#العيّنة_بيّنة (17): هل مستقيم في عيني الرب أن يقتل داود رجلان؟
للأسف شبهة جديدة من قناة البينة تظهر بجلاء مستواهم المعرفي في الكتاب المقدس بل ومستواهم الخُلقي في التعامل مع نصوص الكتاب المقدس وتبين الحقد الدفين الذي يملأهم تجاه كتاب الله.
الشبهة:
يقول الكتاب المقدس في سفر (الملوك الاول 15: 5) ان داود فعل المستقيم في عيني الرب ولم يحد عن شئ مما اوصاه به كل ايام حياته الا في قضية أوريا الحثي:
1Ki 15:5 لأن داود عمل ما هو مستقيم في عيني الرب ولم يحد عن شيء مما أوصاه به كل أيام حياته، إلا في قضية أوريا الحثي.
لكن نجد في سفر (صموئيل الثاني 4: 12) انه قتل رجلان:
2Sa 4:12 وأمر داود الغلمان فقتلوهما، وقطعوا أيديهما وأرجلهما وعلقوهما على البركة في حبرون. وأما رأس إيشبوشث فأخذوه ودفنوه في قبر أبنير في حبرون.
فهل كان هذا الفعل هو أمرًا مستقيمًا في عيني الرب؟
الرد على الشبهة:
أود ان أشير إلى أن المعترض أظهر جهلاً لا نظير له بإقتطاف وبتر النصوص دون معرفة لخلفيات النص أو مفهوم السياق. بل أغفل هذا عن عمد وعن تدليس والحقيقة لا يوجد شبهة من الأساس ليتم الرد عليها. لكن لنوضح بعض الأمور فقط.
لشرح سياق ما جاء في صموئيل الثاني الاصحاج الرابع
يقول كتاب:
Adeyemo, T. (2006). Africa Bible commentary (383). Nairobi, Kenya; Grand Rapids, MI.: WordAlive Publishers; Zondervan
تحت عنوان موت ابن شاول ايشبوشث.
“كان ايشبوشت معاديًا لداود. لكن بعد وفاة ابنير ارتخت يداه وارتاع جميع اسرائيل. كما جاء في صموئيل الثاني 4: 1 فضعف ايشبوشث نتيجة وفاة ابنير الذي كان حامي له. وكان يدعمه ثم تم اغتيال ايشبوشت من خلال قطع رأسه من قبل اثنين من ضباطه صموئيل الثاني 4: 2، 5 – 7 ثم أخذوا رأسه إلى داود في صموئيل الثاني 4: 8 وتوقعوا الحصول على مكافأة كبيرة من الملك داود لكن فعل معهم داود ما فعله مع العمالقة في صموئيل الثاني 4: 10 وامر بقتلهم.
وقطعت ايديهم وارجلهم وعرضت جثثهم عند بركة حبرون صموئيل الثاني 4: 9- 12. اما رأس ايشبوشث تم دفنها بصوره لائقة في قبر ابنير صموئيل الثاني 4 : 12. نجد ان داود محى عن نفسه مسؤولية وفاة شاول. وايضاً وفاة ابنير وايشبوشث. فيداه نظيفتان من دماء الابرياء. وكان الوحيد المتبقي مفيبوشث الذي ما زال على قيد الحياة لكن هو كان اعرج من طفولته المبكرة. فسيكون من الصعب تولي الامور الملكية بواسطته.”
ملحوظة هامة بعد فهم سياق هذه القصة أن داود أمر بقتلهم فقط. ولم يُشر الكتاب أنه أمر بتقطيع أيديهم أو أرجلهم. ولكن هذه كانت عادة الآشوريين في قتل الأعداء لبث الفزع النفسي والتنديد بهذا الأمر وليعلم الجميع عواقب هذه الفعلة. ونجد أن داود حكم بالعدل فمن يَقتلُ يُقتلَ فداود هنا بمثابة قاضٍ ونبيٍ وملكٍ. وهؤلاء إرتكبوا ثلاث من الجرائم، الخيانة والقتل العمد وايضاً توقع مكافأة على قتلهم هذا!
ويقول كتاب:
Walvoord, J. F., Zuck, R. B., & Dallas Theological Seminary. (1983-c1985). The Bible knowledge commentary: An exposition of the scriptures (1:460-461). Wheaton, IL: Victor Books.
“رد فعل داود لما حدث هو كان مماثل لرد فعله عندما علم بوفاة شاول. فامر بقتل الإثنين. وقطعت أيديهم وأرجلهم ووضعت على بركة حبرون. فداود اعتبر تصرفاتهم هي اعتداء على رجل اعزل واعتداء غير مبرر. كما جاء في العدد 11 وهذا يعكس ان قلب داود لم يكن فيه دافع التشفي أو الانتقام على عائلة شاول. رغم ما تعرض له.”
وأشار كتاب:
Courson, J. (2005). Jon Courson’s application commentary: Volume one: Genesis-Job (910). Nashville, TN: Thomas Nelson.
داود كان مشمئز من فعلتهم من قتل رجل برئ على سريره.
ويقول كتاب:
Richards, L. O. (1991; Published in electronic form by Logos Research Systems, 1996). The Bible readers companion (electronic ed.) (204). Wheaton: Victor Books.
“ان ما فعله داود مع هؤلاء الخونة جعله ملكاً على كل العبرانيين.”
فمن الناحية الدبلوماسية أراح داود محبين ايشبوشث بهذه الفعلة وضمهم تحت طاعته.
ويقول كتاب:
Clarke, A. (1999). Clarke’s Commentary: Second Samuel (electronic ed.). Logos Library System; Clarke’s Commentaries (2 Sa 4:12). Albany, OR: Ages Software.
“ان هذه الحادثة اظهرت اخلاصه وايضاً الصرامة في أن اي خائن سيصيب اسره شاول بالشر سيكون عقابه رادعاً وحقق هنا داود القانون والعدالة.”
واشار كتاب:
Bergant, D., & Karris, R. J. (1989). The Collegeville Bible commentary: Based on the New American Bible with revised New Testament. Previously published in 36 separate booklets. (284). Collegeville, Minn.: Liturgical Press.
” ما فعله هو مثال على رفضه الاستيلاء على المملكة من خلال العنف صموئيل الثانية 1: 1 – 16. فتم تنفيذ عقوبة رادعة للرجلان “
وهذا ما اكده كتاب:
Brueggemann, W. (1990). First and Second Samuel. Interpretation, a Bible commentary for teaching and preaching (234). Louisville, Ky.: John Knox Press.
بسبب قراءة خاطئة لهؤلاء وعدم توقعهم رده فعل الملك داود. تم قتلهم فهم لم يفهموا الملك داود فهماً عميقاً فتوقعوا ان يفرح داود وان يعطيهم مكافأة. لكن بعقابهم أعلن داود ان اي اعتداء على ما يخص شاول لم يتم السماح به. فداود برئ من اي فعله وهذا ما تفرضه المسؤولية السياسيّة.
وكما أشرنا إلى انه لا يوجد دليل في النص ان داود امر بقطع ايديهم او ارجلهم لكن هذه كانت عادة لدى الاشوريين.
أشار كتاب:
Matthews, V. H., Chavalas, M. W., & Walton, J. H. (2000). The IVP Bible background commentary: Old Testament (electronic ed.) (2 Sa 4:12). Downers Grove, IL: InterVarsity Press.
قطع الايدي والارجل هي تشبه استخدام الاشوريين. لبث الرعب وتصنف انها من الافكار النفسيه ” كما وجد في جدران قصورهم الملكية “
ويجب ان نعلم ان داود لم يخطئ كما اشار كتاب:
KJV Bible commentary. 1997, c1994 (598). Nashville: Thomas Nelson.
فداود طبق من قتل يقتل وهذا هو القانون ويجب ان ينفذ.
واشار كتاب:
Radmacher, E. D., Allen, R. B., & House, H. W. (1999). Nelson’s new illustrated Bible commentary (2 Sa 4:12). Nashville: T. Nelson Publishers
بتعليق جثتهم على البركة تحذير كبير من عواقب هذه الاعمال الحمقاء والشريرة وأظهر داود احترامه لابناء الملك شاول ودفن ايشبوشث بشكل مكرم في قبر أبنير في حبرون.
فنجد أن داود فعل الأمر المناسب، فهو:
1-لم يتشفى في قتل ابن شاول الذي أذاقه المرار طيلة حياته.
2-عاقب الاثنين من الرجال ولم يفرح في قتل ايشبوشث بل اشمئز ودفنه بطريقة لائقة في قبر ابنير
3-ارتكبوا هؤلاء الرجال ثلاثة جرائم (1 –قتلهم لرجل اعزل 2- خيانتهم لهذا الرجل 3 – توقع مكافئة على جريمتهم) فبمنظور اليوم يعاقب على هذه التهم بالإعدام. لكن بمنظور ما قبل الميلاد وهمجية الشعوب لا يمكننا ان نحكم بمعايير اليوم ولا حتى القرن العاشر بل في نفس زمن الحادثة سنجد الوحشة في الشعور والحروب. فما فعله داود لهو أمر صحيح وواعي بضمير، فلو كان لديه دافع للإنتقام لكان اقام حفلاً.
4-بما فعله داود حمي اسرة شاول من اي اعتداء
5-لم يذكر الكتاب ان داود اوصى بتعليق الجثة في حبرون ولا تقطيع أياديهم وأرجلهم. بل اوصى بالقتل فقط حسب النص.
لكن ما مفهوم انه فعل المستقيم في عيني الرب ولم يحد الا في قصة اوريا الحثي.
دعنا نسأل المعترض هل بهذا النص داود لم يرتكب خطية طوال حياته ألا قضية اوريا الحثي؟ إذا كان المعترض يمتلك قدراً محدوداً من الذكاء لطرحه لهذه القضية ونسي ان داود انسان له ضعفاته. كأي انسان منا. فكماله كمال نسبي. وليس مطلق مثل الله.
لكن الله يستعمل تعبيرات بشرية لايصال المفاهيم للانسان الذي يفهم من خلال اللغة الانسانية ان داود فعل المستقيم النسبي فلا يستطيع ان يفعل المستقيم المطلق لأنه يختص بالله، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فهذا الفعل أيضاً صحيح لانه حكم قاضٍ عادل على من قتلوا، فأمر بقتلهم، فالأمر لا يختص بداود بل بالعدل، فإعتراض الأخ المسلم على هذه القضية يشبه إعتراض شخص في عصرنا هذا على أن قاض ما حكمَ على قاتل بالقتل، فهل حكم قاضي اليوم على قاتل بالقتل، هو أمر جيد أم سيء؟! بالطبع هو امر جيد لأنه صادر عن قاض وبحق مذنب إرتكب ذات العقوبة في هذا الزمن. فبرجاء قراءة النص في سياقه لمعرفة ملابسات القصة.
وليكن للبركة