الفادي هو الله وليس أحد الملائكة
لماذا يجب أن يكون الفادي هو الله وليس أحد الملائكة؟
إن مجد الله الآب هو أن يوجد الإنسان الذي قد خُلِقَ ثم هلك، وأن يحيا الذي مات وأن يصير الإنسان هيكل الله –بحسب تعبير ق.أثناسيوس- ولهذا أحتاج الإنسان أن يعود إليه الله الذي تركه بالخطية، ولإن الإنسان في طبيعته تسري الخطية فهو يحتا إلي الله أن يأتي إليه ويتحد به ويرفعه معه إلي حيث هو كائن. وما كان ممكناً ان يفعل ذلك مخلوق لإننا بالمخلوق لن نتحد بالله بل سنظل متحدين بمخلوق مثلنا محدود ويحتاج إلي الوجود في الله ليستمر في الوجود.
وأيضاً، لإن نظر الإنسان تحول عن الله خالقه وظل مرتكزاً علي الارض التي جُبل منها فصنع منها ألهة مزيفة معتقداً فيها بأنها خالقه وعبد المخلوق دون الخالق، فكان من المهم أن يأتي الخالق ليبيد ظلمة الجهل بنوره، فمن من المخلوقات استطاع أن يعلن عن الله ويبيد عبادة الأوثان إلا ربنا يسوع؟.
وأيضاً لكي يحمل حكم الموت مائتاً عن كل البشرية. فلا يقدر إنسان علي حمل هذا الحكم إلا الإله الوحيد غير المحدود الذي بتجسده جمع البشرية في ذاته. وإن كان الفداء هو أن يرفع الفادي لعنة الموت عن البشرية بغلبته للموت بقيامته، فكيف كان سينجو المُخلص من الموت إن كان مخلوقاً بمعني انه ليس له حياة في ذاته بل يأخذ حياته من آخر وهو الله، فإن لم يبيد الموت بذاته فما الفائدة من قيامته بقوة آخر كما قام الكثيرون في العهد القديم وماتوا ايضاً؟!
وكيف كان سينجو المُخلص من الموت إن كان هو نفسه ليس فيه حياة من ذاته، فأهم ما فعله لنا المسيح انه غلب الموت بموته حيث يشرح الآباء ذلك علي ان الموت دخل في مصارعه مع جسد الكلمة وإذ كان الكلمة نفسه هو الحياة فقد أستنزف الموت فيه كل قوته وهُزم تماماً وأصبح بلا قوه فأبتلع الله الموت لأنه هو الحياه ذاتها. فإن لم يكن المُخلص هو الحياه فلماذا اتي؟
وكيف وقتها سيغلب الموت وهو نفسه بلا حياه في ذاته ؟! وإن لم يكن المُخلص هو الحياة ذاتها فأي معونة سنحصل عليها من مخلوق مائت مثلنا؟. وأيضاً لإن الصورة الإلهية تشوهت في داخلنا فقد أحتجنا إلي أن يُعاد طبع الصورة الالهية مرة أُخري فينا –وهذا ايضاً أحد اسباب الفداء- فإن كان الفادي مخلوقاً فسوف يطبع فينا صورة مخلوق لا صورة الله فكأنه جاء عبثاً. هذا فضلاً عن أننا سنصير مدينونين بخلاصنا لا لله بل لمخلوق وندعوه رباً مع الله الحقيقي، وبهذا نسقط في حماقة شهود يهوه الذين عبدوا المخلوق مع الغير مخلوق.