الأجيال من آدم إلى ابراهيم – ومن وقت الخلق إلى الملكوت
من خفايا الكتاب المقدس: الأجيال من آدم الى ابراهيم ، ومن وقت الخلق الى الملكوت
العهد القديم هو العهد الجديد مخفيا ، والعهد الجديد هو العهد القديم مشروحا. هما مثل اليد والقُفاز او مثل المفتاح والقفل ،فكلاهما بمثابة فصلان لكتاب واحد.
سلسلة الأنساب من آدم الى ابراهيم.
آدم-אדם ◄ شيث-שת ◄أنوش-אנוש ◄ قينان-קינן ◄ مهللئيل-מהללאל ◄ يارد-ירד ◄ اخنوخ-חנוך ◄ متوشالح-מתושלח ◄ لامك-למך ◄ نوح-נוח ◄ سام-שם ◄ أرفكشاد-ארפכשד ◄ شالح-שלח ◄ عابر-עבר ◄ فالج-פלג ◄ رعو-רעו ◄ سروج-שרוג ◄ ناحور-נחור ◄ تارح-תרח ◄ آبرام-אברם وتحول الى ابراهيم-אברהם
لو سجلنا فقط أول حرف من كل اسم من اول آدم وحتى تارح أبو ابراهيم سنجد الآتي
النص : אשאקמיחמלנשאשעפרשנת
النص مُقسم لقطع مفهومة : [אשא קמי חמל : נשא שעפר שנת]
الترجمة : [أسامح المتمردين شفقةً ، يسامح الذين من التراب مرة ثانية]
هذة الجملة البسيطة تحوي في داخلها عمق كبير ، فهي تشرح حال البشرية مقسم لقسمين ، القسم الأول من آدم الى نوح، والقسم الثاني من نوح الى الكنيسة . ولكن كيف نرى هذا في مقطعي تلك الجملة!؟
◆ الجزء الأول: الخراب الأول و الشفقة الأولى.
لاحظ أن أول حرف في المقطع هو حرف (א) من كلمة (אשא- أسامح) ، وهو أول حرف في الأبجدية العبرية ويمثل دائما البداية (رؤ 21: 6) وهذا الحرف في المقطع يمثل آدم (אדם)، أيضا لاحظ أن آخر حرف في المقطع هو (ל) الموجود في كلمة شفقة (חמל- شفقةً) وهو يمثل لامك (למך) وهو والد نوح.
هذا المقطع يمثل مرحلة زمنية بدأت منذ آدم -صاحب أول خطية- وتنتهي بلامك وهو يمثل آخر جيل عاش على الأرض قبل الطوفان.
بدأت البشرية بآدم الذي اخطأ فسقط ، وبدأ من بعد سقوطه انتشار الشر، واصبحت طبيعة الانسان هي التمرد على الله بدلا من التبعية. كان الخراب الأول هو الطوفان ، وكانت الشفقة الأولى هي البقية المتبقية التي أبقاها الله من البشر وبالتحديد هم 8 أفراد والذين نجوا من الطوفان (تك 7: 1 ، 2بط 2: 5).
المحطة الوسيطة التي كانت ما بين آدم ولامك هو شخص اخنوخ (חנוך) وهو الجيل السابع من آدم ، وهو الشخص الذي حذر الامم في جيله واعلن ان الله سيأتي لحسابهم قريبا، وهم لم يلتفتوا (يهوذا 1: 14-16). سمى اخنوخ ابنه متوشالح (מתושלח) وهذا الاسم مركب يعني: “موته سيجلب” (تكوين 5: 21) وبالفعل فإنه في سنة وفاة متوشالح جلب الله الخراب الذي تنبأ عنه اخنوخ وهو الطوفان. وقت الطوفان لم يكن اخنوخ في الأرض وانما في السماء ، فهو بعدما دعا الناس للتوبة طوال حياته رُفِع للسماء (تك 5: 24).
الشفقة الاولى لم تطول إلا نوح واقرباؤه : ولكن لماذا نوح ؟ – هو آمن بالرب وبالعقاب الآتي الذي تنبأ عنه أخنوخ (2بط 2: 5).
◆ الجزء الثانى: الخراب الثانى و الشفقة الثانية.
لاحظ ان اول حرف في المقطع الثاني من الجملة هو (נ) في كلمة (يسامح- נשא) ،وهذا الحرف يعني في العبرية (بذر او نسل)، وفي المقطع هو يمثل اسم نوح (נוח) الذي هو بمثابة بذرة البشرية الثانية واستمراريتها من بعد الطوفان فهو رأس البشرية الثانية ، أيضا لاحظ أن آخر حرف في المقطع هو حرف (ת) الذي جاء في كلمة (שנת- مرة ثانية)، وهذا الحرف هو آخر حرف في الأبجدية العبرية ويرمز دائما الى النهاية.
في هذا الجزء يعلن الله عن مسامحة اخرى واخيرة ستأتي وهي الفداء ، وهذة المسامحة لن تطول كل البشر ايضا وانما ستطول فقط من يؤمن بالرب ويصدق الخراب الآتي على البشر الغير محميين بدم الفادي وهذة تمثل الشفقة الثانية.
المحطة الوسيطة التي هي ما بين نوح والنهاية هي شخص رعو بن فالج (تك 11: 18). وهو الشخص السابع من نوح ، في كل سلسلة النسب من نوح والى ابراهيم لم ترد معلومة عن حياة هؤلاء الأشخاص إلا عن فالج والد رعو وقال الوحي أن في ايامه قُسمت الأرض (تك 10: 25) وبالرغم من أن هذا ربما كان حدثا جيولوجياً في الأرض أو سياسيا بين القبائل بسبب إختلاف اللغات (تك 11: 8-9) ، إلا إنه ربما يعني أيضا أن الشر بدأ ينمو مرة أخرى وبدأت البشرية بالإنقسام من جديد ما بين متمرد وتابع للرب.
فالج هذا أنجب رعو (רעו) وهو لم يرد عنه في الكتاب المقدس شيئا سوى اسمه واسمه يعني رفيق أو صديق وهو أحد أسامي المسيح في العهد القديم (زك 13: 7 ، مت 26: 31) وبهذا فهو نموذجاً للمسيح ، كما أن بعض المفسرين وبناءاً على كتابات قديمة يقولون أن فالج أنجب أيضا ملكي صادق وهو لم يرد عنه أي شئ في الكتاب المقدس حتى اسمه! ، وما ورد عنه فقط هو كهنوته وملكه (تك 14: 18) وتكلم الروح على لسان داود النبي وبولس الرسول عن كونه نموذجاً للمسيح رئيس الكهنة وملك الملوك (مز 110: 4 ، عب 7: 1-3).
رعو باسمه وملكي صادق بهويته كلاهما معا يمثلان نموذجاً بشخص واحد وهو المسيح.
كان المسيح في الأرض مبشرا بالخلاص القادم وفي نفس الوقت مُحذِرا من الخراب الآتي على من لم يؤمن به (يو 3: 18). والغريب إنه من بين كل قصص العهد القديم التي كانت تشير للخراب الآتي فإن المسيح إستخدم مثالاً ونموذجا واحدا وهو قصة الطوفان واشار لمن حوله ان الخراب القادم سيأتي مثل الطوفان (مت 24: 36-44)، وظل يدعو الجميع للتوبة والرجوع حتى آخر أيام عمره على الأرض (مت 23: 37) ، ثم مات المسيح ورُفِع للسماء أمام الناس (اع 1: 9-11).
إذن كما كان اخنوخ هو الشخص المُحذِر والمتنبأ عن الخراب الآتي (يهوذا 1: 14-16)، فإن المسيح نفسه (مرموز له برعو أو ملكي صادق) هو الشخص المُحذِر والمتنبأ عن الخراب الآتي في آخر الأيام.
الشفقة الثانية لن تطول إلا الكنيسة : لماذا الكنيسة ؟ – لإنها من تؤمن بالرب الحقيقي وبالخراب الآتى على من لم يستمع لرسالة المسيح .
◆ الجزء الثالث: النهاية السعيدة.
نلاحظ أن الاسم التالي في الأنسال من بعد تارح هو إبرام (אברם) والذي غير الله اسمه الى ابراهيم (אברהם) (تك 17: 5) واسمه يعني “أب لجمهور من الناس” ، ابراهيم وهو أول من تلقى دعوة مباشرة من الله ووعد بشعب كبير يخرج منه (تك 17: 6-8)، لاحظ أن أول حرف من اسم ابرام او ابراهيم هو حرف الألف (א)
حرف الألف يشير للبداية ، ليست بداية ثانية كبداية نوح وانما بداية جديدة هي بداية الملكوت هي بداية ليس بعدها خراب او فساد، وكما غير الله اسم ابرام وهويته ودعاه ابراهيم ، هكذا بعد انقضاء الغضب الأخير سيغيرنا الله كما قال الرسول (1كو 15: 51-54) لننال جسد جديد وطبيعة جديدة ، وكما وعد ابراهيم بشعب منه يخرج ويكون شعب ينتمي للرب هكذا في وقت النهاية ، سيدعونا الرب بشعبه ويكون لنا أبا وإلها (رؤ 21: 3) ، تلك هي البداية الجديدة التي ننتظرها حيث لا يكون هناك بعد مكانا لخراب أو لفساد وسنعيش للأبد في نعيم (رؤ 21: 4).