سلطة الكتاب المقدس وطريقة استخدامه
سلطة الكتاب المقدس وطريقة استخدامه
لقد استشهدنا بمناظرة التجسّد كنموذج أوّل لفهم طبيعة الكتاب المقدّس بشكل صحيح، أي الكتاب ككلمة الله المبثوثة في كلمات بشريّة. وقد تمّ تأكيد أنّ الكتاب المقدّس هو في آنٍ واحد كتاب الله وكتاب الكنيسة. إنّه كتاب الله كونه يحمل شهادة لإعلان الله عن نفسه عبر أعماله الفدائيّة وإرادته الخلاصيّة.
وهو كتاب الكنيسة كونه الوديعة المكتوبة والمجموعة للإيمان الحيّ والتقاليد الناشئة أوّلاً في إسرائيل ثمّ في الكنيسة مع كلّ أحدائها التاريخيّة. ولكي نكون عادلين مع طبيعة الكتاب الداخليّة، يجب أن يُحفظ هذان العنصران الإلهيّ والبشريّ معًا كشعاعَين يتمازجان بلا انفكاك ويتداخلان، مهما كانت المعاني المُستَنتجة من التفسيرات التاريخيّة واللاهوتيّة.
سلطة الكتاب هي أيضًا تجسّدية. سلطة الكتاب المقدّس كما هي مؤسَّسَة في طبيعته الخاصّة، تتضمَّن وجهين متميّزين لا ينفصلان. فالكتاب في قيمته اللاهوتيّة ورسالته الخلاصيّة، هو كلمة الله التي تحمل سلطته في صلبها. في تركيبته التاريخيّة وتكوينه القانونيّ، الكتاب هو كلمة إسرائيل ثمّ كلمة الكنيسة التي تجمل السلطة الجماعيّة لهذين التقليدين الإيمانيّين. الوحي الإلهيّ، كما أشرنا، لا يتمّ في الفراغ لكنّه دائمًا وحي مسلَّم، يؤثّر في كائنات محدّدة، عليها أن تمارس معرفة متبّصرة تشكّل تفسيرًا قابلاً للنقل وتطبيقًا عمليًّا لكلمة الله الخلاصيّة.
بهذا المعنى، سلطة الكتاب الإلهيّة، أي الوديعة المكتوبة لكلمة الله، مرتبطة عضويًّا بسلطة الجماعة الدينيّة وتقليدها الذي يشكّل البيئة والمحيط الحيّين لتقبُّل الوحي ونقله[1]. إنّ أوجه استعمال الكتاب التقليديّة، الليتورجيّة والتعليميّة والعقائديّة، تفترض هذه السلطة المزدوجة. كيف يحدّد المرء تمامًا العلاقة الدلخليّة بين الكتاب والتقليد والكنيسة وكيف يقوّمها، هو بالطبع أمر دقيق جدًا سوف نعيره انتباهًا خاصًّا خلال هذا العمل[2].
نمت في الأزمنة الحديثة، بالارتباط بالجامعات الغربيّة، دراسات كتابيّة نظاميّة وتحليليّة. وقد أنتجت هذه الدراسات، خلال عدد من القرون، وضعًا جديدًا هو في الوقت ذاته خلاّق وممزِّق. تطوّر النقد الكتابيّ العلميّ فَصلَ تدريجيًّا الكتاب المقدّس عن الجماعة الدينيّة ووضَعَه في ما سُمّي الإطار “الموضوعيّ” للدراسة العلميَّة والصفّ الأكاديميّ. بالإضافة إلى الإنجازات اللامعة التي لا تُنكَر، أدّت دراسة الكتاب الأكاديميّة إلى نتائج سلبيّة، بما فيها التساؤل حول سلطة الكتاب الإلهيّة واستعماله التقليديّ.
معروف أنّ النقّاد الكتابيّين اليوم، بخاصّةً الذين يعلّمون في كليّات غير دينيّة، يتعاطون مع الكتاب المقدّس روتينيًّا ويحلّلونه لا ككتاب مقدّس إنّما كوثائق تاريخيّة لها بالدرجة الأولى قيمة أدبيّة وثقافيّة. بالنظر إلى الوضع الحاليّ، ليس ممكنًا ولا مرغوبًا، القيام بدراسة رزينة للكتاب بدون التورّط مع البحث الكتابيّ المهيمن. وفقًا لذلك، نظرة متوازية إلى موضوع سلطة الكتاب تتطلّب اعتبار الأمور التالية:
- العلاقة بين الكتاب والتقليد. (إضغط ع العنوان لقراءة الموضوع)
- استعمال الكتاب كنسيًّا. (إضغط ع العنوان لقراءة الموضوع)
- طبيعة دراسة الكتاب الأكاديميّة. (إضغط ع العنوان لقراءة الموضوع)
[1] للتفاعل بين الكلمة الإلهيّة والتقليد في الجماعات الدينيّة المختلفة، انظر:
Holy Book and Holy Tradition, ed. F.F. Bruce and E. G. Rupp (Ground Rapids: Eerdmans, 1968), and Scripture in the Jewish and Christian Traditions, ed. Frederick E. Greenspahn.
[2] بالإضافة إلى هذا الفصل أنظر بوجه خاصّ الفصول الثلاثة حول التأويل.