Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

من الذي حمل الصليب – يسوع نفسه أم سمعان القيرواني؟

#العيّنة_بيّنة (26): من الذي حمل الصليب ، يسوع نفسه أم سمعان القيرواني؟

من الذي حمل الصليب – يسوع نفسه أم سمعان القيرواني؟

يتصور البعض ان اجابتنا على هذا السؤال ما هو الا محاولة لفبركة “حل” حديث لمشكلة لاحظها مسلم فطن! وأننا أضطررنا إلى إبتكار حل وعلى المسلم (الفطين) أن يرُد على رد “النصارى” التضليلي! وسوف نستعرض اليوم سؤال: من الذي حمل الصليب ، المسيح أم سمعان القيرواني؟

عذرا، بعض من الهدوء.

زمن الرد هو القرن الثالث، نعم فهذا الرد والتناغم بين روايات الازائيين ويوحنا متاح فى الكنيسة 4 قرون قبل ظهور ديانتهم

هل تعلم ان اوريجانوس من القرن الثالث الميلادي قد ناقش هذه القضية وقال نفس ما نقوله؟ فيقول كل من: Ernst Haenchen و Robert Walter FunkوUlrich Busse إن بداية من أوريجانوس فإن الدافع الدفاعي جعل روايتي يوحنا والاناجيل الازائية في توافق وانسجام. [1]فآباء الكنيسة من العصور المبكرة جداً كانوا يعرفون كِلا التقليدين أن المسيح حمل الصليب بنفسه وأيضا حَمل سمعان للصليب، فهو ليس حلاً مُبتكراً، بل هو رد متأصل فى فكر الكنيسة منذ البداية.

تاريخيا

 إن كل المحكوم عليهم بالصلب يحملون صلبانهم بأنفسهم كما يقول [2]Plutarch وهذا يؤكد ما قاله إنجيل يوحنا أن يسوع خرج حامل صليبه، إذن فمن المؤكد أن القديس يوحنا يتكلم عن صورة المسيح لحظة خروجه من قصر بيلاطس حاملا صليبه، اما وصف الازائيين فهم يشرحون ما حدث في الطريق إلى الجلجثة، ولهذا فيستخدم القديس متى كلمة “ἠγγάρευσαν” والتي تعني الإجبار والتسخير، وهذا ما نقرأه فى المرجع الاول ان العدد 17 من إنجيل يوحنا يصف الموقف لحظة مغادرة المسيح للقصر اما مرقس، في الجانب الاخر، يشرح ما حدث فى الطريق للجلجثة[3]. وتاريخيًّا، فإن الجنود الرومان لديهم السلطة لتسخير الشعب لفعل ما يريدون كما ينقل فتزماير عن[4]G. B. Caird  فيقول مارشال أنه من الضروري إذن افتراض ان يسوع قد أُنهك بسبب حَمل الصليب ووزنه فأجبر الجنود الرومان سمعان على مساعدته[5].

يقول John J. Owen ان في بادئ الأمر، قد حمل يسوع صليبه بنفسه، ولكن بسبب الإنهاك المتنامي، مع حاجته السابقة للراحة، والضغط الواقع عليه، فلم يكن يستطيع أن يحمله أكثر، لمسافة أبعد من هذه، فَسُخِّر سمعان ليساعده في حمله[6]. ويقول Norval Geldenhuys أن المخَلِّص حَملَ الصليب بنفسهِ من قَصر الحاكم الروماني ولكن بعد صراعه الروحي في جثسيماني والمعاناة الجسدية طوال الليل بدون لحظة واحدة من النوم أو الراحة وحالة الإنهاك والنزيف فلم يعد قادرًا أن يحمِل صليبه في شوارع أورشليم الضيقة فأُجبر سمعان على مساعدته[7].

النص نفسه يحمل دلالة ان الإزائيين قد تكلموا عن ماذا حدث اثناء الطريق وليس لحظة خروجهم من قصر بيلاطس إذ أن القديس مرقس يَصف الحدث ويقول ان سمعان “كان آتيًا من الحقل”، وبالطبع لن يكون آتيا من القل ومتمشياً داخل قصر بيلاطس يتنزه، فمؤكد أن هذا كان في الطريق من حقله إلى بيته أو إلى مكان آخر، فهو كان في طريق، وهنا تصادف مرور الرب يسوع المسيح حاملاً صليبه، وكان قد أُنهكَ تمامًا، ولهذا سخروا سمعان القيرواني لحمل الصليب لمواصلة السير نحو الجلجثة لتتميم الصلب كما يقول روبرت بيسيريلّي[8]. فمكان تسخير الرومان لسمعان هو بالقرب من بوابة المدينة كما يقول وليم لان[9].

أمَّا فى بداية سير يسوع يقول يوحنا “فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع” خرج من أين؟ الاجابة: “كرسي الولاية في موضع يقال له البلاط وبالعبرانية جبّاثا” (يوحنا 19: 13)، فتوقيت حمل يسوع المسيح لصليبه حرفيا هو عند “خروجه من القصر” أما توقيت حمل سمعان القيرواني للصليب هو “لما مضوا به” (لوقا 23: 26)، وبعدما “خرجوا به ليصلبوه” (مرقس 15: 20)، “فيما هم خارجون” (متى 27: 32)، إذن فالإنجيليون قد ميزوا بدقة توقيت حمل المسيح لصليبه وتوقيت حمل سمعان القيرواني لصليبه بعده. فهل يمتلك أي مشكك دليل أن سمعان القيرواني قد حمل الصليب من موضع الحكم في قصر هيرودس إلى الجلجثة؟!

لكن، دعونا نرد على تعليق أحد مدراء قناة البينة فيما كتبه وإعتقده أنه “رداً” على “الرد” واهما!

من حمل الصليب ، يسوع نفسه أم سمعان القيرواني؟

سنقتبس كل جملة ونعلق عليها:

يقول [أولا.. لم يقل أي من الأناجيل أنّ المسيح كان يحمل الصليب لفترة ثم تعب فقام اليهود بتسخير سمعان!.. فالرواية المنسوبة إلى يوحنا صرّحت بأنّ المسيح حمل صليبه إلى موقع الصلب المسمى جلجثة ولم تذكر سمعان بتاتاً.. ]

يقول [ومن المعلوم أن العقوبة الجنائية لا يتحملها إلا المذنب . فلا نعلم ما ذنب سمعان لكى يحمل الصليب بدلا من يسوع؟؟..!!!]

يقول [ثانيا.. لو كان الإرهاق سبباً لتحميلها غيره لكان القانون فوضوي ولأدعى كل مجرم الضعف هرباً من الأحكام الشاقة ولما وجدنا شخصاً واحداً أُجبر على حمل صليبه أو على تنفيذ أية عقوبة حينئذ!!!..]

يقول [ثالثا.. قول لوقا.. ((ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع)).. لا يعنى أنّ المسيح شارك فى حمل الصليب !.. وإنما يعنى ببساطة أن المسيح كان يسير أمام سمعان الذى كُلِّف بحمل الصليب والرواية المنسوبة لمتى واضحة فى هذا الصدد.. فقالت عن سمعان.. ((فسخّروه ليحمل صليبه)).. ]

3693. ὄπισθεν ópisthen; adv. from ópis (n.f.), a looking back, and the syllabic suffix -then denoting from or at a place. Behind, after, at the back of any person or thing (Matt. 9:20; 15:23; Mark 5:27, “from behind” [a.t.]; Luke 8:44; 23:26; Rev. 4:6; 5:1, “a book” [a.t.] written within and on the back side” [a.t.]; Sept.: Gen. 18:10; Ruth 2:7). In Class. Gr. also used of time. Also from ópis (n.f.): opísō (3694), back, behind.

Spiros Zodhiates, The Complete Word Study Dictionary : New Testament, electronic ed., G3693 (Chattanooga, TN: AMG Publishers, 2000, c1992, c1993).

 

ويقول أيضاً قاموس A Greek-English Lexicon للعالمين الشهيرين Liddell و Scott:

II. of Time, after, in future, hereafter, Il.4.362, Od.2.270, 18.168, etc.; either of a thing absolutely future, or of one which follows something else, opp. αὐτίκα, Il.9.519; ὄπιθεν οὺ πολλόν Pi.O.10(11).35; πολλοῖ͂ς μησὶν ὄ. Theoc.Ep.22.8; cf. ὀπίσω ii

Henry George Liddell, Robert Scott, Henry Stuart Jones and Roderick McKenzie, A Greek-English Lexicon, “With a revised supplement, 1996.”, Rev. and augm. throughout, 1238 (Oxford; New York: Clarendon Press; Oxford University Press, 1996).

وهو ما يؤكده أيضاً A Greek-English Lexicon of the New Testament and Other Early Christian Literature:

pert. to coming later in time, afterwards (Hom. et al.) 4:4 (difft. Da 7:24).—DELG. M-M.

William Arndt, Frederick W. Danker and Walter Bauer, A Greek-English Lexicon of the New Testament and Other Early Christian Literature, “Based on Walter Bauer’s Griechisch-deutsches Wr̲terbuch zu den Schriften des Neuen Testaments und der frhchristlichen [sic] Literatur, sixth edition, ed. Kurt Aland and Barbara Aland, with Viktor Reichmann and on previous English editions by W.F. Arndt, F.W. Gingrich, and F.W. Danker.”, 3rd ed., 716 (Chicago: University of Chicago Press, 2000).

ومراجع أخر كثيرة تؤكد هذا الكلام، إن شئت أغرقناك بها فيها، لكن لعدم الإطالة نكتفي بهؤلاء الثلاثة.

إذن فالكلمة تعني لغويا أيضاً الترتيب الزمني، فعلى الرغم من أننا لم نستشهد بالنص من الأساس إلا أن النص يناهض فكرتك برمتها في منطقه ولغته، فبأي أهواء تكذبان؟

يقول [وحسبنا أن نقرأ ما حدث بعد أن سُخِّر سمعان لحمل صليب المسيح إذ يقول لوقا في الرواية المنسوبة إليه.. الإصحاح 23.. أعداد 27 إلى 30… ((و تبعه جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتى كن يلطمن أيضاً وينحن عليه.. فالتفت إليهن يسوع وقال.. يا بنات أورشليم لا تبكين على بل ابكين على انفسكن و أولادكن.. لأنه هوذا أياماً تأتى يقولون فيها طوبى للعواقر والبطون التى لم تلد والثدى التى لم تُرضع حينئذ يبتدئون يقولون للجبال اسقطى علينا وللأكام غطنا لأنه ان كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا فماذا يكون باليابس))..فكيف يلتفت المسيح وهو يحمل الصليب أمام سمعان ليلقى هذه الخطبة العصماء؟؟!!..]

وهل ذلك الذى ينهر النساء ثم يتوعد بالويل والدمار كان شخصاً ضعيفاً هزيلاً خرت قواه الجسدية ولم يقدر على حمل صليبه؟؟!!]

 

[1]Ernst Haenchen, Robert Walter Funk and Ulrich Busse, John: A Commentary on the Gospel of John, Translation of: Das Johannesevangelium., Hermeneia–a critical and historical commentary on the Bible (Philadelphia: Fortress Press, 1984), 192.

[2] De sera num. vind. 9 554B

[3]Ernst Haenchen, Robert Walter Funk and Ulrich Busse, John: A Commentary on the Gospel of John, Translation of: Das Johannesevangelium., Hermeneia–a critical and historical commentary on the Bible (Philadelphia: Fortress Press, 1984), 192.

[4]Joseph A. Fitzmyer, S.J., The Gospel According to Luke X-XXIV: Introduction, Translation, and Notes (New Haven; London: Yale University Press, 2008), 1497.

[5]I. H. Marshall, Luke, 863

[6]John J. Owen, Commentary on Luke (Bellingham, WA: Logos Research Systems, Inc., 2010), 363.

[7]Norval Geldenhuys, Commentary on the Gospel of Luke: The English Text With Introduction, Exposition and Notes, The New International Commentary on the Old and New Testament (Grand Rapids, MI: Wm. B. Eerdmans Publishing Co., 1977), 602.

[8]Robert E. Picirilli, The Gospel of Mark, First Edition, The Randall House Bible Commentary (Nashville, TN: Randall House Publications, 2003), 416.

[9]William L. Lane, The Gospel of Mark, The New International Commentary on the New Testament (Grand Rapids, MI: Wm. B. Eerdmans Publishing Co., 1974), 562.

 

من الذي حمل الصليب – يسوع نفسه أم سمعان القيرواني؟

Exit mobile version