Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

قتل الأطفال الأبرياء في العهد القديم – لي ستروبل

قتل الأطفال الأبرياء في العهد القديم – لي ستروبل

قتل الأطفال الأبرياء في العهد القديم – لي ستروبل

 

قتل الأطفال الأبرياء في العهد القديم – لي ستروبل

يقول لنا الكتاب المقدس أن نكون مثل الله، ثم يصف لنا صفحةً بعد الأخرى الله كقاتلٍ شامل.

روبرت ويلسون(1)

أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ.

الملك داود(2)

بينما كنت أسيرُ بين المحققين وأمرُّ بالحراس المنتظمين، استطعتُ أن أشعر باتجاهٍ خفي من التوجس في البيت الأبيض. فرغم جهود إظهار ملامح عمل الحياة اليومية، إلا إنه كان من الواضح أن شيئاً كبيراً يدور خلف الستار. كانت فضيحة مونيكا لوينسكي تتصاعد، وكان الضغط يتزايد على الرئيس كلينتون للظهور بريئاً قبل أن يُصدر المدعي الخاص كينيث ستار تقريره الذي طال انتظاره.

وصل كلينتون متأخراً عن الإفطار بنصف الساعة، وجلس أمامي تماماً. كان وجهه شاحباً، وعيناه متعبتان منتفختان. وفيما كنتُ مهتماً بصحته سألته عما كان يشعر.

فأجابني في همسٍ أجش: لقد كنتُ مستيقظاً حتى الثالثة صباحاً.

تزاحم الطاقم الصحفي في ضوضاء لشغل أماكنهم عند مؤخرة الغرفة، وإذ بالكاميرات تئز بالأفلام والمذكرات قد تجهزت. وقف كلينتون، وخطا خطوات قليلة نحو منضدة. ساد الغرفة سكون. لقد انتهت عفويته المعتادة.

قال للجمع الصغير من القادة الدينيين: ربما لا أكونُ سلساً في كلماتي اليوم كما كنتُ في سنواتي الماضية. لقد بقيتُ لوقتٍ متأخر تماماً الليلة الماضية وأنا افكر وأصلي عما يجب أن أقوله اليوم.

سحبَ نظارته حتى يمكنه قراءة ما كتبه على ورقة. وكانت كلماته هي أكثر تصريحاته عاطفية ودرامية منذ كشفت وسائل الإعلام عن علاقته.

قال وعيناه دامعتان ووجهه متألم: لا أعتقد أن هناك طريقة ساحرة لقول إنني قد أخطأت. من المهم لي ان كل من جُرح يعرف أن الأسى الذي أشعر به هو أسى حقيقي – أولاً والأهم أسرتي، وأصدقائي، وطاقم عملي، ومجلس وزرائي، ومونيكا لوينسكي وأسرتها، والشعب الأمريكي كله. لقد طلبتُ من الجميع الغفران. لقد تبتُ … فلا بدَّ أن تكون لديَّ معونة الله كي أكون ذاك الإنسان الذي أريده أن يكون.

ها هو أقوى إنسان في العالم يقول إنه كان يملك قلباً منسحقاً إزاء تصرفه الاأخلاقي الجسيم مع المتدربة السابقة مونيكا لوينسكي. لقد تلاشت تدريجياً كل مبادراته الاقتصادية، وكل جهود سياسته الدولية وبرامجه الاجتماعية. وكان اتخاذ المرحلة الوسطى هو الشرارة والموضوع الذي يدين الشخصية.

من المتوقع أن يُشكٍل السياسيون صورة عامة إيجابية، ويلمعونها حتى يظهر لمعاناً متألقاً من خلال الإصدارات الصحفية المأجورة، والدعاية الزائفة البارعة، لكن شخصيتهم الحقيقية غالباً ما تنكشف من خلال اختياراتهم الشخصية البعيدة عن الأضواء. إن قرارات إنسان الأخلاقية فيما وراء الستار – ومصداقيته الزوجية وأمانته الرئيسية في علاقته – لهي بالتأكيد ذات علاقة بكيف سيدير عمل الشعب. واخيراً تكشف عن جوهر الإنسان الحقيقي.

عندما كنتُ ملحداً، اعتقدتُ أن المسيحيين بإمكانهم تعليم السياسيين بعض خطط خلق صورة عامة إيجابية. فالمسيحيون يركزون بقوة على ملامح بديعة معينة من شخصية الله – محبته، ونعمته، وغفرانه، وعطفه، ورحمته – لكنهم يُقللون من شأن أو يتجاهلون الفقرات الكتابية التي يبدو أنها تكشف ملامح أكثر إزعاجاً من شخصيته.

عندما يتركز الاهتمام على القصص نادرة الذكر حول مذابح ومجازر العهد القديم، يُرى الله فجأة في شكل مختلف. ومثل كلينتون – الذي سقطت شخصيته العامة البارعة بحرص حالما أُعلنت قصص موثقة حول عبثه خارج الزواج فإن صورة الله كإلهٍ محب متعاطف تناقش بقصص السلوك الانتقامي والقاسي على ما يبدو. هل هذه التقارير الوحشية تكشف شخصية الله الحقيقية؟ ولو كانت كذلك، فهل الله يستحق العبادة؟

تشارلز تمبلتون له رأيه الخاص: إن إله العهد القديم يختلف تماماً عن الإله الذي يؤمن به معظم المسيحيين الممارسين. فعدالته – طبقاً للمقاييس الحديثة – لا تتُطاق … فهو متحيز، وكثير الشكوى، ومنتقم، وغيور على مختاريه.(3)

ويوافقه الرأي الملحد جورج سميث قائلاً: لقد جمع إله العهد القديم قائمةً مؤثرة من الأفعال الوحشية. فلقد كان يهوه نفسه مُغرماً بإفناء أعداد كبيرة من البشر تماماً، عادةً من خلال الوبأ أو المجاعة، وغالباً بسبب أخطاء غير عادية.(4) ويحب سميث أن يقتبس كلمات الرئيس الأسبق توماس جيفرسون وهو يقول إن سجلات العهد القديم تكشف الله قاسياً، منتقماً، متقلباً، وظالماً.(5)

هذا الموضوع مُحير تماماً، ولكن بالإضافة إلى ذلك، هناك أمرٌ إضافي يتطلب استكشافه. ففي تقييم شخصية الله، يستشهد كلٌ من النقاد والمسيحيين بالكتاب المقدس كمصدر معلوماتهم. ولكن هل هو حقاً كتاباً جديراً بالثقة؟ أليس الكتاب المقدس مليئاً بالتناقضات وعدم الإتفاقات التي تُقوِّض مصداقته؟ ألم يناقش علم الآثار الحديث إشاراته التاريخية؟ أليس هو أكثر من مجرد مجموعة من الأساطير الخيالية عن كونه وصفاً دقيقاً لخالق الكون؟

هذان الموضوعان – شخصية الله ومصداقية الكتاب الذي يُوهمنا أنه يكلمنا عنه – كانا عقبتان رئيسيتان حينما كنتُ باحثاً روحياً. ففي ذلك الوقت، أغرقتُ نفسي في الكتب والمقالات لمحاولة الوصول لبعض الاستنتاجات المعقولة. وأتمنى أن أكون قد قمتُ حينها بما سأفعله الآن: أن أجلس لمحاورة دارس يُعدُّ من أشهر المدافعين عن المسيحية ومن أكثرهم تأثيراً في أنحاء العالم.

اللقاء الرابع: نورمان جيسلر، – دكتوراه في الفلسفة

نورمان جيسلر يمكنه أن يكون مُناظراً عنيداً متماسكاً عندما ينظم الشواهد الكتابية، والاستنتاجات الأثرية، والاستكشافات العلمية، والأحداث التاريخية لدحض من يميل للتشكيك في المسيحية. فذاكرته الموسوعية وأداؤه سريع القلق قد أسر في الكثير من النقاد عبر السنين.

بيد ان جيسلر كان الحديث والمتصرف كالجد هو الذي دعاني لمكتبه المتواضع المريح في المعهد الإنجيلي الجنوبي في شارلوت، كارولينا الشمالية، حيث يشغل منصب رئيس المعهد. بينما كان يرتدي سويتر متعدد الألوان فوق قميص أزرق بالأزرار، كان يتمتع بابتسامة سلسة وروح دعابة صريحة.

وسرعان ما وجدته يركز بحدة شديدة في التحديات التي جئتُ بها عبر البلاد لمناقشتها معه. قام جيسلر – وهو مؤلف مذهل حاصل على جوائز – بكتابة والمشاركة في كتابة، وتحرير أكثر من 25 كتاباً منها مقدمة عامة للكتاب المقدس General Introduction to the bible، العصمة Inerrancy، مقدمة للفلسفة Introduction to Philosofy، فلسفة الدين Philosofy ot Religion، عندما يسأل المتشككون When SkepticsAsk، عندما يسأل النقاد When Critics Ask،عندما يسأل الطائفيين.When Cultist Ask وأحد أحدث إصداراته موسوعة بيكر لعلم الدفاعيات المسيحي Baker Encylopedia of Christian Apologetics – وهي الموسوعة الطموحة المكونة من 841 صفحة، وتناقش بانتظام موضوعات تتدرج من الحق المطلق إلى البوذية الزينية Zen .Buddhism

تعلم جيسلر في كلية ويتون؛ وجامعة ديترويت Detroit؛ وجامعة وين ستيت ؛ Wayne State وكلية ويليام تيندال William Tyndale؛ وجامعة نورث ويسترن، وحمل شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لويولا Loyola في شيكاغو. كان يشغل منصب الرئيس السابق لفلسفة الدين في مدرسة ترينتي اللاهوتية الانجيلية في ديرفيلد، إلينوي، وأستاذ اللاهوت النظامي في معهد دالاس اللاهوتي. وتشمل عضوياته للجمعية الفلسفية الأمريكية، والجمعية العلمية الأمريكية، والأكاديمية الأمريكية للدين.

كانت رحلات جيسلر على نطاق واسع – عبر الولايات الخمسين كلها، و55 دولة في ست قارات – يُحاضر مُقدِّماً البراهين المؤيدة للمسيحية، ويُناظر متشككين مشهورين من أمثال الإنساني بول كيرتز. وهكذا عرفتُ أن هناك فرصة ضئيلة لمحاورته. ومع ذلك فقد جئتُ مُسلحاً ببعض أصعب الموضوعات على الإطلاق. فيما جلسنا مواجهةً على كراسي جلدية حمراء داكنة، سحبتُ ورقة سجلتُ فيها الكلمات الساخرة لوطني أمريكي مشهور يعد نقده للمسيحية أسطوري.

بدأتُ قائلاً: في العام 1794 كتب توماس باين في عصر العقلانية The Age of Reason: بينما نقرأ القصص الفاحشة والرجاسات الشهوانية، وأحكام الإعدام الوحشية التعذيبية والإنتقامات الرهيبة التي يمتلئ بها أكثر من نصف الكتاب المقدس، يكون من التناغم أن ندعوه عمل شيطان أكثر من أن يكون كلمة الله.(6) تطلَّعتُ إلى جيسلر كي أرى ما إذا كان قد ارتعب بلدغة كلمات باين، وقلتُ: هذا تحد ساخر، كيف تجيبه لو كان جالساً هنا اليوم؟

ضبط جيسلر نظارته الذهبية الإطار، ثم أشار ضاحكاً: أولاً يؤسفني أن أقول إنه لم يكن لديه كتاب مقدس. فعندما كتب توماس الجزء الأول من عصر العقل، لم يكن لديه كتاب مقدس. ولكن بغض النظر عن ذلك، أعتقد أنه يُثير أمرين: ما يسجله الكتاب المقدس، وما يوافق عليه الكتاب المقدس. فقلتُ له: أعطني بعض الأمثلة للاختلاف.

فشرح: مثلاً، يُسجل الكتاب المقدس أكاذيب الشيطان، وخطية داود، لكنه لا يوافق عليهما. حقيقي أن هناك الكثير من القصص الرخيصة في الكتاب المقدس. فسفر القضاة يقرر اغتصاب امرأة ثم قطعها إلى 12 قطعة وإرسال كل قطعة إلى كل سبط من أسباط اسرائيل.(7) لكن الكتاب المقدس لا يوافق بالطبع على ذلك. ثانياً، أعتقد أن باين مخطئاً حقاً. فالكتاب المقدس لا يسجل أية أحكام إعدام تعذيبية أو وحشية أمر بها الله.

فرفعتُ يدي للاعتراض مشيراً: لقد دُعي داود رجلاً حسب قلب الله، ومع ذلك يقول الكتاب المقدس إنه عذَّب أعداءه. ويقول إنه وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِي فِيهَا وَوَضَعَهُمْ تَحْتَ مَنَاشِيرَ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسِ حَدِيدٍ وَأَمَرَّهُمْ فِي أَتُونِ الآجُرِّ، وَهكَذَا صَنَعَ بِجَمِيعِ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ.(8). وهذا يبدو وحشياً وتعذيبياً بالنسبة لي!

فحذر جيسلر قائلاً: ليس بهذه السرعة، فأنت تقتبس من ترجمة KJV، وهي مُعرَّضة لسوء التفسير في هذه الفقرة. فترجمة NIV توّضح اللغة العبرية الأصلية وتقول إن داود أخرج الشعب الذي فيها وعين لهم العمل بمناشير ونوارج حديد فؤوس حديد، ودعاهم لصناعة الطوب. وهذا عمل – وليس تعذيب – وهو أمرُ إنساني تماماً مقارنةً بالمجازر التي ارتكبها أعداؤه. وبالإضافة إلى ذلك، هناك حالة أخرى يسجل فيها الكتاب المقدس شيئاً وليس بالضرورة يصفح عنها.

قلتُ لنفسي حسناً. وفيما استجمعتُ أفكاري بسرعة، واصلتُ قائلاً: بوضع هذه الفقرة جانباً، لا تزال هنا الكثير من المذابح في العهد القديم. أليس هناك اختلافاً كبيراً بين إله العهد القديم القاسي وإله العهد الجديد المحب؟

فابتسم جيسلر مجيباً: من المثير أن تسأل هذا، لأنني قمتُ للتو بعمل دراسة عن كل مرة يستخدم فيها الكتاب المقدس تلك الكلمة التي تترجمها ترجمة KJV إلى كلمة رحمة. وقد وجدتها تتواتر 261 مرة في الكتاب المقدس – 72% منها موجدودٌ في العهد القديم. وهذه نسبة 3 إلى 1. ثم درستُ كلمة محبة، ووجدتها تتواتر 322 مرة في الكتاب المقدس مناصفةً تقريباً بين العهدين. ولذلك يكون لديك نفس التأكيد على المحبة في العهدين.

وأضاف: من المثير للسخرية، يمكنك برهنة أن الله دياناً بالأكثر في العهد القديم القليل جداً عن العذاب الأبدي، أما العهد الجديد فيتكلم عنه بالكثير. أليس هناك تطوراً في شخصية الله إذا؟ هذا صحيح. ففي الحقيقة يقول الكتاب المقدس: أنا الرب لا أتغير(9) في كلا العهدين يكون لديك الله المتطابق غير المتغير – الله كُلِّي القداسة لدرجة أنه لا يمكنه النظر إلى الخطية، ومع ذلك فهو الله الذي يريد قلبه المحب الرحيم الرؤوف العطوف أن يسكب الغفران على كل من يتوبون.

فكرتُ في نفسي قائلاً: عطوف؟ رحوم؟ لقد آن أوان التطرّق لموضوع الشخصية.

أوامر الله بالقتل

تمعنتُ في عيني جيسلر. وقد كشف صوتي عن السخرية فيما أطرح أقسى اعتراض لشخصية الله. قلتُ: أنت تتكلم عن العطف والرحمة، لكن هاتان الصفتان يصعب فهمهما عندما نرى الله يأمر بالإبادة الجماعية بإخبار الاسرائيليين في تثنية7 أن يحرم تماماً الكنعانيين مع ست أمم أخرى و لا يُشفق عليهم.

وقد جعلني هذا أبدأ من جديد، فواصلتُ كلامي مُستطرداً بسرعة: لم يكن هذا حادثاً منفرداً، فقد أمر الله بإعدام كل بكر مصري، وجاء بالطوفان على العالم وقتل آلاف لا تُحصى من البشر، وقال للاسرائيليين: فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا.»(10) وهذا يبدو إلهاً وحشياً عنيفاً أكثر من كونه إلهاً محباً. كيف يُتوقع من الناس أن يعبدوه طالما أنه يأمر بقتل الأطفال الأبرياء؟

رغم قوة السؤال احتفظ جيسلر بنغمة هادئة عقلانية وقال: هذا يوَّضح أن شخصية الله كلية القداسة، وأنه كان عليه عقاب الخطية والتمرد. إنه قاض بار، وهذا جزء لا يمكن إنكاره من شخصيته. ولكن شخصيته رحيمة أيضاً. اسمع، لو أراد أي إنسان النجاة، فسوف يُسمح له.

توقف جيسلر، فقد كانت اسئلتي تتطلَّب بوضوح تفسيراً موسعاً أكثر من هذا، وقال: لي Lee، لقد اثرت مجموعة متكاملة من الموضوعات الجيدة، وهي تستحق إجابة عميقة. هل تمانع في التمعن في هذه الفقرات بحرص أكثر؟ لأننا لو فعلنا ذلك، فأعتقد أننا سنفهم الموضوعات بقدرٍ أكبر.

تمعنتُ فيه ليستطرد قائلاً: أرجو أن تتمعن فيها. فأنا أريد أن أفهم حقاً.

فبدأ قائلاً: لنبدأ بعماليق. اسمع يا لي Lee، لقد كانوا أبعد من أن يكونوا أبرياء. أبعد من ذلك. لم يكن شعباً رقيقاً. في الواقع كانوا فاسدين تماماً بشكلٍ مطلق.

كانت مهمتهم ان يدمروا اسرائيل. وباسلوب آخر، أن يرتكبوا إبادة جماعية. وكما لو كان ذلك ليس شريراً بما فيه الكفاية، ففكرْ فيما كان يكمن خلف الستار. كان الاسرائيليون شعب الله المختار الذي سيأتي منه الله بالخلاص للعالم كله عبر يسوع المسيح. فتساءلتُ: هل تقول إنهم كانوا يستحقون أن يُدّمروا؟

فقال جيسلر: لقد كان تدمير أمتهم مستلزماً بثقل خطيتهم. فلو كانت قد بقيت بقية، لكانت قد تمكنتْ من مواصلة عدوانها ضد الاسرائيليين وضد خطة الله. لقد كان شعب متحارب قاسي متشبث ولكي أوضح لك كم كان يستحق الرفض، كان يتبع الاسرائيليين، ويذبح في جبنٍ الأقل مناعة بينهم – الضعفاء، وكبار السن، والمعاقين الذين كانوا يتأخرون في الوراء.

لقد أراد عماليق أن يمسح كل إنسان أخير من الاسرائيليين من على وجه الأرض. كان الله يمكنه أن يتعامل معهم بكارثةٍ طبيعية كالطوفان، لكنه بدلاً من ذلك استخدم اسرائيل كأداته للحكم. ولم يفعل ذلك من أجل اسرائيل لوحدها، بل أخيراً من أجل كل إنسان عبر التاريخ سيُمنح خلاصه من خلال المسيا الذي كان سيولد من بينهم. فاعترضتُ قائلاً: ولكن الأطفال؛ لماذا كان قتل الأطفال الأبرياء؟

فقال: لنتذكر أنه لا يوجد إنسان برئ بشكلٍ خاص. فالكتاب المقدس يقول في مزمور 51 إننا جميعاً مولودين بالخطية، وهذا معناه إننا جميعاً مولودين بالنزعة للتمرد وارتكاب الخطأ. وأيضاً نحن بحاجة أن نتذكر سلطان الله على الحياة. فذات مرة أثار ملحدٌ هذا الموضوع في مناظرة، وأجبتُ عليه قائلاً: لقد خلق الله الحياة، وله الحق أن يردها. ولكن إن لم يمكنك خلقها، فلا يكون لك هذا الحق. فصفق الجمهور إثر ذلك.

يفترض الناس أن ما هو خطأ لنا، خطأ بالنسبة لله. ومع ذلك من الخطأ بالنسبة لي أن آخذ حياتك، لأنني لم أصنعها ولا أملكها. مثلاً من الخطأ بالنسبة لي أن اقتحم أرضك وأقتلع نباتاتك، وأقطعها، وأميتها، وأزرعها في مكان آخر، وأنقلها. يمكنني أن أفعل ذلك في أرضي، لأني أمتلك النباتات الموجودة في أرضي.

حسناً، الله له السلطان على كل الحياة، وله حق ردها لو أراد. في الواقع، نحن نميلُ أن ننسى أن الله يأخذ حياة كل إنسان. وهذا اسمه الموت. والسؤال الوحيد الذي علينا أن نتركه له هو متى وكيف؟ معرفياً، استطعتُ أن أفهم إجابة جيسلر حتى هذه النقطة. ومع ذلك لم أقتنع بها تماماً شعورياً. كنتُ لا أزال غير مستقرّ. فصممتُ قائلاً: ولكن الأطفال. أما جيسلر – الذي كان بنفسه أب لستة أطفال، وجَدْ لأحفاد – فكان متعاطفاً وأشار قائلاً: اجتماعياً وجسدياً، كان مصير الأطفال عبر التاريخ على الدوام مع آبائهم، سواء للخير أو للشر.

ولكن، يا لي Lee، أنت بحاجة لفهم الموقف مع عماليق. ففي ذاك الشر المستشري، وتلك الثقافة الفاسدة العنيفة، لم يكن هناك رجاء لهؤلاء الأطفال الأبرياء. فهذه الأمة كانت ملوثة تماماً لدرجة أنها كانت بمثابة الغنغرينا التي تُداهم ساق الإنسان، وكان على الله أن يبتر الساق أو الغنغرينا حتى لا يتبقى منها شئ. بمعنى ما كان عمل الله هذا عمل رحمة. فتساءلتُ: رحمة؟ كيف؟

فأجابني: طبقاً للكتاب المقدس، كل طفل يموت قبل سن الحساب يذهب للسماء لقضاءالأبدية في حضور الله. والآن لو كانوا قد استمروا في الحياة في ذاك المجتمع المرعب، واجتازوا سن الحساب، فبلا شك أنهم كانوا سيعتبرون فاسدين ومن ثم يضيعوا إلى الأبد. فتساءلتُ: وماذا يجعلك تعتقد أن الأطفال يذهبون إلى السماء عندما يموتون؟

إشعياء 16:7 يتحدث عن سن معين قبل أن يصبح الطفل مسؤولاً أخلاقياً: لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا. وتحدث الملك داود عن الذهاب ليكون مع ابنه الذي مات عند ولادته. وقال يسوع: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. »(11) هذا يشير إلى أنهم سيذهبون للسماء. وهناك قدرٌ معقول من البراهين الكتابية الأخرى التي تؤيد ذلك أيضاً.

قفزتُ على إثر اختلاف ظاهر. وتساءلتُ: لو كان من الأفضل أخيراً بالنسبة لهؤلاء الأطفال أن يموتوا قبل سن الحساب لأنهم سيذهبون للسماء؛ فلماذا لا ينطبق نفس الأمر على الأطفال الذين يتم إجهاضهم اليوم؟ فبما أنهم مُجهضين، فسوف يذهبون حتماً للسماء، أما إن ولدوا ونموا، فربما سيتمردون على الله وينهون حياتهم في الجحيم. أليست هذه حجة قوية في صالح الإجهاض؟

فجاءتني إجابة جيسلر بسرعة، إذ قال مصمماً: لا، فهذا تماثلٌ زائف. أولاً، الله لا يأمر أي إنسان اليوم أن يقوم بإجهاض. فالإجهاض في الحقيقة مناقض لتعاليم الكتاب المقدس. تذكر أن الله هو الوحيد الذي يمكنه أن يقرر أن يأخذ الحياة، لأنه الخالق النهائي للحياة. ثانياً، اليوم ليست لدينا ثقافة فاسدة تماماً كما كانت في مجتمع عماليق. ففي تلك الثقافة لم يكن هناك رجاء، أما اليوم فهناك رجاء.

فقلتُ: لذلك لا تعتقد أن الله قد كان مبالغاً حين أمر بدمار عماليق؟ فقال: عليك أن تتذكر هؤلاء الناس قد مُنحوا الكثير من الفرص لتغيير طرقهم وتجنب كل ذلك. ففي الحقيقة، لو أخذت كل الكنعانيين معاً مع عماليق، لكانت أمامهم 400 سنة للتوبة. وهذه فترة طويلة جداً. وأخيراً، بعد انتظار قرون لمنحهم فرصة لترك طريقهم المؤدي لتدمير النفس، تطلّبتْ طبيعة الله أن يتعامل مع شرهم العنيد، لكنه بالطبع لم يتصرف معهم باندفاع.

والآن علينا أن نذكر ان هؤلاء الذين أرادوا التخلص من هذا الموقف قد فعلوا ذلك بالفعل، فلقد كانت أمامهم فرصة مواتية عبر السنين. وبالطبع فإن الذين أرادوا أن يتحرروا من الدمار قد هربوا ونجوا بحياتهم.

في يشوع 6، حيث يتحدث الكتاب المقدس عن خراب أريحا والكنعانيين، يكون لديك نفس النموذج. كانت هذه ثقافة في منتهى الشر لدرجة أن الكتاب المقدس يقول إنها أزعجت الله. لقد انخرطوا في الوحشية، والقسوة، وزنا المحارم، والعلاقات الجنسية مع الحيوانات، ودعارة المعابد، وحتى تقديم ذبائح الأطفال. كانوا يمثلون ثقافة عدوانية أرادت إبادة الاسرائيليين.

مرةً أخرى يواجهك أناسٌ أشرار يتعرضون للدمار، لكن الأتقياء من وسطهم يخلصون. فمثلاً راحاب التي خبأتْ الجاسوسين الاسرائيليين لم تُدن مع الآخرين. وأنظر لما حدث لسكان مدينة نينوى الفاسدين. كان الله سيدينهم لأنهم كانوا يستحقون ذلك، لكنهم تابوا فخلَّص الله الشعب كله. ومن هنا تكون النتيجة: من آمن كان الله مستعداً لخلاصه. وهذا مهم لتذكره.

لقد كان قصد الله في تلك الحالات أن يدمر الأمة الفاسدة لأن التركيب العام كان شريراً أصلاً، وليس أن يدمر الناس لو كانوا مستعدين للتوبة. هناك آيات كثيرة تشير إلى أن رغبة الله الأساسية كانت طرد هؤلاء الأشرار من الأرض التي عرفوا بالفعل انها كانت موعودة منذ زمان طويل لإسرائيل. وبذلك استطاع اسرائيل أن يدخل ويتحرر نسبياً من الفساد الخارجي الذي كان من الممكن أن يدمره كالسرطان. أراد أن يخلق بيئة يأتي منها المسيا لمصلحة الملايين من البشر عبر التاريخ.

فتساءلتُ: إذا النموذج هو أن الناس كانت امامهم الكثير من التحذيرات؟ فقال: بالطبع، واعتبر هذا: معظم النساء والأطفال هربوا مقدماً قبل بدء القتال الفعلي، تاركين وراءهم المحاربين لمواجهة الاسرائيليين. وقد كان المحاربون الذين بقوا هم الأكثر قسوة، أولئك الذين رفضوا بعناد أن يرحلوا، وناقلي الثقافة الفاسدة. ولذلك فمن المشكوك فيه حقاً كم عدد النساء والأطفال الذين ربما يكونوا قد تورطوا على أي حال.

وبالإضافة إلى ذلك، وفقاً لقواعد السلوك التي أعطاها الله للاسرائيليين، كانوا كلما دخلوا مدينة عدو، كان عليهم أولاً أن يعرضوا على الشعب عرضاً بالسلام. وكان على الشعب الاختيار: إما قبول العرض، ومن ثم لا يقتلوا، أو رفض العرض ومن ثم يلقون حتفهم. وهذا مناسب وعادل. كان عليّ الاعتراف أن هذه الأفكار قد ألقت ضوءاً جديداً على الموقف، ولا سيما تعليقاته حول التحذير التفصيلي الذي قُدم، وأرجحة أن النساء والأطفال كانوا من المحتمل انهم يخلون المنطقة قبل بدء أي قتال. وكما ان هذه الفقرات مزعجة، فقد ساعدتني أن أعرف أن اسرائيل كانت تعرض السلام قبل التورط في قتال، وأن النموذج الكتابي هو ان التائبين يُمنحون الفرص لتجنب الدينونة. إذاً الله لم يكن متقلباً؟

الله ليس متقلباً، أو استبدادياً، أو قاسياً. ولكن، يا لي Lee، عليّ أن أقول لك شيئاً: الله عادل بلا شك. فطبيعته تتطلّب أن يتعامل مع الفاسدين الذين يُصرون على شرهم في عنادٍ وتصلف. أليس هذا ما يجب ان يفعله؟ وأليس هذا ما نريد أن نفعله حتى تتم العدالة؟ إن أحد الأشياء الرئيسية التي يجب تذكرها هو أنه بالنسبة لمن يتوبون ويرجعون إليه عبر التاريخ، فإنه عطوف، رحيم، حنان، وشفوق. وفي النهاية سنرى كلنا لطفه.

كانت لا تزال هناك حلقةُ مزعجة أخرى بخصوص الأطفال بدا انها تتحدى راي جيسلر أن الله لا يتصرف بتقلب. فهي تتضمن أحد أغرب الحلقات في الكتاب المقدس بأكمله.

إبادة كونية؟

كان النبي إليشع ماشياً في طريق بيت إيل حين قابله بعض الصبيان الصغار أغاظوه ساخرين من صلعته. وبخوه قائلين: اصعد يا أقرع! اصعد يا أقرع!. فكان رد فعله هو أنه لعنهم جميعاً باسم الله ثم، في فعل مفاجئ من العقاب، خرجت دبتان فجأة من الغابة وافترستا منهم 42 ولداً. (12)

فقلتُ: والآن، د. جيسلر، لقد صمَّمت أن الله ليس متقلباً، لكن هذه تبدو كاستجابةٍ لا تُطاق لإهانة بسيطة حمقاء. فقتل 42 صبياً بريئاً لأنهم سخروا فقط من شخص أصلع أمر قاسي بشكلٍ مرعب. كان جيسلر على درايةٍ جيدة بهذا الموضوع، فأجاب: إن الافتراض المُسبَق لسؤالك افتراض خاطئ. فهؤلاء لم يكونوا صبياناً أبرياء صغاراً. وفيما توقعتُ إجابته، كتبتُ نسخةً مصورة من النص ووجهتها ناحيته، مجيباً بنفس الحجة. لا، لقد كانوا كذلك. أنظر إلى هذا. قلتُ ذلك مشيراً للكلمات القائلة صبيان صغار.

فنظر جيسلر في الصفحة في عجالة، وعلى الفور عرف مصدرها. فقال: لسوء الحظ، فإن ترجمة KJV بها كلمة مختلفة ههنا. فالدارسون توّصلوا إلى أن النسخة العبرية الأصلية تتضمن كلمة شباباً، وترجمة NIV تورد كلمة شباب youths. على أحسن تقدير، كانت هذه جماعة عنيفة من المراهقين الخطرين الذين يُشبهون عصابات الشوارع الحديثة. كانت حياة النبي مُعرّضة للخطر لعددهم الكبير – فلو كان اثنان وأربعون منهم قد افترسوا؛ فمن يعلم كم كان العدد الكلي الذي يهدده؟

فسألته: يهدده؟ مهلاً عليَّ! لقد كانوا يسخرون فحسب من صلعه. فأجاب جيسلر: عندما تفهم سياق النص، سترى أن الأمر كان أكثر خطورةً من ذلك. فقد لاحظ المُعلقون أن توبيخاتهم كان المقصود منها تحدي إعلان إليشع بأنه نبي. وقد كانوا يقولون أساسً: لو كنت رجل الله، فلماذا لا تصعد للسماء كما فعل إيليا النبي؟ الأمر الواضح هو أنهم كانوا يسخرون من عمل الله المبكر بأخذ إيليا إلى السماء. وقد كانوا محتقرين في عدم إيمانهم بما فعله الله من خلال النبيين.

من المحتمل جداً ان ملاحظاتهم الصريحة حول إليشع قد كانت إشارة ان البُرص في تلك الايام كانوا يحلقون رؤوسهم، وهكذا كانوا يهاجمون إليشع – رجل الكرامة والسلطان كنبي الله – بأنه منبوذ ومحتقر ومرذول. لم يكونوا يلقون بالافتراء على شخصيته فحسب، بل على شخصية الله، لأنه كان يمثل مندوب الله. فقلتُ: ومع ذلك، اليست هذه إساءة صغيرة؟

فقال: ليس في سياق تلك الأيام. فلقد شعر إليشع مُبرراً انه مُهدَّداً من قبل العصابة. وكانت حياته في خطر. فقد كانوا في الواقع يهددونه هو والله. وكان ذلك نوعاً من ضربة وقائية لبث الخوف في قلب أي إنسان آخر يفكر في ذلك، لأن هذا كان يمكنه أن يكون حادثة سابقة خطيرة ولو كانت عصابة متهددة من المراهقين قد أفلتت بهذه الإساءة، ولم يتدخل الله دفاعاً عن نبيه، فما عليك إلا أن تفكر في التأثير السلبي الذي سيؤثر على المجتمع. فقد كان يمكن لذلك أن يفتح الباب لمزيدٍ من الهجومات على الأنبياء، ومن ثم الاستخفاف بالرسالة العاجلة التي كانوا يحاولون تقديمها لهم من الله.

في الواقع، كما قال أحد المعلّقين: بدلاً من استعراض وحشية غاضبة، فإن هجوم الدبتان يُبيّن أن الله يحاول بالتكرار أن يجعل شعبه يعود إليه من خلال دينونات أبسط حتى تتعاظم خطية الشعب جداً، ومن ثم لا بدَّ أن تصير الدينونة رهيبة جداً … فالسقوط المُدوي للسامرة كان من الممكن تجنبه لو كان الشعب قد تاب بعد هجوم الدببة ذلك.(13) فأضاف جيسلر: آخر الأمر، ساقولُ مرةً أخرى إنه علينا التفكير في سلطان الله. فلم يكن إليشع هو الذي أخذ حياتهم، بل الله الذي خلقهم وأطلق الدبتين.

وبما أن الله قد خلق الحياة، فله كل الحق لردها ثانية. لقد كشف هجوم تلك العصابة على النبي عن اتجاهاتهم الحقيقية تجاه الله، وهذا دائماً طريق محفوف بالمخاطر يؤدي للدمار عندما تسبّ وتعارض الله في عنادٍ وتحدٍ. طويتُ النسخة المصورة من تلك الفقرة وقلتُ: إذاً يكون من سوء فهم قراءة النص الأصلي أن نعتبر هؤلاء مجرد أطفال.

فقال: هذا صحيح. فالعبرية التي كانت مستخدمة لوصفهم تشير إلى أنهم كانوا على الأرجح بين الثانية عشر والثلاثين. في الحقيقة أجد نفس الكلمات العبرية مستخدمة هناك مراراً لوصف الرجال في الجيش.(14) وكما ترى، عندما يوضع كل شئ في مكانه الصحيح، فسوف تحصل على صورة مختلفة تماماً عما كان مفترضاً أصلاً.حتى الآن، كانت إجابات جيسلر قد أفرغتْ كثيراً من الهجوم ضد شخصيية الله بتقديم بعض سياقات النصوص وتوضح قصدها الواضح في تلك المراحل الخلافية. وبينما كانت تلك الفقرات لا تزال نقاطاً مُربكة، فإن رؤية الجانب الآخر قد جعل من الأسهل منح الله المتشككين، خاصة في ضوء أرجحية الأدلة المؤيدة لعطفه ومحبته.

ومع ذلك فقد كان هناك أيضاً موضوعٌ متعلق بشخصية الله يهم الكثير من الناس هذه الأيام: كيف تعامل الله مع الحيوانات؟ لماذا خلق عالماً تطارد فيه الحيوانات المفترسة الفريسة باستمرار، وحيث الموت العنيف جزءً أساسيً من الحياة؟ والأكثر أهمية، ألا يكشف هذا عن شئ مربك بخصوص اتجاهه؟

ألم الحيوانات

أثار تشارلز تمبلتون موضوع المعاناة في المملكة الحيوانية عندما كتب في كتابه وداعاً الله:

إن الحقيقة المروعة التي لا يمكن الهروب منها هي أن الحياة بأكملها مستندة على الموت. فكل المخلوقات آكلة اللحوم لا بدَّ أن تقتل وتبتلع المخلوقات الأخرى … كيف يمكن لإله محب كُلِّي القدرة أن يخلق مثل هذه الأهوال؟ … بالطبع لن يكون أبعد من قدرة إله كُلِّي المعرفة أن يخلق عالماً حيوانياً يمكنه ان يبقى ويدوم دون المعاناة والموت. (15) سألتُ جيسلر بعد قراءتي له اقتباس تمبلتون: ماذا عن ذلك؟ فأجابني: لقد تضمن الكثير من الحق هنا. لم تكن هذه الإجابة هي التي كنتُ أتوقعها. فسألته هل تعتقد ذلك؟ فقال: نعم، ولكن، لسوء الحظ، فإن الأمر بمثابة كوب من الماء الجيد وفيه قطرة من الزرنيخ. هناك ماءٌ جيد، لكنه مسمم.

الماء الجيد هو: نعم، الله يمكنه أن يخلق تلك الأنواع من الحيوانات. والحقيقة هي أنه قام بذلك. فالفردوس الأصلي كان فيه تلك الأنواع من الحيوانات، والفردوس الاتي – أي الفردوس المستعد – ستكون فيه تلك الأنواع من الحيوانات. في الواقع، نحن نعلم أن الله خلق الحيوانات والبشر أصلاً كي يكونوا آكلي بقول.

في تلك اللحظة مد جيسلر يده وسحب الكتاب المقدس، وفتح الكتاب على بدايته. فحصتْ عيناه الصفحة حتى توقف بالقرب من نهاية الاصحاح الأول الذي يقول: وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْل يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا. وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذلِكَ. وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا. »(16)

وبعدما أغلق الكتاب، استطرد جيسلر: لم يقصد الله أن تؤكل الحيوانات في الفردوس، والحيوانات لم تكن تأكل بعضها. فقد قال النبي إشعياء يوماً ما إن الله سوف يخلق سَمَاوَاتٍ جَديدةً وَأرْضاً جَديدةً حيث الذِّئْبُ وَالْحَمَلُ يَرْعَيَانِ مَعًا، وَالأَسَدُ يَأْكُلُ التِّبْنَ كَالْبَقَرِ. (17) وبأسلوب آخر، لن تكون هناك مثل هذا النوع من القتل الحادث الآن.

على العموم، كل شيء خلقه الله كان حسناً. لكن الذي غيَّر الأمور هو السقوط. ففي الواقع عندما قيل لله أن ينطلق، فقد فعل ذلك جزئياً. تخبرنا رومية 8 بأن كل الخليقة تأثرت – وهذا يتضمن الحياة النباتية، والبشر، والحيوانات، وكل شيء. كانت هناك تغيرات جينية رئيسية. فنحن نرى مثلاً كيف أن فترات الحياة قد انخفضت بسرعة بعد السقوط. فلم تكن خطة الله مصممة على هذا الأساس، لكن الأمر صار هكذا بسبب الخطية وحدها. وأخيراً، سوف يتم علاج الموضوع.

ولكن ألم يكن الله قاسياً على الحيوانات بتخصيص نظام الذبائح الحيوانية في العهد القديم؟ لقد كان الأسلوب المتبع لقتل هذه الحيوانات أسلوب إنسانيِّ تماماً. كان الأسلوب الأقل ألماً للموت. ولم يكن هناك تبديد. فقد كانوا يأكلون اللحم، ويستخدمون الجلد للكساء، ولذلك كانوا يربون ويرعون الحيوانات بشكلٍ اساسي. ولم تكن هذه محاولة لإبادة فصيلة معينة. وبالطبع، كان هناك سببٌ مهم لذبائح الحيوانات – فلقد كانت تُشير رأساً للذبيحة النهائية ليسوع المسيح، حمل الله، على الصليب كثمن خطايانا.

تساءلتُ: ماذا عن كل الألم الموجود في العالم نتيجة صيد الحيوانات وقتل الحيوانات الأخرى. فمجموع المعاناة الكلي الذي يسمح به الله في العالم هائل بشكلٍ مطلق.

فأجابني: اعتقد أن الافتراض المُسبَق خاطئ بأكمله. فكما قال سي إس لويس إنه لا يوجد مجموع كلي للألم. إنه خطأ تسمية. فلا إنسان أو حيوان يختبر المجموع الكلي للألم. في الواقع، لا إنسان يختبر في وقتٍ واحد المجموع الكلي للألم لفترة حياته كلها. فلو كانت لديك 30 أوقية (كيلو جراماً) من الألم موزعة على 30 عاماً، تكون لديك أوقية واحدة (30 جراماً) كل عام. وجزء من الأوقية كل يوم.

وبقدر الاهتمام بالحيوانات، علينا ان نتذكر ان الكتاب المقدس يمنع سوء استخدامها بوضوح. فالمسيحيون يجب أن يعارضوا اية سوء معاملة للحيوانات. ومع ذلك، فأنا أتحدى المقدمة المنطقية لحركة حقوق الحيوانات أن الحيوانات لها حقوق أخلاقية، فالحيوانات ليس مخلوقات أخلاقية. والآن فإن الناس الأخلاقيين يمكنهم أن يقوموا بأمورٍ لا اخلاقية تجاه الحيوانات، لكن الكتاب المقدس يقول: الصِّدِّيقُ يُرَاعِي نَفْسَ بَهِيمَتِهِ. (18). فالحيوانات تخدمنا وتساعدنا، ومن الخطأ أخلاقياً أن نقسو عليها.

هل يمكن الوثوق بالكتاب المقدس؟

كان جيسلر يعتمد على الكتاب المقدس في تحديد شخصية الله. وبما أنه ألف كتاباً حول عصمة الأسفار المقدسة، فقد كان رأي جيسلر عن ذلك معروفاً جيداً: أنه يؤمن أن الكتاب المقدس موحى به تماماً من الله، وهو واقعي في كل ما يعلمه ويقاربه. فهل هناك أي سبب عقلاني للإيمان أن الكتاب المقدس يكشف حقاً وبدقة عن حول الله؟

جورج سميث، الفيلسوف الملحد، لا يعتقد ذلك. فقد قال: الكتاب المقدس لا يبين أية آثار لأي تأثيرٍ فوق الطبيعة. بل العكس تماماً، فمن الواضح أنه نتاج أناس خرافيين كانوا في بعض الأحيان مستعدين لخداع الآخرين لو كان ذلك في سبيل نشر تعاليمهم.(19) ويرفض تمبلتون بكبرياء معظم الكتاب المقدس باعتباره حكايات شعبية مزينة مضيفاً أنه لم يعد من الممكن لإنسانٍ متعلم أن يؤمن ان … الكتاب المقدس وثيقة موثوق بها … أو، كما تصمم الكنائس المسيحية، كلمة الله المعصومة.(20)

خلال سنواتي كملحد، سخرتُ من الحكايات الخيالية والأساطير الصارخة التي آمنتُ أنها لا تؤهل الكتاب المقدس كي يكون كتاباً إلهياً موحى به – وقد أراحني هذا الرأي تماماً من أية حاجة لاتباع أوامره. فرغم أنني لم أدرس تماماً محتوياته، فقد كنتُ سرعان ما أرفض الكتاب المقدس لأطلق لنفسي العنان كي أعيش ذاك النوع من أسلوب الحياة الفاسد الذي كان يتعارض بشدة مع عقائده.

كان وقتي مع جيسلر فرصة نادرة كي اسمع مباشرة لماذا يستنتج الاستنتاج المضاد، ثم يدافع بغيرة عن الكتاب المقدس كونه موثوقاً به. وقفتُ لأمد رجلي، ماشياً للأمام نحو رفٍ من الكتب، ومتفحصاً العناوين مصادفةً. ثم التفتُ قائلاً: كل شئ يتوقف على ما إذا كان الكتاب المقدس صحيح. فما هي قاعدتك للإيمان بذلك؟ فاجاب جيسلر بثقة مميزة: هناك اكثر من برهان أن الكتاب المقدس مصدراً موثوقاً به أكثر من أي كتاب آخر من العالم القديم.

ومع ذلك، فقد بدا هذا الأمر بالنسبة لي استنتاجاً أكثر منه برهاناً. فقلتُ وأنا جالس على حافة مقعدي متوقعاً إجابة جيسلر: سيكون عليك ان تعطيني بعض الحقائق لتدعيم ذلك. فبدأ: هناك الكثير من البراهين التي يمكنني تقديمها. يمكنني ان أتحدث عن وحدة الكتاب المقدس – 66 سفراً مكتوبة بأساليبٍ أدبية مختلفة بواسطة 40 كاتباً مختلفاً مع الأرجح لهم خلفيات متنوعة عبر 1500 عاماً ومع ذلك فالكتاب المقدس يكشف بشكل مدهش دراما مستمرة واحدة برسالة مركزية واحدة. وهذا يشير إلى وجود العقل الإلهي الذي أكد الكتاب أنه أوحى له.

وهناك قوة الكتاب المقدس للتحويل – فمنذ البداية – جدَّد الناس، ومنحهم الرجاء، والشجاعة، والهدف، والحكمة، والإرشاد، والقوة، وهيأ مرساة لحياتهم. وبينما انتشر الإسلام المبكر بالسيف، انتشرت المسيحية المبكرة بالروح حتى حينما كان المسيحيون يُقتلون بواسطة السيوف الرومانية. أؤمن أن أكثر البراهين إقناعاً تندرج في تصنيفين. الأول: التاكيد الأثري لمصداقيته، والثاني: التأكيد الإعجازي لسلطانه الإلهي.

 

السبب الأول: تأكيد علم الأثار

بدأ جيسلر مناقشته عن البراهين الأثرية باقتباس كلمات يسوع: إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُمُ الأَرْضِيَّاتِ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ إِنْ قُلْتُ لَكُمُ السَّمَاوِيَّاتِ؟(21)

وقال جيسلر: بالعكس، لو استطعنا ان نثق بالكتاب المقدس عندما يخبرنا عن الأشياء الأرضية المباشرة التي يمكن إثباتها، يمكننا إذاً أن نثق به في المواقف التي لا يمكننا إثباتها مباشرةً بطريقة تجريبية.

فتساءلتُ: كيف تأيد الكتاب المقدس إذاً؟ ففيما تحريتُ بعض التاكيدات الأثرية للعهد الجديد في كتابي السابق القضية … المسيح، كنتُ مهتماً بشكلٍ خاص بعلم الآثار والعهد القديم، ومن هنا طلبتُ من جيسلر أن يبدأ.

لقد كانت هناك الآلاف – لا المئات – من الاكتشافات الأثرية في الشرق الوسط تُدَّعم الصورة المُقدّمة في السجل الكتابي. كان هناك اكتشافً حديثً يؤكد وجود الملك داود. كان الآباء – رواة القصص حول إبراهيم، واسحق، ويعقوب – قد اُعتبروا ذات مرة اسطوريين ولكن فيما صار الكثير معروفاً، فإن هذه القصص تتأيد بشكلٍ متصاعد. لقد كان يُظن ان خراب سدوم وعمورة أمراً أسطورياً حتى انكشفت البراهين أن المدن الخمس المذكورة في سفر التكوين قد كانت قائمة كما ذكر العهد القديم تماماً. وبخصوص خرابها، قال عالم الآثار كليفورد ويلسون إن هناك برهاناً دائماً لذاك الحريق الهائل الذي حدث في الماضي السحيق.(22)

وأضاف جيسلر: والأهم من هذا، أن ملامح متعددة من السبي اليهودي قد تم برهانها. وأيضاً كل إشارة في العهد القديم لملك أشوري تم إثبات صحتها؛ فقد أكدت أحد عمليات الحفر خلال الستينات أن الاسرائيليين كان يمكنهم حقاً دخول أورشليم عن طريق نفق خلال حكم داود. وهناك برهان أن العالم كانت فيه لغة واحدة في وقتٍ من الأوقات كما يقول الكتاب المقدس، وأن موقع هيكل سليمان يتم حفره الآن، والكثير الكثير. في أوقاتٍ عديدة، كان علماء الآثار متشككين بالعهد الجديد حتى تؤيد الاستكشافات الجديدة الوصف الكتابي.

فقلتُ: مثلاً …

فقال: مثلاً، يقول صموئيل إنه بعد موت شاول وُضعتْ عدته الحربية في معبد عشتاروت التي كانت إلهة الخصوبة لدى الكنعانيين، في بيت شان Bethshan، بينما يقرر سفر الأخبار ان رأسه وضعت في معبد داجون – إله القمح لدى الفلسطينيين. والآن اعتقد علماء الآثار أن هذا لا بدَّ أنه كان خطأ، ومن ثم يكون الكتاب المقدس غير جدير بالتصديق. لم يعتقدوا أن الأعداء كان يمكنهم أن تكون لديهم معابد بنفس الاسم في نفس الوقت.

فسألته: وماذا وجد علماء الآثار؟ لقد أكدوا من خلال عمليات الحفر أنه كان هناك معبدان في ذلك الموقع أحدهما لكلٍ من داجون وعشتاروت. وكان يفصلهما مدخل. وفيما اتضح، تبنى الفلسطينيون عشتاروت بشكلٍ واضح لتكون واحدة من إلهتهم. وكان الكتاب المقدس صحيحاً في النهاية.

وقد حدثت مثل تلك الظاهرة مراراً وتكراراً. فالكتاب المقدس يقدم حوالي 36 إشارة إلى الحيثيين، لكن النقاد اعتادوا على الإتهام بعدم وجود برهان بوجود هذا الشعب أبداً. والآن اكتشف علماء الآثار الذين يحفرون في تركيا الحديثة سجلات الحيثيين. فلا يمكن أن يكون هناك أي شكٍ أن علم الآثار قد أكد على التاريخية الجوهرية لتقليد العهد القديم.(23) طلبتُ من جيسلر أن يواصل ملخصاً لماذا يؤمن أن علم الآثار يؤيد العهد الجديد.

فقال: يوضح المؤرخ الروماني الشهير كولين هيمر Colin J. Hemer في كتابه History The Book of Acts in the Setting of Hellenistic كيف أن علم الآثار لم يؤكد على عشرات، بل مئات من التفاصيل من التقرير الكتابي عن الكنيسة الأولى. لقد تأيدتْ حتى التفاصيل الصغيرة، مثل أي إتجاه تهب منه الريح، كم ان عمق المياه مسافة معينة من الشاطئ، أي نوع من الأمراض أصيبت به جزيرة معينة، أسماء الموظفين المحليين، إلخ.

لقد كتب المؤرخ لوقا سفرأعمال الرسل. ويقدم هيمر أكثر من 12 سبباً لماذا كان يلزم كتابة سفر الأعمال قبل العام 62م، أو في خلال حوالي 30 عاماً بعد صلب يسوع. فحتى في فترة مبكرة أكثر، كتب لوقا إنجيله الذي يعتبر أساساً كنفس التقارير الكتابية الأخرة عن حياة يسوع.

ولذلك لديك هنا مؤرخ معصوم برهنت صحته في مئات التفاصيل ولم يُبرهن أبداً على خطأه، كاتباً تاريخ يسوع وتاريخ الكنيسة الأولى بأكمله. وهو مكتوب خلال جيل واحد بينما كان شهود العيان ما زالوا على قيد الحياة كان من الممكن أن يفندوه لو كان مبالغ فيه أو خاطئ وليس لديك أي شئ مثل ذلك من أي كتابٍ ديني آخر من العالم القديم. فتساءلتُ: هل يمثل هيمر صوتاً منفرداً بشان ذلك؟

فأجابني يكاد يكون ذلك. فالمؤرخ البارز سير ويليام رامزي انطلق كمتشكك، ولكن بعد دراسة سفر الأعمال استنتج أن بتفاصيل متنوعة أوضح الراوي الحق المدهش. (25) وقال مؤرخ جامعة أكسفورد الكلاسيكي العظيم شيروين وايت A.N.Sherwin-Whit: بالنسبة لسفر الأعمال، فأن تأكيد التاريخية تأكيد ساحق. وأن أية محاولة لرفض تاريخيته الأساسية لا بدَّ أن تكون الآن سخيفة. (26)

في وقت سابق، ذكرتُ عالم الاثار ويليام أولبرايت William.F.Albright الذي كان قائداً في المدرسة الأمريكي للبحث الشرقي لمدة 40 عاماً. انطلق كمتحرر، لكنه أصبح أكثر وأكثر محافظة فيما درس السجل الأثري. واستنتج ان نقاد العهد الجديد الجذريين هم ما قبل أثريين pre-archeological، وأن رؤاهم متعارف عليها تماماً. (27)

رجعتُ للوراء على مقعدي الجلدي فيما تأملتُ وابل جيسلر من الحقائق والاقتباسات. كانت الحُجة قوية: لو كان علم الاثار يُبين أن الكتاب المقدس كان دقيقاً فيما يمكن أن يُفحص، فلماذا يكون أقل دقة في نقاطه الأخرى؟ فهذا يبرهن الكثير جداً.

قلتُ: حتى لو كان علم الاثار يؤكد أن الكتاب المقدس دقيق تاريخياً، فهذا لا يعني أنه ذو سلطان إلهي.

فقال جيسلر بوضوح: هذا صحيح، فالسبب الوحيد الذي يدعو إنسان لقبول الكتاب المقدس كصاحب سلطان إلهي هو التأكيد المعجزي.

 

السبب الثاني: برهان الأصل الإلهي

تصفح جيسلر كتابه المقدس العتيق متجهاً نحو جملته الافتتاحية ثم وازن الكتاب المفتوح على ركبتيه.

الأمر كله يعود إلى ما إذا كانت الآية الأولى في الكتاب المقدس صحيحة حينما يقولك فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. أؤمن أن هناك برهاناً عملياً طاغياً يبرهن صحتها – فكل شيء له بداية له مبتدئ، فالكون كانت له بداية، ومن ثم كان له مبتدئ. والكون كان منسجماً منذ لحظة الخلق لبزوغ الحياة الإنسانية، وهكذا.

فقاطعته لأخبره أنني قد حاورتُ بالفعل ويليام لين كريج حول البراهين التي تشير للأصل الإلهي للكون.

فقال لي: آه، حسناً، ما ينساه الناس عادةً هو أنه إن كانت هذه الآية الأولى صادقة، فليست المعجزات ممكنة فحسب، بل فعلية أيضاً، لأن أعظم معجزة قد حدثت فعلاً – خلق شيء من العدم. ما الأصعب: أن يأخذ يسوع الماء ويحوله إلى خمر أم أن يأخذ حفنة من لا شيء ويحولها إلى ماء؟ أن تصنع ماء من العدم أصعب بكثير من أن تصنع خمراً من الماء.

فقلتُ: ذات مرة قال لي متشكك: لا أؤمن بالكتاب المقدس لأن فيه معجزات. فقلتُ له: أذكر واحدة، فقال تحويل الماء إلى خمر. هل تؤمن بها؟ فقلتُ: نعم فهي تحدث طوال الوقت، فقال، ماذا تقصد؟ فقلتُ: حسناً، المطر يتغلغل في كرم العنب، ثم إلى العنب، ثم يتحول العنب إلى خمر. كل ما فعله يسوع هو انه أسرع بالأمر قليلاً.

إن فكرتي هو أن كان لديك إله يمكنه عمل شيء من العدم، فيمكنه إذاً أن يُجري المعجزات. وحينئذ يكون الشيء الوحيد الذي علينا ان ننظر إليه هو أي كتابٍ في العالم تم التأكيد عليه بصورةٍ إعجازية. هناك كتابٌ واحد، وهو الكتاب المقدس. فقلتُ: حسناً، أخبرني كيف. فقال رافعاً إصبعين: طريقتان: الأولى، الكتاب المقدس مؤكد بصورة اعجازية بتحقيق النبوات التنبؤية، والثانية، الكتاب المقدس مؤكد بالمعجزات التي اجراها من قالوا إنهم يتحدثون عن الله.

 

تأكيد النبوات

بدأ جيسلر بجملةٍ مؤثرة: الكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد في العالم الذي يحوي تنبؤات محددة دقيقة قيلت قبل حدوثها بمئات السنين وتحققت حرفياً.

نظر جيسلر إلى أحد الكتب المعلقة في أرفقه، وواصل كلامه قائلاً: بالنسبة لموسوعة بارتون باين للنبوة الكتابية Barton Payne’s Encyclopedia of Biblical Prophecy، هناك 191 تنبؤاً في العهد القديم حول مجئ المسيح تتضمن نسبه، والمدينة التي سيولد فيها، وولادته من عذراء، ووقت موته بالتدقيق، وهكذا.

في الحقيقة، يقول مزمور 22: 16 ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ. وتقول آية 14 انْفَصَلَتْ كُلُّ عِظَامِي. وتقول آية 18 يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ. وزكريا 12: 10 تقول: فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ. هذه صورة واضحة عن صلبه – ومع ذلك فقد كُتبتْ حتى قبل تنفيذ الصلب كطريقة للإعدام بواسطة الرومان. في ذلك الوقت كان اليهود يرجمون المجرمين حتى الموت.

وبالطبع إشعياء 53: 2-12 ربما تحتوي على أكثر التنبؤات دهشةً عن المسيح في العهد القديم بأكمله. فهي تتنبأ ب 12 ملمح من ملامح آلامه التي تحققت تماماً – فسوف يُرفض، وسيكون رجل أوجاع، وسيعيش حياة معاناة، وسيُحتقر من الآخرين، وسيحمل الحزن، وسيُسحق، وسيُضرب من الله، وسيُطعن عن آثامنا وسيُجرح عن خطايانا، وسيموت مع الأشرار، وسيكون بلا خطية، وسيصلي من أجل الآخرين

فرفعت صوتي قائلاً: مهلاً، فإن تكلمت مع حاخام يهودي، سيقول لك إن هذه الفقرة تشير رمزياً إلى اسرائيل، لا إلى المسيا. فهز جيسلر رأسه قائلاً: في أزمنة العهد القديم، كان الحاخامات اليهود يعتبرون تلك نبوة عن المسيا. فهذا هو الرأي المتصل حقاً.

وفيما بعد، بعد ما أشار المسيحيون إلى أن هذا كان يشير بوضوح إلى يسوع، بدأ اليهود يقولون إنها كانت حقاً عن معاناة الأمة اليهودية. لكن هذا خطأ بوضوح. فإشعياء معتاد على الإشارة للشعب اليهودي بصيغة جمع المتكلم مثل نا، أو نحن، لكنه دائماً ما يشير للمسيا بصيغة مفرد الغائب مثل هو، أو . هـ – وهذا ما فعله في إشعياء 53. وبالإضافة إلى ذلك، كل من يقرأ ذلك بنفسه سيفهم تماماً أنه يشير إلى يسوع. وربما يكون سبب ذلك هو أنهم عادةً ما يتغاضون عنها في المجامع هذه الأيام.

ولذلك تكون لديك ههنا تنبؤات مذهلة تحققت حرفياً في حياة إنسان واحد، رغم إنه لم يكن لديه تحكم على معظمها. فمثلاً، لم يمكنه أن يرتب موضوع نسبه، أو توقيت ميلاده، إلخ. لقد كتبت هذه النبوات مبكراً بـ 200 عاماً إلى 400 عاماً. ولا يوجد كتاب آخر في العالم يحوي هذا. فالكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد المؤيد هكذا بصورة فوق طبيعية.

تأملتُ في ذلك وقلتُ: لكن أنبياء العهد القديم لم يكونوا وحدهم في التاريخ من تنبأ تنبؤات تحققت بصورةٍ مدهشة. فمثلاً نوستر اداموس الطبيب والمنجم الذي عاش في القرن السادس عشر مشهور بتنبؤات حول المستقبل. ألم يتنبأ بصعود هتلر وألمانيا النازية؟ قلتها كجملة أكثر منها كسؤال. إن كان واحد يمكنه ذلك، فما الذي يميز نبوات الكتاب المقدس؟

فأجاب جيسلر: المشكلة مع نوستر اداموس وكثير جدا من الوسطاء المزعومين هي أن تنبؤاتهم كثيراً ما تكون مبهمة غامضة وغير دقيقة. فصممتُ قائلاً: ولكن ماذا عن النبوة حول هتلر؛ فهي دقيقة تماماً. فأجابني: في الواقع لم تكن دقيقة على الإطلاق. وقف جيسلر وتقدم نحو رف الكتب، وسحب أحد كتبه، وفحصه حتى وصل لما كان يريده. ثم قرأ كلمات نبوة نوستر اداموس:

يا تابعي المذاهب، ضيقاتٌ عظيمة تنتظر الرسول. وحشٌ فوق المسرح يتهيأ للمسرحية التصويرية. مخترع ذاك الفعل الشرير سيكون مشهوراً. العالم سيرتبك وسينقسم بالمذاهب … الوحوش المجنونة بالجوع ستعوم عبر الأنهار. معظم الجيش سيكون ضد الدانوب الأصغر the lower Danube [Hister sera]. العظيم سيُسحب في قفص حديدي عندما لا يلاحظ أخ الطفل [de Germain] شيئاً. (28)

استمر جيسلر: من الواضح أن هذه ليست إشارة إلى أدولف هتلر. فالكلمة الواردة ليست Hitler بل Hister، ومن الواضح أنها ليست إنسان بل مكان. فالجملة اللاتينية de Germain يجب تفسيرها ألى اخ أو قريب، وليس ألمانيا Germany. وهو لا يذكر أية تواريخ أو حتى إطار زمني عام. وبالإضافة إلى ذلك، ماذا يقصد بـ وحوش، وقفص حديدي؟ من المربك جداً أن النبوة بكامله ليس لها معنى.

إن العينة هي أن تنبؤات نوستر اداموس غامضة للغاية، ويمكن أن تتناسب مع قدر هائل من الحداث. فتابعوه ليسوا متناغمين في تفسير ما قاله. وبعض نبواته ظهر أنها خاطئة. ففي الحقيقة، لم تتبرهن أصالة نبوة واحدة من نبوات نوستر اداموس على الاطلاق. فقلت: سأفترض أن كثيراً من الوسطاء مثل نوستر اداموس غامضون في تنبؤاتهم. ولكن عليك الاعتراف أن نفس الشيء ينطبق على بعض النبوات الكتابية.

فأجابني جيسلر: موافق، ولكن ليست كل النبوات الكتابية حادة. ومع ذلك، فكثير منها دقيق جداً. فكيف يمكنك أن تحصل على ما هو أكثر تفصيلاً من التنبؤ الدقيق حول موت يسوع كما في دانيال 9: 24-26؟ فعندما تحل المسألة، فسوف تجد أن هذه الفقرة تشير لموعد دخول يسوع التاريخ البشري. وماذا عن نبوات مكان ميلاده، وكيف سيعاني وسيموت؟ إن التحديد مدهش، وقد تبرهنت حقيقتها بشكل ثابت.

فقابلته بمثالٍ معاصر حول وسيطة كانت تنبؤاتها مفصلة تماماً في الغالب. في العام 1956 تنبأت جين ديكسون1 بفوز رئيس ديمقراطي بالانتخابات الرئاسية للعام 1960 ثم اغتياله في المكتب. وقد تحقق ذلك في جون كينيدي – وهذه نبوة دقيقة تماماً.

فلم يتأثر جيسلر وقال: لقد تنبأتْ أيضاً أن انتخابات 1960 سيكسبها العمال، وهذا ما لم يحدث. وبعدها راهنت بفوز ريتشارد نيكسون، وهكذا كانت هناك فرصة 100% أن تتحقق واحدة من هذه التنبؤات. وفيما يخص الاغتيالات، فقد مات ثلاثة من الرؤساء العشرة في القرن العشرين في المكتب، وكان اثنان آخران مريضان جداً في نهاية خدمتهما. لم تفلح محاولاتها.

وبالإضافة إلى ذلك، على خلاف الأنبياء الكتابيين، فقد قالت تنبؤات كثيرة جداً اتضح خطأها – أن الصين الحمراء ستدفع العالم إلى الحرب ضد كوموي Quemoy وماتسو Matsu في العام 1958؛ وأن الحرب العالمية الثالثة ستبدأ في العام 1954؛ وأن كاسترو سيُنفى من كوبا في العام 1970. وأفضل تنبؤاتها المحببة لي هي أنها تنبأت بأن جاكلين كيندي لن تتزوج ثانية – وفي اليوم التالي مباشرةً تزوجت أرسطو أوناسيس! قالها بضحكة خافتة.

أوضحت دراسة قام بها الوسطاء عن النبوات في العام 1979 بما فيها نبوات ديكسون أنها كانت دقيقة بنسبة 6% فقط. يا للشفقة! من المحتمل أن تخمن وتحصل على نسبة أعلى من هذه. وبالإضافة إلى ذلك، فسوف تجد أن ديكسون، ونوستر اداموس، والوسطاء الآخرين يتعاملون بشكل عام مع الممارسات السحرية – فمثلاً كانت ديكسون تستخدم كرة كريستالية، وكان من الممكن أن يفسر ذلك بعضاً من تنبؤاتهم.

وبما أنني متشكك من الوسطاء، لم أرد الاندفاع أكثر لوضع محاولة الدفاع عنهم. فقد قدم جيسلر فكرته: أنهم كانوا مختلفون تماماً عن أنبياء الكتاب المقدس. قررت أن أتقدم إلى نقد أكثر فعالية للنبوة الكتابية، وهو ادعاء أن المسيحيين يخرجونها خارج السياق ويدعون أنهم تنبأوا بمجيء يسوع بينما كانوا يتعاملون بالفعل مع موضوع آخر. وقد جال مثال في ذهني.

بسطتُ يدي وأخذتُ كتابه المقدس بعد استئذانه. إلى متى 2: 14-15 التي تقول: «فَقَامَ] يوسف [وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ. وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني».

هذه إشارة إلى هوشع 11: 1. رجعتُ لتلك الآية وقرأتها لجيسلر: «لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَماً أَحْبَبْتُهُ وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي. »

أغلقتُ الكتاب وأعدته إلى جيسلر وقلتُ: من الواضح الآن أن هذه الفقرة تتحدث عن بني اسرائيل وهم خارجون من مصر وقت الخروج. إنها ليست عن المسيا. ألا يسحب هذا نبوة خارج إطار النص؟

فأشار جيسلر: هذا سؤالٌ جيد. ومع ذلك عليك أن تفهم أنه ليست كل النبوات تنبؤية.

فسألته: ما معنى ذلك؟

من الحقيقي أن العهد الجديد قد طبق فقرات معينة من العهد القديم على يسوع لم تتنبأ عنه مباشرةً. يرى كثير من الدارسين أن هذه الإشارات محققة، رمزياً، في المسيح، دون ان تكون قد تنبأت عنه مباشرة.

بمعنى؟

بمعنى أن بعض الحق في الفقرة يمكنه أن يُطبق على المسيح بشكلٍ مناسب حتى لو لم يكن متنبأ عنه. دارسون آخرون يقولون إن هناك معنى عام في بعض فقرات العهد القديم تنطبق على كل من اسرائيل والمسيح، فكل منهما أطلق عليه ابن الله. وهذا ما يسمى أحياناً بـ الرؤية مزدوجة الإشارة، للنبوة.

يمكنني أن أفهم ميزة كلا الرؤيتين. ولكن هذه الفقرات لم تكن تنبؤية بصورة مباشرة. وأنا لا أستخدمها بهذا الأسلوب. ومع ذلك هناك بالطبع عدد كاف من الأمثلة لنبوات تنبؤية بوضوح لتأسيس السلطان الإلهي للكتاب المقدس. لقد أوضح علم الرياضيات أنه من المستحيل أن تكون قد تحققت بمجرد الصدفة على الإطلاق.

تأكيد المعجزات.

متقدماً إلى السبب الاخر للسلطان الإلهي للكتاب المقدس، قال جيسلر إن هناك طريقاً أكيداً إذا كان نبي هو المتحدث عن الله، أو إنه دجالاً يحاول خداع الجماهير: هل يمكنه إجراء معجزات قاطعة؟ إن الديانات التوحيدية الكبرى – المسيحية، واليهودية، والإسلام – تدرك صلاحية المعجزات كوسيلة تأكيد رسالة من الله. وحتى المتشكك الشهير برتراند راسل افترض أن المعجزات تثبت أصالة التأكيد الحق. (29)

فقال جيسلر: في الكتاب المقدس – الذي رأينا كما تذكر مصداقيته تاريخياً – لدينا أنبياء واجهوا التحدي، لكنهم أجروا المعجزات لإثبات أحقيتهم.

فمثلاً، قال موسى في خروج 4: 1: «وَلكِنْ هَا هُمْ لاَ يُصَدِّقُونَنِي وَلاَ يَسْمَعُونَ لِقَوْلِي، بَلْ يَقُولُونَ: لَمْ يَظْهَرْ لَكَ الرَّبُّ.» فكيف يستجيب الله؟ يأمر الله موسى بإلقاء عصاه على الأرض وفي الحال ستتحول إلى حية. ثم قال لموسى أن يلتقطها من ذنبها، فتتحول إلى عصاة من جديد. ثم قال الله في آية 5: «لِكَيْ يُصَدِّقُوا أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ لَكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِهِمْ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ.»

نفس الشئ ينطبق على إيليا على جبل الكرمل – فلقد واجه التحدي، فأرسل الله ناراً من السماء لإثبات أنه كان نبي حقيقي. بالنسبة ليسوع، فقد جاء حقاً وقال: «إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي.» (30) وبعد ذلك فعلها. وحتى نيقوديموس افترض ذلك حينما قال ليسوع: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ.» (31)

وهذا لم يحدث أبداً مع محمد. ففي الواقع، آمن محمد حقاً أن يسوع كان نبياً أجرى المعجزات بما فيها إقامة الموتى. والمسلمون يؤمنون أيضاً أن موسى وإيليا أجريا المعجزات. وهذا ممتع للغاية؛ لأنه في القرآن حينما تحدى غير المؤمنين محمداً لإجراء معجزة رفض. وقال فحسب إنه يجب عليهم أن يقرأوا سورة في القرآن.(32)

فتعجبتُ قائلاً: هل فعل هذا؟

بالطبع. لقد قال محمد بنفسه: الله قادر أن يأتي بعجزة.(33)وقال أيضاً: سيقولون: لماذا لا تأتيه معجزة من ربه؟(34)وعلى خلاف يسوع، لم تكن المعجزات علامةً لإرسالية محمد. ولم يمر على موته إلا حوالي 150-200 عاماً حتى ادعى أتباعه معجزات ونسبوها له.

ولكن حين أثار يوحنا المعمدان سؤال ما إذا كان يسوع هو المسيا، كان بإمكان يسوع ان يجيب تلميذا يوحنا بثقة: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا: إِنَّ الْعُمْيَ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمَّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ. »(35)

توقف جيسلر للحظات بينما كنتُ أتأمل فيما كان يقوله. وبعدها لخص حججه: عندما تُجمع هذه الأمور معاً: مصداقية الكتاب المقدس تاريخياً بتأكيد علم الآثار، والتحقيق الإعجازي للنبوات التنبؤية الواضحة، وإجراء المعجزات المذكورة، فسوف تحصل على كتاب مبرهن بصورة فائقة للطبيعة على خلاف أي كتاب آخر في التاريخ.

أردت أن أوضح شيئاً: ما لست تقوله هو أؤمن أن الكتاب المقدس موحى به سماوياً لأنه يقول هذا.

هذا صحيح. فهذه حجة دائرية. لا، فالحجة توضع هكذا: الكتاب المقدس يؤكد أنه كلمة الله والكتاب المقدس يبرهن على أنه كلمة الله.

سيبدو أن هذه حالة جيدة تماماً – لو أن الكتاب المقدس لم يكن فيه الكثير جداً من التناقضات الظاهرة في ثناياه. ولكن كيف يمكن الوثوق بالكتاب المقدس حقاً بينما لا يستطيع الحفاظ على روايته الشخصية حتى النهاية؟ كيف يمكن اعتباره موحى به سماوياً بينما يقدم عبارات لا يمكنها ببساطة أن تتوافق بين بعضها البعض؟

التلاؤم مع التناقضات

عندما سألت عن التناقضات المزعومة في الكتاب المقدس، ضبط جيسلر جلسته في مقعده وابتسم، فقد كان موضوع قضى في دراسته حياته بأكملها.

قال: لقد كانت لدي هواية جمع التناقضات والأخطاء المزعومة والعبارات المتصارعة في الكتاب المقدس. ولدي قائمة بما يقرب من 800 بند منها. منذ سنوات قليلة اشتركتُ في تأليف كتاب عنوانه عندما يتساءل النقاد يخصص حوالي 600 صفحة لتوضيح صحة الأمور. (36) وكل ما على أن أقوله لك هو إنه في اختباري عندما يثير النقاد تلك الاعتراضات، فهم يخترقون بصورة ثابتة واحداً من 17 مبدأ لتفسير الكتاب المقدس.

فسألته: وما هي؟

مثلاً، افتراض أن ما ليس له تفسير لا يمكن تفسيره. فأنا متأكد أن ناقداً حاداً يمكنه أن يسألني: ماذا عن هذا الموضوع؟ ورغم إنني قمتُ بدراسة هذه الأمور لمدة 40 عاماً، إلا إنني لن أكون قادراً على إجابته. ماذا يبرهن ذلك: أن الكتاب المقدس مخطئ أم أن جيسلر جاهل؟ سأرجح صحة الكتاب المقدس، لأنه من بين الـ 800 ادعاء التي درستها، لم أجدُ خطأ واحداً في الكتاب المقدس، لكني وجدتُ الكثير من الأخطاء من جانب النقاد.

فرفعتُ رأسي متسائلاً: هل هذا معقول حقاً، أن ترجح صحة الكتاب المقدس؟

فأصر قائلاً: نعم، فعندما يفاجأ عالم بأمر شاذ في الطبيعة، فهل ينقطع عن العلم؟ عندما اكتشف مسبارنا الفضائي حلقات مضفورة حول المشتري، كان ذلك معارضاً لكل التفسيرات العلمية. فهل كنتَ تتوقع إذاً أن يستقيل كل علماء ناسا لأنهم لم يمكنهم تفسير ذلك؟

فضحكت قائلاً: بالطبع لا.

تماماً. إنهم لم يستسلموا، بل قالوا: لا بدَّ أن يكون هناك تفسير، واستمروا في الدراسة. أنا أدرس الكتاب المقدس بنفس الأسلوب. فلقد أثبت مراراً وتكراراً أنه دقيق، حتى حينما كنتُ أعتقدُ مبدئياً عكس ذلك. فلماذا لا أرجح صحته الآن؟ نحن بحاجة لدراسة الكتاب المقدس بالطريقة التي يُحاكم بها الأمريكي في المحكمة: المتهم برئ حتى تثبت إدانته.

النقاد يفعلون العكس. فقد أنكروا وجود الحثيين الذين ورد ذكرهم في العهد القديم أساساً. بينما اكتشف علماء الآثار المكتبة الحثية. يقول النا: حسناً، أعتقد أن الكتاب المقدس كان صادقاً في تلك الآية، لكني لا أقبل البقية. مهلاً، فيما تبرهنت دقة الكتاب مراراً وتكراراً في مئات التفاصيل، فإن ثقل البرهان يقع على الناقد، لا على الكتاب المقدس.

طلبتُ من جيسلر أن يصف باختصار بعض المبادئ الأخرى لحل التناقضات الظاهرة في الكتاب المقدس.

فقال: مثلاً الإخفاق في فهم سياق الفقرة. هذا هو أكثر خطأ شائع لدى النقاد. فبأخذ الكلمات خارج سياق النص، يمكنك حتى أن تجعل الكتاب المقدس يبرهن بعدم وجود الله. ومع ذلك فمزمور 14: 1 يعلنها ويقولها: ليس إله. ولكن بالطبع في السياق يقول: قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلهٌ». ومن هنا فإن السياق مهم نقدياً، ومعظم النقاد مذنبون بإخراج الآيات خارج إطار السياق لخلق تعارض مزعوم بينما لا يوجد تعارض.

خطأ آخر هو افتراض أن تقريراً جزئياً تقرير خاطئ. فمتى يقرر أن بطرس قال ليسوع: أنت المسيح ابن الله الحي. ومرقس يقول: أنت المسيح. ولوقا يقول: مسيح الله. (37)

يقول النقاد: هل رأيت؟ خطأ! وأنا أقول: أين الخطأ؟ فمتى لم يقل أنت لست المسيح، بينما قال مرقس أنت المسيح! بل أن متى أسهب الأمر. وهذا ليس خطأ بل أمور تكميلية.

الأخطاء الأخرى تتضمن تجاهل تفسير الفقرات الصعبة في ضوء الفقرات الواضحة؛ وضع تعليم متعلق بفقرة غامضة؛ نسيان أن الكتاب المقدس يستخدم لغة الحياة اليومية الغير متكلفة؛ الإخفاق في تذكر أن الكتاب المقدس يستخدم وسائل أدبية مختلفة؛ نسيان أن الكتاب المقدس هو كتاب إنساني بخصائص إنسانية.

فقلت: البشر يخطئون. فلو كان كتاباً إنسانياً، فهل الأخطاء يمكن تجنبها؟

فأجابني: فيما عدا الوصايا العشر، لم يُملي الكتاب المقدس. فالكُتّاب لم يكونوا سكرتارية للروح القدس. فأحياناً ما استخدموا وسائل بشرية أو أساليب أدبية مختلفة أو كتبوا من مناظير مختلفة، أو أكدوا على اهتمامات مختلفة، أو أعلنوا عن مشاعر ونماذج تفكير بشرية. ليست هناك مشكلة مع ذلك، ولكن كالمسيح، فالكتاب المقدس إنساني تماماً، ولكن بلا خطأ.

فقاطعته: ومع ذلك فالناس تطلع باعتراضات مزعومة طوال الوقت.

فأجاب مثل ماذا على سبيل المثال؟ ما هي الاعتراضات الأكثر شيوعاً التي تسمعها؟

فكرتُ للحظات وقلتُ: متى يقول إنه كان هناك ملاك واحد عند قبر يسوع. ويوحنا يقول اثنان. الأناجيل تقول إن يهوذا خنق نفسه، وسفر الأعمال يقول إن أحشائه قد خرجت.

فأجابني: أنت على حق، فهذه أمور متكررة، لكنها سهلة الحل. فبخصوص الملائكة، هل سبق لك أن لاحظت أنه كلما كان لديك اثنان من شيء ما، يكون لديك واحداً أيضاً؟ الأمر بسيط. متى لم يقل إنه كان هناك مجرد ملاك واحد. ويوحنا كان يقدم تفصيلاً أكثر قائلاً بوجود اثنين.

بالنسبة لانتحار يهوذا، فأنت تخنق نفسك على شجرة أو فوق حافة منحدر. كان مخالفاً للناموس أن تلمس جسداً ميتاً في تلك الأيام. ولذلك يكون هناك من مرّ لاحقاً، ووجد الجثة، وقطع الحبل، فسقط الجسد المنتفخ على الصخور. ماذا يحدث؟ تخرج الأحشاء تماماً كما يقول الكتاب المقدس. هذه ليست معارضة، بل تكملة.

على العموم، كان علي أن أعترف أن جيسلر كان مستقيم الفكر. فأنا أتذكر كملحد أمطر المسيحيين غير المستعدين بوابل من الاعتراضات والاختلافات الكتابية الظاهرية، فكانوا يصابون بالارتباك والحيرة لأنهم لم يقدروا على الإجابة، فكنتُ أنطلق وأنا أشعر بالفخر والرضا.

ولكن ليس معنى ذلك أنهم لم يقدروا على إجابتها أنه لم تكن هناك إجابات. فكما هو الحال مع الفقرات المُربكة الخاصة بالكنعانيين وإليشع، كلما تعمقت في البراهين التاريخية وأخضعت الموضوعات للفحص، كلما كانت تميل أن تخبو كاعتراضات.

لماذا يصعب الإيمان

آن أوان الغذاء تقريباً وكنتُ أشعر بالجوع، فسألتُ جيسلر: هل تريد أن تستريح قليلاً للغذاء فقال: بالطبع. هناك مطعم صغير بالأسفل. تفحصتُ مذكراتي. كنتُ أعتقد أنني قمتُ بتغطية كل شيء أردتُ مناقشته. ثم لاحظتُ اقتباساً كنتُ قد جئتُ به. كان عبارة عن وجدان عكسي أحبط الكثير من الناس: لماذا يجعل الله من الصعب جداً أن نؤمن به؟ لم أرد إنهاء اللقاء دون سؤال جيسلر حول ذلك.

قلتُ له: هناك شيء أخير قبل أن نرحل بينما قرأتُ له الكلمات الحيوية التي كتبها باحث روحي محبط: لو كنتُ أريد أن أتجنب الجحيم، فعليَّ افتراضاً أن أؤمن أن حيةً قد تكلمتْ إلى حواء، وأن عذراء قد أصبحت حبلى من قَبل الله، وأن حوتاً قد ابتلع نبياً، وأن البحر الأحمر قد انشق، وكل الأمور المجنونة الأخرى. حسناً، لو كان الله يريدني أن أكون مجنوناً جداً … فماذا يجعل الإيمان به …

مستحيلاً جداً؟ … يبدو الأمر بالنسبة لي أن إلهاً كُلَّي القدرة كان يمكنه عمل شئ أفضل لإقناع الناس بوجوده أكثر مما يفعله أي مبشر … أن يكتب فقط على السحب بخط لطيف وكبير: ها هو برهانكم، Ed. آمنوا بي أو إذهبوا إلى الجحيم! المخلص، القادر(38) تطلعتُ إلى جيسلر، وقلت له: ماذا تقول له؟ انذهل جيسلر قليلاً وأجابني: إجابتي ستكون أن الله قد فعل شيئاً مثل هذا فالمزمور 19: 1 يقول اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. (39) في الحقيقة، هذا مكتوب عبر السماوات بوضوح شديد لدرجة أن الكثير والكثير من العلماء الذين يبحثون النجوم يصيرون مسيحيين.

العالم الكوني العظيم آلان سانداج الذي حصل على جائزة نوبل للفلك، استنتج أن الله هو تفسير معجزة الوجود (40) والسير فريد هويل الذي صمم نظرية الحالة الثابتة للكون لتجنب وجود الله صار مؤمناً أخيراً بوجود مصمم ذكي للكون.

عالم الفيزياء الفلكية هيو روس الذي حصل على شهادة الدكتوراه في الفلك من جامعة تورنتو وقام بأبحاثه عن أشباه النجوم والمجرات، قال إن الدليل التاريخي والعلمي قد أصل بعمق ثقتي بصحة الكتاب المقدس. (41) روبرت جاسترو – لا أدري معترف، ومدير مرصد مونت ويلسون، ومؤسس معهد Goddard Space، استنتج أن نظرية الانفجار العظيم تشير إلى الله. وأحبُ ما قاله الفيزيائي الرياضي روبرت جريفث: إن أردنا ملحداً من أجل مناظرة، لذهبنا لقسم الفلسفة. فقسم الفيزياء لا يفيد كثيراً. (42) إن البرهان، يا لي Lee، واضح جداً.

فأشرتُ: ليس لمتشكك مثل برتراند راسل. وذكرته قائلاً: لقد قال إنه لو وقف يوماً أمام الله وسُئل لماذا لم يؤمن به، لأجاب أنه لم يُعط له البرهان الكافي. وبما أن جيسلر كان مغرماً بجمع الاقتباسات من الملحدين واللاأدريين، فقد ذكر شيئاً آخر قاله راسل: سُئل راسل في أحد لقاءات مجلة لوك Look: تحت أي شرط ستؤمن بالله، فأجاب بشكل أساسي: حسناً، لو سمعتُ صوتاً من السماء يتنبأ بسلسلة من الأمور، ثم تحققت، فأعتقد أنه سيكون علي أؤمن بوجود ذاك النوع من الكيان الفائق للطبيعة. (43)

في ضوء مناقشتنا عن التحقق الإعجازي للنبوات التنبؤية في الكتاب المقدس، كانت السخرية في عبارة راسل واضحة. فصرح جيسلر: يمكنني أن أقول: سير راسل، كان هناك صوت من السماء، وقد تنبأ بأمور كثيرة، شهدناها تتحقق دون إنكار. لذلك لا تعتقد أن الله يجعل الأمر صعباً على الناس أن يؤمنوا؟ على العكس، فالدليل موجود لو تهيأ الناس لرؤيته. فالناس لا يتحولون عن الله بسبب انعدام الدليل، بل بسبب كبريائهم أو مشيئتهم. فالله لا يجبر أي إنسان لدخول جماعة المؤمنين. المحبة لا تعمل أبداً بإجبار. لكنها تعمل فقط بإقناع. وهناك الكثير من الأدلة المقنعة ههنا.

شعرتُ بواجبي لكشف شخصية الإنسان الذي اقتبستُ له قطعة لماذا يجعل الله من الصعب جداً ان يؤمن الناس. فقلت لجيسلر إن اسمه هو ادوارد بويد، وقد قدم هذه الملحوظة لابنه الفيلسوف المسيحي جريجوري بويد فيما كانا يتبادلان سلسلة من الخطابات يتجادلان فيها عن براهين المسيحية. في العام 1992، بعد تأمل البراهين شخصياً، قرر المتشكك السابق ادوارد بويد أن يكون تابعاً ليسوع. (44)

ابتسم جيسلر لسماع القصة، ثم إتجه إتجاهاً شخصياً شعرياً فيما اختتم الحوار بمناقشة إيمانه الشخصي. بالنسبة لي، أقول نفس الشئ الذي قاله الرسول بطرس: «يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ» (45). فهو الوحيد الذي لم يعلن فقط أنه هو الله، بل أثبت أيضاً أنه هو الله. عندما اقارن هذا بكل أصحاب الديانات الأخرى، يكون الأمر كالشاعر الذي قال:

الليل له ألف عين

والنهار له عين واحدة

فنور العالم كله يموت

مع شروق الشمس

رق صوت جيسلر لكنه احتفظ بشدته. وقال: في منتصف ليل الجهل البشري، هناك الكثير من الأنوار في السماء. وفي وقت الظهيرة هناك نورٌ واحد. وهو يسوع المسيح نور العالم. فطبقاً لبراهين من يكون، لا يوجد حقاً أي منافس.

لذلك جعلتُ معه نصيبي – لا مع من زعم الحكمة – كونفوشيوس، أو مع من زعم الاستنارة – بوذا، أو مع من زعم النبوة – محمد، بل مع من أعلن أنه الله المتجسد، الواحد الذي أعلن قائلاً قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن (46)، وأثبت ذلك

مشاورات

أسئلة للتأمل ومجموعات الدراسة

لمزيد من الأدلة

مصادر أخرى حول هذا الموضوع

 

Norman Geisler. Baker Encyclopedia of Christian Apologetics. Grand Rapid، Mich.: Baker، 1999.

Norman Geisler and Thomas Howe. When Critics Ask. Grand Rapids، Mich.: Baker، 1992.

Norman Geisler and Ronald Brooks. When Skeptics Ask. Wheaton، III. Victor، 1990.

Gleason L. Archer. Encyclopedia of Bible Difficulties. Grand Rapids، Mich.: Zondervan، 1992.

Walter C. Kaiser Jr.، Peter H. Davids، F.F. Bruce، and Manfred T. Brauch. Hard Sayings of the Bible. Downers Grove، III. Inter Varsity Press، 1996.

 

1 وسيطة أمريكية وُلدت في العام 1918 وتوفت في العام 1997 إثر أزمة قلبية – المترجم

(1) Quoted in: Carry Poole and Judson Poling، Tough Questions 4 (Grand Rapids، Mich.: Zondervan، 1998)، 12.

(2) Paslam 86:15.

(3) Charles Templeton، Farewell to God، 71.

(4) George H. Smith، Atheism: The Case against God، 77.

(5) Ibid.، 76.

(6) Thomas Paine، Age of Reason، Part I (First printed 1794; reprinted by The Freethought Press Association، New York، 1954)، 18-19، quoted in George H. Smith، Atheism: The Case against God، 78.

(7) قضاة ١٩: ٢٥، ٢٩.

(8) 2 صموئيل 12: 31

(9) ملاخي ٣: ١٦.

(10) 1 صموئيل ١٥: ٣.(10)

(11) مرقس ١٠: ١٤. (11)

(12) 12 ملوك ٢: ٢٣ -٢٥.

(13) Walter C. Kaiser Jr.، Peter H. Davids، F. F. Bruce، and Manfred T. Brauch، Hard Saying of the Bible (Downers Grove، 111.: InterVarsity Press، 1996)، 233، 234.

(14) Ibid. See also: I Kings 20:14-15.

(15) Charles Templeton، Farewell to God، 197 (emphasis removed)، 198،199.

(16) Genesis 1:29-30. After the Flood، God told Noah and his sons in Genesis 9:3 «Everything that lives and moves will be food for you. Just as I gave you the green plants، I now give you everything. »

(17) Isaiah 65:17، 25.

(18) Proverbs 12:10.

(19) George H. Smith، Atheism: The Case against God، 210-11.

(20) Charles Templeton، Farewell to God، 38.

(21) John 3:12.

(22) See: Clifford A. Wilson، Rocks، Relics and Biblical Reliability (Grand Rapids، Mich.: Zondervan، 1977)، 42.

(23) William F. Albright، Archaeology and the Religion of Israel (Baltimore، Md.: Johns Hopkins Press، 1953)، 176.

(24) See: Colin J. Hemer، the Book of Acts in the Setting of Hellenistic History (Winona Lake، Ind.: Eisenbrauns، 1990).

(25) William M. Ramsay، St. Paul the Traveler and the Roman Citizen (Grand Rapids، Mich.: Baker، 1982)، 8.

(26) A. N. Sherwin-white، Roman Society and Roman law in the New Testament (Oxford: Clarendon Press، 1963)، 189.

(27) See: William F. Albright، «Retrospect and Prospect in New Testament Archaeology، » in The Teacher’s Yoke، E. Jerry Wardama’n، ed. (Waco، TX.: Bay-lor University، 1964)، 288ff.

(28) Norman L. Geisler، Baker Encyclopedia of Christian Apologetics (Grand Rapids، Mich.: Baker، 1999)، 544.

(29) See: Bertrand Russell، «What Is an Agnostic? »، Look magazine، 1953، quoted in Norman L. Geisler، Baker Encyclopedia of Christian Apologetics، and 455-56.

(30) John 10:37.

(31) John 3:2.

(32) See surah 2:118; 3:181-84; 4:153; 6:8، 9، 37 in the Koran.

(33) Surah 6:37.

(34) Ibid.

(35) Luke 7:22.

(36) Norman Geisler and Thomas Howe، When Critics Ask (Grand Rapids، Mich.: Baker، 1992).

(37) Matthew 16:16، Mark 8:29، Luke 9:20.

(38) Gregory A. Boyd and Edward K. Boyd، Letters from a Skeptic (Wheaton، 111.: Victor، 1994)، 120.

(39) Revised Standard Version.

(40) John Noble Wilford، «Sizing up the Cosmos: An Astronomer’s Quest، » New York Times، March 12، 1991، quoted in: Hugh Ross، Creator and the Cosmos (Colorado Springs: Nav. Press، 1993)، 116.

(41) Hugh Ross، Creator and the Cosmos، 17.

(42) Robert Jastrow، «The Secret of the Stars، » New York Times Magazine، June 25، 1978، quoted in: Hugh Ross، Creator and the Cosmos، 116.

(43) See: Bertrand Russell، «What Is an Agnostic? » Look magazine، 1953، quoted in Norman L. Geisler، Baker Encyclopedia of Christian Apologetics، and 455-56.

(44) Gregory A. Boyd and Edward K. Boyd، Letters from a Skeptic، 189.

(45) John 6:68.

(46) John 8:58.

قتل الأطفال الأبرياء في العهد القديم – لي ستروبل

Exit mobile version