رسالة المسيح – رسالة مرتبطة بصفاته اللاهوتية ردا على احمد ديدات
لقد هرب ديدات من موضوع رسالة المسيح، هرب من مواجهة شواهدها الكتابية القوية، ولخصها سريعاً ومهرولاً عن رؤية شمسها الساطعة. فكتب تحت عنوان (الطريق إلى الخلاص) ص 89 (يتبقى لنا إذن الموضوع الثاني عن “رسالة المسيح عليه السلام وعن معجزاته”. إن رسالة عيسى رسالة بسيطة واضحة الاستقامة والاستواء، شأنها في ذلك شأن رسالات من سبقوه من الرسل).
هذه أقوى ضلالة أقنع ديدات بها نفسه. وحتماً لا يمكن أن يستخدم الإنجيل المقدس. كشاهد على أكاذيبه هذه. فمن يقرأ الإنجيل، يدرك على الفور تفرد المسيح تماماً. جملة وتفصيلاً عن كل الأنبياء بدون استثناء. وكل البشر بصورة عامة. فقد حرم ديدات نفسه من الحياة.
إذن: لنحلل تعاليم المسيح، ورسالته، وشخصه، في ضوء الإنجيل المقدس، لنرى: هل يوجد في الوجود كله من يشبهه أو يماثله؟ وهل يوجد في الأنبياء جميعاً، من لا يشتهي الشهادة لمجده؟ وهل في البشر، من يستحق أن يحُل سيور حذائه؟ (مرقص 1: 7 ولوقا 3: 16 ويوحنا 1: 27).
- المسيح محور النبوات: كيف يكون المسيح – في أكاذيب ديدات – مثل كل الأنبياء، في الوقت الذي نجد فيه محور كل نبوات أنبياء العهد القديم، تدور في فلك المسيح؟ إذن فالمسيح هو شهوة قلوبهم ومشتهى كل أجيالهم (ملاخي 4: 2)، بينما لم يتنبأ أي نبي، عن أي نبي منهم، ولا أي نبي عن النبي الذي سيأتي بعده. بل حتى يوحنا المعمدان، الذي حينما أشارت له النبوة في (ملاخي 3: 1)، أشارت له كخادم للمسيح، حيث قال الوحي الإلهي النبوي (هأنذا أرسل ملاكي – يوحنا المعمدان – فيهيئ الطريق أمامي، ويأتي بغتة إلى هيكله، السيد الذي تطلبونه وملاك العهد – المسيح – الذي تسرون به، هو ذا يأتي قال رب الجنود).
واضح كذب ديدات وتدليسه الفاشل، فالمسيح دائماً وأبداً مختلف عن كل الأنبياء، وعن البشر الآخرين كل الآخرين، في كل شيء، فهو محور النبوات، بل ومحور كل التاريخ الذي انقسم به، فأصبح قسماً من التاريخ يُسمى: قبل ميلاد المسيح، وقسماً يُسمى: بعد ميلاد المسيح. فمن من الأنبياء قسم التاريخ؟ ولا نبي على الإطلاق. فقد عاشوا صادقين بالوحي فيما كتبوا عنه. وظلوا خدامه الأمناء الذين أخبروا البشرية عن حتمية قدومه، وعن ألوهيته العجيبة، وطبيعته السماوية، ورسالته الفريدة التي أساسها موته مصلوباً، وقيامته من الموت وصعوده إلى السماء ومجيئه لمحاسبة الناس في آخر الأيام. فمن يشبه المسيح بين كل الأنبياء؟ لا أحد. ولكنها أكاذيب ديدات المكشوفة.
- المسيح متفرد في ولادته: كل الأنبياء ولدوا بطريقة طبيعية بشرية 100%، بينما ولد المسيح بطريقة فريدة لا مثيل لها ولن يكون في التاريخ البشري كله مثيل لها.
إذن، واضح لأي منطق عاقل، أن ديدات متحير في شخصية المسيح، ومتورط إلى القاع، فكيف يكون المسيح مثل كل الأنبياء، وقد دخل إلى عالمنا بطريقة لا علاقة لها بالأنبياء ولا بأي بشر. إنه المسيح المتميز في كل شيء عن كل البشر، فيكابر ديدات في هذه المسألة الواضحة للجميع.
- علاقة طبيعة ولادة المسيح المعجزية برسالته: لماذا يُولد المسيح بدون أب بشري؟ هذا السؤال من الأسئلة المهمة، التي يجب ليس فقط الإجابة عليها. وإنما التفكير فيه، وفهم حقيقة هذه المعجزة، فهماً سليماً. فهل لو أنه مجرد نبي، كان يستلزم بالضرورة، أن يُولد دون أب من البشر؟ كيف إذن يكون – كما يكذب ديدات – بأنه مثل كل الأنبياء؟
(أ) معجزة: ولكن لماذا؟!: يكتفي ديدات بأن يقول: إنها معجزة. ولكن هل هي معجزة عشوائية؟ بالصدفة؟ غير مقصودة؟ بالتأكيد هذه ليست طريقة الله في المعجزات، فكل عمل إلهي له هدف واضح ومقصود بعناية.
إذن، لماذا؟ أليس من العجيب أن يكسر المسيح، في طريقة الحبل به كل القوانين الطبيعية والنواميس البشرية المعروفة؟ وفي سابقة في التاريخ البشري لم تحدث ولم تتكرر ولن تتكرر، يُولد المسيح بدون زرع بشري، أي بدون أب من البشر. لماذا؟!
يجب الإجابة على هذا السؤال، دون أي انفعال عاطفي، ودون أي إجابة موجودة أصلاً لديك مسبقاً. فلا تقل: إنها معجزة، لأن هذه الإجابة، المفروض تكون على السؤال: هل هي معجزة؟ أما أن يكون السؤال: لماذا يُولد المسيح بهذه الطريقة الفريدة؟ ستكون الإجابة بأنها معجزة، هي إجابة ميتة، لأن السؤال سيظل قائماً، نعم، إنها معجزة. ولكن لماذا؟! فكيف يكذب ديدات ويدعي بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(ب) لا يحتاج إلى معجزة: لو أننا قلنا، أن ولادة المسيح هكذا بدون أب من البشر هي مجرد معجزة فقط، تكون بلا قيمة ولا هدف، خاصة أن المسيح والمعترف به من الجميع هو أكثر من قام بعمل معجزات على الأرض، من حيث طبيعتها ومن حيث عددها. فمن الشفاء إلى الخلق، لم يقف شيء أمام قدرة المسيح اللاهوتية. فليس بحاجة لإضافة معجزات، حتى تكون ولادته مجرد معجزة، دون أن يكون لها هدف واضح في رسالته. فكيف يكذب ديدات ويدعي بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(ج) العقل والمنطق: نعم، إن العقل والمنطق ينظران إلى ولادة المسيح بعين التأمل والتدقيق، لأنه لا بد أن يكون هناك هدفاً واضحاً لهذه الطريقة الفريدة في الولادة مرتبطاً برسالة المسيح. بكلمات أخرى نقول: ما هو هذا الشيء الجوهري في رسالة المسيح والذي استلزم أن يُولد بهذه الطريقة الفريدة؟؟
لابد أن لولادة المسيح بهذه الطريقة العجيبة، عملاً خاصاً ومهماً يرتبط برسالته. بحيث لا يمكن أن تكتمل إلا إذا وُلد هو بهذه الطريقة الإعجازية!!
هذا هو التحليل المنطقي لطبيعة ولادة المسيح بهذه الطريقة، لأنه حاشا لله أن يفعل أشياء مبهمة، وغير مبررة، دون أن يكون من ورائها، قصداً إلهياً عظيماً. فكيف يكذب ديدات ويدعي، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(د) هدف المعجزة: إذن ما هو الهدف؟ هذا سؤال مهم، ويجب الإجابة عليه. فأن الهدف الأساسي هنا في ولادة المسيح دون أب من البشر، هو ألا يحمل نتائج الخطية الجدية فخطية آدم وحواء. ففي الحبل بالمسيح، كُسر قانون توريث نتائج الخطية الجدية. فآدم وحواء معاً، يورثان نتائج الخطية – وهي فساد الطبيعة البشرية والموت الأبدي – لأن آدم وحواء معاً اقترفا الخطية الأولى، وتم عقابهما معاً، وهنا لا نجد آدم مع العذراء مريم، بل نجد عملاً إلهياً (فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك. وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضاً القدوس المولود منك، يدعى ابن الله) (لوقا 1: 35).
فآدم وحواء هما من يورثا معاً الخطية القديمة. فلا يستطيع الرجل وحده ولا المرأة وحدها، أن تورث الخطية، بل الرجل والمرأة معاً.
ومن هنا نفهم: لماذا وُلد المسيح بدون أب من البشر، ذلك لأن القانون الطبيعي لتوريث الخطية قد انكسر في ولادته، فلم يسري على المسيح لعدم تحقيق قانون توريث الخطية، لأن ليس له أب من البشر، وهكذا كان المسيح هو الشخص الوحيد في تاريخ البشرية كلها الذي وُلد ولادة غير طبيعة، بحبل غير طبيعي ولهذا لم يرث خطية آدم وحواء، لأنه الوحيد الذي في الحبل به وفي ولادته، تم كسر ناموس توريث الخطية الآدمية الأولى، فالهدف إذن واضح، ألا يرث المسيح نتائج خطية جدية. من فساد الطبيعة البشرية والموت الأبدي. إلخ، وهذا هو الهدف المقصود والمرتبط برسالة المسيح الخلاصية. فكيف يكذب ديدات ويدعي بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(هـ) ثمرة المعجزة: فما معنى هذا؟ أي ماهي ثمرة عدم وراثة المسيح لنتائج الخطية الجدية؟! بكلمات أخرى، ما قيمة أن يكون المسيح بلا خطية على الإطلاق؟! معنى هذا أن المسيح هو الشخص الوحيد في تاريخ البشرية كلها، الذي بلا خطية والطاهر النقي المطلق. فهو لم يرث نتائج الخطية ولم يفعل أي خطية. وبالتالي يكون هو الوحيد المطلق، الذي يصلح ككفارة وفدية تكفر إلى الأبد عن خطية الإنسان. فكيف يكذب ديدات ويدعي، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(و) شخصية المسيح: وربما يسأل البعض فيقول: ولكن حتى ولادة المسيح بهذه الطريقة العجيبة، فإنها لا تخرجه من دائرة البشر، أي أنه يظل محدوداً وليس له القدرة على خلاص الجنس البشري… أليس كذلك؟ أقول: هذا في حالة أن يكون المسيح مجرد إنسان!! ولأنه ليس مجرد إنسان، دخل إلى عالمنا بطريقة متميزة تليق به. أعلى من مستوى كل البشر، فلو كان المسيح مجرد إنسان، لما استلزم الأمر أن يولد بهذه الطريقة!
وهنا أريد أن أنبر على أمر هام، أراد ديدات فاشلاً كعادته أن يزوره، حيث أنه يدعي أننا نؤمن أن المسيح إله، لسبب أنه ولد بهذه الطريقة. وهذا فشل ذريع من ديدات. وبعيد عن الحقيقة الرائعة. بل إننا نقول: لأنه الله المتجسد، كان لا بد أن يُولد بهذه الطريقة العجيبة. فهذه الولادة ليست سبباً لألوهيته، وإنما لألوهيته قبل التجسد، فهو كلمة الله الأزلي، لذل حتماً كان لا بد أن يولد بهذه الطريقة الإعجازية الفريدة، فهو عقل الله قبل أن يتحد بطبيعة بشرية في بطن السيدة العذراء. لهذا دخل إلى عالمنا البشري بهذه الطريقة الفريدة. الفرق عظيم وكبير.
أرجو أن تعود إلى موضوع (ابن الله)، وموضوع (في البدء) في هذا الكتاب لفهم كمال هذه العقيدة المؤسسة على المسيح الحق الإلهي، فكيف يكذب ديدات، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(ز) قوة النبوات وصدقها: كذلك فكل النبوات في الكتاب المقدس وقبل ولادة المسيح بآلاف السنين، والبعض بمئات السنين، جاءت هذه النبوات واضحة، تكشف عن شخصية المسيح اللاهوتية. وقد أوضحنا ذلك في باب خاص، في كتاب “شهود الصليب” الذي هو رد على كتاب ديدات “مسألة صلب المسيح” وفي هذا الباب قدمنا عشرات النبوات، التي يكن الرجوع لها. فكيف يكذب ديدات، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(ح) المسيح كامل مطلق في صفاته: مما سبق وغيره، يتضح للمدقق، أن المسيح كامل في صفاته وأفعاله وكلامه وطبيعته، أما طبيعته اللاهوتية فيه تعطيه وتحقق فيه صفة اللامحدودية في أفعاله وإمكاناته، فالخطية التي فعلاها آدم وحواء، قد صدرت تجاه الله غير المحدود، وبالتالي تستوجب كفارة غير محدودة، وهذا ما لا نجده إلا في المسيح. فهو غير المحدود بلاهوته، والنقي الطاهر المطلق بلاهوته وناسوته. كما أن ألوهيته، تحقق فينا أيضاً، قدرته على خلق وتجديد الطبيعة الإنسانية الساقطة الميتة.
إذن في المسيح يسوع يتحقق الآتي: إنه جاء إلى عالمنا متجسداً في طبيعتنا البشرية، ولهذا تمكن من وضع نفسه للموت، ليحقق الفداء، وأنه ولد بلا خطية كما لم يفعل أي خطية، ولهذا فهو البار والطاهر غير المحدود والخالق. فهو كامل في طبيعته، إنه الله المتجسد. فكيف يكذب ديدات، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(ط) قدرته على فداء البشرية كلها: إذن فإن العدل الإلهي يعاقب كل الناس بالموت الأبدي، وهذا يعني موت كل الناس. فإن المسيح بصفاته السابق شرحها، هو الوحيد الذي يستطيع أن يُخلص كل الجنس البشري من الموت الأبدي.
وهكذا مات المسيح بطبيعته البشرية على الصليب، نيابة عن كل البشر وكفارة عنهم جميعاً، مقدماً حياته بدلاً من حياتهم جميعاً. فالعدل الإلهي يطلب القصاص بموت كل نسل آدم. وقدم المسيح حياته بدلاً من حياة الجميع. وهذا هو مفهوم كلمة الفداء. أي أن المسيح فدى بموته حياة كل الناس. فقد قدم خلاصاً يكفي لكل البشر. لأنه الوحيد القادر بلاهوته اللامحدودية، فهو الاله المتجسد، أن يفي ويكفر عن الخطية اللامحدودة في حق الله غير المحدود. وعلى البشر إن أرادوا، أن يقبلوا مجاناً هذا الخلاص الأبدي، فكيف يكذب ديدات، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(ي) في قيامته قمنا نحن: ولكن، لو أن المسيح مات ولم يقم من الموت، فإن ذلك يعني أن للموت أيضاً سلطاناً عليه، ولكن الحقيقة لم يكن للموت سلطاناً عليه. فقد قام من الموت منتصراً عليه معلناً سلطانه هو على الموت وليس العكس. وبالتالي لأنه قام من الموت وغلبه، وكان عندها متحد بطبيعتنا البشرية، فقد حُسب انتصاره على الموت انتصاراً لكل الجنس البشري، اللابس هذه الطبيعة، وهكذا خلّص المسيح، من الموت الأبدي كل الذين أتوا إليه. وأصبح هناك قيامة للبشر في نهاية الأيام. بعد أن كان محكوماً عليهم بالموت الأبدي. بل أصبح هناك حياة سعيدة بعد القيامة منحها لهم المسيح العظيم، والفادي الكريم في سماء نحيا فيها كالملائكة إلى الأبد. فكيف يكذب ديدات، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(ك) كل الأنبياء يصلحون: لو أن رسالة المسيح عادية – كما يكذب ديدات – مثل كل الأنبياء الذين سبقوه. فلماذا لم يصلح أي نبي من أنبياء الله، ليتمم الفداء؟ فإن كانت رسالة المسيح عادية. فكان يمكن لأحد أنبياء العهد القديم، أن يصلح ليقوم برسالة الفداء، هذه الرسالة التي اعتبرها ديدات عادية، لم يستطع أن يقوم بها، غير المسيح، الذي هو السرمدي، جاء إلى عالمنا بهذه الطريقة الفريدة. فولادة المسيح بهذه الطريقة، مرتبط أصلاً برسالته الخلاصية.
أما الضربة القاضية لمستنقع ديدات، فلو أن المسيح وُلد بطريقة عادية مثل كل البشر، لأمكنه أيضاً القيام بهذه الرسالة الهزيلة التي اقترحها ديدات، واعتبرها رسالة عادية، ما كان الأمر أبداً يستدعي ولادته المعجزية. فكيف يكذب ديدات، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(ل) خدعة (معجزة للإيمان): وربما يقول البعض، إن ولادة المسيح بهذه الطريقة الإعجازية، كانت ضرورية ليؤمن اليهود به! أقول: كيف تكون هي معجزة لليهود وهم لم يعرفوا المسيح حتى كرسول أو كنبي، إلا بعد أن قام بالمعجزات بينهم، وحدث ذلك عندما صار عمره ثلاثين عاماً؟! كما أنهم لم يعرفوا أنه وُلد بطريقة إعجازية، بل كانوا يعتقدون أنه ابن مريم ويوسف النجار (متى 13: 55 ومرقص 6: 3 ولوقا 4: 22 ويوحنا 1: 45 و6: 42). فالإنجيل المقدس مليء بالآيات التي تؤكد ذلك. فكيف تكون ولادته معجزة لهم. وهم لا يعرفون عنها أي شيء؟! كما أنهم آمنوا بالكثير من الأنبياء قبل المسيح، وصدقوا كلامهم ونبواتهم، وكان هؤلاء الأنبياء جميعاً قد ولدوا بطريقة طبيعية من أب وأم ودون معجزة. فكيف يكذب ديدات، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
(م) معجزة بلا تأثير!: من ناحية أخرى، لو كانت ولادة المسيح بهذه الطريقة، هي فقط معجزة ليؤمنوا به، أقول: لم يكن لولادة المسيح بدون أب – وهي معجزة عظيمة – أي تأثير على موقف إيمان اليهود من المسيح، فلم يؤثر فيهم ليؤمنوا به، وذلك لأنهم لا يعرفونها. وبناء على هذا الرأي الخطأ، بأنها معجزة للإيمان، تكون هي إذن معجزة بلا تأثير، ولم تحقق هدفها الإلهي، وحاشا لإرادة الله من ألا تتحقق. فكيف يكذب ديدات، بأن المسيح، مثل باقي الأنبياء؟
هل رأيت عزيزي القارئ، أهمية ولادة المسيح بهذه الطريقة الإعجازية الفريدة؟! وعمق ارتباط طريقة ولادته برسالته؟! يجب الوقوف على الحقائق وفهمها، دون الاستعجال والانصراف عنها، بوضع أي تفسير لا يناسبها.
(ن) الدينونة: يكفي أن نذكر هنا هذا الفرق الجوهري، الذي يقدمه الإنجيل المقدس، بين المسيح وجميع الأنبياء، حيث سيجلس المسيح في آخر الأيام، على عرشه دياناً للبشرية كلها، ليحاسب كل واحد على أعمالهم. فأين الأنبياء من مقام المسيح هذا؟
فإن المنطق يقول: لو أن المسيح مجرد بشر عادي، ورسول مثل باقي الرسل فعليه إذن أن يتمم رسالته، ثم يحاسبه الله في نهاية الأيام مثل كل الرسل. أما أن يأخذ هو مكان الله، ويحاسب الناس والأنبياء والرسل جميعاً، فهذا يعني شيئاً واحداً فقط: أنه هو الله الظاهر في الجسد البشري. فلن يحاسب الناس إنساناً مثلهم، وإنما ربهم وخالقهم الذي هو المسيح، لأن حق محاسبة الناس، هو حق إلهي مطلق، فلماذا يأخذه المسيح فقط، إن لم يكن هو الله؟! إن ديدات يكذب!
إذن من الكثير الذي سبق والأكثر الذي لم نقدمه هنا. واضح كل الوضوح تفرد المسيح في صفاته وطبيعته اللاهوتية، وتعاليمه وسلطانه، ونستطيع بثقة وإيمان أن نقول: أن المسيح ورسالته ليس باي حال من الأحوال مثل من سبقوه من الأنبياء والرسل كما كذب ديدات. فمجرد أن يقدمه الإنجيل على أنه الله المتجسد (يوحنا 1: 1 و14)، فهذا وحده كافٍ ليسجد له كل الأنبياء ويتعبدون له.
لقد كذب ديدات، حينما قال: إن رسالة المسيح، مثل رسالة كل الأنبياء، وأنه مثلهم، لقد أهلك ديدات نفسه بنفسه، حينما رفض رسالة المسيح.