عمل الصليب قوة الخلاص للعالم – ردا على احمد ديدات
وليس بعد المسيح ما يقال…
كتب ديدات في الفصل الثامن، ص 88 وتحت عنوان (ما يتبقى: ثلاث موضوعات) (تبرز وتتضح أمامنا ثلاث موضوعات مهمة جديرة بالبحث والمناقشة وهي:
- عدم وفاة المسيح على الصليب.
- رسالة المسيح ومعجزاته.
- البشارة برسول بعد المسيح يأتي اسمه أحمد.
وبالنظر إلى الموضوع الأول المتعلق بعدم موت المسيح عليه السلام على الصليب فإنني كنت قد كتبت كتاباً صغيراً بعنوان “هل صلب المسيح؟”[1]. منذ حوالي عشرين عاماً ونفذت طبعة الكتاب، وأكثر من ذلك فإنه يحتاج إلى إضافات جديدة حيث إن مياهاً كثيرة قد جرت تحت القنطرة. وفيما يتعلق برسول بعده اسمه أحمد، فإنني أرى أن أضع كتاباً صغيراً بعنوان: “محمد الخليفة الطبيعي للمسيح”[2] وأرجو أن أوفق سريعاً في إنجازه إنشاء الله “صلوا من أجلي”[3]).
أولاً: عمل الصليب قوة الخلاص للعالم
كتب ديدات (عدم وفاة المسيح على الصليب). وقام المترجم علي الجوهري، بوضع حاشية معلقاُ على هذه العبارة هكذا (أُنظر ترجمتنا لكتاب “مسألة صلب المسيح” وفيه يقدم العلامة أحمد ديدات ثلاثين دليلاً على أن المسيح لم يتوفى على الصليب)
لقد تم بنعمة الرب، الرد على كتاب “مسألة صلب المسيح”، بكتاب عنوانه “شهود الصليب”. وتم تفنيد كل الأكاذيب التي كتبها ديدات بأرقام صفحات كتابه.
كيف أنه رجل مزور للحق الإلهي، وكيف يسرق الأجزاء المهمة من الآيات ويقدم الباقي الذي يريد أن يبني عليه اشتياقاته…. كما أنني أوضحت للقارئ الكريم، كم التناقضات الرهيبة التي وقع فيها ديدات، وختمت الكتاب بتقديم ثلاثين دليلاً، لدحض من يسمى “ثلاثين دليلاً” قدمها ديدات، وهي لا علاقة لها بالبحث الجاد، تعتمد فقط على التزوير ومن يقرأ كتابنا “شهود الصليب” سيكتشف طبيعة كتابات ديدات الساذجة… وقد أثبتنا فيه حتمية صلب المسيح وموته على الصليب، كحقيقة أسطع من نور الشمس في كل صباح…
وبالرغم من أن كتاب ديدات “مسألة صلب المسيح” في جملته، هو مخالف لكل العقائد الدينية، في قضية صلب السيد المسيح… إلا أن المترجم علي الجوهري، ولأمر ما في نفسه، ترجم له هذا الكتاب، بالرغم أيضاً من اعتراف ديدات نفسه، في نهاية كتابه: بأنه لا يؤمن حتى بهذه النظرية الساذجة التي قدمها هو، عن حالة الإغماء التي تعرض لها عيسى وهو على الصليب. فلا تستغرب عزيزي القارئ. فالكاتب هو ديدات. وهنا أود أن أشير لبعض الحقائق
- ديدات يقف يتيماً: وقف ديدات يتيماً يحاول أن ينفي صلب المسيح، الذي يُعد من أهم ركائز العقيدة المسيحية، بل هو وألوهية المسيح، بمثابة قضيبين من الفولاذ القوي، تسير عليهما كنيسة المسيح في بحر هذا العالم. فالمسيح هو الذي حينما سأله تلاميذه، قال لهم (وأنتم من تقولون إني أنا؟ فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي – عندها رد المسيح وقال له – طوبى لك يا سمعان بن يونا، إن لحماً ودماً لم يُعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات. وأنا أقول لك أيضاً: أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيسة وأبواب الجحيم لن تقوى عليها) (متى 16) فهنا أعلن المسيح، أن حجر أساس كنيسته، طبيعته اللاهوتية… أما عن حتمية صلبه. فقد أكد ذلك في آيات كثيرة إذن[4]: ديدات يقف يتيماً أما شهادة الكتاب المقدس في العهد القديم، والإنجيل المقدس في العهد الجديد، والتاريخ الكنسي، والتقليد أو التسليم الكنسي، وكذلك شهادة المؤرخين غير المسيحيين وصلوات المسيحيين في كنائسهم كلها عبر التاريخ الطويل[5]. كل ذلك وغيره يؤكد حقيقة صلب المسيح، بينما يقف ديدات وحده يتيماً، لا أخ له ولا شريك يعضده، في نظريته الساذجة “الإغماء على الصليب” … غير ميرزا غلام أحمد، فديدات تلميذ ذاك.
- طفرة في عقل ديدات، لم يذكرها التاريخ: هل في يوم وليلة، نام المسيحيون، ثم استفاقوا من نومهم، فوجدوا عقيدة جديدة اسمها “صلب المسيح”؟ كيف يمكن أن تحدث هذه الطفرة، دون أن يذكرها التاريخ العام. والتاريخ المسيحي خاصة، وهو الذي لم ينسى شاردة أو واردة عن المسحيين إلا سجلها.
هل لم يعترض أي معترض على هذه العقيدة الجديدة. في كل دول العالم، في ذلك الوقت؟ خاصة أن عقيدة صلب المسيح هي لب وأساس العقيدة المسيحية. وليس بأمر جانبي غير ملفت يمكن التغاضي عنه؟
ثم كيف تغيرت الصلوات في الكنيسة المسيحية حول العالم، في يوم وليلة، للتماشي مع العقيدة الجديدة، عقيدة صلب المسيح؟
وقبل هذا وذاك، كيف تغير كل الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، ليواكب هذه الطفرة الخطيرة في التاريخ، دون أن يعترض أي كاتب لهذه الطفرة إلا عقل ديدات؟ فلا نجد ولا مؤرخ واحد يتكلم عن هذا التحول الجذري والفجائي في هذه العقيدة الثابتة، بل على العكس يذكر المؤرخون غير المسيحيين صلب المسيح كحدث تاريخي وقع في التاريخ، دون أي شائبة في هذه الحقيقة الجلية الجليلة. إنها طفرة في عقل ديدات، حينما ادعى: أن عيسى أصابته حالة من الإغماء على الصليب. إنه أقنع نفسه بهذه الخرافة، بينما يظل صخر الحق الإلهي معلن في الإنجيل المقدس، وحقيقة ملموسة في حياة الكثيرين. إن عمل الصليب الفدائي، قوة مؤثرة في العالم لمنح نعمة الخلاص لكل من يريد، فعلى الصليب، سحق المسيح غلبة الشيطان، فجرده من سلطان الموت الأبدي على البشر (كولوسي 2: 15). واحباً نعمة الخلاص الأبدي مجاناً لكل من يقبل إليه.
- اكتب ما تشاء: كتب ديدات (البشارة برسول بعد المسيح يأتي اسمه أحمد. وفيما يتعلق برسول بعده اسمه أحمد، فإنني أرى أن أضع كتاباً صغيراً بعنوان: “محمد الخليفة الطبيعي للمسيح” وأرجو أن أوفق سريعاً في إنجازه إن شاء الله. “صلوا من أجلي”)
أما بخصوص هذا الكتاب، فاكتب ما تشاء، فنحن لا نصادر حرية الفكر، بل ليس لنا هذا الحق، فلديدات وغيره الحق أن يؤمن بما يريد، وبمن يريد وكيفما يريد، وله أن يكتب من الكتب ما يشاء، فهذا لا يهمنا من قريب أو بعيد. ولكن ليس له أن يؤلف ويفبرك، ثم يدعي أن ينقل من الكتاب المقدس، أو من مصادرنا المسيحية. لأن الوحي الإلهي لن يتسامح مع كل مزور، وسيكشف كل تزوير أو تلفيق أو سرقة نصوص، مثلما فعل ديدات، فالكتاب المقدس، هو الحق الإلهي، الذي يُدافع عن ذاته بذاته، وبكل قوة، ولم ولن يحتاج لمدافعين عنه. ونحن نؤمن أنه ليس بعد المسيح، ما يقال.
[1] تم الرد على هذا الكتاب، بكتاب بعنوان: “شهود الصليب”.
[2] المترجم إلى العربية لم يعجبه هذا الاسم الذي وضعه ديدات لكتابه، ولهذا ترجمه المترجم هكذا “محمد بعد المسيح” واكتفى بوضع حاشية يقول فيها “راجع الاسم بالإنجليزية لاضطرارنا إلى إيجازه” أي إيجاز؟ فعدد الكلمات هو بذاته، هذه عدم أمانة في الترجمة، وأطلب من القارئ أن يراجع كتابنا “شهود الصليب” حيث وضعت هناك باباً خاصاً للرد على المترجم علي الجوهري الذي غيّر في ترجمة كتاب ديدات.
[3] هذه العبارة ترجمها المترجم هكذا “بفضل دعواتكم لي” مع أن ديدات يستخدم الأسلوب المسيحي، حيث كتب: “Pray for me” أي “صلوا من أجلي” وهو مصطلح مسيحي بحت، وقد استنكر المترجم على ديدات أن يستخدم هذه الكلمات المسيحية الجميلة، فهو يصحح لديدات أخطاءه.
[4] راجع كتابنا “شهود الصليب”.
[5] موضوع صلوات الكنيسة غاية في الأهمية، لأن الصلوات نابعة من الكتاب المقدس ومؤسسة على العقيدة، ولهذا ليس من السهل تغيير الصلوات القائمة جملة وتفصيلاً على صلب المسيح وموته على الصليب. كما أنه من العجيب برغم إنتشار الكنيسة في كل العالم واختلاف طقوس الصلوات حسب ثقافة كل بلد، إلا أن كل هذه الطقوس قائمة على إيمان واحد في العالم كله، بأنه قد تم موت المسيح مصلوباً على الصليب في يوم الجمعة العظيمة، ودفن في القبر وقام في اليوم الثالث من الموت بقوة لاهوته. وبعد أربعين يوماً صعد إلى السماء بذاته، وأنه سيأتي في نهاية الأيام ليحاسب العالم كله. فكيف ومن أين أتت هذه الصلوات الكنسية القائمة على صخرة ألوهية المسيح، وموته بشرياً على الصليب، وهي موثقة من القرن الميلادي الأول؟ ويرجع أصلها النبوي للعهد القديم. فديدات يقف يتيماً أمام هذا الحشد الذي لن ينتهي ولن يتوقف إنسكابه.