المسيح يخبر عن صلبه وموته وقيامته قبل صلبه – القمص عبد المسيح بسيط
المسيح يخبر عن صلبه وموته وقيامته قبل صلبه – القمص عبد المسيح بسيط
كان موضوع صلب المسيح وقيامته بالنسبة للرب يسوع المسيح نفسه ليس مجرد نهاية حياة على الأرض أو حتى مجرد استشهاد مثل بقية الشهداء، كما انه لم يكن ابن ساعته أو يومه، أو مجرد حكم بالإعدام تم باستخدام وسيلة إعدام هي الصلب، وإنما كما أعلن الرب يسوع نفسه وكما أعلن الوحي الإلهي في العهد الجديد، كان أمراً محتوماً منذ الأزل، ومعروفاً سابقاً قبل العالم، كقول القديس بطرس بالروح القدس:
” دم المسيح. معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم ولكن اظهر في الأيام الأخيرة لأجلكم ” (ابط19:1و20)، أو كما قال، لليهود بالروح القدس: ” هذا (يسوع المسيح) أخذتموه مسلماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمه صلبتموه وقتلتموه ” (أع32:2).
ويؤكد الرب يسوع المسيح انه ما جاء، بالدرجة الأولى، إلا لهذا السبب ” هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلّص به العالم ” (يو16:3و17).
وكان يسمي وقت صلبه بالساعة، أي الساعة المعينة التي سيتم فيها صلبه، وأنه ما جاء إلا لأجل هذه الساعة: قال لتلاميذه قبل العشاء الرباني:
” قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان. الحق الحق أقول لكم أن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن أن ماتت تأتي بثمر كثير… الآن نفسي قد اضطربت. وماذا أقول. أيها الآب نجني من هذه الساعة. ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة... وأنا أن ارتفعت عن الأرض اجذب إليّ الجميع. قال هذا مشيرا إلى أية ميتة كان مزمعا أن يموت ” (يو23:12-30).
وبعد خطابه الوداعي لتلاميذه بعد العشاء قال لهم ” لكني قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أني أنا قلته لكم. ولم اقل لكم من البداءة لأني كنت معكم ” (يو4:16). وبعد انتهاء خطابه الوداعي وقبل القبض عليه بلحظات يقول الكتاب ” تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال أيها الآب قد أتت الساعة. مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضا ” (يو1:17).
1 – نبواته وإعلاناته عن آلامه وصلبه منذ بداية خدمته:
وفيما يلي أهم نبوّات وإعلانات الرب يسوع المسيح عن القبض عليه ومحاكمته وآلامه وصلبه وموته وقيامته:
(1) برغم أن الرب يسوع المسيح صنع أمام جموع اليهود معجزات عديدة لا حصر لها إلا انهم طلبوا منه آية، معجزة كبرى تبرهن على صحة رسالته !! وقالوا له ” يا معلم نريد أن نرى منك آية، فأجاب وقال (لهم) جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال. رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لأنهم تابوا بمناداة يونان.
وهوذا أعظم من يونان ههنا ” (مت38:12-41). وفي إجابته عليهم يقدم لهم اكبر واعظم آية وهي موته ودفنه ثلاثة أيام ثم قيامته من الموت التي هي لكل الأجيال وليس فقط لذلك الجيل، كما كانت آية يونان لأهل نينوى، فهو الأعظم ” هوذا أعظم من يونان ههنا “. فمعجزة قيامة المسيح من الموت هي الوحيدة الباقية إلى الأبد.
(2) وفى حادثة تطهير الهيكل المذكورة في الإنجيل الذي دونه القديس يوحنا بالروح القدس طلبوا منه أيضا أن يقدم لهم آية تبرهن على سلطانه الذي يعمل به ويتكلم به، وكانت آيته لهم ” انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه “، ولم يكن يقصد هيكل سليمان الذي أعاد بناءه هيرودس الكبير، وكان الهيكل قد أعيد بناؤه حتى وقت المسيح في ” ست واربعين سنة ” وإنما كان يشير إلى هيكل جسده:
” أما هو فكان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه انه قال هذا فأمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع ” (يو18:-22). وكأنه كان يقول لهم: اقتلوا هذا الجسد، جسد المسيح، وسوف يقوم في اليوم الثالث، إذ أن اعظم آياته هي موته وقيامته من الموت في اليوم الثالث.
(3) ولما جاء إليه أحد معلمي الناموس وعضو السنهدرين الأعظم ويدعى نيقوديموس , ليلاً، وعلمه الرب يسوع معنى الولادة الجديدة، أعلن له عن سر الفداء الذي لابد أن يتم بآلامه وموته مصلوباً وقيامته من الأموات مصوراً له عملية الصلب بمثال الحية النحاسية التي رفعها موسى النبي في البرية، بناء على أمر الله، وكل من نظر إليها ممن لدغته الحيات يشفى:
” وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل له الحياة الأبدية، لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ” (يو15:3و16).
(4) وبعد معجزة إشباع خمسة آلاف رجل غير الذين كانوا معهم من نساء وأطفال بخمسة أرغفة وسمكتين نادى أمام كل هذه الجموع قائلاً ” أنا هو خبز الحياة… أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء، إن أكل أحد هذا الخبز يحيا إلى الأبد، والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم… الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم، من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه ” (يو48:6-58). والإشارة هنا واضحة إلى آلامه وسفك دمه وتقديم جسده على الصليب.
(5) وفي نواحي قيصرية فيلبس كشف الوحي الإلهي للقديس بطرس الرسول عن حقيقة وشخص الرب يسوع المسيح وهو ” المسيح ابن الله الحي ” (مت16:16)، وبعد مدح الرب يسوع المسيح لبطرس على هذا الإعلان وتأكيده هذه الحقيقة لبقية التلاميذ، يقول الكتاب:
” من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يُظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم ” (مت21:16-22).
وهذا الإعلان لا يحتاج إلى إيضاح. إذ أن حقيقة كونه ابن الله الحي مرتبطة بحتمية آلامه وصلبه وموته وقيامته. ولكن الفكر البشري لم يستطع أن يفهم إرادة الله وتمثل ذلك في قول بطرس له ” حاشاك يا رب لا يكن لك هذا ” ولكن الرب يسوع المسيح كان يرى أن الاعتراض على هذه الحقيقة هو من الشيطان، ” فالتفت وقال لبطرس اذهب عني يا شيطان. أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس ” (مت23:16).
(6) وبعد ستة أيام من ذلك أخذ الرب يسوع ” بطرس ويعقوب ويوحنا ” وأعلن أمامهم شئ من مجده على جبل عال منفردين. ” وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور.
وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه “، وكان كلام موسى وإيليا معه، كما يقول القديس لوقا بالروح القدس ” عن خروجه الذي كان عتيداً أن يكمله في أورشليم ” (لو31:9) أي عن صلبه وموته وقيامته، يقول الكتاب أن الرب يسوع المسيح أوصى تلاميذه وهم نازلون من على الجبل ” لا تكلموا أحداً بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات “. لأن ” ابن الإنسان أيضا سوف يتألم منهم ” (مت12:17).
(7) وأثناء تردده في الجليل كان يعلم تلاميذه ويقول لهم ” ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدي الناس فيقتلوه وفي اليوم الثالث يقوم ” (مت22:17و23).
(8) وأثناء تعليمه للشعب ” تقدم بعض الفريسيين قائلين له أخرج وأذهب من ههنا لأن هيرودس يريد أن يقتلك. فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب ها أنا أخرج شياطين وأشفي اليوم وغداً وفي اليوم الثالث أُكمل. بل ينبغي أن أسير اليوم وغداً وما يليه لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجاً عن أورشليم ” (لو31:13-33). وهو هنا يؤكد حتمية موته مقتولاً في أورشليم بسفك دمه.
(9) وبعد أن فتح عيني المولود أعمى الذي صنع له عينين من الطين نادى قائلاً:”أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف… وأنا أضع ذاتي عن الخراف ” (يو15:10). وهو هنا يشير إلي بذل ذاته، تقديم ذاته، نيابة، فديه، على الصليب.
ثم يؤكد حتمية ذلك وحقيقة انه يقدم ذاته بإرادته، دون أن يكون هناك أي مجال للإجبار أو العرض والصدفة بقوله ” لأني أضع نفسي لأخذها أيضا. ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن أخذها أيضا ” (يو17:10و18).
(10) وعندما تناقش تلاميذه في أحقية الجلوس عن يمينه أو يساره في ملكوته قال لهم ” أن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين ” (مت28:20ومر45:10).
(11) وفي الطريق إلى أورشليم للمرة الأخيرة كشف لتلاميذه ما سيحدث له بكل وضوح ” وفيما كان يسوع صاعداً إلى أورشليم احذ الأثنى عشر تلميذاً على انفراد في الطريق وقال لهم: ها نحن صاعدون إلي أورشليم وابن الإنسان يُسلم إلي رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت. ويسلمونه للأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه ” (مت18:20و19). وهذا إعلان تفصيلي في إيجاز عن كل ما سيحدث من محاكمة يهودية إلي تسليمه للرومان واستهزاء وجلد وصلب وموت وقيامة.
(12) ” وفيما كان يسوع في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص تقدمت إليه امرأة معها قارورة طيب كثيرة الثمن فسكبته على رأسه وهو متكئ “، فتصور تلاميذه أن هذا ” إتلاف “، ” لأنه كان يمكن أن يباع هذا (الطيب) بكثير ويعطى للفقراء “، فقال لهم يسوع مشيراً إلي موته ” إنها إذ سكبت هذا الطيب على جسدي إنما فعلت ذلك لأجل تكفيني ” (مت12:26).
(13) وبعد دخوله الانتصاري الأخير لأورشليم واحتدام الصراع بينه وبين رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ أعطاهم مثل الكرم والكرامين وكشف لهم من خلاله كيف أن الله سلمهم الكرم ولكنهم لم يعطوه من ” ثمر الكرم ” فأرسل إليهم خدامه ورسله وأنبياءه فقتلوهم ورجموهم ” فقال صاحب الكرم ماذا أفعل ؟ أرسل ابني الحبيب. لعلهم إذا رأوه يهابون. فلما رآه الكرامون تأمروا فيما بينهم هذا هو الوارث. هلموا نقتله لكي يصير لنا الميراث. فأخرجوه خارج الكرم وقتلوه ” (لو9:20-16). وهو هنا يشير إلي نفسه بالابن الحبيب الذي قتلوه.
(14) وفي أورشليم طلب ” أناس يونانيون من الذين حضروا ليسجدوا في العيد ” من فيلبس أن يروا يسوع وكانت إجابة الرب يسوع على هذا الطلب ” قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن أن ماتت تأتي بثمر كثير “، ثم أضاف ” وأنا إن ارتفعت عن الأرض اجذب إلى الجميع. قال هذا مشيراً إلى أية ميته كان مزمعاً أن يموت ” (يو20:12-33). والجملة الأخيرة هي تعليق إيضاحي لمعنى كلام المسيح مؤكداً أن قصده هو الموت معلقاً على الصليب.
(15) وقبل عيد الفصح بيومين قال لتلاميذه ” تعلمون انه بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلم ليصلب ” (مت1:26و2). هل يوجد إيضاح اكثر من هذا ؟ بالطبع لا، فالرب يسوع المسيح كان يتطلع دائماً لهذه الساعة، ساعة الصلب.
2 – نبوّاته وإعلاناته عن آلامه وصلبه أثناء العشاء الرباني:
وفي يوم الخميس قام الرب يسوع المسيح مع تلاميذه بعمل الفصح تمهيداً لتقديم ذاته في اليوم التالي، الجمعة، في نفس الوقت الذي كان يذبح فيه اليهود خروف الفصح، أي يقدم ذاته كالفصح الحقيقي، الحمل الحقيقي، في نفس الوقت الذي يذبح فيه خروف الفصح الرمزي.
فقد ذهب في إلى أورشليم في العيد لأجل هذا السبب، يقول الكتاب ” وحين تمت الأيام لارتفاعه ثبت وجهه لينطلق إلى أورشليم ” (لو51:9). وأثناء تناول الفصح قال لتلاميذه ” الحق الحق أقول لكم أن واحداً منكم سيسلمني ” (يو21:13). وبعد دهشة التلاميذ واستفسارهم أشار إلي يهوذا الاسخريوطي (يو26:13) وقال ” أن ابن الإنسان ماض كما هو. مكتوب عنه.
ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان. كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد ” (مت24:26ومر21:14)، ثم قال ليهوذا ” ما أنت تعمله فأعمله بأكثر سرعة ” (يو27:13). وغمس لقمة وأعطاها له ” فذاك لما اخذ اللقمة خرج للوقت. وكان ليلاً ” (يو30:13)، خرج يهوذا إلى رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ لكي يسلم لهم يسوع في تلك الليلة لأنه يعرف المكان الذي سيجتمع فيه الرب يسوع مع تلاميذه.
وبعد خروج يهوذا بدأ الرب يعد للعهد الجديد الذي كان على وشك أن يعلنه بدمه، وبدأ بمراسم هذا العهد الجديد، وقدم العشاء الرباني، الخبز والخمر، أو الجسد والدم الذي كان على وشك أن يقدمهما على الصليب ” وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم.
لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا ” (مت26و26-28)، وهذا الخبز هو الذي سبق أن قال عنه ” والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي ابذله من اجل حياة العالم ” (يو51:6)، وهذا الدم هو الذي سبق أن قال عنه ” ودمي مشرب حق ” (يو55:6)، ” من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه ” (يو56:6).
3 – نبواته وإعلاناته عن آلامه وصلبه في خطابه الوداعي:
وبعد عشاء الفصح والعشاء الرباني خرج الرب يسوع مع تلاميذه متوجهين إلى جبل الزيتون حيث بستان جيسماني وفي الطريق بدأ يكشف لهم ما سيحدث له في تلك الليلة ” كلكم تشكون في هذه الليلة لأنه مكتوب أني اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية ولكن بعد قيامي أسبقكم إلى الجليل ” (مت32:26ومر28:14).
والشك هنا راجع لاعتقاد اليهود أن المسيح لن يموت بل يبقى إلى الأبد (يو34:12 مع مز 36:89،أش 7:9؛8:53،دا 14:7،في7:4)، فقالوا له ” سمعنا في الناموس أن المسيح يبقى إلي الأبد ” (يو43:12). وهو في تلك الليلة سيقبض عليه وفي اليوم التالي سيموت. ولكنه يؤكد انه سيقوم من الموت ويقابلهم حياً في الجليل.
ثم اكمل ” هوذا تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلي خاصته وتتركوني وحدي. وأنا لست وحدي لأن الآب معي ” (يو32:16). فقال له بطرس ” وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً. قال له يسوع الحق أقول لك انك في هذه الليلة قبل أن يصيح ديك تنكرني ثلاث مرات.
قال له بطرس ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك، هكذا قال أيضا جميع التلاميذ ” (مت31:26-35ومر27:14-31). ثم عاد فأكد بأكثر إيضاح ما سيحدث الليلة وغداً وأنه مقضي به ومحتوم ” لأني أقول لكم انه ينبغي أن يتم في أيضاً هذا المكتوب أحصى مع أثمه. لأن ما هو من جهتي له انقضاء “(لو37:22 مع إش12:53).
وبعد هذه الإعلانات الرهيبة خيم على التلاميذ جو الحزن وساد عليهم وجوم فبدأ يسوع يعزيهم ويؤكد لهم أن حزنهم لن يطول لأنه سيقوم من الموت وسيروه ثانية ” بعد قليل لا تبصرونني. ثم بعد قليل أيضاً ترونني لأني ذاهب إلى الآب. فقال قوم من تلاميذه بعضهم لبعض ما هو هذا الذي يقوله لنا بعد قليل لا تبصرونني ثم بعد قليل أيضا ترونني ولاني ذاهب إلى الآب ” (يو16:16و17).
وقد صور حزنهم الحالي وفرحهم المُقبل بآلام المرأة التي تلد وحزنها لذلك وفرحها بعد ميلاد الطفل ” فعلم يسوع انهم كانوا يريدون أن يسألوه فقال لهم أعن هذا تتساءلون فيما بينكم لأني قلت بعد قليل لا تبصرونني ثم بعد قليل أيضا ترونني. الحق الحق أقول لكم إنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح. انتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح. المرأة وهي تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت.
ولكن متى ولد الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح لأنه قد ولد إنسان في العالم. فأنتم كذلك عندكم الآن حزن ولكني سأراكم فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم ” (يو19:16-22).
هذه أهم نبوّات وإعلانات الرب يسوع المسيح عن حتمية آلامه وصلبه وموته وقيامته من الموت في اليوم الثالث والتي كان يرددها دائماً منذ بداية خدمته الجهارية وحتى القبض عليه، وان كان تكرارها قد أزداد كثيراً في أيامه الأخيرة، خاصة في رحلته الأخيرة إلى أورشليم وقبل القبض عليه مباشرة، حتى يكون التلاميذ على بينة لكل ما سيحدث له.
فهل يمكن لأحد بعد ذلك أن يدعي غير ذلك ؟! أو أن ينكر ما قاله الرب يسوع المسيح عن حتمية آلامه وصلبه وقيامته ؟!
قال الأستاذ خالد محمد خالد ” لقد كان الصليب الكبير الذي أعده المجرمون للمسيح يتراءى له دوماً ” (معاً على الطريق ص 34،131).
وقال الأستاذ منصور حسين في كتابه دعوة الحق ” أن المسيح عليه السلام كان عالماً بأنه سيصلب وبهذا أخبر تلاميذه “. ثم يفاجئنا بعد ذلك انه غير رأيه وتراجع عن قراره وصُلب يهوذا بدلاً منه !!!!!!
فهل يحتاج مثل هذا الكلام إلى تعليق ؟! قال الرب يسوع المسيح ” السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول ” (مر31:13).