من هو الكاهن الذي قتله اليهود في بيت الرب؟ عماد حنا
(( وَلَبِسَ رُوحُ اللَّهِ زَكَرِيَّا بْنَ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ فَوَقَفَ فَوْقَ الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ: [هَكَذَا يَقُولُ اللَّهُ: لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصَايَا الرَّبِّ فَلاَ تُفْلِحُونَ؟ لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الرَّبَّ قَدْ تَرَكَكُمْ]. 21فَفَتَنُوا عَلَيْهِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ بِأَمْرِ الْمَلِكِ فِي دَارِ بَيْتِ الرَّبِّ.)) أخبار الأيام الثاني 24عدد 20
((لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هَذَا الْجِيلِ! )) متى 23عدد 35-36
لقد أخطأ الكاتب بين زكريا إبن يهوياداع الكاهن الذي قتل (أخبار الأيام الثاني 24عدد 20-22) وبين زكريا إبن برخيا (زكريا 1عدد 1، 7).
انظر هامش إنجيل متى صفحة 6-11 من الكتاب المقدس ( Einheitsübersetzung )
الإجابة
يجب ألا يغيب عن أذهان القارئ أن ما يكتبه البشير قد كان مفهوماً تماماً لقراء زمنه ومستلمي بشارته. مع ذلك سوف أسرد لك على الأقل رأيين عن هوية زكريا بن برخيا الذي ذكره متى على لسان السيد المسيح له كل المجد.
لذلك أقول إن زكريا بن يهوياداع هو نفسه زكريا بن برخيا المذكور في إنجيل متى وإليك الأسباب:
بالنسبة للرأي الأول: فبحسب التقسيم العبري لأسفار العهد القديم، وضع اليهود هذه الأسفار ضمن ثلاثة مجموعات: الأولى هي الناموس، الثانية هي الأنبياء، والثالثة هي الكتابات. عندما ذكر السيد المسيح هابيل وزكريا، فالأول قد ورد ذكره في أول أسفار العهد القديم والذي هو ضمن المجموعة الأولى، أي الناموس؛ أما اسم زكريا فقد ورد في سفر أخبار الأيام الثاني والذي كان آخر سفر في العهد القديم والذي يقع ضمن المجموعة الثالثة، أي الكتابات.
ما يريد أن يقوله السيد المسيح، إن الكتبة والفريسيين الذين كان يحاورهم، هم أبناء الذين قتلوا الأبرار، من دم هابيل إلى دم زكريا بن برخيا. وهنا على الأغلب أن رئيس الكهنة الوارد ذكره في سفر الأخبار كان له اسمان، الأول يهوياداع، والثاني برخيا. فيكون متى قد استخدم اسم برخيا وسفر أخبار الأيام الثاني استخدم اسم يهوياداع. هذا وارد لأن كلا الاسمين لهما معانٍ قريبة، فيهوياداع يشير إلى “الرب يعرف” وبرخيا يُشير إلى ” الرب يبارك.”
وهذان الاسمان ينطبقان على يهوياداع الكاهن أثناء خدمته قبل وبعد تنصيب يوآش ملكاً (راجع سفر أخبار أيام الثاني 23-24). فقبل تنصيب يوآش ملكاً كان عالماً بكل نوايا الملكة الشريرة عثليا، فاسم يهوياداع يعكس معرفة الرب بهذه الأمور. وبعد تنصيب يوآش ملكاً تم تقديم البركة للرب وهي إشارة إلى بركة الرب التي كان يبارك بها رئيس الكهنة الشعب والملك.
هذا الأمر ليس بجديد (أن يكون للشخص اسمان)، فلاحظ مثلاً، حمو موسى كان له اسمان، الأول رعوئيل (خروج 2: 18؛ عدد 10: 29)، والثاني يثرون (خروج 3: 1؛ 4: 18؛ 18: 1). وجدعون في سفر القضاة كان له اسمان، جدعون ويربّعل (قضاة 6: 11، 32؛ 8: 29، 35).
أما الرأي الثاني فيقول أن متى يذكر اسم برخيا الجد وليس الأب المباشر. وهذا ليس بغريب على متى حيث ورد مثل هذا الأمر في سلسلة نسب المسيح التي أوردها في الأصحاح الأول. تماماً مثلما يقول أن المسيح هو ابن داود وبينهم أجيال.
تذكر أن مريم في القرآن هي بنت عمران. وتاريخياً هذا خطأ فادح لأن بين مريم أم يسوع المسيح وموسى حوالي 1500 سنة. فعند طرح هذا السؤال على العلماء المسلمين الأفاضل، قالوا أن هذه البنوة هي بحسب العشيرة والمولد. أنا لا أوافق على هذا الرد، ولكني أطرحه لمجرد الافتراض بصحته من أجل الحديث الدائر بيننا كتابياً.
لنعد إلى سؤالنا، ونقول أن الدليل الأساسي الذي يؤكد أن المقصود بزكريا بن برخيا في متى 23: 35 هو نفسه الوارد ذكره في أخبار أيام الثاني 24: 20. هو تشابه الحدث، فيذكر متى على لسان السيد المسيح بأن زكريا قُتِلَ بين الهيكل والمذبح. وفي سفر الأخبار يُذكَر بأنه قُتِلَ في دار بيت الرب. وهي نفس الإشارة التي يُقْصَد بها أن المكان الذي قُتِلَ فيه مكان مقدَّس. إذاً فالشخص المقصود واحد.
وأخيرا عندي لك سؤال: ما دخل الاسم بكل هذا، سواء كان برخيا أم يهوياداع أم غيره؟ لماذا تُشدد على أية ملاحظة صغيرة أو كبيرة لتثيرها؟ لماذا لا تدرس النص والتعليم الروحي الموجود فيه، وسبب ذكر المحتوى. لماذا لا تُلاحظ إلا ما هو خطأ بالنسبة لعينيك؟!
اقرأ الكتاب المقدس كلمة الله الحية للفائدة الروحية، اقرأه الآن قبل فوات الأوان.
أما بالنسبة لي فلا توجد أية مشكلة في هذا النص الذي طرحت سؤالك منه، وإلى السؤال التالي