Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

خطوات عملية لفهم النصوص الكتابية 1 – الحاجة إلى التفسير

خطوات عملية لفهم النصوص الكتابية 1 – الحاجة إلى التفسير

تفسير الكتاب المقدس

 

 

خطوات عملية لفهم النصوص الكتابية 1 – الحاجة إلى التفسير، هل نحن بحاجة إلى تفسير الكتاب المقدس؟

 

قد تقابل بين الحين والآخر شخصاً يقول: “أنت لست مجبراً على إعطاء تفسير للكتاب المقدس. فقط كل ما عليك فعله هو قراءته وتتميم ما يقوله”. هذه واحدة من الطرق التي يُعبِّر بها الناس عن رأيهم بأن الكتاب المقدس ليس كتاباً غامضاً أو مبهماً. ويزيدون قائلين بأن أي شخص قادر على قراءته وفهمه، وأن المشكلة هي عند بعض الوعاظ والمعلمين الذين ينقبون ويبحثون كثيراً لدرجة عقدت الأمور، فما كان واضحاً عند القراءة لم يعد كذلك.

هذا الاعتراض يحمل في طياته الكثير من الحق. فنحن نعترف بضرورة تعلُّم كل شخص قراءة الكتاب المقدس وتصديقه وطاعته. كما نعترف أيضاً بأن الكتاب المقدس لا ينبغي أن يشوبه أي غموض أو إبهام إذا ما قُرئ ودُرس بالشكل الصحيح.

نعترف بحقيقة المشكلة الكبيرة التي يعاني منها الكثير من الناس مع الكتاب المقدس وهي ليس عدم فهمهم للكتاب بل عدم طاعته وتنفيذه! فعلى سبيل المثال: المشكلة في نص كتابي كهذا “افعلوا كل شيء بلا دمدمة ولا مجادلة” (في 2: 14) (ت.ف) ليس في عدم فهم هذا النص، بل في عدم إطاعته – أي وي وضعه موضع التنفيذ.

نحن نتفق مع الرأي القائل بأن الواعظ أو المعلم كثيراً ما يكون ميالاً إلى التعمق في دراسة النص لدرجة يحجب فيها معنى النص الواضح. بكلمة أخرى نقول بأن هدف التفسير السليم ليس في اكتشاف معنى فريد أو في محاولة اكتشاف أمر لم يسبق لأحد اكتشافه! وغالباً ما تكون مثل هذه التفاسير غير صحيحة. كما أنه لا يعني أيضاً إعطاء تفسير لنص ما قد لا يبدو في كثير من الأحيان فريداً من نوعه بالنسبة لشخص يسمعه للمرة الأولى في الحقيقة، ما نريد قوله هو أن التفرد ليس هدف التفسير.

إن الغاية من التفسير السليم بسيطة وهي: إدراك “المعنى الواضح للنص” المعنى الذي يعطي ارتياحاً للذهن ويلمس القلب

لكن الغاية من التفسير السليم بسيطة وهي: إدراك “المعنى الواضح للنص” المعنى الذي يعطي ارتياحاً للذهن ويلمس القلب.

ولكن السؤال الآن هو: إذا كان الوصول إلى المعنى الواضح هو وظيفة التفسير، فما هي الحاجة إلى التفسير؟ ولماذا لا نكتفي بالقراءة وحسب؟ ألا يتضح المعنى من مجرد القراءة؟ نعم، لكن من زاوية واحدة. وبصورة أدق، فإن هذا المعنى غير واقعي دائماً وهذا عائد لعاملين: الأول طبيعة القارئ، والثاني طبيعة الكتاب المقدس.

القارئ كمفسَّر

كل قارئ للكتاب المقدس هو مفسر له في الوقت ذاته شئنا أم أبينا. بمعنى أن معظمنا نفترض أثناء قراءتنا للكتاب بأننا نفهم ما نقرأ. كما نميل أيضاً للاعتقاد بأن فهمنا لما نقرأ هو مطابق تماماً لما قصده الروح القدس.

من ناحية ثانية، فإننا دون أي استثناء لأحد كلنا نأتي إلى النص الكتابي بكل ما نحن عليه، فنُدخل عليه تجاربنا وثقافتنا ومفاهيمنا المسبقة للكلمات والأفكار. وهذا ما يقودنا طبعاً – وبدون قصد – بعيداً عن الصواب، أو يجعلنا نقرأ في النص كل أنواع الأفكار غير الموجودة فيه أصلاً.

فعلى سبيل المثال: فإن معظم البروتستانت والأرثوذكس والكاثوليك عندما يقرأون عن العبادة في الكنيسة، يتصورن بشكل آلي أناساً جالسين في بناء مملوء بالمقاعد الخشبية الطويلة كالتي يجلسون هم عليها في كنائسهم. أو مثلاً عندما يقول بولس الرسول: “…

ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات” (رو 13: 14)، فإن بعض الناس يظنون بأن كلمة الجسد هنا تعني “الجسم” وبأن الرسول بولس يتحدث عن الأمور الطبيعية التي ترغبها أجسامنا؛ لكن كلمة “جسد” حسب المعنى الذي قصده بولس، قلما تشير إلى الجسم البشري بل على العكس تشير هنا إلى “الطبيعة الخاطئة” في الإنسان.

هنا نرى أنه وعن غير قصد قد قام القارئ بتفسير ما قرأه لنفسه، تفسيراً قد يكون في معظم الأحيان غير سليم.

هذا الكلام يقودنا إلى ملاحظة أبعد من ذلك، وهي أن قارئ الكتاب المقدس، المترْجَم إلى واحدة من اللغات المعاصرة قد يجد نفسه داخل دائرة التفسير؛ لأن الترجمة في حد ذاتها شكل (ضروري) من أشكال التفسير. فالكتاب المقدس، ومهما كانت اللغة التي تقرأه بها، والذي هو نقطة “البداية” بالنسبة لك، هو في الحقيقة نقطة “النهاية” لعمل كبير قام به علماء ودارسو الكتاب القدس. فالمترجمون مطالبون باستمرار بتبني خيارات تتعلق بالمعاني، لأن خياراتهم هذه ستؤثر في كيفية فهمك لما نقلوه.

فعلى سبيل المثال بعض الطوائف تؤمن بعقيدة الاختيار وأخرى لا تؤمن به. وكذلك كنائس تؤمن بمُلك المسيح الألفي حرفياً على الأرض وأخرى تؤمن بملك المسيح الروحي، وهناك مَنْ ينادي بالضمان الأبدي وبالمقابل هناك مَنْ ينادي بإمكانية فقدان الخلاص.

وكل طائفة تدّعي بأن اعتقادها هو المعنى الواضح للنصوص الكتابية، مع أننا جميعاً نقرأ الكتاب المقدس ذاته وجميعنا يحاول أن يكون طائعاً لما يعنيه النص بوضوح.

حتى أن كل هرطقة أو ممارسة قد تخطر على بال، ابتداء من الآريوسية “التي تنكر لاهوت المسيح” والتي يعتنقها شهود يهوه، وما يطلق عليهم اسم الطريق، وأيضاً جماعة طائفة المورمون، والمتعاملين مع الأفاعي عند الطائفة الأباكية. جميع هذه الهرطقات وغيرها تدّعي وجود نص كتابي يدعم معتقداتها.

وسط كل هذه الأفكار المتباينة، سواء من داخل الكنيسة أو من خارجها، ووسط كل هذه الاختلافات حتى بين علماء الكتاب المقدس أنفسهم، الذين يفترض بهم الإلمام بالقواعد، لا عجب إذا اكتفى البعض منهم بمجرد القراءة دونما الحاجة إلى التفسير. لكن، وكما سبق ورأينا فهذا خيار غير حقيقي. فالدواء الصحيح لمعالجة التفسير الرديء لا يكون بتجاهل أو برفض للتفسير، بل بتقديم تفسير سليم.

إن مؤلفي هذا الكتاب لا يفترضا اتفاق الجميع في النهاية على “معنى واضح” أو على معنى وضعاه مسبقاً في حال قرأت واتبعت تعليماتهما. إن ما يرجوانه زيادة حس القارئ إلى سبب وجود عدة خيارات، سببها وكيفية الحكم عليها، تمكين القارئ من تمييز التفسير الجيد مما هو دون المستوى المطلوب من التفاسير.

طبيعة الكتاب المقدس

هناك سبب هام أكد الحاجة إلى التفسير هو يكمن في طبيعة الكتاب المقدس نفسه. لأنه تاريخياً، فهمت الكنيسة طبيعة الكتاب المقدس بالطريقة نفسها التي فهمت بها طبيعة شخص المسيح – فالكتاب المقدس ذو طبيعة ثنائية فهو كتاب إلهي وبشري في آن واحد. وهذه الطبيعة الثنائية تقتضي منا القيام بمهمة التفسير.

ولأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، فهو ذو قيمة أبدية إذ يتكلم إلى كل البشر في جميع العصور وسائر البيئات. ولأنه كلمة الله، فواجبنا نحوه هو الإصغاء إليه وطاعته. وحيث أن الله اختار أن يتكلم إلينا من خلال كلمات البشر عبر التاريخ فلكل سفر في الكتاب المقدس ملامحه التاريخية الخاصة. وكل سفر محدد باللغة والزمان والبيئة التي كُتب فيها أصلاً. وما يحتم ضرورة تفسير الكتاب المقدس هو ذلك التوتر السائد بين القيمة الأبدية (ما هو إلهي) والملامح التاريخية (ما هو بشري).

فالكتاب المقدس ذو طبيعة ثنائية فهو كتاب إلهي وبشري في آن واحد. وهذه الطبيعة الثنائية تقتضي منا القيام بمهمة التفسير.

هناك مَنْ يعتقد أن الكتاب المقدس هو مجرد كتاب بشري، ويحتوي فقط على كلام بشر عبر التاريخ. عند مثل هؤلاء تكون مهمة تفسير الكتاب مقتصرة على التحقيق التاريخي فقط. كما ينصب اهتمامهم على الأفكار الدينية التي كانت عند اليهود، أو عند يسوع، أو عند الكنيسة الأولى. والمهمة بالنسبة لهم هي بحث تاريخي محض فيما كانت تعنيه الكلمات لأولئك الذين كتبوها. وما الذي اعتقدوه عن الله، وكيف كانوا يفهمون أنفسهم.

من جهة أخرى، هناك مجموعة تُقدِّر الكتاب المقدس وتنظر إليه من حيث قيمته الأبدية فقط. فلأنه كلمة الله، هم يميلون إلى الظن بأنه مجموعة من الافتراضات التي ينبغي الإيمان بها والأوامر الواجب إطاعتها، على الرغم من وجود انتقائية واضحة واختيارات من بين تلك الافتراضات والأوامر.

لكن الكتاب المقدس ليس سلسلة من الافتراضات والأوامر، أو بكل بساطة تجميعاً لأقوال الله وكأنه ينظر من السماء إلينا في الأسفل ويقول: “انتبهوا يا أهل الأرض تعلموا الحقائق التالية: “ليس إله غيري وأنا هو هذا الإله”. ثانياً: “أنا خالق كل الأشياء، بما فيها بنو البشر” وهكذا… حتى يصل إلى الافتراض رقم 7777 والأمر رقم 777.

مع أن كل الأقوال السابقة حقيقية وواردة في الكتاب المقدس (وإن اختلفت في الشكل). ولربما لو كانت كذلك. كان في الواقع يمكن لكتاب مثل هذا أن يُسهِّل علينا الكثير من الأمور. لكن لم تكن هذه الطريقة هي التي اختارها الله للتحدث إلينا.

بل بدلاً من ذلك، اختار الله أن يقول حقائقه الأزلية ضمن إطار ظروف وأحداث فعلية حدثت في تاريخ البشر. وهذا سبب يبعث فينا الأمل؛ لأن الله اختار بالتحديد التكلم من خلال التاريخ البشري الحقيقي. لذلك يمكننا أن نتشجع وأن نثق بأن تلك الكلمات عينها ستتحدث ثانية وثالثة وباستمرار في تاريخنا الفعلي تماماً كما سبق وتحدثت عبر تاريخ الكنيسة.

إن حقيقة وجود جانب إنساني للكتاب المقدس هي بمثابة دعوة لنا وسبب حاجتنا للتفسير. ولذلك علينا ملاحظة:

تم التعبير عن كلمة الله من خلال مفردات وأفكار أشخاص فعليين في ظروف متنوعة، وعلى مدى 1500 سنة، وبالارتباط ببيئة وثقافة تلك الأزمنة والظروف. ما نريد قوله هو أن كلمة الله لنا اليوم كانت أولاً كلمة الله لهم. إذ كان لابد لها من أن تأتي فقط من خلال أحداث ولغة يمكنهم فهمها هم أنفسهم والمشكلة اليوم هي أننا منفصلون عنهم كثيراً من حيث الزمن، وأحياناً من حيث الفكر.

وهذا سبب رئيسي يحتاج القارئ لأجله لأن يتعلم كيف يفسر فإن كان لكلمة الله شأن بارتداء النساء ملابس الرجال، أو بناء الناس أسواراً حول سطوح بيوتهم – إن كان لهذه الكلمة أن تتحدث إلينا فعلينا أولاً معرفة ما عنته لأولئك الذين وجهت إليهم في الأصل – ولماذا.

وهكذا فإن مهمة التفسير يشترك فيها الدارس والقارئ معاً على صعيدين:

أولاً: صعيد محاولة فهم ما قد قيل للأقدمين في زمانهم ومكانهم (آنذاك وهناك).

ثانياً: صعيد تعلُّم سماع وفهم الكلمة ذاتها في الزمان والمكان الحاليين (الآن وهنا).

 وسنتوسع في هاتين المهمتين أدناه.

إن أهم أوجه الجانب الإنساني للكتاب المقدس هو إيصال كلمة الله إلى الفئات الإنسانية كافة. لقد اختار الله استخدام كل وسيلة توصيل متوفرة تقريباً: التاريخ القصصي، الأنساب، الأخبار، مختلف أنواع الشرائع، مختلف أنواع الشعر، الأمثال، الوحي النبوي، الألغاز، الدراما، السّيَر الذاتية، القصص الرمزية، الرسائل، العظات، والأدب الرؤيوي.

ولكي يتمكن الدارس والقارئ من تفسير “آنذاك وهناك” في الكتاب المقدس تفسيراً سليماً، وعليه لا أن يعرف بعض القواعد العامة التي تنطبق على كل كلمات الكتاب المقدس فقط، بل عليه أيضاً تعلم القواعد الخاصة التي تنطبق على كل نوع من أنواع النصوص الكتابية المختلفة. لأن الطريقة التي يوصل بها الله كلمته إلينا “الآن وهنا” تختلف بين نوع نص وآخر، فعلى سبيل المثال نحتاج أن نعرف كيف يكون المزمور الموجه إلى الله، هو أيضاً كلمة الله لنا.

وكيف تختلف المزامير عن الشرائع التي غالباً ما كانت موجهة إلى الناس في ظروف بيئية لم تعد سارية الآن. أيضاً كيف يمكن لهذه الشرائع أن تتحدث إلينا؟ ما مدى اختلافها عن الشرائع الأدبية التي تصلح لكل الأحوال وفي كل البيئات؟ هذه هي الأسئلة التي تفرضها علينا طبيعة الكتاب المقدس الثنائية.

المهمة الأولى

التفسير الاستنتاجي للنص

إن مهمة المفسر الأولى هي تفسير النص تفسيراً استنتاجياً. ومعنى هذا أن يقوم المفسر بدراسة دقيقة ونظامية للكتاب المقدس لاكتشاف المعنى الأصلي والمقصود. وهذه في الأساس مهمة تاريخية، أي أنها محاولة لسماع وفهم كلمة الله كما سمعها أولئك الذين تلقوها أصلاً، وذلك لإيجاد “القصد الأصلي لكلمات الكتاب المقدس”.

وهذه المهمة كثيراً ما تتطلب مساعدة المتخصص من رجال الدين الذين ساعدهم تدريبهم وباتوا يعرفون جيداً لغة وظروف النصوص في وضعها الأصلي. لكن هذا لا يعني ضرورة أن يكون الشخص متخصصاً للقيام بالتفسير الاستنتاجي السليم للنص.

في الحقيقة، إن كل قارئ هو مفسر من نوع أو آخر. والسؤال الحقيقي هو فيما إذا كنت ستكون مفسراً جيداً أم لا. فعلى سبيل المثال، كم مرة سمعت فيها مثل هذه العبارة “إن ما قصده الرب يسوع بهذا كان ….”، “أو إنهم في تلك الأيام كانوا يقومون بـ….” هذه عبارات استنتاجية للنص. وهي تستخدم في معظم الأحيان لشرح الفرق “بينهم” و”بيننا”.

لكن المشكلة في هذا التفسير الاستنتاجي للنص تكمن في أنه تفسير انتقائي ولا يعتمد على المصادر الأولية.

وهنا يلزمنا التعليق أكثر على كل من هذين الأمرين فيما يلي:

مع أن كل شخص يمارس التفسير الاستنتاجي للنص أحياناً، ومع أن هذا التفسير في يكون جيداً في أحيان كثيرة، إلا أن الحاجة إلى ممارسة التفسير تكون فقط عند وجود اختلاف واضح بين النصوص الكتابية وبين البيئة الحديثة. مع أن التفسير الاستنتاجي للنص يجب أن يكون الخطوة الأولى في قراءة كل نص. ولم يكون الأمر سهلاً في البداية، ولكن تعلم التفكير الاستنتاجي سيزيد من الفائدة وسيجعل قراءة ودراسة الكتاب المقدس، تجربة أكثر تشويقاً ومتعةً.

وهنا علينا ملاحظة أن تعلم التفسير الاستنتاجي ليس المهمة “الوحيدة” إنه بكل بساطة المهمة الأولى؛ لأن المشكلة الحقيقة في التفسير الاستنتاجي “الانتقائي” هي في أن القارئ أو الدارس كثيراً ما يرى في النص الذي يقرأه أفكاره الشخصية التي لا وجود لها بالفعل. وبالتالي يجعل من كلمة الله أمراً يختلف عما تقوله في الواقع.

فعلى سبيل المثال، كثيراً ما يستخدم ما جاء في أعمال 27: 15 “سلمنا فصرنا نُحمل” على أن المقصود بها تسليم أنفسنا لله فيحملنا فوق الصعاب والمشاكل، لكن لو قمنا بالتفسير الاستنتاجي للنص لاكتشفنا أن النص في محتواه الكتابي يعني أنهم فقدوا كل أمل للنجاة فاستسلموا للرياح والبحر فصارت تحملهم.

إن استعمال النص الكتابي بحيث يعني شيئاً لم يقصد الله قوله هو في الواقع سوء استعمال للنص.

ولتجنب الوقوع في أخطاء كهذه على الشخص أن يتعلم كيف يفسر استنتاجياً، أي أن يبدأ من “هناك وآنذاك” وهذا طبعاً ينطبق على كل نص كتابي.

ربما لا يبدأ القارئ أو الدارس باستشارة “المختصين من رجال الدين” كما سنرى. ولكن عندما تكون استشارتهم ضرورية، عليه أذاً محاولة استخدام المصادر أو المراجع الأفضل. فعلى سبيل المثال، في نهاية قصة الشاب الغني نقرأ قول الرب يسوع في مرقس 10: 23 (أيضاً مت 19: 23؛ لو 18: 24): “ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله” ويضيف قائلاً: “مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله” (ع 25).

في الحقيقة كثيراً ما قيل عن وجود بوابة في أورشليم تعرف باسم “ثقب الإبرة” والتي لا تستطيع دخولها إلا ركوعاً وبصعوبة كبيرة، فهل يا ترى غاية هذا التفسير التأكيد على إمكانية دخول الجمل من ثقب الإبرة؟ ألست معي في أن المشكلة في مثل هذا النوع من الشرح الاستنتاجي هي في أنه غير صحيح أصلاً، إذ لم يكن هناك في أورشليم أي بوابة مثل تلك ولا في أي زمن من تاريخها.

وأقدم دليل على طرح مثل تلك الفكرة يعود إلى القرن الحادي عشر في كتاب شرح لرجل يوناني من رجال الكنيسة اسمه ثيوفيلاكت، ربما واجه هذا الرجل صعوبة النص نفسها التي عادة ما نواجهها والحقيقة هي أن دخول جمل من ثقب إبرة هو شأن “المستحيل” وهذا ما كان يشير إليه السيد المسيح فعلاً. من المستحيل على مَنْ يتكل على الثروات دخول الملكوت. وخلاص شخص غني يتطلب معجزة، وهذا هو بيت القصيد في الآية اللاحقة التي تقول “لأن كل شيء مستطاع عند الله”.

تعلُّم القيام بالتفسير الاستنتاجي

كيف يمكننا إذاً تعلُّم القدرة على التفسير الاستنتاجي الجيد دون السقوط في الفخاخ التي تملأ الطريق؟ إن الجزء الأول من معظم فصول هذا الكتاب مخصص لشرح كيفية القيام بهذه المهمة والتعامل مع كل نوع من أنواع النصوص الكتابية. ونحن هنا وبكل بساطة نريد أن نقوم بإلقاء نظرة عامة على ما تتضمنه عملية التفسير الاستنتاجي لأي نص.

التفسير الاستنتاجي، في أرفع مستوياته، يتطلب معرفة أمور كثيرة لا نتوقع من قرّاء هذا الكتاب معرفتها بالضرورة: مثل لغات الكتاب الأصلي، الخلفيات اليهودية، والسامية، والهلينية، بالإضافة إلى القدرة على استخدام كل أنواع المصادر والوسائل الأولية.

مع أنه بإمكانك كقارئ وكدارس القيام بالتفسير الاستنتاجي جيداً حتى وإن كنت لا تملك كل تلك المهارات والمعونات. وللقيام بهذا، عليك تعلُّم استغلال كل ما تملكه من مهارات، بالإضافة ألى تعلم استخدام عمل الآخرين أو الاستفادة منه.

لأن مفتاح التفسير الاستنتاجي الجيد، وبالتالي القدرة على قراءة الكتاب المقدس بفهم أفضل هو تعلم قراءة النص بعناية وطرح الأسئلة السليمة على النص. لقد علَّمتنا خبرتنا في التدريس بكليات اللاهوت على مدى سنين عديدة أن مشكلة الكثيرين تكمن في عدم معرفتهم كيفية القراءة بفهم؛ لأن قراءة الكتاب المقدس ودراسته بفهم يتطلب قراءة دقيقة متمعنة، وهذا يشمل أيضاً تعلُّم طرح الأسئلة الصحيحة بشأن النص.

هناك نوعان أساسيان من الأسئلة التي ينبغي طرحهما على كل مقطع كتابي: منها ما يتعلق “بالقرينة” (سياق أو محتوى النص) ومنها ما يتعلق “بالمضمون”. وأسئلة القرينة لها نوعان أيضاً: “تاريخية وأدبية”، تعال لندرس معاً وباختصار كلاً منهما.

القرينة التاريخية:

للقرينة التاريخية التي تختلف من سفر لآخر، علاقة بعدة أمور: زمن وبيئة الكاتب وقرائه، أو آخر العوامل الجغرافية، والطوبوغرافية: (السمات السطحية لإقليم ما: وتشمل الهضاب والأودية والبحيرات والأنهار والطرق…. إلخ)، أيضاً العوامل السياسية المتصلة بمحيط الكاتب ومناسبة كتابة السفر، أو الرسالة، أو المزمور، أو الوحي النبوي، أو أي نوع آخر من أنواع النصوص الكتابية. كل هذه الأمور لها أهمية خاصة للفهم.

إن ما يُحدث فرقاً في الفهم هو معرفة الخلفية الشخصية لعاموس مثلاً، أو هوشع، أو إشعياء، وكذلك في كون حجي قد تنبأ بعد السبي، وأيضاً معرفة التوقعات الخاصة بالمسيا عند شعب إسرائيل وقت ظهور يوحنا المعمدان والرب يسوع على مسرح الأحداث، أيضاً دراسة ومعرفة وفهم الاختلافات الموجودة بين مدينتي فيلبي وكورنثوس مثلاً، الأمر الذي يوضح تأثير هذه الاختلافات على كنائس كل منهما. كذلك إن معرفة العادات التي سادت زمن حياة الرب يسوع الأرضية تزيد جداً من فهم القارئ أو الدارس للأمثال التي رواها.

كمعرفة مثلاً أن الدينار آنذاك كان أجرة عمل يوم كامل (مت 20: 1-16)، وهذه المعرفة تزيد من فهمنا للمثل. حتى المسائل الطوبوغرافية تعتبر هامة. فالذي نشأ في مصر على سبيل المثال لا يمكنه التخيل بأن الجبال التي تحيط بأورشليم (مز 125: 2) هي كالتي يراها من حوله!

إن السؤال الأكثر أهمية في القرينة التاريخية، هو السؤال الذي يبحث في مناسبة وقصد كل سفر في الكتاب المقدس بأجزائه المختلفة

وهنا يحتاج القارئ والدارس كي يجيب على هذه الأنواع من الأسئلة إلى معونة خارجية كرجوعة إلى معاجم، أو موسوعات، أو قواميس للكتاب المقدس لنيل المزيد من المعرفة أو المعلومات. وكذلك الاستعانة بما هو متاح من المراجع اللاهوتية والتفاسير للاستفادة منها في إغناء موضوع ما.

على أن السؤال الأكثر أهمية في القرينة التاريخية، هو السؤال الذي يبحث في مناسبة وقصد كل سفر في الكتاب المقدس بأجزائه المختلفة. ويحتاج القارئ هنا إلى أخذ فكرة عما كان يدور وسط بني إسرائيل أو وسط الكنيسة آنذاك، الأمر الذي قاد إلى كتابة هذا السفر، أو دراسة موقف الكاتب الداعي للكتابة. وهنا أيضاً، سيختلف الأمر من سفر إلى سفر آخر.

وهنا أيضاً يمكننا العثور على إجابة لهذا السؤال – بقدر الإمكان – وذلك من خلال إيجاد الإجابة من السفر نفسه. لكن علينا تعود القراءة وعيون أذهاننا مفتوحة لكل المسائل. وإن احتجنا التأكد من نتائج بحثنا في هذه المسائل، علينا الاسترشاد بقاموس للكتاب المقدس أو العودة إلى مقدمة للسفر الذي ندرسه في أي كتاب تفسير. ولكن علينا أولاً وقبل كل شيء تدوين ملاحظاتنا التي توصلنا إليها بأنفسنا.

القرينة الأدبية:

يصف هذا العنوان قصد الناس عندما يتحدثون عن قراءة نص ما ضمن الإطار العام به أو عبر سياق الكلام المكتوب. وفي واقع الأمر، هذه هي المهمة الصعبة في عملية التفسير الاستنتاجي. ومعنى “القرينة الأدبية” أساساً هو أن الكلمات تكتسب معناها فقط ضمن الجمل، والجمل تكتسب معناها فقط في علاقتها مع ما يسبقها وما يلحقها من جمل.

والسؤال الأكثر أهمية في القرينة الأدبية والذي ينبغي أن يُطرح باستمرار حول كل جملة وكل فقرة هو: “ماهي النقطة الجوهرية في هذا النص أو ذاك، أو ما هو المقصود بهذا المقطع أو النص؟”. وهنا علينا محاولة تتبع تسلسل أفكار الكاتب. ما الذي يريد قوله؟ ولماذا يقوله هنا بالذات؟ وبعد أن ذكر الكاتب ما ذكر، ما الذي سيقوله تالياً؟ ولماذا؟ هذا السؤال يختلف من نوع لآخر حسب اختلاف أنواع النصوص الكتابية، لكنه يبقى “دائماً” السؤال الحاسم.

السؤال الأكثر أهمية في القرينة الأدبية: “ما هي النقطة الجوهرية في هذا النص أو ذاك، أو ما هو المقصود بهذا المقطع أو النص؟”

إن الغاية من التفسير الاستنتاجي هي معرفة قصد الكاتب الأصلي. وللقيام بهذا الأمر خير قيام، لابد من استخدام ترجمة توضح الأجزاء الشعرية والفقرات. لأن أحد الأسباب الرئيسية التي تقود لتفسير استنتاجي دون المستوى من قِبل قراء بعض ترجمات الكتاب المقدس هو الأسلوب الذي اتبعته هذه الترجمات في تحديد بداية ونهاية الفقرات، الأمر الذي يؤدي إلى حجب منطق الكاتب. لذا وفوق كل شيء على الشخص تعلُّم تمييز وحدات الفكر، سواء أكانت فقرات في نص كتابي أم أبياتاً (في الأجزاء الشعرية).

 

أسئلة المضمون:

هي الأسئلة المتعلقة بالمضمون أو المحتوى الفعلي لما يقوله الكاتب. وهي تُعد من الأسئلة الرئيسية التي تُطرح بشأن النص. يتعلق “المضمون” بمعاني الكلمات، وبالتركيبات النحوية التي يمكن إدراكها ضمن عدد من البنود التي ذُكرت قبلاً تحت عنوان “القرينة التاريخية” كأجرة دينار للعامل في اليوم، على سبيل المثال، أو السفر مسافة “سبت” أو “الجبال”…. إلخ.

وغالباً ما تكون هذه الأسئلة هي المختصة بالمعاني والتي يطرحها الشخص عادة بشأن النص الكتابي. فمثلاً عندما يقول الرسول بولس في كورنثوس الثانية 5: 16 “وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه بعد”، السؤال الذي يجب طرحه والذي يختص بالمعنى هو معرفة ما المقصود بجملة “حسب الجسد” هي تعني المسيح وهو في الجسد أم المعرفة التي نعرفها عنه نحن هي التي بحسب الجسد؟

الاستعانة بكتب تفاسير جيدة، مهما بدا ضرورياً أحياناً، يجب أن يكون الإجراء “الأخير” للدارس.

يحتاج الشخص عادة للإجابة عن هذه الأسئلة إلى مساعدة خارجية. ومرة أخرى نؤكد بأن نوعية الإجابة على مثل هذه الأسئلة يعتمد عادة على نوعية المصادر التي يستعملها الشخص. أخيراً نقول: حان وقت الحاجة إلى الاسترشاد بكتب شرح استدلالي جيدة. لكن الرجاء هو الانتباه إلى أن الاستعانة بكتب تفاسير جيدة، مهما بدا ضرورياً أحياناً، يجب أن يكون الإجراء “الأخير” للدارس.

الأدوات والوسائل:

إذاً – وغالباً – يمكنك عمل تفسير استنتاجي جيد بأقل قدر من المساعدة الخارجية. لقد سبق وذكرنا بعض الأدوات المساعدة كقاموس للكتاب المقدس، وفهرس وموسوعة كتابة، وترجمة جيدة، وكتب تفاسير جيدة، هناك بالطبع أدوات أخرى متخصصة كتلك المتعلقة بدراسة الموضوعات ودراسة الأفكار الأساسية. أما قراءة أو دراسة الكتاب المقدس سفراً سفراً، فالأدوات المذكورة أعلاه تكفي.

ولأن الترجمة الجيدة (أو الترجمة التي على نحو أفضل، وربما عدة تراجم جيدة) هي الأداة الأساسية التي لا غنى للدارس عنها وبالأخص الدارس الذي لا يعرف اللغات الأصلية، فلقد خصصنا الفصل التالي لهذا الشأن. إن تعلُّم اختيار كتب التفاسير أمر هام أيضاً، ولكن تذكر أنه الخطوة الأخيرة.

المهمة الثانية

التفسير الحياتي للنص

التفسير الحياتي هو التفسير المعني بطرح الأسئلة حول معنى الكتاب المقدس “هنا والآن”.

إن مسألة “هنا والآن” هي التي تأتي بنا إلى الكتاب المقدس في المقام الأول. فلماذا لا نبدأ بالتفسير الحياتي؟ ولماذا نخوض مشقة التفسير الاستنتاجي؟ أليس الروح القدس نفسه الذي أوحى بكتابة الكتاب المقدس يستطيع أن يقودنا في عملة قراءته؟ هذا صحيح إلى حد ما، ونحن لا ننوي من خلال هذا الكتاب أن نسلب أحداً متعة القراءة التعبدية التأملية للكتاب المقدس، ولا نحرمه من متعة الاتصال المباشر الذي تعنيه مثل هذه القراءة.

لكن القراءة التعبدية التأملية ليست نوع القراءة الوحيد، إذ يجب على الدارس أيضاً القراءة ليتعلم ويفهم. باختصار، عليه تعلُّم “دراسة” الكتاب المقدس، الذي يقوم بدوره بإعطاء القراءة التعبدية معنىً أكبر، ومن هنا يأتي إصرارنا على أن “التفسير الحياتي” السليم يبدأ بالتفسير الاستنتاجي.

والسبب الذي لا يُمكِّن الدارس بالبدء بـ “الآن وهنا” هو أنه لإعطاء تفسير حياتي صحيح نحتاج في البدء لفهم القصد الأصلي للنص الكتابي. هذا هو “المعنى الواضح”، الذي أشرنا إليه في مستهل هذا الفصل باعتباره هدفنا. وبدون هذه البداية، ستكون معاني النصوص الكتابية تحت رحمة القارئ. عندها سيتحول مثل هذا التفسير إلى تفسير شخصي وذاتي بحت، ولن يعود الدارس عندها قادراً على وصف تفسير دارس ما بالخطأ وتفسير آخر بالصواب. بل ستصبح كل التفاسير مقبولة.

في مقابل هذه التفاسير الشخصية، نحن نصر على أن يكون المعنى الأصلي للنص – بقدر الإمكان – هو نقطة التحكم الموضوعية أي اللاشخصية. نحن مقتنعون أن معمودية الأموات عند طائفة المورمون المبنية على أساس 1كورنثوس 15: 29، أو رفض شهود يهوه لألوهية المسيح، أو التعامل مع الأفاعي بناء على ما جاء في مرقس 16: 18، نحن مقتنعون أن كل هذه التفاسير مغلوطة.

إن الخطأ في كل حالة من تلك يكمن في أصول تفسيرهم، خاصة أن تفسيرها لا يتوقف على التفسير الاستنتاجي الجيد. فلقد ابتدأوا تفسيرهم من “الآن وهنا” وجعلوا النصوص تعني ما لم تكن تعنيه في الأصل. فما الذي يمنع أن يقتل شخص ابنته تتميماً لنذر خاطئ، كما فعل يفتاح؟! (قض 11: 29-40).

يعترض أحدهم، بالطبع، ويقول بأن الفطرة السليمة ستحول دون ارتكاب القارئ لمثل هذه الحماقات. لكن مع الأسف، فإن الفطرة السليمة لا تكون سليمة دائماً. نحن نسعى لأن نعرف ما الذي يعنيه الكتاب المقدس لنا الآن، وهذا حق. لكن لا يمكننا جعله يعني كل ما يرضينا، زمن ثم نرجع “الفضل” إلى الروح القدس. لا يمكن أبداً زج الروح القدس في أمور تجعله يناقض نفسه فيها، فالروح القدس هو الذي أوحى بالقصد الأصلي أو النية الأصلية للكتاب. لذا فإن مساعدة الروح القدس لنا هي في اكتشاف القصد الأصلي للنص، وإرشادنا في سعينا الصادق لتطبيق ذلك القصد أو المعنى على أوضاعنا نحن.

إن مساعدة الروح القدس لنا هي في اكتشاف القصد الأصلي للنص، وإرشادنا في سعينا الصادق لتطبيق ذلك القصد أو المعنى على أوضاعنا نحن.

لعل صعوبة إيجاد حل للمسائل التفسيرية الحياتية هي سبب ندرة الكتب التي تعالج هذا الجانب من موضوعنا. ولن يتفق الجميع على كيفية لتحقيق هذه المهمة، وهذا هو الجانب الحاسم. في الحقيقة يحتاج الدارسون إلى تعلم المشاركة والتحدث أحدهم مع الآخر حول هذه الأسئلة وكذلك الإصغاء لبعضهم البعض.

يجب أن يكون هناك على الأقل، اتفاق على هذا الأمر، إذ لا يمكن لأي نص أن يعني الآن ما لم يعنيه من قبل أبداً. نقول بكلمات أكثر إيجابية: إن المعنى الحقيقي للنص بالنسبة لنا هو المعنى الذي قصده الله فعلاً عندما كُتب النص لأول مرة. وهذه هي نقطة البداية. أم كيف ننطلق من هذه النقطة وننجز المهمة، فهذا هو الغرض الأساسي من هذا الكتاب.

لابد من أن يتساءل أحدهم هذا السؤال: “لكن أليس ممكناً أن يحمل النص معنىً إضافياً (أوفى، أعمق)، غير معناه الأصلي؟” نعم يمكن وهذا ما حدث فعلاً في العهد الجديد من خلال الطريقة التي اقتبس فيها واستخدم بها العهد القديم. ففي حالة وجود نبوات من المؤكد بأننا لن نصد الباب في وجه مثل هذا الاحتمال، بل نؤكد بأنه إذا ما روعي الحذر والانضباط فإن وجود معنى ثان أو أوفى هو أمر ممكن.

وإلا فكيف يمكننا تبرير وجود معانٍ في حالات عديدة واردة في الكتاب المقدس؟ ومَنْ الذي يتحدث لنا نيابة عن الله؟ من حقنا القلق كلما ادعى أحدهم أن لديه المعنى الإلهي الأعمق لنص ما – خاصة، إذا لم يعن النص قبلاً ما جعله يعنى الآن. إن كل الديانات والعبادات الغريبة للأسف نشأت من مثل هذه الأمور، وكذلك الهرطقات التي لا تُحصى ولا تُعد.

وفي الحقيقة إنه من الصعب وضع قواعد لأصول التفسير الحياتي. فما نقدمه هنا عبر كل الفصول التالية هو بمثابة توجيهات أو إرشادات. ربما لن تتفق معنا في إرشاداتنا لكنها بد تحثك على التفكير.

خطوات عملية لفهم النصوص الكتابية 2 – الأداة الأساسية: ترجمة جيدة

 

خطوات عملية لفهم النصوص الكتابية 1 – الحاجة إلى التفسير

 

Exit mobile version