لماذا رفض الحاخامات يسوع ؟
لماذا رفض الحاخامات يسوع ؟
صفحة: المسيح في التراث اليهودي
كحال كل البشر لا نحب أن نعترف بأخطائنا ولا بأننا خطاه، ولكننا نحب ان نكون مميزين وذوي قيمة، طبيعتنا البشرية تحب السلطة والسيطرة، هذا هو السبب الذي يدفع الأمم للحروب، ويدفع اعضاء الأسرة الواحدة للخصام والبغضة. ليس هناك ما يدعو للشك أن الوضع من 2000 سنة كان مختلفًا؛ النفاق الديني والفساد كان سائدًا حينها، عندما يمتزج حب السلطة والسيطرة مع الدين، يتحول هذا الى مزيج مدمر ويؤدي للغرور والفساد.
المؤرخين يمكنهم أن يشيروا لما يقرب من 20 مصدر تاريخي يصف بدقة الفساد الذي استشرى بين قادة بني اسرائيل خلال فترة الهيكل الثاني. مصادر مثل: مخطوطات البحر الميت، المؤرخ اليهودي يوسيفوس، وحتى بين الكتابات الربانية؛ مثال واضح لهذا نجده في النقد الشديد الموجود في التلمود البابلي (مسيخت بسحيم، 57) ضد الفساد المستشري بأسر الكهنة في أرض إسرائيل. حتى في فترة العهد القديم لطالما زجر الرب القادة الدينيين للشعب على شهوة السلطة.
هذا الاحتياج للسلطة والقوه أصاب أيضًا الحزال (الحاخامات الكلاسيكيين)، انظروا كمثل على ماذا نصوا في التلمود البابلي، مسيخت عيروڤين: ”يقتل كل من يخالف تعاليم كاتب التلمود (الحاخام)“ الحاخامات يطالبون بتوقيع عقوبة الموت على كل من يخالفهم الرأي، شهوة السلطة هي الدافع الرئيسي خلف عبارات كهذه.
لكن يسوع لم يقلل من قيمة التوراه، ولم يفعل أو يقول او يعلم أي شيء مخالف لها. في الواقع قال: ”لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ“. على النقيض، رفض يسوع كل التقاليد التي اخترعها ورفعها الحاخامات لمرتبة القداسة في زمنه، تلك التي أطلق عليها الحاخامات “التوراه الشفوية”. يسوع كان يعلم أن التقليد ينشئ دينًا، وهذا الدين يبعدنا تمامًا عن الله، ويقودنا للإهتمام بتوافه الأمور والأعمال الفارغة. ستدهش إذا عرفت أن التلمود يعطي 3000 شريعة لطريقة زراعة نبات القرع، ناهيك عن طريقة طبخه وأكله!!!
يسوع كان مدركًا أن الحاخامات قاموا بالتركيز على الأمور التافهة وإهمال الروحيات، حتى إبتعدو عن قلب الله. كان يسوع مدركًا أن التقاليد التي اضافوها لم تكن مرتكزة على الحق الكتابي لكنها كانت بدافع الخوف والرغبة في السيطرة، بمعنى آخر القمع الديني. ذكرنا يسوع أن هذه التقاليد انستنى أن الله يفحص قلوبنا، وأنه لا يسر بالزخارف التي نستخدمها عندما نصلي أو طريقة توجيه التفيلين (قطع من الجلد يرتديها اليهود عند الصلوات) لربما هذه الأفعال تبهر المصلين المحيطين بنا، لكن ليس الله.
بالنسبة ليسوع ملابس الحاخامات المهندمة من الخارج، تخفي قلوبًا ميتة بعيدة تمامًا عن الله، حتى أنه دعاهم قبور مبيّضة… كل اهتماماتهم تنصب على مكانتهم في المجتمع، السلطة والمال، وكما نعلم بالنسبة لهذه الأشياء ليس الوضع الآن بأفضل حالًا، فقط تصفح الجرائد.
ولكن مهلًا، فلننس الماضي، تخيلوا لو أتى المسيح اليوم، وتحدث مع أعضاء البرلمان، رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، فهؤلاء هم القادة الحاليين للشعب، وسيواجه كل واحد منهم بخطاياه وجرائمه التي اقترفها بحق الله والشعب. ماذا تظنون ستكون ردة فعلهم تجاه المسيا؟ هل سيشعرون بالسعادة ويشكرونه على مجاهرتهم بخطأهم؟ هل سيبادرون سريعًا لتقويم انفسهم؟ بالطبع لا، بالتأكيد سيهرعون لحماية شرفهم وسيقولون للشعب ”لا تصدقوه! إنه كاذب محرض! هو ليس يهودي أصلًا ولا ينتمي لنا، يجب أن يقتل!”.
هذا بالحرف كان رد الفعل بين صفوف الحاخامات في أيام يسوع، لكن في تلك الأيام لم تكن هناك حكومة، فهؤلاء القادة كانوا يستحوذون على كل السلطة السياسية، الدينية والإجتماعية. لم يكن هؤلاء القادة يقبلون فكرة تهديد يسوع لسلطتهم على الرعية، كل ما كان يهمهم هو وضعهم الإجتماعي في المحافل والسنهدرين. فكرة أن يتنحى الشعب عن احترامهم وتقديرهم كانت مرعبة لهم، لم يكونوا مستعدين لترك التنعم والرفاهية التي يضمنها لهم الوضع الراهن، لم يكن لديهم خيار الا أن يهيجوا الشعب على يسوع، وبالتالي يرفضوا المسيا.
يقول داود في المزمور 22:118 ”الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ“ من المثير معرفة أن المجتمع اليهودي في قمران قبل المسيح، فسروا هذه الآية كنبوة عن المسيح، البناؤون ويقصد بهم بنو إسرائيل سيرفضون المسيح، بعد ذلك بمئات السنين في العهد الجديد بطرس الرسول فسر هذه الآية بنفس الطريقة، أنها عن يسوع.
لهذا حتى يومنا أي تساؤل يطرأ حول يسوع باعتباره المسيا ليس سؤالًا مطروحًا أصلًا، فأي حاخام يكتب أي شيء عن يسوع سيكون مبني على الفكره المسبقه وبإفتراض أن [اليهود لا يجدر بهم اصلًا قراءة العهد الجديد]، لذلك من هذا المنطلق إن أي يهودي سيسأل عن يسوع سيصل لنفس النتيجة أن يسوع ليس هو المسيا المنتظر.
تمامًا كما أن الأعمى الذي يقود أعمى يسقط كلاهما في نفس الحفرة، الحاخامات لا يريدون للشعب اليهودي أن يتعرف إلى يسوع، وطيلة 2000 سنة إجتهدوا في كيفية إخفاء يسوع، أشهر يهودي في العالم أجمع، واعظم سر من اسرار اليهودية.
المذيع محمود داود يُعلن إيمانه بالمسيح
ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث – الجزء الثاني – عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان