هل يثورون باسم الصليب؟ مقالة للكاتبه السعودية نادين البدير يستحق القراءة
هل يثورون باسم الصليب؟ مقالة للكاتبه السعودية نادين البدير يستحق القراءة
هل يثورون باسم الصليب؟ مقالة للكاتبه السعودية نادين البدير يستحق القراءة
تخيلوا أن شابا من الطرف الغربي من العالم سافر إلى هنا، ونفذ مهمة تفجير نفسه، باسم الصليب، في أحد ساحاتنا العامة.
تخيلوا أن مركزين شاهقين أُسقطا بأحد العواصم العربية، وظهرت جماعة مسيحية متطرفة يرتدي أفرادها أزياء عمرها الألف عام، لتعلن مسئوليتها عن الحادث، وتؤكد تصميمها على إحياء علوم المسيح وإرجاع عهده وعهد تلاميذه..
وتخيلوا أصواتاُ لرهبان وقساوسة تصل مسامعنا من كنائس ومعابد داخل العالم العربي وخارجه، وهي تصرخ أمام مكبرات الصوت داعية على المسلمين الكَفَرة (اللهم دمر المسلمين واهزمهم أجمعين)..
تصوروا أننا مَنحنا مجموعات أجنبية لا حصر لعددها إقاماتِ وهويات وجنسيات ووظائف ملائمة ومقاعد دراسية مجانية. علاج متقدم مجاني. تأمين وغيره. ثم يخرج مارد الكره من بين المهاجرين كالهمجي المتعطش للدم فيقتل ويسفك أرواح أبنائنا في شوارعنا وداخل مبانينا وصحفنا ومساجدنا ومدارسنا.
نزور أراضيهم كسيّاح فيرشقوننا بالرصاص ويفجّرون بنا وسائل النقل معلنين رفضهم لوجودنا (أخرجوا المسلمين من بلاد الحضارة).
هذه الصور مستبعدة من مخيلة الإرهابي العربي أو المسلم لأنه يثق، أو كان واثقا بانسانية الغرب، سرنا في أراضيهم على مدى سنوات بلا أدنى خوف أو قلق. ملايين من السياح المسلمين والمهاجرين والطلاب والباحثين عن فرص عمل ورزق، والأبواب مفتوحة والشوارع مطمئنة.
لكن إلى متى؟
اليوم اختلف الأمر. وظهر الغضب. نشروا تصريحات مخيفة بطل آخرها كان دونالد ترامب يطالب بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة.
غريب اعتقادنا بامتلاك حق استنكار تلك التصريحات. بدلاً من أن ندس رؤوسنا خجلاً وخزياً من العار الذي جنته مناهج تعليمنا وتربيتنا وتنشئتنا وأنظمتنا التي استهترت بواجب بناء الإنسان. بدلا من الالتفات لداخلنا وطرق عبادتنا المتطرفة وأساليب تعاملنا الرجعي مع بعضنا ومع العالم. بدلاً من الاعتذار للعالم.
شُنت الحملات ضد تطرف ترامب وماري لوبين اليمينية.
ولو أننا بقينا صامتين. فمَن ردَّ عليهم كان العالم الغربي نفسه. البيت الأبيض أعلن أن تصريحات ترامب لا تعكس القيم الأمريكية. والأوروبيين يؤكدون أن قوى التشدد لا تمثل مبادئ حريتهم واستيعابهم للآخر.
ماذا ستكون ردة فعلك لو أن أوروبياً فجر مسرح مدينتك أو المقهى الذي يرتاده ابنك؟ وماذا ستفعل لو سمعتَ اللعنات على دينك ومعتقدك أيام الآحاد.
تخيل نفسك في أمستردام أو لندن أو نيويورك. ووجدت من يشكّك في أصل كتابك القرآن، أو في خلق رسولك الكريم، وعرفت أن الطلبة هناك يدرسون بمناهجهم أنك كافر وأن أمر قتلك جهاد يوصل للحور العين.
هل كنت لتمضي بقية الصيف أو تبتعد أو تفجر نفسك أو تفعل أدنى الأمرين فتنفس عن غضبك وتطالب بمنع دخول المسيحيين بلاد العرب.
ماذا كنت ستفعل؟
وأي حرب ستندلع لو تخلى الغربي عن قيمه أمام جرائم الدم الدخيلة وظهر تطرف غربي أو مسيحي مضاد في مدننا العربية؟
بعد كل هذه المهازل يخرج عليك محلل عربي مهزوز بخطاب هش يردد صاحبه عبارة مكررة ملايين المرات: هؤلاء لا يمثلون الإسلام.
هذا فقط ما تحويه جعبتنا. مجرد تبرئة.
نادين البدير