المسيح في قصة ميلاد موسى
سفر الخروج (2: 1-2)
”وَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لاَوِي وَأَخَذَ بِنْتَ لاَوِي، فَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا. وَلَمَّا رَأَتْهُ أَنَّهُ حَسَنٌ، خَبَّأَتْهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ“.
هناك إيمان يهودي يرجع الى القديم بأن المسيح سيفعل أفعال مثل موسى (تث 18: 15) وقالوا عبارة شهيرة تناقلتها الكتب التراثية وهي “كما كان المخلص الأول (موسى) هكذا سيكون المخلص الاخير (المسيح المُنتظر)” ، وبالحق تكلموا. من خلال النبوات التي تنبأت عن المسيح نرى تشابهات لا حصر لها بين المسيح المُنتظر وموسى أعظم أنبياء اسرائيل. ولما جاء المسيح بالفعل للعالم رأينا تشابهات اكثر واكثر. وهنا في هذا الموضوع سنتكلم عن نقطة واحدة وهي الميلاد ،
+ سبق موسى نبوات بالخلاص ، أي ان خلاصه كان مُنتظر، هكذا المسيح سبقه نبوات كثيرة جدا تتنبأ بخلاصه ، فخلاصه كان مُنتظر.
+ موسى وُلِد في وقت عبودية اليهود (للمصريين)، المسيح وُلِد في وقت عبودية اليهود (للرومان).
+موسى انتمى لبيت فرعون ملك مصر ،وكان بمثابة إبن فرعون الملك (عب 11: 24). بينما المسيح ينتمي اصلا للسماء التي لله ملك العالم ،هو بحق إبن الله ملك العالم (مت 16: 16).
+قرر فرعون قتل كل المواليد الذكور عند ولادة موسى (خر 1: 22)، هكذا قرر هيرودوس قتل كل المواليد الذكور عند ولادة المسيح (مت 2: 16).
في تلك المقالة لن نتكلم عن ما ورد من تشابهات بين قصة موسى والمسيح في أسفار العهد القديم وانما مما لم يرد حتى فيها، هناك قصة لم ترد في العهد القديم وانما وردت في المدراش في تفسير (خر 2: 1). بحسب الآية فإن عمرام تزوج يوكابد وانجب موسى، مع العلم ان عمرام ويوكابد انجبا من قبل هارون ومريم ، فلماذا يذكر الكتاب ان عمرام ذهب وتزوج -اخذ- يوكابد وانجب موسى! ، نجد تفسيرا لهذا في المدراش.
مدراش رباه للخروج (1: 13)
[كان عمرام رئيس السنهدرين في تلك الساعة، عندما قرر فرعون وقال “كل ابن يولد..” قال عمرام لم يعد هناك داعياً لاسرائيل أن يُنجِبوا، فحالاً أخرج يوكابد .. وطلق امرأته وهي حامل في الشهر الثالث، فوقف كل اسرائيل وطلقوا نسائهم. قالت له إبنته (مريم) قرارك أقسى من قرار فرعون لأن فرعون حكم على الذكور بينما انت (فحكمت) على الذكور والإناث. فرعون شرير وقراره قد يتحقق أو لا يتحقق، بينما أنت بار وقرارك سيتحقق، وقف (عمرام) وارجع امرأته ووقف كل اسرائيل وأرجعوا نِساءهم.]
بحسب التفسير فإن عمرام انفصل عن يوكابد (وهي حاملا في الشهر الثالث) وقت قرار فرعون بقتل الأبناء الذكور، خوفاً من أن يلد ابناً فيكون مصيره الموت، وعن طريق وسيط (مريم الإبنة الكُبرى) رجع عن هذا فأرجع امرأته وأنجبوا موسى مخلص اسرائيل.
تلك القصة تعيد لذهننا قصة ولادة المسيح، فعندما وُجدت مريم حبلى (البطن يتضح كبرها في الشهر الثالث)، تركها يوسف (متى 1: 18-19) ، وعن طريق وسيط وهو الملاك الذي ظهر ليوسف (متى 1: 20)، رجع يوسف إليها ولم يعد خائفاً، وأنجبت مريم المسيح مخلص العالم.
اذن ما حدث هو 1-إنفصال بين الأب والأم ، 2-رجوع ، 3-إنجاب للمخلص ، هذا ما حدث مع موسى وتكرر مع المسيح ، لا ينتهي الأمر هنا دعونا ننظر لهذا الحدث بشكل أكبر.
دائما يشبه الله نفسه بالبعل أو الزوج لزوجة وهي شعبه لأن الله في تلك العلاقة هو المُحِب والراعي وملبي الإحتياجات . قصة العالم هي إنه منذ البداية أخذ الله الإنسان له فأحبه ورعاه ولبى حاجاته ولكن بالخطية إنفصل الله عن البشرية (طلاق) فكانت آخر كلمة قالها الوحي للبشرية في العهد القديم وفي آخر سفر هي “لعنة” (ملا 4: 6)، وفقط في ملء الزمن عندما حان وقت رجوع الله للإنسان وُلِد يوحنا المعمداني وهو الوسيط الذي به كان النداء بالتوبة والرجوع، وبعده مُباشرة وُلِد المخلص الذي انتظرته البشرية كلها منذ البداية.
ومن جهة اخرى فمريم النبية كانت الوسيط بين العريس (عمرام) والعروس (يوكابد) وجاء بعدها موسى مخلص اسرائيل، وكذلك مريم العذراء كانت الوسيط بين العريس (الله) والعروس (الانسان) وجاء بعدها يسوع المسيح مخلص العالم.