مشكلة الشر والالم والمعاناة هل تعني عدم وجود إله؟
وجود مشكلة الشر والألم والمعاناة هو اكبر مشكلة عويصة في عالمنا بخصوص الاعتقاد بوجود إله ..وهي في الغالب تظهر كالاّتي :
الله كليّ المعرفة يعرف ان الشر موجود
والله كليّ المحبة يجب ان يمنع وجود الشر
والله كليّ القدرة يقدر ان يمنع الشر
ورغم هذا فالشر موجود !!
وحيث ان الاحتمال الرابع ( اي ان الشر موجود) يبدو أنه لا يمكن أنكاره ، إذا نستنتج أن واحداً من الثلاثة احتمالات الأخري خاطئة ، وبذلك لا يمكن أن يكون الله كلي المعرفة أو كلي المحبة أو كلي القدرة .أو بتعبير اّخر يمكن القول بأنه إن كان الله موجوداً فإنه يجب أن يكون ” عاجز أو جاهل أو شرير ” ، وهناك أناس يفكرون هكذا !!!
ورغم ذلك فقريباً وضع فيلسوف امريكي اسمه ألفين كارل بلاتينجا افتراضية جديدة وهي تهدف لإثبات أنه يمكن منطقياً أن يخلق الله عالماً يوجد به الشر . ولخص دفاعه كالاّتي :
اذا كان هناك عالم به مخلوقات حرة بشكل ملحوظ وهي تفعل بحريتها أعمال الخير أكثر من أفعال الشر ، فهذا أفضل ولا يُقارَن بعالم اّخر ليس به مخلوقات حرة علي الإطلاق .فالله الاّن يقدر ان يخلق مخلوقات حرة ، لكنه لا يقدر في ذات الوقت أن يجعلهم او يجبرهم علي فعل أفعال صحيحة فقط . لأنه لو فعل هذا فأنهم لن يصبحوا أحراراً إطلاقاً .فبهذا لن يصنعوا ما هو صحيح بحرية .فلكي يخلق كائنات تفعل الخير الاخلاقي ، يجب ايضا ان يخلق كائنات تصنع الشر الاخلاقي ، ولا يمكن له ان يعطي الحرية لكائنات ان تصنع الشر بينما في نفس الوقت يمنعهم من صنعه .
الكاتب سي إس لويس أقر بهذه النظرية قائلاً :
تخيل مثلاً أن عصا خشبية تحولت الي عشب اخضر (اي تفقد قوتها ) عندما تحاول ان تستخدمها كسلاح للضرب ، أو ان الهواء كان لا يطيعني في نقل موجات الصوت عندما أشتم او اكذب . في عالم كهذا سيصبح ان تفعل افعال خاطئة مستحيلاً .وبالتالي فإن الحرية والإرادة ستكون منعدمة . واذا طبقنا هذا المبدأ فنصل للخلاصة المنطقية بأن الشر سيكون غير ممكن .لأن المخ الذي نستخدمه في التفكير سيرفض ان يقوم بمهمته عندما نحاول ان نجسد هذه الافكار في صورة افعال .
أكمل بلاتينجا دفاعه قائلاً :
كما اتضح ،وللأسف، أساءت بعض الكائنات الحرة التي خلقها الله استخدام حريتها ، وهذا هو مصدر الشر الأخلاقي. فالحقيقة أن بعض الكائنات الحرة تخطئ ، وبالرغم من ذلك، لا يمكن أن يُنسَب هذا ضد قدرة الله او ضد صلاح الله . لأنه كان يمكنه ان يمنع حدوث الشر الاخلاقي فقط في حالة ان يلغي امكانية حدوث الخير الاخلاقي ايضاً .
إذن فالله كلي ّ القدرة كان لا يمكنه ان يخلق عالماً به خير اخلاقي بدون الشر الأخلاقي ،وبالتالي لا يوجد تناقض منطقي في أن الله كلي ّ الصلاح يخلق كائنات تختار ان تصنع الشر .