الانبا انطونيوس للقديس اثناسيوس) ورأسه فى السماء وينحنى أمام اصغر دياكون(اى يحترم المؤسسة الكنسية)
رغم قامته الروحية العالية ووسط التيارت الثقافية السائدة حرص اثناسيوس على تقديم انطونيوس كصديق للمثقفين والفلاسفة يأنسون اليه ويحاورونه ليضفوا طرواة روحانية على قساوة العقل وجموحه وليس ذلك فقط بل ان الاهم ان انطونيوس كان على دراية خاريسماتيكية وواقعية بخطورة بدعة اريوس وانشقاقات المونتانيين
ويذكر لنا التاريخ الزيارة التى قام بها رهبان البرية الى الاسكندرية للحوار مع البطريرك ثيؤفيلوس حول تفسيره الرمزى للاية (لنعمل الانسان على صورتنا كشبهنا)تك 1 :26 طالبين التمسك بالتفسير الحرفى للاية ضد التفسير الاورجينى الرمزى ولقد عرف هؤلاء الرهبان فى التاريخ الكنسى بأسم (الانثروبومورفيتيس)
فرغم تأسس الحركة الرهبانية الا ان البرية ظلت هى ترمومتر الدقة فى حرية حرارة الكنيسة اللاهوتية والروحية والتدبيرية ونستطيع ان نتكلم عن المؤسسة الخاريسماتيكية والخاريسما المؤسساتية فى وحدة بلا تشويش ولا خلط للادوار ولا تقزيم للمواهب ولا عملقة للاقزام ولهذا حرصت الرهبنة الاولى على عدم رسامة الرهبان كهنة الا للضرورة القصوى وحديثا قال سياسى لامع(Absolute pwer corruptabsolutly.[5]
ولكى ندرس بعمق العلاقة الجدلية بين اللاهوت والمواهب فى الكنيسة الاولى لابد بادئ ذى بدء ان نتعرف على معنى وفحوى الكنيسة ما هى الكنيسة ؟
الكنيسة هى المعمل الذى يتحول فيه اللاهوت الى مواهب والثيؤلوجيا الى ايكونوميا
من أروع أوصاف الكنيسة فى العهدين القديم والجديد وأمتلائها بالمواهب وحنكتها فى التدبير ورسالتها فى العالم[6] هو ما جاء على قلم احد كبار اللاهوتيين المعاصرين الذى يقول:
(الكنيسة عاشت حياتها ومسيرتها كما عاشها الانسان الاول فكما كان الانسان الاول يحيا فى وسط هبات وعطايا الخليقة البكر هكذا عاشت الكنيسة وسط مدارس العالم الروحية والثقافية على مر العصور وكما أعطى أدم مسميات مختلفة للحيوانات هكذا الكنيسة ومنذ نِشأتها نظرت حولها على الارض وتأملت وتزاورت وتحاورت بالروح والحق مع الافكار التى وجدتها واعطت للعالم وتراثاته نكهة سماوية واسماء روحانية.
فبدأت الكنيسة فى كلدان ثم سكنت وسط الكنعانيين وقبلت انبيائها بقبلة المحبة وهبطت الى مصر فهدمت اوثانها واسست فى وسطها مذبح للرب ثم عبرت الى العربية حتى استقرت فى موطنها أورشليم وصارت هناك ام الكنائس ثم تقابلت مع تجار صور ومع حكمة الشرق وفخامة حضارة سبأ ثم حملوها قسرا الى السبى فرنمت للرب احلى المزامير على انهار بابل وتمشت بين مدارس الاغريق الفلسفية وصادقت علمائها وطوعت تراثهم ولغتهم القاسية لطرواة الانجيل ولخدمة الكرازة وزارت حضارة مصر وعمدت اللاهوت بالدموع فى بريتها وعلى يد أباء البرية الجوانية وواديها وأنقذت لغة وأرض مصر من الضياع والتغريب ومازالت
وحيثما ذهبت الكنيسة فى وقت النصرة أو زمان التعب فى زمان التجليات او الكبوات فى زمان الانكماش والانطواء اة قى كانت دوما فكر وصوت ألله العالى تجلس كمعلمها فى ملء الزمان (وسط العلماء تسمعهم و تسألهم)لو2: 46 ويوسف ومريم وكل نفس متبتلة مع يوسف ومريم يبحثان عنه وسط الجموع وهى تتبنى كل حق فى كلامهم وتعمده فى دموع التوبة وتصحح كل خطأ بقوانينها الرشيدة وتتشفع فى عيوبهم بالروح ونقائصهم وتكمل ما بدأوه وتشاركهم هواجسهم وأشواقهم
وتشبعهم باللاهوت والخبز وفى كل ذلك تستلهم المواهب وتفك الطاقات وتبكت الكبار شكلا وتشجع الصغار النفوس وتدبر الكون تدبيرا حسنا وتصلى من اجل ان يملاء الله القلوب فرحا ونعيما) .[7]
المراحل التاريخية لعلاقة المواهب بالتدبير:
لكى ندرس موضوعنا بشكل موثق نقسم تاريخ العلاقة بين الكنبسة والمواهب الى 4 افسام:
1 –الفترة الاولى تمتد من عام 30 الى عام 65 مبلادية وتشمل :
-التراثات الى سبقت الاناجيل الازائية
-المصادر الاولى لسفر الرويأ
-الاصول الاولى لسفر الاعمال
2 – الفترة من عام 65 الى عام 85 وتشمل :
– تدوين انجيل مرقس
– تدوين اعمال لوقا الانجيل وسفر الاعمال – تدوين انجيل متى
3 –الفترة من عام 85 الى عام 100 وتشمل :
-باقى رسائل بولس
– انجيل ورسائل يوحنا
– الرؤيا
4 –الفترة الابائية الاولى مت 100 الى 200 وتشمل:
– الديداكى
-الراعى لهرماس
– الرسالة الاولى لاكليمنضس الى الكورنثيين
– رسائل اغناطيوس الى اهل سميرنا واهل فيلادلفيا والمغنيسيين
هناك ثلاث مواقف فى حياة الكنيسة المسيحية الاولى تؤكد هذا التوتر الخلاق بين المواهب الروحية والتسليم المطلق لنعمة الرب وبين التدبير الزمنى والتزام شئون الارض ونستطيع ان نعطى لهذه المواقف اسماء وهى:
ألمواهب الروحية وابعادها الاحتماعية ومردوداتها الحضارية :
الكنيسة الاولى كنا سبق وذكرنا تتعامل مع الواقع التاريخى باحاسيس لاهوتية راقية فلقد رأت وبعيون ثاقبة فى عز الوثنية [8]بوارق امال خلاصية وفى الفلسفة اليونانية وسيلة فكر واداة كرازة وفى عادات المصريين دروسا روحية فالمواهب الروحية بعد التجسد لها مدلولات ومردودات تاريخية وواقعية وهذا هو جديد المسيحية لانه لا يمكن للمرء ان يكون متمدينا فى تدينه وبدويا فى سلوكه فى المدينة كما يقول المطران جورج خضر[9] فالمواهب اى الخاريسمتا معنى Χαρίσματαوالموهبة هى لفظا وفحوى هى نعمة وجهاد[10]
وحينما صارت اى المواهب على يد الغنوسيين غيبيات وارستقراطية روحية فارغة ادانتها الكنيسة غير عابئة بما لها من فكر يبدوا للسذج خلابا وانحازت للناس وهموهم المصيرية وقفز اباء الكنيسة قفزات لاهوتية غير مسبوقة لايقاظ الحبيب النائم فى سفينة الامم المعذبة من الامواج وخرج على العالم لاهوتيوها بنظرية الاسبرماتيكوس لوغوس[11]σπερματικός λόγος
تلك النظرية التى لا تعطى خلاصا مجانيا لغير المؤمنين كما ظن البعض بقدر ما تسعى لتسير الميل الثانى فكريا مع افكار الناس لكى تكتشف ما لله فى هذه الحضارات وما لقيصر وما للشيطان والاسبرماتيكوس لوغوس هو قفزة من العلماء لاكتشاف ان للرب لقاحا فى الحضارات لم يجد رحم الامم مخصبا بالروح ليولد فيه المسيح فخرج منه انبياء للرب وخرج منه خداما لابليس ولعل حركات التنصير الكبيرة فى هذه الايام الا دليلا على صدق حدس الاباء من نحو الامم
وذهب ابن الاسكندرية البار اكليمنضس الى القول الرهيب ان الفلاسفة اى المثقفين الصادقين هم انبياء الوثنية انها ايجابية الكرازة والكرازة الايجابية التى دشنها بولس الرسول فى اثينا باليونان(اع 17 ) ونعود الى اهم الاحداث التى فجرت قضية العلاقة بين المواهب الروحية والتدبيرات اليومية ونكتفى بثلاث مواقف فى العهد الجديد ونترك الباقى للباحثين الشباب.
أولا: الحادثة الاولى التى ظهر فيها التوتر الخلاق بين الخاريسمتا والايكونوميا وردت فى سفر تاريخ العائلة المسيحية الاولى حينما حملت النعمة المؤمنين فاحبوا الملك المسيح وتركوا كل شئ تحت اقدام الكنيسة (وكان لجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شئ مشتركا وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة على جميعهم اذ لم يكن احد فيهم محتاجا لان كل الذين كانوا اصحاب حقول او بيوت كانوا يأتون باثمان المبيعات ويضعونها عند ارجل الرسل(موهبة العطاء) فكان يوزع على كل احد كما يكون له احتياج (موهبة التدبير الحسن)اع4 -34 ).
الخارسما صارت عدوى طيبة اصابت كل الجماعة والجو العام جو نعمة الحب و الترك والتجرد والثقة والى ان جأت اسرة صغيرة من حنانيا الزوج وسفيرة الزوجة ولم يقل لنا لوقا شيئا عن اولادهم واصابهم القلق ظنوا انهم قد تسرعوا فى الاستجابة لصوت الخارسما وقرروا ان يدبروا امورهم بشكل اخر عملى اكثر بلغة اليوم واختلسوا من ثمن الحقل وتسال لوقا السؤال الكبير(لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل؟)
ووضع لوقا وربما لاول مرة الاطار اللاهوتى و التشريعى للعلاقة بين الموهبة وسوء التدبير (انت لم تكذب على الناس بل على الله)اع 5-4) اتهام خطير على خطأ يبدو بسيطا ولكن الارتداد للانشغال وتأمين المستقبل الروحى او الجسدى خارج اطار الجماعة المؤمنة نتيجة الانشغال بالذات بعد ان ذاق حلاوة العطاء هو فى نظر الكنيسة الاولى كذب على الروح القدس وتحالف مع الشيطان
وهنا ينطبق القول الالهى وهذا لا يعنى انكار التدبير والحسابات فالرب نفسه دعا الى الجلوس وحساب حساب النفقة المشكلة هى فى ان يخفى هذا الامر مصالحا شخصية ونوايا سيئة والمثال يهوذا وعلاقته بالتدبير(يو12 :6) .ولهذا فالرد على هذا الصراع كان حاسما وهو التدبير الحسن من جهة والعقاب الصارم على تبديد اموال الله من جهة اخرى (فنهض الاحداث وحمله خارجا ودفنوه) لم يهتم به الشيوخ بل تركوه للاحداث(اى نيوتيرى) فالشيوخ لهم مهام اخرى. وقديما قال حكماء مصر ان الجشع ليس له قبر اى انه غائب عن الذاكرة الجمعية للامة.[12]
ثانيا: الحادث الثانى جاء من وراء ظهور النعرات الاثنية وسط الجماعة وبعد ان زادت المواهب وكثرت النعم (حدث تذمر من اليونانيين على العبرانيين أن اراملهن كن يغفلن عنهن فى الخدمة اليومية(الدياكونيا)أع 6-1 القضية تدبيرية بالدرجة الاولى وذات جذور لاهوتية ومردودات اجتماعية وثقافية فمهما كانت روحانية الشخص ومواهبه فهذا لا يلغى انتمأئه وثقافته ولم يتهم احد الارامل (بالدناوة)
ولم يتركوهن يتهن بين المكاتب بل اخذوا القضية القديمة مأخذ الجد واخرجوا منها جددا وعتقاء لاهوتية وتدبيرية روحية وسنوا منهجا جديدا فى التوفيق البارع بين الثيؤلوجيا والايكونوميا على الارض ولم يتم الحل (دكاكينى) او باستعجال للتراضى او خوفا من الدوشة او هروبا من فتنة عرقية بين اولاد الله بل تم الحل فى جو حوارى ديموقراطى
وما اروع(دعا الاثنى عشر جمهور التلاميذ وقالوا لا يرضى (اوك ارستون اى ليس هذا هو الحل الامثل) أن نترك نحن كلمة الله ونخدم موائد فأنتخبوا (ليس للكلمة علاقة بالمعنى المعاصر للانتخابات بل تعنى ابحثوا بالتدقيق عن النخبة والصفوة بينكم) ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوئين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة وأما نحن فنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة الكلام هنا كثير ويحتاج لدراسات خاصة معمقة
ولكن المهم هو ان الرسل يقولون (نحن) لم يقل احد (انا) لان المواهب هبة للجماعة من خلال الافراد ففى وسط الزحام واختلاط الحابل بالنابل وضياع المواهب تحت اقدام لقمة العيش لابد للكنيسة ان تجدد هويتها كخادمة للكلمة (ليس جيد اى ليس هذا هو الحل الامثل) فالكنيسة ليست مهمتها ان تطعم فقط بطونا لا تشبع بل تبحث عن الجياع والعطاش الى البر وهذا يعيد طرح قضية الدور الاجتماعى للكنيسة والذى يشغل اليوم اللاهوتيون من امريكا اللاتينية الى افريقيا مرورا بالدول الغنية ولابد ان تشغل طوابير العيش وثورة الجياع اللاهوتيين فى بلادنا.
خدمة الخبز والتدبير يتصدى لها رجالا على نفس القامة الروحية لخدام الكلمة ومشهود لهم وكم من مأسى حدثت وتحدث بسبب تولى الغير مؤهلين روحيا الادارة فلم يسلم الرسل الارامل الى مجموعة من هواة تعذيب البشر الذين تخصصوا فى اهانة (اخوة الرب ) وبدلا من ان يحولوهم الى مؤمنين احرارا جعلوهم يحترفوا الشحاتة ياسم الرب وقد ادرك قداسة البابا شنودة الثالث خطورة ترك الفقراء فى متاهات اللجان والروتين فقرر ولاول مرة فى تاريخ الباباوات ان يستقبلهم بشكل كريم وبنفسه ويعطيهم كسيده اكثر مما يطلبون او يفتكرون وكنا نرى وفودا من اغنياء الارض ينتظرون قداسته لانه على موعد مقدس مع فقراء الشعب.
ولاول مرة فى تاريخ الناس تسمع عن تحول جذرى فى طريقة تقديم المعونة او المساعدة او المال فخدام اموال الكنيسة من مدبرون او لجان لابد ان يكون مشهود لهم ومملوئبن من الروح القدس وحكمة فالشهادة الحسنة المطلوبة لرسامة الاسقف والكاهن والدياكون عند تيموثأوس(1تيمو3-7) هى هى نفسها ولاقامةخدام الموائد عند لوقا.
وتكمل الصورة بالمؤمنبن فى اورشليم الذين امنوا بان الرب قريب وقدموا اموالهم للكنيسة ولما تأخر المجئ وقعوا فى العوز فجال بولس يجمع المعونات لهم (1كو16 :1-4) تاخر المجئ قضية شغلت علماء العهد الجديد وعلماء التاريخ الكنسى ولقد قدم فيها الاب كومان وهو من كنيسة رومانيا الارثوذكسية رسالة دكتوراة فى اثينا ولقد كان للبروفسورسافاس اغوردس السبق العلمى فى اثارة هذه القضية فى الاوساط العلمية اليونانية..
وهى ليست مجرد قضية مشاعر نفسانية وأشواق عاطفية او روحية صماء كما ارادتها بعض الطوائف المسيحية بل هى قضية تاريخية وعلمية تتعلق بماضى وحاضر ومستقبل البشرية ولا يمكن ان نحصر مستقبل البشر الزمنى والابدى فى مجموعة عواطف دينية توقف حركة الحياة وتتنكر للتاريخ انتظارا للمجئ فى معناه الروحى والعاطفى الضيق بعيدا عن ابعاده اللاهوتية والانثروبولوجية والكونية
والسؤال الذى يطرح على الاسخاتولوجية الغيبية والغنوسيية هو الاتى كيف يريد ان يخلص العالم ويوعده بالخلاص من يتجاهل تاريخ العالم وهموم الناس ومعطيات العلوم الحديثة؟ فالاخرويات ليست هى اصابة التاريخ الانسانى بالشلل ولا وقوع الناس تحت غيبوبة جماعية وفقدان ذاكرة ولخطورة القضية كرس لها الرسول بولس جزء كبير من رسالته الى التسالونيكيين (اتس 4: 13 -21 و2تس 2 و3 )
والرب يسوع حينما ظهر لتلميذى عمواس ولكى يرد لهم الوعى اللاهوتى به قدم لهم درسا فى التاريخ فيسوع درس تاريخ الخلاص لتلاميذه مما هيأهم لسر الشكر والاستنارة الروحية واضرم فيهم الشوق للقائه على السحاب(ثم ايتداء من موسى وجميع الانبياء يفسر لهم الامور المختصة به فى جميع الكتب )لو 24 :27 )بعد ان كلمهم عن الامه والدخول الى المجد الاسخاتولوجى (أيها الغبيان اما كان ينبغى ان المسيح يتألم بهذا ويدخل الى مجده)فالاسخاتولوجيا هى ازدياد للوعى التاريخى بمجد الالام والام المجد ويسميها علماء العهد الجديد.
Realised Eschatology
التاريخى فى اعماقه الاخروية
ألعلاقة بين الثيؤلوجيا والايكونوميا عند الاباء الاقباط
فالاسخاتولوجيا فى العهد الجديد هو الملكوت التى المحقق فى الزمان الانى[13]وهذا التوق للذهاب الى السماء بطريقة ذاتية بعيدا عن هموم الناس وقف ضدها اباء البرية الاقباط ونذكر على سبيل المثال قصة البستان (قال الشيوخ :اذا رايت راهبا شابا يرتفع الى السماء بارادته الخاصة(هيم بيفووش بالقبطية) امسك برجليه واجذبه الى الارض لان هذا الامر غير نافع له)[14]
الاباء ادركوا خطورة طلب السماء بدون شركة المجمع وشركة الكنيسة وبركة التلمذة وفى سن الغرور والكبرياء وعالجوا الازمة بين الثيؤلوجيا والايكونوميا والاسخاتولوجيا ولقد حسمت الكنيسة القبطية خيارها منذ البدء فهى تطلب فقط السماويات والقبطى يدعى (خينيفاوى ) اى جاى من السماء وصارت الكلمة فى الحس الشعبى مرادفة للبساطة والسذاجة
وتاريخ الكنيسة حافل بالامثلة على هذا التوجه ولهذا يستغرب البعض اذا كان الرهبان فى الدير المحرق فى القرن الماضى قد انزعجوا من سلوك امين الدير القديس الانبا ابرام اسقف الفيوم حينما كان وكيلا للدير واتهموه بتبديد اموال الدير على الفقراء فالقديس يحيا فى السماء والرهبان يريدوا ان يدبروا امور الدير تدبيرا حسنا هنا على الارض انه الصراع بين الاسخاتولوجيا والايكونوميا والشئ اللافت ان تعبير (الربيتة) اى امين الدير عند الاباء الاقباط هو(الايكونوموس) فى النصوص القديمة اى الخبير بالشئون الاقتصادية
وهذا لايكفى فلابد ان يكون خبيرا ايضا بالشئون الروحانية وعلى المستوى العلمى واللاهوتى فقد انحاز ابائها للتفسير الرمزى لاسرار الكتاب المقدس واللاهوت ولم يرضوا بالانغلاق فى التفسير الحرفى للتاريخ الالهى لان الحرف يربط بفترة سابقة وثابتة من امجاد التاريخ ويخلق نوعا من الحسرة والنوستالجبا على والى امجاد الماضى العريق مما قد يهدد بقتل الطاقات (2كو 3 :6 )
وهذا الامر يشكل اليوم ازمة كبيرة فى الكنيسة اليونانية على سبيل المثال هذا التوجه الحرفى للماضى ممكن ان يقتل حيوية الحركة والابداع اللاهوتى وفتح افاق جديدة للمستقبل وذلك ادراكا من العلماء الاقباط ان التفسير الرمزى يعطى الفرصة لاخذ رموز من كل عصر وكل حضارة لشرح اللاهوت لان اللاهوت ثابت ولكن تدبير اللفظ والرمز يأخذ معناه من كل عصر الى جانب حرية الحركة الروحية والذهنية فى التعامل مع النصوص[15].
والمثال الاخر على الاهتمام القبطى بالروحيات وبالسماويات وبالثيؤلوجيا اكثر من الاستوريا(التاريخ) هو نص صلاة المجمع فى القداس الباسيلى فيلاحظ الباحث ان واضع نص المجمع لا يشغله الترتيب التاريخى لاسماء الاباء لا تشغله الثيؤلوجيا فى بعدها التاريخى بل شغله الشاغل هو الثيؤلوجيا فى بعدها الأخروى وهذا ينطبق على الكثير من النصوص فالقديس باسيليوس بعد كيرلس مع انه تاريخيا قبله واثناسيوس قبل الاثنين مع انه تاريخيا معاصر يسبق كيرلس ومعاصر لباسيليوس والانبا انطونيوس بعيد جدا عن الزمن الذى عاش فقد وضعوه بعد محمع افسس 431 وقد قارب على الانتقال ولا يعرف احد ما هو الحقيقى وراء عدم الدقة التاريخية فى النص…
ولكننا نعى الدافع الروحى وراء النص وهذا يحتاج الى اختصاصيين يتصدون له بروح ليتورجية علمية ولم يتسأل يوما قبطى جاهل او متعلم عن السبب وربما لو تجرا احد واقترح تعديل الاسماء فى نص المجمع لتصير مفهومة للمصلى الذى يمتلك الحس التاريخى ربما يوافق علماء واباء الكنيسة ولكن الشعب الذى ظل سنينا يربط مصيره وصلاته وتعزيته
وربما حياته بهذا النص وبهذا اللحن الجميل للمجمع الذى يعطى فرصة هدوء وتأمل كبيرين فى الكنيسة بعد رحلة الليتورجيا ويهئى الكنيسة للشركة مع القديسين وبهذا الشكل سيجد الشعب صعوبة كبيرة فى الـتأقلم مع الدقة التاريخية للروحيات ولقد اوصى قداسة البابا بحس ابائى كبير بمراجعة السنكسار وتنقيته مما يخالف التاريخ والواقع وكذلك اوصى بالدراسة النقدية لقوانبن ابن العسال وتنقيتها [16]
ولا يستبعد الكثير من الباحثين فى الشأن القبطى ان يكون هذا الخوف من التعاطى مع النصوص بحس علمى وتاريخى ونقدى بالمعنى العلمى النزيه للنقد وليس النقم النفسانى وحسب المعايير التى اسسها الاباء واخرجها فى ثوب معاصر علماء اللاهوت اليوم واود ان اوجه رجاء حار الى الدارسين والباحثين ان يضعوا جامبا اى هموم شخصية وانين جانبا وان يبحثوا الامور بشكل علمى يليق بكرامة المسيح والا يظهر فى كتاباتهم اى مرارة [17] نقول احد اسباب عدم التعامل مع النصوص بدالة
روحية وعلمية هو الجو الاسلامى الذى يؤمن بالتنزيل ونزاهة النصوص عن كل فحص ولا يسأل التاريخ عن ايمانه ونصوصه ويحتقر كل ما هو انسانى ولا نلوم القبطى العادى وحتى الباحث القبطى لان الوعى بقيمة النصوص فى التاريخ الكنسى والتاريخ بشكل عام هو فى الغرب نفسه [18]
علم حديث يعود الى عصر النهضة ونحتاج الى جهاد كبير ليتم الصلح فى الشرق الاوسط بين التاريخ واللاهوت وبين النص والفكر والواقع وبين اللاهوت والرموز التدبيرية وبين عمل الروح ودور الانسان والسبب ان الكنيسة فى نصوصها تطلب روحا ولا تبتغى شئ من هذا العالم المحيط بها ولا معاييره التى لم يصبها منها سوى الاذى والاضطهاد والاتهامات بالتزوير والتحريف التى تحرج شعبنا كل يوم ولا يستطيع الرد ولا الاحتجاج فيفضل الانكفاء والاكتفاء بالنصوص يحفظها ويخاف عليها وهذا امر طبيعى فى اجواء تهدد الوجود فى كل صباح
ولم ترفع هذه المعايير شان احد بل مازلت تكبل الانسان الشرقى وتمنعه من التقدم ولكن ومع تغير علامات الزمان وظهور جيل جديد من الاباء والاقباط يملكون ناصية العلوم وانتشار الكنيسة فى المهجر والاسئلة الجديدة التى يطرحها اليوم الشباب القبطى والنهضة العلمية فى علوم الاباء على يد علماء مركز دراسات الاباء سوف يؤدى الى التوبة العلمية و اعادة اكتشاف العمق اللاهوتى للنصوص والعمق اللاهوتى للتاريخ والعمق التاريخى للاهوت والنصوص القبطية والتراث القبطى فيه من الغنى الكفيل بتقديم التوازن العلمى واللاهوتى بين اللاهوت كرؤية واللاهوت كعلم والايكونوميا كتاريخ حى والاسخاتولوجيا كواقع يعيشه الناس البسطاء فى كل يوم وهنا سنصل الى لاهوت راسه فى السماوات بس بيمشى على الارض كسيده حسب تعبير عالم لاهوت امريكى Feet on Earth Theology
كنيسة كورنثوس والصراع بين اهل المواهب
قضية العلاقة بين المواهب والتدبير فى اجلى صورها فى كنيسة الله التى فى مدينة كورنثوس والتى تبعد ساعة بالسيارة عن العاصمة اليونانية أثينا والقضية هنا لا تتعلق بارامل يطلبن الخبز ولا بعائلة تختلس مالا خوفا من المستقبل بل بكبار(أستغنوا فى كل شئ قى المسيح فى كل كلمة وكل علم حتى انهم ليسوا ناقصون فى موهبة (خاريسما) وهم متوقعون استعلان يسوع المسيح) اكو 1-4 ولكن (بينهم انشقاقات وخصومات) اكو1 -10
وخطورة خصومات الكبار كرس لها الوحى الالهى كما كبيرا من الابات نحن امام قامات روحانية عالية فبدلا من ان تتحول المواهب الى شركة فى العمل الالهى وظفها البعض فى خدمة( الاوجاع)- والكلمة من بستان الرهبان- الحزبية واضطر بولس الى الرجوع الى الاساس الخرستولوجى للازمة(هل انقسم المسيح)1كو1-13
وذكرهم باصولهم الاولى ودعوتهم وبأن الطموحات النفسانية تقتل اكبر المواهب وهم يقدسون معا ولا ينجحوا فى دفن خصوماتهم تحت المذبح مع عظام القديسين والعلماء بل يحتفظوا لها ويجدوا لها المبررات فواحد يقول انا لبولس ويرد عليه الاخر فى لحن الخصام امين وانا لابولس وهنا الشقاق والخصومات
ويتحول لاهوت المواهب الى لاهوت الاهواء وتصفية الحسابات وحذرهم من خطر مرض أخر وهو الحكمة حسب الجسد وكلام الحكمة ويقصد التشبه بالسوفوسطائيين اليونانيين الذين يقدرون ان يقولوا النور ظلاما وللظلام نور ولقد كانت هناك من الفلاسفة وظيفتهم هى الكلام وتبرير المواقف وهم ينطبق عليهم قول ولوم و شكوى اشعياء النبى(اش 5 :18-23 ) لان الكثيرين قى كورنثوس حملوا معهم ذكاء العالم الى داخل الخدمة ولم يعمدوا هذه الطاقات فى روح التوبة (اكو2 13
اللاهوت (التدخلات الالهية بالمعجزات والتدبير البشرى بالصلاة وتشغيل العقل) فى حياة الكنيسة الاولى:
فى الحديث عن الثيؤلوجيا والايكونوميا يبرز أمامنا امامنا امران فى غاية الاهمية فى فهم واختبار وتفسير عمل الله فى التاريخ فالثيؤلوجيا تظهر فى تدخلات الله فى التاريخ بالايات والعلامات والمعجزات والانسان يستدعى هذا الندخل بالصلاة والتفكير ولتقدم مثلا
οΑνθρώπος
من حياة المسيحيين الاوائل ففى الاصحاح الثانى عشر من سفر الاعمال نقرأ عن الحادث الشهير الذى حدث وهو القبض على بطرس فبعد ان قتل هيرودس يعقوب أخا الرب بالسيف ولما راى ان ذلك يرضى اليهود القوى الدينية السائدة يومها اتفحت نفسه على قتل باقى الرسل فوضع بطرس فى السجن وهنا (واما الكنيسة فكانت تثير منها صلاة بلجاجة الى الله من اجله)اع 12 :5
وبعد هذه اللجاجة التى نسميها (التدبير البشرى ) جاء التدخل الالهى ألثيؤلوجيا فى التاريخ وفى الاحداث لان موت بطرس احد هامات الرسل وبعد قتل يعقوب كان كفيلا بأن يصيب الكنيسة الناشئة بالاحباط الكبير فكان لابد من التدخل الالهى بدون ان يحول هذا التدخل المؤمنين الى متواكلين وهذا الامر يحتاج الى تدقيق كبير لفهم اليات عمل اللاهوت ودور الانسان اى الانثروبولوجيا فى تحقيق اعلانات الثيؤلوجيا وهو موضوع يشغل الفكر الدينى اليوم فالتدخل اللاهوتى جاء فى الشكل الاتى:
(واذ ملاك الرب أقبل ونور اضاء فى البيت فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلا قم عاجلا قسقطت السلستان من يديه وقال له الملاك تمنطق والبس نعليك ففعل هكذا فقال له البس رداءك وأتبعنى فخرج يتبعه وكان (بطرس ) لا يعلم ان الذى جرى بواسطة الملاك هو حقيقى بل يظن انه ينظر رؤيا فجازا المحرس الاول والثانى وأتيا الى الباب الحديد الذى يؤدى الى المدينة فانفتح لهما من ذاته فخرجا وتقدما زقاقا واحدا وللوقت فارقه الملاك فقال بطرس وهو قد رجع الى نفسه الان علمت يقينا ان الرب ارسل ملاكا وأنقذنى من هيرودس ومن كل انتظار اليهود (اع 12: 6-12)
نترك تفسيرهذا النص الرائع لعلماءاللغة اليونانية والقبطية للعهد الجديد ولكن جل اهتمامنا هو امرين الامر الاول هو التدخل المعجزى الخارق لقوانين الطبيعة ونواميس التاريخ اى الثيؤلوجبا والثانى الرد الفعل البشرى فى وسط الكنيسة اى الاكليسيولوجيا وعلى مستوى الخدام فالله قرر ان يتدخل بعد الصلاة بلجاجة والامر الثانى ان الملاك اى السماء قادت الموقف وسط ذهول بطرس الى ان جأ به الملاك الى باب السجن وتقدم به حارة واحدة وتركه وهنا نقف لنتأمل كما سبق واشرنا فى ان بطرس بعد ان عاش هذا الحدث الميافيزيقى اى الفوق الطبيعى عاد الى الوضع الفيزيقى اى الى الوضع الطبيعى وارض الواقع (وهو قد رحع الى نفسهγενόμενος έν έαυτώ)
اى انه (صار هو ذاته ) بمعنى ان التدخلات الاعجازية من الله فى التاريخ ليس هدفها ان تقف عجلة الاحداث ولا ان ينتظر التاريخ اوامر من احد بل ان يصير التاريخ كما بطرس هو نفسه بدون تزييف ولا غيبوبة بل يصير هو نفسه اى يسترد الوعى بالذات ويصير العمق التاريخى هو هو المرجو من الاعلان الالهى فى الاخرويات اى كمال التاريخ والامر الثانى
والاهم ان المبادرات الالهية تتوقف طوعا لتعطى الفرصة والمساحة لحرية الانسان العاقلة وعقلانيته الحرة ليدبر راسه كما يقول الشوام فالملاك قاد بطرس الى زقاق واحد وتركه لانه بكل بساطة بطرس ها يعرف يروح لوحده وبالطريقة التى سيختارها لان البلد بلده فالله لا يغربنا عن واقعنا والتدخل الالهى لا يلغى عقل الانسان والتوبة ليست هى لون من الوان فقدان الذاكرة التاريخية والتفرغ لطرح الاسئلة التافهة
واذا كنا نؤمن ان كل حرف وكلمة فى الكتاب المقدس لها معنى ومغزى فان للكلمات هنا وزنها فالملاك تركه ليعى ذاته ويستثمر المعجزة فى الكرازة وليعطيه الفرصة ليبدع فى اخراج المعجزة من خلال شخصيته لاخوته فى الكنيسة فى بيت مريم ام يوحنا(اع12 :12 )
ولان الملاك تصرف -اذا جاز التعبير بلباقة الهية- فلو جاء مع بطرس الى البيت لفقد بطرس دوره ولانشغل الجميع باستقبال الملاك وتركوا بطرس وهذا كان سيؤدى الى ضياع مفعول التدخل الالهى وتهميش الدور الانسانى او سحق الدور الانسانى امام الانبهار والتصفيق لله الصانع العجائب لتحولت تدخلات الثيؤلوجيا فى التاريخ الى نوع من انواع الديكتاتورية القاهرة للطاقات ولتحولت الايكونوميا من مواهب وتعددية وتنوع جميل فى الوحدة على مثال الثالوث إلى نوع من الترديد الالى لكلام نظرى لا مردود له على الارض ولغلبت روح الفردية والتواكلية على مثال الشعب اللى قال البركة فى موسى يصلى ويصوم اربعين بوم ونحن نأكل ونشرب ثم نقوم للعب(خر32 :6).
التى لا تتفق مع الايمان الثالوثى القدوس والشركة ودور الشعب فى الكنيسة ولا معنى لصلاة الكنيسة ( أشترك فى العمل مع عبيدك فى كل عمل صالح )[19]
وهذا ضد لاهوت التجسد فالله تدخل والكنيسة تعيش وتذوق وتختبر و تكتب تاريخ التدخلات والله يتكلم والكنيسة تكتب مسوقة من الروح القدس بلغتها وفى ظروفها وزمانها وهى دائما تعى ذاتها ورسالتها كما بطرس والله فى التدبير بالنعمة والكنيسة فى التفكير بالمواهب وهذا التوجه فتح امام الكنيسة فى العصر الرسولى افاقا كبيرة فى البشارة والتفاعل مع حضارات وثقافات الارض(اع 2 و17)
وادى الى توظيف كل الطاقات واكتشاف كل المواهب من خدمة الموائد الى اقامة الموتى وشفاء المرضى(اع5 :12 ) وقبول التوبات ومسح دموع الحزانى وتبكيت التجار بالتقوى والسيمونية (اع 9 :20 ) والحوارات الفكرية العالية التقنية مع اعتى حضارات الارض اليونانية(اع17 ) بفلاسفتها والعبرانية بانبيأها(اع 2 ) ومصر بمعابدها وحكمائها(اع7: 22.
العلاقة بين الكنيسة المواهب والكنيسة المؤسسة
الكنيسة التى رايناها فى سفر الاعمال هى صورة الكنيسة الناشئة والتى اسسها وادار شئونها الروح القدس ولقد وردت كلمة (ابنيفما) اى الروح سبعين مرة فى السفر اى خمس العدد الكلى للكلمة فى كل العهد الجديد.[20] الروح هو الكل فى الكل وكل الامور الاداربة التى حدثت فى تلك القترة ودونها سفر الاعمال هى ادارة بالروح فمن يوم الخمسين(اع2 )الى استئجار بولس لبيت فى روما كمركز للكرازة(اع28 :30)
يسير العمل بالروح حتى فى ادق تفاصيله اليومية والتدبيرية والادارية كما سبق وراينا. فالمواهب الروحية هى لبنيان شعب الله سواء صلى فى بيوت او فى قاعات او فى كاتدرائيات ومن اهم ملامح هذا الانسجام بين الثيؤلوجيا والايكونوميا هو بداية ظهور ما يعرف اليوم فى اللاهوت المعاصر بظاهرة (التثاقف) اى ربط الظواهر الفوق
inculturation
الطبيعية بجذورها الطبيعة على مثال شخص المسيح الذى ارتبط فيه اللاهوت بالناسوت فنحن عرفنا الميتاقيزيقى فى ابنه بالطبيعة بالفيزيقى فهو ابن الله وابن السماء وهو ابن يوسف ومريم وابن الناصرة بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير اى ان الخرستولوجيا هى اساس الوفاق العملى بين الثيؤلوجيا والايكونوميا وهذا يتم فى الاكلسيولوجيا بمعناها الابائى الشامل ومن هنا تأخذ ظاهرة التثاقف معناها الانسانى ولقد كان الاباء سباقون فالقديس اثناسيوس القبطى اخذ اجمل فى الثقافة اليونانية وسطر اروع الكتابات عن تجسد الكلمة.[21]
ولنأخذ مثلا يخص بلادنا مصر من سفر الاعمال فحينما يقوا عن موسى النبى (انه تهذب بكل حكمة المصريين )اع 7 :لا يستطيع اللاهوتى الذى يخدم سر تجسد الكلمة فى تاريخ الناس وحضارات العالم الا ان يسأل عن ما هى هذه الحكمة ومكوناتها ومدلولاتها وهذا معناه البحث الشاق فى التاريخ المصرىالقديم فهل يعقل ان يلم اللاهوتى اليونانى بفكر اسلافه واللاهوتى القبطى لا يلم بحكمة المصريين التى شكلت شخصية موسى النبى[22]
ولا يعرف بلده التى ورد اسمها مائتان مرة فى اسفار موسى الخمس وامام الباحث القبطى الذى اتقن لغة افلاطون جهاد ليقنى لغة ابائه القبطية والفارق كبيرفى المعانى والدلالات وهذا يتطلب البحث الدؤؤب عن دور ثقافات الشعوب فى التدبير الالهى وكبف يتم تحويل تراثات الناس بالروح الى تاريخ عمل اللاهوت وهنا يصير العمل اللاهوتى ابداعا حضاريا فى كل العصور وليس ترفا فكريا فى عصر ما وياتى الدور الابائى ليزيد العمل جمالا وتقنية فيرجع الباحث الى حديث باسيليوس الى الشباب فى كيفية الاستفادة من ثقافة الشعوب الوثنية لفهم المسيحية ونعرج على (حياة موسى )[23] لاغريغوريوس النيسى والذى تكلم عن دور (كنوز مصر) فى التدبير الالهى لخروج شعب الله من ارض العبودية وهكذا يتم تحويل روحانيات الايات الى مشروع حضارى ومادة للكرازة.
اسئلة الناس لم تتوقف على العصر الكتابى وايام الاباء بل استمرت الى اليوم والكنيسة لم تتوان عن الجهاد اللاهوتى لتحويل العمق اللاهوتى الى مشروع تدبيرى لخدمة البشرية ولهذا يتمسك الباحثون اليوم بضرورة دراسة كتابات اباء الكنيسة لاكتشاف اليات هذا العمل الرعوى الضخم وحتى لا نتناول قضايا لها تاريخ طويل فى البحث بسطحية مؤذية لجمال الكنيسة وتاريخها اللاهوتى العريق
واوضح مثال لهذا التحول من الثيؤلوجيا الى الايكونوميا هو تاريخ المجامع والمعاناة التى عاشها العلماء والاباء فلو ان الامور كانت بالبساطة التى يراها البعض لتسويق مسيحية رخيصة وحسب تعبيرهم بسيطة بعيدا عن تعقيدات اللاهوتيين لما كان هناك حاجة الى دراسة تاريخ الكنيسة تاريخ المجامع وتاريخ العقيدة وتاريخ كتابة الاسفار المقدسة الموحى بها نفسها ونمو الكنيسة عبر العصور وسير القديسين واقوالهم ولا حاجة لدراسة اللغات الاصلية للاسفار المقدسة وندخل فى متاهات الترجمات ولا حاجة الى اكليريكيات والى مراكز بحوث وهنا التنكر لتعب الاباء الذين قالوا(اعطى دما تأخذ روحا) .[24]
ألاباء الرسوليون تمسكوا بالنفحات الروحية الاولى ولكن دبروا الامور بشكل كنسى اكليسيولوجى فالانقسامات فى كنيسة كورنثوس لم تنتهى مما ادى الى ان يكتب الى الكورنثيين مرة اخرى القديس اكليمنضس الرومانى وذهب اغناطيوس الانطاكى الى السر اللاهوتى للوحدة ودبره تدبيرا اكليسويولوجيا حسنا ودعا المسيحيين الى الالتفاف حول الاسقف والكهنة والدياكونيين فى الافخارستيا حينما قال (على الجميع ان يحترموا الشمامسة(الدياكونيين) كالمسيح يسوع والاسقف كصورة الاب والكهنة كمجلس الله ومصاف الرسل بدون هولاء لا توجد كنيسة).[25]
واعطى المصالحة الواقعية بين المواهب والتدبير وهو قد اعطى تفسيرا عمليا للرسائل الرعوية وهنا وفى نهاية القرن الثانى استقرت الكنيسة وتمت المصالحة بين الثيؤلوجيا والخرستولوجيا والايكونوميا من خلال الافخارستيا والاكليروسية والشعب العابد بالروح والحق.[26]
عند الاباء اللاهوت المتحول تدبيرا لاهوتيا لا هدف له الا خلاص العالم وحياة افضل للناس فالكنيسة هى (الصوت الصارخ )فى برية هذا العالم فالكنيسة لم تكن ولن تكون (أفيون الشعوب)كما اتهمها الملحد الكبير كارل ماركس ولا هى قبر المسيح بدون قامة كما نعتها الفيلسوف نيتشة بل الكنيسة هى (الخمر الجيد) فى عرس هذا العالم(يو 2)
فالكنيسة هى مواهب اللاهوت التى منحها الله للعالم والعالم هو مجال استنطاق واستنفار المواهب وهكذا تتجدد رسالة الكنيسة ولا ىنقول تجديد الكنيسة كما يقول البعض لان الكنيسة جديدة بعريسها فالكنيسة تجدد الاياتها وسط ظروف جديدة فالكنيسة الاولى لم تعرف الكثير من قضايا اليوم مثل مشكلات الطاقة والتلوث الكونى والانظمة الجديدة وحقوق المراة ولم تعرف الاسلام كظاهرة دينية وثقافية باتت ذات مردودات كونية[27]
وغيرها من الامور وهنا نسمع صوت النبوة (ليس احد يجعل خمرا جديدا فى زقاق عتيق لئلا تشق الخمر الجديدة الزقاق فالخمر تنصب والزقاق تتلف بل يجعلون خمرا جيدا قى زقاق جديدة)مر2 : 22
وهكذا وان كنا نرى انه لاسباب تاريخية وواقعية اختفت موهبة التكلم بالالسنة وهذا بحث اخر ليس مجاله الان الا ان الكنيسة سوف تتكلم وبالروح[28] وبالمواهب فى معناها اللاهوتى والابائى بلغات والسنة كل مجتمع وكل حضارة فى العالم المعاصرولهذا ورغم تمسكنا بدراسة اللغات الاصلية الا اننا نترجم كتبنا وتراثنا الى كل لغات الارض الحية. وفى النهاية ليس هناك طريق لاقتناء المواهب اللاهوتية الا الطريق الذى فتحه لنا رب المواهب يسوع الحبيب وهو الحب والزمان هو زمان الحب على حد قول النبى حزقيال(37 )
فالحب وما يتبعه من ثقة ودالة وأمان روحى وعلمى ومادى هو الاساس الراسخ لانطلاق المواهب وما تزال الحاجة ماسة الى سماع صرخة رسول الامم القائل :(فأنكم انما دعيتم للحرية غير انه لا تصيروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا لان الناموس فى كلمة واحدة يكمل تحب قريبك كنفسك فاذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعض فانظروا لئلا تفنوا بعضكم بعضا)غلا 5: 13 -15 ولقد اوصى الرسول ( أتبعوا المحبة ولكن جدوا للمواهب الروحية لا لحساب الذات بل لبنيان الكنيسة)1كو14 :1
[1] جات هذه العبارة فى اول لقاء بين بيت القدبس اتطونيوس والقديس مكاريوس فى البرية والكلمة القيطية (شوم) تعنى القوة الروحانية انظر المرجع الهام للعالم Chaine Le manuscrit de la version copte des Apophtegmata Patrum ,Le Caire,1960 ;p.90.
[2] انظر (نفحة الروح بعد القيامة) للقديس كيرلس الكبير قى الكتاب الشهرى اصدار بيت التكريس لخدمة الكرازة مايو 2008 ص6
[3] من اجل المزبح حول اراء العالم هارناك والرد عليه انظر المرجع الواردد فى رقم 4
[4] Guy Bonneau, Prophétisme et Institution dans le Christianisme primitif, Médiaspaul ,Paris,1998 pp. 7-19.
[5] للمزيد من التفاصيل حول هذا المضوع راجع Bertilink, Les Rapports entre le Monachisme Egyptien et l’Episcopat d’Alexandrie ,dans ,Melanges C. Mondésert ,Paris,1987 . وعن اللقاء بين الرهبان اباء البرية والبطريرك انظر Proche Orient Chrétien, 1998
[6] انظر الكتاب الهام للعالم الارثوذكسى الروسى الكسندر شميمان For the Life of the World
[7] J,N, Newan,,Essays Critical and Historical ,Londonm! Vol. p.232.
[8] من اجل المعنى اللاهوتى واللغوى ومكانة التعبير فى العهد الجديد وعند الاباء انظر William F,Arndt,Greek-English Lexicon of the New Testament and Other Early Christian Literature , p,885
[9] اتظر كتاب (هذا العلم لا يكفى) دار النهار للنشر بيروت 2006
[10] انظر القاموس العهد الجديد ص 885
[11] للمزيد من المعلومات حول الاسبرماتيكوس لوغوس عتد الاباء انظر المعجم الابائى لامبى ص 1248 -1249
[12] عن دور حكمة مصر فى العهد القديم والكنسة الاولى اتظر المرجع الهام الصادر فى باريس Ce que la Bible doit à l’Egypte ,Bayard ,Paris,,2008.
[13] ليت احد الباحثين يثدم لنا دراسة عن تعيبر(الان) فى انجيل القديس يوحنا ومدلولاته اللاهوتية والروحية ر
[14] انظر M .Chaine, Le manuscrit de la Version Copte des Apophtegmata Patrum ,Le Caire,1960 ,p .93.
[15] عن علاقة اللاهوت بالرمز من خلا كتابات القديس كيرلس الاسكندرى
انظر المؤلف الهام الذى كتبه عالم اللاهوت الابائى كوستانتينوس بابابتروس باليونان وهومن اللاهوتىيين القلائل الذىن تعاملوا مع القدبس كبرلس ولاهوته بموضوعية وبعيدا عن عقد الماضىΗ Ουσία της Θεολογίας , Αθηνα σελ 65 -165
[16] الكرازة الحمعة 25 ابريل2008 ص16
[17] هذه المرارة حذر منها السول بولس كنيسة العبرانيين 12 :15
[18]والتى يقودها الارشدياكون د ميخائبل مكس اسكندر وتنشرها مكتبة المحبة واخرها تاريخ الكنيسة القبطية الارثوذكسية تاليف ثيؤدور هول باتريك 2005 ولكن تعليقات الدكتور ماكس فى الهوامش تحتاج الى توثيق اكثر لابراز موقف الاهوتى القبطى وليس مجرد الشجب او الاستهجان يجب ان نحيى هذه المبادرة الرائعة لاصدار كتب علمبة وتاريخية و موثقة
[19] راجع أوشية المسافرين فى الخولاجى المقدس اضدار دير الباموس العامر دار نوبار للطيع 2002 ص 54
[20] R.E.Brown ,Diverses Viewes of the Spirit in the New Testament,Worship 57, 1983
[21] انظر الترجمة الرائعة التى قام بها الدكتور جوزبف موريس فلتس تجسد الكلمة اصدار المركز الارثوذكسى للدرلسلت الابائية القاهرة 2002
[22] بدا علماء المصريات والاباء الاهتمام بشخصية موسى النبى اهتماما كبيرا فى الاونة الاخيرة وتعددت الاراء قى علاقة موسى يمص انظر الدراسة الهامة لعالم المصريات الالمانى <ان اسمان الذى بعتير ان موسى هو اول من ادخل اللاهوت السياسى فى التاريخ فقد رفض الالهة الاخرى التى للمصريين وسن القوانين باسم الاله الواحد وبرى ان الفارق الكبير بين التوحيد الموسيوى والتوحيد المصرى هو غياب فكرة شعب الله من التوحيد المصرى واما فى التوحيد الكتابى فالشعب حاضر والله يعد له بموسى نواميس فالصراع سراع لاهوتى وسياسى انظر Jann Assmann ,L’iconoclasme comme théologie politique ,dans ,Ce que la Bible doit à l’Egypte ,Bayard ,Paris ,2008 pp.130-136.
[23] La Vie de Moise ,Sources chrétiennes ,no 1,1950 ;
سيق للكاتب ا ن ترجم الى العربية رسلبة لبقديس بلسيليوس الى الشباب ونشرتها اسقفية الشباب عام 1995
[24] انظر بولس بندلى مدخل الى العقيدة المسيحية منشورات النور بيروت 1982
[25] الرسالة الى اهل افسس(الاباء الرسوليون) ص 120 قد يستغرب القارئ ان اغناطيوس يضع الشماس قبل الاسقف فالشماس فى الكنيسة الاولى هو الدياكوت المشرطن والذى يقوم بمعاونة الاسقف وهى مكانة كبيرة ويرى بعض الباحثون ان وجود رتبة الشماس الانجيلى ممكن ان تحل الكثير من المشاكل التى تحدث بين اللجان والاكليروس وتنظيم العمل الكنسى وتشكيل الوسيط بين الاسقف والشعب ختى يكون للاسقف او الكاهن مصدر امبن للمعلومات ولقد كتب الدكتور مبنا بديع عبد الملك عن الدياكون ومكانته فى الخدمة فى الكرازة 25 ابريل 2008 ص 11
[26] للمزيد من التفاصيل انظر الاباء الرسوليون الصادر فى بيروت –منشورات النور 1982
[27] انظر المرأة فى الكنيسة والمجتمع فى الشرق الاوسط اصدار مجلس كنائس الشرق الاوسط بيروت 1979
[28] انظر الروح القدس للقديس لثناسيوس –اصدار مركز دراسات الاباء القاهرة 1994