السؤال 76 هل قال عيسى لتلاميذه وأتباعه، إنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي؟ وأنه إله كامل وإنسان كامل؟
السؤال 76 هل قال عيسى لتلاميذه وأتباعه، إنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي؟ وأنه إله كامل وإنسان كامل؟
أخرج الشاهد من أقوال المسيح :
هل قال عيسى لتلاميذه وأتباعه، إنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي؟ وأنه إله كامل وإنسان كامل ؟ أيَّد إجابتك بالأدلة النقلية من الكتاب المقدس على لسان المسيح !
الإجابة
بادئ ذي بدء، لم يقل المسيح أنه يتكون من جزء لاهوتي وجزء ناسوتي, وكذلك نحن لا نجزئ المسيح, ولكننا فهمنا من الكتاب المقدس أن المسيح هو كلمة الله.
ثم أن المسيح لم يأتِ ليجذب أنظار الناس إليه بالمعنى الدارج. فعندما كان يصنع المعجزات، كان يوصي الناس بعدم الكشف عن هويته، لسبب سوف أذكره أدناه. حتى عندما كانت الشياطين تخرج من الأشخاص الذين تسكنهم، كانوا يصرخون في عدة مواقع في العهد الجديد بأنهم يعرفون هوية يسوع، لكن كان الرب يسوع المسيح له كل المجد ينتهرهم.
وحتى على المستوى الضيق، مع تلاميذه. اقرأ معي ما جاء في متى 16: 13-14 “13 وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً:«مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» فَقَالُوا:«قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ».”
لكنه عاد وسألهم في متى 16: 15 قَالَ لَهُمْ:«وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» “فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ:«أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!».” ثم رد الرب يسوع على بطرس في متى 16: 17 ” … طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” لكننا نجد أمراً غريباً بعد هذا الحديث مباشرةً، حيث يقول الرب يسوع المسيح له كل المجد بفمه الطاهر في متى 16: 20 “حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ.”
فترى أن الرب يذهب من مكان إلى آخر ليكرز بالتوبة للناس، لكي يتوبوا عن خطاياهم استعداداً للدخول إلى الملكوت. اقرأ معي ما جاء في بشارة لوقا 5: 12-16 “وَكَانَ فِي إِحْدَى الْمُدُنِ، فَإِذَا رَجُلٌ مَمْلُوءٌ بَرَصًا. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ قَائِلاً:«يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً:«أُرِيدُ، فَاطْهُرْ!». وَلِلْوَقْتِ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ. فَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ «امْضِ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ». فَذَاعَ الْخَبَرُ عَنْهُ أَكْثَرَ. فَاجْتَمَعَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ لِكَيْ يَسْمَعُوا وَيُشْفَوْا بِهِ مِنْ أَمْرَاضِهِمْ. وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَعْتَزِلُ فِي الْبَرَارِي وَيُصَلِّي.”
كما أن هناك أمراً في غاية الأهمية, فقد جاء السيد المسيح الكلمة المتجسد من أجل دعوة الناس للإيمان. فكيف يمكن أن يتم امتحان تجاوب الناس مع دعوة السيد المسيح؟ وفي رأيك لو كان المسيح قد قال علانيةً وفي كل مرة يتحاور فيها مع اليهود الموحدين (الذين يؤمنون بوحدانية الله)، لو قال إني الله فاعبدوني، هل كانوا سوف يسكتون على كلامه؟ بالطبع لا، ولنا في العهد الجديد موضعان على الأقل فهم فيهما اليهود كلام السيد المسيح تمام الفهم، فاتهموه بالتجديف وأرادوا أن يرجموه (أنظر يوحنا 8: 58-59؛ 10: 30-31).
ثم لا تنس أن السيد المسيح له كل المجد جاء في إرسالية وضمن مخطط إلهي هدفه إنقاذ البشرية ببساطة الكلمة، وللأشخاص الذين هم بحاجة إلى خلاصه. لذلك قال في متى 9: 13-14 “12 ” …«لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».” ولهذا السبب عينه قال الرب يسوع المسيح له كل المجد في متى 21: 42-44 “… أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا! لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!»”
إذاً جاء السيد المسيح ليُعلِن خطة الله لخلاص الجنس البشري، فمن آمن نال الخلاص والحياة الأبدية وأصبح من خاصة السيد المسيح، أما من لا يؤمن، فينطبق عليه القول السابق، أن الحجر ممكن أن يسقط عليه فيسحقه، أو أن يسقط هو على الحجر فيترضض. ومن له أذنان للسمع فليسمع.
ولكن كيف نعرف أن للمسيح طبيعتين إلهية وبشرية؟!.
بالنسبة للطبيعة البشرية، فأنت بارع في تأكيدها لذلك سوف لن أبذل مجهوداً لتوضيح ذلك، لكني سوف أنبر عليها كلما دعت الحاجة. أما بالنسبة للطبيعة الإلهية, فنجد أول إعلان صريح عن هوية السيد المسيح السماوية في إنجيل يوحنا 1: 1-5، “في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ”
ثم نقرأ في يوحنا 1: 14 “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.” وهنا لابد من الرجوع للنص اليوناني لفهم معنى العدد الأول والعدد الرابع عشر بشكلٍ سليم.
ففي العدد الأول، يستخدم البشير يوحنا بوحي من الله فعل الكينونة (الفعل الرابط) “أيمي” في الزمن الماضي المستمر. انتبه إلى النص أعلاه في العدد الأول لأني وضعت خطاً واحداً تحت فعل الكينونة، حيث تم ترجمته إلى “كانَ”. هذا يعني أن الكلمة كان في حيز الوجود قبل البدء لأن الجملة خبرية، فيها مبتدأ الذي هو الكلمة، وفيها ما يوضح أمور محددة عنه وردت في شبه الجملة “في البدء”، وباستخدام فعل الكينونة، يقول البشير عندما ابتدأ كل شيء، كان الكلمة موجوداً، وبحسب سياق النص حيث يتكلم أن به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان، يتضح أن المقصود هو قبل وجود أي شيء مخلوق، كان الكلمة، الأقنوم الثاني، موجوداً.
ثم ينتقل إلى الشطر الثاني من الآية الأولى ليقول لنا البشير مكان تواجد هذا الكلمة، فيقول أنه كان عند الله. ولكي ينفي تعدد الآلهة، يقول لنا البشير يوحنا في الجزء الثالث من الآية الأولى، أن هذا الكلمة كان الله. يؤكد لنا هذا الأمر في الآية 14، حيث يذكر بأن الكلمة صار جسداً. ولاحظ هنا، حيث أن كلمة “صار” هي أيضاً فعل كينونة (فعل رابط) لكنه يختلف عن الفعل السابق. هذا الفعل هو “جينوماي” هنا حرف الجيم هو الجيم المصرية. ومع أن هذا الفعل جاء في الزمن الماضي، لكنه ليس الماضي المستمر بل الماضي البسيط، لكي يوضح لنا البشير يوحنا، أن الكلمة لم يكن دائماً جسداً، ولكنه في لحظة معينة من الزمن أضاف إلى طبيعته السرمدية الإلهية، أضاف جسداً، والإضافة هنا هي بمعنى الاتحاد.
فيكون البشير يوحنا قد استخدم فعلين رابطين، أحدهما في الزمن الماضي المستمر (ليتحدث عن أزلية الكلمة)، والثاني فعل رابط آخر ومختلف عن الأول (ليتحدث عن تجسد الكلمة). فيكون المعنى، أن الكلمة الأزلي (يوحنا 1: 1) في لحظة من الزمن (يوحنا 1: 14) أصبح بشراً سوياً.
أعتقد أن هذا يكفي لتأكيد الألوهية، على الرغم من أنه يوجد الكثير من التأكيدات، ولكني سأكتفي بهذا ولننظر في سؤال جديد.