ناسوت ولاهوت يسوع المسيح
ناسوت ولاهوت يسوع المسيح
ناسوت ولاهوت يسوع المسيح
ان الايمان المسيحي يحمل في نفسه دائما الدليل والبرهان لصحته، وهذا الايمان يعلنه الروح القدس للنفس البشرية . ليس لانه ضد العقل بل لانه اسمى من العقل.وصلتنا رسالة من صديق يسأل فيها عن لاهوت المسيح وتجسده كابن الانسان ، ووجدنا انه من المهم أن كتب ما قيل في هذا الصدد تعميما للفائدة
وصلتنا رسالة من صديق يسأل فيها عن لاهوت المسيح وتجسده كابن الانسان ، ووجدنا انه من المهم أن كتب ما قيل في هذا الصدد تعميما للفائدة. أود الاشارة الى ان الايمان المسيحي يحمل في نفسه دائما الدليل والبرهان لصحته، وهذا الايمان يعلنه الروح القدس للنفس البشرية . ليس لانه ضد العقل بل لانه اسمى من العقل. مثلاً هب انك ذهبت بالزمن للخلف مائتي عام واخبرت احد الناس الذين يعيشون في تلك الحقبة من الزمن انه يمكنك الحديث والكلام مباشرة بالصوت والصورة مع شخص يبعد عنك الاف الكيلومترات فهل يصدقونك؟ كلا بل غرابة ان كانوا يتهمونك وانه صابك مس من الجنون. لماذا ؟ لانك تتحدث من عالم آخر عالم لا يفهمونه! هكذا نحن الان نتحدث عن عالم اللاهوت وهو عالم مختلف تماما عن عالمنا فليس هناك أي تشابه بين الأثنين . لذلك لابد ان تفرق بين شيئين هامين هما :
اولا الحقائق اللاهوتية اسمى من العقل :
اي ان العقل لا يستطيع ان يحكم اذا كان هذا صحيحا ام لا لأنه لم يدركه الى الان. اي ان هناك حقيقة جوهرية لم يستيطع العقل ان يصل الى تحليلها تحليل جيد. فهل تعلم مثلا ان رغم كل الاختراعات البشرية لكن تقريبا لا يفهم الانسان تسعون بالمائة من كل الاشياء التي من حوله حتى التي في جسده نفسه ؟ فانت لا تفهم كيف تعمل الجاذبية ولكنك مؤمن بها . ولا تفهم كيف تم اختراع التليفزيون ولكنك تستعمله .
ثانيا أمور الله لا يمكن قياسها بالمنطق البشري:
لقد خلق الله ادم من التراب وايضا تفل المسيح في الطين وبه فتح عيني الاعمى. شق البحر امام شعبه وعبر بهم الامر الذي لم شرع فيه المصريون غرقوا. اجتاز مع الفتيه الثلاثة في اتون النار وامر بطرس ان يمشي فوق الماء واشبع الالاف بخمس خبزات وسمكتين. انها قدرة الله وقوته التي لا يمكن وضعها تحت الميكرسكوب البشري لان امور الله تختلف عن معايير البشر. ورغم أن بعض امور الله قد تظهر لنا وكانها غير منطقية لكن طبقاً للمعايير الالهية فهي منطقية جداً!
اين الان روح ونفس الرب يسوع التي لازمته اثناء تجسده ؟
ان لاهوت المسيح لم ينفصل عن ناسوته سواء قبل موته على الصليب او بعد قيامته من الاموات . لانه لو كان هناك اي نوع من الانفصال . فان امر (التجسد ) لا يكون صحيحا . بل فقط يكون هناك نوع من انواع (الحلول) . اي ان كل ما حدث هو (حلول اقنوم الابن في جسم بشري وعند انتهاء المهمة رجع الاقنوم الالهي لوضعه وكذلك الجسم الانساني) . وهذا التعريف بجانب انه خاطئ الا انه ايضا خطير. لسبب بسيط . الم يحل الروح القدس على انبياء في العهد القديم ؟ بالتاكيد نعم .
الم يحل الروح القدس على الكنيسة في العهد الجديد ؟ بالتاكيد نعم . اذا لو آمنا ان ما حدث للمسيح كان مجرد حلول لكان لزاما علينا ان نؤمن ان كل شخص حل عليه اقنوم الروح القدس يكون الها هو الاخر! لكن الذي حدث للمسيح هو (تجسد) اي اتحاد تام وكامل بين لاهوت المسيح وناسوته بدرجة انك لا تفرق بينهما . مثل اتحاد النار بالحديد لدرجة انك ترى الحديد مشتعل ولكنك تبحث عن النار لا تعرف اين هو موضعها من الحديد. بل النار اتحدت بكل خلية في الحديد . هكذا التجسد. فمن الطبيعي ان لا يحدث اي انفصال للاثنين حتى بعد القيامة .
هل يعني ذلك أنه تم تأليه ناسوت المسيح لانه موجود الان في السماء؟
بالتاكيد هذا كلام خاطئ. دعني اعطك تشبيهاً، هب انك حاضرا في جلسة لاحد الرؤساء وتتقدم لتحيته . فهل انت تعطي التحية لبدلة الرئيس ام للرئيس نفسه؟ هل تعطي التحية لجسم الرئيس ام لروحة أم لنفسه؟ إن كان الانسان لا يتجزأ هكذا الله! إن الناسوت الذي اتخذه المسيح كان موجودا في ترتيب الله ومشيئته منذ الازل وأن خطة الفداء والتكفير عن أثام الانسان وسقطته هي خطة الهية بترتيب ازلي! هذا ما تعلنه كلمة الله بكل وضوح:
اولا يخبرنا الكتاب المقدس عن المسيح الاتي :كولوسي-1-15: الذي هو صورة الله غير المنظور، بكر (رئيس) كل خليقة. فالكتاب المقدس يخبرنا ان المسيح هو (صورة الله) بمعنى انه هو الذي يعلن عن جوهر الله الذي لا يراه احد حتى الملائكة . اي ان الله عندما يرغب في اظهار نفسه لاحد من مخلوقاته يظهر في صورة (المسيح) لذلك تحدث الكتاب المقدس صراحة عن ذلك وقال : يوحنا-1-18: الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر.(اعلن) والكثير من الايات التي تتحدث عن ان الله يعلن نفسه في هذه الصورة .
ثانيا وجود المسيح ازلي فهو موجود قبل ولادته واشار اليه الكتاب المقدس مرات عديدة كما تحدث هو بنفسه عن ازلية وجوده: تكوين-1-26: وقال الله: ((نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض)). تكوين-1-27: فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم. مرتين يتحدث الله على انه خلق الانسان على صورته . اي ان هناك صورة لله خلق عليها الانسان.
وهذه الاشارات يقصد بها المسيح الذي هو صورة الله ورسم جوهره. ومن الشواهد السابقة نعرف ان صورة الله هو (المسيح) . لذلك كثيرا ما نجد المسيح في الاناجيل يتحدث عن ازليته. يوحنا-8-58: قال لهم يسوع: ((الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن)).كما يصرح المسيح بكل وضوح قائلاً:يوحنا-17-5: وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.هذا وتمتلئ صفحات العهد القديم والجديدة عن النبوات التي تحدثت عن ازلية المسيح وعن الوهيته .
ان المسيح بتجسده لم يضيف شيئا جديدا للاهوته، لان لاهوته كما شرحنا قائم هكذا منذ الازل وهو صورة الله التي أعلن نفسه بها وظهر بها للملائكة او سائر الخليقة أو البشر. بل وعندما خلق البشر خلقهم على نفس هذه الصورة وعندما يريد الله في اي وقت من الزمان ان يعلن نفسه للبشر من خلال الرب يسوع. وتتعدد ظهورات الرب يسوع في العهد القديم للانبياء مرات عديدة ومتكررة بشكل واضح لا لبس فيه.
وفي الابدية حينما يرغب الله ان يعلن نفسه لنا سوف يظهر لنا في صورة ابنه المسيح. ولكن سيظهر في مجده وليس بتواضعه كما ظهر اثناء التجسد . اي بجسد قيامته وليس قبل القيامة. عندما طبعت احدى صور ابنتي رأيتها جميله جدا لذلك طبعت منها الكثير . هكذا فعل معنا الله . انت على صورة الله اي انك نسخة من المسيح . فهل تعلم كم يحبك لدرجة انه صنعك على شكل نفسه ؟ الصورة التي يحبها صور منها الكثير وانت احد هذه الصور فهل تعلم كم انت محبوب لديه؟
نلخص القول: ان روح ونفس المسيح الان في السماء. لم يحدث اي اضافة او نقص في ذات المسيح بعد صعوده من الارض . فصورة المسيح هي تلك الصورة التي يعلن الله بها عن نفسه باستمرار سواء قبل الخلق البشري او بعده. يتصور البعض ان روح ونفس المسيح انسانية بشرية وقولنا ان المسيح في السماء الان بهما (بصفته روح ونفس بشرية) يعني أننا نشرك بالله لاننا جعلنا من البشر الهاً. وان قلنا انه لا وجود لهما الان تنتهي قصة الصليب والقيامة والتجسد .
مع أن هذا التسلسل يظهر وكانه منطقي لكنه في حقيقة الامر غير منطقي لانه يتحدث عن (حلول) وليس تجسد . وقد وضحنا الفرق بين الاثنين. ايضا يتحدث من منطلق (تأليه البشر) وهذا مرفوض لدينا . فالمسيح تجسد في صورة معروفة لدى الله منذ الازل وكان يعلن نفسه بها للملائكة قبل خلق البشر ثم خلق البشر على نفس الشكل وظهر لهم في العهد القديم بنفس الشكل وتجسد في نفس الشكل واخيرا عندما نذهب الى السماء سوف نرى الله من خلال المسيح (صورة الله – اعلان الله ) ولكن في مجده وليس في تواضعه .
اترك معك قول الوحي في رسالة فيلبي اصحاح 6:2-11الذي اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس. واذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله ايضا واعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض ومن تحت الارض ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو رب لمجد الله الاب.
ونبوة اشعياء النبي عن المسيح قائلاً: (اشعياء 6:9) “لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. “
اعداد خادم الرب/ اميل منصور
- انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان
- مختصر تاريخ ظهور النور المقدس
- هل أخطأ الكتاب المقدس في ذِكر موت راحيل أم يوسف؟! علماء الإسلام يُجيبون أحمد سبيع ويكشفون جهله!
- هل الله يتغير؟ وهل يعبد المسيحيون الجسد؟ – المذيع المسلم يذيعها مدوية: أنا لا أعرف شيء
- عندما يحتكم الباحث إلى الشيطان – الجزء الأول – ترتيب التجربة على الجبل ردًا على أبي عمر الباحث