الحديث عن انجيل يهوذا مرة أخرى | داريل بوك
الحديث عن انجيل يهوذا مرة أخرى | داريل بوك
عندما كنت في جمعية الدراسات الكتابية في سان دييغو، كنت أبحث في الكتب الصادرة حديثاً، ومن الكتب التي وقعت في يدي هو كتاب لمارفن مايرز الذي خصص حياته لترجمة الكتب المسيحية الأبوكريفية.
كان اسم الكتاب انجيل يهوذا: المجموعة النهائية للأناجيل و الاساطير التي تتكلم عن تلميذ المسيح غير المشهور، فاذا الكلام عن يهوذا لازال مستمرا، فلقد جَمعَ المؤلف مصادر مختلفة تتكلم عن يهوذا من بدايات القرن الثاني الى الثالث عشر، قائمة المصادر ليست نوعيّة او موسوعيّة بل تمثيلية، كان المؤلف يعرف التفسيرات الجديدة حول إنجيل يهوذا و التي قدمتها ابريل دي كونيك، تكلم ماير عن اعادة تقييم شخصية يهوذا في فصل يحمل عنوان اعادة فحص شخصية يهوذا، و قد قال فيه بان البحث عن يهوذا يلزمنا البحث في بدايات الكنيسة التي عرفت بتنوع ثقافاتها و تعدد اعراق المنتمين اليها حتى يومنا هذا، رغم ان ماير قد رجّح بان انجيل يهوذا قد كتب في منتصف القرن الثاني أي بعد كتابة العهد الجديد بعقودٍ.
في ردنا على هذه الاشياء المثارة حول هذا الأمر نقول بأنه بات هذا الانجيل لا يخبرنا عن اي شيء حول تاريخ الكنيسة الاولى، يدعي ماير بان القديس اريناؤس قسَّم الفرق المسيحية الى قسمين، الفريق الأول أسماه المؤمنين و الفريق الثاني أسماه الهراطقة، هذا الادعاء يتجاهل المصادر المسيحية الاولى التي تكلمت بخصوص نفس الموضوع اي الهراطقة و المؤمنين مثل رسالة بولس الرسول إلى غلاطية في القرن الاول و رسالة يوحنا الاولى الى تعود الى تسعينات القرن الاول، ان مسالة تقسيم الناس الى مؤمنين و هراطقة موجودة في الكنيسة الاولى قبل اريناؤس بكثير، يقول ماير بان يهوذا نَفذَ مشيئة المسيح بأن يسلمه الى المجمع اليهودي.
و لكن الكنيسة الاولى لم تقدر هذا الجهد، و لذلك إقترح ان نبني شخصية يهوذا من جديد تحت ضوء نصوص هذا الانجيل مع الاناجيل الاخرى، و في الصفحة 50 يشرح ماير نظرة النقاد و يعترف بان ما جاء على لسان المسيح بان يهوذا (سيتجاوز كل التلاميذ) هي قراءة صعبة للنص، و يقترح بأن هذا النص يستحق الدراسة و من الصعب التمسك بهذه القراءة دون تحفظ كبير عليها، لكنه يقترح بان هذه القراءة هي الاكثر منطقية، و لكن هذه النظرة لسياق النص تختلف عن سياق الكتابات الاخرى التي كتبتها نفس الفرقة التي كتبت انجيل يهوذا، يجب ان يقرأ النص في سياقه ليتم التعرف على مصير يهوذا بعد خيانته للمسيح، و يختتم ماير قائلا بان هذا الانجيل (أي إنجيل يهوذا الأبوكريفي) يُعدل من صورة يهوذا السلبية و يصفه بالتلميذ الذي أطلعه المسيح على اسرار الملكوت و الذي نفذ مشيئته.
لا زال النقاش حول شخصية يهوذا الحقيقية مستمرا، شخصية يهوذا في هذا الانجيل يثبت كلام القديس اريناؤس عنه وعن الفرقة التي كتبته، لازالت النظرة العامة لشخصية يهوذا سلبيه رغم جهود الطرف الاخر لتحسينها، وفي النهاية أحب ان اقول ان نصوص هذا الانجيل لا تدعم الكثير من ادعاءات ماير، كما انه رغم تنوع الفرق المسيحية الا انه لم تظهر اي فرقة تدعي بأفضلية يهوذا عن التلاميذ في القرن الاول الميلادي.