حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية فى المسيحية
حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية فى المسيحية
المجتمع خلية متعاقدة الحبات , متداخلة بعضها بالبعض الاخر , لكل جزء وظيفة تبنى وتتضافر مع الأخرى للبنيان الكلى … لذلك , فلا فرق بين الرجل والمرأة فى الكتاب المقدس [1].
أ – النظرة المسيحية حول تقسيم أدوار بين الجنسين .
فى المجتمع المسيحى , اعيد ترتيب القيم اليهودية حسب حقائق جديدة , وتحطمت كل الحواجز الطبيعية والاجتماعية …. فقد وافق الرسول بولس على هذه الحقائق الجديدة , كما أنه حيا النساء العاملات فى الكنائس واوصى عليهن ( فيليبى 20 : 2-4 , رومية 16 , ا كورنثوس 16 : 19 ) . وفى كل هذه الفقرات لا يوجد ما يشير الى أن المرأة أدنى مكانة من الرجل[2] , والمبادىء اللاهوتية فى هذا الخصوص التى يبنى عليها الرسول بولس تعاليم المسيحية موجودة فى ( 1 كورنثوس 11 : 11 – 12 ) “غير أن الرجل ليس من دون المرأة، ولا المرأة من دون الرجل في الرب . لأنه كما أن المرأة هي من الرجل، هكذا الرجل أيضا هو بالمرأة. ولكن جميع الأشياء هي من الله ” .
والنموذج لذلك هو نظام الخليقة ونظام الغذاء[3] . لقد خلق الله الذكر وأنثى معا , بتكامل وتوافق خطته الالهية للبشر …. وهنا يمكن أن نرى خطة الله لدور الاسرة , الذى هو الغرض من الحياة الاجتماعية فى الخليقة … فارجل والمراة كاسرة هما الوحدة الاساسية للمجتمع المتحضر[4] . وبالدخول فى القرن الاول , نلاحظ انه كانت للنساء فى المجتمعات المسيحية الاولى حرية , اذ كن يجتمعن مع الرجال فى الاجتماعات العامة بالكنيسة يصلين ويتنبأن , وقد تجاوزت مشاركتهن حدود الادوار التى كانت لنساء العالم الهيلينى انذاك [5].
واذا ما انتقلنا الى القديسين توما الاكوينى ويوحنا الذهبى الفم , فاننا نجد الأول يعترف بأن اتحاد الرجل بالمرأة يتجاوز مهمة الانجاب ; وهو يشير الى تعاون الزوجين فى الحياة المنزلية , وان كان يؤكد اولوية الاب الذى يستحق الحب أكثر من الأم [6] . وكلمة حق يجب أن تقال ,انصافا للأكوينى : فقد كان يرفض خضوع المرأة للرجل : ” يجب الا تعتبر المراة , وكأن مصيرها أن تكون خاضعة بأذلال للرجل “[7] .
أما يوحنا الذهبى الفم فيقول : ” المألوف أن تبقى المرأة فى المنزل , فى حين ينصرف الرجل الى الشؤون المدنية . أما فى الصراعات المختلفة والمحن التى يجب احتمالها من أجل الكنيسة , فالمراة أكثر شجاعة من الرجل ” [8] . هذه الاراء مجتمعة يلخصها القديس مكسيموس المعترف بقوله : ” المساواة بين الرجل والمرأة حاصلة فى المسيح . المحبة عند هذا الأب تجمع ما كان منقسما , تساوى ما كان عدم مساواة .
ليس عند المسيح من هو فوق بالطبيعة , ومن هو ادنى بالطبيعة . لقد فعل المسيح وحدة الانسان , اذ رفع بقوة الروح , أى بقوة الروح القدس , وبصورة سرية الفرق بين الجنسين , وجعل طبيعتهما حرة من كل سيطرة الأهواء[9] . أما فى اطار عصرنا , الذى بدات فيه فكرة مساواة الرجل بالمرأة , فى القيمة والمكانة , والتى بدأت تشق طريقها فى البنى والممارسات الاجتماعية , بفعل عوامل ليس اقلها تلك الخميرة الأنجيلية الفاعلة فى صميم الحضارة عبر الاجيال رغم كل المفارقات , أرى أنه يمكننا فى اطار هذا العصر أن نردد أقوال بولس الرسول : ” اثبتوا اذا فى الحرية التى قد حررنا المسيح بها ” ( غلاطية 5 : 1 ) .
ب – موقف الكنيسة المسيحية من البغاء
كانت المسيحية تبشر بالخلاص من الخطيئة بالايمان بالسيد المسيح , وهناك من النساء اللواتى كن خاطئات وغير مقبولات فى المجتمع قبلن الرب يسوع وعرفن بالحياة الجديدة , فهل تقبلهن الكنيسة ؟ فهؤلاءالمسيحيون من اصل يهودى الذين ما زالوا يتمسكون بوصايا الناموس , هل يمكنهم مخالطة مثل هؤلاء , والانضمام فى كنيسة واحدة معهن ؟ وما كان رسل السيد المسيح – ازاء ذلك – الا أن يتذكروا قصة المرأة الخاطئة التى جاءت الى بيت سمعان الفريسى , ودهنت رجلى السيد بالطيب , ومسحتهما بشعر رأسها , ودافع الرب يسوع عنها وعن أعمالها ازاء الانتقاد المر الذى وجه اليها واليه . وعلى هذا الاساس حلت هذه القضية وقبلت نساء كثيرات جئن من هذه الطبقات فى كنيسة المسيح ( لوقا 7 : 36 – 50 ) [10] .
وبانتقالنا الى القرنين الثانى عشر والثالث عشر , فان الكنيسة , كما ورد عند مونييك بييتر , لم تكن تعتبر عاهرات ( نساء ساقطات ) بل ( نعاجا ضالة ) . وقد سمحت لهن بانشاء رابطة مهنية مع كل الامتيازات المتعلقة بها . وقد وعد البابا أينوشنسيوس الثالث فى براءة بابوية العام 1198 بغفران خطايا الرجال الذين يقدمون على الزواج من بنات الهوى …. وخلال خمسين سنة , تأسست ثلاث رهبانيات هدفها تامين مأوى للعاهرات [11] .
أما فى القرن السابع عشر , تتابع بييتر , فقد فتح الملك هنرى الرابع , للعاهرات والنساء المشبوهات وغيرهن , ورشات عمل عرفت ( بورشات الاحسان ) وكانت النسوة يقمن فيها بأعمال الغزل والنسيج وصنع الأزرار [12] . ” ان من رد خاطئا من ضلال طريقه , يخلص نفسا من الموت , ويستر كثرة من الخطايا ” ( يعقوب 5 : 20 ) .
هذا هو شعار المسيحية , هذه هى نظرتها الى البغاء , وهذا هو اسلوبها فى التعاطى مع هذه الافة الاجتماعية التى حمل رأس الكنيسة الكاثوليكية مسؤوليتها الى الرجل بصورة ضمنية والمجتمع المتحضر بصورة علنية فى قوله : ” اننا فيما ننعم النظر فى ظاهرة من أدق ظواهر وضع النساء فى العالم , لا يمكننا أن نذكر بالتاريخ الطويل المذيل للاساءات التى كانت ترتكب , غالبا فى ( الدهاليز ) وبحق النساء فى موضع الحياة الجنسية .
ولا يمكننا عشية الالف الثالث أن نظل لا مبالين بهذه الظاهرة , ةلا أن نرضى فى النهاية بها . لقد ان لنا أن نشجب بقوة مختلف أشكال العنف الجنسى الذى تتعرض له فى الغالب المرأة , ونحرك الادوات الشرعية المناسبة للدفاع عنها . اننا بداعى احترام الشخص البشرى لا يسعنا الا ان نندد بثقافة واسعة الانتشار دأبها اللذة والمتاجرة , واستغلال الجنس المنظم , ودفع الفتيات منذ نعومة اظفارهن الى الوقوع فى معاثر الفساد وتحويل أجسادهن الى سلعة “[13] .موقف قداسة البابا شنودة هذا يذكر بما ورد فى ( 1 كورنثوس 3 : 16 – 17 ) .
ج – الكنائس المسيحية وتعليم المرأة
قد لا نكون بحاجة للتذكير بأن السيد المسيح كان أول من دعا الى تعليم المرأة والى مكافحة الامية , وكان أول من امتدح اقبالها على العلم والمعرفة وشجعها على حمل رسالة البشارة , وحسبنا أن نقرأ بهذا الصدد , ما ورد عند الذهبى الفم فى العظة 30 على رسالة رومية حيث يقول : ” ان المرأة ليست ممنوعة من التعليم , لأن بريسكلا هى التى علمت أبولس الايمان ” . ثم يعود الذهبى الفم فى العظة 40 : 1 , الى الرسالة ذاتها ليقول : ” المرأة لها حق التعليم تماما مثل الرجل ” .
ويتحدث فى العظة 10 عن الرسالة الثانية الى تيموثاوس حيث يقول الرسول ” سلموا على بريسكلا واكويلا ” أى انه ذكر المرأة قبل زوجها , لأنها هى التى علمت أبولس ; وفى العظة 3 التى تعرف بالعنوان المشهور ) سلموا على بريسكلا واكويلا “مجلد 51 ” من مجموعة الاباء اليونانيين ) بقول ذخبى الفم : ” ليست بريسكلا واكيلا وحدها , بل نساء اخريات مثل برمسيس وميم وترفين ( رومية 16 : 6 و 12 ) أيضا هؤلاء علمن رجالا . ثم يعود الذهبى الفم الى التساؤل : لماذا اذا لا تعلم ؟ ( مجلد 51 : 191 – 192 ) [14] .
ومنذ القرن السادس , فرض نظام القديس سيزور على الراهبات أن يجدن القراءة ؛ وقد اثبتت الراهبات , قبل أن تصبح الثقافة علكانية بزمن طويل , أن النساء لسن دون الرجال مقدرة على الغرف من منهل العلم [15] . أيضا , بدأت المدارس القروية تستقبل الفتيات منذ القرن الرابع عشر فى ايطاليا , وفى القرن الخامس عشر فى بروكسل . وقد تاسست رهبانية للاهتمام خصيصا بتعليم الفتيات . انها رهبانية الاورسلوليون التى اسستها أنجيل دوميرينى فى ايطاليا فى العام 1544 , ومنها انتشرت فى فرنسا فى القرن السابع عشر [16] . فى المانيا عمد دعاة الاصلاح البوتستانتى الى فتح مدارس . وفى ستراسبورغ اعتبر الزاميا للصبيان والفتيات . وكان هذا الاجراء خطوة أولى تتخذ على طريق الزامية التعليم للفتاة [17] .
بانتقالنا الى القرن الحالى , نجد الارساليات الدينية المسيحية منتشرة فى الكثير من بقاع الارض , تضم مئات الالاف لا بل الملايين من الفتيات اللواتى يالقيت التحصيل العلمى على كل المستويات وفى سائر وفى سائر التخصصات وهن على قدم المساواة مع الذكور وجنبا الى جنب معهم فى المعهد والمدرسة والكلية . هذا بشكل عام موقف الكنائس المسيحية من تعليم الفتاة , التشجيع , التحفيز واحترام الكفاءة والمقدرة التى تتوافر لدى طالبات العلم والتحصيل من دون تمييز بينهن وبين الذكور أن من حيث المناهج أو الاختلاط أو سواهما من متطلبات علمية .
د- الكنائس المسيحية وعمل المرأة
كان الرب يسوع اول من مجد المراة وعملها اليومى , واول من من اتخذها مثلا فى العمل . انه هو الذى وصف فى أمثاله كيف تصنع المرأة الخمير فى الدقيق ( متى 13 : 33 ) . وهو الذى راى امرأة التى تهتم بالدرهم المفقود ووضع عملها تعبيرا عما يعمله الله مع الخاطىء ( لوقا 15 : 8 – 9 ) . وهو الذى وضع للمصلين مثالا عن الارملة عندما تذهب بكل اهتمام الى قاضى الظلم كى ينصفها من خصمها ( لوقا 18 : 1- 8 ) .
وهذا الامر لم يكن مالوفا لدى المعلمين اليهود , ولم يجرؤوا على ذكر النساء او عملهن او تمجيد هذا العلم فى تعليمهم , لأنهم لم يكن لديهم التفكير السامى عن المرأة وعن عملها كما كان فى فكر الرب يسوع [18] .
ولم يكن هناك اى اعتراض على المرأة فى الكنائس التى بشر فيها الرسول نفسه , عندما كانت نعمل فى حقل التبشير . وكان فى الكنائس قادة من النساء ومن الرجال . ففى ( رومية16 : 1 ) و ( فيلبى 4 : 2 -3 ) لا نجد اية اشارة تدل على ان عمل هؤلاء السيدات كان يختلف عن عمل الرجال . وكان بريسكلا واكويلا قد تعلمتا مهنة صنع الخيام , وهذه المهنة , تقول جين كارسن كانت صلة الوصل بينهما وبين الرسول بولس , الذى كان خياما ايضا . فعاشوا وعملوا معا , وعرف بزلس أنهما مساعدان مدربان تدريبا حسنا , فاختارهما بدقة كما فعل الرب بسوع ( مرقس 3 : 14 ) [19] .
كان هذا فى مهد المسيحية , اما فى القرن الرابع , فبعد ان تمت المسيحية فى الامبراطورية البيزنطية بزاسطة قسطنطين الذى اصبح مسيحيا عام 323 م . قامت المرأة المسيحية بدورها الى جانب سواء فى الاعمال الدنيوية او فى المجال الدينى . وكانت للمرأة الحرية فى العمل والمشاركة بحسب المهارات المختلفة [20] . ومن القرن الحادى عشر الى القرن الثالث عشر , فتح تطور الحياة المدينية الفرنسية افاقا رحبة أمام نشاط النراة المهنى فقد سمح لها بممارسة مهنة مستقلة .
لذلك وجدت تقايد المهن المختلفة والمراسيم الملكية فى ما بعد , ومنحت الارملة بموجبها حق وراثة زوجها مع سائر الحقوق والامتيازات المترتبة على هذه الوراثة . وحتى المهن التى كانت عادة مغلقة فى وجه المراة , ارتضت دخول الزوجات اليها [21] .
من جهة اخرى , كان العمل الحرفى يكتسب طابعا عائليا , فقد كان الحرفى يبدى حرصا شديدا على تعليم ابنائه وبناته اصول مهنته . زكانت البنات يقبلن بلا جدال او نقاش فى ورشات عمل ابائهن . فالنحات الكبير فون شتاينباك على سبيل المثال , الذى عمل فى كاتدرائية ستراسبورغ , اوث ابنته فنه , وعندما وافته المنية , اتمت ابنته عمله من بعده . فتماثيل الكنيسة والتحف الرائعة التى تزين البوابة الجنوبية هى من صتعها [22] .
وفى القرن الثالث عشر , كما ورد عند بيتر ايضا , كانت المهن المختلطة هى الاكثر شيوعا , وكانت المصانع تستخدم النساء كالرجال فى العمل . أما فى التجارة الصغيرة كتجارة الموا الغذائية , فان المراة كانت تحتل مكانة الصدارة … وقد شهدت تلك الاونة ظهور بعض نساء الاعمال من ” صيرفيات ” و ” صرافات ” و”مرابيات ” . وفى انكلترا , كانت النساء الارامل , فى معظم الاحيان . يشرفن على استثمار الصناعات المروثة عن ازواجهن .
فانتماء المرأة الى الروابط المهنية , كان يبطل عدم اهيتها القانونية [23] . هذه الامتيازات الاقتصادية عن طريق العمل التى تحققت للمرأة المسيحية فى القرون الماضية لهى دليل على الانفتاح الدينى المسيحى واستيعابه اهمية دور المرأة فى العمل ؛ هذا الدور الذى تؤديه المرأة اليوم , والذى استحق توجيه تحية من الباب يوحنا بولس الثانى ” الى المرأة الاقتصادية والثقافية والفنية والسياسة , من أجل مساهمتها التى لا بديل منها فى تطور ثقافة من شانها ان تقرن العقل بالعاطفة , وفى نظرة للحياة منفتحة ابدا على معنى ” السر, وفى انشاء بينات اقتصادية وسياسية اغنى بالانسانية [24] .
فالرجال والنساء يقول ميخائيل برس : ” وان اختلفوا فى الطبيعة الجنسية , فهم متساوون فى ما يختص بالعمل . فالعمل جزء من الجياة , زكل جنس له القدرة على اختيار مختلف ميدادين العمل وتحتمل مسؤولياتها ,سواء كانت فى محيط الاسرة أو المهن المختلفة “[25] . هذا فى ما يخص عمل المرأة بشكل عام , ولكن اين هى الضمانات المتوفرة لها اجتماعيا وصحيا وعلى صعيد أمومتها ؟
ان موضوع الضمان الاجتامعى , حدثنا عنها كتاب اعمال الرسل ” زكان لجمهور الذين امنوا , بقلب واحد ونفس واحدة . ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له , بل كان كل شىء عندهم مشتركا ….. لم يكن فيهم احد محتاجا , لأن كل الذين كانوا اصحاب خقول او بيوت كانوا يبيعونها , وياتون باثمان المبيعات عند ارجل الرسل , فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج ” ( اعمال 4 : 32 – 35 ) .
واذا ترجمنا وضعا كهذا الى ما نسعى اليه فى القرن العشلاين , نرى ان ما ادركه الرسل من ان كل من يربطنا به مصير مشترك فى المجتمع الذى نعيش فيه , وكل من نلقاه فى سعينا المهنى والشصى , قائم بحد ذاته كاخ لنا تقدس حقه فى العيش الكريم , لانه يتمتع بمسحة من القدوس ( يوحنا 2 : 20 ) , ونسعى لتقديم يد العون له اذا ما احتاج مساعدة , او لدعمه المادى والمعنوى اذا ما شاخ وكبر ( 1 تيموثاوس 5 : 1-4 ) والى ان نحترم الأمومة امل المستقبل ونبجلها .
هذه الخدمات او الضمانات الاجتماعية الخاصة بالام , باعتبارها عملية انسانية هدفها مساعدة الأمهات على تحمل اعباء الوظيفة والعمل المنزلى , اهتمت بها الكنيسة الارثوذكسية فى مصر , فاسست الكتير من دور الحضانة التابعة للكنائس , هدفها الاهتمام بالاطفال وبخاصة اطفال النساء العاملات [26] .
اما بالنسبة الى سائر احتياجات المرأة العاملة , فأن الكنائس المسيحية تطكالب بها وتستنكر عدم تحقيقها على ارض الواقع , لانها مسؤولية مجتمع بأكمله , ولا فئة معينة من طائفة معينة . وهذا الاستنكار أفصح عنه قداسة البابا يوحنا بولس الثانى فى تساؤله : ” ما عسانا نقول فى العراقيل التى مازالت فى بلدان عديدة تمنع النساء من الاندماج بتكامل فى الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ؟
يكفى ان عطية الامومة هى فى لغالب عرضة للعقوبة اكثر منها للتقدير , مع ان البشرية مدينة لها باستمرار البقاء . لا شك فى انه يبقى علينا أن نفعل الكثير لكى لا تتعرض حال المراة و الام لأى تمييز . ومن الضرورى للغاية بأن تحصل فى كل مكان على المساواة الفعلية فى الحقوق الشخصية , وثانيا على تساوى الأجور للعمل المتساوى , وحماية الأمهات اللواتى يعملن والترقية العادلة فى المهنة , وتساوى الزوجين فى تدبير العائلة , والاعتراف للنساء بكل ما هو مرتبط بحقوق المواطن وواجباته فى النظام الديمقراطى “[27] .
الكنائس المسيحية وتنمية المرأة الريفية
فى هذا المجال , نعتمد كمرجع موثوق ما ورد عند د. القس انور ذكى حنا , حول سعى الكنيسة المشيخية الانجيلية فى مصر لتنمية المرأة الريفية . بدات الكنيسة عملها فى الخدمات الاجتماعية , وفى برامج التنمية بواسطة الهيئة القبطية الانجيلية للخدمات الاجتماعية فى العام 1952 . والهيئة تعمل لأجل التنمية لزيادة الامكانيات والقدرات الداخلية للاعتماد على الذات للافراد والمجتمع .
وتلتزم الهيئة التزاما ثابتا بالعمل عل توية المؤسسات المحلية , سواء حكومية او اهلية . والهيئة ترى النساء والرجال شركاء متساويين تماما فى عملية التنمية , فهم يسهمون على قدم المساواة بالتعاون والمشاركة الكاملة فى عملية التغيير , نحو تنمية اجتماعية شاملة . اما برامجها فهى :
- برنامج محو الامية :
هذا البرنامج بلأضافى الى تقديم خدمة القراءة والكتابة , فانه يهدف ايضا الى مناقشة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والصحية والاسرية … التى تعيشها النساء , كما ان البيئة تدرب قادة متطوعين فى فصول محو الامية بين السيدات .
- برنامج الاقتصاد المنزلى :
انه برنامج سهل التطبيق والتكيف فى ظروف القرى المختلفة , وحسب اهتمامات القرويات ويقبل الاناث من سن 12 الى ستين سنة . ويتناول الربنامج : التغذية , الامومة وتربية الطفل , ادارة المنزل , التفصيل والخياطة . وقد اشركت الهيئة الاباء والازواج فى فترات تهدف الى تقديم فوائد ما تتعلمه النساء , والى تشجيع الازواج والاباء على المؤازرة ومساعدة ما تتعلمه المرأة .
- برنامج التغذية والصحة :
يهدف الى تحسين الوضع الغذائى بدرجة محسوسة للأفراد الذين يعانون سوء التغذية . وفى هذا يتم تركيز خاص على دور المرأة ومسؤوليتها فى التغذية والصحة .
- برنامج تنظيم الاسرة :
يسعى لمساعدة الاسر التى تريد اطفالا على الانجاب , وعلى ان يخططوا ويحددوا عدد الاطفال الذين يريدون انجابهم .
- برنامج التنمية الاقتصادية :
قامت الهيئة بمساعدة افقر قطاعات المجتمع , وأكثرهم حرمانا , فساعدتهم على الابتكار والتوسع فى نشاطات تعمل على زيادة الدخل , يختارةنها بانفسهم ويديرونها . وقد تضمنت استجابة الهيئة , انشاء برنامج لتدريب المهارات وتقديم المساعدة المالية والادارية لأفراد المجتمع من الرجال والسيدات الذين يريدون اقامة اعمال صغيرة او توسيعها بغية مساعدتهم على زيادة الدخل .
وفى جميع برامج التنمية التى تقوم بها الهيئة , تهتم بتمثيل المراة واشركها فى القيادة , وحمل المسؤولية , والاشتراك فى اصدار القرار , ورسم سياسة العمل , لتكون جنبا الى جنب مع الرجل لتحقيق المجتمع المتكامل . فى كل المجالات تؤدى المرأة دورا جادا وهاما فى حياة المجتمعات المحلية . وفى الكنيسة وفى الاسرة , والكنيسة مسؤولة اذ عليها ان تساعد المراة والرجل لتاكيد دور المشاركة والالتزام والمسؤولية [28]
إقرأ أيضاً: حقوق المرأة السياسية فى المسيحية
[1] Mac Haffie , B , 1986 , P : 18 .
[2] Bruce . M . and G.E. Duffield , Why not ? Priesthood and the ministry of women , 1976 , P . 66 .
22 .[3] 1976 , P . Bruce . M . and G.E. Duffield ,
[4] حنا . أ , ز , 1995 , ص : 45 .
[5] عن بيتر . م , 1979 , ص : 146 .
[6] عن بيتر . م , 1979 , ص : 146 .
[7] عن خضر . ج , 1979 , ص : 93 .
[8] عن خضر . ج , 1979 , ص : 191 – 193 .
[9] عزيز . ف , 1980 , ص : 80 .
[10] بيتر . م , 1979 , ص : 144 .
[11] بيتر . م , 1979 , ص : 144
[12] قداسة البابا يوحنا بولس الثانى . 1995 , ص : 8 .
[13] عن بباوى , ح , المرأة – دراسة فى الاباء والقانون الكنسى , عن المراة فى الكنيسة والمجتمع , 1979 , ص : 101 .
[14] عن بيتر , م , 1979 , ص : 143 .
[15] بيتر , م , 1979 , ص : 153 ( 1 كورنثوس 3 : 16 – 17 ) ” أما ما تعلمون أنكم هيكل الله , وروح الله حال فيكم ؟ من هدم هيكل الله هدمه الله لأن هيكل الله مقدس , وهذا الهيكل هو انتم ” .
[16] بيتر , م , 1979 , ص : 153-154
[17] عزيز , ف , 1980 , ص : 76 – 77 .
[18] عزيز , ف , 1980 , ص : 81 – 82
[19] كارسن , ج , 1987 , ص : 304 .
[20] زيدان عبد الباقى , المرأة بين الدين والمجتمع , 1977 , ص : 52 .
[21] عن بيتر , م , 1979 , ص : 132 – 133
[22] عن بيتر , م , 1979 , ص : 133 – 134
[23] عن بيتر , م , 1979 , ص : 134-136
[24] قداسة البابا يوحنا بولس الثانى , 1995 , ص : 5
[25] Bruce , M . and G.E Duffield , 1976 , p : 127 – 136 .
[26] قداسة البابا شنودة , 1979 , ص : 69 .
[27] قداسة البابا يوحنا بولس الثانى , 1995 , ص : 7 .
[28] حنا , أ , 1995 , ص : 129 – 135