ما هو موقف الكنيسة من تبرير اليهودية الصهيونية أطماعهما في ارض فلسطين على اساس وعد الله لشعبه في العهد القديم؟
ما هو موقف موقف الكنيسة من تبرير اليهودية الصهيونية أطماعهما في ارض فلسطين على اساس وعد الله لشعبه في العهد القديم؟
(د.عدنان طرابلسي)
يفهم ابناء الكنيسة الارثوذكسية العهد القديم فهماً مسيحياً آبائياً فيه : ليس بعد يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حر، ليس ذكر ولا أنثى، لأنكم جميعاً واحدٌ في المسيح (غل3: 28). وبالتالي ليس لليهود أو لسواهم أية إمتيازات أو حقوق طبيعية أو مكتسبة. وربما الحظ الوحيد لليهود هو أنهم خانوا الله فأخذ الكرم منهم واُعطي لأمة تعمل أثماره.
لذا تُبطل الكنيسة الارثوذكسية الجامعة مزاعم اليهود المعاصرين وتنسف التفسير اليهودي العنصري للعهد القديم، وتوضّح أن كل المواعيد القديمة المعطاة لليهود إنما قد تحققت في شخص يسوع المسيح الرب، وأن المؤمنين بإسمه هم وحدهم ورثة الموعد والخلاص والبركات الآتية: إن الأمم هم من أهل الميراث الواحد، وأعضاء في الجسد الواحد، وشركاء في الموعد الواحد، في المسيح يسوع بالإنجيل (أفس3: 6).
هكذا تفهم الكنيسة البنوّة لله، بحسب الإيمان بالمسيح لا بحسب الجسد كما يفهم اليهود، لأن الله قادرٌ أن يخرج من الحجارة أولاداً لإبراهيم 0مت3: 9). والعهد القديم نفسه يشهد لأولوية الإيمان قائلاً على لسان هوشع النبي: سأدعو شعباً لي من ليس بشعبي (رو9: 25).
الكنيسة تؤمن بما قاله استفانوس الشهيد الأول في خطابه المشهور أمام المجمع اليهودي بأن إبراهيم قد “نقله الله إلى هذه الأرض التي أنتم الآن مقيمون بها ولم يعطهِ فيها ميراثاً، حتى ولا موطئ قدمٍ” (أع7: 4-5). ويقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: “بالإيمان تغرّب (إبراهيم) في أرض الموعد كأنها غريبة… لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله… في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيّوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض.
فإن الذين يقولون مثل هذا يظهرون أنهم يطلبون وطناً.. ولكن الآن يبتغون وطناً أفضل أي سماوياً (عبر11: 16-19). هذا هو مختصر التعليم المسيحي الكتابي الآبائي: الوعد بأرض كنعان هو مجرد وعد رمزي صرف للوعد بالملكوت السماوي، الوطن الخالد. فإبراهيم الموعود بأرض فلسطين سكن فيها ولم يملك شيئاً فيها، فأشترى من أهل المكفيلة مدفناً لزوجته سارة.
وآباء اليهود من بعده سكنوا في أرض وعدهم الله بها ميراثاً، لكنهم اعتبروا إقامتهم فيها غربة، طالبين وطناً سماوياً لا ارضياً على ما قاله بطرس الرسول بأننا “غرباء ونزلاء على الارض” (بطر2: 11). لهذا فالتفسير الآبائي للكتاب المقدس هو ضرورة قصوى لفهم الكتاب فهماً مسيحياً. وآباء الكنيسة لك يكونوا عنصريين أو غير عادلين، لكنهم برزوا.
ولقد لعبت الكثير من الفرق البروتستانتية في الغرب، خاصة المتهودة منها، دوراً سلبياً عندما نشّطت الدراسات الكتابية للعهد القديم على حساب العهد الجديد، مما أبرزابرار العهد القديم على حساب قديسي العهد الجديد تحت تأثير التيارات اليهودية والصهيونية النشطة في الغرب وبسبب معاداة هذه الفرق لآباء الكنيسة ولتفسيرهم للكتاب المقدس[1]. كان اليهود شعب الله الخاص (خروج19: 5-6). الآن المسيحيون هم هذا الشعب الخاص (1 بط2: 9-10).
“أما أنتم فإنكم ذريّة مختارة وكهنوت ملكي وأمّة مقدسّة وشعب اصطفاه الله… إنكم شعب الله”. (انظر رؤ1: 5 و5: 9-10 واف1: 14 …). في ا كور12 الكنيسة هي جسد المسيح والمسيحيون هم أعضاؤه. اليهود هم اعداء هذا الجسد فكيف تبقى لهم وعود وعهود وقد زال عهدهم القائم على دماء الحيوانات بينما – في الرسالة إلى العبرانيين – يقوم عهدنا على دم المسيح؟ اليهودية لم تعد – في نظر الذهبي الفم – ديناً. (د.عدنان طرابلسي).
[1] راجع دراسة د.عدنان طرابلسي عن العلاقة بين العهدين القديم والجديد في الجزء الثاني من شرح إنجيل متى للذهبي الفم.
ربنا يعوض تعب محبتكم