الثالوث القدوس في العهد القديم – كم أقنوم في الله؟ – القمص روفائيل البرموسي
الثالوث القدوس – دراسة دائرة المعارف الكتابية
الثالوث القدوس في العهد القديم – كم أقنوم في الله؟ – القمص رفائيل البرموسي
إقرأ أيضا: الثالوث في العهد القديم – أين نجد الثالوث في العهد القديم؟
في دراستنا السابقة رأينا الاستعمالات المتعددة للكلمات الجمع: سواء أسماء أو أفعال أو صفات، في الحديث عن الله، كلها تُشير إلى أن هنالك أقانيم في الجوهر الواحد لله وبالتالي تشير إلى الثالوث القدوس . ودارسنا العديد من الآيات التي فيها أسماء الله، تنطبق على شخصين أو أقنومين، متميزين، لكن متساويين في الألوهية أو الجوهر.
والسؤال الذي يبرز الآن: كم أقنوم في الجوهر الواحد الله؟ عندما نقرأ بإمعان في أسفار العهد القديم باللغة العبرية، نرى أن هنالك ثلاثة أقانيم – ثلاثة فقط في الجوهر الواحد لله، وهم الله الآب – الله الأبن – الله الروح القدس، وهم إله واحد. في النص العبري للعهد القديم نجد: الرب يهوه – ملاك يهوه – روح الله، وسندرس الكل تباعاً:
1 الرب يهوه: יהוה
توجد العديد من الآيات في الأسفار المقدسة للعهد القديم، التي تُشير إلى الأقنوم الأول من الثالوث القدوس في الإله الواحد. واستعمال “الرب يهوه” مألوف جداً ومتكرر. وأننا لا نحتاج إلى تخصيص مساحة أخرى لسرد الآيات التي تُشير لذلك، فلقد درسنا في الفصول السابقة العديد من النبوات
تصلح كنموذج لها. وأقنوم “الرب يهوه” هو ما نُعبر عنه نحن كمسيحيين بـ “أقنوم الله الآب”.
2 ملاك يهوه Malach YHVH
الأقنوم الثاني في الجوهر الإلهي، هو ما يُعبر عنه العهد القديم بـ “ملاك يهوه”. أما في العهد الجديد، فيلقب بـ “أقنوم الله الابن”. “ملاك يهوه” هو اسم شخصي متميز خاص، ولم يرد مرة واحد في كل أسفار العهد القديم في صيغة الجمع، بل دائماً في صيغة المفرد. وهذا الاسم مُتميزاً عن الملائكة الأخرى، فلا نجد على مدى العهد القديم كله من التكوين حتى ملاخي، التعبيرات الآتية: “الملائكة يهوه” أو “الملائكة الله” (فيها أداة التعريف “أل” + ملائكة في الجمع)، بل نجد ثلاثة تعبيرات –فقط لا غير – وهي:
أ – ملاك يهوه Malach YHVH، دائماً مفرد.
ب – ملاك الله Malach Ha-Elohim، دائماً مفرد مع أداة التعريف “أل”.
جـ – ملائكة الله Malachei Elohim، دائماً جمع ولا يُستعمل معها أبداً أداة التعريف “أل”.
إذا أمعناً النظر في كل آيات العهد القديم، على ضوء التعبيرات الثلاثة السابقة، نجد الآتي: التعبير الثالث (جـ)، يُستعمل بوجه عام للحديث عن الملائكة الاعتيادية (فهي دائماً جمع ولا يستعمل معها أبداً أداة التعريف “أل” فنقول الملائكة الله … هذا لا نجده على الإطلاق في العهد القديم كله). أما التعبير الأول (أ) والتعبير الثاني (ب)، كلاهما يُستخدمان للتعبير عن شخص متميز وفريد … هو اسم شخصي. فعلي سبيل المثال:
- قضاة 20:6-21 “فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ اللهِ: «خُذِ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ وَضَعْهُمَا عَلَى تِلْكَ الصَّخْرَةِ وَاسْكُبِ الْمَرَقَ». فَفَعَلَ كَذلِكَ. فَمَدَّ مَلاَكُ الرَّبِّ (ملاك يهوه) طَرَفَ الْعُكَّازِ الَّذِي بِيَدِهِ وَمَسَّ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ، فَصَعِدَتْ نَارٌ مِنَ الصَّخْرَةِ وَأَكَلَتِ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ. وَذَهَبَ مَلاَكُ الرَّبِّ (ملاك يهوه) عَنْ عَيْنَيْهِ”. ففي الآية 20 دعاه “ملاك الله” وفي الآية 21 دعاه “ملاك يهوه”. وإذا راجعنا قليلاً بعض الآيات في نفس الأصحاح، نجد أن الشخص الذي دُعى “ملاك الله” و”ملاك يهوه” هو الله (يهوه) نفسه: ففي الأعداد 12، 14، 16-18 نقرأ الآتي: “فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ (ملاك يهوه) وَقَالَ لَهُ: «الرَّبُّ مَعَكَ يَا جَبَّارَ الْبَأْسِ». … فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الرَّبُّ وَقَالَ: «اذْهَبْ بِقُوَّتِكَ هذِهِ وَخَلِّصْ إِسْرَائِيلَ مِنْ كَفِّ مِدْيَانَ. أَمَا أَرْسَلْتُكَ؟» … فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ، وَسَتَضْرِبُ الْمِدْيَانِيِّينَ كَرَجُل وَاحِدٍ».”
- قضاة 3:13، 9، 17 ” فَتَرَاءَى مَلاَكُ الرَّبِّ (ملاك يهوه) لِلْمَرْأَةِ …. فَسَمِعَ اللهُ لِصَوْتِ مَنُوحَ، فَجَاءَ مَلاَكُ اللهِ أَيْضًا إِلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي الْحَقْلِ،…. فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «مَا اسْمُكَ حَتَّى إِذَا جَاءَ كَلاَمُكَ نُكْرِمُكَ؟» فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ (ملاك يهوه): «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي وَهُوَ عَجِيبٌ؟». “. فبينما دعاه في الآية 3 “ملاك يهوه” دعاه أيضاً في الآية 9 “ملاك الله“. من جهة أخرى، لقد سأل منوح “ملاك يهوه” ما هو أسمك؟ … فأجابه: لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب. فمن هذه الإجابة يمكننا أن نفهم أن “ملاك يهوه” شخص متميز، وفريد. وقد أثبتنا في دراستنا لنبوات إشعياء أن أحد أسماء المسيا، (عجيب). وبذلك يكون “ملاك يهوه” هو الأقنوم الثاني في الثالوث القدوس.
ملاك الرب أو ملاك يهوه أو ملاك الله هو الرب نفسه “يهوه”
هناك عشرات الآيات في العهد القديم، تثبت بلا جدال، أن “ملاك يهوه” هو الله نفسه “يهوه“. ففي الواقع، في كل موضع يظهر فيه حديث عن “ملاك يهوه“، نجده يُشير إلى كل من: ملاك يهوه، ويهوه نفسه. فعلى سبيل المثال:
- تكوين 7:16-14 ” فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ (ملاك يهوه) عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ، عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ شُورَ. وَقَالَ: «يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ، مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ؟ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِينَ؟». فَقَالَتْ: «أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ». فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ (ملاك يهوه): «ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا» …. فَدَعَتِ اسْمَ الرَّبِّ (اسم يهوه) الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَهَا: «أَنْتَ إِيلُ رُئِي». لأَنَّهَا قَالَتْ: «أَههُنَا أَيْضًا رَأَيْتُ بَعْدَ رُؤْيَةٍ؟» “. توجد هنا أربع إشارات لـ “ملاك يهوه” في الأعداد 7 ، 9 ، 10 ، 11، ولكن في الآية 13 نجده هو الرب نفسه “يهوه” – ولذا دعت المكان ” أَنْتَ إِيلُ رُئِي – أنت الله الذي يُرى“.
- تكوين 9:22-16 ” فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ (ملاك يهوه) مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «إِبْرَاهِيمُ! إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا» فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي» …. وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ (يهوه) ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ… مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي». “. في الآية 11 ، 15 يدعوه “ملاك يهوه” …ولتلاحظ بعض التعابير لا يقولها إلا الله وحده مثل: لم تمسك ابنك وحيدك عني – بذاتي أقسمت يقول “يهوه” – أباركك مباركة وأكثر نسلك. كل هذه التعابير المختصة بالله وحده، نطق بها “ملاك يهوه” نفسه. إذاً، لا جدال أن “ملاك يهوه” أو “ملاك الرب” هو الله “يهوه” نفسه.
- تكوين 11:31-13 ” وَقَالَ لِي مَلاَكُ اللهِ فِي الْحُلْمِ: يَا يَعْقُوبُ. فَقُلْتُ: هأَنَذَا.فَقَالَ: ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ. جَمِيعُ الْفُحُولِ الصَّاعِدَةِ عَلَى الْغَنَمِ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ كُلَّ مَا يَصْنَعُ بِكَ لاَبَانُ. أَنَا إِلهُ بَيْتِ إِيلَ حَيْثُ مَسَحْتَ عَمُودًا، حَيْثُ نَذَرْتَ لِي نَذْرًا. “. الآية (11) كما هو واضح أن الذي ظهر ليعقوب في الحلم هو “ملاك الله“. وعندما يتكلم مع يعقوب في الحلم، في الآية 13 يقول عن نفسه “أنا إله بيت إيل“، ويقول أيضاً “نذرت لي نذراً“. إذا وضعنا هذه الآيات بجوار ما جاء في الإصحاح 28 من التكوين بخصوص سلم يعقوب ” وَرَأَى حُلْمًا، وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا. وَهُوَذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ…. وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ … فَاسْتَيْقَظَ يَعْقُوبُ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «حَقًّا إِنَّ الرَّبَّ فِي هذَا الْمَكَانِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ!». وَخَافَ وَقَالَ: «مَا أَرْهَبَ هذَا الْمَكَانَ! مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ، وَهذَا بَابُ السَّمَاءِ» … وَدَعَا اسْمَ ذلِكَ الْمَكَانِ «بَيْتَ إِيلَ» ” تكوين 12:28 – 19. وبوضع تكوين 11:31 – 13 بجوار تكوين 13:28 – 19، نجد الآتي:
أ – لاحظ التمييز بين القول “هوذا ملائكة الله” تك 12:28 فهي جمع وبدون أداة التعريف “أل” للتعبير عن الملائكة الاعتيادية… وبين القول “ملاك الله” الواردة في تكوين 11:31 فهي تخص الأقنوم الثاني في الثالوث “أقنوم الابن” حيث أنها مفردة بالإضافة إلى أداة التعريف “أل”. Malach Ha – Elohim
ب – في تكوين 11:31 يقول “أَنَا إِلهُ بَيْتِ إِيلَ” من هو ” إِلهُ بَيْتِ إِيلَ“، الإجابة نجدها في تكوين 16:28 – 18 ” حَقًّا إِنَّ الرَّبَّ فِي هذَا الْمَكَانِ… مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ… وَدَعَا اسْمَ ذلِكَ الْمَكَانِ «بَيْتَ إِيلَ» (أي بيت الله). إذاً، إله هو الله “يهوه” والذي قال عنه في تكوين 31 إنه “ملاك يهوه“. “فملاك يهوه” هو “يهوه” نفسه.
جـ -تكوين 24:31 – 30 ” فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ.. وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». فَقَالَ لَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ». وَسَأَلَ يَعْقُوبُ وَقَالَ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ، وَنُجِّيَتْ نَفْسِي».”. فالملاك[1] الذي صارع معه يعقوب هو الله نفسه.
د – خروج 2:3 – 6 “وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ. فَنَظَرَ وَإِذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ، وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ. فَقَالَ مُوسَى: «أَمِيلُ الآنَ لأَنْظُرَ هذَا الْمَنْظَرَ الْعَظِيمَ. لِمَاذَا لاَ تَحْتَرِقُ الْعُلَّيْقَةُ؟». فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ، نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: «مُوسَى، مُوسَى!». فَقَالَ: «هأَنَذَا». فَقَالَ: «لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى ههُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ». ثُمَّ قَالَ: «أَنَا إِلهُ أَبِيكَ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللهِ.”. في الآية 2 يقول عنه إنه “ملاك يهوه” الذي ظهر لموسى بلهيب نار من وسط العليقة، ولكن في الآية 4 يقول “ناداه الله من وسط العليقة“. ثم هو نفسه يقول “أنا إله أبيك…”. إذاً، “ملاك الرب ” أو “ملاك يهوه” هو الله نفسه.
هـ -قضاة 1:2 “وَصَعِدَ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ الْجِلْجَالِ إِلَى بُوكِيمَ وَقَالَ: «قَدْ أَصْعَدْتُكُمْ مِنْ مِصْرَ وَأَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَقْسَمْتُ لآبَائِكُمْ، وَقُلْتُ: لاَ أَنْكُثُ عَهْدِي مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. “. في هذه الآية “ملاك يهوه” ينسب إلى نفسه أنه أخرج شعب إسرائيل من مصر، وأنه قطع عهداً مع هذا الشعب. بالمقارنة مع ما جاء في خروج 3:19 – 5 “وَأَمَّا مُوسَى فَصَعِدَ إِلَى اللهِ. فَنَادَاهُ الرَّبُّ مِنَ الْجَبَلِ قَائِلاً: «هكَذَا تَقُولُ لِبَيْتِ يَعْقُوبَ، وَتُخْبِرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِالْمِصْرِيِّينَ. وَأَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ. فَالآنَ إِنْ سَمِعْتُمْ لِصَوْتِي، وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي تَكُونُونَ لِي خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ.”. واضح أن الذي أخرج شعب إسرائيل من مصر هو الله، وهو الذي قطع العهد معهم. بجمع الآيتين معاً، يكون أن ملاك الرب هو الله.
و – قضاة 11:6 -24 ” وَأَتَى مَلاَكُ الرَّبِّ وَجَلَسَ تَحْتَ الْبُطْمَةِ الَّتِي فِي عَفْرَةَ الَّتِي لِيُوآشَ الأَبِيعَزَرِيِّ. وَابْنُهُ جِدْعُونُ كَانَ يَخْبِطُ حِنْطَةً فِي الْمِعْصَرَةِ لِكَيْ يُهَرِّبَهَا مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ. فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَالَ لَهُ: «الرَّبُّ مَعَكَ يَا جَبَّارَ الْبَأْسِ» فَقَالَ لَهُ جِدْعُونُ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي، إِذَا كَانَ الرَّبُّ مَعَنَا فَلِمَاذَا أَصَابَتْنَا كُلُّ هذِهِ؟ وَأَيْنَ كُلُّ عَجَائِبِهِ الَّتِي أَخْبَرَنَا بِهَا آبَاؤُنَا قَائِلِينَ: أَلَمْ يُصْعِدْنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ؟ وَالآنَ قَدْ رَفَضَنَا الرَّبُّ وَجَعَلَنَا فِي كَفِّ مِدْيَانَ». فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الرَّبُّ وَقَالَ: «اذْهَبْ بِقُوَّتِكَ هذِهِ وَخَلِّصْ إِسْرَائِيلَ مِنْ كَفِّ مِدْيَانَ. أَمَا أَرْسَلْتُكَ؟» فَقَالَ لَهُ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي، بِمَاذَا أُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ؟ هَا عَشِيرَتِي هِيَ الذُّلَّى فِي مَنَسَّى، وَأَنَا الأَصْغَرُ فِي بَيْتِ أَبِي». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ، وَسَتَضْرِبُ الْمِدْيَانِيِّينَ كَرَجُل وَاحِدٍ». فَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَاصْنَعْ لِي عَلاَمَةً أَنَّكَ أَنْتَ تُكَلِّمُنِي. لاَ تَبْرَحْ مِنْ ههُنَا حَتَّى آتِيَ إِلَيْكَ وَأُخْرِجَ تَقْدِمَتِي وَأَضَعَهَا أَمَامَكَ». فَقَالَ: «إِنِّي أَبْقَى حَتَّى تَرْجعَ». فَدَخَلَ جِدْعُونُ وَعَمِلَ جَدْيَ مِعْزًى وَإِيفَةَ دَقِيق فَطِيرًا. أَمَّا اللَّحْمُ فَوَضَعَهُ فِي سَلّ، وَأَمَّا الْمَرَقُ فَوَضَعَهُ فِي قِدْرٍ، وَخَرَجَ بِهَا إِلَيْهِ إِلَى تَحْتِ الْبُطْمَةِ وَقَدَّمَهَا. فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ اللهِ: «خُذِ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ وَضَعْهُمَا عَلَى تِلْكَ الصَّخْرَةِ وَاسْكُبِ الْمَرَقَ». فَفَعَلَ كَذلِكَ. فَمَدَّ مَلاَكُ الرَّبِّ طَرَفَ الْعُكَّازِ الَّذِي بِيَدِهِ وَمَسَّ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ، فَصَعِدَتْ نَارٌ مِنَ الصَّخْرَةِ وَأَكَلَتِ اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ. وَذَهَبَ مَلاَكُ الرَّبِّ عَنْ عَيْنَيْهِ. فَرَأَى جِدْعُونُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، فَقَالَ جِدْعُونُ: «آهِ يَا سَيِّدِي الرَّبَّ! لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَلاَكَ الرَّبِّ وَجْهًا لِوَجْهٍ.» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «السَّلاَمُ لَكَ. لاَ تَخَفْ. لاَ تَمُوتُ». فَبَنَى جِدْعُونُ هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ وَدَعَاهُ «يَهْوَهَ شَلُومَ». “. أربع مرات في هذا المقطع من الأصحاح، يتكلم عن كونه “ملاك الرب” (الآية 11، 12، 20، 21)، وأربع مرات في نفس المقطع يقول عنه أنه الرب “يهوه” (الآية 13، 14، 16، 22) … ثم أخيراً يقول إنه بنى مذبحاً للرب ودعاه يهوه شلوم أي “يهوه سلام“.
قضاة 3:13 – 24 النص كاملاً:
1 ثُمَّ عَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ لِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
2 وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ صُرْعَةَ مِنْ عَشِيرَةِ الدَّانِيِّينَ اسْمُهُ مَنُوحُ، وَامْرَأَتُهُ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدْ.
3 فَتَرَاءَى مَلاَكُ الرَّبِّ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ لَهَا: «هَا أَنْتِ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدِي، وَلكِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا.
4 وَالآنَ فَاحْذَرِي وَلاَ تَشْرَبِي خَمْرًا وَلاَ مُسْكِرًا، وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئًا نَجِسًا.
5 فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيرًا للهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».
6 فَدَخَلَتِ الْمَرْأَةُ وَكَلَّمَتْ رَجُلَهَا قَائِلَةً: «جَاءَ إِلَيَّ رَجُلُ اللهِ، وَمَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ مَلاَكِ اللهِ، مُرْهِبٌ جِدًّا. وَلَمْ أَسْأَلْهُ: مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَلاَ هُوَ أَخْبَرَنِي عَنِ اسْمِهِ.
7 وَقَالَ لِي: هَا أَنْتِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا. وَالآنَ فَلاَ تَشْرَبِي خَمْرًا وَلاَ مُسْكِرًا، وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئًا نَجِسًا، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيرًا للهِ مِنَ الْبَطْنِ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ».
8 فَصَلَّى مَنُوحُ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي أَنْ يَأْتِيَ أَيْضًا إِلَيْنَا رَجُلُ اللهِ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ، وَيُعَلِّمَنَا: مَاذَا نَعْمَلُ لِلصَّبِيِّ الَّذِي يُولَدُ؟».
9 فَسَمِعَ اللهُ لِصَوْتِ مَنُوحَ، فَجَاءَ مَلاَكُ اللهِ أَيْضًا إِلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي الْحَقْلِ، وَمَنُوحُ رَجُلُهَا لَيْسَ مَعَهَا.
10 فَأَسْرَعَتِ الْمَرْأَةُ وَرَكَضَتْ وَأَخْبَرَتْ رَجُلَهَا وَقَالَتْ لَهُ: «هُوَذَا قَدْ تَرَاءَى لِيَ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ إِلَيَّ ذلِكَ الْيَوْمَ».
11 فَقَامَ مَنُوحُ وَسَارَ وَرَاءَ امْرَأَتِهِ وَجَاءَ إِلَى الرَّجُلِ، وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الرَّجُلُ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَ الْمَرْأَةِ؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ».
12 فَقَالَ مَنُوحُ: «عِنْدَ مَجِيءِ كَلاَمِكَ، مَاذَا يَكُونُ حُكْمُ الصَّبِيِّ وَمُعَامَلَتُهُ؟»
13 فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «مِنْ كُلِّ مَا قُلْتُ لِلْمَرْأَةِ فَلْتَحْتَفِظْ.
14 مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ، وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا».
15 فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «دَعْنَا نُعَوِّقْكَ وَنَعْمَلْ لَكَ جَدْيَ مِعْزًى».
16 فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «وَلَوْ عَوَّقْتَنِي لاَ آكُلُ مِنْ خُبْزِكَ، وَإِنْ عَمِلْتَ مُحْرَقَةً فَلِلرَّبِّ أَصْعِدْهَا». لأَنَّ مَنُوحَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ.
17 فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «مَا اسْمُكَ حَتَّى إِذَا جَاءَ كَلاَمُكَ نُكْرِمُكَ؟»
18 فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي وَهُوَ عَجِيبٌ؟».
19 فَأَخَذَ مَنُوحُ جَدْيَ الْمِعْزَى وَالتَّقْدِمَةَ وَأَصْعَدَهُمَا عَلَى الصَّخْرَةِ لِلرَّبِّ. فَعَمِلَ عَمَلاً عَجِيبًا وَمَنُوحُ وَامْرَأَتُهُ يَنْظُرَانِ.
20 فَكَانَ عِنْدَ صُعُودِ اللَّهِِيبِ عَنِ الْمَذْبَحِ نَحْوَ السَّمَاءِ، أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ صَعِدَ فِي لَهِيبِ الْمَذْبَحِ، وَمَنُوحُ وَامْرَأَتُهُ يَنْظُرَانِ. فَسَقَطَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا إِلَى الأَرْضِ.
21 وَلَمْ يَعُدْ مَلاَكُ الرَّبِّ يَتَرَاءَى لِمَنُوحَ وَامْرَأَتِهِ. حِينَئِذٍ عَرَفَ مَنُوحُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ.
22 فَقَالَ مَنُوحُ لامْرَأَتِهِ: «نَمُوتُ مَوْتًا لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللهَ»
” فَتَرَاءَى مَلاَكُ الرَّبِّ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ لَهَا… فَسَمِعَ اللهُ لِصَوْتِ مَنُوحَ، فَجَاءَ مَلاَكُ اللهِ أَيْضًا إِلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي الْحَقْلِ… فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ :… فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ… فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ… فَقَالَ مَنُوحُ لامْرَأَتِهِ: «نَمُوتُ مَوْتًا لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللهَ» “. تسع مرات في هذا المقطع يشير إلى “ملاك الرب” في الآيات 3، 9، 13، 15، 16، 17، 18، 20، 21 ولكن بعد ذلك، في الآية 22 يقول عنه منوح “رأينا الله“…. ثم أن “ملاك الرب” أسمه “عجيب“،פלא ف ل أ، (تكلمنا عن ذلك من قبل).
(ملحوظة: مناقشة موضوع “ملاك الرب” في سفر القضاة، يختفي تماماً في التاريخ اليهودي القديم، وكتب التراث).
وحدانية جوهر الله
يقول الرب على لسان إشعياء النبي ” أَنَا الرَّبُّ (يهوه) هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ، وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ. ” إشعياء 8:42. عندما نقابل هذه الحقيقة الثابتة مع ما جاء في خروج 20:23 – 23 ” هَا أَنَا مُرْسِلٌ مَلاَكًا أَمَامَ وَجْهِكَ لِيَحْفَظَكَ فِي الطَّرِيقِ، وَلِيَجِيءَ بِكَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَعْدَدْتُهُ.اِحْتَرِزْ مِنْهُ وَاسْمَعْ لِصَوْتِهِ وَلاَ تَتَمَرَّدْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ لاَ يَصْفَحُ عَنْ ذُنُوبِكُمْ، لأَنَّ اسْمِي فِيهِ. وَلكِنْ إِنْ سَمِعْتَ لِصَوْتِهِ وَفَعَلْتَ كُلَّ مَا أَتَكَلَّمُ بِهِ، أُعَادِي أَعْدَاءَكَ، وَأُضَايِقُ مُضَايِقِيكَ.”. يمكننا أن نفهم بسهولة الطبيعة المتميزة لـ “ملاك يهوه“، في خروج 20:23 -23 الله نفسه هو الذي يتكلم. بذلك يكون “ملاك يهوه” هو نفسه “الله“، حيث أن الله نفسه يقول ” وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ “. والقديس أثناسيوس الرسولي يعلق على هذه الآية بقوله (تشترك الأقانيم الثلاثة بالجوهر الإلهي، ومن ثم إرادة واحدة وذات واحدة وطبيعة واحدة. أي أن لكل من الآب والابن والروح القدس ما للآخر من الألقاب والصفات الإلهية، وذلك لأن الطبيعة واحدة، خلواً من تفصيل وتقسيم)
نعود مرة أخرى إلى خروج 20:23 – 23 “هَا أَنَا مُرْسِلٌ مَلاَكًا أَمَامَ وَجْهِكَ…” في الآية 20 يقول الله أن هذا الملاك سيقود شعب إسرائيل طوال فترة الخروج من مصر حتى يأتوا إلى الأرض التي وعد بها، وهذا يتوافق مع ما جاء في قضاة 1:2 (شرحنا من قبل). في الآية 21 أعطى الله العديد من الأوامر لموسى: احترز منه – اسمع لصوته – لا تتمرد عليه. هذا الملاك ينبغي أن يُطاع طاعة مطلقة. لماذا؟ يقول الله “لأن اسمي فيه“. هذا الملاك من نوع خاص جداً ليس ملاكاً اعتيادياً، وذلك لأسباب عديدة.
1 – “لا يصفح عن ذنوبكم” الآية 21 أي عنده القوة والسلطان لغفران الخطايا، وهذا حق من اختصاص الله وحده.
2 – “اسمي فيه” الآية 21 إن الاسم هو “يهوه”. هذا الاسم دُعى به الله وحده. وبما أن هذا الملاك أُعطى هذا الاسم، فهو إذاً الله نفسه. وفي النص العبري يتضح جداً الفرق بين “اسمي فيه” و “اسمي عليه” فجاءت في النص العبري “اسمي فيه” للدلالة القوية أنه هو نفسه الله.
3 – هناك بركات لطاعته: “إن سمعت لصوته وفعلت كل ما أتكلم به أعادي أعداءك، وأضايق مضايقيك“. في النص العبري يتضح بقوة المعنى الحقيقي للآية، أكثر من اللغة العربية: فالضمير في كلمته “صوته” يعود على الملاك، ثم الضمير في كلمة “ما أتكلم به” يعود على الله… إذاً صوت هذا الملاك هو صوت الله نفسه.
4 – هذا الملاك، هو ملاك الخروج 31:32 – 35 عن الاستخفاف بالتحذيرات، وما حدث لهم ” فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ، وَقَالَ: «آهِ، قَدْ أَخْطَأَ هذَا الشَّعْبُ خَطِيَّةً عَظِيمَةً وَصَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ آلِهَةً مِنْ ذَهَبٍ.32 وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ، وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ». “.
ثم يعود الكتاب ويتكلم مرة أخرى عن “ملاك يهوه” الذي صارع معه يعقوب حتى طلوع الفجر (تكوين 24:32 – 30)، في سفر هوشع 3:12 – 5 فيقول ” فِي الْبَطْنِ قَبَضَ بِعَقِبِ أَخِيهِ، وَبِقُوَّتِهِ جَاهَدَ مَعَ اللهِ. جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ. وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَهُنَاكَ تَكَلَّمَ مَعَنَا. وَالرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ يَهْوَهُ اسْمُهُ.”. هنا نلاحظ:
- قال أولاً “جاهد مع الله” ثم يقول بعدها “جاهد مع الملاك“.
- الملاك الذي صارع معه يعقوب في تكوين 24:32 – 30، يقول عنه يعقوب “لأني نظرت الله وجهاً لوجه“. وبذلك يكون الملاك الذي صارع معه يعقوب هو “الله نفسه“.
- في تكوين 32:24 – 30، سأل يعقوب الملاك عن اسمه، ولما عرف إنه الرب، دعا المكان الذي ظهر له فيه “فنيئيل” ومعناه “رأيت الله“. هنا في هوشع 3:12 – 5 أسم الله هو “يهوه” أي الاسم الخاص بالله. بمعني أن له الحروف الأربعة المقدسة “יהוה” التي لله نفسه. وهذا يؤكد أن “ملاك الرب” هو الأقنوم الثاني في الثالوث القدوس.
روح الله القدوس
لا نستطيع أن نرود كل الآيات التي وردت في العهد القديم التي تتحدث عن روح الله القدوس للتعبير عن الله نفسه، لأنها كثيرة جداً… وإلا سنحتاج إلى كتاب خاص. ولكن اكتفي بذكر بعضها… وأقنوم الروح القدوس، واضح جداً في أسفار العهد القديم، وهو الأقنوم الثالث في الثالوث القدوس، وينطق بالعبرية “Kodesh Ruach Ha” أو يطلق عليه مباشرة “روح الله”.
- تكوين 2:1 ” وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.”.
- تكوين 3:6 ” فَقَالَ الرَّبُّ: «لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ، هُوَ بَشَرٌ. وَتَكُونُ أَيَّامُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً»”.
- أيوب 4:33 ” رُوحُ اللهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي. “.
– مزمور 11:51 “لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ، وَرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي. “.
– إشعياء 2:11 “وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.”.
– إشعياء 10:63 “وَلكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ، فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوًّا، وَهُوَ حَارَبَهُمْ.”.
– إشعياء 13:63 – 14 ” الَّذِي سَيَّرَهُمْ فِي اللُّجَجِ، كَفَرَسٍ فِي الْبَرِّيَّةِ فَلَمْ يَعْثُرُوا؟ كَبَهَائِمَ تَنْزِلُ إِلَى وَطَاءٍ، رُوحُ الرَّبِّ أَرَاحَهُمْ». “.
من الآيات السابقة، نرى أن الروح القدس له صفات شخصية تُشير إلى الألوهية مثل: الإرادة – المشيئة – الخلق – الغفران …. إلخ. ولذا فالروح القدس هو الله.
آيات من العهد القديم تورد الأقانيم الثلاثة معاً
في أسفار العهد القديم نتقابل مع آيات عديدة، يأتي فيها ذِكر الثلاثة أقانيم معاً. وتُظهر بوضوح أن هذه الأقانيم متساوية في الجوهر، أو قل هي جوهر واحد للإله الواحد الحقيقين فعلى سبيل المثال:
- إشعياء 1:42 ” «هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. “. هنا نلاحظ، أن المتكلم هو الله الآب، ويظهر في القول “عبدي” أي عبدي أنا، “مختاري” أي مختاري أنا، “سرت به نفسي” أي أنا سررت به. أما الأقنوم الثاني، فهو: العبد – المختار – الذي يخرج الحق للأمم. أما الأقنوم الثالث، فهو الروح القدس، ويظهر في القول “وضعت روحي عليه“. إذاً، هنا نتقابل مع الثالوث القدوس في آية واحدة.
- إشعياء 12:48 – 16 ” «اِسْمَعْ لِي يَا يَعْقُوبُ، وَإِسْرَائِيلُ الَّذِي دَعَوْتُهُ: أَنَا هُوَ. أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ،13 وَيَدِي أَسَّسَتِ الأَرْضَ، وَيَمِينِي نَشَرَتِ السَّمَاوَاتِ. أَنَا أَدْعُوهُنَّ فَيَقِفْنَ مَعًا. اِجْتَمِعُوا كُلُّكُمْ وَاسْمَعُوا. مَنْ مِنْهُمْ أَخْبَرَ بِهذِهِ؟ قَدْ أَحَبَّهُ الرَّبُّ. يَصْنَعُ مَسَرَّتَهُ بِبَابِلَ، وَيَكُونُ ذِرَاعُهُ عَلَى الْكَلْدَانِيِّينَ. أَنَا أَنَا تَكَلَّمْتُ وَدَعَوْتُهُ. أَتَيْتُ بِهِ فَيَنْجَحُ طَرِيقُهُ. تَقَدَّمُوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا هذَا: لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنَ الْبَدْءِ فِي الْخَفَاءِ. مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ» وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ أَرْسَلَنـِــي وَرُوحُهُ. “. في الآية 12، المتحدث هو الله، الذي خلق السماوات والأرض، ومازال هو الله “أنا هو” أي أقنوم الآب الأقنوم الأول. في الآية 16، نجد شخص آخر يقول إنه مرسل من قِبل الرب “يهوه“، فالشخص المرسل هو الأقنوم الثاني. وفي نفس الآية 16، نجد أن الأقنوم الثاني مرسل من قِبل الرب “وروحه القدوس“، هنا يظهر الأقنوم الثالث. أما الآية 16 بمفردها ففيها يظهر الثالوث القدوس معاً بشكل واضح “أنا هناك (الأبن) والآن السيد الرب (الاب) أرسلني وروحه (الروح القدس)“…. في آية واحدة.
- إشعياء 1:61 ” رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِــي…”. هنا يظهر – أيضاً – الثالوث القدوس معاً في آية واحدة. فالمتكلم هو المسيا “الأقنوم الثاني – الأبن” أي الممسوح. أما الذي مسحه، فهو أقنوم الآب الأقنوم الأول ، في قوله “الرب مسحني”. وروح السيد عليه وهو الأقنوم الثالث
- إشعياء 7:63 – 14 ” إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَذْكُرُ، تَسَابِيحَ الرَّبِّ، حَسَبَ كُلِّ مَا كَافَأَنَا بِهِ الرَّبُّ... في فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ…. وَلكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ “. في هذه الآيات يذكر إشعياء النبي إحسانات الله التي صنعها مع شعب إسرائيل في الخروج وفي البرية…إلخ. وهنا يذكر إشعياء ثلاثة أشخاص (ثلاثة أقانيم) متميزين، لكنهم جميعاً هم الله نفسه:
أ – في الآية 7: يذكر “الرب يهوه” الذي صنع إحسانات كثيرة مع الشعب (أقنوم الآب).
ب – في الآية 9: يذكر “ملاك حضرته” الذي خلصهم (راجع خروج 20:23 – 23)، وهو (أقنوم الأبن).
ج – الآية 10: يذكر “روح قدسه” الذي أحزنه شعب إسرائيل، وهو الأقنوم الثالث
فبالرغم من أن الله في كل أسفار العهد القديم يُعلن عن نفسه أنه هو الذي أخرج شعب إسرائيل من أرض العبودية… نجد في إشعياء 7:63 – 14 أن الثلاثة أشخاص ينسب إليهم ذلك. هنا – رغم ذلك – هذا لا يتعارض أبداً مع وحدانية الله، حيث أن الثلاثة الأقانيم، هم جوهر واحد للإله الوحد. هذه هي عقيدة الثالوث القدوس، التي يُهاجمها اليهود بشدة، رغم أننا أثبتناها من العهد القديم – وهم يعتبرون أن ملكيته هو من حقهم هم وحدهم – علاوة على عشرات الآيات التي تبرهن على ذلك التي لم نستطع ذكرها تخفيفاً على القارئ العزيز (بنعمة المسيح، قيد الإعداد: بحث موسع عن الثالوث القدوس في العهد القديم).
الثالوث القدوس هو: الله الآب – الله الأبن (المسيا) – الله الروح القدس…، وبما أننا قد أوردنا نبوات عديدة تشير إلى ألوهية المسيا. إذاً، على ضوء الثالوث القدس، نخرج بنتيجة مفادها، أن المسيا هو أحد أقانيم هذا الثالوث… أقنوم الكلمة (الابن) الذي تجسد في ملء الزمان من أجل خلاص العالم كله.
سفر هوشع 3:12 – 5 ” فِي الْبَطْنِ قَبَضَ بِعَقِبِ أَخِيهِ، وَبِقُوَّتِهِ جَاهَدَ مَعَ اللهِ. جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ. وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَهُنَاكَ تَكَلَّمَ مَعَنَا. وَالرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ يَهْوَهُ اسْمُهُ.
الثالوث القدوس في العهد القديم – كم أقنوم في الله؟ – القمص روفائيل البرموسي
انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان
هل أخطأ الكتاب المقدس في ذِكر موت راحيل أم يوسف؟! علماء الإسلام يُجيبون أحمد سبيع ويكشفون جهله!
عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الأول – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث
عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الثاني – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث