هل عجز الله عن إِنقاذ أَقباط مِصر من يد داعش؟
هل عجز الله عن إِنقاذ أَقباط مِصر من يد داعش؟
منقول من: https://www.linga.org/varities-articles/NzI1Mg
رُبَّما يكون هذا العنوان صادمًا لكثيرين، لكنَّه سؤال حقيقيّ تداولت الألسنة طرحهُ بعدما فُجِعَ العالم إِذ رأى وشاهد مذبحة الأقباط المِصريّين في ليبيا بيد داعش، تلك الجماعة المُتطرّفة دينيًّا، والَّتي لا تعرف إِلَّا القتل والذبح والحرق لكُلِّ مَن يرفض أَفكارهم وتطرّفهم، وتساءل كثيرون عن قُدرة الله على حماية أولاده وحفظهم وانقاذهم! أَلم يَكُنْ الله قادرًا على إِنقاذ أَقباط مصر من يد الدواعش؟ أَو لماذا لم ينقذ الله هؤلاء الأقباط، ويصنع المعجزة الَّتي تُبهِر العالَم، ليؤكد قُدرتهُ على صُنع المُعجزات، وكنتيجة لذلك يُؤمن بِهِ كثيرون مِمَّن يسمعون أَو يُشاهدون أو يصلهم خبر إِنقاذ الله لأَولادهِ، حتَّى من يد داعش؟ تُرى هل عجز الله عن إِنقاذهم؟
هذه الأَسئلة وغيرها أَعادتني لدراسة تاريخ الاضطهاد في المسيحيَّة، من حيث الأَسباب والدَّوافع والنَّتائج أَيضًا، كما أَنَّ الكتاب المقدّس يُؤكّد في كثيرٍ من المواقف تدخّل الله المُعجزيّ لإنقاذ أَولادهِ فرادى أَو شعبًا، وهكذا نرى تدخّل الله في إِنقاذ ورَدّ اعتبار يُوسُف في أَرض مِصر، وإِنقاذ دَانِيآل والفتية الثَّلاثة في بابل، وإِنقاذ بُطرس من يد هِيرُودُس في أُورشليم، وأَيضًا ما عملهُ الله من تدخُّلٍ مُعجزيّ لإِنقاذ شعبهِ من يد المِصريّين في عهد مُوسى، ومن يد الفُرس في عهد أَسْتِير، ولا يخلو التَّاريخ المسيحيّ، ولا الاختبار الشَّخصيّ من عجائب الله ومُعجزاتهِ في حياة أَولادهِ وتابعيهِ.
لكن على جانبٍ آخر نَجِدَ الكثير أَيضًا مِمَّا يبدو أَنَّه تَخَلِّ إِلهيّ عن أَولادهِ وشعبهِ، بل وتلاميذهِ ورُسلهِ، فقد تُرِكَ اسْتِفَانُوس للرَّجم لأَجل إِيمانهِ بالمسيح، ومات كأَوَّلِ شهيدٍ في المسيحيَّة، ولم يمضِ الكثير من الوقت حتَّى ذُبِح يعقوب بن زبدي تلميذ المسيح، بعدما طالت يد هِيرُودُس الطَّاغية رقبتهُ، في الوقت الَّذي تدخّل الله لإِنقاذ بُطرس، تُخْتَتم قصّة حياة بُطرُس بالموت صلبًا، وهكذا غالبية الرُّسل والتَّلاميذ! فلماذا يتدخّل الله لإِنقاذ أَولادهِ وشعبهِ مرَّات ومرَّات، ويترك غيرهم –من أَولادهِ وشعبهِ أَيضًا- يُواجهون الاضطهاد والموت؟
الحقيقة الأُولى: أَفكار الله وطُرقهُ تختلف عن أَفكارنا وطُرقنا
يُخبرنا الله قائلاً: “.. أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي يَقُولُ الرَّبُّ. لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ هَكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ”. (إِشعياء 55: 8، 9). ففي حين لا يرى النَّاس أَو يتوقّعون إِلَّا قُدرة الله في إِنقاذهِ لأَولادهِ –على الأَقلّ في وقت الأَزمة- وقُوّتهُ على إِنزال العِقاب بِمُضطهديهم، فإِنَّ الله قد يكون لديه هدفٌ آخر وخطّةٌ أُخرى يتعامل بها مع الموقف، وليؤكّد أَيضًا ليس فقط قُدرتهُ وقُوَّتهُ بل محبّتهُ وغُفرانهُ، عظمتهُ وسُلطانهُ …إِلخ.
طلبت الجماهير أَنْ ينزل يسوع من على الصَّليب ليُؤمنوا بِهِ، وكان طلبًا خاطئًا لا يفهم إِرادة الله، ولا يعرف خطّتهُ لأَجل فداء البشريَّة، وأَشكُّ كثيرًا في أَنَّه حتَّى لو نزل المسيح من على الصَّليب ما كان أُولئك الَّذين هتفوا يطلبون نزولهُ من على الصَّليب لِيُؤمنوا بِهِ، وحتَّى لو حدث ذلك، ما كان حقّق الله ما تجسَّد لأَجلهِ، وما كُنَّا نتمتّع الآن بفداء المسيح وغُفرانهِ، ونوال الحياة الأَبديَّة.
صلَّت الكنيسة الأُولى لأَجل إِنقاذ يعقوب وبُطرس، مات يَعْقُوب وأُنْقِذ بُطرُس، وإِذْ كَانَ بُطْرُس من تلاميذ المسيح المُقرّبين إِليهِ ويتمتّع بمنزلةٍ واعْتِبارٍ، كان يَعْقُوب أَيضًا واحدًا مِمَّن دعاهم المسيح أَوَّلًا رُسلًا، وهو أَحدُ الثَّلاثة الَّذين قَرَّبهم المسيح إِليهِ، فهل تَخلَّى الله عن يَعْقُوب؟ أَو لماذا تدخّل الله لإِنقاذ بُطرُس؟ أَلم يَكُن الله قادرًا أَنْ يتمجّد أَيضًا من خلال إِنقاذ يَعْقُوب؟
مرّة أُخرى نجد أَنَّ أَفكارنا البشريَّة تختلف عن أَفكار الله من جِهَتِنا، ومع أَنَّ المُؤمن يُدرك جيدًّا أَنَّهُ عملهُ، وكلٌّ مِنَّا مخلوق لأَعمالٍ صالحةٍ “.. قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا”. (أَفَسس 2: 10)، فإِنَّ رغبة قلبهِ أَنْ ينطلقَ ليكون مع المسيح، مُردّدًا مع بُولُس: “فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاِثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا”. (فليبي 1: 23)، وأَمام شهوة قلب المؤمن من جهةٍ، وإِرساليّتهِ ودورهِ الَّذي عليهِ أَنْ يعملهُ قبل أَنْ ينتقل من هذه الحياة، نجد أَنَّ بعضًا من المُؤمنين أَنْهَى عملهُ الَّذي كلّفهُ اللهُ بهِ، أَو أَدَّى رسالتهُ كما يجب عليهِ أَنْ يُؤدّيها، وكُلُّ مَن أَدَّى أَو أَنْهَى عملهُ فإِنَّ الله ينقلهُ إِليهِ، وليُسْمِعهُ تلك الأُنشودة الرَّائعة: “نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ”. (متَّى 25: 21)، أَمَّا كُلّ مَن لم يُنهِ عملهُ بعد، فإِنَّ الله يتدخّل لإِنقاذهِ وليساعدهُ ليُكمل عملهُ، حتَّى ما إِذَا أَتمّ عملهُ وحقّق خطّة الله من حياتهِ نَقَلهُ الله إِليهِ أَيضًا. فليس هِيرُودُس أَو تنظيم داعش أَو مُلوك العالم وحُكّامه هُمْ الَّذين يتحكّمون في حياة أَولاد الله، لكنّ الله الَّذي يسمح ويُحدّد مَتَى يُغادر أَولادهُ العالَمَ وبأَيّ طريقةٍ.
الحقيقة الثَّانية: الله يمنح أَولادهُ عونًا خاصًّا في مُواجهة الاضطهاد والموت
أَكَّد المسيح لتلاميذهِ أَنَّ عليهم أَنْ يحملوا صليبًا في تبعيّتهم لهُ، وكان واضحًا في إِعلان هذه الحقيقة في دعوتهِ لهم، حين قدَّم لهم الدّعوة قائلًا: “إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي”. (متى 16: 24)، وقد قال أَيضًا “مَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا”. (لُوقا 14: 27)، فلِكُلِّ ابنٍ وتلميذٍ للمسيح أَنْ يَحْمِلَ صليبًا خاصًّا بِهِ، والمعنى من حَمْلِ الصَّليب هو حَمْل عِبْءِ التَّضحية، في أَيّ وقتٍ وبأَيِّ طريقةٍ، فالحياةُ المسيحيَّة هي حياةُ إِنكارِ الذَّات والبذل والتَّضحية بالغالي والنَّفيس، حتَّى التَّضحية بالنَّفسِ في سبيل المسيح.
وكما تختلف نوعيّة حياة الإِنسان المُؤمن ودوره عمّا للآخر، يختلف صليب تلميذٍ للمسيح وتضحيته عمّا للآخر، وكما أَنَّ الله يُرافق بِمعونتهِ كُلّ إِنسانٍ حسب حاجتهِ، فإِنَّه يُقدّم كُلَّ العونِ لأُولئك الَّذين يُواجهون أَزمات أَو اضطهادات أَصعب، فنراهم يُواجهون الموت ويُلاقونه بِكُلِّ ثباتٍ وشجاعةٍ وسلامٍ قد يُثِير حفيظةَ مَن يُعذّبونهم أَو يقتلونهم، ولنا في قصِّة استشهاد اسْتِفَانُوس أَوّل شهيدٍ في المسيحيَّة، كما لنا فيما رأَيناهُ من ثباتٍ وسلامٍ وهدوءٍ حَظِيَ بِهِ أَولادنا الأَقباط وهُمْ يُواجهون الموت، مَثَلًا ودرسًا، كان سِرُّ شجاعةِ اسْتِفَانُوس في مُواجهة الموت، وهكذا أَولادنا الَّذي قَضوا نحبهم في ليبيا، أَبْعد من أَنْ يُدركهُ أَيُّ إِنسانٍّ عَاديٍّ، فقد رأَى اسْتِفَانُوس مَجْدَ الله ويسوع قائمًا عن يمين الله، فَأَدرك أَنَّه في طريقهِ إِلى عرش المسيح، وهكذا كانت عيون أَولادنا شاخصةً إِلى السَّماء مُتمتِّعَةً بسلامٍ عجيبٍ، وليس في أَفواههم إِلَّا كلمة يسوع.
إِنَّ درسًا هامًّا علينا أَنْ نُدركهُ هُنا، هو أَنَّ الإِنسان الَّذي يُؤمن بالمسيح سيجد الشَّجاعةَ والقُوَّةَ في مُواجهةِ المواقف الصَّعبة والاضطهاد والعذابات الَّتي قد تُودِي بحياتهِ، حتَّى إِنَّه يتمتّع بسلامٍ ويفعل أَشياءً لا يُمكن لإِنسانٍ طبيعيٍّ أَنْ يتمتَّع بِهَا أَو يفعلها.
الحقيقة الثَّالثة: الله يُمجِّد أَولادهُ الأُمناء ويَتَمجّد من خلالهم
نعم، فُجِعْنَا وتألّمنا ونَحْنُ نُشاهد بالصوت والصورة تلك المذبحة الحيَّة الَّتي تعرّض لها أَقباط مِصر في ليبيا، لكن في جانبٍ آخر من الصُّورة نجد كثيرًا من التَّعزية الَّتي يتعزّى بها قلب كُلِّ مُؤمنٍ، فقد كان من بين أُولئك المصريّين واحدٌ من تشاد،[1] وخلفيّتهُ الدِّينيَّة ليست المسيحيَّة، لكن هذا التِّشاديّ آمن بالمسيح، ومات على إِيمانهِ هذا، وقد اعترف أَحدُ القتلة الدَّواعش بِأَنَّه عرض على هذا الشَّخص كما عرض على المسيحيّين أَنْ يتخلُّوا عن إِيمانهم بالمسيح فَأَبُوا جميعًا، وقال هذا التَّشاديّ: “إِلَهِي إِلَههم، وإِنْ قَتْلْتُمُوهُمْ فاقتلوني معهم” وهكذا أَعلن اعترافهُ بالمسيح رَبًّا وإِلهًا، ولأَجل هذا الاعتراف والإِيمان مات شهيدًا، فيا تُرى هل آمن هذا التِّشاديّ بالمسيح بعد اختطافهِ مع أُولئك الأَقباط، لِمَا رآهُ من تمسّكهم بإِيمانهم وبإِلههم؟ أَم تُراهُ آمن بالمسيح قبل اختطافهِ بِواسطة كرازة أَحدهم لهُ ودعوته للإِيمان بالمسيح، فآمن بالمسيح وعاش للمسيح ومات أَيضًا للمسيح؟ أَليس في هذا الأَمر وهذه القصّة تعزية لكُلِّ مُؤمنٍ شاهد تلك المذبحة.
ثُمَّ ما أَدرانا بتأثيراتِ هذه المذبحة أَيضًا على نفوس القتلة أَنفسهم، لقد كانوا راضين بقتل المسيحيّين العُزَّل، وكانوا يُعيّرونهم، ويهدّدونهم، طوال خمسة وأَربعين يومًا، وأَخيرًا ذبحوهم بدمٍ باردٍ، أَلا يُذكّرُنا هذا بمشهد شَاول الطَّرْسُوسِيّ الَّذي كان مُشاركًا وشاهدًا لرجم اسْتِفَانُوس، وكان راضيًا بقتلهِ، ومع أَنَّ شَاول بَدَا وكأَنَّهُ وحشٌ هَائِجٌ كاسر، إِذْ كان يَنْفُث في المسيحيين غضبًا وتَعصُّبًا وقتلًا، حيث “كَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالًا وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ”. (أَعمال 8: 2)، وهو ما يفعلهُ رِجال داعش يوميًا سواء في سوريا أَو العِراق أَو أَيِّ مكانٍ يتواجدون فيه، وكما أَنَّ شَاول كان ينفث تَهَدُّدًا وقتلًا في تلاميذ المسيح وهو يفعل كُلَّ هذا بُغيةَ إِرضاء الله، هكذا هُمْ أَيضًا كانوا يفعلون.
لكن مشهد رجم اسْتِفَانُوس بَقِيَ عالقًا في ذَاكِرَةِ شَاول الطَّرْسُوسِيّ، وكانت الأَسئلة الحائرة في ذهنهِ تَهِبُّ عليهِ بين الحين والآخر طلبًا لإِجابةٍ، فلماذا قَبِلَ اسْتِفَانُوس الموتَ راضيًا؟ من أَين أَتى لهُ هذا السَّلام والهدوء؟ مَنْ كَان يُخاطب وهو شاخصٌ للسَّماء؟ كُلُّ هذه الأَسئلة وما رآهُ شَاول بِأُمّ عينيهِ، كان دافعًا قويًّا وخُطوةً على طريق إِيمانهِ هو شخصيًّا بالمسيح، وكما يقول أُغُسْطِينُوس: “إِنَّ الكنيسة تَعْتَبِرُ بُولُس وليد صَلَاةِ اسْتِفَانُوس”، فهل يُمكن أَنْ يكون إِيمان أُولئك المسيحيّين الَّذين قضوا نحبهم بيد داعش سببًا في خلاص كثيرين، إِنَّ ما نُؤكّد عليهِ أَنَّ الكنيسة بعد قتل اسْتِفَانُوس انتشرت إِلى العالَم أَجمع، وكُتِبَ عن التَّلاميذ الَّذين جالوا مُبشّرين بالكلمة، أَنَّهم فتنوا المسكونة، أَي أَنَّ بإِيمان اسْتِفَانُوس آمن كثيرون من سُكّان بِقاع الأَرض حينذاك، وأَنَّ دماء الشُّهداء الَّتي سالت مُبكّرًا كانت عاملًا أَساسيًّا في انتشار رسالة المسيح وتأثيرها في العالَمِ، كما نعلم أَيضًا أَنَّ دم يسوع المسيح الَّذي سال على الصَّليب كان سببًا في الغُفران الَّذي نالهُ كُلّ مَن آمن بِهِ، نعم فإِنَّه: “بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!” (عبرانيين 9: 22).
وخِتَامًا لا أَجدُ أَفضل من الكلمات الَّتي سَطَّرها الوحي ليُشجّعنا قائلاً: “وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضًا؟ لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ، وَيَفْتَاحَ، وَدَاوُدَ، وَصَمُوئِيلَ، وَالأَنْبِيَاءِ، الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضاً وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلًا بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَالٍ وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ. فَهَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنالُوا المَوْعِدَ.” (عبرانيين 11: 32- 39).
[1] تعدّدت الرِّوايات حول مَن هو الرّجل الأَسمر الَّذي ذُبِحَ واستشهد مع المِصريّين العشرين، فبحسب رِاوية شقيق أَحد الشُّهداء أَنَّ هذا الرَّجل أَفريقيّ من تشاد، بينما هناك آراء تقول بأَنَّهُ مسيحيّ سُودانيّ، أَو مسيحيّ غانيّ، أَو أَنَّه داعشي آمن بالمسيح لِمَا رآهُ من ثباتِ وقُوّة إِيمان هؤلاء المسيحيّين، وهذا قد يُفسّر لماذا كان هذا الرّجل بالذَّات مُمسكًا بيد قائد مجموعة الدّواعش لتظلّ الكاميرا مُوجّهةً عليهِ ليكون عبرةً لِكُلِّ مَن يخرج عن التَّنظيم أَو يُؤمن بالمسيح الَّذي يقتلون أَتباعهُ، وفي مقالي هذا اعتمد الرِّواية الأُولى.