معجزات المسيح هل المعجزات دليل صدق أم لا؟ ردا على أحمد ديدات
معجزات المسيح هل المعجزات دليل صدق أم لا؟ ردا على أحمد ديدات
معجزات المسيح هل المعجزات دليل صدق أم لا؟ ردا على أحمد ديدات
إن معجزات المسيح جعلت ديدات يدور حول نفسه، لا يعرف كيف يتعامل معها؟ فتارة تجده يُحرف وتارة يدفن آية هنا وأخرى هناك، حتى وصل بها الأمر مرات عديدة، لتأليف وفبركة نصوص غير موجودة أصلاً بالكتاب المقدس ولا حتى في التاريخ. وإنني حقاً أشفقت على ديدات وأنا أراه يصارع الحق الإلهي، ويحرق حياته. لأنه لم ينتبه أنها حقائق إلهية يصعب طمس حقها الكوني الحي المعلن بقوة سمائية لا يمكن الوقوف أمامها، وإن دُفنت فهي لا تدفن طويلاً. فهي مثل قائلها الذي حينما أماته الجاحدون ودفنوه قام من الموت في اليوم الثالث، ناقضاً سلطان الموت الأبدي عنه، وعن تابعيه. تاركاً القبر فارغاً إلى اليوم، حتى يكون الجميع بلا عذر.
تحت عنوان (المعجزات – عَلامَ تُبرّهن المعجزات؟) في ص 91 و92 كتب ديدات (إن المعجزات تثبت مجرة النبوة، وهي لا تثبت ما إذا كان رجل ما صادقاً فيما يدعي أو كاذباً فيما يفتري، ولقد قال المسيح “لأنه سيقوم مسحاء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً”. (متى 24: 24) فإذا كان الأنبياء الكذابون والمسحاء الزائفون يستطيعون الإتيان بأعمال معجزة، تكون تلك العجائب التي تبدون كمعجزات غير دالة على تميز وصدق من الأنبياء).
أولاً: هل المعجزات علامة على صدق النبي أم لا؟
لقد جانب ديدات الصواب كثيراً، وأنا أعرف جيداً ما الذي يرمي إليه، ولماذا يقلل ديدات من شأن المعجزات بالنسبة لفاعلها، وفيما إذا كانت تثبت صدقه أم لا؟!
أقول: إن النبي الصادق المُرسل من الله، لابد أن تكون له معجزات، تشهد أنه مرسل من الله، لو احتاج الأمر إلى برهنة صدق إرساليته، يؤيده الرب بأعمال فوق الطبيعة. تتناسب منع من أرسله، لتكون رسالته حجة على سامعيه.
أما ديدات فهو يتعامل مع معادلة المعجزة بالطريقة المقلوبة، فيقدم هنا كلام المسيح بأنه مادام سيوجد أنبياء كذبة لهم معجزات زائفة، فبالتالي لم تعد المعجزات مقياساً على صدق هذا النبي أو ذاك، ذلك لأن حتى للكاذبين منهم معجزات. وهنا أقول:
- أهمية المعجزة: سؤال، لماذا يهتم الأنبياء الكذبة بالمعجزات التي يمدهم بها الشيطان؟ أو التي هي مجرد خدع بصرية؟ ما قيمتها بالنسبة للنبي الكاذب، إذا كانت المعجزات لم تعد مقياساً لصدق النبي ونبوته؟
الإجابة: الأمر واضح تماماً، فالنبي الكذاب يستخدمها ليخدع بها الناس، أقول: إذن فالمعجزات من أهم الأدلة، لإثبات صدق النبي والتأكيد على سماوية مصدر رسالته أمام الناس، فيقدم لهم ما يثبت أنه ينتمي إلى الله وأنبيائه الصادقين. ولهذا، يعمل الله مع الأنبياء الحقيقيين أعمالاً خارقة ليثبت للبشر، بأن هذا النبي أو ذاك تابعاً له، وحجته معجزاته التي تتقدمه. إذن تبرير ديدات خاطئ.
- التمسح بالمعجزة: ما اقتبسه ديدات من كلام المسيح القائل (لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً). هذه الآية تشهد ضده وليست معه، لأنها تثبت إصرار الأنبياء الكذبة على التمسح بالمعجزات، لأنها العلامة الأكيدة أمام الناس – من الله – على أنهم أنبياء صادقين وغير كاذبين.
- معجزات المسيح تصدق رسالته: لقد تجاهل ديدات كلام المسيح مرة تلو الأخرى، عن طبيعة أعماله المعجزية التي يقوم بها المسيح بقوة ذاتية، ويقدمها حجة وبرهان على طبيعته اللاهوتية.
فقد قال (وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها) (يوحنا 14: 11). وقال (أني قلت لكم ولستم تؤمنون، الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي، هي تشهد لي) (يوحنا 10: 25). وقال (ولكن إن كنت أعمل، فإن لم تؤمنوا بي، فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه) (يوحنا 10: 38). وقال لتلميذه فيلبس (ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في؟ الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي، لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال) (يوحنا 14: 10). ونلاحظ هنا: تشديد المسيح على ربط معجزاته بطبيعته اللاهوتية، ذلك لأنها بسلطان إلهي وليس مثل معجزات باقي الأنبياء، يصلون ويطلبون مراحم الله، ولهذا ربط المسيح معجزاته بطبيعته اللاهوتية فقال (الآب الحال في، هو يعمل الأعمال). ولهذا اعتبر المسيح أن معجزاته اللاهوتية، هي أعظم من شهادة يوحنا المعمدان له (يوحنا 5: 36)
كل هذه الآيات وغيرها تجاهلها ديدات، لأنها تميت خرافاته في رحمها، في هذا الآيات نجد المسيح – على عكس ما أراد ديدات قوله – يؤكد على أهمية المعجزات، بالنسبة للنبي الصادق، لأن من خلالها يتأكد الناس أنه نبي صادق ومن الله. وفي حالة المسيح الخاص، أكد أن معجزاته بسلطان ألوهي ذاتي، ففي المسيح، حل كل ملء اللاهوت (كولوسي 2: 9)
- سهولة اكتشاف النبي الكاذب: ربما يقول البعض إذن النبي الكاذب يستطيع أيضاً أن يخدع الناس بالمعجزات الكاذبة، التي تعتبر أمام الناس المخدوعين، مقياساً له على صدقه.
أقول لا. وتسألني كيف؟ أقول: إن النبي الصادق ليس مجرد معجزة، بل هو تعليم وصلاة وقدوة وسلوك وحياة بين الناس ورسالة تتفق مع الله الطاهر القدوس العادل، فبعد أن يتمم هذه الأشياء ويراها الناس فيه. ففيما هو يدعوهم للتوبة معلناً لهم طبيعة الله وقداسته، يجب أن يروا فيه ثمار التوبة أولاً، أما المسيح فهو متفرد في هذا الاتجاه، فهو القدوس الذي بلا خطية، ووقف وتحدى معاصريه أن يبكتوه على خطية واحدة (يوحنا 8: 46)، ولم يجدوا.
وأيضاً فيما هو يقدم رسالته، وحياته قدوة، يؤيده الرب بالمعجزات في وقت الضرورة التي يراها الرب، وفي هذه الحالة تكون المعجزات هنا، كوسيلة تقود الناس ليؤمنوا بالله، وليس كهدف في حد ذاتها. أما لو أن هذا النبي سلك بحريته وأشبع رغباته، ولم تكن له معجزة تشهد لنبوته وصدق إرساليته الإلهية، فسيفهم الناس عندها حقيقته. ولهذا فإذا قدم النبي الزائف معجزة زائفة، فإنه قد يفشل في تقديم غيرها، كما أنه سيفشل في تقديم حياة صالحة أمام الله والناس، كقدوة تثبت صدق رسالته، وسيفشل في دعم التوبة بسلوكه وسيفشل في تقديم صورة نبي الله أو رجل السماء.
ثانياً: يوحنا المعمدان
تحت عنوان (المعجزات – علام تبرهن المعجزات؟) ص 92 كتب ديدات (كان يوحنا المعمدان باعتراف عيسى عليه السلام، أعظم أنبياء بني إسرائيل، كان أعظم من موسى وداود وسليمان وأشعياء، كان أعظم منهم جميعاً، فيما يقرره الإنجيل إذ يقول: “الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان” (متى 11: 11) ودونما استثناء لعيسى عليه السلام باعتبار أنه أيضاً ولدته أمه، كان “المعمدان” أعظم الجميع، ومع ذلك لم تجر على يديه أية معجزة).
عجرفة ديدات وافتراءاته قادته للهلاك. فهو يسرق النصوص دون خجل. وفي كل مرة يتم القبض عليه متلبساً؟! يا للعار فديدات يدعي أنه يكتب في مجال الدين الذي يخص الله، على كل الأحوال: أعدك عزيزي القارئ، وكما عودتك، بأنني سأبين سرقة ديدات للنصوص، ومحاولاته الفاشلة المتكررة.
- علامات معجزية ارتبطت بالمعمدان: يوحنا المعمدان أعظم الأنبياء من مواليد النساء، له الكثير من العلامات التي تشير إلى صدق إرساليته من الله. فمع أنه لم يقم موتى، ولم يشفي مرضى، ولم يفتح أعين العميان، لكن ارتبطت به علامات معجزية كبيرة. منها:
- نبوات قبل الحبل بالمعمدان: في القرن الخامس قبل الميلاد، وردت إحدى النبوات الهامة عن إرسالية يوحنا المعمدان، فقال الوحي المقدس عنه (هأنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي) (ملاخي 3: 1). إذن فقبل ولادة يوحنا المعمدان بأكثر من أربعة قرون، يعطي الوحي المقدس علامة خاصة له ومواصفات شخصيته فهو ملاك، أما رسالته، فالمتكلم هو الله يهوه القدوس، فرسالة يوحنا إذن: هو مهيئ الطريق أمام يهوه المتجسد، السيد الرب يسوع المسيح.
- قبل الحبل به مباشرة: قبل أن تحبل به أمه أليصابات مباشرة، جاء ملاكاً خاصاً من الله وهو الملاك جبرائيل ليعلن بأنه سيتم الحبل بهذا النبي العظيم، الذي هو أعظم مواليد النساء. فورد بالوحي المقدس (فقال له الملاك: لا تخف يا زكريا، لأن طلبتك قد سُمعت، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا) (لوقا 1: 13). فهذه المعجزة وهي ظهور ملاك قبل الحبل به، يؤكد سماوية إرسالية المعمدان، وهذه المعجزة تُحسب لصالحه كعلامة أكيدة على صدق إرساليته.
- عظمته في تكريسه للرب: أيضاً قبل الحبل به، يذكر الملاك جبرائيل أبرز صفات المعمدان: عظيم ومكرس. فيقول الوحي المقدس عنه (لأنه يكون عظيماً أمام الرب وخمراً ومسكراً لا يشرب…) (لوقا 1: 15). لا شك أنه من العظمة لدرجة جعلت الوحي يؤكد على هذه الصفة فيقول عنه (لأنه يكون عظيماً أمام الرب).
- وهو في بطن أمه: أي قبل أن يولد وهو في بطن أمه، يقول عنه الوحي المقدس، هذه المعجزة العظيمة التي تفرد بها المعمدان (ومن بطن أمه، يمتلئ من الروح القدس) (لوقا 1: 15). ما هذه العظمة، أن يمتلئ من روح الله، وهو في بطن أمه؟! فهذه أيضاً معجزة تضاف إلى المعمدان. وقد تحققت هذه المعجزة النبوية عندما سمعت أليصابات صوت سلام السيدة العذراء وهي تحمل رب الحياة المسيح في بطنها، فقد كان المعمدان أمام خالقه المسيح. (لوقا 1: 41 و44).
- نبوات عن رسالته: لقد وصف الوحي المقدس رسالته بدقة فقال (ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم، ويتقدم أمامه – أي أمام المسيح الله يهوه المتجسد – بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء، والعصاة إلى فكر الأبرار، لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً) (لوقا 1: 16 و17).
- الصامت يتنبأ: بعد ولادة المعمدان بأيام قليلة، حدثت معجزة جديدة لفتت أنظار المجتمع اليهودي على مستقبل الطفل يوحنا المعمدان. فقد انفتح فم أبيه زكريا الصامت، فتكلم بل وتنبأ بعد صمت طويل، دام أكثر من تسعة أشهر تقريباً (لوقا 1: 64)، وتنبأ عن ابنه المعمدان، بأنه نبي العلي (لوقا 1: 76). وحينما تكلم زكريا الصامت كل هذا الزمن، ركز المجتمع اليهودي أنظاره على يوحنا المعمدان ومستقبله، فقال الوحي المقدس (فوقع خوف على كل جيرانهم، وتحدّث بهذه الأمور جميعها، في كل جبال اليهودية، فأودعها جميع السامعين في قلوبهم قائلين: أترى ماذا يكون هذا الصبي؟ وكانت يد الرب معه) (لوقا 1: 65 و66).
- في خدمة المعمدان وتبشيره: هو الذي عندما عمّد المسيح، حدثت معجزة، حيث انفتحت السماء، ونزل الروح القدس على هيئة حمامة، واستقر على المسيح (لوقا 3: 21 و22؛ مرقص 1: 10 و11؛ متى 3: 13-17). وذكرها يوحنا المعمدان نفسه (يوحنا 1: 33).
كل هذه المعجزات رافقت يوحنا المعمدان قبل الحبل به وأثناء ولادته، وفي إرساليته. كل هذه المعجزات هي علامة قوية باهرة، لا تترك المعمدان أعظم مواليد النساء، دون أن تدشنه بمسحة إلهية تؤكد صدق شهادته، وتنير البصائر والأبصار على سماوية رسالة المعمدان. وهكذا يخرج المعمدان وبقوة كما ترى من دائرة تزيف ديدات. ويتركه خائرً خائباً في مستنقعه الذي أحبه فخلد به.
ثالثاً: المسيح أعظم الجميع
لقد وعدتك عزيزي القارئ، بأنني سأعود لأكشف لك تلك الآيات التي سرقها ديدات. فقد كتب في النص السابق (كان يوحنا المعمدان باعتراف عيسى عليه السلام، أعظم أنبياء بني إسرائيل، كان أعظم من موسى وداود وسليمان وأشعياء، كان أعظم منهم جميعاً. فيما يقرره الإنجيل إذ يقول: “الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء، أعظم من يوحنا المعمدان” (متى 11: 11) ودونما استثناء لعيسى عليه السلام باعتبار أنه أيضاً ولدته أمه، كان “المعمدان” أعظم الجميع، ومع ذلك لم تجر على يديه أية معجزة).
لاحظ عزيزي القارئ ما تحته خط، فديدات لا يحتمل تفرد المسيح، وها هو يسرق آيات الإنجيل ويضيف إلى عاره عاراً، فيفسر النصوص التي فبركها على مزاجه. هنا قبضنا عليه متلبساً بجريمته، فالوحي المقدس لا يجامل ولا يتجمل.
- ما سرقه ديدات: قصد ديدات مما وضعت لك خطاً تحته، أنه يريد أن يقول إن المعمدان أعظم من المسيح، لأن المسيح ولدته أمه أيضاً. وأنا أقول: إن الآية التي قدمها ديدات، هي آية مبتورة وغير كاملة، لأنه لو وضعها كاملة ستنسف كل سذاجته وستكشف هرجه وتجارته الفاسدة.
فالآية الكاملة التي قالها المسيح هي (الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان. ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه) (متى 11:11).
جريمة ديدات: سرقته لما تحته خط، سرقه لأنه ببساطة يحبط محاولته تفسير ما يريد. هذا هو عار ديدات. فالرجل لا يتأخر أن يمارس كل أنواع البلطجة مع آيات الكتاب المقدس التي تهدد تجارته. فهذا الجزء يسقط خرافات الرجل الحائر من رحمها.
فالآيات هنا تشهد بأنه بالرغم من عظمة المعمدان على كل مواليد النساء، فهي تشهد أيضاً، بل وتبدأ بكلمة (لكن) أي أن هناك استدراك لما سبق. فتقول (ولكن: الأصغر في ملكوت السموات هو أعظم من يوحنا المعمدان).
ولكلام المسيح بُعدين. الأول: أن أصغر مؤمن مسيحي، في مملكة المسيح الروحية، هو أعظم من أعظم مواليد النساء. فيوحنا المعمدان لم يتقدم أكثر من أن يكون أعظم مواليد النساء، بينما أصغر مؤمن مسيحي، هو ابناً لله (يوحنا 1: 12). والفرق كبير، فالمقارنة هنا ليست بين شخصية المعمدان، وإنما بين الامتيازات. فالمعمدان هو ابن الناموس، بينما المؤمن المسيحي له امتيازات النعمة. ولهذا هرب ديدات من هذه الآيات. فمجرد وجودها أرق مضجعه، فسرقها. أما البعد الثاني: فإن المؤمن المسيحي سيدخل السماء، وسيكون في حالة من المجد والكمال الفائقين، بحيث أن أصغر مؤمن فيهم، تكون امتيازاته وهو في السماء، أعظم من امتيازات يوحنا المعمدان وهو على الأرض. ولكن المعمدان أيضاً. عندما ينتقل إلى السماء، ستكون له مكانته العظيمة والخاصة في المجد.
لأجل هذا وغيره، قام ديدات بممارسة هوايته، فسرق هذا الجزء الذي ينسف كل خرافاته وسذاجته. لأنه لو أن هذا حال المؤمن بالمسيح، فكم يكون المسيح ربهم ورب المساء وديان كل الناس. لو أن هذه حال المؤمن بالمسيح، أنه صار ابناً لله، فكيف يكون المسيح كلمة الله النازل الواهب حياة للعالم (يوحنا 6: 33)، فهو النازل من السماء والصاعد إلى السماء، الذي هو في السماء (يوحنا 13: 3)؟!
فلا شك أنه أعظم من المعمدان وأعظم من الكل. ولهذا سرق ديدات الآية وقطعها، وقدم الجزء الذي توهم أنه سينال به من المسيح. ولكن، ها هو الوحي المقدس، كلمات الله الصادقة، تكشف السرقة، وتحبط المحاولة[1].
- ما تجاهله ديدات: في محاولة أخرى، يائسة وبائسة، لجعل يوحنا المعمدان أعظم من المسيح، حاول أن يتجاهل آيات كثيرة ويطمسها، ولكن الحق الإلهي لا يمكن طمسه. وهنا أود أن أشير لتلك الآيات التي تكلم فيها يوحنا المعمدان عن السيد المسيح. لنبرز معرفة يوحنا وإدراكه للفرق الكبير الذي بينه وبين مخلصه المسيح، وهو – أي المعمدان – يبرز هنا هذا الفرق، كالفرق بين السماء والأرض، كالفرق بين الخالق والمخلوق والإله والعبد.
لنرى ما شهد به المعمدان عن المسيح، قال المعمدان:
- هو ذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم.
- أنتم أنفسكم تشهدون لي أني قلت لست أنا المسيح، بل أني مرسل أمامه.
- من له العروس، فهو العريس، أما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحاً من أجل صوت العريس، إذاً فرحي هذا قد كمل، ينبغي أن ذلك – أي السيد المسيح – يزيد وأنا أنقص.
- الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع.
- الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن، لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله.
- أنا أعمد بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه، هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي، الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار.
- هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي الذي صار قدامي لأنه كان قبلي، وأنا لم أكن أعرفه، لكن ليظهر لإسرائيل، لذلك جئت لأعمد بالماء.
- إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه، وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه، فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس، وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله.
- أنا أعمدكم بماء للتوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحمل حذائه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار، الذي رفشه في يده وسينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ.
- حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه، ولكن يوحنا منعه قائلاً: أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إليَّ؟ فأجاب يسوع وقال له: اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر، حينئذ سمح له.
هذه هي الآيات التي نطق بها المعمدان بنفسه، وهو يؤكد من خلالها بأنه خادم المسيح وعبده، وهي آيات واضحة ولا تحتاج إلى تفسير. وهذا قليل مما شهد به المعمدان عن سيده وإلهه المسيح، وكان دقيقاً في إبراز مفهوم أنه ابن الناس وابن الأرض، وإنما سيده المسيح، هو المسيح من السماء ابن الله الكلمة. هذه الآيات ولقوتها، تجاهلها ديدات، وكأنه لا يراها، فسحقته بقوتها وتركته كما أراد.
رابعاً: المسيحي والمنطق العاقل
كتب ديدات تحت عنوان (المعجزات – علام تبرهن المعجزات؟) ص 92-94 (ولكن المسيحي بمنطق الأطفال يصر على أن عيسى إله، لأنه أعاد الحياة إلى ميت. هل إعادة الموتى تجعل الناس آلهة؟ إن مثل هذا السؤال يربك المسيحي لأنه قد انغلق ذهنياً بحيث لا يستطيع أن يرى معجزات لأنبياء آخرين يفوقون بمعجزاتهم معجزات عيسى عليه السلام، حتى ولو كانت معجزات الأنبياء الآخرين مثبته في إنجيله. وعلى سبيل المثال، ووفقاً للمعيار المسيحي الزائف:
أ . كان موسى أعظم من عيسى لأن موسى وهب الحياة لعصا ميتة “إنها جماد” وحوّلها من مملكة النبات إلى مملكة الحيوان بإحالتها حية تسعى” خروج 7: 10″.
ب. كان “أليشع” أعظم من عيسى لأن عظامه البالية ردت الحياة لرجل ميت بمجرد أن لامست العظام جسده “2ملوك 13”. هل يحتاج الأمر منا الأمر أن أضع بين أيديكم “كتالوجاً” بالمعجرات؟ إن سخف بعض العقول لا يزال ملحاً)
الأمر لا يحتاج “لكتالوج” وإنما لضمير حي صادق في البحث، ولا يتخذ من الكذب والتدليس أساساً وهدفاً لما يكتب.
- العنوان السابق: لقد بدأ ديدات خرافته السابقة بعبارة (ولكن المسيحي بمنطق الأطفال). فأقول: ليت ديدات كان طفلاً في الشر. لوفر على نفسه شقاء الأبدية. ولقد أخذت من عبارته العنوان السابق (المسيحي والمنطق العاقل). وسأفند كالعادة بنعمة الرب القدير أكاذيب ديدات وتدليسه واحدة تلو الأخرى. فالرجل متهالك وقد جرَّ أذيال الخيبة في كل مرة، اتهم فيها أنه سينال من المسيح.
- الأسلوب المخادع: اسمح لي عزيزي القارئ أن أقدم لك المنهج المخادع الذي سلكه ديدات في الفقرة السابقة محرفاً ومزوراً حقائقها الجوهرية لخدعة القارئ. وهذا المنهج الديداتي التدليس السابق. ألخصه في:
- ديدات يختلق إيماناً للمسيحيين: كتب ديدات (ولكن المسيحي بمنطق الأطفال يصر على أن عيسى إله، لأنه أعاد الحياة إلى ميت). ثم لكي يوهم نفسه بأنه يقدم سؤالاً يصعب الإجابة عليه، يتساءل في استغراب فيقول (هل إعادة الموتى تجعل الناس آلهة؟ إن مثل هذا السؤال يربك المسيحي لأنه قد انغلق ذهنياً بحيث لا يستطيع أن يرى معجزات لأنبياء آخرين يفوقون بمعجزاتهم معجزات عيسى عليه السلام، حتى ولو كانت معجزات الأنبياء الآخرين مثبته في إنجيله).
ثم يبدأ في سرد معجزات بعض الأنبياء الذين أقاموا موتى. ليوحي للقارئ بأن المسيحيين سُذج وبمنطق الأطفال. لأنهم يجعلون هؤلاء الأنبياء بشراً مع أنهم أقاموا موتى مثلما فعل المسيح، بينما يجعلون المسيح إلهاً، وهو لم يفعل أكثر منهم، فقد أقام موتى مثلهم!
ما هذه العبقرية التي يتمتع بها ديدات؟ إنه عبقري في محاولات فاشلة ساذجة، لا تصل حتى لسذاجة الأطفال. فهل ما كتبه ديدات له أي علاقة بإيماننا المسيحي؟ كلا البتة، لا من قريب ولا من بعيد. إنه كاذب مخادع، يخدر نفسه بأوهام خرافية، ويعتقد أنه يستطيع أن يصدرها للآخرين، أو أنها تمر على المسيحيين، ولكن مصائر اللصوص معروفة، ووقتهم دائماً أقصر مما يتخيلون. ولعبة ديدات هنا مكشوفة لنا تماماً. وهي لعبة لا يقترب منها الشرفاء.
وأنا أسأل الآن: مَن هو المسيحي الذي يقول: (المسيح إله لأنه أقام موتى)؟ أين أجد هذا المسيحي؟ فالمسيحي يقرأ في كتابه أن: بطرس رسول المسيح أقام موتى (أعمال 9: 40). ولم يقل أي مسيحي أن بطرس إله! والمسيحي يقرأ أيضاً أن بولس رسول المسيح، أقام موتى (أعمال 20: 9-12). ولم يقل أي مسيحي أن بولس إله؟ فما الذي يجري مع ديدات؟ ولماذا يكذب؟ ولماذا لا يحترم القارئ؟ ولماذا يُقولنا كلاماً لم نقله، ويختلق لنا إيماناً لا نعرفه؟ إنها تجارة ديداتية رابحة. ولكن المسيح قال (لأنه ماذا ينتفع الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟) (متى 16: 26؛ مرقص 8: 36؛ لوقا 9: 25).
- الإجابة التي تربك ديدات وغيره: لقد تساءل ديدات في نشوة مفتعلة، فقال (هل إعادة الموتى تجعل الناس آلهة؟!) وقبل أن يسمع إجابتنا، التي يعرفها جيداً، علق في هروب مقصود من الإجابة، فقال (إن مثل هذا السؤال يربك المسيحي لأنه قد انغلق ذهنياً بحيث لا يستطيع أن يرى معجزات أنبياء آخرين يفوقون بمعجزاتهم معجزات عيسى عليه السلام، حتى ولو كانت معجزات الأنبياء الآخرين مثبته في إنجيله)
أي مسيحي هذا؟ وأي ارتباك. وديدات يرتعب من إجابتنا؟ لأنه يعرفها جيداً
الإجابة بكل بساطة: لا وعلى الإطلاق، فمعجزة إقامة الموتى، لا تجعل من فاعلها إلهاً.
يسأل: إذن، كيف تقولون إن المسيح إله، لأنه أقام الموتى؟
الإجابة بكل بساطة: هذه أكاذيب ديدات، ولم تمثل في يوم من الأيام إيماننا، ولا أحد يضع هذا المقياس للألوهة! فقد وضعه ديدات من نفسه، ليسأل الأسئلة التي يريدها، ويلصقها بنا.
فلن تجد أي كاتب مسيحي يقول: أن المسيح هو الله. لأنه أقام الموتى. ومن الواضح، لسنا نحن من ينغلق ذهنياً.
إذن، فالقارئ غير المسيحي، الآن يقول: أنا مرتبك وفي حيرة، ولا أفهم أبعاد الموضوع. وأريد أن أفهم. هذه الأدوار يلعبها ديدات دائماً. فهو يوهم القارئ أو المستمع، بمعلومات خاطئة ولا علاقة لها بالمسيحية، ثم يبني عليها أسئلته الساذجة.
- ليفهم القارئ: عزيزي القارئ، هل لو أنني قلت: هذا الكائن هو إنسان لأنه يتنفس، فهل هذه المعلومة سليمة؟
بالتأكيد لا، لن النبات يتنفس والحيوان يتنفس أيضاً. إذن، فقد وضعت أنا مقياساً خاطئاً لمعرفة الإنسان، وهو التنفس.
ولكن لو قلبت المعادلة، فقلت: طالما هذا الكائن هو إنسان، فلابد أن يتنفس. هنا تكون المعلومة سليمة في المطلق، لأنه لا يوجد إنسان لا يتنفس.
هذا ما يفعله ديدات: يقلب المعادلة، ليخدع القارئ. فقد وضع المعجزة كدليل على الألوهية، فلو أقمت أنت ميتاً، فهذا يعني أنك إلهاً، مع أن الكتاب المقدس يؤكد، أن الأتقياء منحهم الله هذه الموهبة، فأقاموا موتى ولم يدعي أحد أنهم آلهة.
إذن لسنا من يقول: أن المسيح إلهاً لأنه أقام موتى. وإنما نقول: لأنه الله، فمن الطبيعي أن يقيم الموتى.
وعلى الفور يظهر سؤالاً في ذهنك عزيزي القارئ: إذن، ما الفرق بين المسيح وباقي الأتقياء الذين أقاموا موتى، إن لم تكن هذه المعجزة، هي المقياس؟
من يقرأ الإنجيل المقدس ليفهم، سيعرف الفرق الكبير والواضح، والذي أكد عليه المسيح مرات كثيرة. إذن سأضع هنا حجة المسيح وبرهان طبيعته اللاهوتية، التي قدمها، ثم أشرح المعنى. فقد قال المسيح له كل المجد (وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها) أي المعجزات (يوحنا 14: 11). وقال (أني قلت لكن ولستم تؤمنون، الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي، هي تشهد لي) (يوحنا 10: 25). وقال (ولكن إن كنُت أعمل، فإن لم تؤمنوا بي، فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه) (يوحنا 10: 38). وقال لتلميذه فيلبيس (ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب في؟ الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفس، لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال). (يوحنا 14: 10)
السؤال: لماذا لم يعترض ولا يهودي واحد ويقدم للمسيح عبقرية ديدات الساذجة، ويقول له: (عندنا موسى حول النبات إلى كائن حي. وعندنا عظام أليشع أقامت ميت. فما هي أعمالك بالمقارنة مع هؤلاء؟) وإن كنت سأفرد لهذه السذاجة الديداتية مساحة لاحقاً، إلا أنني أضعها هنا، لأنبه ذهن القارئ. إن معاصري المسيح، وهم يهود يعرفون كتابهم جيداً، أذهلتهم معجزات المسيح، والتي قدمها لهم كحجة وبرهان على ألوهيته، ليس لأنها مجرد معجزات، وإنما لأنها معجزات عُمِلت أمامهم بسلطان ألوهي، أي سلطان الكلمة (كن) فتكون الأشياء التي يريدها المسيح، فيقول للميت “قم” فيقوم الميت، وللبحر الهائج “إبكم” فيتوقف عن هياجه، ويصير هدوء عظيم… إلخ. هنا معجزات المسيح، تؤكد طبيعته اللاهوتية، ذلك لأنها أعماله بسلطان الإله، وليس مثل معجزات باقي الأنبياء، يصلون ويطلبون مراحم الله. ولهذا ربط المسيح معجزاته بطبيعته اللاهوتية فقال (الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي، هي تشهد لي) تشهد له بماذا؟ هل تشهد بأنه مجرد نبي؟ وهل هذا سياق كلام المسيح؟ هل حينما يقول لليهود (ولكن إن كنت أعمل، فإن لم تؤمنوا بي، فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه). فهل الأنبياء يكون الله فيهم بذاته وجوهره؟ بالتأكيد لا، ألم يبكتهم# المسيح حينما قال (الآب الحال في هو يعمل الأعمال). فهنا المسيح، لا يلفت النظر إلا لطبيعته اللاهوتية، فهو واحد مع الآب في الجوهر الألوهي. ولهذا كما أسلفنا، فقد اعتبر المسيح أن معجزاته اللاهوتية، التي يعملها بسلطان الألوهي، هي أعظم من شهادة يوحنا المعمدان له (يوحنا 5: 36).
أما الأتقياء الذين يمنحهم الله، عمل معجزات، فليس لديهم هذا السلطان الإلهي، وإنما يتضرعون ويصلون ويطلبون من الله. الذي قد يمنح العطية الآن أو لا يمنحها في هذا الموقف، كما يرى بحكمته المطلقة. هذا هو الفرق الذي يعرفه ديدات جيداً، ويهرب منه ويدلس ليخدع بعض القراء.
خامساً: موسى وأليشع وغيرهم.
أعود لأكمل الرد على عبقرية ديدات وسذاجته الفجة. وأضع كلامه هنا مرة أخرى للتذكير، فقد كتب تحت عنوان (المعجزات – علام تبرهن المعجزات؟) ص92-94 (ولكن المسيحي بمنطق الأطفال يصر على أن عيسى إله، لأنه أعاد الحياة إلى ميت. هل إعادة الموتى تجعل الناس آلهة؟ إن مثل هذا السؤال يربك المسيحي لأنه قد انغلق ذهنياً بحيث لا يستطيع أن يرى معجزات لأنبياء آخرين يفوقون بمعجزاتهم معجزات عيسى عليه السلام، حتى ولو كانت معجزات الأنبياء الآخرين مثبته في إنجيله. وعلى سبيل المثال، ووفقاً للمعيار المسيحي الزائف:
أ . كان موسى أعظم من عيسى لأن موسى وهب الحياة لعصا ميتة “إنها جماد” وحوّلها من مملكة النبات إلى مملكة الحيوان بإحالتها حية تسعى” خروج 7: 10″.
ب. كان “أليشع” أعظم من عيسى لأن عظامه البالية ردت الحياة لرجل ميت بمجرد أن لامست العظام جسده “2ملوك 13”. هل يحتاج الأمر منا الأمر أن أضع بين أيديكم “كتالوجاً” بالمعجرات؟ إن سخف بعض العقول لا يزال ملحاً)
- موسى النبي: لم يتجاسر ديدات هنا ليقدم الآيات الكتابية للقارئ، فهو يعرف، أنه لو اعتمد تقديم الآيات، فلن يطول كذبه كثيراً. إنه يهرب من الآيات الحاسمة الناسفة لكذبته، ويترك كلام الله مع موسى من البداية، لأنه لا يخدمه، ويذهب إلى (خروج 1: 10)، فهل سينقذه هذا الشاهد، أم سيورطه أكثر؟ لنبدأ إذن بالآيات التي هرب منها ديدات، الآيات التي دمرته وأرعبته فتركها. وعلينا الآن أن نضعها هنا لنكتشف بسياقها حقيقة الموقف. وما يعانيه ديدات، فقد اكتفى فكتب (كان موسى أعظم من عيسى لأن موسى وهب الحياة لعصا ميتة “إنها جماد” وحوّلها من مملكة النبات إلى مملكة الحيوان بإحالتها حية تسعى “خروج 7: 10”)
أما الآيات الكتابية التي تحوي كل السياق، فهي (فأجاب موسى وقال: ولكن ها هم لا يصدقونني ولا يسمعون لقولي، بل يقولون لم يظهر لك الرب: فقال له الرب: ما هذه في يدك؟ فقال عصا. فقال: اطرحها على الأرض، فصارت حية، فهرب موسى منها. ثم قال الرب لموسى: مد يدك وأمسك بذنبها، فمد يده وأمسك به، فصارت عصا في يده) (خروج 4: 1-4)
والآن لنرى كذب ديدات: أين العصا التي وهب لها موسى الحياة؟ فهل قال موسى للعصا: كوني حيّة فكانت حيّة؟ بالطبع لا. إذن لماذا يكذب ديدات ويدلس على القارئ؟
إن المعجزة هنا ليست من عمل موسى النبي، وإنما بقوة خارجة عنه، فقد حول الله العصا لحية. وأكبر دليل على أن موسى ليس له علاقة بالأمر كله، بل حتى لا يعرف ما الذي كان سيحدث للعصا حينما ألقاها. إن العصا حينما صارت حيّة، هرب موسى منها! وماذا يعنى هذا؟! يعني هذا أن موسى لم يكن لديه أي فكرة عن كيف ستبدأ المعجزة أو تنتهي؟ ولا أن العصا ستصير حيّة، بعد أن صارت حيّة تفاجأ وهرب منها. فهل يهرب النبي من معجزته؟ لأنها ليست معجزته، فلا غرابة في عدم فهم موسى للمعجزة ولا كيف صارت العصا حيّة. خاصة أنه هو مّن كتب هذه التوراة وهو يشهد عن نفسه، بأنه لم يكن يعلم ما الذي سيحدث للعصا، والدليل: أنه هرب منها. وهذا يعني أن إرادة موسى النبي هنا، كانت غائبة عن أن تؤثر في العصا، فهو حتى لم يطلب من الله هذا الأمر، ولم يصلي حتى لتصير العصا حية. ببساطة لأنه لم يكن يعرف أي شيء. فإن لم يكن ديدات ساذجاً فيما يكتب، فكيف يقدم مقارنة مهلهلة من هذا النوع، بين موسى الذي لم يكن يعلم أي شيء عن المعجزة فيهرب منها، وبين المسيح له كل المجد، من يأمر بنفسه الأشياء، فيقول لها “كوني فتكون”؟ لا تستغرب عزيزي القارئ، ومن الجيد أن تهيئ نفسك لك شيء وأنت تقرأ لهذا الرجل. ولكن الأمر لم ينتهي بعد، فأريد أن أكشف لك ما تبقى.
(أ) خداع ديدات (خروج 7: 10): لاحظ عزيزي ما كتبه ديدات سابقاً (كان موسى أعظم من عيسى لأن موسى وهب الحياة لعصا ميتة “إنها جماد” وحوّلها من مملكة النبات إلى مملكة الحيوان بإحالتها حية تسعى” خروج 7: 10″).
هل لاحظت الشاهد الكتابي الذي يضعه هنا؟ إنه يكتب هذا الشاهد (خروج 7: 10). إذن لنعود لهذا الشاهد في الكتاب المقدس ونضعه هنا (فدخل موسى وهرون إلى فرعون، وفعلا هكذا كما أمر الرب، طرح هرون عصاه أمام فرعون وأمام عبيده، فصارت ثعباناً) (خروج 7: 10).
هل عرفت الآن لماذا لم يضع ديدات هذه الآية؟ فكما هرب من الآيات السابقة، لأنها تكشف أن فاعل المعجزة هو الله لا موسى، هرب أيضاً من هذه الآية، ولم يكتبها لأمرين. الأول: لأن الآمر فيها أيضاً هو الله لا موسى. والثاني: لأن الذي ألقى العصا هنا هو هارون لا موسى. إنه ديدات فلا تنزعج، عليك فقط وفي كل مرة، أن تقبض عليه متلبساً، وهذا مما يغمرني ببهجة فأفتخر بكلمة الله الحية، التي ترعب المدلسين، وتجعلهم كالفئران المذعورة الهاربة، من قط جبلي مرعب. ولم ينتهي الموقف خزلاناً للرجل بعد. فخداعه وعدم كتابته للآية السابقة والآيات التي قبلها، يتماشى تماماً مع:
(ب) ما سرقه ديدات: ما يحذفه ديدات، يمثل غالباً الضربة القاضية لخرافته. فقد قدم لنا (خروج 7: 10)، فماذا عن الآيات التي قبلها؟ فلنكتبها هنا أيضاً (وكلم الرب موسى وهرون قائلاً: إذا كلمكما فرعون قائلاً: هاتيا عجيبة، تقول لهرون: خذ عصاك واطرحها أمام فرعون فتصير ثعباناً) (خروج 7: 8 و9)
هذه الآية توضح أن الأمر بجملته في يد الله، وليس لموسى أو هارون أي قدرة ولا أي إرادة، لإتمام أي شيء، كل ما عليهما أن ينفذا أمر الرب، فهو الفاعل لهذه المعجزة. ولهذا لم يتجاسر ديدات على كتابة أي آية في هذا الموضوع، لأنه يعرف تماماً أنها ستنهي خرافته الميتة أصلاً.
- أليشع النبي: لن يختلف الموضوع كثيراً، فالفكرة واحدة في المعجزتين، ففي خرافة جديدة أراد تصديرها، كتب (كان “أليشع” أعظم من عيسى لأن عظامه البالية رديت الحياة لرجل ميت بمجرد أن لامست العظام جسده “2ملوك 13”)
لن أطيل كثيراً في هذه المعجزة، خاصة أن ديدات يعترف بأن أليشع النبي لم يكن حيًا وإنما ميتًا، وأن عظامه عندما وقعت عليها جثة الرجل الميت، كانت سببًا في قيامته من الموت
وماذا يعني أن اليشع كان ميتًا وليس حيًا؟! يعني أنه كان بلا إرادة وبلا روح وبلا عقل! وماذا يعني هذا؟ يعني أن قوة المعجزة لم تكن نابعة من جسد اليشع الميت في ذاته. وإنما من قوة خارجية منحت الحياة للميت فقام.. فواضح وبصورة جلية، أن الله هو الفاعل والمؤثر من خلال استخدامه لجسد أليشع النبي غير الحاضر هنا في هذا الموقف تمامًا .. والأمر لا يحتاج لكثير من التعليق فالفكرة في الموضوعين واحدة ساذجة في ذات الوقت.. ولا تعطي مجالًا أصلًا للمقارنة بينها، وبين معجزات المسيح التي هو المريد والفاعل والمؤثر فيها، لسلطانه الألوهي وحده، وبقوته الذاتية، التي هي قوة لاهوته الخالق المبدع الرائع الكامل.
[1] راجع الشواهد التالية، وهي التي قالها يوحنا المعمدان وشهد فيها عن عظمة المسيح وامتيازاه عن الجميع (متى 3: 11-15 ويوحنا 1: 26، 27؛ 1: 29-35 ؛ 3: 28-36)