هل تنبأ داود النبي عن قيامة المسيح؟
هل تنبأ داود النبي عن قيامة المسيح؟
هل تنبأ داؤد النبي عن قيامة المسيح؟
المسيحية والقيامة تقومان معاً وتسقطان معاً. فلو لم يكن المسيح قد قام من الموت فلا مسيحية بعد. قال الرسول بولس: “إن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضاً إيمانكم “1كورنثوس 15: 14” وعندما اجتمع التلاميذ لاختيار بديل عن يهوذا كان الشرط الوحيد لهذا الشخص هو أن يكون شاهداً بقيامة المسيح
المسيحية والقيامة تقومان معاً وتسقطان معاً. فلو لم يكن المسيح قد قام من الموت فلا مسيحية بعد. قال الرسول بولس: “إن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضاً إيمانكم”1كورنثوس 15: 14″ وعندما اجتمع التلاميذ لاختيار بديل عن يهوذا كان الشرط الوحيد لهذا الشخص هو أن يكون شاهداً بقيامة المسيح “اعمال الرسل 1: 22″ وقد كانت قيامة المسيح من الموت هي المحور الأساسي لكرازة التلاميذ.
وفي هذه المقالة سنناقش نبوة داود النبي عن قيامة المسيح والاعتراضات المثارة. إذ نتصفح العهد القديم من تكوين إلى ملاخي نجد الكثير من النبوات عن المسيح. وقد سبق وأوضح لنا المسيح أهمية معرفة هذه النبوات بقوله: “فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهي التي تشهد لي” (يوحنا 5 : 39) وأيضا قوله لتلاميذه: “هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم. إنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث“لوقا 24: 44– 46”
وقد جاء في العهد الجديد حوالي 280 اقتباساً من سفر المزامير منها 50 اقتباساً حول آلام المسيح وقيامته وصعوده إلى السماء وانتشار الإنجيل إلى جميع الأمم، وقد جاء منها أن:
- المسيح كان محتقراً “مزمور 22: 6، 69: 19– 21″
- ومرفوضاً “مزمور 118: 22″
- وكانوا يهزؤون به “مزمور 22: 7 و8، مزمور 89: 51“
- وقد جلد “مزمور 129 :3”
- وتعرض للسخرية “مزمور 69: 8 و20″
- وعلق على الصليب “مزمور 69: 20 – 21″
- وألقيت القرعة على لباسه “مزمور 22: 18″
- وواحدة من عظامه لا تنكسر “مزمور 34: 21″
- وقام من بين الأموات “مزمور 16: 10″
- وصعد إلى السموات “مزمور 18: 16”
- وهو يجلس عن يمين الله “مزمور 110: 1،0 8: 27”
- وهو رئيس كهنة “مزمور 110: 4”
- وهو سيد بين الأمم “مزمور 89: 3– 5”
- وملكوته أبدي “مزمور 89: 10″
- وهو مبارك إلى الأبد “مزمور 45: 1– 4، 8و 18″
- وسيأتي في مجده في الأيام الأخيرة “مزمور 102: 16– 22”
والنبوة الواضحة عن قيامة المسيح جاءت في مزمور 16 “لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولن تدع تقيك يرى فساداً”مز 16: 10″ وهذا النص يعني أن الآب لن يدع جسد المسيح يرى فساداً ولن يسمح ببقائه في حالة الموت بل سيقيمه، وهذا ما حدث فعلاً، فبعد موت المسيح ودفنه قام في اليوم الثالث. وقد أكد الرسول بطرس في عظته لليهود– الذين كانوا يعرفون هذه النبوةأن المقصود بها هو المسيح فقال:
“هذا أخذتموه مسلماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه الذي أقامه الله ناقضاً أوجاع الموت إذ لم يكن ممكناً أن يمسك منه لأن داود يقول فيه كنت أرى الرب أمامي كل حين انه عن يميني لكي لا أتزعزع لذلك سر قلبي وتهلل لساني حتى جسدي أيضاً سيسكن على رجاء لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قديسك يرى فساداً عرفتني سبل الحياة وستملأني سروراً مع وجهك.
أيها الرجال يسوغ أن يقال لكم جهاراً عن رئيس الآباء داود أنه مات ودفن وقبره عندنا حتى اليوم فاذا كان نبياً وعلم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه سبق فرأى وتكلم عن قيامته المسيح أنه لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فساداً فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعاً شهود لذلك”
اعمال الرسل 2: 22: 32″
إعتراض :
إن مزمور 16 هو عبارة عن صلاة لرجل تقي يعترف فيها بإيمانه بالله ويعلن ثقته أن الرب هو ساعده الأيمن ولذلك يستطيع أن يفرح ويتيقن أنه لن يترك في الهاوية ولن يترك للفساد ولكنه سيفرح في حضرة الرب.
والرسول بطرس يحاجج مستمعيه من اليهود أن المزمور لا يمكن أن يؤخذ باعتباره يشير إلى داود نفسه لأن داود قد مات ودفن وقبره معروف لهم وهذا دليل على أن جسده قد تعرض للفساد وأنه ترك في الهاوية ولذلك لم يكن داود يتحدث عن نفسه ولكن لأنه نبي فهو يتحدث حديثاً نبوياً وما تنبأ به قد تم في المسيح يسوع وقد قام المسيح من الموت لأنه من المفترض أن لا أحد سواه يتوقع أن يقوم من الموت قبل القيامة العامة.
وقد اعترض الأستاذ سامي عامري على هذا المزمور وعلى تفسير الرسول بطرس “اعمال الرسل 2: 23– 32” وأيضاً تفسير الرسول بولس “اعمال الرسل 13: 35– 37” وقال:
لا توجد أية إشارة إلى شخص المسيح أو قتله أو قيامته من الموت أو اليوم الثالث في هذا المزمور.
إن الألفاظ هنا عامة لا يمكن تقييدها بمعنى خاص إلا بقرينة، ولما كانت هذه القرينة مفقودة فإننا نرفض حرف ألفاظ هذا المزمور إلى غير معناها الظاهر
ان التركيبة السياقية والزمانية لهذا المزمور تمنع إسباغ حالة تنبئة عليه، إذ السياق لا يحمل على الاعتقاد بأن الكاتب يتحدث عن المستقبل، كما أن الأفعال فيه قد جاءت في صيغة الماضي، مما يأخذ بالقارئ إلى الاعتقاد بأن الحديث عن الأمور الماضية لا عن أمور لم يأزف زمانها بعد.
بدأ هذا المزمور بـ “احرسني يا الله فيك احتميت. أقول للرب: أنت سيدي. هذا القول لا يمكن أن يصدر عن “يسوع المؤلمة” كما هو التصور العقدي النصراني لذات المسيح. وقد جاء العدد 11 “عرفني سبل الحياة” وهذا لا يستقيم مع قول المسيح “أنا هو الطريق والحق والحياة” (يو14: 16). فهل المسيح هو الطريق والحق والحياة، أم أن الله قد عرفه الطريق والحق والحياة؟
إن بطرس وبولس استشهدا بكلمة من المزمور 16 ظناً أنها تؤيد زعمهما في قيامة المسيح وهي “الفساد”، وقد استعملا هذه الكلمة ليثبتا أن جثة المسيح لم تفسد أي لم تتحلل ولم تتعفن. وإنما قام المسيح من الموت بدل أن يلحق جسده فساد.
إن كلمة “فساد” التي جاءت في مز 16: 10 أصلها العبري “شاهدت” وهذه الكلمة تعني “حفرة” أو “قبر” وقد جاء ذكر كلمة “فساد” فقط أربع مرات في ترجمة الملك جيمس (أي17: 14، مز16: 10، 49: 9، يون2: 6) وقد اختارت تراجم عدة حديثة وضع كلمة “حفرة” بدل فساد.. وبالتالي تسقط حجة بطرس وبولس في استشهادهما بمزمور 16 لاستشهادهما بنص محرف” (قيامة المسيح بين الحقيقة والخرافة، سامي عامري، ص315318)
الإجابة :
لقد أثبتنا أعلاه أن ما جاء في مزمور16: 10 نبوة عن المسيح، تنبأ بها داود وأعلن بطرس وبولس بوحي من الروح القدس اتمامها بقيامة المسيح من الموت.
إن الاعتراضات التي يسوقها سامي عامري، هنا نتيجة عدم فهم لمفهوم النبوة وسأضع أمام القارئ بعض الملاحظات الهامة عند تفسير النبوة وهي كافية للرد علي اعتراضاته السابقة:
أ-النبوة في مفهومها الحقيقي هي رسالة يحملها النبي للشعب وتذكر بطريقتين:
الأولى: الطريقة المباشرة: وتتلخص في الحث والدعوة والتوبيخ والتصحيح والتعليم.
الثانية: الطريقة غير المباشرة: بالكلام عن المستقبل والإخبار بحوادث آتية.
بإن لغة النبوة غالباً غامضة، ولا يمكن تفسيرها إلا في ضوء المضمون الكامل لكلمة الله. وفي الغالب تستعمل اللغة المجازية، ويكثر فيها الرمز.
استعمال لغة الماضي والحاضر رغم أنها نبوة تتحدث عن المستقبل، وهذا هو الاستعمال الشائع في الكتاب المقدس، وهذا يبين أن الحادث المتنبأ عنه مؤكد إتمامه.
بعض النبوات لها أكثر من إتمام، وهذا يعني ان النبوة قد يتكرر إتمام الفكرة الأساسية فيها ولكن بتفاصيل قد تختلف كل مرة. في النبوة فكرة رئيسية سوف تتم فقط، ففي مزمور 16 عدد 10 هو الفكرة الرئيسية وباقي الأصحاح لا علاقة له بالمسيح.
اذا طبقنا هذه الأساسيات على مزمور 16 كنبوة عن المسيح نجد أن اعتراضات سامي عامري لا أساس لها من الصحة، فالنص نبوة عن المسيح رغم عدم ذكر اسم المسيح، ومكتوب بصيغة مستقبلية لأن الهاوية– حسب الفكر اليهودي والمسيحيهي مكان انتظار أرواح الموتى، وداود عندما كتب هذا المزمور لم يكن قد مات بعد، وكون أن الألفاظ جاءت في صيغة الماضي فهذا هو أسلوب النبوة لتأكد إتمامها في المستقبل وكون أن هناك بعض العبارات التي لا يمكن أن تنطبق على المسيح فهذا لأن ما ينطبق على المسيح ليس كل المزمور بل فقط عدد 10.
لقد سقط المؤلف في خطأ بقوله إن كلمة “فساد” تترجم قبراً أو حفرة لأن المقصود فعلاً هو كلمة “الهاوية”، وكلمة الهاوية تعني مكان انتظار أرواح الموتى، والمسيح كإنسان له روح إنسانية مكثت في الهاوية حتى اليوم الثالث عندما قام المسيح من الموت، وإذا افترضنا– حسب قول المؤلفأنها تعني الحفرة أو القبر فالمسيح قام بالجسد من القبر في اليوم الثالث ولم ير جسده فساداً ونحن نؤمن بذلك حسب ما جاء في كلمة الله أن المسيح قام بالحقيقة قام.
وكل عام وأنتم بخير
المراجع:
- تفسير سفر أعمال الرسل، هوارد مارشال
- علم التفسير، د. فهيم عزيز
- المسيح في العهد القديم، ريستونتالا
- قيامة المسيح بين الحقيقة والخرافة، سامي عامري
د. فريز صموئيل – جريدة الطريق والحق