اسلوبك الخاص في الدفاعيات – أليستر ماكجراث (الدفاعيات المجردة)
اسلوبك الخاص في الدفاعيات – أليستر ماكجراث (الدفاعيات المجردة)
اسلوبك الخاص في الدفاعيات – أليستر ماكجراث (الدفاعيات المجردة)
ما الخطوة التي يجب ان تتخذها الان؟ لقد حاول هذا الكتاب ان يساعدك في تكوين منهجك الخاص في الدفاعيات. وبدلاً من أن أزودك بصيغ جاهزة للإجابة عن كل الأسئلة الجوهرية التي تتعلق بالإيمان، حاولت أن أساعدك على تكوين أسلوبك الخاص. لأن ما تستخدمه من أساليب وتقدمه من اجابات لابد أن يكون مقنعا لك شخصيا.
والا كيف تقنع الآخرين وترشدهم؟ وقد كان همي عبر هذا الكتاب أن أساعدك وأشجعك على تكوين منهج دفاعي، دون ان أقدم لك قائمة بالإجابات الدفاعية لذلك من المناسب أن أختتم هذا العمل ببعض الاقتراحات التي تقدم لك مزيدا من العون في تكوين أسلوبك الخاص المميز.
اعرف نفسك:
لقد خلق الله كلا منا على النحو الذي هو عليه، ولابد أن نتعلم أن نتقبل هذا، أي أننا لابد أن نقدر ما فينا من نقاط ضعف ونقاط قوة، ونجتهد للاستفادة من الاثنين بأقصى قدر ممكن. والعمل بالدفاعيات يتم بأفضل ما يكون في أربعة أشكال:
- الأحاديث الجماهيرية.
- الكتب.
- الحوارات الشخصية.
- نموذج حياتنا وتوجهاتنا في الحياة.
ويتجه معظم المدافعين للأحاديث الجماهيرية التي يتم توزيعها في تسجيلات صوتية او مرئية. فحاول أن تكتشف المجال الذي تجد نفسك أكثر تفوقا فيه، وقم بتصميم أسلوب ولون مميز خاص بك. وأهم شيء أن تكون مجموعه من ” الأصدقاء الناقدين” ليساعدوك على تحديد نقاط القوة..
يجب أن تنتبه أيضا أن العمل في الدفاعيات يستنزف المدافع فكريا وروحيا، ﻻ لضعف في القضية التي تؤيد المسيحية، بل بسبب ما ننفقه من طاقة نفسيه في الدفاع عنها وابراز جمالها، ووعينا بأهمية هذه المسئولية. وقد كان “سي. اس. لويس” واعيا تماما بهذه المشكلة، وعلق عليها قائلا:
لقد اكتشفت أن أخطر تهديد يواجه ايمان الشخص هو العمل بالدفاعيات. فأكثر الحقائق الايمانية التي عانيت معها صراعا نفسيا عنيفا وصل الى حد الشك في صحتها، هي تلك التي حققت نجاحا باهرا في الدفاع عنها في المناظرات العامة، وكان الشعور ينتابني عقب المناظرة مباشرة.
ان المدافع يحتاج لدعم حتى يؤدي عمله بكفاءة. فأنت بحاجة لشركة اخرين وصحبتهم. أما المدافع المنفرد يصاب بالإنهاك والاعياء، لعدة أسباب منها ضخامة المسئولية هو أن تشاركها مع أصدقاء من هذا النوع، وهو ما سننتقل اليه الان.
تعلم من الأخرين:
لا غنى عن التعلم من مدافعين اخرين. والانترنت يوفر لك تسجيلات صوتية لأساتذة فن الدفاعيات، مثل بعض رواد الدفاعيات الأمريكيين المعاصرين، ومنهم “وليم لين كريج” “تيموثي كلر”،”بيتر كريفت” “رافي زكراياس” يمكنك أن تستمع لتسجيلات محاضراتهم، أو أن تقرأ كتبهم، وحلل ما يستخدمونه من منهجيات. وبعض المدافعين مثل
“لويس” وكذلك “تولكين” يقدمون الدفاعيات في شكل روايات. فرواية “جلعاد” ٢٠٠٤مثلا للكتابة “مارلين روبنسون” الحائزة على “جائزة بلتيزر” للأعمال الروائية تتناول بعض الموضوعات اللاهوتية على نحو مبهر.
حاول أن تكتشف كيف يجدب هؤلاء المدافعون انتباه الجمهور. ما القصص التي يروونها؟ ما الامثلة التوضيحية التي يستخدمونها؟ كيف يبنون حججهم؟ وكيف يمكنك أن تطور أساليبهم وتكيفها؟ ففهمك لأفكارهم شيء، والقدرة على تكييفها وتطبيقها بما يخدم أغراضك شيء مختلف تماما.
وهنا يأتي دور “التصميم العكسي”، وهو ما يعني فحص منتج مثل محرك سيارة أو شريحة الكترونية بهدف اكتشاف تصميمها، والإجابة عن بعض الأسئلة مثل: لماذا اختار مصمموها هذا الأسلوب بالذات دون غيره؟ وهل يمكن تطوير التصميم؟ حاول أن تمارس عملية التصميم العكسي على محاضرة دفاعيه لأحد الخبراء المعتبرين في المجال، وحاول أن تكتشف الأسباب التي دفعته لاتخاذ ما اتخذه من قرارات في كتابة هذه المحاضرة.
فمثلا، لماذا قرر أن يفتتح الحديث بهذه الطريقة؟ ما الذي يمكن أن أستنتجه عن نوعية الجمهور بناء على هذه الافتتاحية؟ ما العوامل التي شكلت اختياره للموضوعات؟ لماذا ختم الحديث بهذه الطريقة؟ ثم أهم سؤال: كيف تفعل أنت ذلك؟
المهم أن تكون أسلوبك الخاص في الدفاعيات بما يناسب مواهبك من ناحية، وما يناسب جمهورك من ناحية أخرى. ومن أهم ما يساعدك في ذلك قراءة كتابات مدافعين اخرين. ولكن في النهاية عليك أن تخلق اجاباتك الخاصة عن الأسئلة التي تتعلق بالإيمان، فلن يمكنك أبدا ان تعيش على الاجابات المستعارة، ولكن لابد أن تبنى اجاباتك بنفسك، اجابات ترضيك أنت شخصيا. وبالرغم من أنه يمكنك أن تستخدم اجابات الاخرين، فأفضل الاجابات هي اجاباتك.
لماذا؟ لأنك تمعن التفكير فيها وتضبطها ضبطا دقيقا حتى تصبح راضيا عنها. فأنا لا أشعر بأي ارتياح عندما أستخدم أسلوبا دفاعيا أو أقدم اجابه دفاعيه لست مقتنعا بها، حتى وان كان كبار المدافعين يستخدمونها في كتاباتهم.
مارس:
واخيرا، تدكر أن الدفاعيات علم وفن. فهي تتطلب تكوين فهم جيد للإيمان المسيحي والتوصل الى أفضل الطرق لتوصيل فهمك هذ للجمهور الذي تخاطبه. فكيف تقيم مدى نجاحك في التواصل؟ أنت تحتاج ان تسمع ردود أفعال الاخرين التي تزودك بتقييم صادق ومشجع يساعدك على التقدم.
وفي “أكسفورد للدفاعيات المسيحية” يتعلم الطلاب النظرية والتطبيق. فمعرفة النظرية بداية عظيمه، ولكنها غير كافية، فلابد أن تفكر في كيفية استخدام الأفكار التي درستها، وهو ما يعنى كتابة أحاديث قصيره، والتفاعل مع أسئلة الناس، ومعرفة تقييم المحيطين بك لأدائك. فطلابنا يقدمون الأساليب التي يصممونها لزملائهم لتقييمها ومساعدتهم على تحسينها.
وهذه العملية تتم في جو من الاحترام والدعم المتبادلين، مما يمكن الطلاب من الوقوف على نقاط ضعفهم دون حرج والعمل على الحد منها. والاهم من ذلك أن هذه الطريقة تساعدهم في تنميه نقاط قوتهم والبناء عليها.
ما نقاط قوتك؟ سأقدم بعض الأمثلة الواضحة. أنا مثلا عندي اثنان من جوانب القوة المتميز، أولهما أنى ملحد سابق، فأنا لا احتاج لمن يخبرني عن طبيعة الالحاد، فقد اختبرته بنفسي. ويمكنني بسهولة أن أتعامل مع الالحاد العنيف الذي يميز بعض الكتاب أمثال “ريتشارد دوكينز”. وانا اعلم كذلك ما دفعني لرفض هذه النظرة، ويمكنني أن أشرح ذلك للآخرين. وثانيهما أنى بدأت حياتي الأكاديمية بالعلوم الطبيعية، وتحديدا الفيزياء والأحياء، ومازالت أواصل قراءاتي فيهما، وأقرأ كذلك في تاريخ العلم وفلسفته.
وهو ما يعنى أنى قادر على اجراء حوارات ايجابية، ثريه بالمعلومات السليمة مع العلماء المتخصصين في العلوم الطبيعة ممن يهتمون ببحث مسائل الحياة الجوهرية التي تكمن وراء المنهج العلمي.
وهكذا ينبغي على كل منا أن يتعرف على نقاط قوته ويحاول الاستفادة منها بأقصى قدر ممكن. فقد كان “لي ستروبل” المولود سنة (١٩٥٢).
مثلا، صحافيا في جريدة “شيكاغو تريبون”. وبعد أن امن بالمسيحية حول مهاراته في الكتابة والتحليل الى دفاعات قوية تؤيد الايمان المسيحي، ومنها كتاب “القضية المسيح”١٩٩٨ ” وكتاب “القضية الايمان ٢٠٠٠ ومن ثم، علينا أن نكتشف مهاراتنا ونجد طريقة للاستفادة بها. ولا تنس أن الرب يسوع دعا صيادين على شاطئ بحر الجليل
(مر١:١٦-٢٠) واعطاهم ارسالية جديده أن “يصطادوا الناس”. وهكذا أكدوا يستخدمون مهاراتهم القديمة استخداما جديدا يتفق مع أغراض الله.
وفى النهاية أقول ان النجاح في الدفاعيات يتوقف على الممارسة، بمعنى فعل الشيء عمليا (مقابل الاكتفاء بالتفكير فيه)، وكذلك فعله بانتظام (حتى تتطور فيه). فلا يمكنك أن تتعلم الدفاعيات بقراءة الكتب أو بالالتحاق بدراسات متخصصة. ولكنها مهاره، وليست مجرد اكتساب معلومات. والسبيل الوحيد لتعلم تصميم الأحاديث الدفاعية وتقديمها هو أن تقوم بتصميم أحاديث دفاعيه وتقدمها، ثم تستمع لآراء زملائك. وان لم تكن ملتحقا ببرنامج دراسي معين يدرج هذ الاسلوب في المنهج، فلابد تكون مجموعه من الاصدقاء لتساعدوا بعضكم بعضا على تطوير اساليبكم.
هل تدكر “الاينكلينجز”؟ لقد كانت مجموعة من الكتاب، ضمت من بين أعضائها “سي. اي. لويس” وكذلك “ج. ر. ر. تولكين”، وكان أفرادها يلتقون بانتظام في جامعة أكسفورد ابان الثلاثينيات والاربعينيات من القرن العشرين ليستمعوا لكتابات بعضهم البعض وهي في طور الاعداد ويقدموا نقدا بناءً. حاول أن تجد او تكون دائرة صغيره ترغب في تطوير مجال الدفاعيات. وسوف تجد الكثيرين ممن يريدون أن يبلغوا هذه الغاية، ولاسيما في كليات اللاهوت والجامعات الأمريكية.
وأخيرا. . ..
لا يمكن لهذا الكتاب القصير أن يأمل في أن يعلمك كل شيء عن علم الدفاعيات. الا أنه يضعك على بداية الطريق فحسب. ولكنى ارجو أن يكون قد نجح في اثارة اهتمامك بهذا المجال، وساعدك على تقدير أهمية الدفاعيات وقدرتها على استثارة الناس. فلا تحبط ان كانت الافكار صعبة التطبيق أو الاتقان. لان كل ما يفعله الكتاب أنه يرسم خريطة للأرض. والان يأتي دورك في استكشافها بمزيد من العمق والتفصيل، وهو نشاط ممتع وقيم ويستحق الجهد. والامور القيمة دائما نادرة، فكم شيئا في الحياة له هذه القيمة؟