دراسة بسيطة في المشكلة المنطقية لمشكلة الشر
مقدمة
أحلام صبية !
في صغري دائما ًما كانت أحلامي حول كيفية التأثير ايجابياً في العالم , في كيفية تحويل المجاعات في الدول الفقيرة التي تعاني من المجاعات إلى دول تنتج غذائها بنفسها أو على اقل تقدير بدول ينعم أغلب سكانها بلقمة عيش كريمة, أو مثلاً أن أقوم بإغراق العالم بالاختراعات وتطوير المعيشة ,كنت اتسائلُ لماذا البشر يتذمرون دائماً , يريدون هذا وذاك , ولا يستطيعوا أن يعطوا هذا أو يمدوا يداً سخية للمسكين الفقير وللمعذب المقهور ؟!
مرحلة التغير !
يمر العمر وتتسابق السنين السنة وراء السنة, ودخلت مرحلة المراهقة ,بما فيها من تغير فسيولوجي ونفسي ,تكون هناك التغيرات الأصعب عبوراً التغيرات الفكرية, حيث تكون في مرحلة تشويش وفوضى وبناء تبدأ تفكر لماذا هذا ولماذا ذاك وكيف ومتى ؟ أسئلة كثير تجتاح عقلي الصغير , وبدأت اشك في كل ما حولي , ووصلت لدرجات عالية من الشك إلى أن وصلت إلى مرحلة تجرأت وشككت في الله وفي وجوده ,في حكمته , ربما كانت عن جهل أو طيش أو إني كنت أريد فعلا الحقيقة… , ” لماذا كل هذا الشر في العالم ؟! ” و ” أين الله من كل هذا …..
و أنا واثق بأن هذا السؤال قد خطر على أغلبية عقول البشر المتسائلة و القاصرة.
بعيدا عن الأبعاد العاطفية والنفسية, هل يوجد مشكلة عقلية (منطقية ) في هذا الشر وماهي علاقته بوجود الله ,أي هل نستطيع أن نؤمن بالله والشر موجود ؟ ,سأقوم ببحث بسيط في أبعاد هذه المشكلة المنطقية
سنقوم معاً بتحليل بعض الحجج والجدليات التي يستخدمها بعض غير المؤمنين لنقض حقيقة وجود الله ,أو على أقل تقدير أن يكون وجود هذا الكائن الالهي ذو احتمالية متدنية وسنرى هل يشكل ذلك أي عائق
للمؤمن ؟
بدايةً وقبل الشروع في مناقشة ما سأطرحه من جدليات هنا, يجب أن نميّز أنّ هذا البحث البسيط يركز على المشكلة المنطقية والفكرية [المجردة] في ما يسمى معضلة(مشكلة) الشر , حيث أن هذه الإشكالية يمكن أن تقسيمها إلى الجزء الفلسفي والمنطقي لها (intellectual) والجزء الوجودي أو العاطفي(emotional –existential)
فالكثير منّا يخلط بين هذين الجزأين .
اولاً: المشكلة المنطقية ,أو تناقضات بين صفات الله الذاتية والشر ؟
Logical problem of evil
يدعي المروجون لهذه المشكلة أن وجود الله وصفاته المنسوبة له مثل المحبة والقدرة الكلية والمعرفة الكلية , تتعارض ولا تتوافق مع وجود الشر على الجهة الاخرى , أي أن هذه المشكلة داخلية في منظومة المؤمن بوجود الله . وربما تعود جذور هذه المشكلة الى زمان الفلاسفة اليونان , وبالتحديد الى ابيقورس (epicurus), وقد ادعى الاتي:
‘‘هل الله يريد منع الشر لكن لا يستطيع ؟ اذاً هو ليس كلي القدرة
هل هو يستطيع لكن لايريد ؟ اذا هو حاقد , هل هو يريد و يستطيع معاً؟ اذاً من أين الشر ؟ هل هو لا يستطيع ولا يريد ؟ اذاً لماذا نسميه الله ؟‘‘[1]
وايضا اعادها الفيلسوف ديفيد هيوم (David Hume), على أساس أنها لم تحل بعد[2] -أي في عصره- .
وحتى ظهرت مرة أخرى في على يد الفيلسوف الملحد (atheist) جي ال ماكي في منتصف القرن الفائت (J.L Mackie) حيث طورها بشكل أكبر من حيث فلسفتها ووضعها في كثير من كتابته .
لنبدأ باقتباس من كتابه : ‘‘الله كليّ القدرة , الله الخير الأعظم , ولكن الشر موجود , يبدو ان هناك تناقض بين هذه الافتراضات الثلاثة‘‘[3]
هذا ما يقوله ماكي ,وهذا صحيح بالنسبة لقوله عن الله فإن أي شخص يعتقد بوجود اله فإنه يجب ان يكون من صفاته الاساسية العلم والقدرة والحكمة , وهذه الصفات الالهية يجب أن تكون في هذا الكائن الالهي عظيمة جداً أي كما يقول القديس انسلم أن الله هو “عظم كائن يمكن تخيّله”
لكنّ الصفات التي يبدو أنّ المشكلة تدور حولها هي
1-كليّ القدرة (Omnipotent)
2-كليّ الخير أو الخير الاعظم (Wholly Good)
وعلى الجانب الاخر
3-الشر موجود
(لنسمي هذه المجموعة الاولى)
طبعاً لا أحد من الافتراضات السابقة يمكن انكاره , وأيضاً لايبدو أن هناك أي مشكلة واضحة في تلك الافتراضات الثلاثة على الاقل الآن .
يريد ماكي القول أن هذه العقيدة أو هذا المذهب في داخله غير متناسق مع بعضه –داخلياً-(inconsistent). ولكن ما معنى أن نقول أن أي منظومة أو مجموعة من الافكار غير متّسقة بين بعضها البعض؟
أوردت موسوعة الفلسفة الموجودة على الشبكة العنكبوتية التالي:
1-أما أن يكون بوجود تناقض صريح (explicit contradiction ) بين أي من الفرضيات السابقة أي الشيء ونقضيه [مثلا: (ق) وليس (ق) معاً]
2- أو أن يكون هناك تناقض يمكن استنتاجه من خلال هذه الافتراضات[4]
طبعاً بالنسبة للنقطة الأولى واضح أنها ليست هي المقصودة أو لن يأتي أحد ويقول تلك المجموعة متناقضة بحد ذاتها فنقيض كل من تلك الافتراضات على التوالي :
1-ليس الله كليّ القدرة
2-ليس الله كلي الخير
3-ليس الشر موجوداً
فليس أي من هذه الافتراضات السلبية الثلاثة في المجموعة الأولى حتى تناقضها !
أما بالنسبة للنقطة الثانية , لأعطي مثالاً عليها لأوضحها:
1- إذا كان كل إنسان فانٍ , فأن سقراط فانٍ
2- كل إنسان فانٍ
3- سقراط ليس فانٍ
يستطيع القارئ لأول وهلة أن يرى أن المجموعة غير متناسقة ,حيث يمكن استنتاج(أو بالأصح استنباط deduce) فرض يتعارض مع الآخر , من 1 و2 ينتج 4-سقراط فانٍ, وأضفها للمجموعة فينتج عندك تناقض صريح بين 3و4 , فينتج عندك إذن منظومة من الأفكار غير متوافقة وغير متناسقة , ولكن هل هذا يحدث مع مجموعتنا كما يدعي ماكي ؟
بالطبع لا, لأنه بكل بساطة لا يمكنك استنتاج أي فرضية من الموجودة في مجموعتنا وتعطينا تناقضاً مع أي فرضية في تلك المجموعة .
ولكن ما لذي يعنيه ماكي ؟ يقول ماكي متابعاً حديثه أنّ:
‘‘ على أية حال فإن هذا التناقض لا يظهر في الحال, لنستطيع تبيانه يجب علينا أن نضيف بعض الافتراضات(المقدمات المنطقية) , تربط مفاهيم”الخير” و”الشر” وكلي القدرة‘‘[5]
فالمقصود هو أن تلك المجموعة متناقضة ضمنياً-حسب اعتقاده- ولكن علينا أن نجد فرض إضافي ومنطقي لتصبح تلك المجموعة متناقضة أو في متناسقة فيما بينها
وهو ما قام به ماكي في حجته , حيث قام بوضع بعض المقدمات المنطقية والفرضيات , ولكن ليس أحد منها صحيح بالضرورة(necessarily true)
ويجب أن انوه هنا أن حجة ماكي قد تم مناقشتها باستفاضة في كتب كثيرة [6]
لذلك أنا لست هنا بصدد مناقشة حجته بالكامل , ولكن الفكرة الاساسية منها هي وجود التناقض او عدم التناسق بين تلك الافتراضات التي يؤمن بها المؤمن , وبما أن البيّنة على المدعي في هذه القضية ,فعليه أن يجد تلك الفرضية المخفية , ويجب أن تكون صحيحة بالضرورة حتى ينتج منها تناقض ,وبالتالي خطأ معتقدنا
فحتى أن الفيلسوف المسيحي توما الاكويني (Thomas Aquinas), الذي عاش في العصور الوسطى وله مؤلفات ضخمة في اللاهوت والفلسفة ,إلا انه لم يرى ذلك التناقض أو أي مشكلة في وجوده مع الله! حيث ورد في كتابه الضخم ,الخلاصة اللاهوتية,(وهو على شكل اعتراضات ,وأجوبة عليها بما يتعلق باللاهوت) التالي:
‘‘يتخطى إلى الثالث[أحد المعترضين] بأن يقال : يظهر أن الله ليس موجوداً لأنه متى كان أحد الضدين غير متناهٍ يلزم عدم الآخر بالكلية . والله يراد بهِ خيرٌ غير متناه فلو كان موجوداً لم يكن شرٌ,لكن الشر موجود في العالم .فإذاً ليس الله موجوداً”
فيجيب قائلاً:”بأن الله لكونه في غاية الخيرية لا يسمح على نحو من الأنحاء بوجود شر في أعماله لو لم يكن من تمام القدرة الشاملة والخيرية بحيث يخلّص من الشّر خيراً كما قال اغسطينوس في كتاب الكيريدون ب11,فاذا من مقاصد خيريته غير المتناهية أن يسمح بوجود الشرور ويخلص منها خيرات‘‘[7]
إذا نلاحظ من الاعتراض ان لا يوجد تناقض مباشر بين الله ووجود الشر أي انّه لم يستطع إثبات هذا التناقض بالضرورة , ولا يرى الاكويني أيضا أي معارضة بل أنّ الله في رأيه يخرج من الجافي حلاوة!
اعتراضات أخرى[8]
1- إذا كان الله لا يستطيع إيجاد الخير بدون الشر فإذا هو ليس كلي القدرة , والنقطة الثانية هي إن هذا الخير لا يستطيع إزالة الشر
جواب: وكأن المعترض هنا يقول لنا أن الشر له وجود ذاتي , ولكن في الواقع هذا الرأي ليس السائد , حيث يمكن تعريف الشر بأنه فساد الخير أو عدم صلاح جوهر
2- الله يسمح بالشر ليقدم خيراً أفضل , ولكن البعض يقولوا أن هذا يحد من قدرة الله
جواب: يتفق الكثير من الفلاسفة أن تعريف الكلي القدرة :هي فعل ما هو ممكن منطقيا , فالله لا يمكن أن يصنع مربع دائري أو متزوج أعزب (وهذا طبعا لا يحد قدرة الله لأنها ليس أشياء في الأساس), بل يمكن القول أيضا كما قال اللاهوتي والفيلسوف Herbert McCabe, بأن هناك بعض الشر والألم ضروري أن يكون مصحوباً ببعض الخير , فنحن نعيش في عالم بتفاعلات محددة ,فإذاً عندما أعاني من مرض معين , فذلك لأن نوعاً معيناً من البكتيريا تعمل بطريقة جيدة ملائمة حسب سلوكها.
3-هناك البعض يحاولون الرد على نقطة أن على انّ بعض الشّر يمكن ان يساهم في الخير الاكبر , أي ان الله يسمح ببعض الالم لينتج خيراً اكبر بثلاثة اعتراضات -الاول: انه سيكون ضرباً من السخف ان الله يُبقي الالم ليجعل امكانية وجود مزايا وفضائل الخير
-الثاني : وايضا هذا يعني انّ الله ليس محبة ,حيث انّ الله ليس مهتماً بازالة الشر او تقليله(ايّ ان الله يهتم بالخير بدلاً من استئصال الشر ) -الثالث: ان السماح بالشر لجعل خير أكبر , بدوره سينتج ايضاً شراً أكبر (أي ما يقصده ماكي ان بزيادة درجة الخير تزداد الشر, فمهما كان الخير سيكون شراً اكبر)
الرد على الاعتراض الاول : لا نعرف ما المقصود بكلمة”سخيف” ان الله يسمح ببعض الشر لينتج خيراً أعظم, قد يكون هذا سبباً جيداً لسماح الله بالشّر ,وكما يوضح الفيلسوف ريتشارد سوينبيرن[9] Richard Swinburne :
‘‘عالم بلا شرّ سيكون عالماً فيه الانسان لا يستطيع ان يظهر تسامحاً, او شفقة , او التضحية من اجل الاخر , والانسان من دون ذلك سيكون فاقد لفرصة اظهار نفسه في اعلى درجات النبالة‘‘
في الحقيقة انّ أعظم تضحية جاءت بعد الالم , بعد شر الانسان , حيث ان الله قدم ابنه يسوع المسيح كفدية على الصليب , فكان هناك خير الاكبر والخلاص الرد على الاعتراض الثاني: لم يستطع اثبات ايّ تناقض بين الشر ومحبة الله بل على العكس ,كما قلنا سابقاً من فرط محبة الله (حسب المسيحية ) قدّم نفسه ذبيحة من أجلنا
الرد على الاعتراض الثالث : واضح انّ اعتراضه خاطئ ولا يمت للواقع بصلة , فاذا الخير ايضا يمكن ان ينتج شراً اكبر فستكون الحالة كأن الناس يركضون في الشارع يقتلون بعضهم .
ثانيا:مشكلة الشر والحجة الاثباتية أو البرهانية
Evidential problem of evil
هذه نسخة أخرى من مشكلة الشر , مما يدل أيضاً على ضعف الحجة التي ناقشناها سابقاً هو تحديث الحجج دائماً , ربما لها مسمّى آخر وهو الحجة الاحتمالية (probabilistic) , ولكنّها على عكس الحجة التي ناقشناها سابقاً ,فهي لا تدعي وجود أي تعارض بين وجود الشر من جهة وبين وجود الله (وصفاته) من جهة أخرى فهذه الجدلية تدعي بما أن الشر الموجود في العالم كبير , وهناك نماذج مروعة من الألم والمعاناة التي لا مبرر لها تجعل وجود الله غير ممكنا أو تقلل احتمالية وجوده حسب هذا الشّر ولذلك يمكن تعريفه بالشكل التالي:‘‘فهي الحجة التي تقول أن أنواع وكمية الشر في هذا العالم ,توفر أدلة قوية ضد وجود الله , كأن وجود الله غير مبرر ومن المحتمل أن يكون خاطئاً‘‘[10]
لنبدأ معاً في حجة الفيلسوف روي(Rowe)
1- يوجد هناك نماذج قاسية من المعاناة ,بحيث أنّ كائن كلي القدرة ,كلي المعرفة بإمكانه منعها,بدون خسارة أي خير أكثر أو بسماح شر (مساوِ) أو أسوأ
2- كائن كلي المعرفة وكلي الخير يستطيع منع حدوث أي مأساة بما في وسعه , إلا إذا كان لا يستطيع أن يفعل ذلك بدون أن يخسر خير أكثر أو أن يسمح بٍشر (مساوِ) أو أسوأ
3-اذن,لا يوجد كائن كلي القدرة ,كلي المعرفة ,كلي الخير[11]
هذه هي حجة روي,فإنها صالحة من حيث المنطق (valid) أي من حيث الشكل المنطقي فاذا كانت المقدمات (premises) صحيحة فأن النتيجة صحيحة أيضاً,الغالبية تقريبا وخصوصا المؤمنين , يقبلون بالمقدمة الثانية(مع أن البعض يجادل فيها), ولكن الجدال الاكبر هو على المقدمة الاولى
حيث أن المقدمة الاولى تقول(يوجد نماذج من المعاناة) ,يقوم روي بتوضيح هذا بشكل أكبر بتقديم حدثين الاول هو مجرد حدث تخيليّ, أما الحدث الثاني فهو واقعيّ, ولنسميهما تسهيلاًً (ح1) للأول و(ح2)للحدث الثاني وهما كتالي:
ح1-هي حدث لظبي(ابن الغزال) يعلق في الغابة, ويحترق بسبب حريق حدث هناك , ولكنه يتعذب أياماً قبل أن يموت
ح2-هي قصة لفتاة كان عمرها 5 سنوات اغتصبت وقتلت بشكل إجرامي
يضع روي هذين المثالين ليوضح فكرته بأن مثل هذه الأمثلة تحدث كثيراً وفي عالمنا الارضي هذا , ولكن ما لذي نستفيده منها بل ماهو المبرر لذلك؟! فإن سماحه بحدوث مثل هذه الاحداث لا يمنع شراً أسوأ وأعظم منها فإنها لا تتعلق بحدوث أي شر أكبر(موت حيوانات الغابة كلها مثلاً) ,كما أنه لا يتم خسارة أي خير إذا منع تلك الاحداث من الوقوع !
حيث يوضح فكرته قائلاً :
‘‘بالتأكيد انه لايبدو معقولاً حتى نؤمن به,ولا يبدو ايضا معقولا ان نعتقد أن هناك شراً على الأقل كالذي حدث لهذا الظبي ,بحيث أن كائن كلي القدرة لا يستطيع ببساطة أن يمنعه بدون إن يسمح بمعاناة هذا الظبي,ولكن حتى لو افترضنا جدلاً انّ هناك معقولية في ذلك الأمر , فعلينا أذاً ان نسأل أنفسنا في معقولية الاعتقاد في مثل هذه النماذج لمعاناة الإنسان والحيوان والتي تبدو أنها بلا هدف والتي تحدث يومياً في عالمنا‘‘[12]
ولنضع هذا الاقتباس بالشكل المنطقي , أي فرضيات ونتائج
1- لا يوجد خير يبرر سماح كائنٍ كلي القدرة وكلي المعرفة ,وكلي الخير وقوع هذين الحدثين (ح1)(ح2)
2- اذاً , من المحتمل انه: لا يوجد أيّ خير يبرر سماح هذا الكائن الكامل وقوع هذين الحدثين
3-فإذن من المحتمل انه: لا يوجد هذا الكائن الكامل
هل يبدو استدلاله هذا صحيحا من حيث المنطق؟ لا أعتقد ذلك ,فإن هذه الفرضيات لا تبدو صحيحة فعلاً, بل لا يمكننا التسليم باحتمالية تلك النتيجة ,وكأنه يقول :
1-يبدو انه لا وجود لِ(س)
2-اذن ,من المحتمل أن (س) لا توجد لنر الآن بعد تطبيق هذا النموذج الذي وضعه روي بنفسه على مثالين[13] مختلفين فهل سنحصل على نفس النتيجة؟
.المثال الاول : أدخل الى خيمة صغيرة ولا أرى شخص لنسميه(بيرنارد) , اذن من المحتمل انه غير موجود فيها, لأنه اذا كان هناك سوف أراه , فمن غير السهل على بيرنارد ان يتجنب اكتشافه في تلك الخيمة
.المثال الثاني : انا ادخل الى الخيمة ,لا أستطيع رؤية أي حشرات (من النوع الصغير جداً),ففي هذه الحالة ,لا يمكن القول انه من المحتمل انها لا توجد ,حيث انها صغيرة جداً من أنْ تُرى بالعين المجردة .
فهل تستقيم حجته اذا طبقناها على المثالين السابقين ؟!
بل حتى لو افترضنا أن لله اسبابه في سماحه للحدوث لتلك الحوادث , وهل من الممكن أن نصل الجواب الصحيح ؟
ولماذا يعتقد غير المؤمن دائماً إننا أول من سنعرف ذلك السبب ؟!
فالسبب الوحيد الذي يكمن وراء ذلك , هو البعد المعرفي (الابستمي ) بيننا وبين ذلك الكائن كلي المعرفة !
فإذا سقط ما يدعم الفرضية الأولى تسقط منطقيتها وبالتالي تسقط الحجة بأكملها !
خاتمة
وأخيرا بالنسبة للمسيحية نحن نعرف أن هذا العالم ليس عالماً مثالياً بل ,وليس الهدف من هذا العالم هي السعادة بل معرفة الله القدوس , نحن نعلم أنّ العالم مليء بالصراعات والنزاعات ,فهذا العالم سقط بسبب خطيئة الانسان وابتعاده عن الله ,وحتى أن المسيح بذاته قال لنا بفمه القدوس “في العالم سيكون لكم ضيق ,ولكن ثقوا أني قد غلبت العالم “
ومثلما قال الفيلسوف المسيحي كريغ William craig :”نحن المسيحيون نتبع مسيحاً صلب لأجلنا , وكان هو نفسه ضحية لعدم عدالة الانسان وقساوته ,فرجاؤنا لا يركن في هذا العالم بل في القيامة ,حيث أن كل عجز ومرض سوف يزول , وقيامة المسيح هي رجاؤنا”[14]
ومن منطلق الانسانية والمسيحية أيضاً أن يبادر الانسان بكل ما أعطاه الله ليعين الانسان الاخر والفقير والمسكين , وأن يبشر بالسلام دائماً, اينما حلّ وارتحل الى هنا اعاننا الرب
” †و نعلم ان ابن الله قد جاء و اعطانا بصيرة لنعرف الحق و نحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الاله الحق و الحياة الابدية“1يو(5:20)
_______________________________________
[1] Hospers, John. An Introduction to Philosophical Analysis. 3rd Ed. Routledge, 1990, p. 310.(wikipedia)
[2] انظر مثلا : Dialogues Concerning Natural ReligionHume,David,
[3] Mackie, john-evil and omnipotence p92-93
[4] http://www.iep.utm.edu/evil-log/
[5] However, the contradiction does not arise immediately; to show it we need some additional premises, or perhaps some quasi-logical rules connecting the terms “good” and “evil” and “omnipotent,IBID p 93
[6] God and other minds,Alvin plantinga God freedom and evil,Alvin plantinga
[7] الاكويني,توما ,الخلاصة اللاهوتية –المجلد الأول ص32-ترجمة بولس عواد
[8] مستوحاه من مقالة لمدافع غربي مسيحي على الشبكة العنكبوتية
[9]. Richard Swinburne, “Evil does not show that there is no God,” in Philosophy of Religion: A Guide and Anthology, ed. Brian Davies (New York: Oxford University Press, 2000) , 605 (quoted in the essay)
[10] The Blackwell companion to natural theology,2009,p453
[11] ] Rowe, William L. 1979. “The Problem of Evil and Some Varieties of Atheism,” American Philosophical Quarterly(internet encyclopedia of philosophy peer-reviwed
1-There exist instances of intense suffering which an omnipotent, omniscient being could have prevented without thereby losing some greater good or permitting some evil equally bad or worse.
2- An omniscient, wholly good being would prevent the occurrence of any intense suffering it could, unless it could not do so without thereby losing some greater good or permitting some evil equally bad or worse.
3- There does not exist an omnipotent, omniscient, wholly good being.
[12] Rowe, “Problem of Evil,”4( quoted in rationality of theism p 263)
[13] سيكون هذين المثالين مأخوذين من كتاب 378warranted Christian belief p
[14] As Christians we follow a crucified Savior, himself the victim of human injustice and cruelty, and “the servant is not above his Master” (John 15.20). Our hope lies not in this world but in the resurrection, when every physical infirmity and disease will be permanently vanquished. Jesus’ own resurrection is the basis of our hope.