قلب المعجزة – من الموت إلى الحياة – ردا على احمد ديدات
استفاق ديدات من مستنقعه، ليكتب عن هذه المعجزة، وسأناقش كلامه واحدة واحدة، فبهجة الحق الكتابي، في إرعاب الهاربين منه، تنعشني حتى الافتخار بكلمة الله الحية
أولاً: إيمان وليس طنطنة
كتب ديدات بهرجه المعهود، تحت عنوان (لازاريوس) “أي لعازر” في ص 94 (ولكن حيث أن هناك الكثير من الطنطنة حول أعظم معجزات عيسى عليه السلام، وهي في نظرهم معجزة إحياء لعازر)
كما ترى عزيزي القارئ، عجرفة ديدات وهكذا دون خجل من كم الآيات التي تجاهلها، وهو يسمي إيماننا بهذه المعجزة (طنطنة)، وأنا أعرف جيداً وجع ديدات، فقد كان يتألم حتى الموت، في كل مرة يرى فيها تألق الآيات اللاهوتية التي تشهد لألوهية المسيح. وهذا الازدراء الذي يبدأ به كلامه هنا، ما هو إلا انفجاراً لغضب مكبوت في صدره، تجاه طبيعة المسيح، الإله الذي أحب الناس وافتقدهم بأن جاء في طبيعتهم.
أما الطنطنة فهي للعقول الفارغة، التي تنتهج الكذب وسيلة لها، وتقص هنا وتلصق هناك، وتتجاهل الآيات الهامة الموجعة هنا، وتدخل في غيبوبة مصطنعة هناك، إنه كأسك يا ديدات فاشرب منه حتى الثمالة، فأنت من طنطن حول معجزة إقامة لعازر من الموت، تاركاً الوحي المقدس.
ثانياً: أين حق القارئ؟
واصل ديدات حديثه فكتب (فإننا سنتناول المسألة كما وردت بإنجيل يوحنا، ومن المدهش أن كتّاب الأناجيل – فيما عدا يوحنا – لم يكتبوا عن هذا “اللعازر” في أي نص من النصوص. وعلى كل حال فإن القصة تقول إن لعازر كان مريضاً جداً، وألحت أختاه مريم ومرثا على دعوة السيد المسيح لكي يحضر ويشفيه من مرضه، ولكن وصل متأخراً جداً، وفي الحقيقة فإن أربعة أيام كانت قد مضت على وفاته عندما وصل المسيح عليه السلام)
- خداع القارئ: ديدات يستغل عدم رجوع البعض للإنجيل، فيكذب عليهم كما ترى ودون أن يعرف حمرة الوجوه يقول (فإننا سنتناول المسألة كما وردت بإنجيل يوحنا). وبالطبع الآن عزيزي القارئ، أنت تعرف كيف وردت المعجزة في الإنجيل، وديدات يختصر كل ما يؤلمه، فيقدم القصة – ليست كما وردت في الإنجيل – وإنما كما هي في خياله الذي غيّبه بإرادته.
- الهروب خلف شرط الإيمان: كتب ديدات وهو يهرب من الحق الواضح أمامه، بأن المسيح وجه كلامه إلى مرثا قائلاً (ومع ذلك لو عندك إيمان فسترين عظمة الله، كان الشرط إذن هو الله وجود إيمان بالله، أوليس هو القائل إن الإيمان يمكن أن يحرك الجبال؟).
هذا هو ديدات ببساطة، فلا يقدم كل الحوار – الذي قدمناه سابقاً – الذي دار بين المسيح ومرثا، وكيف أنه وعدها فقال لها (سيقوم أخوك) ولا إعلان ألوهيته في قوله (أنا هو القيامة والحياة)، ولا أن المسيح أشار من البداية لمجده الذي سيعلنه في هذه المعجزة، ولا أي شيء، فالرجل يقصد ألا يرى أي شواهد تؤكد حقيقة طبيعة المسيح اللاهوتية، ويتمسح بعبارات يأخذه من قلب السياق، معتقداً أنه يمكن أن يخدع بها القارئ. وهنا يحاول أن يهرب، بأن الإيمان بالله شرط. هذه خيبة ديدات، هل تعرف عزيزي القارئ أين وردت هذه العبارة التي يتمسح بها ديدات؟ دعني أكتب لك السياق لتكتشف طريقة ديدات في التدليس، حيث أنه ترك كل الحوار الأول بين المسيح ومرثا، وقفز إلى مكان القبر، ولكن الألم سيزيد على ديدات بعد قليل، والآن إليك السياق كله، وكيف يلتقط ديدات كلمة من بين الكلام لا تعبر عن معناه إلا في سياقها (فلما أتى يسوع وجد أنه قد صار له أربعة أيام في القبر، وكانت بيت عنيا قريبة من أورشليم نحو خمس عشرة غلوة، وكان كثيرون من اليهود قد جاءوا إلى مرثا ومريم ليعزوهما عن أخيهما، فلما سمعت مرثا أن يسوع آت لاقته، وأما مريم فاستمرت جالسة في البيت، فقالت مرثا ليسوع: يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي، لكني الآن أيضا أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه، قال لها يسوع: سيقوم أخوك، قالت له مرثا: أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة، في اليوم الأخير، قال لها يسوع: أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد. أتؤمنين بهذا؟ قالت له: نعم يا سيد. أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم، ولما قالت هذا مضت ودعت مريم أختها سرا، قائلة: المعلم قد حضر، وهو يدعوك، أما تلك فلما سمعت قامت سريعا وجاءت إليه، ولم يكن يسوع قد جاء إلى القرية، بل كان في المكان الذي لاقته فيه مرثا، ثم إن اليهود الذين كانوا معها في البيت يعزونها، لما رأوا مريم قامت عاجلا وخرجت، تبعوها قائلين: إنها تذهب إلى القبر لتبكي هناك، فمريم لما أتت إلى حيث كان يسوع ورأته، خرت عند رجليه قائلة له: يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي، فلما رآها يسوع تبكي ، واليهود الذين جاءوا معها يبكون، انزعج بالروح واضطرب، وقال: أين وضعتموه ؟ قالوا له: يا سيد، تعال وانظر، بكى يسوع، فقال اليهود: انظروا كيف كان يحبه، وقال بعض منهم: ألم يقدر هذا الذي فتح عيني الأعمى أن يجعل هذا أيضا لا يموت، فانزعج يسوع أيضا في نفسه وجاء إلى القبر، وكان مغارة وقد وضع عليه حجر، قال يسوع: ارفعوا الحجر. قالت له مرثا، أخت الميت: يا سيد، قد أنتن لأن له أربعة أيام، قال لها يسوع: ألم أقل لك: إن آمنت ترين مجد الله) (يوحنا 11: 17-40)
هذا الجزء كبير من السياق، أخذ منه ديدات فقط الكلمة التي تحتها خط. هل تصدق ذلك؟ فلماذا لم يكتب ديدات هذا السياق للقارئ؟ لأن في السياق موجود موضوع الإيمان. ففي السياق السابق، نقرأ أن موضوع الإيمان، هو الإيمان بالمسيح ابن الله، أي الله المتجسد، وقد سأل المسيح مرثا (أتؤمنين بهذا؟) يا ترى تؤمن بماذا؟ لنرى سياق السؤال. (فقالت مرثا ليسوع: يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي، لكني الآن أيضا أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه، قال لها يسوع: سيقوم أخوك، قالت له مرثا: أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة، في اليوم الأخير، قال لها يسوع: أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد. أتؤمنين بهذا؟ قالت له: نعم يا سيد. أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم).
لقد طمس ديدات هذا السياق، وأخذ كلمة واحدة منه، لأن السياق سيدمر مشروعه الإجرامي تماماً، وهذا الطمس يكفي لنسف خرافات ديدات وأكاذيبه الفاسدة.
ثالثاً: خرافة الأنين
خرافة الخرافات التي كتبها ديدات، والتي من خلالها نجح في أن يصيبني بالدهشة، رغم أنني كنت قد تعودته وأتوقع منه أي شيء، إلا أن هذه الخرافة فاقتهم جميعاً. فتحت عنوان (المسيح يئن) ص 94-95 كتب ديدات (ويأمر المسيح عليه السلام أن يؤخذ إلى قبر المتوفي، وفي الطريق اتجه إلى الله، كان يتجه بكل قلبه وجماع إيمانه، وكان في قرارة نفسه يصلي ويدعو الله، ولكنه يتوسل ويتضرع بكل هذه الخشوع لم تكن كلماته بحيث يسمعها الناس حوله أو يفهموها. ومن هنا آثرنا تعبير “اتجه بقلبه” وعند بلوغ القبر اتجه عيسى “بقلبه” مرة ثانية، وربما بعزيمة إصرار أكبر مما سبق، وسمع الله صوت توجه القلب إليه، سمع صلاته التي كان يرددها بقلبه، وتلقى عيسى “بقلبه” تأكيد الله له أنه سبحانه سيلبي رجاءه، آن لعيسى الآن أن يستريح وأن يأمر بإزالة الحجر الذي كان يغلق المدفن، لكي يتمكن لعازر أن يعود من بين الأموات، ودون ذلك اليقين الذي أمد الله به عيسى، ما كان عيسى ليجعل من نفسه سخرية الناس)
- خرافات في منام ديدات: أعتذر لعدد الخطوط التي وضعتها تحت الكلمات، وبكلمة واحدة أقولها لك عزيزي القارئ، كل هذا الكلام لا وجود له على الإطلاق في الإنجيل المقدس. إن ديدات ينام ويحلم، ويعتقد أن ما يراه في منامه هو في الإنجيل، فهو يترك الإنجيل ويؤلف كما يريد. وتخبطه هنا، دليلاً على قوة المعجزة، وطبيعة ألوهية المسيح الواضحة فيها، ومن الغريب المدهش أن ديدات يفضح نفسه هنا ويسخر من عقله ويحتقره بشكل مقزز. فقد كتب أعلاه (وفي الطريق اتجه إلى الله. كان يتجه بكل قلبه وجماع إيمانه، وكان في قرارة نفسه يصلي ويدعو الله، ولكنه وهو يتوسل ويتضرع بكل هذا الخشوع لم تكن كلماته بحيث يسمعها الناس حوله أو يفهمونها. ومن هنا آثرنا تعبير “اتجه بقلبه”)
فعيسى كان يصلي بخشوع، ولكن لم يسمع أحد من الجموع صوت صلاته. فكيف سمعتها أنت يا ديدات؟! الرجل مذهل حقاً، الجموع لم تسمع ولكن ديدات هو الوحيد الذي سمعها!! ففي كل هذا الكون وبعد ألفي عام. سمع ديدات صلاة عيسى التي لي يقلها أصلاً عيسى!! ويزيد ديدات من سماجته فيؤكد، بأنه أيضاً ولا واحد من الجموع فهم صلاة عيسى!! فكيف فهمتها أنت يا ديدات؟! وكيف تكتب معانيها هنا؟ فما هذه العبقرية المتطرفة لحد الجنون؟ أما الأغرب: فهناك من يصدق هذا الكلام!!
ثم لا يكترث الرجل ويعترف بأنه الوحيد الذي سمع هذه الصلاة – غير الموجودة أصلاً – وفهمها، فيعترف قائلاً (ولكنه – أي عيسى – وهو يتوسل ويتضرع بكل هذا الخشوع لم تكن كلماته بحيث يسمعها الناس حوله أو يفهمونها. ومن هنا آثرنا تعبير “اتجه بقلبه”). فيعترف ديدات أنه هو الذي اختار لصلاة عيسى غير المسموعة وغير المفهومة. اختار لها تعبير (اتجه بقلبه)، فإذا كان عيسى قد اتجه بقلبه، فكيف سمعت أنت صلاته وفهمتها؟! هل ديدات يعقل ما يكتب، أم أن الكذب أعمى ذهنه وبصيرته؟!
يعني الوحي المقدس وتلاميذ المسيح وأهل الميت وكل الشهود، لم يسمعوا ولم يفهموا صلاة عيسى، بينما ديدات سمعها وفهمها. فلماذا يحتقر ديدات نفسه لهذا الحد؟ لقد فقد سيطرته على غضبه. وبات يرزح تحت ثقله. فيوجه عقله بغضبه وجنونه على المسيح. هذا الجنون الديداتي يكشف لك عزيزي القارئ: استغلال ديدات المقيت لجهل بعض القراء بالكتب المقدس.
ولكن على كل فهذه العبارة (ومن هنا آثرنا تعبير “اتجه بقلبه“)، هي شهادة قوية واعتراف صريح من ديدات بأنه يؤلف، ويترك ما في الإنجيل المقدس، وهذا أيضاً يكفي.
- مواصلة ديدات لاختراعاته: لم ينتهي ديدات من المسألة، فالرجل لا ينتهي مسلسل خرافاته بسهولة. فبمنطق المخادع المرواغ والمزور للحقائق، يواصل خداعه للقارئ، فيقول عن عيسى أنه صلى مرة أخرى، وديدات أيضاً سمع وفهم. فمع أنه لا يوجد مرة أولى، يخترع ديدات المرة الثانية التي لا وجود لها أيضاً، فتحت العنوان السابق كتب (وعند بلوغ القبر اتجه عيسى “بقلبه” مرة ثانية، وربما بعزيمة إصرار أكبر مما سبق، وسمع الله صوت توجه القلب إليه، سمع صلاته التي كان يرددها بقلبه، وتلقى عيسى “بقلبه” تأكيد الله له أنه سبحانه سيلبي رجاءه، آن لعيسى الآن أن يستريح وأن يأمر بإزالة الحجر الذي كان يغلق المدفن، لكي يتمكن لعازر أن يعود من بين الأموات، ودون ذلك اليقين الذي أمد الله به عيسى، ما كان عيسى ليجعل من نفسه سخرية الناس).
لن أطيل عليك عزيزي القارئ. ولا أريد أن أتركك في دهشة من جرائم ديدات التي لا تنتهي، ولكن لاحظ عبقرية ديدات (وعند بلوغ القبر اتجه عيسى “بقلبه” مرة ثانية، وربما بعزيمة إصرار أكبر مما سبق، وسمع الله صوت توجه القلب إليه، سمع صلاته التي كان يرددها بقلبه، وتلقى عيسى “بقلبه” تأكيد الله له أنه سبحانه سيلبي رجاءه).
فديدات لم يسمع فقد صلاة عيسى الوهمية غير الموجودة أصلاً، بل إنه يدعي أكثر من ذلك، فيدعي أنه سمع أيضاً استجابة الله لعيسى. (وسمع الله صوت توجه القلب إليه). فإن كان هو توجه قلب، فكيف سمعته يا ديدات؟ وكيف سمعت استجابة الله للقلب؟! وكل هذا عزيزي القارئ: لا أصل له في الإنجيل المقدس. فأرجوك توقف عن الاندهاش وتابع معي.
رابعاً: الوصول للقبر وإقامة لعازر
ويعود ديدات هنا ليحبك حبكته النهائية التي بدأها. فمنذ أن تكلم عن هذه المعجزة وهو يحاول أن يضع القارئ في جو معين، إنه الجو الذي اختاره ديدات لذلك العيسى الذي لا نعرفه، عيسى الذي يصلي بصوت غير مسموع وبكلمات غير مفهومة إلا لديدات فقط الذي سمعها وفهمها، وغير ذلك من التهريج الذي قصده ديدات ليصل بالقارئ الكريم إلى صورة معينة في ذهنه، وعندما يصل بالقارئ الكريم إلى قبر لعازر، يكون قد تهيأ القارئ ذهنياً ليقبل من ديدات هذه الجرعة السامة الأخيرة، والتي فحيحها يعلن أنها باتت في مقدمة أنيابه. ونحن لا نخاف السموم فقد شفينا من سم الحية القديمة، ولهاذا فبنعمة الرب: سنناقش المعجزة حتى النهاية.
- وصول المسيح لقبر لعازر وخدعة “إرفعوا الحجر”: لقد حاول ديدات هنا أن يلعب بالآيات الإنجيلية، فقدم واحدة عن الأخرى. فقد ترك أمر المسيح برفع الحجر حتى النهاية، ليكذب على القارئ بأن المسيح عندما تخاطب مع أبيه السماوي، وأنه بعد أن تأكد أن الله استجاب له، عندها أمر برفع الحجر. وها هو ديدات يفبرك الأحداث دون خجل ويقول (آن لعيسى الآن أن يستريح، وأن يأمر بإزالة الحجر الذي كان يغلق المدفن، لكي يتمكن لعازر أن يعود من بين الموتى، ودون ذلك اليقين الذي أمد الله به عيسى ما كان عيسى ليجعل من نفسه سخرية الناس).
هذا الكلام غير صحيح، لأن المسيح بمجرد أن وصل إلى القبر، أمر برفع الحجر، وليس لديدات فرصة ليهرب من الوحي المقدس الذي شهد فقل (وجاء – المسيح – إلى القبر وكان مغارة، وقد وضع عليه حجر، قال يسوع: ارفعوا الحجر. قالت له مرثا أخت الميت: يا سيد قد أنتن، لأن له أربعة أيام. قال لها يسوع: ألم أقل لك: إن آمنت ترين مجد الله) (يوحنا 11: 38-40)
قصد المسيح أن يشتم كل الحاضرين رائحة الموت. ليشتموا بعدها رائحة الحياة. أمر برفع الحجر، وتحرجت مرثا أن يشتم الناس رائحة أخيها النتنة، حيث قالت للمسيح (قد أنتن)، أي رائحته أصبحت نتنة، غير أن المسيح أراد أن تكون رائحة لعازر إحدى الأركان في شهادة الجموع، الذين رأوا وسمعوا واشتموا أيضاً.
ولكن لا أنسى هنا، أن أذكرك عزيزي القارئ، ببعض أخطاء ديدات وسقاطاته فقد كتب سابقاً (آن لعيسى الآن أن يستريح، وأن يأمر بإزالة الحجر الذي كان يغلق المدفن، لكي يتمكن لعازر أن يعود من بين الموتى، ودون ذلك اليقين الذي أمد الله به عيسى ما كان عيسى ليجعل من نفسه سخرية الناس).
اليقين يقين المسيح في ذاته، فلا صلاة ولا استجابة. وقد أمر برفع الحجر بمجرد أن وصل للقبر. وضع المسيح نفسه بكل قوة أمام هذا التحدي الكبير، فقد أمر بفتح قبر متعفن، وسيكون الأمر في غاية الحرج – كما أخطأ ديدات وكتب – أن لم يقيم المسيح هذا الميت، فستكون السخرية كبيرة جداً. ولكنه رب الحياة وعقل الله الذي يعرف ماذا سيفعل، وقد ناجى أباه السماوي بصوت مسموع، يرد على الذين اتهموه بأن معجزاته القوية في اخراج الشياطين، هي بقوة بعلزبول رئيس الشياطين. فأراد المسيح هنا أن يعلم الجميع أن جوهره ألوهي من ذات جوهر الآب وطبيعته، ولذلك فبعد أن رفع الحجر، وأصبح في موقف التحدي، أعلن أنه القادر على كل شيء وأنه كلمة الله المسموعة على الدوام.
- أمر المسيح للميت أن يخرج: وقف المسيح أمام قبر لعازر، وليس كمن يطلب المعونة ويصلي أو يتضرع، وإنما وقف بقوة الواثق العَالِم يما سيفعله، العارف أنها قوته الذاتية ومشيئته الذاتية، وقف أمام القبر وبسلطان لاهوته (صرخ بصوت عظيم: لعازر هلم خارجاً! فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة ووجهه ملفوف بمنديل، فقال لهم يسوع حلوه ودعوه يذهب) هذه هي شهادة الوحي الإلهي في الإنجيل المقدس، ويا ها من شهادة غالية معبرة عن قدرة إلهية واضحة يتمتع بها المسيح العظيم! فبكلمة أمره، عاد الميت إلى الحياة!
عزيزي القارئ: إننا هنا لا نتكلم عن المعجزة في حد ذاتها. وإنما نتكلم عن أسلوب المعجزة. ماذا قال المسيح وكيف تصرف وما هي النتيجة؟ وكلها أمور وجد ديدات أنه من الأصلح له، أن يبقى في غيبوبته، فلا يتطرق إليها.
- الثمرة الطبيعية: ما الذي يمكن أن يكون ثمرة لهذه المعجزة القوية الباهرة، التي أظهر فيها المسيح سلطان لاهوته، فأقام لعازر من الموت من بعد أربعة أيام؟! قال الوحي المقدس عن هذه الثمرة (فكثيرون من اليهود الذين جاءوا إلى مريم ونظروا ما فعل يسوع: آمنوا به) ولكن آمنوا بماذا؟! إنه سؤال مهم هرب السيد ديدات منه! إنهم قبل هذه المعجزة ومن خلال معجزات كثيرة، يؤمنون بأن المسيح نبي عظيم. أما هنا فقد ارتقى إيمانهم على ما شهد به هو بنفسه في سياق المعجزة. أنه ابن الله، وأنه هو القيامة والحياة. الخ. هذا هو إيمان هؤلاء بالمسيح، بعد أن رأوا بعيونهم سلطان لاهوته، وأنه يأمر الميت بكلمة “قم فيقوم” وهذا الإيمان هو ثمرة طبيعية لألوهية المسيح، وسلطان الذي أبهر الناس، وتجلى في أمره للعازر الميت منذ أربعة أيام بالخروج من القبر حياً، فخرج حياً.
- ختام الأمر كله: لقد أكد المسيح قدرته الذاتية على إقامة الموتى، تارة بالكلام وأخرى بالأعمال أيضاً. وحيث أثبت أنه قادر على إقامة الموتى بالبيان، فأقامهم أمام الشهود. فلا ننسى كلامه أيضاً. فهو الذي قال (لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي، كذلك الابن أيضاً يحيي من يشاء) (يوحنا 5: 21) يحيي من يشاء، وهنا لا مجال للتدليس، فقد بين المسيح هنا طبيعته اللاهوتية، ذلك لأنه عقل الله. فإنه أيضاً قادر في أن يحيي من الموت من يشاء. ليس هناك أوضح من ذلك وفي كتابنا المقدس، ومن له أذنان للسمع فليسمع. ونحن اليوم نؤمن بالمسيح العظيم، الذي هو فوق السنين والأجيال، وخارج حدود الزمان والمكان. وهو مخلصنا وفادي نفوسنا، وسيأتي قريباً. ويأخذنا معه للمجد الأبدي، الذي أعده للمؤمنين به، بصلبه وموته وقيامته وصعوده، ولم يبقى كثيراً ليأتي مرة أخرى. فاغتنم الفرصة قبل فوات الأوان.